المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نفلة



Islam Lover
14-05-2002, 08:25 AM
هو شاب في الخامسة والعشرين من عمره ..وهي طفلة في الثانية عشرة من عمرها .جاء إلى أهلها خاطباً ....يريد الزواج من طفلة بهذا العمر ؟؟ لمَ لا وقد كانت الفتيات يُزوجن في ذاك الزمان بهذه السن ....بقدر ما فرِحت أمها بهذا النسب ..إلا إنها كادت تموت حزناً لأن طفلتها الحبيبة ستفارقها إلى الأبد ..فقد كان الشاب يعيش في مدينة أخرى بعيدة جداً عن مدينتهم حسب مقاييس ذلك العصر ..ولن تستطيع رؤيتها مرة أخرى .

في يوم الرحيل ..كانت الطفلة سعيدة جداً لأنها سترى عالماً آخر غير الذي اعتادته عيناها ...وكان يوم بكاءٍ ساخنٍ للأم المفجوعة لفراق فلذة كبدها ..ودّعت الطفلة أمها وأخواتها وداعاً وهي لاتدرك أنه سيكون وداعاً أبدياً. فلم ترهـّن بعدها ..

كان الشاب فرحاً جداً بها ..فقد كانت طفلة شديدة بياض البشرة ذات وجه صبوح ...طفلة شديدة الحياء، يصطبغ وجهها الأبيض بحمرة لطيفة..لأي كلمة مدح تسمعها منه ..لا تكاد تسمع لضحكتها صوتاً...شديدة الطاعة له ..لم تكن تنتظر منه أمرأً لتفعل ما يُحب ..بل كانت تبادر بتحضير ما تعرف مسبقاً أنه يُريده....كيف لا ؟ وهي قد تربّت على أن ترى والدتها على هذا المسلك مع أبيها ...ولمّا رأى من جميل صفاتها وُخلقها ..كان لا يسميها إلا بـ ( نفلة ).حتى أنها نسيت مع مرور الزمن إسمها الحقيقي ، وعندما كان يناديها ...كانت لا تجيبه إلا ( لبيك) .

كانت شديدة الإحترام له ..بل ولا ترفع لعينيها طرفاً بوجوده ..وكأنه رجلاً غريباً عنها ..رغم شدة حبها له وتعلقها به ..فهو الذي أصبح كل عائلتها في هذه الحياة ...

كانت تقف على رأسه تخدمه ..ولا تجلس حتى يأذن لها بالجلوس ...ولا تعقب على أي كلمة يقولها ..ولو كانت خطأ..بل أنها لا ترى في كلامه خطأ ً البته ...في إحدى قيلولاته وفي يوم صيف حار ..قال لها انه سينام الآن ..ويريد منها أن توقظه لصلاة العصر .إلا في حالة حاجته للذهاب إلى بيت الخلاء !!!!

جلست عند رأسه.تروّح عنه بإستخدام (المهـفّة)..وظلت مترددة بين أن توقظه فقد يكون حاقنا ّّ وبين أن تتركه ينام ولا تقلقه..وهكذا حتى استيقظ من نومه وهي شديدة الفزع خوفاً من أن تكون قد قصّرت في واجبها ..فلما علم ما فعـلته ضحك ..وضمها إليه وقال ..أنت نفله من الله لي ..

جاءها ذات يوم ..بعـد مجلسٍ له مع أصحابه الذين وكعادة الرجال ..زيّنوا له الزواج من ثانية ..مثلهم ..فقال لها يا نفلة ..إني أرغب بالزواج من أخرى فلم ترد بأي كلمة ...وفي ليلة عرسه كانت تساعده في الإغتسال ولبس الملابس والتطيب ..وودعته بالدعاء ..!..ولم يبقَ خارج بيته إلا يومين فقط ..وعاد لها ..فلما أخبرها ..بتطليقه للثانية ..بكت بكاءاً حارأ ! فقد كانت تشعر بالأسى على الفتاة التي ُطلقت!..هي تبكي ..وهو يضحك ..لطيبتها ..حتى قال لها( لو علم أصحابي ما تقولين لما لاموني على تسميتي لك ِ... نفـلة ).
من العجيب .أنها لم تكن تملك عباءة !! ولم َ الحاجة لها ؟ فهي فلم تكن تخرج من البيت مطلقاً.!...

تُوفي زوجها وحبيبها .وترك لها من الأبناء أكبرهم في العشرين من عمره .الذي أصبح هو ولي أمرها .وهي لم تتجاوز سن الثالثة والثلاثين من عمرها ..ولم تتزوج بعده أبدا..

لما تزوجت أصغر بناتها ..عاشت معها في بيتها ..لمدة ثلاثين عاما ً ..لم يسمع صهرها صوتها ..إلا في ردها ( وعليكم السلام .! ) لم تكن تبادره بإي حديث لشدة حيائها !! ولم يرَ وجهها قط! .

كانت تقوم بعد منتصف الليل..وتصلي..وتطيل السجود والبكاء حتى يظن الرائي من طول سجودها أن أمراً ما قد ألـّم بها ..وكانت ُتكثر من التسبيح و التهليل و الذكر قبيل الغروب ..لم تسأل أحدا من أفراد أسرتها كوباً من الماء قط.. .كثيرا ً ما كان أفراد أسرتها وأحفادها يمازحونها .لمعرفتهم بشدة حيائها .ويتراهنون على ذلك ،حتى أنهاعندما تُسأل هل أكلت؟ تجيب بالحمد لله .وهي لم تذق من الطعام شيئاً ، ولكنه الحياء .

لم تُعرض على طبيب طوال فترة حياتها..رغم ما كانت تعانيه أحيانا من مرض ..لأنها ترفض رفضا تاما ً أن يراها رجل!

عندما كانت حفيدتها تجلس إليها ..وكانت تضع رأسها في حجرها وتسمع منها حكاياتها مع زوجها ...كانت تستمتع باسترجاع ذكرياتها مع رفيق حياتها ..والغريب إنها لما سألتها حفيدتها ..(هل كنت ِ تُحبينه يا جدّه ؟)أجابت والحمرة تضفي عليها جمالاً رغم التجاعيد ..( وما هو الحب ؟)...سبحان الله..!..بعد كل ماقلت ِ ولم تكوني تعرفينه ؟؟
وتواصل حديث الذكريات عن الحبيب الغائب وما كانت تفعله معه فلم تعرف احدا ًسواه تتحدث عنه..والحفيدة تستقي منها النصائح الواحدة تلو الأخرى .

من نصائحها ..أياك ِ أن تشتكي لغير ربك ِ ...إذا ألمّ بك ِ خطب إستيقضي ليلا وناجي ربك واشتكي له ..فكتم الحزن والهم مضر والشكوى لغير الله مذلة.....ثم ارمي حملك على الله.

أكثري من الدعاء واللجوء إلى الله ..وعندما تشعرين بأي عارض مرضي ضعي يدك ِ وأقرأي المعوذات وانفثي على موطن الألم وسيبرأ بإذن الله ..مما أعجب له أنها كانت تفعل ذلك مع جميع أحفادها ..فندر ما كانوا يذهبوا إلى طبيب....

إياكِ أن ترفعي صوتاً على زوجك .أو تعصي له أمرا ً..أو تردي له طلباً.

إياك ِ أن تخطئيه ! حتى لوعلمتِ منه خطأ ً..أتركيه يعرفه من نفسه.

إياك والخروج من البيت لغير حاجة ..أو أن يدخل رجلأً بيتك .أو تضعي عباءتك عنك في خارج البيت..

إياك ِ ومجالسة نساء لسنّ على خلق ٍ طيب.

لا تعيبي لزوجك ِ تصرفاً فعـله ..فالرجل لا يُحب الإنتقاد من إمرأة فما بالك لو كانت زوجته .

لا تشتكي له الحال ... .ولا ُتظهري له أن هناك نقص في بيته ..فالله هو الرزاق ..

لا تذكري أهله بسوء أمامه ...فالزوجه مكانها زوجة أخرى ..أم الأهل فهم الرحم الذي لا ينقطع ..وخاصة إن كانت له أم فأحبيها أشد من حبك ِ لأمك ..وأما أخواته ِ..فاتخذيهم أهلا ً لك ِ.وصاحبيهم بالمعروف وستكسبين مودتهم وحبهم تدريجيا ً ..فقد عوضني الله عن فراق أهلي بهم .

ُتوفيت رحمها الله بعد حياة قضتها في العبادة وحديث الذكريات عن زوجها....ماتت ولم تر أمها... وما زارت قريتها بعد ذاك الرحيل..يوم عرسها .



رحمك الله رحمة ً واسعةً ..يا( نفلة) كم أفتقد نصائحك ...نحن نعيش في زمن تكاثرت علينا فيه الفتن فأنت لم تعرفي القراءة ولا الكتابة ,...ولم تقرأي لقاسم أمين..ولا لعلماني هذا العصر... .ولم تتأثري سوى بما كان يقوله لك ِ زوجك ..وبما أوصتك ِ به أمك .

..أما نحن جيل التطور والتحرر.. فنسأل لله العفو والعافية

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


:-)

عبد الله سلطان
14-05-2002, 10:05 PM
اخى اسلام السلام عليك ورحمة الله وبركاته

اخى لله درك .... لله درك ..... لله درك اقسم لقد ادمعت عيينى من هذه

القصه الحزينه و المؤ لمه. هاكذا تكون المرأه والا فلا .

اريد ان اسئل هل هذه القصه واقعيه ام من نسج الخيال. مهما كانت القصه فانها جميله جدا جدا يا راوى المنتدى وشكرا لك.

Islam Lover
15-05-2002, 02:13 PM
بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا أخ عبدالله وجزاك الله خير وبارك فيك

في الحقيقة ليس لدى علم إذا كانت واقعية او من نسج الخيال ولكن إذا كانت واقعية فإني أصدق ذلك لأنه يوجد في هذا الكون نساء مثل نفلة فلا زالة الدنيا بخير ، ولله الحمد والمنة.


:-)