المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية صفقة عربية مريبة(عرفات باع أبطال الجبهة الشعبية مقابل فك الحصار عنه)



MandN
01-05-2002, 10:51 AM
عبد الباري عطوان:

يستحق كوفي عنان الامين العام للامم المتحدة التهنئة علي موقفه الشجاع بحل لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الامن الدولي للتحقيق في المجازر الاسرائيلية في مخيم جنين، فالحكومة الاسرائيلية لا تريد تحديد عمل اللجنة وارهاب اعضائها فقط، وانما كتابة تقريرها النهائي قبل ان تصل الي المخيم المنكوب.
المؤسف في الامر هو موقف السلطة الوطنية الفلسطينية، او بالاحري ما تبقي منها، التي بدأت الاعتقالات في صفوف الجماعات الفلسطينية المقاتلة حتي قبل ان يتم الافراج عن رئيسها من معتقله في رام الله.
فمن الواضح ان هناك صفقة تتلخص بنودها في رفع الاقامة الجبرية عن الرئيس الفلسطيني والسماح له بالتجول بطائرته في العواصم العربية والاجنبية، مقابل تقويض مهمة لجنة الامم المتحدة، وخروجها بتوصيات مائعة لا تدين شارون وقادة جيشه المتورطين في المجازر.
فكيف يمكن ان يقبل الوسطاء الفلسطينيون الذين هم علي اتصال دائم مع عمري شارون نجل رئيس الوزراء الاسرائيلي، بالافراج عن رئيسهم بينما تتوغل الدبابات الاسرائيلية في الخليل وتقتل احد عشر شخصا، وكيف يقبلون باستيراد سجانين بريطانيين وامريكيين لمراقبة حبس فلسطينيين اغتالوا وزيراً اسرائيلياً انتقاماً لمقتل زعيمهم وقائدهم ابو علي مصطفي؟
هذه الصفقة لا تليق بزعيم يقود شعباً ضرب المثل في المقاومة والصمود، وواجه اكبر استعمار عنصري في التاريخ الحديث بسلاح الايمان والعزيمة، وقدم آلاف الشهداء والجرحي.
كنا نتوقع وصول مراقبين اجانب لرصد الجرائم الاسرائيلية، واطلاع العالم علي الوجه الحقيقي للديمقراطية الوحيدة في المنطقة، ولكننا فوجئنا بوصول سجانين خواجات للتأكد من سجن اشخاص يعتبرون ابطالاً في نظر الاغلبية الساحقة من ابناء الشعب الفلسطيني.
الذين تفاوضوا علي هذه الصفقة المخجلة هم انفسهم الذين ورطوا الرئيس الفلســــطيني في خطيــــئة اعتـــقال احمد سعدات امين عام الجبهة الشعبية والمتهمــــين الاربعة في اغتيال زئيفي، ومن المؤسف ان هؤلاء سيكونون نجوم المرحلة الجديدة وكل ما سيتبعها من اعتقالات وتنكيل بابناء الشعب الفلسطيني الذين صدقوا كل الشعارات التي قالت انها انتفاضة استقلال!
لماذا لا نسمع كلمة واحدة عن مصير خمسة آلاف معتقل فلسطيني معظمهم من العناصر الشريفة في الامن الوطني الفلسطيني ما زالوا رهن الاعتقال والتعذيب في السجون الاسرائيلية، ولماذا لم تطلب السلطة الفلسطينية ومفاوضوها السريون ارسال فرق مراقبة بريطانية وامريكية للاطلاع علي احوال هؤلاء، وما اذا كانوا يعاملون المعاملة اللائقة، والاصرار علي اطلاق سراحهم فرداً فرداً؟
المشكلة لم تكن ابداً في فرض الاقامة الجبرية علي الرئيس الفلسطيني ومنعه من الحركة، وانما في اعتقال اكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة يواجهون ابشع انواع الحصار والقـــتل والاهــانة علي ايدي السجان الاسرائيلي.
نشم رائحة مؤامرة يتورط فيها بعض الفلسطينيين والقادة العرب هدفها وأد الانتفاضة، وكسر روح المقاومة والصمود المتعاظمة لدي ابناء الشعب الفلسطيني، والا ما معني المقترحات السعودية ذي الثماني نقاط التي تريد الصفح عن كل جرائم شارون ومجازره، وتعيدنا مجدداً الي ورقتي تينيت وميتشل، وما معني الاحاديث التي تتردد حالياً حول تقديم الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد السعودي وزعماء عرب آخرين تعهدات للادارة الامريكية بالضغط علي الرئيس الفلسطيني لمنع العمليات الاستشهادية ودون الحصول علي اي مقابل ملموس؟
الرئيس عرفات كون رصيدا شعبيا كبيرا، عربياً وفلسطينيا،ً بسبب صموده البطولي في وجه الجلاد الاسرائيلي، ولكن يبدو انه سيتسخدم هذا الرصيد كغطاء لاجراء المزيد من الاعتقالات والتنكيل بالمناضلين، وهو امر سيجعل الكثيرين يتمنون لو انه ظل محاصراً في مقره علي ارتكاب مثل هذه الخطايا التي تعتبر خطاً احمر يؤدي اجتيازه الي اغراق الشعب الفلسطيني في اليأس، ان لم تكن الحرب الاهلية.
شارون في مأزق، والدولة اليهودية تواجه اصعب ايامها، والعالم كله بات يدرك عدوانية هذه الدولة وعنصريتها، ومن المؤسف ان هناك من ابناء جلدتنا من يريد اخراج هذا الشارون من مأزقه ويعيد تقديمه الي العالم كرجل سلام ، بعد كل ما اقترفه من جرائم، وبعد ان بات قاب قوسين او ادني من المثول امام المحكمة الدولية كمجرم حرب.
انها ايام صعبة، واصعب ما فيها ان نري الانتفاضة تذبح، والبطولات الفلسطينية الرائعة تباع بابخس الاثمان، ويخرج شارون في نهاية المطاف منتصراً وحملاً وديعاً، يمد لسانه الي كل الشهداء الذين سقطوا في معارك الشرف والكرامة!
مصيبتنا في حفنة من مستشاري السوء الذين باتوا يقررون مصير الشعب الفلسطيني وانتفاضته وفقاً لطموحاتهم الشخصية ومصالحهم الصغيرة الضيقة.