Black_Horse82
20-05-2002, 03:20 AM
التقارب السعودي - الإيراني: دوافعه وأبعاده
من موقع الأسوة الحسنة
http://www.aloswa.org/home1.html
--------------------------------------------------------------------------------
صالح عبد العزيز النجدي - مجلة السنة العدد 87
--------------------------------------------------------------------------------
للحفظ : http://www.aloswa.org/akhbar/takarob01.zip
--------------------------------------------------------------------------------
أصبحت العاصمة الإيرانية طهران منذ انتخاب الرئيس محمد خاتمي في شهر محرم 1418 هـ الموافق لشهر مايو 1997 م مزاراً لكبار المسؤولين السعوديين، فقد زارها الأمير عبد الله ولي العهد وملك البلاد غير المتوج أثناء انعقاد مؤتمر قمة منظمة المؤتمر الإسلامي بطهران في شهر ديسمبر 1997، وهي أول زيارة على هذا المستوى الرفيع بين البلدين منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979، وكان سبق للمملكة أن أوفدت (وزير المصالحات) وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء الدكتور عبد العزيز الخويطر بُعيد انتخاب الرئيس خاتمي حاملاً رسائل من كبار المسؤولين السعوديين إلى كل من الرئيس الجديد والرئيس السابق هاشمي رفسنجاني، وزارها خلال العام الفائت 1998 كل من سعود الفيصل وزير الخارجية ووفد من مجلس الشورى السعودي برئاسة رئيس المجلس الشيخ محمد بن جبير، وفي مايو من هذه السنة 1999 قام الأمير سلطان وزير الدفاع والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء بزيارة رسمية إلى طهران التقى خلالها كبار المسؤولين على رأسهم مرشد الثورة علي خامنئي، وفي كل هذه الزيارات يثني المسؤولون السعوديين على الجانب الإيراني، ويؤكدون على عمق الصداقة بين البلدين، والعزم على توثيق العلاقات على جميع ال أصعدة.
ورد الجانب الإيراني بزيارات مماثلة إلى الرياض، فقام الرئيس السابق رفسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام حالياً بزيارة إلى المملكة في شهر مارس 1998 على رأس وفد كبير جداً، ضم كلاً من كمال خرازي وزير الخارجية، وعبد الله نوري وزير الداخلية، وغيرهم من كبار المسؤولين ورجال الدين استغرقت عدة أيام، جاب خلالها الديار السعودية، في ظل حفاوة سعودية غير مسبوقة، وفي مايو من هذا العام (1999) قام الرئيس محمد خاتمي بجولة عربية شملت كلاً من سورية والسعودية وقطر.
إلى جانب هذه الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات فقد استأنفت الخطوط الجوية في كلا البلدين رحلاتـها إلى البلد الآخر، وأقيم في جدة خلال شهر نوفمبر 1998 معرض للصناعات الإيرانية ضم منتجات أكثر من مائتي شركة ومصنع، وقامت سفن حربية إيرانية في شهر مارس 1999 بزيارة بروتوكولية إلى الموانئ السعودية كرمز للصداقة بين البلدين، وكان أن طرحت إيران - وحتى ترى عمق العاطفة السعودية الجياشة نحوها - فكرة التعاون العسكري بين البلدين خلال زيارة الأمير سلطان لها مؤخراً، إلا أن الأمير استبعد هذه الفكرة حالياً مفضلاً التركيز على جوانب التعاون الأخرى - وهو بطبيعة الحال بحاجة إلى إذن من أمريكا قبل الدخول في نقاش مثل هذه الأمور - وكان سبق لمارتن أنديك مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط أن صرح في شهر مارس الماضي أنه من أجل احتواء إيران فإنه لابد من إيجاد وسائل تمكنها من أن تلعب دوراً بناءً في أمن الخليج.
وقد توجت الرياض هذه العلاقات المحمومة بين البلدين بتعيين سفير لها في طهران من أبناء الطائفة الشيعية الذي كان عضواً في مجلس الشورى السعودي.. فليت شعري هل يكافئ حكام طهران نظراءهم السعوديين على هذا الكرم والهرولة في تطبيع العلاقات فينصبوا سفيراً لهم في الرياض من أهل السنة؟!، أم أن هذا الأمر ليس مندرجاً في دائرة اهتمام القيادة السعودية فضلاً عن أن يطرحوه على طاولة المباحثات.
والبون شاسع بين اهتمامات القيادتين الإيرانية والسعودية، ففي الوقت الذي ينطلق فيه المسؤولون الإيرانيون من دوافع عقدية، فيحرصون أن يضعوا على جدول أعمال زياراتـهم للبلدان المختلفة تفقد أبناء طائفتهم، وتدارس أوضاعهم مع قيادة البلد المضيف، نرى القادة في بلداننا لا يهتمون إلا بمناصبهم وأشخاصهم، فلم تنقل لنا الأخبار أن أحداً من المسؤولين السعوديين الذين زاروا طهران قد أثار موضوع أهل السنة في إيران، وهم الذين يرزحون تحت ويلات الظلم والبطش، ولا يتمتعون بأدنى ما يتمتع به أبناء الطوائف الأخرى من اليهود والبهائيين والمجوس وغيرهم من حقوق، رغم أنـهم يشكلون أكثر من 20% من سكان إيران، ولم يخطر ببال هؤلاء الضيوف الكبار أن يسألوا مضيفيهم أن يدلوهم على مسجد واحد لأهل السنة في طهران التي تعج بكنائس النصارى وأديرة اليهود ومعابد المجوس، نقول ذلك والألم يعتصر قلوبنا ونحن نتابع تطورات الضجة التي أثارها اليهود في إسرائيل وأمريكا وغيرها قبل أيام حين أعلن في طهران عن اعتقال عدد من اليهود الإيرانيين بتهمة التجسس لإسرائيل، وتزداد حسرتنا ونحن نرى رفسنجاني وخاتمي وغيرهم من المسؤولين الإيرانيين يحرصون في زياراتـهم للملكة على الالتقاء بأبنا ء طائفتهم في مناطقهم في الأحساء والقطيف وسيهات وغيرها من تجمعات الرافضة في المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية، ويلتقون بأعيانـهم ومشائخهم ليس في قراهم فحسب؛ بل وفي بلاط حاكم المنطقة، مع أنـهم يتمتعون بكامل حقوقهم تقريباً التي تتمتع بـها الأغلبية الساحقة من أهل السنة.
ولم يكتف رفسنجاني ومرافقوه بزيارة الأحياء من أبناء جلدتـهم حتى أصروا على تفقد الأموات من آل البيت في قبورهم، وهم يطالبون منذ قيام الثورة بالاهتمام بقبور آل البيت في المدينة المنورة وغيرها وعمارتـها وزخرفتها على طريقة أهل البدع والشركيات، وتحت إلحاح رفسنجاني وزمرته فتحت أمامهم مقبرة البقيع ليدخلوها مع نسائهم ويقيموا مناحة هناك يلعنون فيها أجلاء الصحابة وأئمة أهل السنة الذين اغتصبوا - بزعمهم - حقوق آل البيت، الأمر الذي جعل إمام وخطيب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي يتخطى الخطوط الحمراء المرسومة للخطباء والوعاظ في المملكة ويحذر من خطر الرافضة والتعامل معهم، ويكشف زيف عقائدهم الفاسدة ويذكِّر بأوضاع أهل السنة في إيران في خطبة الجمعة التي حضرها رفسنجاني ومرافقوه الإيرانيون والسعوديون، فكانت آخر خطبة خطبها، بل آخر صلاة أم فيها المصلين في المسجد النبوي، ولولا أن الله سلم وأنه كان مرضياً عنه قبل هذا لوجد نفسه مع إخوانه من دعاة ومشائخ أهل السنة خلف القضبان، فهل يُنتظر بعد ذلك ممن يضطهد علماء أهل السنة في بلاده أن يسأل عنهم في بلاد غيره؟!.
لا يمكن فصل هذا التقارب الإيراني مع السعودية عن محاولة تقاربـها مع أمريكا والغرب فهي تعلم أن تحسين علاقاتـها مع جيرانـها في الخليج وخصوصاً مع السعودية ذات الثقل الأكبر والبلد الأهم في المنطقة - من المنظور الأمريكي - هو البوابة إلى مد الجسور مع أمريكا، ولذلك فإيران اختارت أن تتعامل مع الوكيل المحلي للولايات المتحدة الأمريكية، خصوصاً أن التعامل مع هذا الوكيل لا يثير حساسية التيار المحافظ المتشدد في إيران فيما لو اقترب خاتمي وتياره الإصلاحي من أمريكا مباشرة، كما أننا نعتقد جازمين بأن هذا الحماس الشديد من قبل المسؤولين في بعض دول الخليج والسعودية خصوصاً لتوثيق الصلات مع إيران ما كان ليتم لولا أن ضوءاً أخضر صدر لهم من أمريكا رغبة منها في دعم موقف الرئيس خاتمي الذي تدرك أمريكا أنه وإن كان يعد من السياسيين المعتدلين، وينادي بإقامة علاقات اقتصادية وثقافية مع الغرب، ويعمل على زيادة الحريات الشخصية والحد من الرقابة الحكومية على الصحافة؛ إلا أنه باعتباره حجة الإسلام وابن أحد الآيات وأحد الذين شاركوا في الثورة وكان مرضياً عنه أيام الخميني حيث عينه وزيراً للثقافة والتوجيه الإسلامي عام 1982، فهو ابن الثورة ولن يتنكر لها ، إلا أنه بحاجة ماسة إلى هذا الدعم الخارجي، في الوقت الذي يخوض صراعاً مريراً مع تيار المحافظين المتشددين الذين بدورهم يخوضون معارك يومية مع تيار خاتمي والليبراليين المنضوين تحت لوائه، ساحاتـها المحاكم التي هم قضاتـها ومجالس الشورى والبرلمان ووسائل الإعلام التابعة لهم، ولا يزالون يفتعلون الأزمة تلو الأخرى في محاولة لصد - أو على الأقل - لعرقلة رياح التغيير التي هبت على المجتمع الإيراني بمجيء خاتمي إلى الحكم.
وإيران اليوم بحاجة إلى مثل خاتمي في ظل فشل أساليبها القديمة في تصدير الثورة، وإدارة علاقاتـها الإقليمية والدولية، وتجاوز الزمن لمثل تلك الممارسات التي ربما أدت دورها خلال العقدين الماضيين من عمر الثورة، ولابد لإيران أن تظهر بمظهر جديد في عصر العولمة والثورة الإعلامية والمعلوماتية التي تجتاح العالم حالياً على مشارف الألفية الثالثة.
ولا يعني هذا - بطبيعة الحال - أن إيران خاتمي ستتخلى عن الأهداف التي قامت من أجلها ثورة الخميني، وعلى رأسها هدف تصدير الثورة - أي نشر التشيع في العالم الإسلامي، ودعم الأقليات الرافضية في الدول المجاورة وغير المجاورة - ولكن بأساليب جديدة تقوم على الدبلوماسية والحوار والعلاقات الاقتصادية والثقافية، ففي بلاد الشام وخصوصاً في سورية ولبنان تجد باب التشيع مفتوحاً على مصراعيه ومنظمات الرافضة ومؤسساتـهم وهيئاتـهم المدعومة إيرانياً تعمل ليل نـهار، وتحظى بتسهيلات كبيرة من السلطات المحلية هناك، وفي المقابل فإن أهل السنة - أهل البلاد - مستضعفون مشردون، ومؤسساتـهم - إن وجدت - فهي تعيش هاجس الخوف والملاحقة والمراقبة الصارمة، وإن قدر لها أن تبقى بعيداً عن بطش السلطات فهي تعاني من شح الموارد وقلة ذات اليد، خصوصاً بعد انحسار الدعم الذي كانت تتلقاه من الخيرين من أهل السنة في الكويت قبل الغزو العراقي، ومن أهل السنة في السعودية ودول الخليج الأخرى بعدما شددت حكومات هذه الدول - وخصوصاً السعودية - الرقابة على تدفق الأموال الخيرية إلى خارج البلاد تنفيذاً لقانون مكافحة الإرهاب والتطرف وتجفيف المنابع الذي سنته المخابرات الأمريكية، وينف ذ عن طريق أدواتـها: وزارات الداخلية في الدول العربية.
وفي دول الخليج صدرت التوجيهات للأقليات الشيعية أن تتعايش مع السلطات وأن تأخذ عن طريق الحوار والديبلوماسية ما عجزت عن إدراكه بالقوة والعنف طيلة عقدين من الزمن، ففي البحرين التي عاشت أحداثاً أشبه بأجواء الحرب منذ ثلاث سنوات بين السلطات والطائفة الشيعية واتـهمت القيادة البحرينية إيران صراحة بأنـها المحرك الفعلي لأحداث الشغب؛ يبدو أن الأمور اتجهت نحو الهدوء والمصالحة، وهاهي البحرين اليوم توثق علاقاتـها مع إيران، وتؤكد على عمق الروابط بين البلدين. وفي الكويت التي تخوض حمى الانتخابات لمجلس الأمة يتجه المرشحون الرافضة إلى الوقوف في صف الحكومة ضد الإسلاميين السنة، وقد كانوا يحملون لواء النقد لممارسات الدولة طوال الأعوام السابقة. وفي السعودية يحظى أبناء الطائفة الشيعية اليوم بحقوق كانت مجرد أحلام لهم في الماضي، في الجامعات والوزارات والمؤسسات الثقافية والإعلامية والتعليمية، ليس في مناطقهم فحسب بل وفي مناطق أهل السنة الخالصة التي لم يكن يجرؤ الرافضة على المرور فيها من قبل، فضلاً عن الإقامة بين ظهراني السنة والعمل معهم، ومحاولة نشر التشيع بين أبنائهم بطرق سرية خبيثة، ويلتف مشائخهم وأعيانـهم حول أمير المنطقة الشرقية من البلاد - ابن الملك - ويظهرون معه في مناسبات واستقبالات ويجالسونه في مجالسه الخاصة.
ويقوم سفير إيران في الرياض محمد رضا نوري بدور فعال في خدمة أبناء طائفته، وهو السفير المثقف النشيط الذي لا يكاد يتوقف عن زيارات واستقبالات كبار المسؤولين في الوزارات والمؤسسات الحكومية، وعقد الحوارات مع المثقفين والإعلاميين، وإقامة المعارض والمناسبات الثقافية وغيرها.. هذه حال سفراء إيران في بلادنا وفي كل البلاد الأخرى، بل وحال سفراء إسرائيل وكل دولة ذات رسالة وهدف، وتلك اهتمامات رؤسائهم وكبار مسؤوليهم في أي بلد يزورونه.
أما حكامنا وكبار رجالاتنا فلا ينظرون - في الغالب - أبعد من أشخاصهم، وأما سفراء بلداننا فلديهم اهتمامات أخرى، فهم بين شخص تافه همه تحقيق شهواته، ولا تسمع عن إنجازاته إلا إذا قدر لك أن تشتري مجلة عربية مهاجرة من ذوات الأغلفة الجذابة، تقلب صفحاتـها الأخيرة لتشاهد السفير المحظوظ مشغولاً بإقامة الحفلات وحضور المناسبات التي تجمع العاملين والعاملات في السلك الدبلوماسي ولفيفاً من حسناوات الوسط الفني والأدبي في ذلك البلد!، وآخر كل همه ملاحقة المعارضين من أبناء بلده - الذين فروا من بطش أسياده - وتأليب الدولة المضيفة عليهم، ويكون أعظم إنجازاته كسفير ناجح أن يستطيع إقناع هذه الدولة بتسليمهم إلى بلده ليقفوا أمام وجه العدالة التي فروا منها!!، وإن وجدت صنفاً ثالثاً فلن تجد بينهم من وضع من أهدافه نصرة المسلمين وأهل السنة في البلاد التي هو فيها، ومتابعة قضاياهم، وعيش همومهم، إلا ما يلزم في بعض الأحيان لأغراض إعلامية ودعائية ليس إلا.. فإلى الله المشتكى.
التقارب الإيراني مع السعودية لا يمكن فصله أيضاً عن المؤامرات والخطط التي تدبر للعراق، فأمريكا مشغولة هذه الأيام بدعم المعارضة العراقية والتحضير لعراق ما بعد صدام، وكثير من أحزاب المعارضة ورموزها من الرافضة، ولا يمكن تجاهل دور إيران في التأثير على هؤلاء وتوجيههم، ولذلك فأمريكا بحاجة إلى مساعدات إيران في ترتيب البيت العراقي، ولحساسية العلاقات بين البلدين، وخلفياتـها التاريخية فالبوابة بينهما هم حكام السعودية والكويت وغيرهم من دول الخليج الذين ربما انساقوا في خضم كرههم لصدام ونظامه مع هذه الخطط الأمريكية الرافضية الخبيثة دون وعي أو تقدير لخطورة ما يعنيه وجود "عراق رافضية" بين ظهرانيهم، خصوصاً أنـهم جهلة لا يقرؤون التاريخ، ولا يفهمون من السياسة إلا ما يحفظ عروشهم، ولا يقيمون وزناً لتحذيرات العارفين ببواطن الأمور، في وقت يمثل الرافضة في إيران والعراق آياتـهم وعلماؤهم الذين يجري في عروقهم كره أهل السنة، ويحدوهم أمل إعادة دويلاتـهم الطائفية في بلاد المسلمين، كما يصنع السياسة الغربية والأمريكية كبار دهاقنة السياسة وأساطين مراكز الدراسات السياسة والاستراتيجية، وخريجوا أعرق الجامعات والمراكز الاستشراقية، وأكثرهم م ن اليهود الذين تـهمهم مصلحة إسرائيل، ويعملون على تمزيق العالم العربي والإسلامي، والعلاقات بين الروافض واليهود ليست وليدة اليوم على كل حال.
ولقد أثار هذا التقارب المتسارع بين إيران والسعودية حفيظة دولة الإمارات العربية المتحدة حكومة وشعباً - وحق لهم ذلك - فقاطع الشيخ زايد آل نـهيان لأول مرة القمة التشاورية لدول الخليج التي عقدت في جدة في شهر مايو الماضي، مع أن بلاده ترأس الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، وقد ثار لغط في القمة حول هرولة بعض دول الخليج وخصوصاً السعودية نحو إيران رغم أنـها تحتل أراض عربية خليجية - الجزر الإماراتية الثلاث - وترفض المفاوضات بشأنـها أو التحكيم، وانتهت أعمال القمة دون بيان ختامي، وتصاعدت بعدها لغة العتب الإماراتي حتى وصلت إلى الاتـهامات والاتـهامات المضادة بين المسؤولين في كل من أبو ظبي والرياض على صفحات الصحف ووسائل الإعلام، ولم يفلح الاجتماع الوزاري الذي عقد في الرياض في منتصف شهر يونيو في نزع فتيل التوتر بين البلدين بل زاد من حدة الخلاف وانتهى إلى الفشل كسابقه دون بيان ختامي.. مما أثار تكهنات بأن تلجأ دولة الإمارات إلى تجميد عضويتها في مجلس التعاون الخليجي الذي ترى أن بعض دوله قد وضعت علامات استفهام كبرى حول أولوياتـها: هل تبقي علاقاتـها الحسنة مع شقيقاتـها في الاتحاد الخليجي أم تتقارب مع إيران غير مكترثة بابتلا عها الجزر (العربية) كما ابتلعت منطقة (عربستان) من قبل؟! مجلة السنة (87)
العدد السابع والثمانون
ربيع الأول 1420 هـ ، تموز (يوليو) 1999 م
--------------------------------------------------------------------------------
من موقع الأسوة الحسنة
http://www.aloswa.org/home1.html
--------------------------------------------------------------------------------
صالح عبد العزيز النجدي - مجلة السنة العدد 87
--------------------------------------------------------------------------------
للحفظ : http://www.aloswa.org/akhbar/takarob01.zip
--------------------------------------------------------------------------------
أصبحت العاصمة الإيرانية طهران منذ انتخاب الرئيس محمد خاتمي في شهر محرم 1418 هـ الموافق لشهر مايو 1997 م مزاراً لكبار المسؤولين السعوديين، فقد زارها الأمير عبد الله ولي العهد وملك البلاد غير المتوج أثناء انعقاد مؤتمر قمة منظمة المؤتمر الإسلامي بطهران في شهر ديسمبر 1997، وهي أول زيارة على هذا المستوى الرفيع بين البلدين منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979، وكان سبق للمملكة أن أوفدت (وزير المصالحات) وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء الدكتور عبد العزيز الخويطر بُعيد انتخاب الرئيس خاتمي حاملاً رسائل من كبار المسؤولين السعوديين إلى كل من الرئيس الجديد والرئيس السابق هاشمي رفسنجاني، وزارها خلال العام الفائت 1998 كل من سعود الفيصل وزير الخارجية ووفد من مجلس الشورى السعودي برئاسة رئيس المجلس الشيخ محمد بن جبير، وفي مايو من هذه السنة 1999 قام الأمير سلطان وزير الدفاع والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء بزيارة رسمية إلى طهران التقى خلالها كبار المسؤولين على رأسهم مرشد الثورة علي خامنئي، وفي كل هذه الزيارات يثني المسؤولون السعوديين على الجانب الإيراني، ويؤكدون على عمق الصداقة بين البلدين، والعزم على توثيق العلاقات على جميع ال أصعدة.
ورد الجانب الإيراني بزيارات مماثلة إلى الرياض، فقام الرئيس السابق رفسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام حالياً بزيارة إلى المملكة في شهر مارس 1998 على رأس وفد كبير جداً، ضم كلاً من كمال خرازي وزير الخارجية، وعبد الله نوري وزير الداخلية، وغيرهم من كبار المسؤولين ورجال الدين استغرقت عدة أيام، جاب خلالها الديار السعودية، في ظل حفاوة سعودية غير مسبوقة، وفي مايو من هذا العام (1999) قام الرئيس محمد خاتمي بجولة عربية شملت كلاً من سورية والسعودية وقطر.
إلى جانب هذه الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات فقد استأنفت الخطوط الجوية في كلا البلدين رحلاتـها إلى البلد الآخر، وأقيم في جدة خلال شهر نوفمبر 1998 معرض للصناعات الإيرانية ضم منتجات أكثر من مائتي شركة ومصنع، وقامت سفن حربية إيرانية في شهر مارس 1999 بزيارة بروتوكولية إلى الموانئ السعودية كرمز للصداقة بين البلدين، وكان أن طرحت إيران - وحتى ترى عمق العاطفة السعودية الجياشة نحوها - فكرة التعاون العسكري بين البلدين خلال زيارة الأمير سلطان لها مؤخراً، إلا أن الأمير استبعد هذه الفكرة حالياً مفضلاً التركيز على جوانب التعاون الأخرى - وهو بطبيعة الحال بحاجة إلى إذن من أمريكا قبل الدخول في نقاش مثل هذه الأمور - وكان سبق لمارتن أنديك مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط أن صرح في شهر مارس الماضي أنه من أجل احتواء إيران فإنه لابد من إيجاد وسائل تمكنها من أن تلعب دوراً بناءً في أمن الخليج.
وقد توجت الرياض هذه العلاقات المحمومة بين البلدين بتعيين سفير لها في طهران من أبناء الطائفة الشيعية الذي كان عضواً في مجلس الشورى السعودي.. فليت شعري هل يكافئ حكام طهران نظراءهم السعوديين على هذا الكرم والهرولة في تطبيع العلاقات فينصبوا سفيراً لهم في الرياض من أهل السنة؟!، أم أن هذا الأمر ليس مندرجاً في دائرة اهتمام القيادة السعودية فضلاً عن أن يطرحوه على طاولة المباحثات.
والبون شاسع بين اهتمامات القيادتين الإيرانية والسعودية، ففي الوقت الذي ينطلق فيه المسؤولون الإيرانيون من دوافع عقدية، فيحرصون أن يضعوا على جدول أعمال زياراتـهم للبلدان المختلفة تفقد أبناء طائفتهم، وتدارس أوضاعهم مع قيادة البلد المضيف، نرى القادة في بلداننا لا يهتمون إلا بمناصبهم وأشخاصهم، فلم تنقل لنا الأخبار أن أحداً من المسؤولين السعوديين الذين زاروا طهران قد أثار موضوع أهل السنة في إيران، وهم الذين يرزحون تحت ويلات الظلم والبطش، ولا يتمتعون بأدنى ما يتمتع به أبناء الطوائف الأخرى من اليهود والبهائيين والمجوس وغيرهم من حقوق، رغم أنـهم يشكلون أكثر من 20% من سكان إيران، ولم يخطر ببال هؤلاء الضيوف الكبار أن يسألوا مضيفيهم أن يدلوهم على مسجد واحد لأهل السنة في طهران التي تعج بكنائس النصارى وأديرة اليهود ومعابد المجوس، نقول ذلك والألم يعتصر قلوبنا ونحن نتابع تطورات الضجة التي أثارها اليهود في إسرائيل وأمريكا وغيرها قبل أيام حين أعلن في طهران عن اعتقال عدد من اليهود الإيرانيين بتهمة التجسس لإسرائيل، وتزداد حسرتنا ونحن نرى رفسنجاني وخاتمي وغيرهم من المسؤولين الإيرانيين يحرصون في زياراتـهم للملكة على الالتقاء بأبنا ء طائفتهم في مناطقهم في الأحساء والقطيف وسيهات وغيرها من تجمعات الرافضة في المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية، ويلتقون بأعيانـهم ومشائخهم ليس في قراهم فحسب؛ بل وفي بلاط حاكم المنطقة، مع أنـهم يتمتعون بكامل حقوقهم تقريباً التي تتمتع بـها الأغلبية الساحقة من أهل السنة.
ولم يكتف رفسنجاني ومرافقوه بزيارة الأحياء من أبناء جلدتـهم حتى أصروا على تفقد الأموات من آل البيت في قبورهم، وهم يطالبون منذ قيام الثورة بالاهتمام بقبور آل البيت في المدينة المنورة وغيرها وعمارتـها وزخرفتها على طريقة أهل البدع والشركيات، وتحت إلحاح رفسنجاني وزمرته فتحت أمامهم مقبرة البقيع ليدخلوها مع نسائهم ويقيموا مناحة هناك يلعنون فيها أجلاء الصحابة وأئمة أهل السنة الذين اغتصبوا - بزعمهم - حقوق آل البيت، الأمر الذي جعل إمام وخطيب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي يتخطى الخطوط الحمراء المرسومة للخطباء والوعاظ في المملكة ويحذر من خطر الرافضة والتعامل معهم، ويكشف زيف عقائدهم الفاسدة ويذكِّر بأوضاع أهل السنة في إيران في خطبة الجمعة التي حضرها رفسنجاني ومرافقوه الإيرانيون والسعوديون، فكانت آخر خطبة خطبها، بل آخر صلاة أم فيها المصلين في المسجد النبوي، ولولا أن الله سلم وأنه كان مرضياً عنه قبل هذا لوجد نفسه مع إخوانه من دعاة ومشائخ أهل السنة خلف القضبان، فهل يُنتظر بعد ذلك ممن يضطهد علماء أهل السنة في بلاده أن يسأل عنهم في بلاد غيره؟!.
لا يمكن فصل هذا التقارب الإيراني مع السعودية عن محاولة تقاربـها مع أمريكا والغرب فهي تعلم أن تحسين علاقاتـها مع جيرانـها في الخليج وخصوصاً مع السعودية ذات الثقل الأكبر والبلد الأهم في المنطقة - من المنظور الأمريكي - هو البوابة إلى مد الجسور مع أمريكا، ولذلك فإيران اختارت أن تتعامل مع الوكيل المحلي للولايات المتحدة الأمريكية، خصوصاً أن التعامل مع هذا الوكيل لا يثير حساسية التيار المحافظ المتشدد في إيران فيما لو اقترب خاتمي وتياره الإصلاحي من أمريكا مباشرة، كما أننا نعتقد جازمين بأن هذا الحماس الشديد من قبل المسؤولين في بعض دول الخليج والسعودية خصوصاً لتوثيق الصلات مع إيران ما كان ليتم لولا أن ضوءاً أخضر صدر لهم من أمريكا رغبة منها في دعم موقف الرئيس خاتمي الذي تدرك أمريكا أنه وإن كان يعد من السياسيين المعتدلين، وينادي بإقامة علاقات اقتصادية وثقافية مع الغرب، ويعمل على زيادة الحريات الشخصية والحد من الرقابة الحكومية على الصحافة؛ إلا أنه باعتباره حجة الإسلام وابن أحد الآيات وأحد الذين شاركوا في الثورة وكان مرضياً عنه أيام الخميني حيث عينه وزيراً للثقافة والتوجيه الإسلامي عام 1982، فهو ابن الثورة ولن يتنكر لها ، إلا أنه بحاجة ماسة إلى هذا الدعم الخارجي، في الوقت الذي يخوض صراعاً مريراً مع تيار المحافظين المتشددين الذين بدورهم يخوضون معارك يومية مع تيار خاتمي والليبراليين المنضوين تحت لوائه، ساحاتـها المحاكم التي هم قضاتـها ومجالس الشورى والبرلمان ووسائل الإعلام التابعة لهم، ولا يزالون يفتعلون الأزمة تلو الأخرى في محاولة لصد - أو على الأقل - لعرقلة رياح التغيير التي هبت على المجتمع الإيراني بمجيء خاتمي إلى الحكم.
وإيران اليوم بحاجة إلى مثل خاتمي في ظل فشل أساليبها القديمة في تصدير الثورة، وإدارة علاقاتـها الإقليمية والدولية، وتجاوز الزمن لمثل تلك الممارسات التي ربما أدت دورها خلال العقدين الماضيين من عمر الثورة، ولابد لإيران أن تظهر بمظهر جديد في عصر العولمة والثورة الإعلامية والمعلوماتية التي تجتاح العالم حالياً على مشارف الألفية الثالثة.
ولا يعني هذا - بطبيعة الحال - أن إيران خاتمي ستتخلى عن الأهداف التي قامت من أجلها ثورة الخميني، وعلى رأسها هدف تصدير الثورة - أي نشر التشيع في العالم الإسلامي، ودعم الأقليات الرافضية في الدول المجاورة وغير المجاورة - ولكن بأساليب جديدة تقوم على الدبلوماسية والحوار والعلاقات الاقتصادية والثقافية، ففي بلاد الشام وخصوصاً في سورية ولبنان تجد باب التشيع مفتوحاً على مصراعيه ومنظمات الرافضة ومؤسساتـهم وهيئاتـهم المدعومة إيرانياً تعمل ليل نـهار، وتحظى بتسهيلات كبيرة من السلطات المحلية هناك، وفي المقابل فإن أهل السنة - أهل البلاد - مستضعفون مشردون، ومؤسساتـهم - إن وجدت - فهي تعيش هاجس الخوف والملاحقة والمراقبة الصارمة، وإن قدر لها أن تبقى بعيداً عن بطش السلطات فهي تعاني من شح الموارد وقلة ذات اليد، خصوصاً بعد انحسار الدعم الذي كانت تتلقاه من الخيرين من أهل السنة في الكويت قبل الغزو العراقي، ومن أهل السنة في السعودية ودول الخليج الأخرى بعدما شددت حكومات هذه الدول - وخصوصاً السعودية - الرقابة على تدفق الأموال الخيرية إلى خارج البلاد تنفيذاً لقانون مكافحة الإرهاب والتطرف وتجفيف المنابع الذي سنته المخابرات الأمريكية، وينف ذ عن طريق أدواتـها: وزارات الداخلية في الدول العربية.
وفي دول الخليج صدرت التوجيهات للأقليات الشيعية أن تتعايش مع السلطات وأن تأخذ عن طريق الحوار والديبلوماسية ما عجزت عن إدراكه بالقوة والعنف طيلة عقدين من الزمن، ففي البحرين التي عاشت أحداثاً أشبه بأجواء الحرب منذ ثلاث سنوات بين السلطات والطائفة الشيعية واتـهمت القيادة البحرينية إيران صراحة بأنـها المحرك الفعلي لأحداث الشغب؛ يبدو أن الأمور اتجهت نحو الهدوء والمصالحة، وهاهي البحرين اليوم توثق علاقاتـها مع إيران، وتؤكد على عمق الروابط بين البلدين. وفي الكويت التي تخوض حمى الانتخابات لمجلس الأمة يتجه المرشحون الرافضة إلى الوقوف في صف الحكومة ضد الإسلاميين السنة، وقد كانوا يحملون لواء النقد لممارسات الدولة طوال الأعوام السابقة. وفي السعودية يحظى أبناء الطائفة الشيعية اليوم بحقوق كانت مجرد أحلام لهم في الماضي، في الجامعات والوزارات والمؤسسات الثقافية والإعلامية والتعليمية، ليس في مناطقهم فحسب بل وفي مناطق أهل السنة الخالصة التي لم يكن يجرؤ الرافضة على المرور فيها من قبل، فضلاً عن الإقامة بين ظهراني السنة والعمل معهم، ومحاولة نشر التشيع بين أبنائهم بطرق سرية خبيثة، ويلتف مشائخهم وأعيانـهم حول أمير المنطقة الشرقية من البلاد - ابن الملك - ويظهرون معه في مناسبات واستقبالات ويجالسونه في مجالسه الخاصة.
ويقوم سفير إيران في الرياض محمد رضا نوري بدور فعال في خدمة أبناء طائفته، وهو السفير المثقف النشيط الذي لا يكاد يتوقف عن زيارات واستقبالات كبار المسؤولين في الوزارات والمؤسسات الحكومية، وعقد الحوارات مع المثقفين والإعلاميين، وإقامة المعارض والمناسبات الثقافية وغيرها.. هذه حال سفراء إيران في بلادنا وفي كل البلاد الأخرى، بل وحال سفراء إسرائيل وكل دولة ذات رسالة وهدف، وتلك اهتمامات رؤسائهم وكبار مسؤوليهم في أي بلد يزورونه.
أما حكامنا وكبار رجالاتنا فلا ينظرون - في الغالب - أبعد من أشخاصهم، وأما سفراء بلداننا فلديهم اهتمامات أخرى، فهم بين شخص تافه همه تحقيق شهواته، ولا تسمع عن إنجازاته إلا إذا قدر لك أن تشتري مجلة عربية مهاجرة من ذوات الأغلفة الجذابة، تقلب صفحاتـها الأخيرة لتشاهد السفير المحظوظ مشغولاً بإقامة الحفلات وحضور المناسبات التي تجمع العاملين والعاملات في السلك الدبلوماسي ولفيفاً من حسناوات الوسط الفني والأدبي في ذلك البلد!، وآخر كل همه ملاحقة المعارضين من أبناء بلده - الذين فروا من بطش أسياده - وتأليب الدولة المضيفة عليهم، ويكون أعظم إنجازاته كسفير ناجح أن يستطيع إقناع هذه الدولة بتسليمهم إلى بلده ليقفوا أمام وجه العدالة التي فروا منها!!، وإن وجدت صنفاً ثالثاً فلن تجد بينهم من وضع من أهدافه نصرة المسلمين وأهل السنة في البلاد التي هو فيها، ومتابعة قضاياهم، وعيش همومهم، إلا ما يلزم في بعض الأحيان لأغراض إعلامية ودعائية ليس إلا.. فإلى الله المشتكى.
التقارب الإيراني مع السعودية لا يمكن فصله أيضاً عن المؤامرات والخطط التي تدبر للعراق، فأمريكا مشغولة هذه الأيام بدعم المعارضة العراقية والتحضير لعراق ما بعد صدام، وكثير من أحزاب المعارضة ورموزها من الرافضة، ولا يمكن تجاهل دور إيران في التأثير على هؤلاء وتوجيههم، ولذلك فأمريكا بحاجة إلى مساعدات إيران في ترتيب البيت العراقي، ولحساسية العلاقات بين البلدين، وخلفياتـها التاريخية فالبوابة بينهما هم حكام السعودية والكويت وغيرهم من دول الخليج الذين ربما انساقوا في خضم كرههم لصدام ونظامه مع هذه الخطط الأمريكية الرافضية الخبيثة دون وعي أو تقدير لخطورة ما يعنيه وجود "عراق رافضية" بين ظهرانيهم، خصوصاً أنـهم جهلة لا يقرؤون التاريخ، ولا يفهمون من السياسة إلا ما يحفظ عروشهم، ولا يقيمون وزناً لتحذيرات العارفين ببواطن الأمور، في وقت يمثل الرافضة في إيران والعراق آياتـهم وعلماؤهم الذين يجري في عروقهم كره أهل السنة، ويحدوهم أمل إعادة دويلاتـهم الطائفية في بلاد المسلمين، كما يصنع السياسة الغربية والأمريكية كبار دهاقنة السياسة وأساطين مراكز الدراسات السياسة والاستراتيجية، وخريجوا أعرق الجامعات والمراكز الاستشراقية، وأكثرهم م ن اليهود الذين تـهمهم مصلحة إسرائيل، ويعملون على تمزيق العالم العربي والإسلامي، والعلاقات بين الروافض واليهود ليست وليدة اليوم على كل حال.
ولقد أثار هذا التقارب المتسارع بين إيران والسعودية حفيظة دولة الإمارات العربية المتحدة حكومة وشعباً - وحق لهم ذلك - فقاطع الشيخ زايد آل نـهيان لأول مرة القمة التشاورية لدول الخليج التي عقدت في جدة في شهر مايو الماضي، مع أن بلاده ترأس الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، وقد ثار لغط في القمة حول هرولة بعض دول الخليج وخصوصاً السعودية نحو إيران رغم أنـها تحتل أراض عربية خليجية - الجزر الإماراتية الثلاث - وترفض المفاوضات بشأنـها أو التحكيم، وانتهت أعمال القمة دون بيان ختامي، وتصاعدت بعدها لغة العتب الإماراتي حتى وصلت إلى الاتـهامات والاتـهامات المضادة بين المسؤولين في كل من أبو ظبي والرياض على صفحات الصحف ووسائل الإعلام، ولم يفلح الاجتماع الوزاري الذي عقد في الرياض في منتصف شهر يونيو في نزع فتيل التوتر بين البلدين بل زاد من حدة الخلاف وانتهى إلى الفشل كسابقه دون بيان ختامي.. مما أثار تكهنات بأن تلجأ دولة الإمارات إلى تجميد عضويتها في مجلس التعاون الخليجي الذي ترى أن بعض دوله قد وضعت علامات استفهام كبرى حول أولوياتـها: هل تبقي علاقاتـها الحسنة مع شقيقاتـها في الاتحاد الخليجي أم تتقارب مع إيران غير مكترثة بابتلا عها الجزر (العربية) كما ابتلعت منطقة (عربستان) من قبل؟! مجلة السنة (87)
العدد السابع والثمانون
ربيع الأول 1420 هـ ، تموز (يوليو) 1999 م
--------------------------------------------------------------------------------