المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة سالم على لسان صاحبها



عبد الله سلطان
29-05-2002, 07:23 PM
سالم على لسان صاحبها
لم اكن قد تجاوزت اللقلاثين حين انجبت زوجتى اول ابنائى, كنت سهرانا مع الشله فى احدى الشا ليهات,وكانت
سهر حمراء بمعنى الكلمه, اذكر ليلتها انىاضحكتهم كثيرا.. كنت املك موهبه عجيبه فى التقليد.,بامكانى تغيير
نبرة صوتى حتى تصبح قريبه من الشخص الذى اسخر منه, اجل كنت اسخر من هذا وذاك, لم يسلم منى احد
حتى شلتى .. صار بعض الرجال يتجنبنى كى يسلم من لسانى وتعليقاتى اللاذعه تلك الليله سخرت من اعمى رأيته يتسول فى السوق والادهى انى وضعت قدمى امامه ليتعثر . تعثر وانطلقت ضحكتىالتى دوت فى السوق..عدت الى بيتى متأخرا, وجدت زوجتى
فى انتظارى.. كانت فى حاله يرثى لها!!- اين كنت يا راشد؟!- فى المريخ اجبتها ساخرا) عند اصحابىبالطبع..كانت فى حاله يرثى
لها , قالت والعبره تخنقها. راشد..... انا تعبانه جدا ... الظاهر ان موعد ولادتى صاروشيكا.... سقطت دمعه صامته على جبينها,
احسست انى اهملت زوجتى , كان المفروض ان اهتم بها واقلل من سهراتى خاصه فى الشهر التاسع.... قاست زوجتى الالام يوم
وليله فى المستشفى حتى راى طفلى النور... لم اكن فى المستشفى ساعتها, تركت رقم هاتف المنزل وخرجت , اتصلو بى
ليزفوا لىنبأ قدوم سالم حين وصلت المستشفى طلب منى ان اراجع الطبيبه؟ المهم الان ان ارى ابنى سالم... لابد من مراجعه
الطبيبه... اجابتنى موظفة الاستقبال بحزم!! صدمت حين عرفت ان ابنى اعمى!!!! تذكرت المتسول.... سبحان اللهكما تدين تدان!!!
لم تحزن زوجتى .. كنت مؤمنه بقضاء الله وقدره راضيه طالما نصحتنى... طالما طلبت منى ان اكف عن تقليد الاخرين كلاهى
لاتسميه تقليدا بل غيبه... ومعها كل الحق!!لم اكناهتم بسالمكثيرا. واعتبرته غير موجود فى المنزل, حين يشتد بكاءه اهرب الى
الصاله لاانام فيها.. كانت زوجتى تهتم به كثيرا وتحبه.. لحظه لاتظنوا انى اكرهه,انالا,اكرهه لكنلم استطع ان احبه!. اقامت زوجتى احتفالا حين خطا خطواته الاولى.وحتى اكمل الثانيه اكتشفنا انه اعرج!!!!! كلما زدت ابتعادا عنه ازدادت زوجتى حبا واهتماما
بسالم حتى بعد ان انجبت عمر وخالد.. مرت السنوات كنت لاها وغافل , غرتنى الدنيا وما فيها , كنت كلعبه فى يد رفقة السوء
مع انى كنت اظن انى من يلعب عليهم .. لم تيأس زوجتى من اصلاحى , كانت تدعو لى دائما بالهدايه , لم تغضب من تصرفاتى
الطائشه , كبر سالم ولم امانع حين طلبت زوجتى تسجيله فى احدى المدارس الخاصه بالمعاقين .. لم اكن احس بمرور السنوات .
ايامى سواء.. عمل ونوم وطعام وسهر !!! حتى ذلك اليوم .كان يوم جمعه . استيقظت الساعه الحاد يه عشر ظهرا, ما يزال الوقت باكرا لكن لايهم. اخذت دشا سريعا ولبست وتعطرت وهممت بالخروج .. استوقفنى منظره, وكان بيبكى بحرقه! انها المره الاولى التى ارى
فيها سالم يبكى مذ كان طفلا..أأخرج...لاووو؟كيف اتركه وهو فى هذه الحاله؟ اهو الفضول ام الشفقه؟ لايهم... سالته ..ز سالم لماذا تبكى
حين سمع صوتى توقف . بدأ يتحسس ما حوله ...ما به ياترى. اكتشفت ان ابنى يهرب منى !!!الان احسست به اين كنت منذ عشر سنوات. تبعته.. كان قد دخل غرفته..رفض ان يخبرنى فى البدايه سبب بكائه. وتحت اصرارى عرفت السبب.تأخر عليه شقيقه عمر الذى
اعتاد ان يوصله الى المسجد . اليوم الجمعه خاف ألا يجد مكانا فى السطر الاول.نادى والدته لكن لامجيب حينها... حينها وضعت يدىعلى فمهكأنى اطلب منه ان يكفعن حديثه واكملت.حينها بكيت ياسالم,, لااعلم ماالذى دفعنى للأقول له سالم لاتحزن.. هل تعلم من
سيرافقك اليوم الى المسجد. اجاب. اكيد عمر. ليتن اعلم الى اين ذهب ؟ قلت له لا يا سالم انا من سيرافقك! استغرب سالم ولم يصدق
ظن انى اسخر منه عاد الى البكائه مسحت دموعه بيدى. وامسكت بيده. اردت ان اوصله بالسياره رفض قائلا,ابى المسجد قريب, اريد ان اخطو الى المسجد.. لااذكر متى أخر مره دخلت فيها المسجد ولا اذكر أخر سجده سجدتها..هى المره الاولى التى اشعر فيها بالخوف
والندم على مافرطتهطوالالسنوات الماضيه.. مع ان المسجد كان مليئا بالمصلين الا انى وجدت لسالم مكانا فى الصف الاول استمعنا
لخطبة معا وصليت بجانبه بعد انتهاء الصلاة طلب منى سالم مصحفا استغربت كيف سيقرأ وهو اعمى؟ هذا ما ترددفى نفسى ولم اصرح به خوفامن جرح مشاعره.. طلب منى ان افتح له المصحف على سورة الكهف. نفذت ما طلب .ووضع المصحف امامه وبدأ فى قراءة
السوره.يا الله انه يحفظ سورة الكهف كاملة وعن ظهر غيب . خجلت من نفسى وامسكت مصحفا واحسست فى اوصالى.قرأة وٌقرأة
وقرأة ودعوت الله ان يغفر لى ويهدينى,,هذه المرهانا من بكلى حزنا وندما على ما فرطت ولم اشعر الا بيد تمسح عنى دموعى. لقد كان سالم.! عدنا الى المنزل وكانت زوجتى قلقه كثيرا على سالم لكن قلقها تحول الى دمع حين علمت انى صليت الجمعه مع سالم!! من ذلك
اليوم لم تفتنى صلاة جماعه فى المسجد هجرت رغقاء السوء واصبحت لى رفقه خيره عرفتها فى المسجد .ذقت طعم الايمان معهم
عرفت منهم اشياء الهتنى عنها الدنيا لم افوت حلقه ذكر او قيام..ختمت القرأن عدة مرات فى شهر وانا نفس الشخص الذى هجرته
سنوات !!! رطبت لسانى بالذكر لعل الله يغفر لى غيبتى وسخريتى من الناس أحسست انى اكثر الناس قربا من أسرتى أختفت
نظرات الخوف والشفقه التى كانت تطل من عيون زوجتى الابتسامه ماعادت تفارق وجهه ابنى سالم , من يراه يظنه ملك الدنيا وما
فيها.. حمد ت الله كثيرا وصليت له كثيرا على نعمة .. ذات يوم قرر اصحابى ان يتوجهوا الى احد المناطق البعيده للدعوه ترددت
فى الذهاب. استخرت الله واستشرت زوجتى . توقعت ان ترفض لكن حدث العكس!! فرحت كثيرا بل شجعتنى.. حين اخبرت سالم عزمى على الذهاب .احاط جسمى بذراعيه الصغيرين فرحا. ووالله لو كان طويل القامه مثلى لما توانى عن تقبيل رأسى.. بعدها توكلت على الله
وقدمت طلب اجازه مفتوحه بدون راتب من عملى والحمدلله جاءت الموافقه بسرعه اسرع مما اتصور .. تغيبت عن ابيت ثلاثه اشهر ونصف, كنت خلال تلك الفتره اتصل كلما سنحت الفرصه بزوجتى واحدث أبنائى.. اشتقت لهم كثيرا ..كم اشتقت لسالم!! تمنيت سماع
صوته, هو الوحيد الذى لم يحد ثنى منذ سافرت... اما ان يكون فى المدرسه او غى المسجد ساعة اتصالى بهم . كلما احدث زوجتى
اطلب ان تبلغه سلامى وتقبله.كانت تضحك حين تسمعنى اقول هذا الكلام الا اخر مره هاتفتها فيها..لم اسمع ضحكتها المتوقعه
تغير صوتها.... قالت لى ان شاء الله.. اخيرا عدت الى المنزل. طرقت الباب تمنيت ان يفتح سالم لى الباب لكن فو جئت بابنى خالد
الذى لم يتجاوز الرابعه من عمره ..حملته بين ذراعى وهو يصيح...بابا ززز يا بابا انقبض صدرى حين دخلت البيت استعذت بالله
من الشيطان الجيم.. سعدت زوجتى بقدومى لكن هناك شئ قد تغير فيها . تأملتها جيدا انها نظرات الحزن التى ماكانت تفارقها
.. سألتها ما بك ؟ لاشئ هكذا ردت . فجأه تذكرت من نسيته للحظات. قلت لها. اين سالم؟! خفضت رأسها لم تجب لم اسمع حينها
سوى صوت ابنى خالد الذى ما يزال يرن فى اذنى حتى هذه الحظه .. بابا ثالم ىح الجنه عند الله !!لمتتمالك زوجتى الموقف اجهشت
بالبكاء وخرجت من الغرفه عرفت بعدها ان سالم اصابته حمى قبل موعد مجيئى باسبوعين . اخذةه زوجتى الى المستشفى لازمته
يومين وبعد ذلك فارغة الحمى حين فارقت روحه جسده.. أحسست أن ما حدث ابتلاء واختبار من الله سبحانه وتعالى .... اجل انه
اختبار واى اختبار ؟! صيرت على مصابى وحمدت الله الذى لايحمد على مكروه سواه.. مازلت احس بيده تمسح على تمسح دموعى
, وذراعه تحيطنى .. كم حزنت على سالم الاعمى الاعرج !!! لم يكن اعمى انا من كنت اعمى حين انسقت وراءرفقة سوء ولم يكن
اعرج لانه استطاع ان يسلك طريق الايمان رغم كل شئ..سالمالذى امتنعت يوماعن حبه !! اكتشف انى احبه اكثر من اخوته
بكيت كثيرا كثيرا ومازلت حزينا كيف لااحزن وقد كانت هدايتى على يديه....




تمت

منقول