أمة الله
12-07-2002, 10:25 PM
12/7/2002
المحرر
--------------------------------------------------------------------------------
بعد سبع سنوات من تعرض المسلمين في مدينة سربرينتشا لأكبر مذبحة في قلب أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، يمكن القول أنه لم يبق من الأحداث المأساوية سوى "الذكرى"، بعد أن كوفئ الصرب المجرمين باستعادة السيطرة على المدينة بناء على اتفاق دايتون المشؤوم الذي أشرفت عليه واشنطن و الحكومات الأوروبية، و هي تظن أنها تخلصت نهائيا من "كابوس" قيام دولة مسلمة في قلب الجسد الأوروبي-المسيحي.
وسائل الإعلام و الساسة الأوروبيون فضلوا تسليط الضوء على "إحياء ذكرى" المجازر من قبل آلاف البوسنيين ممن نجوا من المجازر المنظمة التي أودت بحياة أكثر من 7 آلاف مسلم من بينهم أطفال لا تزيد أعمارهم عن ال13 و شيوخ. و الأمر المقرف أن الصرب استولوا على المدينة يوم 11 يوليو 1995 و استباحوا دماء من أرادوا تحت أنظار جنود "حفظ السلام" الأمميين من الهولنديين الذين لم يطلقوا رصاصة واحدة، بل مكروا بالسكان عندما قالوا لهم أن مدينة سربرينتشا "منطقة آمنة" تحت حماية الأمم المتحدة و هو ماستقطب آلاف المسلمين الذين لجأوا إليها من مناطق أخرى سقطت بين أيدي الصرب.
فهل من قبيل الصدفة أن تقع مجزرة تستهدف الأقلية المسلمة وحدها في حرب حصدت 200 ألف روح؟ و هل مقولة "الحروب ليست نظيفة" تبرر إحجام الأمم المتحدة عن تحديد المسؤوليات و تعيين المتهمين بحماية مجرمي الصرب و التغطية على المجازر بشتى الطرق؟ صحيح أن الأمم المتحدة نشرت تقريرا العام 1999 و اعترفت "بتحمل جزء من المسؤولية فيما حصل"، لكن الاعتراف لم يتبع بأي إجراء رغم أن حكومة بكاملها استقالت في هولندا بعد نشر تقرير داخلي يتهم الساسة الذين كان بيدهم قرار إنقاذ السكان المدنيين من بطش المليشيات الصربية.
فالشبهات تراكمت و بلغت حدا لا يسمح بالحديث عن مجموعة من "الأخطاء" المؤسفة. فهذا قائد قوات حفظ السلام الأممية في يوغسلافيا سابقا الجنرال الفرنسي برنار جانفيي –و قد شاع عن الضباط الفرنسيين تواطؤهم المفضوح مع الصرب بفعل علاقات الصداقة التاريخية التي تربطهم- رفض بطريقة مشبوهة تدخل طيران الحلف الأطلسي لوقف تقدم القوات الصربية. و هذا الجنرال الهولندي نيكولاي الذي رفض خلال مناسبتين تحريك قوات الأمم المتحدة لمنع المجازر. و هذا الجنرال البريطاني روبرت سميث الغائب فجأة عن مركزه خلال تقدم الصرب. و أكملت القوات الهولندية –المكونة من 350 رجل- قائمة "الصدف" عندما سلمت القوات الصربية مفاتيح المدينة دون أن تطلق رصاصة واحدة.
و رغم أن وراء القوات العسكرية و قاداتها حكومات و هيئات يفترض أنها مسؤولة، إلا أن الجميع تهرب مما يتوجب عليه عمله في حالة جرائم الصرب في البوسنة و سربرينتشا بصفة خاصة. و استمر الوضع على حاله طيلة السبع سنوات الماضية. فالحكومة البريطانية التزمت صمتا صاخبا، و الفرنسيون كلفوا برلمانهم ب"تحقيق" عرقلته وزارة الدفاع، و لم يرد المحققون البرلمانيون الذهاب إلى أبعد من ذلك. و اللافت أن باريس سعت بكل مجهودها و نجحت في فرض المادة 124 من قانون محكمة الجنايات الدولية الجديدة التي تنص على إعفاء مواطنيها من أي متابعة قضائية من قبل الهيئة في حالة الاشتباه بارتكابهم جرائم حرب أو تواطئهم مع مرتكبيها.
الأمم المتحدة التزمت بمراجعة مواصفات و ظروف تدخل قواتها مستقبلا بحيث تملك السيادة المطلقة و صلاحية اتخاذ القرارات السياسية التي تلزم تلك القوات. غير أن الواقع أن من يملك النفوذ و صنع القرار داخل مبنى نيويورك هي الحكومات نفسها التي سمحت بجرائم الصرب و غطت عليها. و هي نفسها التي تحجم اليوم عن مطاردة و اعتقال القادة الصرب المسؤولين مباشرة عن الجرائم: الجنرال ملاديتش قائد قوات الصرب في جمهورية البوسنة و رادوفان كارادزيتش الرئيس السابق للكيان الصربي في البوسنة.
مع تحيات الذليله لله أمة الله
المحرر
--------------------------------------------------------------------------------
بعد سبع سنوات من تعرض المسلمين في مدينة سربرينتشا لأكبر مذبحة في قلب أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، يمكن القول أنه لم يبق من الأحداث المأساوية سوى "الذكرى"، بعد أن كوفئ الصرب المجرمين باستعادة السيطرة على المدينة بناء على اتفاق دايتون المشؤوم الذي أشرفت عليه واشنطن و الحكومات الأوروبية، و هي تظن أنها تخلصت نهائيا من "كابوس" قيام دولة مسلمة في قلب الجسد الأوروبي-المسيحي.
وسائل الإعلام و الساسة الأوروبيون فضلوا تسليط الضوء على "إحياء ذكرى" المجازر من قبل آلاف البوسنيين ممن نجوا من المجازر المنظمة التي أودت بحياة أكثر من 7 آلاف مسلم من بينهم أطفال لا تزيد أعمارهم عن ال13 و شيوخ. و الأمر المقرف أن الصرب استولوا على المدينة يوم 11 يوليو 1995 و استباحوا دماء من أرادوا تحت أنظار جنود "حفظ السلام" الأمميين من الهولنديين الذين لم يطلقوا رصاصة واحدة، بل مكروا بالسكان عندما قالوا لهم أن مدينة سربرينتشا "منطقة آمنة" تحت حماية الأمم المتحدة و هو ماستقطب آلاف المسلمين الذين لجأوا إليها من مناطق أخرى سقطت بين أيدي الصرب.
فهل من قبيل الصدفة أن تقع مجزرة تستهدف الأقلية المسلمة وحدها في حرب حصدت 200 ألف روح؟ و هل مقولة "الحروب ليست نظيفة" تبرر إحجام الأمم المتحدة عن تحديد المسؤوليات و تعيين المتهمين بحماية مجرمي الصرب و التغطية على المجازر بشتى الطرق؟ صحيح أن الأمم المتحدة نشرت تقريرا العام 1999 و اعترفت "بتحمل جزء من المسؤولية فيما حصل"، لكن الاعتراف لم يتبع بأي إجراء رغم أن حكومة بكاملها استقالت في هولندا بعد نشر تقرير داخلي يتهم الساسة الذين كان بيدهم قرار إنقاذ السكان المدنيين من بطش المليشيات الصربية.
فالشبهات تراكمت و بلغت حدا لا يسمح بالحديث عن مجموعة من "الأخطاء" المؤسفة. فهذا قائد قوات حفظ السلام الأممية في يوغسلافيا سابقا الجنرال الفرنسي برنار جانفيي –و قد شاع عن الضباط الفرنسيين تواطؤهم المفضوح مع الصرب بفعل علاقات الصداقة التاريخية التي تربطهم- رفض بطريقة مشبوهة تدخل طيران الحلف الأطلسي لوقف تقدم القوات الصربية. و هذا الجنرال الهولندي نيكولاي الذي رفض خلال مناسبتين تحريك قوات الأمم المتحدة لمنع المجازر. و هذا الجنرال البريطاني روبرت سميث الغائب فجأة عن مركزه خلال تقدم الصرب. و أكملت القوات الهولندية –المكونة من 350 رجل- قائمة "الصدف" عندما سلمت القوات الصربية مفاتيح المدينة دون أن تطلق رصاصة واحدة.
و رغم أن وراء القوات العسكرية و قاداتها حكومات و هيئات يفترض أنها مسؤولة، إلا أن الجميع تهرب مما يتوجب عليه عمله في حالة جرائم الصرب في البوسنة و سربرينتشا بصفة خاصة. و استمر الوضع على حاله طيلة السبع سنوات الماضية. فالحكومة البريطانية التزمت صمتا صاخبا، و الفرنسيون كلفوا برلمانهم ب"تحقيق" عرقلته وزارة الدفاع، و لم يرد المحققون البرلمانيون الذهاب إلى أبعد من ذلك. و اللافت أن باريس سعت بكل مجهودها و نجحت في فرض المادة 124 من قانون محكمة الجنايات الدولية الجديدة التي تنص على إعفاء مواطنيها من أي متابعة قضائية من قبل الهيئة في حالة الاشتباه بارتكابهم جرائم حرب أو تواطئهم مع مرتكبيها.
الأمم المتحدة التزمت بمراجعة مواصفات و ظروف تدخل قواتها مستقبلا بحيث تملك السيادة المطلقة و صلاحية اتخاذ القرارات السياسية التي تلزم تلك القوات. غير أن الواقع أن من يملك النفوذ و صنع القرار داخل مبنى نيويورك هي الحكومات نفسها التي سمحت بجرائم الصرب و غطت عليها. و هي نفسها التي تحجم اليوم عن مطاردة و اعتقال القادة الصرب المسؤولين مباشرة عن الجرائم: الجنرال ملاديتش قائد قوات الصرب في جمهورية البوسنة و رادوفان كارادزيتش الرئيس السابق للكيان الصربي في البوسنة.
مع تحيات الذليله لله أمة الله