المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عالم المرأة قميس نوم في المريخ......



سهى17
19-06-2002, 06:53 PM
أستيقظُ. الساعة لم تصل الواحدة ظهراً بعد.
أتجه من السرير إلى الحمام مباشرة. لا أغسل وجهي، لا داعي، فاليوم جمعة.
ولا داعي لتغيير ملابسي، سأبقى بقميص نومي القديم، المريح.. ولو أن الدهر، والأولاد، أكلوا عليه وشربوا.

أفتح التلفاز، ألعب بجهاز التحكم، فأشعر بأني أتحكم بالعالم.
أبتسم لنفسي، جميل شعور التحكم هذا.
أتجول من قناة، لقناة، لأخرى، تشدني دعاية مسابقة كمال الأجسام، التي تقام سنوياً في لبنان.
يروق لي أن أتفرج على المتسابقين.. لا يرتدي الواحد منهم سوى مايوه صغير، بالكاد يفي بالغرض.. نسيت ما هو الغرض بالضبط؟
يعجبني بشكل خاص متسابق أرجنتيني.. تعجبني ابتسامته، والمايوه الأحمر الجريء – ترى أي مزيل للشعر يستخدم؟
ينتهي الإعلان.. فأتجه بجهاز التحكم إلى فضاء أخر، فأصل إلى "المريخ" (كوكب الرجال وفقاً "لجون جري" مؤلف كتاب – الرجال من المريخ والنساء من الزهرة) حيث لا يوجد سوى الرجال، ولا يوجد رجل غير جميل.
أتعجب. من أين يأتوا بهذا الكم الهائل من الرجال الوسيمين؟ ولماذا لا أراهم في الشوارع حولي؟ بالطبع أنظر حولي.. صحيح أني لا أحملق، لكني أستخدم عيني جيداً.

يستيقظ زوجي. يتجه مباشرة إلى الحمام. يمضي وقتاً طويلاً جداً هناك. قررت اليوم أن أراقب عقارب الساعة. أتجول بين القنوات، وتبقى عيني على الساعة. عشرة دقائق. ربع ساعة. نصف ساعة. ماذا يفعل؟ يخرج أخيراً. لقد سرح شعره بعناية، وبشرته تلمع بنضارة (وبعض الكريمات)، ورائحته عطرة. كل هذا، واليوم الجمعة؟ يدخل غرفة الجلوس، يرى أنني غارقة في كوكب المريخ، وعرض الرجال، الذي لا ينتهي. ألمح في عينيه جرحاً.. ونظرة عتاب.

أغلقُ التلفاز، وأشير له بأن يجلس بقربي..
أحضنه، وأنا أتصفح مجلة أسبوعية، تعج بصور الفنانين، والمغنيين، وعارضي الأزياء.
حتى إعلانات المستحضرات النسائية، يعرضها مجموعة من الشباب الوسيم، بقمصان وبنطلونات ضيقة. يضيق بي زوجي.

أغلق المجلة. أرغمني شعوري بالذنب أن أصطحبه إلى أحد المطاعم. يريد أن يلبس هذا القميص الضيق جداً، لأنه "على الموضة"، يظهر تحته مفاتن صدره، وللأسف، استدارة كرشه.
أغلق فمي. كنت أود أن أوبخه، لكني تمالكت لساني قبل أن تنزلق عنه الكلمات.

المطعم جميل، والطعام لذيذ، المشكلة أني نسيت أن جميع النادلين شقر، ومن روسيا!! رغم أني أكدت لزوجي (الذي أمضى نصف ساعة أخرى في الحمام، قبل أن يجهز للخروج، وأنا أنتظر بفارغ الصبر. لا ليس بفارغ الصبر، وإنما بتفريغ علبة سجائري!!) أكدت له أني لا أحب الرجل الأشقر، إلا أني شعرت بغيرته تسبقني إلى المائدة، وتجلس في مكاني، واضطررت الجلوس فوقها.
أكثر من مليون مرة ، أكدت له أنه وسيم، وبأنني أحبه هو، وأن كل هؤلاء الرجال، والشباب، رغم جمالهم وجمال أجسادهم، لا يعنون شيئاً بالنسبة لي. أكثر من مليون مرة..

أغلقُ المشوار، الذي ينقلب إلى نكد، ونعود إلى البيت، حيث نستطيع أن نمارس النكد بخصوصية أكثر.

يغلق الباب، ويحبس نفسه بغرفة النوم. أتركه. سيرضى، ويعود بعد قليل، أو بعد كثير.. ونكرر قصتنا للمرة المليون.

أفتحُ التلفاز. أتفرج على مسابقة كمال الأجسام، لربما يفوز الأرجنتيني!


بقلم: الغجرية