المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دمعة على حب النبي صلى الله عليه وسلم



happy aid
24-05-2002, 11:31 PM
نظرات متأملة للواقع في حب النبي صلى الله عليه وسلم

( قلب عينينك في الملكوت ترَ الجمال بديعاً ، وافتح قلبك لأسرار هذا الجمال ترَ الحياة ربيعاً ، وخض في معترك الحياة تكن لك الحياة جميعاً ، واجمعْ لي قلبك أجمعْ لك عقلي ، وامنحني يدك فإني لأرجو أن أمنح لك حياةً هادئة سعيدة بإذن الله ، وافتح صدرك أملؤه دفئاً ومحبة وصدقاً . كن معي لأكون لك وكما تحب .
واعطني دمعي تحيي بها قلبك ، وتسلي بها نفسك ، فدموعنا مداد للفكر ، وعبراتنا ثبات على المبدأ ، وبكاؤنا دوام على النهج والمنهج ، قلوبنا أهديناها بالحب إلى غير محب ففقدنا أعز ما نملك ، وإذا بنا نتحسس أماكنها وقد توهمنا وجودها ، إننا بحاجة إلى أن نحب ولكن لا نغلو ، ونهوى ولكن لا نفرط ، ونعشق ولكن بتعفف .
وإني أحمل راية بيضاء لبيض القلوب أن تتوجه بالحب إلى أصدق الحب وأبقاه ، وأبقى البر وأوفاه إلى .....
أشواقنا نحو الحجاز تطلعت .. كحنين مغترب إلى الأوطان
إن الطيور وإن قصصت جناحها تسمو بهمتها إلى الطيران
لن أقول : " كانت الحياة قبل البعثة ظلاماً " ؛ إذ لا يجهل ذلك أحد ، ولن أقول : " كان الظلم ، ولم يكن غيره " ؛ إذ لا أحد يشك في ذلك ، ولن أقول : " كان الحق للقوة " ، و " كا نت الحياة للرجل لا للمرأة" ؛ إذ الناس أجمعوا على ذلك ، ولكني أقول : مع البعثة ولُدت الحياة ، وارتوى الناس بعد الظمأ :
لما أطل محمدٌ زكت الربى واخضر في البستان كل هشيم
وكان من المبشرات بميلاد الحياة ما صادف المولد النبوي من إهلاك أصحاب الفيل ؛ فإنه بشرى بإهلاك الطاغوت والطغاة .
ومما كان مطمئناً له صلى الله عليه وسلم قبل نزول الوحي الرؤيا الصادقة ؛ فكان لا يرى رؤياً إلا جاءت مثل فلق الصبح .
ومع بشريته صلى الله عليه وسلم وإعلانه بإعلان القرآن لذلك ، إلا أنه ذكر من المعجزات والآيات ما كان آية على علو منزلته ، ورفيع قدره ؛ فقد حدث صلى الله عليه وسلم: أن حجراً كان يُسلم عليه قبل النبوة . فلله ما أعظم هذا القائد ، وما أصدقه ؛ فما عرفت مكة أميناً كأمانته صلى الله عليه وسلم، فلما أظهره الله بالحق الذي معه لم يكن عندهم ظاهراً كذلك .
ولعلي أقف عند هذا الحد وأدخل فيما أردت من موضوع الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن الحب أسمى العلاقات ، ولعله أرقها ، وإنما يبعث على كتابة مثل هذا الموضوع قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: أنت مع من أحببت" ، وأي سعادة تقارب تلك السعادة في الحب ؟ وأي نجاح في النهاية يوازي ذلك الحب ؟ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وإنما ينفع العبد الحب لله لما يحبه الله من خلقه كالأنبياء والصالحين ؛ لكون حبهم يقرب إلى الله ومحبته ، وهؤلاء هم الذين يستحقون محبة الله لهم" .
واسمح لي أن انتقل وإياك إلى جيل تعيش معهم الأمن والسكينة بعد أن ذقت من الدنيا خوفاً وهلعاً ، ودعني أستل من قلبك خيطاً أبيض نلتمس به الصلة بيننا وبينهم ، وأعرني دمعة تخفف بها الهوة بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيره .
كان أيوب السختياني إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، بكى حتى أرحمه ، فلما رأيت منه ما رأيت ، وإجلاله للنبي صلى الله عليه وسلم كتبت عنه " .
وقال مصعب بن عبد الله : " كان مالك إذا ذكر النبي r يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه ، فقيل له يوماً في ذلك ، فقال : لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم عليّ ما ترون " ، وذكر مالك عن محمد ابن المنكدر – وكان سيد القراء – " " لا نكاد نسأله عن حديث أبداً إلا يبكي حتى نرحمه ".
وإني سائل بعد تلك الصور المتحدثة : أين نحن من سيرتهم ؟ وأين حالنا من حالهم ؟ وما أثر الحب عندنا ؟ وما أثره عندهم بل وما صدق ما نُدَّعي ؟ وما صدق ما لم يدَّعوه ؟ وأين حقيقة ما ندعي ؟ وما دلائل المحبة عندهم ؟
أيها المحبون : لقد تباعد بنا الزمن ، واستشرت الفتن ، واشتغل الأكثرون بالحطام من المهن ، غاب عنا الحب وإن ادعيناه ، ونسينا الواجبات فكانت من أحاديث الذكريات ، نتحدث عن السنة النبوية والهدى النبوي لكن لا ترى جاداً في الاتباع ، ولا صادقاً في الكلام إلا قليلاً "
ولمزيد من التوضيح فلنعرض أنفسنا على السنة المطهرة ، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم ، ولنعرض بعض المظاهر التي احسبُ أنها كافية في إيضاح الجفاء الذي اتصف به بعضنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته .
ويأتي في أول تلك المظاهر البعد عن السنة باطناً ؛ وذلك بترك العمل بالسنن الظاهرة الواجب منها والمندوب ، وعلى سبيل المثال سنن الاعتقاد ومجانبة البدعة وأهلها بل وهجرهم .
وهذا احد السلف وهو الجنيد بن محمد يقول : " الطرق إلى الله تعالى – كلها مسدودة على الخلق ، إلا من اقتفى أثر الرسول صلى الله عليه وسلم واتبع سنته ولزم طريقته ؛ فإن طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه . كما قال – تعالى - : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:2)
أما من لم يدرك السنة والعمل بها فلا هم له إلا الكلام والملام .
ومن الجفاء في السنة حيث يبتعد المرء عن الجادة والشرع إلى سلوك الابتداع في الدين ومشابهة حالة المخلّطين من تعظيم مشايخ الطرق ورفعهم فوق منزلة الأنبياء بما معهم من الأحوال الشيطانية والخوارق الوهمية ، أو الغلو في الأولياء الذي يظن أنهم كذلك ، وإطراؤهم في حياتهم وتقديسهم بعد مماتهم ، ودعاؤهم من دول الله ، والنذر لهم وذبح القرابين بإسمهم ، والطواف حول قبورهم أو البناء عليها ، وهذا هو الشرك الذي بُعث النبي صلى الله عليه وسلم لإزالته وهدمه وإقامة صرح التوحيد مكانه في الأرض وفي القلوب . حين كان النبي r يطعنها ويحطمها بيده وهو يقول جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً)(الاسراء:آية81)، )قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ) (سـبأ:49)
وقد قال الله – تعالى - )قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام: 162 - 163)
ولا يخفى على عاقل مهتد عقله بنور الشريعة أن الطواف حول القبور والأضرحة ، والعكوف عندها وسؤال الموتى قضاء الحاجات ، وشفاء المرضى ، أو سؤال الله بهم ، أو بجاههم مما أحدث في الدين ، وان الطواف الشرعي لا يكون إلا حول الكعبة ، وأن النفع والضرر والشفاعة لله وحده ، كما في القرآن والسنة والإجماع .
وهذا هو الفرقان الذي يتميز به أهل الإيمان عن غيرهم ، فكل من صرف تعظيماً للمخلوقين فإنما ينتقص من عظم الخالق تبارك وتعالى ، وكل تذلل للمخلوقين فهو ضعف وجهل ، وهذا باب من الذل لا يخفى .
ومن الجفاء الذي يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ويخالف هديه ودعوته ، بل يخالف الأصل الذي أرسله الله به وهو التوحيد – من هذا الجفاء : الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم ورفعه فوق منزلة النبوة وإشراكه في علم الغيب ، أو سؤاله من دون الله ، أو الإقسام به ، وقد خاف النبي صلى الله عليه وسلم الوقوع في ذلك فقال – في مرض موته - : " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، ولكن قولوا عبد الله ورسوله "
ولما هم طائفة من الناس بالغلو فيه فقالوا : أنت سيدنا وابن سيدنا ، وخيرنا وابن خيرنا . قال لهم صلى الله عليه وسلم: " قولوا بقولكم أو بعض قولكم ، ولا يستهوينكم الشيطان . ويلحق بالغلو فيه صلى الله عليه وسلم الحلف والإقسام به ، فإنه من التعظيم الذي لا يصرف إلا لله وحده ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت " .
ومن الجفاء أيضاً ترك الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لفظاً أو خطّاً – وهذا قد يحدث في بعض مجالسنا ؛ فلا تسمع مصلياً عليه صلى الله عليه وسلم.
ورحم الله الشافعي ؛ إذ يقول " يُكره للرجل أن يقول : قال رسول الله ، ولكن : يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ تعظيماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
ويأتي في النهاية ما قد يكون السبب في التزام الجفاء والتقنع به وهو الحساسية المفرطة من بعض المنتسبين إلى السنة والجماعة حيال كل ما يتصل بتعظيم النبي صلى الله عليه وسلموتقديره وتعظيم أهل بيته الصالحين ، سواء عند ذكره أو ذكرهم أو القصد إلى ذكره أو ذكرهم ، خشية التشبه ببعض الطوائف ، وهذا قصد في غير محله ، وهذا التعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم لا يُقصد به الخروج عن التعظيم الشرعي الوارد في الكتاب والسنة ، ولا الإحتفال بالمولد النبوي ولا التواجد عند السماع ، أو التلذذ بالمدائح وحدها ، وضابط ذلك التعظيم ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ومعرفة المحب الصادق من غيره في الاتباع ، ومن إذا ذكر له هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم امتثـله ، وانتهى عما أحدثه في الدين ، ومن إذا ذكرت له السُنَّة تركها واتبع هواه .
والزم - رعاك الله - الحق ، وإن كنت وحدك فلا بد من أُنسٍ وإن طال الطريق وكثر قطاعه ، والله وحده هو الهادي .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،

مقال لعبد الله الخضيري
مجلة البيان157_158
بتصرف

عبد الله سلطان
25-05-2002, 12:23 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

عليه افضل الصلاة وازكا تسليم.

مشكور أخى العزيز وجزرك الله كل خير.

محروم
25-05-2002, 07:27 AM
الف شكر اخى happy aid لنقل هذا البيان وجزاك الله عنا كل الخير