moslem
17-06-2002, 11:46 PM
أسباب عديدة تقف وراء صعود أسهم تيار السلفية الجهادية في بورصة قيم الإسلام الحركي في العالم بأسره، وليس في الأقطار العربية والإسلامية، وإن كنا سنقتصر في هذه الأطلالة علي الحالة المغربية كنموذج.
تتوزع هذه الأسباب علي فرعين الأقل، يمس الفرع الأول ملف التعاطي المغربي مع الشأن الإسلامي الحركي، بمختلف تفرعاته المذهبية، وهو ما كنا نود الخوض فيه مع بعض التفصيل، لولا أن مستجد الاعتقالات الأخيرة في صفوف أفراد من تنظيم القاعدة ، يحتم علينا التركيز أكثر علي الشق الثاني من تلك الأسباب، والمرتبطة مباشرة باستحقاقات قيامة 11 أيلول (سبتمبر)، والتي جلبت معها قيامة أمنية استخباراتية تهم كل ما يتعلق بالإسلام الحركي في شقه المتشدد أو المتطرف، في انتظار العروج علي الإسلاميين المعتدلين ، ممن وجب تصفية الأمور بصفة نهائية معهم، ولو تطلب الأمر صدور انزلاقات أو تجاوزات أمنية للسلطات العربية والإسلامية، من المفترض أن يتم التغاضي عنها أمريكيا، بحكم الضوء الأخضر الذي تم تمريره سلفا، ونستحضر هنا ما صدر عن فعاليات مسؤولة محسوبة علي جماعة العدل والإحسان المغربية، أكبر تنظيم إسلامي مغربي، عبرت عن تخوفها من شن سلطات الأمن اعتقالات عشوائية بكل التبعات الحقوقية القلقة التي يمكن أن تصاحبها وذلك علي هامش إعلان السلطات المغربية عن اعتقال ثلاثة عناصر تحمل جنسية سعودية تنتمي لتنظيم القاعدة ، محسوبة علي الخلايا النائمة ، كانت تخطط لجعل المغرب قاعدة لاستقبال مجموعات إرهابية، وكانت تخطط في آن، بحسب ما تداولته وسائل الإعلام الرسمية، فتح قواعد لها في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، والانطلاق منهما للهجوم علي البواخر والسفن الأمريكية التي تعبر مضيق جبل طارق.
يكمن مأزق السلفية الجهادية أو ما يسمي اليوم عند قادة هذا الفصيل ب منهج أهل السنة والجماعة ، في عدم تردد إصرار العديد من رموزها علي مساندة الشيخ أسامة بن لادن، العدو رقم واحد عند الإدارة الأمريكية، ونستشهد هنا بما صدر علي لسان المدعو أبو حفص، والذي نقرأ له في حوار له، ذلك التنديد ب أمركة خطب الجمعة ، واصفا بالمناسبة الولايات المتحدة كونها الطاغوت الأكبر، والشيطان الأعظم اليوم، فهي قمة الباطل، ومحور الشر في العالم ، أما تقييمه لشخص بن لادن، ـبيت القصيدـ، فإنه يفتخر برجل جعلنا نتفرج علي الأمريكيين وهم يبكون، بعد أن تعودنا علي رؤية دموع الفلسطينيين والأفغان والشيشان ، حتي أنه سمي مولودا له باسم ابن لادن، (أسبوعية الصحيفة المغربية. 31ـ5ـ2002)، وطبعا، لا يمكن لمثل هذه التصريحات، التي قدمت في الأصل بعد اعتقاله، أن تمر مرور الكرام علي أعين محرري التقارير الأمنية الموجهة للاستخبارات الأمريكية، ولا يمكن أن تفضي إلا إلي المزيد من تضييق الخناق علي أنصار بن لادن ويتقدمهم تيار السلفية الجهادية .
للتذكير فقط، أبو حفص هذا أو ابن لادن المغربي كما يحلو للبعض وصفه، هو ابن المدعو أبو حذيفة ، وهو قيدوم وشيخ الأفغان المغاربة ، وسبق لهذا الأخير في حوار له مع نفس الأسبوعية، أن أفصح عن تأييده لأسامة ابن لادن، بل ودعا كل مسلم غيور علي دينه أن يتبني أفكار ابن لادن، لأنه لا يطلب الزعامة، ولا يسعي إلي الأضواء . ( الصحيفة . 17ـ5ـ2002)
صحيح أنه أكد في نفس الحوار علي عدم وجود أية صلة له مع تنظيم القاعدة ، لكن، الدعوة العلنية إلي تأييد بن لادن، وإعلان البراءة في آن من تهمة الانتماء للتنظيم إياه، أمران لا يستقيمان البتة عند المعنيين المحليين والدوليين بمطاردة ما تبقي من الأفغان العرب ، وكنا قد أشرنا من قبل إلي بعض خلفيات اعتقال سلطات الأمن المغربية لـ أفغان مغاربة في الآونة الأخيرة، مع التأكيد علي أن الاعتقالات قدمت نتيجة تكثيف التعاون الأمني والاستخباراتي بين الإدارتين الأمريكية والمغربية، فأثناء الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس للديار الأمريكية في آيار (ماي) الماضي، أجريت محادثات ذات طبيعة أمنية وعسكرية مع وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد بحضور كبار مساعديه وخاصة بول وولف فويتز المكلف بملف محاربة الإرهاب، إضافة للاستقبال الملكي لمدير وكالة الاستخبارات الأمريكية جورج تينيت، الذي قام في ما بعد بزيارة الرباط.
(دون أن نتبني الدفاع عن أي فصيل إسلامي كان، نجد أن هناك بعض المصداقية في إعلان العدل والإحسان المغربية عن تخوفها من تبعات الاعتقالات الأخيرة، خاصة في ظل تصاعد نفوذ الاستخبارات الأمريكية في المنطقة، بأن نصل في نهاية المطاف إلي الحالة التي تميز كلا من السعودية والأردن، حيث تجاوزت الأمور الاكتفاء بفتح مكاتب تابعة للاستخبارات الأمريكية منذ زمن، كما يشهد علي ذلك بزوغ تنظيم القاعدة في الحالة السعودية، وتأمل طبيعة انتقال العرش الملكي في الأردن.. بمعني أننا ننتقل تدريجيا من بضع مكاتب لمكتب التحقيقات الفيدرالي إف. بي. آي ، قبل الثلاثاء الأسود، نحو مكاتب متفرقة في أغلب الأقطار العربية تابعة هذه المرة ل السي. آي. إيه ، نحو تدخل مباشر في صنع القرار السياسي بالصيغة الفجة الواردة ببعض البلدان المشرقية..).
المثير هنا، أنه من قبل، كانت نفس وسائل الإعلام الرسمية في المغرب، ترفض الإشارة إلي تكثيف وثيرة التعاون مع الأمريكيين في معرض التعقيب علي اعتقالات طالت أفغان مغاربة ، علي عكس ما حصل مع المستجدات الأخيرة، حيث لم تكتف سلطات الرباط بإدراج العملية ضمن استحقاقات الحملة الدولية ضد الإرهاب وحسب، بل أشارت، وبالعربي الفصيح إلي أنها قدمت علي الخصوص نتيجة تعاون أمني مع الأمريكيين السي، آي، إيه والإسبان السيسيد ، بدليل ترويج وسائل إعلام أوروبية إلي أن وكالة الاستخبارات الأمريكية هي التي أبلغت نظيرتها المغربية بوجود هؤلاء المشتبه فيهم علي الأرض المغربية، وطبقا لنفس المصادر، فقد زار أعضاء من أجهزة الاستخبارات الأمريكية المغرب لتنسيق مع أجهزة الاستخبارات المغربية في إطار رصد تحركات عناصر محسوبة علي تنظيم القاعدة ، كانوا يخططون لتحويل المغرب إلي قاعدة خلفية للخلايا النائمة .
ثمة فروق جوهرية واضحة قائمة بين طبيعة وخلفيات اعتقال الأفغان المغاربة من قبل، وبين اعتقال العناصر الأخيرة المحسوبة علي تنظيم القاعدة ، ظلت للأسف مغيبة من الإشارة إليها في التعاطي الإعلامي وحتي في ثنايا التعليقات اليتيمة التي صاحبت القيامة الأمنية الأخيرة ضد كل له علاقة بحركة طالبان وتنظيم القاعدة .
ففي الحالة الأولي، قدمت الاعتقالات كتعبير رسمي من السلطات المغربية عن حسن نية وسيرة اتجاه التضامن مع الضمني مع واشنطن في الحملة العالميةـالأمريكية ضد ما اصطلحت علية الإدارة الأمريكية ب الإرهاب ، من خلال اعتقال ثلاثة عناصر مغربية كانت قد شاركت القتال مع حركة الطالبان سابقا، قبل عودتها النهائية من أفغانستان، والتي تمت بدورها قبل أحداث الثلاثاء الأمريكي الأسود، ثم جاء اعتقال من اصطلح عليه ب ابن لادن المغربي ، أو المدعو أبو حفص ، أحد رموز تيار السلفية الجهادية بالمغرب، والذي كان يمرر خطابات دينية متشددة في خطب الجمعة لا تكتفي بإدانة الأنظمة العربية والإسلامية وحسب، بل وصلت إلي حد الإفصاح عن التأييد العلني والمطلق لتوجه أسامة بن لادن، العدو الأمريكي رقم واحد، وبالتالي عدو أي إدارة عربية أعلنت
عن تضامنها مع واشنطن في مكافحة الإرهاب . (رسميا كان صك اتهام أجهزة الأمن المغربية لأبي حفص يقوم علي الانحراف عن مبادئ الخطابة الدينية ).
الأمر مختلف نسبيا مع الاعتقالات الأخيرة، بحكم أنها تأتي مجسدة ترجمة عملية وموضوعية لأولي استحقاقات ذلك التعاون الأمني والاستخباراتي السالف الذكر، ومن المتوقع أن تتصاعد وثيرة التضييق علي تيار السلفية الجهادية بالذات، في مختلف أقطار العالم الإسلامي.
يكمن المأزق الأكبر الذي من المفترض أن يصطدم به التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإرهاب ، في مجابهة أممية سلفية جهادية ، ولا نتحدث هنا عن تفرعات حركة الطالبان ولا تنظيم القاعدة ، وإنما نخص بالذكر خيوط شبكة إسلامية معقدة تحمل إسم السلفية الجهادية ، أو منهج أهل السنة والجماعة ، تجد لها تفرعات في العديد من أرجاء المعمور، ومنها بالطبع أفغانستان، ولا تختلف في تعاطيها الحركي مع الأنظمة الحاكمة، ما دامت لا تنطلق من عقدة الدولة ، علي غرار ما نجده مثلا مع أغلب التفرعات الإسلامية الأخري، ( العدل والإحسان و التوحيد والإصلاح في المغرب، علي سبيل المثال لا الحصر)، وإنما تنطلق من خلفية تنظيمية قد نصطلح عليها أممية سلفية ، بدليل تورط أعضاء الشبكة في العديد من النزاعات الدولية، في البوسنة والهرسك، الشيشان، كوسوفو، كشمير، وبطبيعة الحال في أفغانستان ضد السوفيات والأمريكيين.
الإشــــــكال قائم اليوم عند المســـؤولين الأمريكيين بالدرجة الأولي، وبالتنسيق المكثف مع المسؤولين العرب، في حصر امتدادات خيوط الشبكة والعلاقات العضوية التي تجمعها مع ما تبقي من الطالبانيين .
فإذا كان أحد أبرز رموز هذا التيار في المغرب، والمعتقل حاليا بسبب تصريحاته الاستفزازية لصناع القرار الأمني، لا يتردد في ترديد نفس التأييد لبن لادن وهو رهن الاعتقال، وحتي بعد صدور قرار المحكمة بالسجن ستة أشهر نافذة، وإذا علمنا مدي الشعبية التي يحظي بها لدي الأوساط الإسلامية المتشددة، ومنها جماعات الهجرة والتكفير و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و الصراط المستقيم ، ناهيك عن كون المواقع الإلكترونية في شبكة الإنترنيت، والتابعة بالطبع للسلفيين، بمختلف تفرعاتهم المذهبية تحتضن وتروج هي الأخري كل ما يصدر عن ابن لادن المغربي .. فإنه يسهل علي المتتبعين عن قرب لتداعيات الحملة الأمريكية ضد ما تصفه ب الإرهاب ، ترقب طبيعة الإجراءات الأمنية الخاصة بظروف ما بعد 11 أيلول (سبتمبر) .
واضح جدا أن البقية في الطريق..
منتصر حمادة
ہ كاتب من المغربhttp://195.138.228.147/alquds/articles/data/2002/06/06-17/s26.htm
تتوزع هذه الأسباب علي فرعين الأقل، يمس الفرع الأول ملف التعاطي المغربي مع الشأن الإسلامي الحركي، بمختلف تفرعاته المذهبية، وهو ما كنا نود الخوض فيه مع بعض التفصيل، لولا أن مستجد الاعتقالات الأخيرة في صفوف أفراد من تنظيم القاعدة ، يحتم علينا التركيز أكثر علي الشق الثاني من تلك الأسباب، والمرتبطة مباشرة باستحقاقات قيامة 11 أيلول (سبتمبر)، والتي جلبت معها قيامة أمنية استخباراتية تهم كل ما يتعلق بالإسلام الحركي في شقه المتشدد أو المتطرف، في انتظار العروج علي الإسلاميين المعتدلين ، ممن وجب تصفية الأمور بصفة نهائية معهم، ولو تطلب الأمر صدور انزلاقات أو تجاوزات أمنية للسلطات العربية والإسلامية، من المفترض أن يتم التغاضي عنها أمريكيا، بحكم الضوء الأخضر الذي تم تمريره سلفا، ونستحضر هنا ما صدر عن فعاليات مسؤولة محسوبة علي جماعة العدل والإحسان المغربية، أكبر تنظيم إسلامي مغربي، عبرت عن تخوفها من شن سلطات الأمن اعتقالات عشوائية بكل التبعات الحقوقية القلقة التي يمكن أن تصاحبها وذلك علي هامش إعلان السلطات المغربية عن اعتقال ثلاثة عناصر تحمل جنسية سعودية تنتمي لتنظيم القاعدة ، محسوبة علي الخلايا النائمة ، كانت تخطط لجعل المغرب قاعدة لاستقبال مجموعات إرهابية، وكانت تخطط في آن، بحسب ما تداولته وسائل الإعلام الرسمية، فتح قواعد لها في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، والانطلاق منهما للهجوم علي البواخر والسفن الأمريكية التي تعبر مضيق جبل طارق.
يكمن مأزق السلفية الجهادية أو ما يسمي اليوم عند قادة هذا الفصيل ب منهج أهل السنة والجماعة ، في عدم تردد إصرار العديد من رموزها علي مساندة الشيخ أسامة بن لادن، العدو رقم واحد عند الإدارة الأمريكية، ونستشهد هنا بما صدر علي لسان المدعو أبو حفص، والذي نقرأ له في حوار له، ذلك التنديد ب أمركة خطب الجمعة ، واصفا بالمناسبة الولايات المتحدة كونها الطاغوت الأكبر، والشيطان الأعظم اليوم، فهي قمة الباطل، ومحور الشر في العالم ، أما تقييمه لشخص بن لادن، ـبيت القصيدـ، فإنه يفتخر برجل جعلنا نتفرج علي الأمريكيين وهم يبكون، بعد أن تعودنا علي رؤية دموع الفلسطينيين والأفغان والشيشان ، حتي أنه سمي مولودا له باسم ابن لادن، (أسبوعية الصحيفة المغربية. 31ـ5ـ2002)، وطبعا، لا يمكن لمثل هذه التصريحات، التي قدمت في الأصل بعد اعتقاله، أن تمر مرور الكرام علي أعين محرري التقارير الأمنية الموجهة للاستخبارات الأمريكية، ولا يمكن أن تفضي إلا إلي المزيد من تضييق الخناق علي أنصار بن لادن ويتقدمهم تيار السلفية الجهادية .
للتذكير فقط، أبو حفص هذا أو ابن لادن المغربي كما يحلو للبعض وصفه، هو ابن المدعو أبو حذيفة ، وهو قيدوم وشيخ الأفغان المغاربة ، وسبق لهذا الأخير في حوار له مع نفس الأسبوعية، أن أفصح عن تأييده لأسامة ابن لادن، بل ودعا كل مسلم غيور علي دينه أن يتبني أفكار ابن لادن، لأنه لا يطلب الزعامة، ولا يسعي إلي الأضواء . ( الصحيفة . 17ـ5ـ2002)
صحيح أنه أكد في نفس الحوار علي عدم وجود أية صلة له مع تنظيم القاعدة ، لكن، الدعوة العلنية إلي تأييد بن لادن، وإعلان البراءة في آن من تهمة الانتماء للتنظيم إياه، أمران لا يستقيمان البتة عند المعنيين المحليين والدوليين بمطاردة ما تبقي من الأفغان العرب ، وكنا قد أشرنا من قبل إلي بعض خلفيات اعتقال سلطات الأمن المغربية لـ أفغان مغاربة في الآونة الأخيرة، مع التأكيد علي أن الاعتقالات قدمت نتيجة تكثيف التعاون الأمني والاستخباراتي بين الإدارتين الأمريكية والمغربية، فأثناء الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس للديار الأمريكية في آيار (ماي) الماضي، أجريت محادثات ذات طبيعة أمنية وعسكرية مع وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد بحضور كبار مساعديه وخاصة بول وولف فويتز المكلف بملف محاربة الإرهاب، إضافة للاستقبال الملكي لمدير وكالة الاستخبارات الأمريكية جورج تينيت، الذي قام في ما بعد بزيارة الرباط.
(دون أن نتبني الدفاع عن أي فصيل إسلامي كان، نجد أن هناك بعض المصداقية في إعلان العدل والإحسان المغربية عن تخوفها من تبعات الاعتقالات الأخيرة، خاصة في ظل تصاعد نفوذ الاستخبارات الأمريكية في المنطقة، بأن نصل في نهاية المطاف إلي الحالة التي تميز كلا من السعودية والأردن، حيث تجاوزت الأمور الاكتفاء بفتح مكاتب تابعة للاستخبارات الأمريكية منذ زمن، كما يشهد علي ذلك بزوغ تنظيم القاعدة في الحالة السعودية، وتأمل طبيعة انتقال العرش الملكي في الأردن.. بمعني أننا ننتقل تدريجيا من بضع مكاتب لمكتب التحقيقات الفيدرالي إف. بي. آي ، قبل الثلاثاء الأسود، نحو مكاتب متفرقة في أغلب الأقطار العربية تابعة هذه المرة ل السي. آي. إيه ، نحو تدخل مباشر في صنع القرار السياسي بالصيغة الفجة الواردة ببعض البلدان المشرقية..).
المثير هنا، أنه من قبل، كانت نفس وسائل الإعلام الرسمية في المغرب، ترفض الإشارة إلي تكثيف وثيرة التعاون مع الأمريكيين في معرض التعقيب علي اعتقالات طالت أفغان مغاربة ، علي عكس ما حصل مع المستجدات الأخيرة، حيث لم تكتف سلطات الرباط بإدراج العملية ضمن استحقاقات الحملة الدولية ضد الإرهاب وحسب، بل أشارت، وبالعربي الفصيح إلي أنها قدمت علي الخصوص نتيجة تعاون أمني مع الأمريكيين السي، آي، إيه والإسبان السيسيد ، بدليل ترويج وسائل إعلام أوروبية إلي أن وكالة الاستخبارات الأمريكية هي التي أبلغت نظيرتها المغربية بوجود هؤلاء المشتبه فيهم علي الأرض المغربية، وطبقا لنفس المصادر، فقد زار أعضاء من أجهزة الاستخبارات الأمريكية المغرب لتنسيق مع أجهزة الاستخبارات المغربية في إطار رصد تحركات عناصر محسوبة علي تنظيم القاعدة ، كانوا يخططون لتحويل المغرب إلي قاعدة خلفية للخلايا النائمة .
ثمة فروق جوهرية واضحة قائمة بين طبيعة وخلفيات اعتقال الأفغان المغاربة من قبل، وبين اعتقال العناصر الأخيرة المحسوبة علي تنظيم القاعدة ، ظلت للأسف مغيبة من الإشارة إليها في التعاطي الإعلامي وحتي في ثنايا التعليقات اليتيمة التي صاحبت القيامة الأمنية الأخيرة ضد كل له علاقة بحركة طالبان وتنظيم القاعدة .
ففي الحالة الأولي، قدمت الاعتقالات كتعبير رسمي من السلطات المغربية عن حسن نية وسيرة اتجاه التضامن مع الضمني مع واشنطن في الحملة العالميةـالأمريكية ضد ما اصطلحت علية الإدارة الأمريكية ب الإرهاب ، من خلال اعتقال ثلاثة عناصر مغربية كانت قد شاركت القتال مع حركة الطالبان سابقا، قبل عودتها النهائية من أفغانستان، والتي تمت بدورها قبل أحداث الثلاثاء الأمريكي الأسود، ثم جاء اعتقال من اصطلح عليه ب ابن لادن المغربي ، أو المدعو أبو حفص ، أحد رموز تيار السلفية الجهادية بالمغرب، والذي كان يمرر خطابات دينية متشددة في خطب الجمعة لا تكتفي بإدانة الأنظمة العربية والإسلامية وحسب، بل وصلت إلي حد الإفصاح عن التأييد العلني والمطلق لتوجه أسامة بن لادن، العدو الأمريكي رقم واحد، وبالتالي عدو أي إدارة عربية أعلنت
عن تضامنها مع واشنطن في مكافحة الإرهاب . (رسميا كان صك اتهام أجهزة الأمن المغربية لأبي حفص يقوم علي الانحراف عن مبادئ الخطابة الدينية ).
الأمر مختلف نسبيا مع الاعتقالات الأخيرة، بحكم أنها تأتي مجسدة ترجمة عملية وموضوعية لأولي استحقاقات ذلك التعاون الأمني والاستخباراتي السالف الذكر، ومن المتوقع أن تتصاعد وثيرة التضييق علي تيار السلفية الجهادية بالذات، في مختلف أقطار العالم الإسلامي.
يكمن المأزق الأكبر الذي من المفترض أن يصطدم به التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإرهاب ، في مجابهة أممية سلفية جهادية ، ولا نتحدث هنا عن تفرعات حركة الطالبان ولا تنظيم القاعدة ، وإنما نخص بالذكر خيوط شبكة إسلامية معقدة تحمل إسم السلفية الجهادية ، أو منهج أهل السنة والجماعة ، تجد لها تفرعات في العديد من أرجاء المعمور، ومنها بالطبع أفغانستان، ولا تختلف في تعاطيها الحركي مع الأنظمة الحاكمة، ما دامت لا تنطلق من عقدة الدولة ، علي غرار ما نجده مثلا مع أغلب التفرعات الإسلامية الأخري، ( العدل والإحسان و التوحيد والإصلاح في المغرب، علي سبيل المثال لا الحصر)، وإنما تنطلق من خلفية تنظيمية قد نصطلح عليها أممية سلفية ، بدليل تورط أعضاء الشبكة في العديد من النزاعات الدولية، في البوسنة والهرسك، الشيشان، كوسوفو، كشمير، وبطبيعة الحال في أفغانستان ضد السوفيات والأمريكيين.
الإشــــــكال قائم اليوم عند المســـؤولين الأمريكيين بالدرجة الأولي، وبالتنسيق المكثف مع المسؤولين العرب، في حصر امتدادات خيوط الشبكة والعلاقات العضوية التي تجمعها مع ما تبقي من الطالبانيين .
فإذا كان أحد أبرز رموز هذا التيار في المغرب، والمعتقل حاليا بسبب تصريحاته الاستفزازية لصناع القرار الأمني، لا يتردد في ترديد نفس التأييد لبن لادن وهو رهن الاعتقال، وحتي بعد صدور قرار المحكمة بالسجن ستة أشهر نافذة، وإذا علمنا مدي الشعبية التي يحظي بها لدي الأوساط الإسلامية المتشددة، ومنها جماعات الهجرة والتكفير و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و الصراط المستقيم ، ناهيك عن كون المواقع الإلكترونية في شبكة الإنترنيت، والتابعة بالطبع للسلفيين، بمختلف تفرعاتهم المذهبية تحتضن وتروج هي الأخري كل ما يصدر عن ابن لادن المغربي .. فإنه يسهل علي المتتبعين عن قرب لتداعيات الحملة الأمريكية ضد ما تصفه ب الإرهاب ، ترقب طبيعة الإجراءات الأمنية الخاصة بظروف ما بعد 11 أيلول (سبتمبر) .
واضح جدا أن البقية في الطريق..
منتصر حمادة
ہ كاتب من المغربhttp://195.138.228.147/alquds/articles/data/2002/06/06-17/s26.htm