المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : احس انها تبكي ،جلس على مقعد جوار السرير وقال لها..



محروم
17-06-2002, 09:23 PM
كانت الساعة تُشير إلى الثامنة مساءاً عندما انتهت من ارتداء ملابسها واضعة عباءتها على رأسها ممسكة بيد ابنتها ذات السادسة من العمر، اتجهت إلى غرفة التلفاز، كان يشاهد أحد المحطات الفضائية، نظرت إليه قائلة: سأذهب

أجابها مراقباً الشاشة:إلى أين؟

ما رأيك لو جدت علينا بنظرة؟

لم يزل شارداً بنهم في مراقبة محطة فضائية

اندفعت بفضول لترى ماذا يشاهد، كان هناك عرض لنساء في ملابس فاضحة، نظرت إليه بغيرة يشوبها غضب قائلة له، أراك تنظر مستمتعاً، أجابها وعيناه مازالتا تُراقبان العرض المُثير هل تظنين إنهن يؤثرن علي، أجابته باستهزاء نعم واضح، أرادت ابنته الدخول للغرفة لتشاهد التلفاز، لكنها ًقامت بأخذ جهاز التحكم من يده وأطفأته

نظر إليها بحنق قائلاً بهدوء..عزيزتي سبق وان تناقشنا في هذا الأمر وانتهينا بالاتفاق على أن يكون لك جهاز تشاهدين فيه محطاتُك وهذا الجهاز لي أشاهد فيه ما أُريد وإن سمحتي يا حبيبتي لا تتدخلي في شئوني الخاصة واعلمي إنني لن اسمح لك بذلك

افعل ما يحلو لك لن أجادلك في شئ فلست راغبة في مشاجرة معك، استدارت مغادرة غرفته المُعبقة برائحة الدُخان، التفت إلى ابنته قائلاً.. قُبلة.. قُبلة لبابا، انشغلت قليلاً بمشاهدة العرض المُثير

ثم انطلقت راكضة صوب أمها قائلة: أمي أمي الكافرات في التلفاز كاشفات عن أجسامهن، اتجهت صوب الباب الداخلي للمنزل مع ابنتها وصوته من ورائهما سائلاً.. لم تخبريني أين ذاهبة؟

إلى أُمي آخي عاصم ينتظرنا في الخارج

اخذ يتنقل بين المحطات الفضائية بواسطة جهاز التحكم مستمتعاً بما يراه ، قليلاً ورن جرس الهاتف

اخذ السماعة.. جاءه صوت ناعم من الطرف الآخر

من أنت

أنت لا تعرفني لكني أعرفك

هل اعرف سبب اتصالك بي ومن أين لك رقم الهاتف

لو أردت أن اشرح لك سبب اتصالي بك للزم ذلك مني وقتاً طويلا

حسناً لأي غرض كان اتصالك بي؟

للتعرف عليك هل هناك مانع؟

حسناً ترغبين في عقد صداقة معي

هكذا تقريباً

هل تعرفين.. صوتك جميل جداً

ضاحكة بدلال:هل أعجبك؟

جداً

هل تشعر أن التكلفة سقطت؟ بيننا ارجوا ذلك

هل أستطيع أن أسأل سؤالاً آخر؟

ليس قبل أن اعرف نوع الصداقة التي ترغبها

لن أخبرك حتى اطرح عليك سؤالي

تفضل

هل كان اتصالك بي صدفة فأصابت أناملك رقمي؟

ليس كذلك

إذن أنا المقصود بالذات في اتصالك هذا

نعم أنت الرجل الذي أريده

من أين لي معرفة ذلك؟

حسناً ما الذي تريده مني؟ لأثبت لك بالقول القاطع إنك أنت وبعينك تماماً من… اعذرني أن أوضح لك اكثر من ذلك

إذن إلي بالبينة على ذلك

حسناً أنت عامر وزوجتك رابية ولديك ابنه تبلغ من العمر ست سنوات تقريباً تُدعى نجلاء

آه أيتها الشقية تعرفين كل شئ عني وكأنك تقرئين بطاقتي العائلية

ألا تشعر انك بدأت تقسو علي بأن أطلقت جزافاً لقب الشقية ووصمتني به؟

اقبلي عُذري يا صاحبة اجمل صوت سمعته وارشديني إلى اللقب الذي تُحبين أن أناديك به

إن شئت فنادني بالعاش.! أغلقت خط الهاتف

وضع السماعة وتناول جهاز التحكم وأخذ يتنقل بين المحطات

أفاق من مطاردته للمحطات الفضائية التي استغرقت وقتاً طويلاً على صوت استدارة المفتاح في ثُقب الباب، أتت إليه ابنته راكضة نحوه وفي يدها لعبة من البلاستيك وحديثُها يسبقها إليه..آبي انظر ماذا اشترى إلي خالي عاصم، أخذها مُعانقاً وقام بضمها إلى صدره ،أما هي فأسرعت متجهة إلى غرفتها ملقية بحقيبتها وعباءتها وغطاء رأسها ووجهها على الطاولة واستلقت على السرير وأخذت تُحملق في سقف الغرفة،كان مستغرقاً في مشاهدة فيلماً ناسياً أن ابنته بجانبه حتى أتى مشهداً يشبه تماماً للمشاهد التي يؤديها أي مخلوقين من ذكر وأنثى بدءاً بالعصافير ونهاية بالحمير

أفاق من غلفته منتبهاً على صياح ابنته وهي تركض من جانبه متجهة إلى أمها قائلة:

أمي أمي الرجل يُقبل المرأة وينام… وهي…

تنهدت بعصبية ملتفتة إلى ابنتها آمرة إياها بهدوء بالخروج من الغرفة وان تتركهالوحدها..لكنهاأخذت تشُدها من يدها لتذهب معها لمشاهدة ما يعرض في التلفاز،نهرت ابنتها بعصبية وأخرجتها من الغرفة وأغلقت الباب ورائها بالمفتاح،جلست الطفلة بجانب الباب على الأرض بادياً على وجهها الغض الحيرة والذهول،غادر غرفة التلفاز مسرعاً إليها في غرفة النوم وفي طريقه تعثر بابنته وكاد أن يسقط رمقته الصغيرة بنظرة حزينة وهي لم تزل جالسة بجوار الباب، طرق الباب طرقتين بهدوء، قامت فاتحة الباب بعصبية ثم رجعت إلى السرير مُكملة نظراتها القلقة تلك إلى سقف الغرفة

دلف للغرفة مُغلقاً بابها بالمفتاح،وقف مُحاذاتها مُبتسماً.. رابية يا زوجتي الحبيبة لماذا تقسين علي بهذا الشكل

ألقت عليه نظرة سريعة ثم عادت متأملة سقف الغرفة

أخذ يضحك مُقهقهاً مُنفرجاً فمه عن أسنان صفراء يفرق بينها صبغة سوداء من اثر القطران

إستمرت في صمتها العميق

قام يجر خصلة من شعرها لكنها إستدارت بكاملها الى جهة الحائط ودموعها تسيل بصمت

احس انها تبكي ،جلس على مقعد جوار السرير وقال لها.. هل استطيع معرفة الذنب الذي ارتكبته حتى تعاملينني بهذه القسوة والبرود

عندها إستدارت بقوة ناحيت وجلست على طرف السرير منهية بذلك صمتُها العميق وخاطبته بحدة من وراء عينين حمراوين من البكاء قائلة:ايها الرجل أفق لنفسك استيقظ من سباتك الى متى! هاأنت توشك ان تبلغ الاربعين من العمر ولا زلت تتعثر في خطاياك وذنوبك الا تتقي الله في وفي ابنتك

نهض واقفاً واقترب منها قائلاً بغضب: هل تنكرين انني احبك وأحب ابنتي وأوفر لكما كل ماتريدانه من أجل سعادتكما

عند ذلك قفزت من السرير بخفة واقفة امامه.. أي حُب هذا الذي تتكلم عنه، هل تعتقد انك تعرفه إن كنت تظن انه الحب العاطفي فأنت مُخطئ تماماً، اعلم جيداً انه حب تشترك فيه جميع الكائنات نعم انت تحبنا انا لا انكر ذلك ولكنه حب أناني اتمني ايضاً ان تعلم جيداً حتى الوحوش الكاسرة والحيات الرقطاء والعقارب تُحب ابنائها اتقي الله في وفي ابنتك

اشعل لفافته مطيحا براسه الى الوراء ثم نظر اليها

إذن تُشبهين حبي بحب الحيايا والعقارب..حبيبتي لا تكوني مُعقدة مارأيك لو تركنا الخلاف جانباً وعشنا سوياً حياة سعيدة

ناظرة اليه بتجهم..ماالذي تقصده!؟

انت تعرفين قصدي جيداً

صامتة

هل يعجبك هذا الاسلوب الذي فرضتيه علينا في البيت وخارجه؟ اصبح كل منا يعيش حياة تختلف عن الاخر

كن شجاعاً وافصح عما تُريد قوله

حسناً..الايكفيك مااديتيه من دور رابعة العدوية لا اسمع منك سوى هذا لا يجوز

ارجوك دعني لوحدي فقد اصبت بالاختناق من جراء لفافتك الخبيثة هذه

عند ذلك نهض واقفا قائلاً لها بحدة وغضب: اسمعي ايتها الواعظة الخرقاء انني اعرف ربي وديني قبل ان اراك، لست بحاجة الى نصائحك، انتي التي تفهمين الدين بطريقة خاطئة هل لأني استمتع بحياتي بطريقتي الخاصة والله يعلم عن طهارة قلبي وصفاء نيتي يجب ان تعلمي انه لولا ابنتي مارضيت في استمرار الحياة معك، انتي ياحضرة الزوجة المحترمة لا تفهمين ولا تُريدي ان تفهمي في أي عصر نحن نعيش تحملتك كثيرا عند سفرنا للخارج منذ ثلاث سنوات ، هذه حياتي سوف احياها كما اريد لن اغيرها انتي التي يجب عليك ان تتغيري، افيقي من غفلتك وفكري جيدا قبل ان اُجبر على امر لا نرضاه جميعا

كانت صامتة واضعة رأسها فوق ركبتيها تبكي بصمت

فتح باب الغرفة وخرج مسرعا متعثرا بابنته الجالسة بجوار الباب تبكي، لكنه هذه المرة سقط على الارض مما جعل ابنته تنقطع عن البكاء وتغرق في نوبة ضحك عميقة، نظر اليها بحنق ، قام واقفا ودخل غرفة التلفاز وأغلق على نفسه الباب



كان صوت اذان العشاء يرتفع عندما طرق الباب في ليلة من ليالي برج العقرب الاولى، كان كل شئ هادئاً داخل المنزل عندما إتجهت صوب الباب لتفتحه، كان الطارق شقيقها عاصم ، سلم عليها وهو يتجه الى غرفة التلفاز، جلسا قليلاً يتجاذبان الحديث كان حينها تعرض محطة فضائية عربية منظراً تتقزز منه الانفس، حاول اخذ الجهاز منه ليُغير المحطة، لكنه تشبث بالجهاز قائلاً له وهو يضحك.. اترك الجهاز أم اراك تطوعت مثل اختك، رد شقيقُها.. الله يهديك ياعامر… ويهديك، اقام المؤذن صلاة العشاء فنهض ممسكاً بيد زوج شقيقته ليصلوا سويا، إعتذر انه سيصلي في البيت والعشاء وقته طويل!

إتجه الى باب البيت ماراُ بأخته وهي جالسة جوار طاولة المطبخ ورأسها بين يديها وابنتها جالسة علي ارض المطبخ منشغلة في بعض لِعبها حين وتراقبها بطرف خفي حين اخر، إنسل بهدوء مُغادراً لكنها لحقته من خلال النافذة قائلة له: عاصم إنتظر سأتي معك، إتجهت لغرفة نومها مرتدية ملابسها على عجل، بعدما وضعت عبائتها علي رأسها، أمسكت بيد ابنتها واتجها الي باب البيت وصوته من ورائها إلى اين؟… إلى أُمي

تمدد على الاريكة واضعاً وسادة تحت رأسه وأشعل لفافة تبغ، أخذ يُقلب في المحطات الفضائية حتى استقر به مزاجه على محطة منحطة، كان غارقاً في المشاهدة عندما رن جرس الهاتف..أخذ سماعة الهاتف، انساب صوتها اليه وهمس من خلال السماعة بهدوء

هذا انت ايتها الشقية

الا زلت مصراً على مناداتي بالشقية؟

هل ترغبين في اسم غيره

لا أدري؟، اين هي؟

من ؟

زوجتك

خرجت قبل قليل

اعرف ذلك

هل افهم من ذلك انك تعرفين كل شئ عني حتى مغادرة زوجتي البيت

نعم

إنك خطيرة جدا ياصاحبة اجمل صوت سمعته في حياتي

هل تُريد ان اثبت لك ذلك

تعنين انك خطيرة

ليس كذلك، بل خروجها من المنزل

تفضلي

خرجت برفقة شخص اعتقد انه شقيقها ومعهما ابنتك

إذن انت قريبة مني

اقرب مما تتصور

إذن علي ان اكون حذرا

ليس الى هذا الحد

هل تسمحين لي بسؤال

إسأل ماشئت

ماالذي تريديه مني؟

ماذا تعتقد

لا ادري

الا يكفي انني احبك بهذه السهولة

إن شئت فقل بصعوبة، لقد امضيت زمنا وانا اراقبك

انني اسكن بالقرب منك اراك في دخولك وخروجك، هل تصدق انني بدأت اشعر بالغيرة من زوجتك

ايتها الشقية مالذي يجعلك تقحمينها بيني وبينك

الهذه الدرجة تُحِبُها

اليست زوجتي

إن كانت هي حبيبتك فمن انا

انتي عشيقتي،هي حبيبتي وانت عشيقتي

الاتعتقد انها لو درت بعلاقتك معي قد تغضب

لن تعرف هذا

لعل حبنا في يوم ينكشف

سوف نمارسه بعيدا عن الاخرين

ماذا قلت

قلت سوف نكون بعيدين عن الاخرين

لا قلت كلمة قبل هذا

تقصدين نمارس

إذن انت تريد حباً من نوع خاص

وهل تظنين اني اُريد شيئاً غير هذا

تقصد بذلك ان نتزوج ونمارس حبنا كما نشاء

لا ياعشيقتي ليس الامر كذلك

كيف؟

دعينا نمارسه دون ان يكون بيننا قيود

إذن المسألة هكذا.. وتتهمني بالشقاوة ايها الشقي

لا عليك انت شقية وانا شقي كلنا اشقياء

وأنا قبلت الصفقة

نقول مبروك

إنتظر قليلاً الا ترى ان نتزوج

أي زواج ايتها الشقية

الزواج الذي تعرفه ايها الشقي

ليس الامر كذلك ياعزيزتي.. دعينا نُمارس الحب قليلا ثم اقرر ماالذي علي ان افعله

اليس ذلك تجربة مُخيفة

هل افهم من ذلك أنك جاهلة بطقوس الحب

صامته

اعذريني.. لا اكاد ان اصدقك.. بالله عليك الا تعرفين الحب

اعرفه افضل منك.

إذن هل تقبلينني تلميذاً صغيراً يتعلم فنون الحب

قبلتك ايها التلميذ الشقي

لدي سؤال ايتها العاشقة الولهانة

تفضل

هل عشيقتي بكراُ ام ثيبا؟

بصوت يشبه الهمس.. إنني متزوجة

صامتاً

الا ترغب في هذا؟

لا بأس هل لي ان اعرف اين هو الان؟

دعك منه فهذه الامور لن تهمك

افهم من ذلك انك تحبينه؟

كنت

والأن

هو نكرة في حياتي

الهذه الدرجة وصلت العلاقة بينكما

هو الذي رغب في ذلك

لم افهم

هو في طريق وأنا في طريق

كيف؟

هو يبحث عن متعه وشهواته

هو فقط!؟ وانت

لا أدري؟ الا ترى انك اتعبتني بكثرة اسئلتك

سامحيني ايتها العاشقة،لدي سؤال اخير، هل يعرف انك تتحدثين مع الرجال!؟

نعم يعرف والأن هو يعرف ذلك

ماذا!؟

مابك هل انت خائف؟

أرجوك انا لا اريد المشاكل

لا تخف هو جبان جدا

يالك من شقية خطيرة

وانت شقي وخواف

لا اخفي عليك انني خائف،اين هو الان

قريب جداً، يعرف كل شئ وانني اتكلم مع رجل

إذن هو ديوث

سميه ما شئت،دعني الان

إنتظري لم انتهي من حديثي معك

سوف اهاتفك غداً في نفس الوقت الساعة العاشرة ليلا

وانا في انتظارك

أغلق السماعة وأخذ احدى المجلات التي بجانبه،كان على غلافها إمراه في كامل زينتها وتبذلها، أخذ يتأملها بعينين نهمتين مشعلاً لفافة تبغ

أفاق من تأملاته على صوت فتح الباب اعقبه دخول زوجته وشقيقها خلفها يحمل ابنتها وهي نائمة،أخذتها منه ذاهبة الى غرفتها ووضعتها على سريرها بينما إتجه شقيقها اليه ملقياً عليه التحية، دعاه للبقاء لتناول العشاءلكنه اعتذر واتجه مغادراً بخطوات سريعة ، جائت وجلست بعيدة عنه،أخذ يُقلب في المحطات الفضائية ولا زالت المجلة في يده إستقر رأيه على محطة محلية،طال الصمت بينهما ألقى المجلة من يده ، تناولتها متأملة صورة الغلاف..نظرت اليه قائلة:جميلة اليست كذلك

استمر في صمته

كم دفعت ثمناً لها

ثلاثون ريالا

جمال مُغري لعله هو الذي شجعك في دفع هذا المبلغ الضخم في بضع وريقات لا تُساوى شيئا

لا انكر انها جميلة ولكنك اجمل منها

صحيح!

وهل لديك شك في ذلك؟

ألقت الجريدة من يدها وقامت متجهة الى غرفة النوم.. لحِقها ثم اغلق الباب وراءه بهدوء..ناظراً اليها: رابية حبيبتي

نعم

هل انت غاضبة علي؟

من قال هذا أنني راضية عنك جداً جدا

أخذ يعبث بخصلات شعرها قائلاً:ارجوك دعي عنك اسلوبك هذا في الكلام،هربت منه مرتمية على السرير رامية الغطاء فوقها مدبرة بوجهها عنه قائلة:أرجوك انا متعبة دعني انام

حسناً انت وشأنك

غادر الغرفة مغلقاً الباب وأخذ يتجول بين الغرف لفت إنتباهه وقوف الخادمة بجانب السياج الخشبي للدور العلوي، عند رؤيتها له قالت: هل يرُيد سيدي شيئا

اشار بيده قائلاً: اذهبي لغرفتك لا اريد شيئا،إتجه الى غرفة ابنته وقف بجانب سريرها يتأملها وهي نائمة، رجع بعدها الى غرفة التلفاز،جلس على الاريكة وأشعل لفافة تبغ وأخذ يمارس هوايته بالتنقل بين المحطات الفضائية، خفق قلبه عندما رن جرس الهاتف أخذ السماعة.. من؟

أرجوا المعذرة هل رابية موجودة

إنهما نائمة هل تُريدين أن اوقظها لك

شكراً لا داعي لذلك سوف أتصل بها غداً إنشاءالله.

قام بالاتصال على صديق له..مرحبا

مرحباً عامر أين انت نحن مجتمعون لا ينقصنا سواك

دقائق وسأكون عندكم.



كانت ساعة الحائط تُشير الى الثامنة مساءاً عندما فرغا من طعام العشاء،اتجه الى غرفة التلفاز وأخذ يقُلب في المحطات الفضائية واتجهت هي الى غرفتها وألبست ابنتها الصغيرة، تمددت على اريكة في الصالة وابنتها واقفة بجوارها تتأمل الدموع التي في عينيها قبلتها قائلة:أمي لماذا تبكين هل اغضبك أبي،إكتفت بالنظر اليها لكن الطفلة أخذت تُحملق في وجهها بحيرة، ضمتها على صدرها بهدوء قائلة: لا يابنتي لم يغضبني لكني ابكي من ألم في رأسي

هل أتي لك بالدواء الذي تستعملينه عندما يؤلمك رأسك؟

لا ياحبيبتي سوف أخذ منه فيما بعد

نادى عليها بصوت أجش ورائحة لفافته تتسلل الى الصالة…رابية أين انت هل أتي وأجلس معك أو تأتي إلي هنا

لم ترد عليه

رابية الا تسمعيني

بل سمعتك ولكن دعني أرجوك

أنت وشأنك، نجلاء تعالي

نظرت الطفلة اليها..هل أذهب

نعم أذهبي أليه

ركضت الطفلة صوب الغرفة المُعبقة برائحة الدخان وقامت بمعانقة ابيها ملتقطة الجهاز من يده وأخذت تُقلب في المحطات، تركها أمام الجهاز واتجه إلى الصالة،جلس بجوارها وأخذ يهمس في أذنها..حبيبتي رابية ألا تعترفين أنني احبك

صامته

بالله عليك دعي عنك هذا الاسلوب في الحياة ودعينا نتمتع بحياتنا،أرجوكِ لا تكوني سبباً في تعاسة ابنتنا

نظرت اليه قائلة: ماالذي تُريد ان اعمله

آه أخيراً تكلمت..أُريد أن يكون أسلوبنا في الحياة واحد

لم أفهم

أنت تعرفين جيدا

إعتدلت في جلستها قائلة له: حسناً أتي اليك لأعيش اسلوبك في الحياة أم تأتي لتعيش معي أسلوب حياتي

ألست تقولين دائماً لتلميذاتك أن على المرأة طاعة زوجها فهو جنتها ونارُها

ضحكت بعمق قائلة له: أفصح عما تُريد قوله أيها الزوج المُخلص

ماذا تقصدين بكلمة مُخلص

ماالغرابة في ذلك أقصد أنك مُخلص

وهل تشكين في إخلاصي لك

لا ياعزيزي لا أشك في ذلك البته.. بل أعترف انك تُحبُني أشد من حُبك للفافة تبغك

أراكِ عدتِ الى أسلوبك الذي اعرفه في الحديث معي، كلما أردت التفاهم معك لوضع الحلول لحياتنا المزدوجة تُخاطبينني بالألغاز والكلمات المُبهمة.. رابية إرحمي حُبي لك

إكتفت بالنظر أليه وهي صامته

رابية حبيبتي الجميلة لا تقتليني بصمتك هذا

وماالفائدة في نقاشنا لهذا الموضوع هل تعرف اننا لكثرة تردادنا له قد اهترئ،هل نسيت اننا نتناقش فيه منذ زواجنا

إصرارك وعنادك هو سبب ذلك كله

هل تصدق ياعامر أنني بدأت اقتنع انني لن أستطيع أن أُغيرك إلا اذا شاء الله، قد تأكد لي أنك مؤمن بأسلوب حياتك الذي تعيشه، كم انت مُعجب بحسن صنعتك

ماهذا الكلام أرحميني أيتها الواعظة الخرقاء ألم أقل لك انه لا يحلو لك الكلام معي إلا بالألغاز والعبارات المُبهمة

حسناً أعدُك انني لن أتناقش معك في هذا الموضوع مرة أخرى.

وضحي كلامك

لن تفهمني ولن أفهمك وهي النتيجة المعروفة مُسبقا كلما طرحنا موضوعنا المهترئ هذا للنقاش

قام من أمامها ممسكاً برأسه راكعاً على ركبتيه أمامها مقترباً بوجهه من وجهها وأخذ يُخاطبها بعنف.. أيتها المرأة الجامدة هل تشعرين بالمتعه وانت ترينني أتعذب معك في حياتي

لا أدري من منا يتعذب، أرجوك دعني لوحدي

قام من أمامها واتجه إلى غرفة النوم مُغلقاً الباب وراءه، إستلقى على السرير وأشعل لفافة تبغ، ركضت الصغيرة صوب أمها وجلست بجوار قدميها ناظرة اليها بعينين ينفذ منهما الحيرة والخوف قائلة لها:أمي لماذا أبي يصرخ هكذا..هل انت غاضبة عليه

أكتفت بالنظر اليها والشرود يكسو ملامحها

أمي هل انت غاضبة عليه لأنه يشرب السيجارة ولا يستعمل الفرشاة ومعجون الأسنان

إبتسمت اليها إبتسامة باهتة ولم يزل الحزن مُلقياً بظلاله الكئيبة على وجهها

فتح باب الغرفة وخرج ومن خلفه رائحة التبغ،ألقى نظرة عليها وعلى ابنته،جلس بجوار ابنته معطيً أياها صفحة خده لتطبع عليها قُبلة،تأملت خده قائلة له:أبي هُناك شعرات بيضاء، خاطبها بحنق قائلاً : مالك ولها..قبلة هيا، طبعت قُبلة باردة على خده

إقترب بوجهه من وجه زوجته مبتسماً ابتسامة عريضة يفوح من خلالها رائحة التبغ، أخذ يُغني لها.. من حبوبي أنا.. رد علي وقول، نفضت يداه عنها ناظرة اليه بعينين مليئتان بالكراهية والقرف والاشمئزاز واتجهت لغرفة النوم مُغلقة أياها بشدة

خيم صمت موحش عليه وعلى ابنتها التي أخذت تنكت في الارض بأ صبعها حيناً وناظرة اليه حيناً أخر

خاطب ابنته قائلاً:مارأيك يانجلاء في أمك

إكتفت بالنظر أليه وهي في صمتها وحيرتها

قامت بفتح الباب ثم قامت بسحب أبنتها لداخل الغرفة مُغلقة الباب، لم يطل مكوثها داخل الغرفة غادرتها وقد إرتدت هي وابنتها ملابس الخروج، غادرت المنزل مُغلقة الباب ورائها

كانت الساعة تُشير الى العاشرة مساءاً بعد مغادرة زوجته وابنته المنزل بحوالي ساعة وذلك عندما رن جرس الهاتف، كان مستغرقاً في مشاهدة محطة فضائية.. رفع سماعة الهاتف ناظراً الى الساعة المُعلقة على الحائط أمامه

دقيقة في المواعيد

هل تُعجبك دقة المواعيد

ليس دائماً ولكن معك تعجبني

أنت بمفردك في البيت أليس كذلك؟

هو كذلك أيتها المراقبة الجميلة

رأيتها تخرج منذ ساعة تقريبا ومعها ابنتك

تقصدين من؟

رابية حبيبتك

صامتاً

هل ان اعرف من صمتك انها حبيبتك

نعم أنني أُحبُها

هل تعتقد أنني سوف أغار منها

بدأت أشعر بذلك

أنت مخطئ يجب عليك أن تُحبُها إنها زوجتك

صامتاً

أُصارحك القول أُقدر فيك إخلاصك لها

أتهزئين بي أيتها الشقية ذات الصوت الجميل، سبق وأن عقدت إتفاقاً بيني وبينك وأفهمتك انها حبيبتي وأنت عشيقتي

لا زلت أذكر ذلك الاتفاق وسوف أحرص علي تنفيذه بكل إخلاص، لكن الا تظن إنك بذلك تُعرض حبك معها للضياع بسبب علاقتي معك

كيف

وهل تعتقد أنها سوف تكون سعيدة وتطير فرحا إذا عَلِمت بعلاقتك مع إمراة غيرها

اطمئنك انها لن تعرف ذلك ولن تطير فرحا

أخشي ان تُصبح يوماً عشيقتك بدلاً من حبيبتك

وهل سيأتي ذلك اليوم

وماالذي يجعلك تظن انه لن يأتي

كم حاولت أن أجعل ذلك ولكني فشلت

لعل العيب فيك

بل منها

كيف؟

هُناك عقبة كؤود تقف في طريقنا

ألم تستطيعا تجاوزها

كانت اكبر مني ومنها

هل لي أن أعرف صفة هذه العقبة الكؤود

ومالكِ انت وهذه العقبات، هذه الأمور تخص حبيبتي ولا دخل لعشيقتي فيها..بالله عليك متى يجمع اللقاء بيننا؟

لن أقول لك حتى تخبرني عن هذه العقبة الكؤود

الا ترين أنكِ بأسئلتك هذه تُنغصين علينا حُبنا

إذا لم تُخبرني لن أستمر في حُبي معك ولن تراني

حسناً هي تصر على التعامل معي بأسلوب قديم لا يناسب العصر

لم أفهم

يكفيك هذه المعلومة ودعينا نتحدث في أمور أخرى تهمنا

تقصد أنها متزمتة ومُعقدة

تقريباً

أما حاولت أن تعيش معها في أسلوبها هذا؟

هل تمزحين!؟

إني جادة

هل أعجبك أسلوبها هذا الذي تعيشه

أي أسلوب؟

أن تكوني مطوعة مثلها

ياساتر إنني أحب الأنطلاق والتمتع بمباهج الحياة ولذائذها

هل هذا الذي دفعك لأقامة صداقة معي؟

نعم

وكيف عرفت أنني أتقمص طبيعتك

عند لقائنا سوف أخبرك

دعنا نعود إلى رابية ألم تُحاول أن تغير من طبائعها

لم أستطع

هل سافرت معك للخارج

مرة واحدة تشاجرنا فيها سويا

أنت أم هي سبب ذلك

وماالذي يهمك في ذلك؟

أريد أن أعرف؟

بالله عليك دعينا من ذلك

ها، هي أم أنت

إن ظللت على أسلوبك هذا سأغلق الخط

أعدك أنه أخر سؤال

وعد

وعد

هي السبب لأنني أعرف كيف أعيش حياتي وأتمتع بها

حسناً سافي بوعدي ولن أسألك عنها بعد ذلك

ها متى نلتقي؟

متى شئت أنا حاضرة

أين؟

هل تحب السفر؟

جداً جداً

مارأيك أن نلتقي في الخارج..هل تُحب البحر؟

وماعلاقة البحر بذلك؟

أجبني أولا.. هل تُحب البحر؟

ليس كثيرا أجمل منظر له عندي عندما أراه من بعيد

أيها الجبان سأجعله تحت قدميك مباشرة

وكيف سيكون ذلك أيتها الشقية

حسناً سأوضح لك ذلك..كم كنت أتمنى أن أعيش قصة حب وأنا في سفينة تشق مياه البحر الزرقاء أستمتع بساعات حُبي مع من أُحبه ونقف ليلاً على سطحها نستمتع ببريق النجوم وظلمة الكون من حولنا(لم تستطع أن تُكمل من البكاء)

نعم نعم ماالذي يبكيك أيتها العشيقة الحالمة!؟

أنا أسفة ولكنها كانت أمنيتي منذ زمن بعيد لم أستطع أن أُحققها.. أعدك أني لن أفعل ذلك ثانية

أصارحك القول أيتها العشيقة الباكية أنه قد ازداد غموضك لي

أعدك أنني لن أكون هكذا مرة أخرى وسأغرقك بصراحتي وجرأتي وذكائي

لكني أخشى أن تغرقيني في البحر قبل ذلك

أسمع جيداً أيها العاشق هناك عبارة فخمة ستبدأ أول رحلة لها بعد يومين من مرفأ جدة متجهة إلي مرفأ ضباء وسوف تتوقف هناك لساعات قليلة ثم تُكمل رحلتها إلى الغردقة سأكون أنا على متنها..قاطعها قائلاً: إنتظري إنتظري أيتها العاشقة البحرية لم أستوعب ماقلتيه

أفهم من ذلك أنك لن تحقق لي حلمي الجميل إذن لتكن هذه أخر مكالمة بيننا وسأغلق الخط

بالله عليك إنتظري هذا الكلام الذي تقولينه أسطورة

ماذا تقصد؟

أقصد أولاً أنني أخاف من البحر ثانياً لم أفكر يوماً أن أمتطي ظهره بالرغم من حب رابية له والحاحها الدائم لي ان نسافر في رحلة بحرية وذلك لشدة خوفي من ركوب البحر

هل أفهم من ذلك أنك لن تحقق لي أمنيتي هذه

هل أنت جادة فيما تقولين

إعلم أن لم توافق على ذلك فستكون هذه أخر مكالمة بيننا

حسناً دعيني أُفكر

بدون تفكير

ولماذا البحر؟ الطائرة أسرع وأجمل

بل البحر أمتع وأجمل هل ستحقق لي أمنيتي هذه أم أُغلق الخط

أمري إلى الله البحر البحر

شكراً أيها العاشق الولهان

عفواً أيتها العاشقة الجبارة..هل أن أعرف كيف سنلتقي؟

إسمعني جيداً السفينة ستغادر مرفأ جدة بعد غد إلي مرفأ ظباء وبعد توقفها ساعات قليلة سوف تُغادر متجهة إلى مدينة الغردقة عندها سوف تراني وأراك ويحدث أمتع لقاء

حلو مخططك هذا ولكن كيف لي أن أعرفك

عند مغادرة السفينة ميناء ظباء سأبعث لك برسالة موضح فيها رقم قُمرتي وماعليك بعد ذلك سوى الاتجاه إلي ولا تنسى أن تكون غرفتك في الدرجة الاولى

هكذا

هكذا وهل هناك أبسط من ذلك

لا يالك من بحرية خطيرة، أُصارحك القول لي مغامرات كثيرة مع النساء ولكني لأول مرة أُحس بخطورة مُغامرة مع إمراه

أعرف ذلك

ولكنك أخطر مني ياصاحبة أجمل صوت سمعته في حياتي

لا أخفي عليك سترى مني أشياء أجمل منها ولكن دعها لوقتها

يالك من عاشقة لعوب

هيا إذن لا تُضيع الوقت إذهب لأقرب وكالة بحرية واحجز على السفينة التي تُغادر مرفأ جدة الي ظباء والغردقة في أول رحلة لهاً

سأذهب حالاً.. لدي سؤال كيف سيُسمح لك بالسفر بدون محرم؟

ومن قال لك أنني سأسافر بدون محرم.. سيكون معي

من هو!؟

زوجي

نعم!!؟

قُلت لك زوجي

أهلاً أهلاً على مايبدو ترغبين في مشاهدة رجل يُقتل على ظهر عبارة بحرية متجهة الى ميناء الغردقة المصري وتُلقي جثته في البحر..أسمعي أرفض ذلك وبشدة

أيها الجبان كيف تُريد ان تخاف من زوجي ولا أخاف من زوجتك ؟

ومادخل زوجتي في ذلك هل هي معنا في العبارة

اطمئنك أنه لن يكون معي في العبارة؟

ماهذه الألغاز لا أفهم شيئا وضحي لي لو سمحتي

هو في جو أخر سيكون معنا ولكنه مشغول بعشيقته ولو رأني معك لن يفعل شيئا

إلهذه الدرجة هو ديوث

أرجوك لا تسبه هو يُحبُني

ماأقذره

دعك منه..ماذا قلت؟

هل أنت متأكده انه لو رأنا سوياً لن يفعل شيئا

أؤكد لك ذلك،نعم سيجمعنا مكان واحد ولكنه سيكون غارقاً مع عشيقته

أمري إلى الله.. الله يستر

سأتصل بك غداً لأخذ منك رقم قُمرتك ولا تنسى ان تحجز في الدرجة الاولى

هيا مع السلامة

إنتظر أُريد منك خدمة هل تستطيع أن تؤديها لي

بدون شك ماهي

أُريد شيح

ماذا!شيح؟

نعم شيح

تقصدين الشيح الشيح ليس غيره

نعم الشيح ليس غيره ماالغرابة في طلبي هذا

أُصارحك القول إنه طلب غريب..لماذا الشيح

صامتة

بالله عليكن ماقصتكن مع الشيح ايتها النساء

ماذا تقصد؟

حتى زوجتي رابية تُحبه وتشرب منه كثيرا، شيح.. شيح سأتيك به فلدينا منه الكثير في الثلاجة

هيا سأغلق الخط قبل أن تأتي حبيبتك ولا تنسى ماطلبته منك عشيقتك سأتصل بك غداً في مثل هذا الوقت لأخذ رقم القُمرة،أكثر من الملابس الثقيلة فنحن في الشتاء كما تعرف

هيا مع السلامة

أغلق سماعة الهاتف وتمدد على الأريكة مشعلاً لفافة تبغ وأخذ يُقلب في المحطات الفضائية

إعتدل في جلسته عندما سمع صوت المفتاح يدور في ثقب الباب

دخلت متجهة لغرفتها وانطلقت الطفلة صوب أبيها الذي كان مشغولاً بمراقبة فقرة فضائية عارية، لم تنتبه الطفلة للفافة التبغ التي كانت في يد أبيها فالتصقت جمرة اللفافة في خدها الغض،جائت تركض على إثر صرخة أبنتها المُفزعة وجدت الاب يحملها ويقوم برش الماء على موضع الحرق،أخذتها منه واتجهت بها للمطبخ، أخذت مرهماً من الثلاجة وقامت بدهن مكان الحرق، بعدما هدأ بكاء الطفلة قليلا حملتها واتجهت بها الى غرفة النوم، أخذت تمسح على رأسها لتساعدها على النوم والتخفيف من ألم الحرق، خيم على المنزل صمت موحش قطعه صوت منخفض قادم من غرفة التلفاز، كانت مستغرقة في التفكير ولازالت يدها تمسح على رأس أبنتها التي كانت ترتجف رجفات متقطعة يعقب ذلك بكاء ونشيج ثم تعود للنوم، سكبت عبراتها في صمت قاتل لم يعكره سوى صوت نسائي متسللاً قادما من أحدي المحطات الفضائية يقول..طيبين وحلوين.. وبنحب، أعقب ذلك صيحة بدرت منه دون شعور: ياروحي..شعر بعدها بالخجل متذكراً أنها بالبيت وقريبة منه تسمعه، قام من مكانه مطفئاً الجهاز،أتجه إلى غرفة النوم، إقترب منها مُلقي نظرة على ابنته، همس بصوت أجش..ماهذه الظلمة هل تسمحين أشعل النور؟

لم ترد عليه

أشعل المصباح واتجه للطرف الأخر من السرير ملقياً نظرة على وجه ابنته..لونها يميل إلى الأصفرار أليس كذلك؟

لم ترد

إتجه إلي ناحيتها وقام بالمسح على شعرها الناعم،أخذ كُرسي وجلس بجوارها هامساً لها بصوت يشبه الفحيح..أيتها الحقود

بقيت مسترسلة في حزنها وصمتها

هامساً لها: صدق من قال الحب عذاب

أشعل لفافة تبغ وأخذ ينفخ الدخان بعصبية ظاهرة

نهضت بغضب وأشعلت جهاز التكييف بالرغم من برودة الجو رجعت تُريد النوم جوار أبنتها عندما وضع قدمه على السرير مانعاً إياها، تركته وجلست على كُرسي جوار المرآة واضعة رأسها بين يديها

رمقها بنظرة إحباط وغضب مُغادراً وأغلق باب الغرفة بعنف أيقظت ابنته من نومها التي جلست تراقب أمها وهي تبكي في سكون، لمست موضع الحرق بيدها ثم عادت محاولة إكمال نومِها، فتح باب الغرفة مُطلاً برأسه قائلاً:إسمعي سوف أُسافربعد غداً إلى مصر لدي بعض الأعمال هُناك حضري لي الشنطة وأكثري من الملابس الثقيلة هل سمعتي، أغلق الباب تاركاً إياها غارقة في حُزنِها





قبل الغروب بقليل كانت قد إنتهت من إعداد حقيبتها، ذهبت أليه في غرفة التلفاز قالت له وهي واقفة على باب الغرفة..سأذهب هل تُريد مني شئ؟

هل حزمتي لي حقيبتي

نعم

البذلة الرمادية

في الحقيبة

الكاروهات

في الحقيبة

المعطف الأزرق الذي اشتريته من لندن

في الحقيبة..هيا إني ذاهبة

مع السلامة

مع السلامة

عندما إقتربت من باب المنزل ركض باتجاهها ووقف أمامها ساداً الباب بظهره،قام بحمل ابنته وأخذ يُقبلها.. نظر إلى زوجته قائلاً:ألا تودعيني

تحاشت النظر أليه قائلة : أتمني لك رحلة ممتعة

هكذا

صامتة

ها ألا تودعيني

قلت لك مع السلامه

أنتي حرة، متى ستقلع طائرتكم إلى الرياض؟

بقي ساعتين على موعدها أرجوك لا تأخرنا

هل أخبرتي أختك بمجيئكما أليها؟

نعم .. هل هناك شئ أخر؟

من سيذهب معكما؟

أخي عاصم أنه ينتظرنا الأن

إنطلق صوت منبه أخيها عاصم يستحثها على الأسراع

حسناً عندما أتي سأحاول المجئ اليكم في الرياض، لن أغيب أكثر من عشرين يوما

عشرين يوماً فقط لماذا هذا الأستعجال نصحيتي لك أن لا تتعجل تمتع بوقتك قدر إستطاعتك

نظر أليها بعينين وقحتين قائلاً:أي وقت أستمتع به.. رابية لا تُكلميني بهذه الطريقة أرجوك

أزاحته من أمامها بهدوء ثم غادرت المنزل ممسكة بيد أبنتها، عندما هم بأغلاق الباب سألها أن تسمح له بأن يأخذ الشيح الذي في الثلاجة، التفتت أليه بتعجب قائلة: منذ متى الشيح!

ليس لي ولكنه لصديق لي في مصر رجل أعمال أوصاني أن أتي له بشيح

لم ترد عليه وانطلقت راكضة مع درجات المنزل الى أخيها في السيارة التي إنطلقت بهما صوب الشمال.

رجع إلى الثلاجة مُلقياً نظرة على الشيح رأه اخضراً طازجاً،أخرجه من الثلاجة ناظراً أليه وكأنه يراه لأول مره،أخذ يشمه بعمق وبمتعة، قام بوضعه داخل كيس وأودعه حقيبه سفره.

قبل أن ينتصف الليل بقليل رن جرس الهاتف، رفع السماعة، عندما سمع صوتها صاح بانفعال قائلاً: أينك ظننت أنك لن تتصلين بي لقد تأخرتي

لا تغضب هاأنا إتصلت.. هل أنت لوحدك

لقد سافرت

حسناً أين أنتي الأن؟

قريبة

هل زوجك موجود؟

نعم إنه يسمعني وأنا أتحدث معك

غريب هذه الرجل ألا يغار

ضاحكة.. لا أخاف منه إنه جبان

إذن أنتما متفقان فيما بينكما

تقريباً كذلك هو أيضاً له مغامرات

أُصارحك القول لم أستوعب ذلك

لماذا؟

أعتقد أن هذا يُخالف الفطرة

إنني أراها قسمة عادلة

يالك من فيلسوفة طائشة

يالك من أناني متسلط

ولماذا هذا التجريح أيتها الشقية

لأنك لاترضى أن تطلق حرية حبيبتك رابية كما أطلقتها لنفسك

ومن قال لك أنها تُريد أن تكون مثل.. لم يُكمل

تقصد أن تكون مثلي

ليس هكذا بالظبط أقصد هل تريدين أن أكون مثل زوجك

ولماذا لا تُريد أن تكون رابية مثلي

أنا رجل وهي إمراه

وزوجي رجل وأنت رجل

بل هو ديوث وأنا رجل

ضاحكة.. دعنا من ذلك وأخبرني هل رتبت الحجز

كل شئ جاهز رقم قُمرتي 41في الدرجة الاولى

جيد،إذن سنلتقي بعد أن تتجه العبارة الى الغردقة مُبتعدة عن مرفأ ظباء

بالله عليك قبل أن نلتقي في البحر مارأيك لو تأتين إلى الليلة سوف أُفرجك على كابينة لي في البحر جميلة جدا، سوف أجعل الطباخ هناك يشوي لنا سمك واستكوزا.. هل تحبينهما إني أُحبهما جداً.

لا تكن عجولا بعد يومين سنلتقي،هيا سأغلق الخط فأمامي عمل كثير قبل السفر أياك أن تنسي الشيح هيا مع السلامة





إنطلقت العبارة الفخمة في أول رحلة لها إلى مدينة الغردقة من ميناء جدة عن طريق ظباء، كان واقفاً بالقرب من سياج العبارة يرقب مدينة جدة وهي تبتعد عن ناظريه من خلال هواء رطب يميل قليلاً الى البرودة، بعدما أقبل الليل أخذ يتجول داخل العبارة متجهاً بعد ذلك الى المطعم، بعد تناوله العشاء إتجه إلى قُمرته ليمضي فيها ليلته

وصلت العبارة الى ميناء ظباء في اليوم الثاني، كان الجو بارداً والسماء تتخللها غيوم سوداء ، وقف على سياج العبارة يراقب نزول ركاب ظباء وصعود ركاب الغردقة، أمضت العبارة بضع ساعات قليلة في وقوفها تحركت بعده مبتعدة عن رصيف الميناء، رجع إلى قُمرته وأغلق الباب أشعل لفافة تبغ وجلس جوار النافذه يرقب مرفأ مدينة ظباء وهو يبتعد عن ناظريه، ، لم يمكث كثيراً حتى طرق الباب، عندما فتحه وجد أمامه أحد أفراد طاقم العبارة حياه وناوله خطاب وكرتون صغير، أغلق الباب راجعاً الى مكانه جوار نافذة القُمرة فض الخطاب وأخذ يقرأ

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى من يستحق الرجم

يجب أن تعلم جيداً أنه ليس لي قُمره لأنني لست على هذه العبارة ولن أكون عليها إلا إذا شاء الله

أُصارحك القول كم تمنيت وكم كنت أحلم أن أكون معك على ظهر أي عبارة بل على أي قارب ولكن لم يشأ الله لي ذلك،كُتب علي أن تفوتني هذه الرحلة التي كُنت أتوق ان أكون على ظهرها، فاتتني هذه الرحلة كما فاتني الكثير من رحلاتي معك، لن أندب حظي فاالله اراد لي ذلك

لم أكن اعلم أنك على هذه الدرجة من الغباء لم تلاحظ اني لا أتصل بك إلا عندما تكون رابية خارج المنزل

لن أُعاتبك الذي بيننا أكبر من ذلك بكثير

أعلم أنني إمرأة حره مسلمة والفراق بيني وبينك بيدي وحمداً لله على ذلك، لم أكن أتمني لك أبداً هذا الموقف المُخزي المُحرج ، كم أمُهلت من الله، لن أدع حيرتك هذه تطول،إذا أردت أن تعرف من أنا أخرج الجهاز الذي في الكرتون وأوصله بالكهرباء حرك المؤشر على الجهة اليسرى قليلاً قليلا سوف تتمكن عندها من سماع صوتي الناعم الذي أوقعك في شباكي

ألذي أريده منك عند عودتك أن تُطلق سراحي، هل عرفت ماذا أُريد، أود إحاطتُك أن جميع المكالمات التي تمت بيني وبينك مُسجلة والاشرطة موجودة لدي

أتمنى لك رحلة سعيدة ولا تنسى أن تتناول من شراب الشيح أنت ومن تُحب من نسائك اللائي فضلتهن علي

أِخيراً إتجه لسياج العبارة قبل أن تبتعد عن الميناء إن إردت أن تراني للمرة الاخيرة

المطعونة في كرامتها

رابية

وما أن انتهى من قراءة الخطاب حتى غادر قُمرته راكضاً وأخذ يصعد درجات العبارة بسرعة وعند السياج ألقى نظرة على المرفأ،فوجدها برفقة أخيها عاصم وابنتها واقفون بالقرب من سيارتهم في الساحة، ركض عائداً إلى قُمرته وارتمى على السرير،أخذ الجهاز من الكرتون وأوصله بالكهرباء وأخذ يحرك المؤشر الى اليسار وهو يردد رابية رابية فجائه ِالصوت الناعم

صوت حبيبته الشقية.

منقول

إماراتية و النعم
17-06-2002, 09:35 PM
مشكوووووور اخوي و ما قصرت على هاذي القصة الفنانة و ما قصرت اخوي تسلم :0)


ســــــــــــــــــــــــــــــوالـــــــــــــــــــــم;-)

محروم
18-06-2002, 05:55 AM
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة إماراتية و النعم
مشكوووووور اخوي و ما قصرت على هاذي القصة الفنانة و ما قصرت اخوي تسلم :0)


ســــــــــــــــــــــــــــــوالـــــــــــــــــــــم;-)
الف شكر اختى العزيزه على الرد وتعرفين ليش الاعضاء مايقرؤن مثل هذى الموضيع علشان هى طويله بالمره ولكن الفائده تكمون هنا على العموم الف شكر اختى العزيزه على هذا الاطلاع .

شمس الورود
18-06-2002, 06:31 AM
مشكور أخي محروم على القصة
انها جميلة ومؤثرة

محروم
18-06-2002, 06:35 AM
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة شمس الورود
مشكور أخي محروم على القصة
انها جميلة ومؤثرة
العفووو الف شكر لكى انتى وللاخت اماراتيه على الاطلاع على مثل هذى الموضيع