moslem
05-06-2002, 12:10 AM
يعتبر الانموذج السعودي التجربة الفريدة في تاريخ الممالك الاسلامية حيث استخدمت الانظمة الحاكمة المتعاقبة ـ الدولة السعودية الاولي والثانية والحالية ـ الدين علي نطاق واسع وبصورة دقيقة ومدروسة.. ففي الانموذج المصري نجد العلمنة واضحة من خلال قوانين النظام الحاكم وعلمنته للمجتمع وحربه علي منابع التدين! اما الحالة السعودية فالامر مختلف.. فالعلمنة خفية.. والهدي الظاهر (لحية/نقاب/حجاب/غلق بعض المحلات في اماكن معينة وقت الصلاة..الخ) كل ذلك لا تحاربه الدولة علانية! وهناك حدود تقام وخاصة علي بعض الجنسيات الضعيفة.. لذر الرماد في العيون.. اي ان هناك جزءا من الشريعة الاسلامية يعمل به في هذه الدولة. وهنا مكمن الخطورة.. فالعلماء مع السلطة حيث ذهبت! يدافعون ويستدلون بالآيات القرآنية والاحاديث النبوية التي تدعو الي عدم الخروج علي ولي الامر! فانزال هذه الآيات القرآنية والاحاديث النبوية علي واقع خفي غير معلوم لعامة المسلمين.. ادي بدون شك الي بلبلة لدي الاوساط الاسلامية وخاصة المنتسبين الي الحركات الاسلامية.
لذلك كان العلماء بمثابة المخدر الذي يعطي للمريض الدواء في غير محله.. ومن هنا كانت السلطة تجل العلماء وتغدق عليهم العطايا والهبات لانهم الدعامة الحقيقية لملكها واستقرارها.
بعد هذه التقدمة السريعة استطيع اوجز بعض اسباب تدهور المؤسسة الدينية السعودية علي النحو التالي:
اولا: ان انتصار ابراهيم باشا علي الجيوش الوهابية العقائدية وقتل كوادرها وعلمائها المخلصين سنة 1818 ادي الي فراغ شرعي وجهادي قوي اثر في مجريات الاحداث في الجزيرة العربية. مما لا شك فيه ان هزيمة الوهابيين قد قضت علي اماني دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في تطبيق منهج السلف الصالح ومحاولة اعادة الخلافة الاسلامية الخالية من شوائب البدع، وتكوين دولة شرعية قوية تطبق فيها حاكمية الله لا حاكمية البشر.
والجدير بالذكر هنا عن نسبة الدولة السعودية الي الوهابية، فالشيخ محمد بن عبد الوهاب منه براء، لانه لم يعلم انهم سيغيرون ويبدلون، حتي جلودهم! فالمشايخ والعلماء الذين ناصروا آل سعود وتكوين جيش الاخوان الذي ساعد الملك عبد العزيز للوصول الي سدة الحكم، كان من ثمرات الدعوة السلفية الوهابية، لكن استخدام السلطة الدسائس والمؤامرات وبث الفرقة واشاعة الفوضي والاستعانة بانكلترا، ادي الي هزيمة جيش الاخوان.
ثانيا: لقد كان تفويض الشيخ محمد بن عبد الوهاب للامير عبد العزيز بن محمد بن سعود، خطأ سياسيا، وهذه مشكلة يقع فيها العلماء تاريخيا الا وهي عدم الثقة في انفسهم او الزهد غير المبرر في مثل هذه الظروف الحاكمة تماما مثلما فعل العلماء في مصر مع محمد علي باشا.. فبكل المقاييس لم يكن محمد علي باشا صالحا ان يكون حاكما، لكن فرقة العلماء وعدم ثقتهم في انفسهم وتفرقهم اوصلنا الي الحالة التي نحن بصددها! اما في حالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فالأمر يختلف كثيرا اذ ان مقاليد الامور كانت في يد الشيخ بن عبد الوهاب ورغم ذلك فوض امر الحكم للامير عبد العزيز محمد بن سعود مع التنبيه علي نقطة هامة الا وهي انه لا وجه للمقارنة بين محمد علي باشا حاكم مصر وبين الامير عبد العزيز فعلماء مصر اختاروا محمد علي باشا رغم جهله وغروره ومن هنا فانهم يستحقون اللوم الشديد لاختيارهم محمد علي واليا عليهم. اما الامير عبد العزيز فالامر مختلف الي حد كبير فالامير عبد العزيز في تلك الفترة كان ظاهره الصلاح والشغف بالعلم ومحاربة البدع وملازمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعدم مخالفته في تطبيق الشريعة الاسلامية، فكل هذه العوامل جعلت الشيخ يفوض امر الحكم للامير عبد العزيز! لكننا كنا نتمني ان يكون الامر بيد الشيخ نفسه او بيد احد من اتباعه حتي لا تصل الامور الي ما وصلت اليه فيما بعد من تهميش دور العلماء سياسيا واجتماعيا اللهم الا ابراز دورهم فيما يوافق هوي السلطة الحاكمة وتثبيت عروشهم فقط!
ثالثا: نلاحظ استخدام كافة الامراء والقبائل المتناحرة لعنصر الدين في حروبهم الشخصية، وقد استخدم الملك عبد العزيز علماء السلطة في حروبه ضد الاخوان لانه يعلم جيدا ان جيش الاخوان عبارة عن مجموعة من الدعاة والفقهاء والمشايخ، لذلك استخدم سلاح العلماء ايضا لتبرير فعلته في القضاء عليهم وسفك دمائهم!
رابعا: لقد تستر النمط السعودي وراء الدين زمنا طويلا فعندما يختلف مع حاكم ما او دولة ما فانه يخرج الفتاوي التي تكفر هذا الحاكم او مروق هذه الدولة كما في حالة خلاف المملكة قديما مع القذافي لانه انتقدهم في صفقة طائرات الاواكس فخرجت فتوي تقول القذافي كافر زنديق! ثم جاءت حرب الخليج الثانية فكشفت وفضحت علماء السلطة الذين لطالما نمقوا البيانات وسطروا الصحائف والكتب والمجلات بفتاواهم المنظمة التي تصب دائما في خانة السلطة السعودية، لذلك لما حظر السلف من الدخول علي السلاطين والجلوس معهم لم يكن هذا الحظر وهذه التنبيهات عبثا! ورغم علم هؤلاء بأقوال علماء السلف وترديدهم اياها، الا انهم رضوا بالقعود معهم فخاضوا فيما خاضوا فيه ونزلوا في الوحل مثل حاكمهم، بل انهم زينوا لحكامهم، بيع البلاد والعباد، فباسم الدين دخلت القوات الغربية ارض الحرمين الشريفين وباسم الدين يسجن الدعاة والعلماء وباسم الدين تحاك المؤامرات لفلسطين وبيعها بثمن بخس وباسم الدين يحاكم ويقتل كل من يعارض المؤسسة الحاكمة، كل ذلك بفضل وبركة صكوك المؤسسة الدينية.. وبمقارنة سريعة بين الانموذجين المصري والسعودي يستبين لنا ان السلطة قد احتوت المؤسسات الدينية في كلا التجربتين، ففي الحالة المصرية نجد ان الدولة لم تتدخل في عصري المماليك والعثمانيين في شأن تعيين شيخ الازهر وتركت الامر للعلماء ينتخبون من يرونه جديرا بهذا المنصب سواء في الحكم المملوكي او في الحقبة العثمانية ثم جاء محمد علي باشا وبنوه الذين بثوا الفرقة بين العلماء استفادة من التجربة البونابارتية في مصر حيث كان نابليون اول من استخدم منبر المؤسسة الدينية للترويج لافكاره ولتبرير احتلاله بلاد المسلمين في مصر والشام وهو اول من بث الفرقة بين العلماء وقرب اليه بعض العلماء كالشيخ البكري وآخرين الذين كانوا يبررون افعال نابليون وحملته العدوانية الاجرامية علي ارض مصر ويجدون له المسوغات الشرعية الباطلة طبعا! وصار دور الازهر ينحسر شيئا فشيئا من الناحية الحياتية اللهم الا في المناسبات الدينية الشهيرة كمولد النبي صلي الله عليه وسلم ومولد الحسين رضي الله عنه ومولد السيد البدوي وحفلات الصوفية والدراويش، بالاضافة الي الاهتمام بهلال رمضان وطلعة رجب وليلة النصف من شعبان ولا بأس ان يتصدي الازهر لفتاوي الزواج والطلاق واحكام المواريث، المهم ان يبتعد عن دائرة الحكم! يريدون ازهرا بمواصفات خاصة حسب مزاج الحاكم! ورغم هذا الحصار الخانق لدور الازهر في الحياة السياسية الا انه وجد في هذه الحقب من العلماء الافاضل من رفض هذا الوضع المهين وحاولوا اعادة الاعتبار لدور المؤسسة الدينية لكن تيار التغريب كان جارفا والعالم الاسلامي معظمه كان ممزقا ومحتلا من قبل اعداء الامة. فبعد الحملة الفرنسية وحكم محمد علي وسلالته كانت ثالثة الاثافي مجيء ضباط تموز (يوليو) 1952 وتم القضاء علي مشيخة الازهر وانشاء مؤسسات دينية جديدة لتنافس الازهر في قراراته لتصب في مصلحة السلطة القائمة مثل لجنة الفتوي ومجمع الشؤون الاسلامية رغم ان جمال عبد الناصر نفسه استخدم منبر الازهر في حرب العدوان الثلاثي علي مصر سنة 1956 وانطلق من الازهر يستعين بالعلماء ويحرض الجماهير من ساحة الازهر ثم بعد ان استب له الامر واستقر له الحكم امم الازهر وقضي عليه اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا!
اما في الانموذج السعودي فالامر يختلف حيث السلطة قائمة علي ركن ركين وهو المؤسسة الدينية ومن ثم خدع الناس كثيرا في الحالة السعودية نظرا لتطبيق بعض الحدود علانية وانتشار الهدي الظاهر كاللحية والنقاب، فكانت الدولة تستخدم تطبيق بعض الاحكام الشرعية لذر الرماد في العيون! وكثير من علماء المؤسسة الدينية شركاء لهذه السلطة الحاكمة في الازدواجية. في الحالة المصرية الفصل بين السلطتين كان واضحا، سلطة علمانية حاكمة، ومؤسسة دينية تحت طلب الحاكم يستخدمها في رؤية هلال رمضان والمناسبات الدينية الاخري كالعيدين وبعض الموالد واذا لزم الامر فان هذه المؤسسة الدينية الرسمية تكون بوق السلطة الشرعي في حالة سن قوانين جديدة يريد الحاكم تخدير الشعب بها وتطبيقها دون معارضة سياسية او اجتماعية او حزبية!
اما الحالة السعودية فالامر متقارب بين السلطة الحاكمة والمؤسسة الدينية الرسمية، فالدولة ترفع شعار الاسلام وتطبيق الشريعة الاسلامية وتختفي خلف هذا الستار ومن ثم يقبلها الناس ويحسنون بها الظن في الوقت التي تتعامل هذه الدولة مع اعداء الامة متناسية عقيدة الولاء والبراء. وعلماء المؤسسة الدينية يسيرون معها حيث دارت ويجهلون كل من يعارض او يعترض فهو خارجي تكفيري صاحب فتنة!
وختاما اقول: لزام علي هؤلاء العلماء جميعا ان يكونوا اهلا للامانة وان يكونوا كعلماء سلف الامة رحمهم الله ونود ان يكونوا في طليعة العلماء المجاهدين العاملين الذين يقولون ويفعلون.
لزام علي هؤلاء العلماء الا يسكتوا علي هذه المنكرات وهذا الهوان الذي تعيشه الامة وهم يعيشون في كنف حكومات محاربة لثوابت الامة وموالية لاعداء الاسلام.
لزام عليهم ان يستقلوا ماليا وان تعـــــود الاوقاف كما كانت دون تدخل الســـــلطة الحاكمة نتمني ان نري مــــــواقف جماعية من هؤلاء العلماء ليهـــبوا هبة رجل واحد وليقولوا للحاكم لا وألف لا.. (اقض ما انت قاض انما تقضي هذه الحياة الدنيا. انا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما اكرهتنا عليه من السحر).
نتمني ان يكون تشكيل هيئة كبار العلماء من انفسهم وليس من اختيار الحاكم .
هاني السباعي المحاميہ
ہ مدير مركز المقريزي
للدراسات التاريخية
لذلك كان العلماء بمثابة المخدر الذي يعطي للمريض الدواء في غير محله.. ومن هنا كانت السلطة تجل العلماء وتغدق عليهم العطايا والهبات لانهم الدعامة الحقيقية لملكها واستقرارها.
بعد هذه التقدمة السريعة استطيع اوجز بعض اسباب تدهور المؤسسة الدينية السعودية علي النحو التالي:
اولا: ان انتصار ابراهيم باشا علي الجيوش الوهابية العقائدية وقتل كوادرها وعلمائها المخلصين سنة 1818 ادي الي فراغ شرعي وجهادي قوي اثر في مجريات الاحداث في الجزيرة العربية. مما لا شك فيه ان هزيمة الوهابيين قد قضت علي اماني دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في تطبيق منهج السلف الصالح ومحاولة اعادة الخلافة الاسلامية الخالية من شوائب البدع، وتكوين دولة شرعية قوية تطبق فيها حاكمية الله لا حاكمية البشر.
والجدير بالذكر هنا عن نسبة الدولة السعودية الي الوهابية، فالشيخ محمد بن عبد الوهاب منه براء، لانه لم يعلم انهم سيغيرون ويبدلون، حتي جلودهم! فالمشايخ والعلماء الذين ناصروا آل سعود وتكوين جيش الاخوان الذي ساعد الملك عبد العزيز للوصول الي سدة الحكم، كان من ثمرات الدعوة السلفية الوهابية، لكن استخدام السلطة الدسائس والمؤامرات وبث الفرقة واشاعة الفوضي والاستعانة بانكلترا، ادي الي هزيمة جيش الاخوان.
ثانيا: لقد كان تفويض الشيخ محمد بن عبد الوهاب للامير عبد العزيز بن محمد بن سعود، خطأ سياسيا، وهذه مشكلة يقع فيها العلماء تاريخيا الا وهي عدم الثقة في انفسهم او الزهد غير المبرر في مثل هذه الظروف الحاكمة تماما مثلما فعل العلماء في مصر مع محمد علي باشا.. فبكل المقاييس لم يكن محمد علي باشا صالحا ان يكون حاكما، لكن فرقة العلماء وعدم ثقتهم في انفسهم وتفرقهم اوصلنا الي الحالة التي نحن بصددها! اما في حالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فالأمر يختلف كثيرا اذ ان مقاليد الامور كانت في يد الشيخ بن عبد الوهاب ورغم ذلك فوض امر الحكم للامير عبد العزيز محمد بن سعود مع التنبيه علي نقطة هامة الا وهي انه لا وجه للمقارنة بين محمد علي باشا حاكم مصر وبين الامير عبد العزيز فعلماء مصر اختاروا محمد علي باشا رغم جهله وغروره ومن هنا فانهم يستحقون اللوم الشديد لاختيارهم محمد علي واليا عليهم. اما الامير عبد العزيز فالامر مختلف الي حد كبير فالامير عبد العزيز في تلك الفترة كان ظاهره الصلاح والشغف بالعلم ومحاربة البدع وملازمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعدم مخالفته في تطبيق الشريعة الاسلامية، فكل هذه العوامل جعلت الشيخ يفوض امر الحكم للامير عبد العزيز! لكننا كنا نتمني ان يكون الامر بيد الشيخ نفسه او بيد احد من اتباعه حتي لا تصل الامور الي ما وصلت اليه فيما بعد من تهميش دور العلماء سياسيا واجتماعيا اللهم الا ابراز دورهم فيما يوافق هوي السلطة الحاكمة وتثبيت عروشهم فقط!
ثالثا: نلاحظ استخدام كافة الامراء والقبائل المتناحرة لعنصر الدين في حروبهم الشخصية، وقد استخدم الملك عبد العزيز علماء السلطة في حروبه ضد الاخوان لانه يعلم جيدا ان جيش الاخوان عبارة عن مجموعة من الدعاة والفقهاء والمشايخ، لذلك استخدم سلاح العلماء ايضا لتبرير فعلته في القضاء عليهم وسفك دمائهم!
رابعا: لقد تستر النمط السعودي وراء الدين زمنا طويلا فعندما يختلف مع حاكم ما او دولة ما فانه يخرج الفتاوي التي تكفر هذا الحاكم او مروق هذه الدولة كما في حالة خلاف المملكة قديما مع القذافي لانه انتقدهم في صفقة طائرات الاواكس فخرجت فتوي تقول القذافي كافر زنديق! ثم جاءت حرب الخليج الثانية فكشفت وفضحت علماء السلطة الذين لطالما نمقوا البيانات وسطروا الصحائف والكتب والمجلات بفتاواهم المنظمة التي تصب دائما في خانة السلطة السعودية، لذلك لما حظر السلف من الدخول علي السلاطين والجلوس معهم لم يكن هذا الحظر وهذه التنبيهات عبثا! ورغم علم هؤلاء بأقوال علماء السلف وترديدهم اياها، الا انهم رضوا بالقعود معهم فخاضوا فيما خاضوا فيه ونزلوا في الوحل مثل حاكمهم، بل انهم زينوا لحكامهم، بيع البلاد والعباد، فباسم الدين دخلت القوات الغربية ارض الحرمين الشريفين وباسم الدين يسجن الدعاة والعلماء وباسم الدين تحاك المؤامرات لفلسطين وبيعها بثمن بخس وباسم الدين يحاكم ويقتل كل من يعارض المؤسسة الحاكمة، كل ذلك بفضل وبركة صكوك المؤسسة الدينية.. وبمقارنة سريعة بين الانموذجين المصري والسعودي يستبين لنا ان السلطة قد احتوت المؤسسات الدينية في كلا التجربتين، ففي الحالة المصرية نجد ان الدولة لم تتدخل في عصري المماليك والعثمانيين في شأن تعيين شيخ الازهر وتركت الامر للعلماء ينتخبون من يرونه جديرا بهذا المنصب سواء في الحكم المملوكي او في الحقبة العثمانية ثم جاء محمد علي باشا وبنوه الذين بثوا الفرقة بين العلماء استفادة من التجربة البونابارتية في مصر حيث كان نابليون اول من استخدم منبر المؤسسة الدينية للترويج لافكاره ولتبرير احتلاله بلاد المسلمين في مصر والشام وهو اول من بث الفرقة بين العلماء وقرب اليه بعض العلماء كالشيخ البكري وآخرين الذين كانوا يبررون افعال نابليون وحملته العدوانية الاجرامية علي ارض مصر ويجدون له المسوغات الشرعية الباطلة طبعا! وصار دور الازهر ينحسر شيئا فشيئا من الناحية الحياتية اللهم الا في المناسبات الدينية الشهيرة كمولد النبي صلي الله عليه وسلم ومولد الحسين رضي الله عنه ومولد السيد البدوي وحفلات الصوفية والدراويش، بالاضافة الي الاهتمام بهلال رمضان وطلعة رجب وليلة النصف من شعبان ولا بأس ان يتصدي الازهر لفتاوي الزواج والطلاق واحكام المواريث، المهم ان يبتعد عن دائرة الحكم! يريدون ازهرا بمواصفات خاصة حسب مزاج الحاكم! ورغم هذا الحصار الخانق لدور الازهر في الحياة السياسية الا انه وجد في هذه الحقب من العلماء الافاضل من رفض هذا الوضع المهين وحاولوا اعادة الاعتبار لدور المؤسسة الدينية لكن تيار التغريب كان جارفا والعالم الاسلامي معظمه كان ممزقا ومحتلا من قبل اعداء الامة. فبعد الحملة الفرنسية وحكم محمد علي وسلالته كانت ثالثة الاثافي مجيء ضباط تموز (يوليو) 1952 وتم القضاء علي مشيخة الازهر وانشاء مؤسسات دينية جديدة لتنافس الازهر في قراراته لتصب في مصلحة السلطة القائمة مثل لجنة الفتوي ومجمع الشؤون الاسلامية رغم ان جمال عبد الناصر نفسه استخدم منبر الازهر في حرب العدوان الثلاثي علي مصر سنة 1956 وانطلق من الازهر يستعين بالعلماء ويحرض الجماهير من ساحة الازهر ثم بعد ان استب له الامر واستقر له الحكم امم الازهر وقضي عليه اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا!
اما في الانموذج السعودي فالامر يختلف حيث السلطة قائمة علي ركن ركين وهو المؤسسة الدينية ومن ثم خدع الناس كثيرا في الحالة السعودية نظرا لتطبيق بعض الحدود علانية وانتشار الهدي الظاهر كاللحية والنقاب، فكانت الدولة تستخدم تطبيق بعض الاحكام الشرعية لذر الرماد في العيون! وكثير من علماء المؤسسة الدينية شركاء لهذه السلطة الحاكمة في الازدواجية. في الحالة المصرية الفصل بين السلطتين كان واضحا، سلطة علمانية حاكمة، ومؤسسة دينية تحت طلب الحاكم يستخدمها في رؤية هلال رمضان والمناسبات الدينية الاخري كالعيدين وبعض الموالد واذا لزم الامر فان هذه المؤسسة الدينية الرسمية تكون بوق السلطة الشرعي في حالة سن قوانين جديدة يريد الحاكم تخدير الشعب بها وتطبيقها دون معارضة سياسية او اجتماعية او حزبية!
اما الحالة السعودية فالامر متقارب بين السلطة الحاكمة والمؤسسة الدينية الرسمية، فالدولة ترفع شعار الاسلام وتطبيق الشريعة الاسلامية وتختفي خلف هذا الستار ومن ثم يقبلها الناس ويحسنون بها الظن في الوقت التي تتعامل هذه الدولة مع اعداء الامة متناسية عقيدة الولاء والبراء. وعلماء المؤسسة الدينية يسيرون معها حيث دارت ويجهلون كل من يعارض او يعترض فهو خارجي تكفيري صاحب فتنة!
وختاما اقول: لزام علي هؤلاء العلماء جميعا ان يكونوا اهلا للامانة وان يكونوا كعلماء سلف الامة رحمهم الله ونود ان يكونوا في طليعة العلماء المجاهدين العاملين الذين يقولون ويفعلون.
لزام علي هؤلاء العلماء الا يسكتوا علي هذه المنكرات وهذا الهوان الذي تعيشه الامة وهم يعيشون في كنف حكومات محاربة لثوابت الامة وموالية لاعداء الاسلام.
لزام عليهم ان يستقلوا ماليا وان تعـــــود الاوقاف كما كانت دون تدخل الســـــلطة الحاكمة نتمني ان نري مــــــواقف جماعية من هؤلاء العلماء ليهـــبوا هبة رجل واحد وليقولوا للحاكم لا وألف لا.. (اقض ما انت قاض انما تقضي هذه الحياة الدنيا. انا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما اكرهتنا عليه من السحر).
نتمني ان يكون تشكيل هيئة كبار العلماء من انفسهم وليس من اختيار الحاكم .
هاني السباعي المحاميہ
ہ مدير مركز المقريزي
للدراسات التاريخية