المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية فلسطيني مهدد بالسجن 3 سنوات في ألمانيا لحمله طفلته مزنرة بالديناميت في مظاهرة



MandN
05-05-2002, 04:46 PM
http://montada.host.sk/upload/45785.jpg
لندن: كمال قبيسي
قبل 3 أسابيع خرج الآلاف من العرب والألمان متظاهرين في برلين احتجاجا على ما يحدث للفلسطينيين على أيدي الاسرائيليين، ومن بينهم شاب فلسطيني مولود في بيروت ويعيش لاجئا منذ عام و7 أشهر مع زوجته وأولاده الثلاثة في العاصمة الألمانية، الا أنه كان مختلفا عن سواه في مظاهرة، قاده حماسه فيها وضعف وسيلته للتعبير على حمل صغرى بناته البالغة من العمر 6 سنوات او اقل، على ظهره بين المحتجين والمتظاهرين، وقد ارتدت زي الإستشهادين وخصرها مزنر بأصابع ديناميت، فلم يسكت عليه الالمان واستجوبوه في أحد مخافر الشرطة، وفق بيان رسمي، لم يتضمن اسم الرجل البالغ من العمر 33 سنة.
وقد سعت «الشرق الأوسط» باحثة عمن يكون الأب، الملاحق الآن من القضاء بتهمة امتداح الجريمة والتحريض على ما يسمى الارهاب وبزج طفلة وسط مشهد وصفه وزير الداخلية الألماني، أوتو شيلي، بأنه «مقرف ومنفر للنظر والأخلاق» وفق تعبيره لاحدى محطات التلفزيون المحلية، فيما رآه القضاء جريمة عقوبتها غرامة كبيرة للقادرين على الدفع، أو السجن 3 سنوات وراء القضبان لمن لا يقدر، لكنها لم تستطع العثور عليه الا بمساعدة محمد الطراوي، رئيس الجالية الفلسطينية، حيث ظل الرجل يبحث عنه 5 أيام، لأن محمد رحال طلق زوجته قبل مدة لخلافات معها، وراح يعيش في غرفة واحدة مع صديق له، فلسطيني ولاجئ هناك مثله، حيث لا يرى الأولاد الا في الايام الثلاثة الاخيرة من الاسبوع، فيأتون للبقاء معه في غرفة ليس فيها هاتف، لا ثابت ولا نقال.
ويقول محمد الذي تحدث الى «الشرق الأوسط» عبر هاتف نقال تملكه ابنة جاره الفلسطيني، وهو لاجئ مثله في منطقة هايم ببرلين أيضا، إن كل شيء بدأ حين أحاط به صحافيون ومصورون وهو بين الجموع في المظاهرة التي حمل اليها أطفاله الثلاثة: حسن، وعمره 12 سنة، ونادر الذي يصغره بعامين، بالاضافة الى حاملة الديناميت، سالي «وكان كل شيء على ما يرام في المظاهرة، الا أن سالي بدأت تضطرب وتبكي لكثرة ما أحاط بها الصحافيون لالتقاط صورها، فاضطررت لحملها على ظهري، لذلك تراها في الصورة وهي ممتعضة بعض الشيء، وكذلك أبدو أنا عصبيا ومنفعلا أيضا» كما قال.
* أنت من أين أصلا يا محمد؟
ـ أنا من بيروت، فهناك ولدت. لكني من فلسطين المحتلة.. من بلدة بيشوم، قضاء صفد.
* هل لك أقرباء في بيشوم؟
ـ لا أعرف.. شردونا منها ولم أكن أنا قد ولدت بعد.
* يعني ولدت مشردا؟
ـ كمعظم الفلسطينيين يا رجل.. لي أقرباء وأهل في بيروت فقط.
* ماذا كنت تعمل هناك؟
ـ لحام كهرباء وتوابعها وحديد.
* بعدها؟
ـ جئنا بالتهريب الى ألمانيا، عن طريق البر، فظروفنا في بيروت كانت صعبة. وهنا اكتشفوا الطريقة التي تسللنا بها وسامحونا ومنحونا اللجوء، نجدده مرة كل 6 أشهر.
* كيف تعيش؟
ـ على الضمانات الاجتماعية. اللاجئ المؤقت لا يحق له العمل الا اذا حصل على اللجوء الدائم، ونحن ما زلنا ببداية الطريق.
* لماذا طلقت زوجتك يا محمد؟
ـ ظروف ومشاكل عائلية عادية.. هي تعيش في حي وأنا في آخر.
* والأولاد مع من؟
ـ عندها 4 أيام وعندي 3 أيام.
ويقول محمد إن أولاده كانوا من حصته في يوم المظاهرة، وكان يوم سبت (13 الشهر الماضي) «فخرجت بهم من الغرفة متوجهين الى مكان المظاهرة، وهو ساحة كبيرة تواعدنا عندها، واختلطنا مع الآلاف من المتظاهرين المحتجين» على حد تعبيره.
لكنه قبل أن يصل الى ساحة ألكسندر بلادت ببرلين، حيث موعد اللقاء الاحتجاجي، مر على محطة لقطارات الأنفاق عند زاوية من الساحة تماما، وهناك استبدل بثياب الأولاد العادية أخرى بلإستشهادين عادة، وعصب جبين ابنته الصغيرة بقماشة بيضاء كتب عليها بخط يده كلمات بدهان أحمر كالدم: «نابلس جبل النار».
دقائق مرت، وشاهد الألمان ما يعتبرونه عجيبة في مدينة كبرلين، وهي طفلة عمرها 3 سنوات مزنرة بالديناميت عند خصرها وجاهزة لكل مفاجأة، فاستغربوا المشهد طبعا، ومنهم مصورون وصحافيون، بدأوا يضايقون أبو حسن وأولاده الصغار لكثرة اللقطات والأسئلة من هنا وهناك، وهو الذي لم يلم بعد بالألمانية كما يجب، فأصبح عصبيا ومنفعلا، خصوصا عندما بدأت سالي تبكي، مما اضطره لحملها على ظهره، لتسوء الأحوال من بعدها أكثر، لأنه بدا واضحا لكل العدسات على أنواعها، فظهرت صوره مساء على الشاشات التلفزيونية، وصباحا على الصفحات الأولى في الصحف، لذلك استدعاه رجال الشرطة بعد 10 أيام واستجوبوه.
حاول أن يشرح لهم بمساعدة مترجم كردي من العراق إنه ولد مشردا في بيروت، ومن قبله ولد أبواه زمن معارك النكبة الأولى في 1947 بفلسطين واللذين قاموا بتهجيرهما منها مع مئات الآلاف، وبعدها فر من ظروف بيروت الصعبة عليه ليتسلل الى ألمانيا، لاجئا لم يهنأ له العيش وهو يرى عبر التلفزيونات الجيش الشاروني يمعن فتكا بالفلسطينيين في مدن الضفة الغربية، فقام وحمل أولاده ليعبر عن مشاعره بالطريقة التي لا يعرف سواها «أردت أن أقول لهم إن ابنتي الصغيرة قد تصبح أيضا من الإستشهادين ، فظروفنا صعبة يا رجل» كما قال.
* هل أنت جاد في كلامك يا أبو حسن؟
ـ أعوذ بالله، بل قلتها لهم فقط.. أريد لابنتي التعبير عن مشاعرها بطريقة مختلفة.
* لماذا ألبستها زي الإستشهادين اذن؟
ـ لم أكن صاحب الفكرة.. كانت فكرتها هي.
* غير معقول.
ـ صدقني.. قبل يومين من المظاهرة شاهد الأولاد على التلفزيون مظاهرة مثلها في استوكهولم بالسويد، وكان فيها طفل يرتدي زي الإستشهادين ، وأحبوا تقليده، فلم أرغب في حرمانهم.
* تقول إنك بدّلت ثياب الأولاد داخل محطة للقطارات بأخرى إستشهادية، ألم يخف الناس منكم هناك؟
ـ كل شيء كان عاديا لهم، ولم يلحظ أحد ما كنا ننويه.
* بعد ذلك؟
ـ مررنا بشرطي كان يقف عند بداية الساحة، يقوم بتفتيش الداخلين للاشتراك في المظاهرة، ففتشني ولم يفتش الأولاد.. يعني رآهم، ولم يقل شيئا، وأنا لا أعرف القوانين.
* أصابع الديناميت الزائفة صنعتها من أي مادة؟
ـ إنها من الكرتون الملفوف بورق أبيض، ووضعت عند رأس كل أصبع حبلا رفيعا بحيث يبدو مثل فتيل.
* يعني ديكور كامل؟
ـ تقريبا، ولكن من يتأملها يعرفها من الكرتون.
* المشكلة هي الرمز يا أبو حسن، وهؤلاء الألمان يستغربون زج الأطفال في مثل هذه المواقف، حتى وزير داخليتهم انتفض لاستخدامك طفلة صغيرة في الترويج لما يسمونه بالارهاب، ألست نادما؟
ـ أعرف، أعرف. أنا نادم، لن أعيدها ثانية، فالقانون يمنع. ولكن الأولاد أيضا يتعذبون، فكل يوم يبكون أمام التلفزيون وهم يرون الاسرائيليين يقتلون الفلسطينيين، والوضع لا يطاق يا رجل.
* لماذا لم تلبس أنت أيضا زي ؟
ـ خرجنا على عجلة، والعمليات ليست بارتداء الزي.
* هل تشجع أحد أولادك للقيام بعملية؟
ـ أبدا، أرجوك لننس هذا الموضوع.
* لكنك زنرت خصر طفتلك بالديناميت.
ـ لن أكررها، ما فات مات.
* ووضعتها في ظرف حرج، فرفيقاتها بالمدرسة الألمانية قد يخفنها ويخشين أن تقوم بمفاجأة يوما ما.
ـ بالعكس، الأطفال باتوا يعرفونني ويركضون نحوي حين أحضر لأخذها من المدرسة.. حتى الصغار هنا باتوا يفهمون قضيتنا، فيسلمون عليّ كأني والدهم تماما.
* قل كلمات أخيرة يا أبو حسن.
ـ الله يساعدنا ويكون في عوننا.
www.asharqalawsat.com (http://www.asharqalawsat.com/pc/news/5,5,2002,003.html)