MandN
03-05-2002, 11:08 PM
عبد الباري عطوان:
بعد حل لجنة تقصي الحقائق في مجازر مخيم جنين، والاستسلام المهين من قبل مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة للرفض الاسرائيلي لها، بتنا علي قناعة راسخة بان اللوبي الاسرائيلي هو الذي يحكم العالم ويتحكم بمقدراته، ويحدد مستقبله، ومن يعتقد غير ذلك هو جاهل ومتخلف.
الرئيس الامريكي جورج بوش بات عجينة لينة في يد هذا اللوبي، يتشكل وفق رغباته واهوائه، وينفذ اوامره، دون ابطاء او تأخير، ولا يحاول ان ينفي عن نفسه هذه التهمة، بل يعمل بطريقة استفزازية علي تأكيدها، مثل وصف ارييل شارون الخارج لتوه من مجزرة جنين برجل السلام.
ويتنافس الرئيس بوش مع الكونغرس في الفوز بقلب شارون، واركان حكومته الارهابية، ففي الوقت الذي تدين جميع منظمات حقوق الانسان في العالم هذه الحكومة، وتعتبر ما جري من قتل وتدمير في مخيم جنين جرائم حرب، يعلن توم داشل زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ الامريكي ان الكونغرس سيتبني قرارا مؤيدا لاسرائيل ومتضامنا مع سياساتها التدميرية في الاراضي العربية المحتلة.
ومثل هذه السياسات الامريكية، وما تؤكد عليه من عداء سافر للعرب، واحتقار لزعمائهم، هي التي تشجع علي التطرف، وتوسع دائرة التأييد للجماعات الاسلامية الاصولية، مثل منظمة القاعدة التي يتزعمها المعارض السعودي الشيخ اسامة بن لادن.
فعندما يقول الرئيس الامريكي جورج بوش انه غير مستعد لاستقبال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لأن الأخير لم يحظ باحترامه بعد، بينما يعرب عن سعادته الغامرة لاستقبال شارون واثار دماء شهداء مخيم جنين ما زالت عالقة بيديه وثيابه، فان هذا هو قمة الاستخفاف بكل ما هو عربي ومسلم.
مشكلتنا ليست في بوش، فانحيازه وبلاده للظلم الاسرائيلي لا يحتاج الي اثبات، ولكنها في زعمائنا العرب جميعا، وفوقهم المحيطون بالرئيس عرفات الذين رتبوا خروجه من حصار شارون من خلال صفقة مهينة ومخجلة لا تليق به، ولا ترتقي الي مستوي التضحيات التي قدمها مئات الشهداء الابطال في فلسطين المحتلة طوال فترة الانتفاضة، ودفاعا عن مدن الضفة في مواجهة الدبابات الاسرائيلية.
شعرنا بالعار ونحن نري مناضلين فلسطينيين يخرجون من مقر الرئيس مكبلين الي سجن صحراوي في مدينة اريحا، بينما ما زالت الدبابات الاسرائيلية تتوغل في رفح وخان يونس وقلقيلية والخليل وطولكرم.
شارون رفع الحصار عن الرئيس الفلسطيني بينما قناصته يقتلون المحاصرين في كنيسة المهد، ويروعون اهالي بيت لحم، ويغتالون احد زعماء حماس في الخليل.
الرئيس عرفات خرج من سجنه لكي يقوم باعادة بناء سجون السلطة، التي دمرتها الطائرات والصواريخ الاسرائيلية، واعادة اعتقال من لم تفلح القوات الاسرائيلية في اعتقاله من المقاومين الفلسطينيين، وكأن وجود خمسة آلاف من هؤلاء في السجون الاسرائيلية يخضعون لأشد انواع التعذيب واقساه، ليس كافيا لاشفاء غليل شارون.
لا نتمني للرئيس الفلسطيني ان يتحول من سجين الي سجان في ساعات معدودة حتي يحظي باحترام الرئيس الامريكي جورج بوش، وينال رضاه، كأن هذا البوش هو اله الكون وخالقه، يعز من يشاء ويذل من يشاء.
العملية السلمية التي اتت بالسلطة الوطنية ماتت بطريقة فضائحية، ولم يتلق العزاء فيها احد، والحديث الدائر حالياً حول احيائها، وترميمها من جديد، من خلال اصلاحات شكلية تجميلية، هو تفريط بدماء الشهداء الذين قيل لهم ان هذه الانتفاضة لن تتوقف حتي تحقيق الاستقلال والجلاء الاسرائيلي الكامل.
اعادة بناء السلطة وفق مقاسات شارون، وعلي انقاض القوي الوطنية الفلسطينية، وتنفيذا لأوامر جورج تينيت، رئيس المخابرات المركزية الامريكية خطوة علي درجة كبيرة من الخطورة، ويمكن ان تؤدي الي اقتتال فلسطيني ـ فلسطيني، فشل شارون ونتنياهو من قبله في الوصول اليه رغم محاولاتهما المتعددة في هذا الصدد.
مشكلة الرئيس عرفات، اذا ما عاد الي سيرته القديمة في الاعتقال والبطش، لن تكون مع حماس والجهاد والشعبية، مثلما كان عليه الحال في الماضي، وانما مع كتائب شهداء الاقصي الذراع العسكرية لحركة فتح التي يتزعمها. فهؤلاء اكتشفوا حجم الفساد في اجهزتهم الأمنية، مثلما اكتشفوا حجم الخديعة التي حلت بهم وبقضيتهم من جراء اتفاقات اوسلو وانعدام خبرة الذين تفاوضوا حولها وأوصوا بالتوقيع عليها.
الرئيس عرفات كان يستند الي تنظيم فتح، عماد السلطة، واجهزتها الأمنية، لمواجهة حماس والجهاد والفصائل الاخري، ومنعها من القيام بأي عمليات استشهادية، فماذا سيفعل الآن وخمسة الاف من رجال أمنه ونخبة الصف الثاني من تنظيمه قيد الاعتقال، ومئات القيادات الشابة دفعت حياتها ثمناً للدفاع عن الوطن والأهل جنباً الي جنب مع مناضلي حماس والجهاد والشعبية التي ستكون أول مهمات قوات الأمن اعتقال من بقي علي قيد الحياة منهم بعد اعادة بنائها مجددا لتنفيذ أوامر بوش وشارون، وكشرط لدعوة الرئيس الفلسطيني الي البيت الأبيض مجددا، واصدار صك غفران وبراءة لصالحه.
www.alquds.co.uk (http://www.alquds.co.uk/display.asp?fname=/alquds/articles/data/2002/05/05-03/g26.htm)
بعد حل لجنة تقصي الحقائق في مجازر مخيم جنين، والاستسلام المهين من قبل مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة للرفض الاسرائيلي لها، بتنا علي قناعة راسخة بان اللوبي الاسرائيلي هو الذي يحكم العالم ويتحكم بمقدراته، ويحدد مستقبله، ومن يعتقد غير ذلك هو جاهل ومتخلف.
الرئيس الامريكي جورج بوش بات عجينة لينة في يد هذا اللوبي، يتشكل وفق رغباته واهوائه، وينفذ اوامره، دون ابطاء او تأخير، ولا يحاول ان ينفي عن نفسه هذه التهمة، بل يعمل بطريقة استفزازية علي تأكيدها، مثل وصف ارييل شارون الخارج لتوه من مجزرة جنين برجل السلام.
ويتنافس الرئيس بوش مع الكونغرس في الفوز بقلب شارون، واركان حكومته الارهابية، ففي الوقت الذي تدين جميع منظمات حقوق الانسان في العالم هذه الحكومة، وتعتبر ما جري من قتل وتدمير في مخيم جنين جرائم حرب، يعلن توم داشل زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ الامريكي ان الكونغرس سيتبني قرارا مؤيدا لاسرائيل ومتضامنا مع سياساتها التدميرية في الاراضي العربية المحتلة.
ومثل هذه السياسات الامريكية، وما تؤكد عليه من عداء سافر للعرب، واحتقار لزعمائهم، هي التي تشجع علي التطرف، وتوسع دائرة التأييد للجماعات الاسلامية الاصولية، مثل منظمة القاعدة التي يتزعمها المعارض السعودي الشيخ اسامة بن لادن.
فعندما يقول الرئيس الامريكي جورج بوش انه غير مستعد لاستقبال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لأن الأخير لم يحظ باحترامه بعد، بينما يعرب عن سعادته الغامرة لاستقبال شارون واثار دماء شهداء مخيم جنين ما زالت عالقة بيديه وثيابه، فان هذا هو قمة الاستخفاف بكل ما هو عربي ومسلم.
مشكلتنا ليست في بوش، فانحيازه وبلاده للظلم الاسرائيلي لا يحتاج الي اثبات، ولكنها في زعمائنا العرب جميعا، وفوقهم المحيطون بالرئيس عرفات الذين رتبوا خروجه من حصار شارون من خلال صفقة مهينة ومخجلة لا تليق به، ولا ترتقي الي مستوي التضحيات التي قدمها مئات الشهداء الابطال في فلسطين المحتلة طوال فترة الانتفاضة، ودفاعا عن مدن الضفة في مواجهة الدبابات الاسرائيلية.
شعرنا بالعار ونحن نري مناضلين فلسطينيين يخرجون من مقر الرئيس مكبلين الي سجن صحراوي في مدينة اريحا، بينما ما زالت الدبابات الاسرائيلية تتوغل في رفح وخان يونس وقلقيلية والخليل وطولكرم.
شارون رفع الحصار عن الرئيس الفلسطيني بينما قناصته يقتلون المحاصرين في كنيسة المهد، ويروعون اهالي بيت لحم، ويغتالون احد زعماء حماس في الخليل.
الرئيس عرفات خرج من سجنه لكي يقوم باعادة بناء سجون السلطة، التي دمرتها الطائرات والصواريخ الاسرائيلية، واعادة اعتقال من لم تفلح القوات الاسرائيلية في اعتقاله من المقاومين الفلسطينيين، وكأن وجود خمسة آلاف من هؤلاء في السجون الاسرائيلية يخضعون لأشد انواع التعذيب واقساه، ليس كافيا لاشفاء غليل شارون.
لا نتمني للرئيس الفلسطيني ان يتحول من سجين الي سجان في ساعات معدودة حتي يحظي باحترام الرئيس الامريكي جورج بوش، وينال رضاه، كأن هذا البوش هو اله الكون وخالقه، يعز من يشاء ويذل من يشاء.
العملية السلمية التي اتت بالسلطة الوطنية ماتت بطريقة فضائحية، ولم يتلق العزاء فيها احد، والحديث الدائر حالياً حول احيائها، وترميمها من جديد، من خلال اصلاحات شكلية تجميلية، هو تفريط بدماء الشهداء الذين قيل لهم ان هذه الانتفاضة لن تتوقف حتي تحقيق الاستقلال والجلاء الاسرائيلي الكامل.
اعادة بناء السلطة وفق مقاسات شارون، وعلي انقاض القوي الوطنية الفلسطينية، وتنفيذا لأوامر جورج تينيت، رئيس المخابرات المركزية الامريكية خطوة علي درجة كبيرة من الخطورة، ويمكن ان تؤدي الي اقتتال فلسطيني ـ فلسطيني، فشل شارون ونتنياهو من قبله في الوصول اليه رغم محاولاتهما المتعددة في هذا الصدد.
مشكلة الرئيس عرفات، اذا ما عاد الي سيرته القديمة في الاعتقال والبطش، لن تكون مع حماس والجهاد والشعبية، مثلما كان عليه الحال في الماضي، وانما مع كتائب شهداء الاقصي الذراع العسكرية لحركة فتح التي يتزعمها. فهؤلاء اكتشفوا حجم الفساد في اجهزتهم الأمنية، مثلما اكتشفوا حجم الخديعة التي حلت بهم وبقضيتهم من جراء اتفاقات اوسلو وانعدام خبرة الذين تفاوضوا حولها وأوصوا بالتوقيع عليها.
الرئيس عرفات كان يستند الي تنظيم فتح، عماد السلطة، واجهزتها الأمنية، لمواجهة حماس والجهاد والفصائل الاخري، ومنعها من القيام بأي عمليات استشهادية، فماذا سيفعل الآن وخمسة الاف من رجال أمنه ونخبة الصف الثاني من تنظيمه قيد الاعتقال، ومئات القيادات الشابة دفعت حياتها ثمناً للدفاع عن الوطن والأهل جنباً الي جنب مع مناضلي حماس والجهاد والشعبية التي ستكون أول مهمات قوات الأمن اعتقال من بقي علي قيد الحياة منهم بعد اعادة بنائها مجددا لتنفيذ أوامر بوش وشارون، وكشرط لدعوة الرئيس الفلسطيني الي البيت الأبيض مجددا، واصدار صك غفران وبراءة لصالحه.
www.alquds.co.uk (http://www.alquds.co.uk/display.asp?fname=/alquds/articles/data/2002/05/05-03/g26.htm)