المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية لا تناموا عن غوانتا – ناموا



Black_Horse82
12-05-2002, 06:15 PM
حامد عبدالله العلي :
يمضي عليهم الليل والنهار، لا يفرقون بينهما، والفضاء المترامي الأرجاء، قد ضاق عليهم فصار كَسَمّ الخياط، جاثمون على ركبهم في زنزانة سوداء الجدران ملؤها الكآبة، ليس فيها إلا مصباح ضئيل يجاهد لتمزيق الظلام فلا يفلح إلا قليلا قد ذبلت أجسامهم فهي كأفراخ ضم الخوف والبؤس بين ضلوعها فهي تعانق الحزن والأسى صباح مساء.
شاحبة وجوههم، شاخصة أبصارهم، مرتعشة أيديهم مفزوعة قلوبهم، يسمعون هدير أمواج جزيرة «غوانتانامو» وزمجرة رعودها، وزفيف رياحها، وقعقة سلاسل الحديد بين أرجلهم وأيديهم فيحسبون أنها نذر شؤم، تأتيهم من مستقبل مجهود، في عالم مجهول، أو أنها أجراس الموقت تعج عجيجا، وتلج لجيجا، فتبعث في الكبد لهيجا.
يقاسون الآلام الشداد، قد غدت قلوبهم نهبا مقسما في يد الهموم والأفكار بعضها مما هم فيه وبعضها من ذكرى الآباء والأمهات الذين يعالجون كل يوم أنين الوالهين،وينفثون زفرات المكروبين والأولاد الصغار الذي خلفوهم في الكويت فهم يلحون في السؤال:
أين أبي يا أماه، ما فعل أبونا حتى يذهبوا به، فيلقوه هناك بعيدا عنا في تلك الجزيرة الموحشة وحيدا طريدا لماذا يلبسونه هذا اللباس لماذا يكبلونه بهذا الحديد، ما ذنبه يا أماه، ولماذا لا يأخذون الذين يقتلون المسلمين في فلسطين؟ ويأخذون آباءنا بدلا منهم؟
فتفيض الدموع من مقلتي الزوجة المفجوعة وتمسك بيد الصغير وتجيب بصوت متقطع لا يكاد يبين: أي بني ليس لأبيك ذنب، أبوك بطل، ولكن أكثر الناس لا يعلمون، وسيرجع إليك ليأخذ بيدك الصغيرة هذه ويذهب معك إلى حيث كنتما تذهبان وتلعبان، فاصبر فما بعد الصبر إلا الفرج وسينصر الله المسلمين ثم تلهي الأم ولدها، بما يلهو به الأطفال حتى ينسى ولكنها لا تنسى ولن تنسى.
إن الذين في غوانتانامو - مهما حاول الإعلام الغربي زخرفة جريمة أسرهم - ليسوا سوى ضحية إرهاب القوى العظمى، التي في سبيل بلوغها أوج الاستكبار تعبث بكل الفضائل الإنسانية، وتعمى عن كل القيم البشرية وتستخف بكل حق، وتتلاعب بكل نظام، بروح طاغية في الاستبداد وسادرة في العلو في الأرض والفساد.
وأيها المتفاخرون بجبروتهم، القائلون : من أشد منا قوة تربصوا فستمضي عليكم سنة الله في المستكبرين (استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، هل ينظرون إلا سنة الأولين، فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا، أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا اشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الارض انه كان عليما قديرا).
فيا رب لا تبعث إلي منيتي
إلى أن أرى الوعد المؤمل النصرا
في نهضة بكرية عمرية
تعيد إلينا مجدنا تارة أخرى

http://www.alneda.com