المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية خالد مشعل : الانتفاضة ستنتصر!!



MandN
04-05-2002, 11:10 PM
"لا للمعركة الرسمية.. نعم للمقاومة الشعبية" بهذه العبارة يبدو موقف خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، ميالا باتجاه الشعوب العربية أكثر من الانظمة العربية المحكومة بمعادلات إقليمية ودولية ظالمة.
- إلى أين يمكن أن يصل شارون في حربه ضد الشعب الفلسطيني؟ وهل يمكن أن يوجه ضربة إلى سوريا أو اجتياحا جديدا للبنان مثلاً في حالة تصعيد حزب الله أكثر؟ وما مدى التنسيق بين حركة حماس وحزب الله؟ وما طبيعة العلاقة بين حماس والسلطة الفلسطينية الآن؟ وفيما إذا أعلنت السلطة أن حماس والجهاد الإسلامي حركتان إرهابيتان.. كيف سيكون الرد؟ وما حقيقة موقف حماس من مشاركة المرأة في العمليات الاستشهادية؟ هذه التساؤلات وغيرها كانت محور حديثنا مع "خالد مشعل" رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وإليكم نص اللقاء:
ثمار الانتفاضة :
* كيف تقيّم ثمار انتفاضة الأقصى المباركة حتى الآن؟
- بكل موضوعية نقول بأن انتفاضة الأقصى المباركة – بعد أكثر من عام ونصف من مسيرتها المظفرة – حققت إنجازات عظيمة تفوق كل إنجازات التسوية إن كان لها من إنجازات. وأبرز إنجازات الانتفاضة تأثيرها على المجتمع الصهيوني، واستنزافها للعدو على كل الجبهات العسكرية من خلال أكثر من 350 قتيلا صهيونيا، فضلاً عن عدد كبير من الجرحى، واستنزافه اقتصادياً.. استنزافه على صعيد الاستيطان، وعلى صعيد الهجرة والهجرة المعاكسة، وعلى الصعيد الأمني، بحيث أصبح الكيان الصهيوني يعيش حالة قلق وارتباك وعدم استقرار.
وهذه هي المقدمات الموضوعية لحالة الانسحاب من طرف الاحتلال، عندما تزداد كلفة الاحتلال عليه بحيث يضطر في النهاية إلى أن ينسحب من أرضنا الفلسطينية. وقادة العدو السياسيون والعسكريون يدركون الآن حقيقة تأثير الانتفاضة عليهم؛ ومن هنا جاءت موجة العدوان الصهيونية والاقتحام خلال الأسابيع الأربعة الماضية التي قام بها شارون بشكل مكثف ضد غالبية المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى الانتفاضة أيضًا حققت مكاسب وإنجازات عظيمة على الصعيد الفلسطيني والعربي والإسلامي، منها وحدة الشعب الفلسطيني وتوحيد فصائله وقواه على أرضية المقاومة والانتفاضة؛ ومنها زيادة الثقة والأمل لدى شعبنا بالنصر والقدرة على إنجاز أهدافه وانتزاع حقوقه؛ ومنها تفعيل الموقف العربي وتوحيد الشارع العربي خلف قضية فلسطين؛ ومنها أيضا إعادة الاعتبار لخيار المقاومة.
فاليوم باتت المقاومة هي الخيار الشرعي والوحيد على الصعيد الفلسطيني والعربي والإسلامي، على الأقل على المستوى الشعبي، بل وحتى على المستوى الرسمي.
فالكثير من القيادات العربية والفلسطينية اليوم تتكلم عن المقاومة وعن مشروعيتها وضروريتها؛ وأنها الخيار الوحيد المتاح أمام شعبنا وأمتنا دفاعًا عن النفس وضد العدوان الصهيوني، وطريقًا إلى التحرير وانتزاع الحقوق.
ويمكن القول أيضًا بأن الانتفاضة طوت صفحة التسوية بشكل صريح، رغم كل المحاولات المهزومة والعبثية التي يقوم بها البعض الآن، خاصة من الطرف الأمريكي الذي يحاول أن يفرض التسوية وفق المقاسات الإسرائيلية على شعبنا وعلى أمتنا.
ولكن عمليًّا كان أصحاب أوسلو وبرنامج التسوية يكابرون؛ فجاءت هذه الانتفاضة لتضع حدًّا لكل هذا العبث ولكل تلك الأوهام التي كانت تروج من خلال مشروع التسوية. واليوم أصبح الناس أمام الحقيقة؛ وهي حقيقة المقاومة. أيضًا من عظمة هذه الانتفاضة أنها -وخاصة في محطاتها الأخيرة وفي الأسابيع الأربعة الماضية عندما بلغ العدوان الصهيوني ذروته– كشفت الحقائق، وأماطت اللثام عن كل الوجوه؛ يعني المعركة باتت اليوم واضحة ليس فيها خداع ولا تضليل؛ كل المواقف باتت واضحة.
الموقف الصهيوني انكشف على حقيقته بكل أطيافه السياسية، سواء الليكود أو حزب العمل.. سواء وجه شارون أو بن أليعازر أو موفاز أو بيريز. وانكشفت حقيقة الأطماع الصهيونية وحقيقة موقف الكيان الصهيوني تجاه القضية الفلسطينية ومطامعهم في أرضنا ومقدساتنا وعدم تسليمهم بالحق الفلسطيني؛ كذلك انكشف الموقف الأمريكي كموقف منحاز بالكامل، وتحول إلى موقع الشريك مع الكيان الصهيوني في كل مخططاته وجرائمه وعدوانه.
وبالتالي سقطت كل الرهانات العربية أو الفلسطينية على الدور الأمريكي.. فأنا أعتقد أن هذه الانتفاضة نتائجها عظيمة وإنجازاتها كبيرة؛ ويكفي أنها وضعتنا أمام الحقيقة بشكلها الواضح الجلي حتى نكون على مستوى المرحلة، وحتى نستعد جيدًا لمتطلبات هذه المعركة.
وباختصار، إننا في هذه الانتفاضة -رغم كل الجراح– نضع أقدامنا على الطريق الصحيح ليس فقط نحو الدفاع عن النفس بل نحو التحرير؛ ونثبت عمليًّا عبر محطات هذه الانتفاضة العملاقة أن هذا الكيان الصهيوني كيان هش ولا يصمد طويلاً أمام المقاومة، ولعل محطات مخيم جنين ونابلس في البلدة القديمة وفي بيت لحم وغيرها من المحطات قد أثبتت أن شعبنا الفلسطيني لديه القدرة على الصمود.
* برأيك.. إلى أين يمكن أن يصل شارون؟ وإلى أي مدى سيصل في حربه هذه؟
- أطماع وتطلعات شارون معروفة؛ وهي ليست مجهولة لأحد وهي بعيدة المدى. قد لا يتمكن من إنجازها.. قد لا يجد القبول بها حتى في داخل تركيبة الحكومة الصهيونية أو من طرف الأمريكان، ولكنه في النهاية حتى هذه اللحظة يجاهر بتطلعاته، ولا يكترث كثيراً بالموقف الأمريكي ولا بغيره. وهو قادر حتى الآن أن يفرض برنامجه ورؤيته على الحكومة الإسرائيلية وعلى الأمريكان.
تقديري أن شارون يريد أن يخرج من قواعد اللعبة -التي أسست على أوسلو- ولا يريد أن يقيد نفسه باستحقاقات أوسلو، رغم أن أوسلو خدمت العدو وأضرت بالحقوق الفلسطينية. وبالتالي فهو ليس مستعداً أن يبحث عن أية ملفات تتعلق بالدولة الفلسطينية ومستقبلها أو بالقدس أو مستقبل الاستيطان أو بحق العودة.. هو يريد أن يخرج من كل هذه القواعد، وأن يفرض قاعدة جديدة بالتعاون مع الطرف الفلسطيني، تقوم على الهيمنة الصهيونية الكاملة والقضاء على حلم التحرير الفلسطيني.
ولذلك هو خاض هذه المعركة الراهنة آملاً من طرفه في أن يقضي على المقاومة الفلسطينية وأن يكسر الصمود الفلسطيني؛ وبالتالي يفرض الهزيمة السياسية على الشعب الفلسطيني. وفي ذهنه أيضا أن يحول الوضع الفلسطيني إلى وضع مُنهَك يقبل بشروط الهزيمة الإسرائيلية، وهو ما كان يعبر عنه بوثيقة "زيني" التي هي عمليًّا وثيقة شارون. وهي عبارة عن الفهم الصهيوني بقيادة شارون لوثيقة تينت التي هي أيضاً عمليًّا منحازة للكيان الصهيوني، وتمثل الرؤية الصهيونية.
وقد يذهب شارون إلى أبعد من ذلك؛ وهو تهجير الفلسطينيين، وتصفية القضية الفلسطينية، وتحويل الضفة والقطاع إلى مجرد شكل من أشكال الحكم الصهيوني ضمن هيمنة صهيونية. فأي وجود فلسطيني رسمي في هذه المناطق سيكون أداة لخدمة الأمن الإسرائيلي. ومع الزمن يعمل على تهجير الفلسطينيين وتكون الأردن هي الوطن البديل؛ وبالتالي يصفي القضية الفلسطينية ويجعل أرض فلسطين خالية للعنصر الإسرائيلي.
أعتقد أن هذه تطلعات شارون. وقد عبر عنها -ولا يزال- بشكل واضح؛ وكما يرى العالم داخل الكيان الصهيوني، فإن كل ممثلي الأطراف والأحزاب الإسرائيلية في النهاية يخضعون لإرادة شارون ويسلمون بخطواته. والأمريكان ثبت أنهم عاجزون عن أن يفرضوا شيئًا على شارون، سواء انطلاقا من وجود قناعة لدى الإدارة الأمريكية وتقاطع مصالح بين الطرفين؛ وهو ما عبّر عنه بوش صراحة حتى في ظل زيارة الأمير عبد الله؛ أو أن شارون في النهاية يفرض ما يريده دون أن يكترث حتى ببعض المطالب الأمريكية -كما كان الحال- عندما طلبوا منه أن ينسحب، ولكنه لم ينسحب.
وأنا أرجح أن الإدارة الأمريكية متواطئة مع موقف شارون؛ وهي فقط تريد شكلاً من أشكال الإرضاء الظاهري للطرف العربي دون أن تفرض أي شيء على شارون واقعيا. فالإدارة الأمريكية تريد أن تهدئ الوضع في فلسطين حتى تتفرغ بعد ذلك لاستكمال حملتها ضد ما تسميه الإرهاب وضد ما تسميه "محور الشر". لكن شعبنا الفلسطيني –بصموده ومقاومته وبوحدته الوطنية القائمة على الانتفاضة والمقاومة– سيفشل مخططات شارون؛ ولن يكون اللاعب الوحيد في الملعب، حتى وإن سكتت عليه أمريكا وأطراف إقليمية أو دولية أخرى؛ فإن شعبنا الفلسطيني لن يجعل طريق شارون إلى مخططاته سهلاً؛ ومعركة مخيم جنين دليل على هذه الإرادة الفلسطينية.
* هل يمكن أن يذهب إلى ضرب سوريا واجتياح جديد للبنان.. مثلاً في حالة تصعيد حزب الله لضرباته؟
- قد يفعل هذا إذا هدأ الوضع في الساحة الفلسطينية. بمعنى إذا نتج عن ضربات شارون السابقة والراهنة هدوء في الساحة الفلسطينية؛ فإن ذلك سيغري بالتأكيد للتفرغ للملفات الأخرى: حزب الله ولبنان.. وسوريا.. ثم يتفرغ إلى أبعد من ذلك بالتعاون مع الإدارة الأمريكية في الحرب على الإرهاب.
* من ضمن محور الشر الذي تكلمت عنه الولايات المتحدة الأمريكية إيران، والسؤال: كيف تنظرون إلى دعوة إيران حزب الله لضبط النفس؟ هل هذا يعني تغيرا في مواقفها؟
خط مائل ثخين أزرق
- لقد بادر الإيرانيون إلى تصحيح اللبس الذي رافق ذلك التصريح؛ ووضعوه في سياق آخر غير السياق الذي قُدم به في المرة الأولى. وفهمنا من الإيرانيين –عبر اتصالات مباشرة وغير مباشرة، وعبر مواقفهم السياسية اللاحقة- أن موقف إيران لم يطرأ عليه تغير من حيث دعمها للمقاومة في فلسطين، ودعمها أيضًا لحق حزب الله في استمرار المقاومة في جنوب لبنان من أجل تحرير مزارع شبعا؛ بمعنى أنه لا تغير في الموقف الإيراني.
الانتفاضة من صنع الشعب الفلسطيني
* كيف تنظرون إلى دور حماس من بين المنظمات الفلسطينية فيما وصلت إليه الانتفاضة اليوم؟
- حتى نتحدث بروح وطنية عامة، فلا بد من التأكيد على أن الإنجاز العظيم في الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية من صنع كل أبناء شعبنا الفلسطيني.. من صنع الفصائل الفلسطينية المقاومة ومن صنع كافة فئات شعبنا الفلسطيني، وهذا من عظمة الانتفاضة الراهنة، إنه في ظلها تحولت المقاومة من حالة فصيل أو فصيلين إلى حالة وطنية شعبية عامة؛ فأصبحت المقاومة روحًا تسري بين كل أبناء شعبنا الفلسطيني. ولذلك هذا الإبداع وهذا الإنجاز يُحسب لصالح الشعب الفلسطيني طبعًا داخل هذا الإطار الوطني الفلسطيني، وفي ظل المشاركة العامة لكل أبناء شعبنا المجاهد الصامد لا شك. ونحن لا نحب أن نتحدث عن أنفسنا؛ ويكفي أن يرى الناس ماذا تفعل حماس.
حسبنا نحن في حركة حماس أننا تمسكنا ببرنامج المقاومة في أصعب المراحل خاصة في عام 1996 وما حدث بعدها في اجتماع شرم الشيخ من أجل الضغط على المقاومة الفلسطينية في فلسطين التي كانت حماس عنوانها الأبرز. ولا نزعم أننا نستأثر بكل شيء، ولكن دورنا يعلمه القاصي والداني؛ وهذا نقوله من باب حمد الله –عز وجل- على نعمته؛ ولا نتفاخر بهذا وإنما نذكره من باب الحقيقة.
* هل هناك تنسيق خاص مع حركة الجهاد الإسلامي وحزب الله؟ وما طبيعة هذا التنسيق؟
- على صعيد حزب الله، فهو حزب لبناني مقاوم طبعًا، ونقدره ونعتز به؛ وعلاقتنا معه علاقات وثيقة. لكن يبقى لكل طرف ميدانه الذي يعمل فيه، ونحن نقاتل داخل فلسطين، وهو يقاتل في جنوب لبنان؛ ولكن جميعنا نقاتل ضد العدو المشترك. أما إخواننا في حركة الجهاد؛ فطبعاً لنا علاقة جيدة معهم وعلاقة ثنائية، فضلاً عن العلاقة داخل إطار القوى الفلسطينية في الداخل وفي الخارج؛ وأعتقد أن انتفاضة الأقصى عززت هذه العلاقات سواء الثنائية مع كل الفصائل وكذلك العلاقات الجماعية داخل الإطار الوطني الفلسطيني.
توحد أمني دون توحد سياسي
* ما هو المطلوب للإبقاء على وحدة الفصائل الفلسطينية التي برزت خلال الانتفاضة وتطوير نضالها؟
- القوى والفصائل الفلسطينية قطعت شوطاً أساسياً في مجال التنسيق والتوحد؛ وهذا الشوط متعلق بالميدان. فهذه الفصائل نسقت خطواتها، وشكلت صيغة منتظمة لإرادة الانتفاضة وتنسيق الفعاليات من خلال اللقاءات للفصائل الوطنية الإسلامية بالأرض المحتلة. فضلاً عن لقاءات بين القوى في الخارج، وخاصة في ظل تحالف القوى الفلسطينية. ولكن بقي جزء وشوط مهم –لا بد منه لتطوير هذه الحالة الفلسطينية إلى حالة وحدوية وتشكيل قيادة فلسطينية حقيقية– وهذا الشوط المتعلق بالاتفاق على البرنامج السياسي أنجز الحد الأدنى، وهو التوحد الميداني، ولكن التوحد السياسي من خلال التفاهم على برنامج سياسي مشترك لم يتحقق حتى الآن؛ لأن بعض الفصائل حتى الآن لا تزال تراهن على التسوية وعلى المفاوضات ولم تخرج من عباءة أوسلو بالكامل.
أعتقد أن المعركة -خاصة في محطاتها الأخيرة- تكفي لإذابة هذه العوائق، ولإنهاء كل الرهانات الخاطئة على أوسلو، وعلى ما يسمى بالتسوية والمفاوضات. وأرجو أن تكون هذه المرحلة بكل قسوتها وجراحها وتداعياتها ودلالاتها المهمة محفزة لكل القوى الفلسطينية كي تتخلص تماماً من عبء أوسلو.. ومن قيود أوسلو.. وتنطلق إلى الأمام لتشكل برنامجاً سياسياً يقوم على المقاومة وعلى التمسك بالحقوق الفلسطينية؛ وأعتقد أن هذا الذي سيقودنا إلى الوحدة الفلسطينية الحقيقية.
السلطة والمقاومة
* ما حدود العلاقة بين حماس والسلطة الفلسطينية حاليًّا؟ وما ضوابطها ضمن هذه الأجواء؟
- تعلم الآن أن السلطة في حالة من انعدام الوزن بسبب ضرب مقراتها واقتحام كل المناطق وحصار الأخ "أبو عمار" في مقره في رام الله. فنحن لا نعتبر أن هذا الواقع واقع طبيعي حتى نحكم على العلاقة. نعتقد أن الجو مناسب لصياغة العلاقة صياغة صحية، تقوم على توحيد الجهد الفلسطيني على طريق المقاومة والانتفاضة والتمسك بالحقوق، والتخلص كما ذكرت من كل المرحلة السابقة الذاخرة بالمحطات المؤلمة والذاخرة بالسلبيات. هذا الذي نأمله؛ لأنه لا يزال في الوقت الحاضر بعض الرؤوس في الساحة الفلسطينية وفي السلطة الفلسطينية تطل علينا بين الحين والآخر لتحدث عن استعادة دور أمني جديد.
وكلنا نعلم ذلك الدور الذي عانى منه شعبنا في الفترة الماضية، وخاصة أن الناس ذاكرتهم حية بما جرى في مقر الأمن الوقائي في بيوتنا، حيث جرى تسليم عدد من خيرة أبناء شعبنا وكوادره (حماس والجهاد وفتح نفسها). أعتقد من الصعب الحكم على العلاقة في هذه المرحلة؛ لأن هناك وجها إيجابيا يتعلق بوحدتنا في ميدان المعركة. ولكن في الموضوع السياسي لا يزال الموضوع متأرجحًا؛ فكما ترون مرة يكون هناك موقف من السلطة في إدانة العمليات الاستشهادية ضد ما يسمى بالمدنيين، ويكون ذلك استجابة لشرط أمريكي للأسف.. ومرة تجري محاكمة كوادر قاتلة؛ وهي من المفروض أن تكرم لا أن تحاكم مثل ما جرى مع الإخوة في كوادر الجبهة الشعبية الذين قتلوا المجرم زئيفي، كل هذه الوقائع تجعل هناك هواجس في النظر إلى مستقبل العلاقة.
* إذا أعلنت السلطة أن حماس والجهاد الإسلامي حركتان إرهابيتان.. كيف سيكون ردكم؟
- إن شاء الله لا يحدث مثل هذا الاحتمال.. وإن حدث أعتقد أنه لا يقدم ولا يؤخر؛ بل فهو سيسيء للسلطة أكثر مما يسيء لحركات المقاومة الفلسطينية؛ لأن المزاج الشعبي الفلسطيني وكذلك العربي مع المقاومة. وبالتالي من يضرب المقاومة أو يسئ لها يسئ لنفسه، ويضع نفسه في مواجهة الشعب الفلسطيني، وفي مواجهة الشعوب العربية والإسلامية. وأنا أستبعد أن يحصل هذا من سلطة هي نفسها محشورة بالزاوية، وتتعرض حتى لاتهامات من العدو ذاته.
الموقف الشعبي متناقض مع الموقف الرسمي
* كيف تنظرون إلى الصمت العربي والإسلامي والدولي تجاه ما يحدث الآن؟
- بلا شك، الموقف العربي الشعبي والإسلامي موقف عظيم ونقدره. العواصم العربية كلها تحركت من أقصى المغرب إلى أقصى الشرق؛ والشارع العربي أثبت مصداقيته وأثبت شجاعته وأصالته؛ وأثبت أنه ينتمي لأمته وقضية فلسطين سواء من خلال حركة الشارع العفوية ومن خلال أصوات نخبه ومثقفيه ومفكريه؛ أو بتبرعاته المالية لدعم الانتفاضة أو غير ذلك من هذا التفاعل الصادق الذي نلمسه يوميا في مختلف العواصم والمدن والمناطق العربية والإسلامية. ولا أريد أن أذكر أمثلة حتى لا أنسى أحداً.
أما الموقف الرسمي العربي، فمشكلة هذا الموقف أن لديه عجزا، والأخطر استسلامه لهذا العجز؛ لأن بعض جوانب العجز في الموقف العربي الرسمي ليست حقيقية؛ بمعنى أن النظام العربي الرسمي لديه إمكانات حقيقية لو أراد أن يستغلها لاستغلها، ولكان لها مردود كبير.. لكن هناك شيئا اسمه الاستسلام للعجز، والاكتفاء بأننا عاجزون، وأننا لا نستطيع أن نخوض معركة مع إسرائيل التي تقف أمريكا خلفها.
وبالتالي يدل ذلك على أن هناك مشكلة في الإرادة وفي القرار العربي؛ لأنه لو وجدت الإرادة عند النظام العربي الرسمي أعتقد أنه سيستطيع أن يفعل الكثير.. خاصة أننا أبناء فلسطين لا نطالب النظام العربي الرسمي بأن يخوض معركة رسمية على العدو -بمعنى أن يخوض حرب جيوش– بسبب اختلال ميزان القوى رغم أن الأمة مستعدة لهذا الأمر ولا تلغيه من حساباتها – لكن نحن الآن نطالبها في هذه المرحلة أن تتبنى خيار المقاومة؛ وأن تتحول المقاومة من حالة فلسطينية إلى حالة عربية. فتجد هذه المقاومة احتضاناً ودعماً كافيين وكبيرين من النظام العربي الرسمي؛ دعما ماليا ودعما سياسيا وإعلاميا وجماهيريا ودعما بالسلاح ودعما بالرجال لتبادر الأمة وتخوض معركة حقيقية تحت عنوان المقاومة الشعبية.
وأنا أعتقد أن الشعوب العربية مستعدة لهذا، كما أن الشعب الفلسطيني مستعد، والظروف مهيأة.
* برأيك هل آن الأوان لإعلان الجهاد المقدس لتحرير القدس؟
- انطلاقاً من كوننا مسلمين وأصحاب تاريخ عربي إسلامي أصيل، وانطلاقاً من فكرنا ومعتقداتنا وديننا وتاريخنا، لا يوجد شك أن الجهاد هو الخيار والطريق وهو الحل. والجهاد له وسائله المختلفة، وله مراحله. وبناء الأمة على روح الجهاد وتعميق روح الجهاد في الجماهير وتربية الناس على الجهاد وعلى المقاومة وعلى مستلزماتها أعتقد أن هذا هو الواجب والمطلوب؛ وهو الذي سيهيئ الأمة لكي تتحمل تبعات المعركة وتصد العدوان عنها، وبالتالي تستعيد حقوقها، نعم هذا هو الطريق بالتأكيد.
أمريكا.. من الحليف إلى الشريك
* إذا تطرقنا للجانب الدولي.. برأيك الأمريكان إلى أين يمكن أن يذهبوا بدعم شارون اللامحدود؟
- الأمريكان تحولوا من موقف الحليف إلى موقع الشريك، وأعتقد أنه لا أمل في تغير قريب في الموقف الأمريكي، وينبغي ألا نعلق أنفسنا بأوهام من هذا النوع. وفي تقديري الأمريكان سيذهبون في دعمهم للكيان الصهيوني إلى أبعد مدى؛ لأن هناك عوامل تؤثر في هذا الموقف، منها: توافق الإدارتين في العهد الحالي؛ ففي الإدارة الأمريكية يسيطر الخط اليميني المتشدد الذي يمثله تشيني ورامسفيلد والمجموعة اليهودية داخل وزارة الدفاع والأمن القومي. وفي الكيان الصهيوني يمثل شارون وكل التشكيلة التي معه أقصى التطرف الصهيوني.
الأمر الثاني أن الأولوية الضاغطة على الإدارة الأمريكية الآن هي استكمال معركتها ضد الإرهاب، بعد أن أنهت شوطاً كبيراً في معركتها في أفغانستان. وشارون يقدم نفسه للإدارة الأمريكية على أنه شريك لها في محاربة الإرهاب. وطبعاً الإرهاب عند الإدارة الأمريكية وعند الكيان الصهيوني هو الإرهاب العربي الإسلامي. أيضاً بوش لديه عقدة نقص أو لديه عقدة تتحكم فيه وهي تطلعه في أن ينجح في الدورة الثانية للانتخابات.
وبالتالي هو لا يريد أن يغضب اللوبي الصهيوني؛ وهو يريد أن يستفيد من درس والده الذي لم ينجح في الدورة الثانية بسبب موقف اللوبي الصهيوني. ولذلك سلم بوش مقاليد الموقف الأمريكي لرغبات شارون، والتكتيك الأمريكي لا يقوم على وقف العدوان الصهيوني، ولا يقوم على حل القضية الفلسطينية، ولا يقوم على التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني. بل يقوم على معيار واحد وهو إطفاء الحرائق والتهدئة الشكلية التي تسمح للإدارة الأمريكية بعد ذلك أن تتفرغ لمعركتها ضد العراق والدول العربية الأخرى.
وبالتالي تسمح لها أن تطالب بعض الحكومات العربية في المنطقة أن تتعاون معها في تلك المعركة.. هذا يفسر كل السلوك الأمريكي سواء في استقبالهم لبعض المسؤولين العرب في أمريكا أو في بعض التصريحات الأمريكية الداعية لنبذ العنف أو انسحاب الكيان الصهيوني من المدن. فكلها عبارة عن تصريحات شكلية غير جادة لا تعكس رغبة أو إرادة أمريكا لوقف العدوان الصهيوني؛ وإنما فقط هي تريد أن تغطي على العدوان بعد أن مضى، وبعد أن دمر ما دمر، وقتل ما قتل في الساحة الفلسطينية لتحظى في النهاية بفترة هدوء تسمح لها بالتفرغ لمعركتها ضد أمتنا.
* كيف ترون الجانب الأوروبي ضمن المعادلة؟
- الموقف الأوروبي الشعبي لا شك أنه كان متميزاً؛ وهو يتنامى في احتجاجه على العدوان الصهيوني بقيادة شارون. وعلى الصعيد الرسمي، بالتأكيد هو أقل سوءاً من الموقف الأمريكي، مع بعض المواقف الإيجابية المحدودة هنا وهناك في الساحة الأوروبية. ولكن على المستوى الرسمي العام، لا يزال الموقف الأوروبي ضعيفاً وعاجزاً عن الانفراد أو الانطلاق بعيداً عن الموقف الأمريكي؛ وحتى في ظل الإهانة -التي مارسها شارون لوفد الاتحاد الأوروبي الذي جاء إلى المنطقة ولم يسمح له بممارسة دوره- هذه الإهانة لم تقابلها أوروبا بما تستحق؛ ونحن نأمل أن يتطور الموقف الأوروبي، وأن ينسلخ عن الموقف الأمريكي.
وهذا من مصلحة أوروبا نفسها؛ لأن أوروبا تتأثر بالصراع في المنطقة أكثر من أمريكا بحكم الجوار والعلاقة التاريخية بين المنطقتين.
وفي النهاية، إن ما سيغير المواقف الأوروبية سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي هو صمودنا أمام العدوان الصهيوني.. بسالتنا في الدفاع عن أنفسنا واستمرار المقاومة الفلسطينية.
المرأة الشهيدة
* هل يمكن أن نتكلم عن دور المرأة الفلسطينية في مقاومة الاحتلال، وهذا اللبس الذي حصل حول العمليات الاستشهادية التي دخلت فيها المرأة؟
- طبعاً المرأة شريك للرجل الفلسطيني في كل متطلبات الصمود الفلسطيني وتاريخ الانتفاضة الأولى عام 1987 ثم هذه الانتفاضة. وعبر كل محطات النضال الفلسطيني كان للمرأة دور متميز؛ فقاتلت إلى جانب الرجل، وصمدت، وأنجبت الأبطال، وهيأتـهم للاستشهاد، وتحملت مسؤولية كبيرة في البيت في غياب الرجل، سواء كان هذا الغياب استشهاداً أو اعتقالاً أو إبعاداً.
فالمرأة تقوم بمسؤولية عظيمة، وفي الفترة الأخيرة رأينا نماذج من المرأة المقاومة المقاتلة الاستشهادية، وهذا شيء إيجابي كبير ويسعدنا. ونحن في حركة حماس لا نستثني المرأة من واجب الجهاد ولا حتى من العمليات الاستشهادية. ولكن في ظل إقبال هائل من الشباب على المقاومة والانخراط فيها والإقبال على الاستشهاد -حتى بات الأطفال يتسابقون، والمقاومة أمام هذا الإقبال غير قادرة على استيعاب كل هذا المد– هنا تأتي الحاجة إلى دور المرأة أقل من هذه الزاوية؛ فضلاً أنه ربما كان هناك حرص على أن نجنب المرأة الفلسطينية أن تتعرض للإهانة أو الإساءة من الجنود الصهاينة والمس بعرضها –لا سمح الله-، لكن هذا قطعاً لم يمنع المرأة من أن تمارس دورها في المقاومة ودورها في العمليات الاستشهادية.
هذا الدور كان على مدار التاريخ، والجانب التاريخي الإسلامي شهد نماذج كثيرة، والتاريخ للمقاومة الفلسطينية شهد نماذج كثيرة، وليس لدينا اعتراض على هذا، خاصة أن دور الأم محفوظ عبر تاريخ كل الأمم، ولكن بحجمه ونسبته المعروفة.
حتى لا نخسر شبابنا
* سمعت أن هناك تصريحا من الشيخ أحمد ياسين حول العمليات الاستشهادية بتنظيمها أو ترشيدها؟
- الحركة أصدرت بياناً في الداخل، تنصح فيه الشباب صغار السن ألا يتعجلوا في ممارسة المقاومة دون الاستعداد الجيد والتخطيط الجيد والتأني المطلوب؛ حتى لا نخسر هؤلاء بدون ثمن..لأنه من شدة إقبال الشباب -وخاصة كما قلت الأطفال وصغار السن– البعض أصبح يبادر بنفسه بدون تخطيط، وبدون ترتيب، ويحاول اقتحام مستوطنة أو مهاجمة مواقع صهيونية؛ وتكون النتيجة أنهم يتعرضون للقتل ويستشهدون دون أن يحققوا الهدف من المقاومة، وهو الإثخان في العدو، وإيقاع أكبر عدد من الإصابات والقتلى في صفوفه.
فأمام هذه الحالة أصدرت الحركة بياناً لتوجيه هؤلاء للتأني وعدم التعجل، وأن يعطوا للأجنحة الفلسطينية فرصة استيعاب هذه الطاقات بطريقة صحيحة، حتى لا نخسرهم بدون فائدة.
http://www.arabia.com/getimage/0,4918,260496,00.jpg
عرفات وياسين وجها لوجه
www.arabia.com (http://www.arabia.com/news/article/arabic/0,4884,194889,00.html?IA=H1)