المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية عودة العمليات الاستشهادية



MandN
24-05-2002, 04:06 PM
عبد الباري عطوان:

واصلت الطائرات الاسرائيلية العمودية اغتيال النشطاء الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما تتزاحم الحكومات العربية علي ادانة العمليات الاستشهادية والتنديد بالعنف، والمطالبة باصلاح السلطة الوطنية الفلسطينية.
الحكومات العربية، ومن بينها السلطة الوطنية الفلسطينية، نسيت مجزرة جنين، وجرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية في حق ابناء المخيم، ولم نعد نسمع كلمة واحدة عن لجنة الامم المتحدة التي تشكلت بقرار من مجلس الامن الدولي للتحقيق في هذه الجرائم، حتي بات من المنطقي المطالبة بلجنة تحقيق عربية لكشف اسباب هذا الصمت المريب، ودوافعه.
العمليات الاستشهادية لم تتوقف، ولا يبدو انها ستتوقف في المستقبل القريب، رغم الضغوط العربية المتعاظمة في هذا الاتجاه، ولان هناك شبه اجماع في اوساط الفصائل الفلسطينية، علمانية او اسلامية، علي منع ارييل شارون وحكومته اليمينية المتطرفة من جني ثمار جرائم الاجتياح الاخيرة، مهما كان الثمن.
شارون يفاخر بانه نجح في القضاء علي البنية التحتية للارهاب، ولكن العمليات الاستشهادية الاخيرة في نتانيا شمال تل ابيب، وريشون ليتسيون جنوبها اكدت ان تحقيق هذا الحلم ما زال بعيدا للغاية.
ومن المؤكد ان اقدام القوات الاسرائيلية علي اغتيال قائد كتائب شهداء الاقصي في نابلس ومساعديه لن تمر دون رد انتقامي قوي، لان الكتائب لا تسكت عن ضيم، واثبتت التجارب ان عملياتها الانتقامية تأتي فورية، وتلحق خسائر كبيرة في الطرف الاسرائيلي.
لقد بات واضحا ان الاجراءات الامنية الخانقة والاستفزازية التي يفرضها الجيش الاسرائيلي لم تنجح في منع الاستشهاديين، كما ان اعتقال اربعة آلاف شخص، وقتل المئات لم يمنع ظهور قيادات ميدانية جديدة قادرة علي مواصلة المقاومة بطريقة اكثر فاعلية.
ومن المفارقة ان شعبية شارون في تصاعد مستمر في اوساط الاسرائيليين رغــــم اخفــــاقاته الواضحة في تحقيق الامن والسلام لهم عبر سياسات الاجتياح والقتل والتدمير، بينما تنخفض شعبية الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بسرعة قياسية لوصفه العمليات الفدائية بالارهاب، وقبوله صفقة انهاء حصار كنيسة المهد المهينة.
الرئيس الفلسطيني مطالب حاليا باجراء اصلاحات وفق المعايير الامريكية والاسرائيلية، لعله يحظي برضاء الرئيس الامريكي جورج بوش، الذي لم يتورع عن تكرار القول اكثر من مرة ان الرئيس عرفات لم يحظ باحترامه قط لانه تخلي عن شعبه.. فدور القائد هو القيادة .
مفهوم الاحترام الذي يتحدث عنه الرئيس بوش هو تحويل الشعب الفلسطيني الي قطيع من الاغنام تتعيش علي فتات المستوطنات والمستوطنين الاسرائيليين، وتقذف القوات الاسرائيلية بالورود كلما اقدمت علي عمل استفزازي او قتلت مواطناً فلسطينياً.
ومن علامات القيامة ان دولا عربية تضغط من اجل الاصلاحات داخل السلطة، ودمج اجهزتهـــا، واعتـــــماد الشــفافية والمحاسبة، وهي الاكثر في العالم فسادا، وهدرا للمال العام من خلال مافيات محترفة تعشش في اركان السلطة، وتحظي بحمايتها.
نعم السلطة الفلسطينية فاسدة، ولكن لا نريد اصلاحها وفقا للمقاييس العربية او الاسرائيلية، او الاثنين معا، وانما وفقا لمعايير الشعوب العربية، والشعب الفلسطيني خاصة.
الشعب الفلسطيني يستحق فعلا سلطة افضل من هذه، ومجلساً تشريعياً افضل من مجلسه الحالي الذي بات بدون اظافر او انياب، ولا يزيد دوره عن ديكور بشع، ومثال صارخ للفساد والمحسوبية والسكوت عن المظالم والتجاوزات.
الغالبية الساحقة من وزراء السلطة ومسؤوليها وقيادات اجهزتها الامنية لا يصلحون للمرحلة المقبلة، او اي مرحلة اخري، لان معظمهم تحت الشبهات، وعزلهم من مناصبهم لا يكفي، وانما يجب تقديمهم الي المحاكمة بعد كشف جميع مصادر ثرواتهم، وكيفية تكوينها.
قادة اجهزة الامن الذين تفننوا في تعذيب الشرفاء بعد اعتقالهم، لماذا صمتوا علي ظاهرة العملاء حتي استفحلت، وباتت الاداة الاقوي في يد الجيش الاسرائيلي واجهزته الامنية لقمع الانتفاضة واغتيال قياداتها.
كنا نتمني لو ان الرئيس الفلسطيني اجري محاكمة عسكرية لبعض قيادات اجهزته الامنية المتهمين بالخيانة والتعامل مع العدو، بالسرعة التي شكل فيها محكمته العسكرية، داخل مقره واثناء حصاره، لاصدار احكام بهلوانية مخجلة في حق عناصر الجبهة الشعبية المتهمين باغتيال رحبعام زئيفي وزير الصحة الاسرائيلي السابق.
نريد من الرئيس الفلسطيني الذي يطالب بالاصلاح، ان لا يغير فرسانه فقط، وانما ان يقدمهم الي لجان تحقيق لتسألهم عن مصادر فيلاتهم الضخمة، وثرواتهم الهائلة، ورواتب بعضهم لا تتعدي مئات الدولارات شهريا.
الاصلاح ليس بتغيير هذا الوزير او ذاك، او تقليص عدد اعضاء الحكومة، وانما هو في بدء صفحة جديدة نظيفة تليق بالشعب الفلسطيني وتضحياته وبطولاته. اما اي اصلاح آخر يعيد صياغة القمع وفق ادوات ومفاهيم امريكية واسرائيلية، فهو اصلاح مرفوض، ولن يعجل بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة بل سيؤخرها وينقل المعركة الي صفوف الشعب الفلسطيني.
www.alquds.co.uk (http://www.alquds.co.uk/display.asp?fname=/alquds/articles/data/2002/05/05-24/g29.htm)