المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عالم المرأة وترجل الفارس ....(قصة)...



سهى17
20-06-2002, 10:17 PM
من أروقة الفجر .. من صباح منتشر ..من لون بات أحمر ..من القدس القديمة ..إلى قبة الصخرة ..من حيفا ويافا ..من تفاصيل الخريطة المشوهة كان هناك ..فارس أصيل ركضت معه ..تبادلنا الزيتون وبعض الليمون ..
أهدت أمي من حدائقنا ..شيء من عناقيد الكروم ..ووهبت لنا أمه كثير من البندور !!
حتى زفني والدي عروسا ..لذلك السيف( أيمن ) الذي لمع بساحات القدس ،وهدد العرق النجس سيفه مقلاع ..وحجر !!
حتى استراحت أمانينا، وحلم الطفولة القديم، على بيت صغير ،تضيئنا نجمات فلسطين وسماءها الحزينة المشتاقة إلى يوم النصر ذاك الذي تساقيناه من حليب الطفولة ورضعنا إصراره من أراضينا السليبة ..فما عاد ملح الكلام إلا حديث يحرر الأسر ويفك قيد أمانينا الكبيرة ..وكلما قالوا استشهد شهيد ..نزيد بالتهليل ونرجو نصر الرحمن ..تتسامع أحزاننا عن الخليل والضفة الغربية ..وقتلى ..وأنفس بريئة تذود وتدافع فما لها من بقاء وليس إلا قنابل ومدافع..تشتت..شعثنا ويكبر جرحنا ..وصار بعض بعضنا في المخيم البعيد وبعض بعضنا يقف على البواقي من رسم قديم لبيت الطفولة …مرت عليه مقامع الحقد وسحبت الجرافات رسومه !! وظللنا نحمل نعش حلمنا سنطهر مدينتنا الخليل وسنطرد المعتدين ..
وكل ذا تقف أمامه حجارة ضئيلة ترسم فنون البطولة ..وسَيفِي ُيحد ث البطولة عن فارس أصيل يهدد اليهود وجودة ،ويرعب المعتدين هجومه .. ..وحياة مهددة تعيش على هامش وقت قد تنسف وجوده دبابة غادرة أو هجمة مباغته ..حتى كان لصرخات تلك الصغيرة (غدير ) حضور أثير ..ستكون ذات يوم حضور يزرع الخوف في قلوب المعتدين سنحتفل معها بتحرير البقاع المغتصبة ..سنسقيها ما كنا نَرضعه في الطفولة ..ردد بعدها ( ايمن )..
_ تأخرت ..تأخرت ..!!
وكان هاجس الأنثى فأي أنثى شاغلت فكره ..فكلما عدت لفراشي يهدد اليهود أمني ويشعل أيمن غيرتي ..فمن تكون التي سيستبدلها أيمن بفاطمة ..؟؟وكيف سيشعل حضور غير حضور غدير ؟؟
فضاع هدوئي ..وتوهجت مخدتي بنار الانتظار متى سيتبدلني أيمن بالأخرى ؟؟
وشاركتني أمي الدموع ..وبددت خالتي وهم غيرتي ..
رددها أيمن مجدد ا..
_ تأخرت تأخرت ؟؟
وصمتي لا يقوى الكلام لا أجرؤ أن أسأله عن عروسه الجديدة ..والحرب تستعر في فلسطين الحبيبة ..وعمر التقاءنا بعمر هذه الصغيرة ..بل باللقيا الطفولية الطويلة على أرض الخليل ..فوق مزارع البرتقال وقطاف العنب !!كيف ما عدت أدرك من شفاهه وضوح الكلام كيف استحال صوته إلى صمت وصدقه إلى غموض..وبأحداقه البريئة ..اختفت كل الأحاديث ..انتظر موعد خائف ..وهو صامت لا يبوح ..تمتمات تنطلق منه ووجل يسري بي !!
من يا تراها عروسه الجديدة ..والحرب حولنا تستعر ..أتراه يريدها أخرى يحقق معها انتظار فارس يعلمه البطولة ..ويغرس في عروقه نبت ..كره اليهود ويسقي غراسه ليثمر ذات يوم عن بطولة مجيدة !!
كل المواعيد شحيحة ..كل الأحاديث تبوح ولا تبوح ..كل الخيال يستحيل إلى واقع احمر!!
حتى واقع كئيب له لون الغضب . .حاضر.. مباشر ..أغلقت فاطمة مفتاح الحلم الذي مضى وفتحت شباك من شلال دماء أبناء فلسطين ..
كانت ..هي ..الشهادة ..هي عروسة الجديدة ….استبطئها فردد..كثيرا تأخرت تأخرت .
حتى حضرت !!!!!
و…أغلقت فاطمة الشباك وهي تجهش بالبكاء كانت دموعها تتساقط سيلا منهمرا …
داهمتها ذكريات الأمس القريب حين كانت تجلس معه في الشرفة المطلة على غابات الزيتون في " تل الرميدة " في مدينة الخليل تصغي بنشوة فائقة إلى ما يفضي به بصوته
الهادئ عن أحلامه الوردية محلقا بخياله في فضاء الأمنيات وكانت طفلتيمها (غدير) بظفائرها المستلقية على أكتافها ببراءة على كتفيها تعبث بلعبتها تلك العروس الشمعية ذات الشعر الأشقر سعيدة بما تنطق به آلة التسجيل من بكاء طفولي تارة وقهقهة تنم عن فرح طفولي تارة أخرى
ولم يكن من الممكن وهي في حالة الذهول التام إن تصدق إن ما رأته هو نعش زوجها محمولا على اكف رفاقة في ذلك الموكب المهيب وهو الذي كان يحلم برؤية الخليل تخلو من تلك السحن الغريبة..
كانت الجماهير الغاضبة تنادي بالثأر وتموج بالثورة حين رشقها أصحاب الوجوه المصطبغة بحمرة الشر بزخات من الرصاص , ولكن المسيرة لم تتوقف أو تتفرق في الوقت الذي كان فيه نباح الكلاب يتعالى .

sabna
21-06-2002, 07:26 PM
شكرا على الموضوع :) تسلمين