المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية الشيخ سفر الحوالي يرد على حرابيي أمريكا



Black_Horse82
29-04-2002, 04:10 AM
: رسالة مكة : عن أي شيء ندافع ؟؟:
28/4/2002

http://152.160.23.131/alasr/images/bannerside.jpg
--------------------------------------------------------------------------------

رد على خطاب المثقفين الأمريكيين الستين المعنون: " رسالة من أمريكا : على أي شيء نقاتل":-

مشكلتكم مع من ؟؟ أمر مؤسف للغاية : أن تكون نظرة ستين مثقفاً في العصر الذي أصبح التواصل فيه بين البشر متاحاً ، بحيث يستطيع الباحث الحصول على أحدث المؤلفات في ثوانٍ معدودة ، هي نفسها تقريباً النظرة التي كان رجال الدين في العصور الأوربية المظلمة ينظرونها إلى الإسلام !.

مهما كانت درجة التعصب عند القدماء فإن أعظم منه أن يستمر المعاصرون على المنوال نفسه فالإصرار على الذنب أكبر من ارتكابه لا سيما وقد توفرت الوسائل لتجنبه .

حين فجر "ماكفي" المبنى الاتحادي في أوكلاهوما كان لدى الشرطة المختصة معلومات دقيقة قاطعة عن ملامحه وانتمائه ، ولكن المئات - بل ربما الألوف - من الإعلاميين - على بعد آلاف الأميال عن الحادثة - تحدثوا عن ملامحه الشرق أوسطية وانتمائه الإسلامي دون أي مصدر رسمي ، أو غير رسمي ، وبادر "البنتاجون" بإعلان عن الحاجة إلى مترجمين عرب لأعمال التحقيق ، وحين انجلى الأمر بتبرئة مغمغمة من كلنتون للعرب والمسلمين ، صمتت أكثر الأفواه عما لحق بالإسلام من تشويه هائل وما نال المسلمين من أذى . لكن حين أقدم "جولد شتاين" على فعلته النكراء بقتل المصلين في المسجد الإبراهيمي هل قال الأمريكيون إن هذا إرهاب صهيوني ؟ أم اكتفوا بالحديث عن جريمة فعلها فرد يهودي؟ وقس على ذلك ما شئت ...

من جهة أخرى لنفترض أن كل أحداث الإرهاب في أمريكا على مدى قرن كانت من صنع منظمة إسلامية فهل يجيز ذلك اتهام المسلمين جملة أو اتهام الإسلام صراحة ؟

إن أمريكا هي أكثر بلاد العالم منظمات (عنصرية دينية متطرفة وإرهابية) فهل يصح نسبة ما يفعله – أي منها - إلى كل الشعب الأمريكي فضلاً عن الدين الأمريكي ذاته .

ومن جهة ثالثة : لماذا لم يفترض الإعلام الياباني أن الذين ارتكبوا جريمة قطار الأنفاق في طوكيو صينيون أو شيوعيون؟ وأنهم فعلوا ذلك لأن اليابان حرة ومتقدمة؟ أهو غباء منهم أم هو تباين في مستوى العدل الذي فطر الله الناس عليه؟ أم أن الإعلام الأمريكي- ومعه الإدارة الأمريكية - له مفهومه الخاص عن العدل؟

ولماذا لا يهاجم الإعلام البريطاني الكاثوليكية عند كل حادث في إيرلنده أليست الكاثوليكية عدواً تقليدياً للبروتستانت أليست الحرب هناك دينية صريحة ؟

أليست الحرب التنصيرية بينهما في أفريقيا تصل أحياناً إلى حد حرق المراكز وإراقة الدماء ؟

إن تنظيم القاعدة – إن كان هناك تنظيم بالفعل- لم يقل يوماً من الأيام إنه ينتمي إلى حركة إسلامية ، كما أن أياً من الحركات الإسلامية لم يقل قبل الأحداث أو بعدها أن ذلك التنظيم ينتمي إليها ، بل إن منها من غلا في الإنكار – لاسيما في أمريكا وحليفاتها - حتى نفى صلة هذا التنظيم بالإسلام !!

ومع ذلك فقد جاء في البيان الستيني أن ذلك التنظيم هو رأس حربة للحركات الإسلامية ! تماما كما لو أن كاتباً مسلماً زعم أن منظمة مثل حليقي الرؤوس أو جيش التحرير الأيرلندي ما هي إلا رأس حربة للأحزاب المنتسبة للمسيحية في العالم بما في ذلك البروتستانت والأرثوذكس والكويكرز والمورمن والمعمدانيين ....الخ فضلا عن الكاثوليك كلهم .

وهذا ما يكشف عن سر المشكلة وهو أن المشكلة في الحقيقة هي مع الإسلام وليس مع الحركات الإسلامية فلو أننا قدرنا أن كل المسلمين في العالم صاروا أمريكيين في كل شيء فإن أي حادث يقع لن يُنسب إلا إليهم ومن أول وهلة !!

فما مصدر هذا ياترى ؟! أهو العقل والبحث العلمي ؟ أم رواسب في اللاشعور تنطلق دون المرور على قناة التفكير مطلقا؟

إن بعض المحللين يرجعون ذلك إلى تأصل العنف وإختلاق العدو في النفسية الأوربية ويذكرون نصيحة "لايبنتس" (28)ويحار آخرون في تعليلها ونحن لدينا وجهة نظرنا :

لتقريب المسألة نضرب مثالاً بالشيطان فالناس من غير تبرئة للمجرم أو إنقاص لمسؤوليته عما أجرم ينسبون فعله إلى الشيطان على أساس أن الدافع الأصلي لكل جريمة هو نزغاته وتزيينه ومن ثم أصبح تجسيداً للشر المطلق .

إن كماً تراكمياً هائلاً من المعلومات والتصورات المفتراة على الإسلام جعلت الإنسان الغربي إلا ما قل يُجسِّد الشرّ كله في الإسلام في أعماق شعوره وإن كان بعقله ووعيه ليعلم أن الأخيار والأشرار يوجدون في كل ملة ، ومن هنا أصبح العقل الغربي ذاته لا يعاني مشكلة في نسبة أي شر للإسلام مع يقينه ببراءته منه واقعاً ، فمثلاً حين أقدمت جماعة "جيم جونز" على ما فعلت لم يكن للإسلام أي علاقة ولا أثر ، لكن لو أن أحداً كتب - اليوم أو غداً - أن ما حدث هو عمل إسلامي ، باعتبار أن الإسلام هو التجسيد الماثل للشر ، وأنه يبيح هذه الأعمال فسوف يجد من يصدقه بلا نقاش .

حينما زار محمد علي كلاي حطام مبنى مركز التجارة العالمي واجهه أحد المتطفلين قائلا بسوء أدب : ألا تستحي أن تنتمي إلى دين ينتمي إليه بن لادن ؟ فأجابه كلاي : ألا تستحي أنت من الانتماء إلى دين ينتمي إليه هتلر ؟ لقد كان جوابه مستقيماً عقلياً ، لكن لو أن هذا السائل يعتقد خروج هتلر عن السلوك النصراني إلى السلوك الشيطاني - المرادف للإسلامي في لا شعوره - فالجواب في نظره غير مقنع . وبذلك يظهر عمق المشكلة وحجم المأساة .

لقد كان المتعصبون من رجال الكنيسة يفسرون الرمز الذي وضعه يوحنا في رؤياه عن الوحش الرهيب (666) بأنه الإسلام !!

ويبدو أن ذلك التفسير أو أثراً منه لا يزال عالقاً في أذهان أحفادهم وإن كانوا علمانيين !!

وهكذا جاء الخطاب الستيني متناقضاً فهو يجمع بين صوت العقل في حديثه عن التفريق بين الإسلام وما فعله بعض المسلمين - بل حتى بين الجهاد وبين الإرهاب - وبين صوت الموروث الثقافي المتراكم في اللاشعور الذي زاده التضليل الإعلامي الرسمي ضلالا فوصم الحركات الإسلامية كلها بأفظع أنواع الإرهاب لا بل حصر الإرهاب العالمي فيها وحدها .

هل نعتقد نحن أن الحضارة الإسلامية مطلقة الكمال أو أن الحركات الإسلامية معصومة ؟ لا أحد من المسلمين يقول ذلك فالكمال المطلق إنما هو للإسلام ذاته – في العقيدة والقيم والأحكام – والعصمة إنما هي للرسول صلى الله عليه وسلم لذاته فيما يبلغه عن الله ، ثم للمسلمين كافة كشخصية معنوية فيما يتبعون رسولهم فيه فهم معصومون أن يجتمعوا على ضلالة -مع غض النظر عن قلة أهل الحق والاستقامة منهم عددياً -

الواقع الذي يعلمه المسلمون عامة- حكوماتٍ وحركاتٍ وشعوباً- أن الهوة بين واقع الأمة الإسلامية وحقيقة الإسلام هي الوقود الأكبر والمبرر الوحيد لوجود حركات الإصلاح الإسلامي ، وعليه فالحركات الإسلامية تسعى - كل منها وفق تصوره ومنهجه وعلى تفاوت فيما بينها – لإعادة الأمة إلى القيم الإسلامية التي هي بحق القيم الكونية كما أسلفنا . وليس إلى نسف هذه القيم كما جاء في الخطاب الستيني

وفي الإقرار بهذا تكمن الفرصة العظيمة للحوار بين الغرب وهذه الحركات - أي على أساس اعتراف الغرب بالدور الإيجابي العظيم لها، وبتمثيلها الصادق للشعوب الإسلامية .

فهل يفعل الستون وغيرهم ذلك ؟ لا أظن أن ذلك كثير على من يحب الحق ويريد الخير للإنسانية بشرط أن يكون صادقا .

إن الموقف العدائي للإسلام منهج ثابت في السياسة الأمريكية قبل أحداث 11أيلول وبعدها ، وإن الحملة الأمريكية لمحاربة الإرهاب لم تزد تلك الحقيقة عند المسلمين إلا رسوخاً – والبقية ستأتي .

ولو أن هذا الحيف بل العداء محصور في قضية فلسطين لقيل إن هذا بتأثير اللوبي الصهيوني في أمريكا . ولو أنه محصور في أفغانستان لقيل إن هذا نتيجة لوجود تنظيم القاعدة فيها !!‍ لكن إذا كان ذلك عاماً لكل بلد إسلامي وأقلية إسلامية في العالم فبماذا يمكن تفسيره ؟ .

لإيضاح ذلك نأخذ مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير ، ونستدعي ستة أمثلة ونصنفها إلى نموذجين أحدهما توافقي والآخر تعاكسي ثم نستنبط النتيجة :-

النموذج المتوافق = دولتان : الإتحاد السوفيتي ، الصين : كلاهما عدو سابق لأمريكا وفي كل منهما شعوب تطالب بهذا الحق ( في الأولى : مجموعة دول البلطيق من جهة ، ومجموعة دول القوقاز الإسلامية من جهة أخرى . وفي الأخرى : البوذيون التبت من جهة والمسلمون من جهة أخرى ) .

والنموذج المتعاكس : الهند والفلبين من جهة وإندونيسيا والسودان من جهة أخرى (فالأولييان فيهما شعبان مسلمان يطالبان بالإنفصال والأخرييان فيهما أقليتان غير مسلمتين تطالبان بالشيء نفسه ). والمواقف الثابتة للسياسة الأمريكية :-

الوقوف بقوة مع استقلال بحر البلطيق ، وتجاهل مطالب الجمهوريات الإسلامية بل رفضها أحياناً والسكوت عن إبادة عنصرية يمارسها الروس هناك .

الوقوف بقوة مع البوذيين التبت ، وتجاهل قضية المسلمين مع أن عددهم يزيد على عشرة أضعاف أولئك !!

اعتبار الحركتين الانفصاليتين في كشمير وجنوب الفلبين إرهابيتين ، وإعلان الحرب عليهما ‍!

الوقوف بقوة مع الحركتين الإنفصاليتين في إندونيسيا والسودان !.

إذا كان لدى المفكرين الستين تفسيراً لهذا غير الانحياز ضد الإسلام فليقدموه ؟!

وإن كانوا يظنون أن تحوير المصطلحات من نوع إسلامي وإسلاموي كافٍ لتجنب الإشكال فإن هذا هو الإشكال الأكبر .

إذا كانوا يعتقدون أن المنظمات الأصولية والعنصرية المتطرفة في أمريكا - على كثرتها وتنوعها - وأن المنظمات العنصرية المتطرفة في أوربا ، وأن المنظمات المتطرفة من الهندوس واليابانيين لا تستحق أن تُذكر فما للحوار معهم من فائدة ، وإن كانوا يرونها جديرة بالذكر وأهملوها فليكن أول مبادئ الحوار مع الحركات الإسلامية إعلان الاعتذار عن تخصيصها بالاتهام ، بل عن الاتهام نفسه .

لا يهمنا – نحن المسلمين – ما إذا كانت الحكومة الأمريكية مفوضة في ارتكاب ما ترتكب من انتهاكات ضدنا كما زعمتم ، أو غير مفوضة كما صرح مسؤولون رسميون ( منهم النائب الديموقراطي عن ولاية أوهايو " دنيس كوشينتش" ) الذي يهمنا أن تعلموه - معشر الستين - إذا أصرت حكومتكم على حربنا بكل أنواع الحرب وفي كل مكان من العالم - هو عن أي شيء ندافع ؟!

الخـاتمـة :

يقيناً منا بأن العدل قيمة مطلقة ، وبأن النفس التي حرم الله لا يجوز قتلها سواءً باسم الله أو باسم القيم الأمريكية ، وبأن في إمكاننا أن نتفق على الكلمة السواء التي أنزل الله ، وأن نتهادن على أساس المصلحة المشتركة ، واستناداً إلى سير الأنبياء الكرام نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين ، وعملاً بنص القرآن الكريم : نعرب لكم عن استعدادنا للمجادلة بالتي هي أحسن ، واللقاء بكم فرادى أو مجتمعين ، في بلادنا أو في أمريكا .

سوف نرسل رأينا إلى كل واحد منكم ، وإلى غيركم من المثقفين أيضا ، وسوف نستقبل آراءكم وملاحظاتكم بكل عناية .

إسلامنا يأمرنا بأن تكون أعمالنا كلها عبادة خالصة لله تعالى ، وأن نتحرى فيها الصواب قدر المستطاع، ومن هنا نشكر كل من ساعدنا على تحقيق هذا الهدف ، ونبدي استعدادنا لتصحيح أي خطأ قلناه أو نقوله وإزالة أي لبس أو سوء فهم ، ولمناقشة ما لم يناقش من القضايا الأخرى .

أوصيكم – ونفسي – بأن نصدق مع الله وأن نوقن أنه سوف يسألنا عما نقول ونفعل وأن نقبل الحق من أي مصدر جاء وأن نحمل عبارة الآخرين على أحسن محمل .

سوف نموت جميعاً ولكن الحق سيبقى أبداً .



كتبه - سفر بن عبد الرحمن الحوالي

بتاريخ 15/2/1423

sralhawalimakkah@hotmail.com

ــــــــــــــــــــــــــــ

تذييل



الأصوليون :

ليس على وجه الأرض من يشتاق إلى رؤية هذا الكوكب وقد تحول إلى كتلة من اللهب والرماد، ويسعى إلى هذه النهاية المرعبة بكل جِدٍّ وعلانية ويبشر بها بين الناس مستخدماً أحدث وسائل الإعلام تطوراً إلا في أمريكا .

فهنا فقط نجد منظمات أصولية يبلغ بها التطرف حداً لم يصل إليه أكثر الإرهابيين جنوناً وتهورا من أي بلد آخر ، ومع فوارق أخرى مهمة فالأصوليون في أمريكا لهم تأثير سياسي هائل وأتباع يعدون بالملايين بل بعشرات الملايين ويعملون تحت سمع وبصر الحكومة والقانون والشعب كله ، ولا يخفون عداوتهم لكل من يخالفهم من الناس وهم للحكومة فيما تخالفهم أشد عداء ، بل إن لبعضهم نظريات عن الحكومة الفيدرالية يصعب على كثير من المثقفين أن يصنفها ضمن دائرة المعقول ، وكل عقائدهم وأفكارهم تنبثق من عقيدة واحدة هي الإيمان بالمعركة الجهنمية الرهيبة " هرمجدون " وكل طقوسهم وأنشطتهم تتجه لإشعال هذه المعركة ، يستبشرون بكل حرب تقع في الدنيا لا سيما في شرق البحر المتوسط وكلما كانت أكثر دماراً وأعظم آثاراً كان رجاؤهم أقوى أن تكون هي " هرمجدون " أو مقدمة لها ، وإذا سمعوا نبأ مفاوضات أو خطط سلام أصابتهم الكآبة وسيطر عليهم الإحباط ، وجندوا كل وسائلهم لإقناع الحكومة الأمريكية بالعدول عنها وسعوا بكل وسيلة لإبطالها .

إن تشوقهم لدمار هذا الكوكب مؤسس على أنهم سوف يرفعهم المسيح إلى السحاب حتى يحترق العالم من تحتهم .

من دون كلل أو خوف من النقد يجتهدون في افتعال رموز من الكتاب المقدس وتنـزيلها على الوقائع والأحداث سنة بسنة بل شهراً بشهر بل يوماً بيومٍ وكلما أخطأت محاولة أعادوا الكرة مرات إلى ما لا نهاية ، ربما لا يوجد بين ملايين المواقع على الشبكة العالمية " الإنترنت " ما هو أكثر إثارةً وأغرب موضوعاً من مواقعهم التي لا تحصى !!

نتيجة لجهودهم يعتقد 40% من الأمريكيين أن نهاية العالم سوف تكون في معركة "هرمجدون" ويعتقد 20% منهم أن هذه النهاية ستقع في حياتهم .

بالرغم من عشرات الحوادث سنويا ينفذها أتباعهم أو يسعون لتنفيذها داخل أمريكا وتتراوح ما بين السطو على البنوك وتفجير المؤسسات الفيدرالية ونسف الجسور وتدمير المنشئات الحيوية فهم جزء من الثقافة الأمريكية ويمثلون المحافظة على القيم الأمريكية ويحاربون بكل قوة الفكر الليبرالي المضاد . وإذا قبضت الشرطة على الجاني منهم حوكم هو نفسه فقط دون أن يمتد اللوم إلى التيار والفكر اللذين أنتجاه ..!!

الكفة الأخرى من الميزان:

أورد الخطاب كفة واحدة وهي الأعمال التي تعرض لها الأمريكيون ولا يزيد مجموع ضحاياها عن بضعة آلاف (وهذه هي الكفة الأخرى )

يحتفظ التاريخ للولايات المتحدة الأمريكية بأكثر سجلاته دموية وعنفاً وظلماً ، سجل يجعلها من أول نظرة أبعد دولة عن الحرب العادلة ‍‍!! ولا نستطيع هنا أن نسرد ذلك السجل - ليس لطوله فحسب بل لأنه مقزز أيضا - لكن نعرض إشارات عابرة منه :-

قتل الملايين من السكان الأصليين لأمريكا ‍.حسب تقدير البروفيسور الفرنسي "تزفتيان تودوروف"في كتابه الشهير "اكتشاف أمريكا" يبلغ عددهم (80) مليون نسمه.

قتل ملايين الأفارقة ( العبيد ) . حسب تقدير المفكر الفرنسي " روجيه جارودي " يبلغ عددهم (100) مليون نسمه.

قتل الملايين من المدنيين في الحربين العالميتين ونلتقط هنا بعض المشاهد :-

إحراق عشرات الألوف من المدنيين في ألمانيا واليابان ( أكثر من ستين مدينة ) قتل فيها أكثر من 400 ألف شخص منهم "100 ألف " في طوكيو وحدها .

كارثة القنبلة النووية على هيروشيما .

كارثة القنبلة النووية على نجازاكي . وهاتان لا تحتاجان إلى تعليق !!

إجمالا : إذا كان ضحايا هاتين الحربين عشرات الملايين فإن لأمريكا النصيب الأكبر من ذلك. بعد الحرب العالمية الثانية شنت أمريكا حروبها في جنوب شرق آسيا (كوريا،فيتنام،لاوس ،كمبوديا،الصين)

وتشير بعض التقديرات إلى أن 22 مليوناً من البشر تعرضوا للقتل والتشويه ، أكثرهم من المدنيين بل العجائز و الأطفال ؟‍‍‍‍ اعترف كيسنجر بثلث هذا الرقم تقريباً لكن أمريكيين كثيرين واثقون من أن العدد لا يقل عن النصف .

العراق : تعتمد الحكومة الأمريكية سياسة الإبادة بالقتل العمد للشعب العراقي وفي حادث واحد فقط (ملجأ العامرية ) كان عدد الضحايا وهم مدنيون نصف ضحايا هجمات 11 أيلول تقريباً على أن الجحيم الذي انصهروا فيه قد يزيد على ما حدث في نيويورك أو لا يقل عنه . أجزم أن أي إنسان خيِّر يقرأ ملف الحادث سوف يصاب بالصدمة ليس لفظاعته فحسب بل لقلة الحديث عنه إذا ما قورن بالهجمات على أمريكا. لكن الحرب الأمريكية العادلة والنظيفة لم تكتف بذلك بل قتلت مليون "جنرال" وهو لا يـزال في رحم أمه ، ومليونا آخر بعد ولادتهم . لقد قال "جيف سيمونز" في كتابه عن هذه المأساة (( أعرف مراقبين غربيين أصيبوا بالكآبة والانهيار العصبي بسبب ما شاهدوه من التعذيب الأمريكي لأطفال العراق ))

ناهيك عما أعقبه الحصار الجائر المتعنت بكل نواحي الحياة ،و عما لحق البيئة من تلوث لا تظهر آثاره إلا بعد سنين ، ولا تنقطع إلا بعد مئات أو ألوف السنين نتيجة إسقاط مئات الأطنان من اليورانيوم الناضب وغيره من الأسلحة المحرمة دولياً . إنها حرب إبادة وحشية لا نهاية لها ، ولا نظير لها من قبل . كل ذلك نصرةً لشعب الله المختار وزعمائه من "رجال السلام " أمثال الجنرال " شارون " على المشتبه فيهم أن يكونوا شعب الآشوري الذي تحدثت عنه نبوءات التوراة المحرفة !!

فلسطين : بغض النظر عن الدعم الدائم للدولة الصهيونية في حروبها مع العرب - لا نتردد في القول بأن الحكومة الأمريكية - دون أدنى اكتراث بالعدل وبكل صلف - تقف وحدها مع المجازر الإسرائيلية الوحشية التي تعرض لها الفلسطينيون ويتعرضون ضاربة بكل القيم والأخلاق والقرارات الدولية والأعراف الدبلوماسية عرض الحائط . أمر شائن فاضح لا يستطيع إنسان ذو ضمير أن يسكت عنه أو يتجاهله . يضرب المتوحشون الصهاينة بآلة الحرب الأمريكية المتطورة كل شيء : الرجال ، النساء ، الأطفال ، البيوت، المزارع ، ويمنعون الصحفيين وعمال الإغاثة من مجرد الدخول ، ولم يقف الحيف الأمريكي عند حدود مطالبة الطرفين = الأطفال الجوعى والجرحى من جهة والقتلة الشارونيون من جهة أخرى– بوقف إطلاق النار . بل تعداه إلى مطالبة أولئك الأطفال الرضع والأمهات الحوامل – أولاً - بوقف القتال ، ومطالبة شجر الزيتون - أولاً - بوقف القتال . وإعطاء فرصة للقتلة والجرافات لإنهاء مهماتهم ، ثم تعداه أخيرا إلى إلزام الحكام العرب بكبح جماح إرهاب الجرحى تحت الأنقاض والزيتون المقلوع !!

يالها من عدالة !!

البلقان : قام العدل الأمريكي في البلقان على مبدأ المساواة بين الجزار والضحية ، ثم معاقبة الجزار باليورانيوم و قتل المدنيين ونسف الجسور والاتهام الانتقائي . حققت أمريكا باسم هذا العدل مكاسب هائلة أقلها طي أوروبا تحت جناحها .

مهزلة الحرب على الإرهاب : انتهكت الحكومة الأمريكية كل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية - فضلا عن الشرائع الإلهية - في كل ما يتصل بهذه الحرب : الحرب بدون بينة ، الحرب بدون تفويض من الأمم المتحدة ، رفض التوسط أو الحياد ، استخدام أسلحة فتاكة محرمة لم يسمع عنها الناس من قبل ، استهداف المساجد والمراكز الإغاثية والإعلامية ، الإبادة الوحشية للمدنيين بأدنى اشتباه وبدون اشتباه ، قتل المستسلمين ، انتهاك حقوق أسرى الحرب ، استصدار تشريعات خاصة مطابقة لهوى الإدارة ، فرض حكومة يرفضها الشعب ، حجب المعلومات وفرض رقابة صارمة على الإعلام الأمريكي نفسه ، تضارب الأهداف وغموضها وتبديلها يوماً بعد يوم ، حظر إبداء الرأي الآخر في الإعلام ، ( وأخيرا إصدار بعض المثقفين الأمريكيين خطاب تأييد ) . ما سبق هو نوع - بل بعض نوع – من حروب أمريكا أما الأنواع الأخرى فلا يمكن إحصاء ضحاياها ولا تكييفها مع أي نوع من أنواع العدل !!

ومن ذلك الحرب بالوكالة : وهذه يشمل ميدانها أكثر الدول الأفريقية ، ودول أمريكا الوسطى والجنوبية ودول في جنوب شرق آسيا وغيرها . يستخدم الوحش الأمريكي فيها مخالب محلية لا تقيم للعدل أي اعتبار ، ولا يهمها إلا خدمة " العم سام " ، إذا فشل أحدها تخلت عنه أمريكا وألحقته هو وجنده بالضحايا . وبحثت عن وكيل جديد !! أكثر ضحايا هذا النوع هو الدول الجيران الأعداء أو الذين تثير أمريكا العداوة بينهم . ومن أنواعها : الحرب بالتآمر ، ويشمل ميدانها أكثر من خمسين بلداً وتتنوع أعمالها :

اغتيال زعماء ، انقلابات ، إثارة شغب ، دعم انفصالات ، تأييد الحكومات الفاسدة المستبدة . كثير من هذه الدول حليف لأمريكا وكثر من رؤسائها المدعومين درسوا في أمريكا أو أقاموا بها زمنا . أو ممن ترعاهم سفاراتها !! ضحايا هذا النوع هم الشعوب الحليفة أو المحايدة والحكومات المنتخبة والزعماء الوطنيون .

ومن أنواعها : الحرب الاقتصادية ، تقول كثير من الدراسات إنه إذا كان الأمريكيون 5% من سكان العالم فإن 95% من البشر يتعرضون لحرب اقتصادية أمريكية تتراوح ما بين موت الملايين جوعاً إلى إفلاس مؤسسات الإنتاج الوطنية . والواقع أن الملايين من الأمريكيين أيضا يتعرضون لذلك . الرابح الوحيد هنا هو الإمبراطوريات الاحتكارية والمتعاون معها من مسؤولي الدولة فقط .

تحقيقا لمصالح هذه الإمبراطوريات – خصوصا شركات تصنيع السلاح – تفتعل أمريكا حروباً عسكرية بأي بقعة من الأرض .تكون هذه الحروب عادلة بقدر ما تدر من ربح لتلك الشركات !!تماما مثلما يكون الرئيس جديراً بالانتخاب بقدر ما يتوفر من المال للدعاية الانتخابية .

إذا لم تستطع الإدارة افتعال حرب لسبب ما ، ألغت أو أجّلت بعض الاتفاقيات عن الأسلحة النووية ثم تذرعت بالخطر على الأمن القومي لكي تمول مشروعات خيالية تنفذها هذه الشركات .

ومن ذلك الحرب البيولوجية = بالرغم من السرية التي يحاط بها هذا النوع الخبيث من الحروب فقد كشف فيروس " الإيدز " النقاب عن شيء منها واستطاع الدكتور " هورويتز " خريج "هارفارد" أن يهز الرأي العام العالمي التي قدمها بإثبات أن " الإيدز" والإيبولا " ماهما إلا بعض منتجات مختبرات الأسلحة الجرثومية الأمريكية . حروب لا حصر لها وعدالة لا حدود لها !!

وكتب سفر بن عبد الرحمن الحوالي

بتاريخ 15\2\1423

لقراءة الرسالة كاملة، اضغط على هذا الرابط


http://152.160.23.131/alasr/radd/main.html