القصر المظلم
27-07-2002, 08:56 PM
الباب الاول
في ذكر التنويه بذكر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من زمن آدم عليه السلام
عن ميسرة قال: قلت يا رسول الله، متى كنت نبيا؟.
قال: «لما خلق الله تعالى الأرض، واستوى إلى السماء، فسواهن سبع سموات، وخلق العرش، كتب على ساق العرش: محمد رسول الله خاتم الأنبياء، وخلق الله تعالى الجنة التي أسكنها آدم وحواء، فكتب اسمي على الأبواب والأوراق والقباب والخيام، وآدم بين الروح والجسد، فلما أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمي، فأخبره الله تعالى أنه سيد ولدك. فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه» .
وقال سعيد بن جبير: اختصم ولد آدم: أي الخلق أكرم على الله تعالى؟.
فقال بعضهم: آدم، خلقه الله بيده، وأسجد له ملائكته.
وقال آخرون: بل الملائكة الذين لم يعصوا الله.
فذكروا ذلك لآدم، فقال آدم: لما نفخ في الروح لم تبلغ قدمي، فاستويت جالسا، فبرق لي العرش، فنظرت فيه: محمد رسول الله. فذاك أكرم الخلق على الله عز وجل.
عن وهب قال: أوحى الله تعالى إلى آدم: أنا الله ذو بكة، أهلها خيرتي، وزوارها وفدي وفي كنفي، (وفيها بيتي) أعمره بأهل السماء وأهل الأرض، يأتونه أفواجا شعثا غبرا، يعجون بالتكبير عجيجا، ويزجون بالتلبية زجيجا، ويثجون بالبكاء ثجيجا، فمن اعتمده لا يريد غيره فقد زارني، وضافني، ووفد إلي، ونزل بي، وحق لي أن أتحفه بكرامتي، أجعل ذلك البيت وذكره وشرفه ومجده وسناءه لنبي من ولدك يقال له: إبراهيم، أرفع له قواعده وأقضي على يديه عمارته، وأنبط له سقايته، وأريه حله وحرمه، وأعلمه مشاعره، ثم تعمره الأمم والقرون حتى ينتهي إلى نبي من ولدك يقال له: محمد صلى الله عليه وسلم، وهو خاتم النبيين، أجعله من سكانه وولاته وحجابه وسقاته، فمن سأل عني يومئذ فأنا مع الشعث الغبر الموفين بنذرهم المقبلين إلى ربهم.
عن ابن عباس: أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام: لولا محمد ما خلقت آدم، ولقد خلقت العرش فاضطرب، فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن.
الباب الثاني
في ذكر الطينة التي خلق منها محمد صلى الله عليه وسلم
عن كعب الأحبار قال: لما أراد الله تعالى أن يخلق محمدا صلى الله عليه وسلم أمر جبريل عليه السلام أن يأتيه فأتاه بالقبضة البيضاء التي هي موضع قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعجنت بماء التسنيم، ثم غمست في أنهار الجنة، وطيف بها في السموات والأرض، فعرفت الملائكة محمدا وفضله قبل أن تعرف آدم، ثم كان نور محمد صلى الله على وسلم يرى في غرة جبهة آدم. وقيل له: يا آدم هذا سيد ولدك من الأنبياء والمرسلين.
فلما حملت حواء بشيت انتقل عن آدم إلى حواء، وكانت تلد في كل بطن ولدين إلا شيتا، فإنها ولدته وحده، كرامة لمحمد صلى الله عليه وسلم
ثم لم يزل ينتقل من طاهر إلى طاهر إلى أن ولد صلى الله عليه وسلم.
عن ابن عباس قال: قلت: يا رسول الله، أين كنت وآدم في الجنة؟.
قال: «كنت في صلبه، وأهبط إلى الأرض وأنا في صلبه، وركبت السفينة في صلب أبي نوح، وقذفت في النار في صلب أبي إبراهيم، لم يلتق لي أبوان قط على سفاح، لم يزل ينقلني من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام النقية مهذبا لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما، أخذ الله لي بالنبوة ميثاقي، وفي التوراة بشر بي، وفي الإنجيل شهر اسمي، تشرق الأرض لوجهي والسماء لرؤيتي» .
الباب الثالث
في دعاء إبراهيم الخليل بإيجاد محمد صلى الله عليه وسلم
لما بنى الخليل عليه السلام الكعبة دعا لأهل مكة فقال: {ربنا وکبعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آيـاتك ويعلمهم الكتاب والحكمه ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم }
(البقرة: 129).
قال السدي عن أشياخه: هو محمد صلى الله عليه وسلم
عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني عند الله لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم بأول ذلك:
أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين» .
ورواه ليث عن معاوية فقال: وإن أمه رأت حين وضعته نورا أضاءت منه قصور الشام.
الباب الرابع
في بيان ذكره في التوراة والإنجيلوذكر أمته، واعتراف علماء الكتاب بذلك
قال الله تعالى: {الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهـاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبـات ويحرم عليهم الخبـائث ويضع عنهم إصرهم والاغلـال التى كانت عليهم فالذين ءامنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه أولـائك هم المفلحون }(الأعراف: 157)
والمراد: أنهم يجدون نعته.
وهو: مكارم الأخلاق، وصلة الأرحام.
{وينهاهم عن المنكر} وهو: الشرك.
(ويحل لهم الطيبات} وهو: ما كانت العرب تستطيبه، وقيل: هي الشحوم التي حرمت على بني إسرائيل، والبحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحامي.
{ويحرم عليهم الخبائث} وهي: ما كانت العرب تستخبثه، وما كانوا يستحلون من الميتة، والدم، ولحم الخنزير.
{ويضع عنهم إصرهم} وهي: الأثقال التي كانت على بني إسرائيل من تحريم السبت، والشحوم، والعروق. {والأغلال التي كانت عليهم} .
قال أبو إسحاق الزجاج: ذكر الأغلال تمثيل، وكان عليهم أن لا يقبل في القتل دية، وأن لا يعملوا في السبت، وأن يقرضوا ما أصابهم من أموال.
عن قتادة: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين} .
قال: هذا ميثاق أخذه الله تعالى على النبيين، أن يصدق بعضهم بعضا، وأخذ مواثيق أهل الكتاب فيما بلغتهم رسلهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويصدقوه.
عن عطاء بن يسار: لقيت عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله € في التوراة.
قال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن:
{ياأيها النبى إنآ أرسلنـاك شاهدا ومبشرا ونذيرا }(الأحزاب: 45) ، وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل، لست بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا تجزي بالسيئة السيئة ولكن تعفو وتغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله، فيفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا.
انفرد بإخراجه البخاري.
عن ابن عباس أنه سأل كعبا: كيف تجد رسول الله صلى الله عليه وسله في التوراة؟.
قال: نجده: محمد رسول الله، مولده بمكة، ومهاجره إلى طابة، ويكون ملكه بالشام، ليس بفحاش، ولا صخاب في الأسواق، ولا يكافىء بالسيئة السيئة، ولكن يعفو.
وقال كعب: نجد مكتوبا: محمد رسول الله، لا فظ ولا غليظ، ولا صخاب بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، وأمته الحمادون، يكبرون الله على كل نجد ويحمدونه في كل منزلة، يأتزرون على أنصافهم، ويتوضئون على أطرافهم بهم ينادى في جو السماء، صفهم في القتال وصفهم في الصلاة سواء، لهم بالليل دوي كدوي النحل، مولده بمكة ومهاجره بطابة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن موسى لما نزلت التوراة وقرأها وجد فيها ذكر هذه الأمة» .
قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون المشفوع لهم، فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة محمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون المستجاب لهم، فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم، يقرءونه ظاهرا، فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة يجعلون الصدقة في بطونهم يؤجرون عليها. فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه، فإن عملها كتبت عليه سيئة، فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤتون العلم الأول والعلم الآخر، يقتلون قرن الضلالة المسيح الدجال، فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب فاجعلني من أمة أحمد، فأعطي عند ذلك خصلتين.
قال: يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين.
قال: قد رضيت رب.
عن ابن عباس قال: كانت يهود قريظة والنضير وفدك وخيبر يجدون صفة النبي € قبل أن يبعث وأن دار هجرته المدينة.
فلما ولد رسول الله € قالت أحبار يهود: ولد أحمد الليلة، هذا الكوكب قد طلع.
فلما تنبأ قالوا: تنبأ أحمد، قد طلع الكوكب.
كانوا يعرفون ذلك ويقرون به ويصفونه، إلا الحسد والبغي
عن خليفة بن عبدة المنقري قال: سألت محمد بن عدي كيف سماك أبوك محمدا.
قال: أما إني سألت أبي عما سألتني عنه، فقال: خرجت رابع أربعة من بني تميم، أنا أحدهم، وسفيان بن مجاشع بن دارم، ويزيد بن عمرو بن ربيعة، وأسامة بن مالك بن جندب، نريد ابن جفنة الغساني.
فلما قدمنا الشام: نزلنا على غدير فيه شجيرات، وقربه دير وفيه ديراني، فأشرف علينا وقال: إن هذه اللغة ما هي لأهل هذا البلد.
قلنا: نعم نحن قوم من مضر.
قال: من أي المضرين.
قلنا: من خندف.
قال: أما إنه سيبعث فيكم وشيكا نبي فسارعوا إليه، وخذوا بحظكم منه ترشدوا، فإنه خاتم النبيين واسمه محمد.
فلما انصرفنا من عند ابن جفنة وصرنا إلى أهلنا، ولد لكل رجل منا غلام فسماه محمدا.
عن ابن مسعود: أن الله تعالى ابتعث نبيه لإدخال رجل الجنة، وذلك أنه دخل الكنيسة فإذا هو بيهود. وإذا يهودي يقرأ عليهم التوراة فلما أتوا على صفة النبي صلى الله عليه وسلم أمسكوا، وفي ناحيتها رجل مريض.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما لكم أمسكتم؟» .
قال المريض: إنهم أتوا على صفة نبي فأمسكوا. حتى جاء المريض يحبو حتى أخذ التوراة فقرأ حتى أتى على صفة النبي صلى الله عليه وسلم، قال: هذه صفتك، وصفة أمتك أنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. ثم مات.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «ادفنوا أخاكم» .
الباب الخامس
في إعلام كعب بن لؤي بن كعب بن غالب ببعثة رسول الله €لما كان يسمع من أهل الكتاب
عن عبد الرحمن بن عوف قال: كان كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك، يجمع قومه يوم الجمعة، وكانت قريش تسمي الجمعة: «عروبة»، فيخطبهم فيقول: أما بعد، فاسمعوا وتعلموا، وافهموا واعلموا، ليل ساج ونهار ضاح، والأرض مهاد، والسماء بناء، والجبال أوتاد، والنجوم أعلام والأولون كالآخرين، والأنثى والذكر، والزوج وما يهيج إلى بلى صائرون. فصلوا أرحامكم، واحفظوا أصهاركم، وثمروا أموالكم.
فهل رأيتم من هالك رجع، أو ميت نشر؟ الدار أمامكم، والظن غير ما تقولون، حرمكم زينوه وعظموه وتمسكوا به، فسيأتي له نبأ عظيم وسيخرج منه نبي كريم. ثم يقول: نهار وليل كل أوب بحادث
سواء علينا ليلها ونهارها
يؤوبان بالأحداث حين تأوبا
وبالنعم الضافي علينا ستورها
على غفلة يأتي النبي محمد
فيخبر أخبارا صدوق خبيرها
ثم يقول: والله لو كنت فيها ذا سمع وبصر ويد ورجل لتنصبت فيها تنصب الجمل، ولأرقلت فيها إرقال الفحل.
يا ليت شاهد فحواء دعوته
حين العشيرة تبغي الحق خذلانا
وكان بين موت كعب بن لؤي وبين مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وستون سنة.
الباب السادس
في ذكر منام رآه نصر بن ربيعة اللخمي يدل على وجود نبينا صلى الله عليه وسلم
قال أهل السير:
رأى نصر بن ربيعة رؤيا هالته، فلم يدع كاهنا ولا منجما إلا جمعه إليه، وقال لهم: إني رأيت رؤيا هالتني، فأخبروني بتأويلها.
فقالوا: اقصصها علينا.
فقال: إنه لا يعرف تأويلها إلا من عرفها قبل أن أخبره بها.
قالوا: فإن كنت تريد ذلك فابعث إلى سطيح وشق. وهما اسم كاهنين.
فبعث إليهما فقدم سطيح فقال (له): إني رأيت رؤيا هالتني فإن أصبتها أصبت تأويلها.
فقال: رأيت حممة خرجت من ظلمة، فوقعت بأرض تهمة فأكلت منها كل ذات جمجمة.
فقال الملك: ما أخطأت منها شيئا يا سطيح، فما عندك فيها؟
قال: أحلف بما بين الحرتين من حنش، لتهبطن أرضكم الحبش، فليملكن ما بين أبين إلى جرش،
فقال له الملك: وأبيك إن هذا لن لغائظ موجع، فمتى هو؟ أفي زماني أم بعده؟
قال: لا، بل بعده بحين، الحين من ستين إلى سبعين.
قال: فهل يدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع؟
قال: لا بل ينقطع لبضع وتسعين يمضين من السنين، ثم يخرجون منها هاربين.
قال: ومن يلي ذلك؟
قال: إرم ذي يزن، يخرج عليهم من عدن، فلا يترك أحدا منهم باليمن.
قال: أفيدوم ذلك؟
قال: لا بل ينقطع.
قال: ومن يقطعه.
قال: نبي زكي، يأتيه الوحي من (قبل) العلي.
قال: ومن هذا النبي؟
قال: رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر.
قال: وهل للدهر من آخر؟
قال: نعم، يوم يجمع فيه الأولون والآخرون، ويسعد فيه المحسنون ويشقى به المسيئون.
قال: أحق ما تخبرني به؟
قال: نعم، والشفق، والغسق، والفلق، إن ما أنبأتك به لحق.
فلما فرغ قدم شق فقال له: إني رأيت رؤيا فأخبرني بها. فأخبره كما قال سطيح، وأخبره بتقلب الممالك على نحو ما قال سطيح، إلى أن قال:
ثم يأتي رسول يأتي بالحق والعدل، يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل.
قال: وما يوم الفصل؟
قال: يوم تجزى فيه الولادة، ويجمع الناس للميقات.
الباب السابع
في ذكر نسب نبينا محمد صلى اله عليه وسلم
هو: محمد، بن عبدالله، بن عبد المطلب، بن هاشم، بن عبد مناف، بن قصي، بن كلاب، بن مرة، بن كعب، بن لؤي، بن فهر، بن مالك، بن النضر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن الياس، بن مضر، بن نزار، بن معد، بن عدنان.
ولا يختلف النسابون إلى: عدنان.
ثم يختلفون فيما بعده، فبعضهم يقول: عدنان بن أد، بن الهميسع، بن حمل بن قيدار، ابن إسماعيل بن إبراهيم.
وبعضهم يقول: عدنان من غير ذكر: أد بن أدد.
وفي حديث أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عدنان بن أدد بن لؤي بن أعراق الثرى» .
قالت أم سلمة: فزيد هو: الهميسع. ويرى هو: نبت. وأعراق الثرى هو: إسماعيل. كذلك حكى الزبير بن بكار.
وحكى أيضا أن أعراق الثرى: إبراهيم، لأنهم لما رأوه لم يحترق بالنار قالوا: ما هو إلا أعراق الثرى.
وهكذا ضبط لنا زيد. وقد حدثنا عن أبي أحمد العسكري أنه قال: إنما هو زيد مثل اسم أبي دلامة.
عن عروة قال: ما وجدنا أحدا يعرف ما وراء عدنان.
وقال ابن أبي خيثمة:
ما وجدنا في علم عالم ولا شعر شاعر أحدا يعرف ما وراء معد بن عدنان بثبت.
الباب الثامن
في ذكر طهارة آبائه وشرفهم
عن واثلة بن الأسقع أن النبي € قال:
«إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» .
انفرد بإخراجه مسلم.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي €:
«قال جبريل: قلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أجد رجلا أفضل من محمد €، وقلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أجد بيتا أفضل من بيت بني هاشم» .
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا، حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه» .
عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله، إن قريشا جلسوا فتذاكروا أحسابهم، فجعلوك مثل نخلة تنبت في كبوة من الأرض.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل يوم خلق الخلق جعلني في خيرهم، ثم حين فرقهم جعلني في خير الفريقين، ثم حين جعل القبائل جعلني في خير قبيلة، ثم حين جعل البيوت جعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم بيتا وخيرهم نفسا» .
وقال ربيعة: إن ناسا من الأنصار قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا نسمع من قومك حين يقول القائل منهم: إنما مثل محمد مثل نخلة تنبت في كبا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إن الله خلق خلقه، ثم فرقهم فرقتين، فجعلني من خير الفريقين، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا» .
الكبا: مقصور، وهو الكناسة.
قال الأصمعي: فإذا مد فهو البحر.
قال شمر: ولم يسمع الكبوة.
يتبع
يا شباب عندي حدود 200 باب تبوني اكمل
في ذكر التنويه بذكر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من زمن آدم عليه السلام
عن ميسرة قال: قلت يا رسول الله، متى كنت نبيا؟.
قال: «لما خلق الله تعالى الأرض، واستوى إلى السماء، فسواهن سبع سموات، وخلق العرش، كتب على ساق العرش: محمد رسول الله خاتم الأنبياء، وخلق الله تعالى الجنة التي أسكنها آدم وحواء، فكتب اسمي على الأبواب والأوراق والقباب والخيام، وآدم بين الروح والجسد، فلما أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمي، فأخبره الله تعالى أنه سيد ولدك. فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه» .
وقال سعيد بن جبير: اختصم ولد آدم: أي الخلق أكرم على الله تعالى؟.
فقال بعضهم: آدم، خلقه الله بيده، وأسجد له ملائكته.
وقال آخرون: بل الملائكة الذين لم يعصوا الله.
فذكروا ذلك لآدم، فقال آدم: لما نفخ في الروح لم تبلغ قدمي، فاستويت جالسا، فبرق لي العرش، فنظرت فيه: محمد رسول الله. فذاك أكرم الخلق على الله عز وجل.
عن وهب قال: أوحى الله تعالى إلى آدم: أنا الله ذو بكة، أهلها خيرتي، وزوارها وفدي وفي كنفي، (وفيها بيتي) أعمره بأهل السماء وأهل الأرض، يأتونه أفواجا شعثا غبرا، يعجون بالتكبير عجيجا، ويزجون بالتلبية زجيجا، ويثجون بالبكاء ثجيجا، فمن اعتمده لا يريد غيره فقد زارني، وضافني، ووفد إلي، ونزل بي، وحق لي أن أتحفه بكرامتي، أجعل ذلك البيت وذكره وشرفه ومجده وسناءه لنبي من ولدك يقال له: إبراهيم، أرفع له قواعده وأقضي على يديه عمارته، وأنبط له سقايته، وأريه حله وحرمه، وأعلمه مشاعره، ثم تعمره الأمم والقرون حتى ينتهي إلى نبي من ولدك يقال له: محمد صلى الله عليه وسلم، وهو خاتم النبيين، أجعله من سكانه وولاته وحجابه وسقاته، فمن سأل عني يومئذ فأنا مع الشعث الغبر الموفين بنذرهم المقبلين إلى ربهم.
عن ابن عباس: أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام: لولا محمد ما خلقت آدم، ولقد خلقت العرش فاضطرب، فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن.
الباب الثاني
في ذكر الطينة التي خلق منها محمد صلى الله عليه وسلم
عن كعب الأحبار قال: لما أراد الله تعالى أن يخلق محمدا صلى الله عليه وسلم أمر جبريل عليه السلام أن يأتيه فأتاه بالقبضة البيضاء التي هي موضع قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعجنت بماء التسنيم، ثم غمست في أنهار الجنة، وطيف بها في السموات والأرض، فعرفت الملائكة محمدا وفضله قبل أن تعرف آدم، ثم كان نور محمد صلى الله على وسلم يرى في غرة جبهة آدم. وقيل له: يا آدم هذا سيد ولدك من الأنبياء والمرسلين.
فلما حملت حواء بشيت انتقل عن آدم إلى حواء، وكانت تلد في كل بطن ولدين إلا شيتا، فإنها ولدته وحده، كرامة لمحمد صلى الله عليه وسلم
ثم لم يزل ينتقل من طاهر إلى طاهر إلى أن ولد صلى الله عليه وسلم.
عن ابن عباس قال: قلت: يا رسول الله، أين كنت وآدم في الجنة؟.
قال: «كنت في صلبه، وأهبط إلى الأرض وأنا في صلبه، وركبت السفينة في صلب أبي نوح، وقذفت في النار في صلب أبي إبراهيم، لم يلتق لي أبوان قط على سفاح، لم يزل ينقلني من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام النقية مهذبا لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما، أخذ الله لي بالنبوة ميثاقي، وفي التوراة بشر بي، وفي الإنجيل شهر اسمي، تشرق الأرض لوجهي والسماء لرؤيتي» .
الباب الثالث
في دعاء إبراهيم الخليل بإيجاد محمد صلى الله عليه وسلم
لما بنى الخليل عليه السلام الكعبة دعا لأهل مكة فقال: {ربنا وکبعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آيـاتك ويعلمهم الكتاب والحكمه ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم }
(البقرة: 129).
قال السدي عن أشياخه: هو محمد صلى الله عليه وسلم
عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني عند الله لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم بأول ذلك:
أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين» .
ورواه ليث عن معاوية فقال: وإن أمه رأت حين وضعته نورا أضاءت منه قصور الشام.
الباب الرابع
في بيان ذكره في التوراة والإنجيلوذكر أمته، واعتراف علماء الكتاب بذلك
قال الله تعالى: {الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهـاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبـات ويحرم عليهم الخبـائث ويضع عنهم إصرهم والاغلـال التى كانت عليهم فالذين ءامنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه أولـائك هم المفلحون }(الأعراف: 157)
والمراد: أنهم يجدون نعته.
وهو: مكارم الأخلاق، وصلة الأرحام.
{وينهاهم عن المنكر} وهو: الشرك.
(ويحل لهم الطيبات} وهو: ما كانت العرب تستطيبه، وقيل: هي الشحوم التي حرمت على بني إسرائيل، والبحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحامي.
{ويحرم عليهم الخبائث} وهي: ما كانت العرب تستخبثه، وما كانوا يستحلون من الميتة، والدم، ولحم الخنزير.
{ويضع عنهم إصرهم} وهي: الأثقال التي كانت على بني إسرائيل من تحريم السبت، والشحوم، والعروق. {والأغلال التي كانت عليهم} .
قال أبو إسحاق الزجاج: ذكر الأغلال تمثيل، وكان عليهم أن لا يقبل في القتل دية، وأن لا يعملوا في السبت، وأن يقرضوا ما أصابهم من أموال.
عن قتادة: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين} .
قال: هذا ميثاق أخذه الله تعالى على النبيين، أن يصدق بعضهم بعضا، وأخذ مواثيق أهل الكتاب فيما بلغتهم رسلهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويصدقوه.
عن عطاء بن يسار: لقيت عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله € في التوراة.
قال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن:
{ياأيها النبى إنآ أرسلنـاك شاهدا ومبشرا ونذيرا }(الأحزاب: 45) ، وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل، لست بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا تجزي بالسيئة السيئة ولكن تعفو وتغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله، فيفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا.
انفرد بإخراجه البخاري.
عن ابن عباس أنه سأل كعبا: كيف تجد رسول الله صلى الله عليه وسله في التوراة؟.
قال: نجده: محمد رسول الله، مولده بمكة، ومهاجره إلى طابة، ويكون ملكه بالشام، ليس بفحاش، ولا صخاب في الأسواق، ولا يكافىء بالسيئة السيئة، ولكن يعفو.
وقال كعب: نجد مكتوبا: محمد رسول الله، لا فظ ولا غليظ، ولا صخاب بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، وأمته الحمادون، يكبرون الله على كل نجد ويحمدونه في كل منزلة، يأتزرون على أنصافهم، ويتوضئون على أطرافهم بهم ينادى في جو السماء، صفهم في القتال وصفهم في الصلاة سواء، لهم بالليل دوي كدوي النحل، مولده بمكة ومهاجره بطابة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن موسى لما نزلت التوراة وقرأها وجد فيها ذكر هذه الأمة» .
قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون المشفوع لهم، فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة محمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون المستجاب لهم، فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم، يقرءونه ظاهرا، فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة يجعلون الصدقة في بطونهم يؤجرون عليها. فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه، فإن عملها كتبت عليه سيئة، فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤتون العلم الأول والعلم الآخر، يقتلون قرن الضلالة المسيح الدجال، فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب فاجعلني من أمة أحمد، فأعطي عند ذلك خصلتين.
قال: يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين.
قال: قد رضيت رب.
عن ابن عباس قال: كانت يهود قريظة والنضير وفدك وخيبر يجدون صفة النبي € قبل أن يبعث وأن دار هجرته المدينة.
فلما ولد رسول الله € قالت أحبار يهود: ولد أحمد الليلة، هذا الكوكب قد طلع.
فلما تنبأ قالوا: تنبأ أحمد، قد طلع الكوكب.
كانوا يعرفون ذلك ويقرون به ويصفونه، إلا الحسد والبغي
عن خليفة بن عبدة المنقري قال: سألت محمد بن عدي كيف سماك أبوك محمدا.
قال: أما إني سألت أبي عما سألتني عنه، فقال: خرجت رابع أربعة من بني تميم، أنا أحدهم، وسفيان بن مجاشع بن دارم، ويزيد بن عمرو بن ربيعة، وأسامة بن مالك بن جندب، نريد ابن جفنة الغساني.
فلما قدمنا الشام: نزلنا على غدير فيه شجيرات، وقربه دير وفيه ديراني، فأشرف علينا وقال: إن هذه اللغة ما هي لأهل هذا البلد.
قلنا: نعم نحن قوم من مضر.
قال: من أي المضرين.
قلنا: من خندف.
قال: أما إنه سيبعث فيكم وشيكا نبي فسارعوا إليه، وخذوا بحظكم منه ترشدوا، فإنه خاتم النبيين واسمه محمد.
فلما انصرفنا من عند ابن جفنة وصرنا إلى أهلنا، ولد لكل رجل منا غلام فسماه محمدا.
عن ابن مسعود: أن الله تعالى ابتعث نبيه لإدخال رجل الجنة، وذلك أنه دخل الكنيسة فإذا هو بيهود. وإذا يهودي يقرأ عليهم التوراة فلما أتوا على صفة النبي صلى الله عليه وسلم أمسكوا، وفي ناحيتها رجل مريض.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما لكم أمسكتم؟» .
قال المريض: إنهم أتوا على صفة نبي فأمسكوا. حتى جاء المريض يحبو حتى أخذ التوراة فقرأ حتى أتى على صفة النبي صلى الله عليه وسلم، قال: هذه صفتك، وصفة أمتك أنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. ثم مات.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «ادفنوا أخاكم» .
الباب الخامس
في إعلام كعب بن لؤي بن كعب بن غالب ببعثة رسول الله €لما كان يسمع من أهل الكتاب
عن عبد الرحمن بن عوف قال: كان كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك، يجمع قومه يوم الجمعة، وكانت قريش تسمي الجمعة: «عروبة»، فيخطبهم فيقول: أما بعد، فاسمعوا وتعلموا، وافهموا واعلموا، ليل ساج ونهار ضاح، والأرض مهاد، والسماء بناء، والجبال أوتاد، والنجوم أعلام والأولون كالآخرين، والأنثى والذكر، والزوج وما يهيج إلى بلى صائرون. فصلوا أرحامكم، واحفظوا أصهاركم، وثمروا أموالكم.
فهل رأيتم من هالك رجع، أو ميت نشر؟ الدار أمامكم، والظن غير ما تقولون، حرمكم زينوه وعظموه وتمسكوا به، فسيأتي له نبأ عظيم وسيخرج منه نبي كريم. ثم يقول: نهار وليل كل أوب بحادث
سواء علينا ليلها ونهارها
يؤوبان بالأحداث حين تأوبا
وبالنعم الضافي علينا ستورها
على غفلة يأتي النبي محمد
فيخبر أخبارا صدوق خبيرها
ثم يقول: والله لو كنت فيها ذا سمع وبصر ويد ورجل لتنصبت فيها تنصب الجمل، ولأرقلت فيها إرقال الفحل.
يا ليت شاهد فحواء دعوته
حين العشيرة تبغي الحق خذلانا
وكان بين موت كعب بن لؤي وبين مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وستون سنة.
الباب السادس
في ذكر منام رآه نصر بن ربيعة اللخمي يدل على وجود نبينا صلى الله عليه وسلم
قال أهل السير:
رأى نصر بن ربيعة رؤيا هالته، فلم يدع كاهنا ولا منجما إلا جمعه إليه، وقال لهم: إني رأيت رؤيا هالتني، فأخبروني بتأويلها.
فقالوا: اقصصها علينا.
فقال: إنه لا يعرف تأويلها إلا من عرفها قبل أن أخبره بها.
قالوا: فإن كنت تريد ذلك فابعث إلى سطيح وشق. وهما اسم كاهنين.
فبعث إليهما فقدم سطيح فقال (له): إني رأيت رؤيا هالتني فإن أصبتها أصبت تأويلها.
فقال: رأيت حممة خرجت من ظلمة، فوقعت بأرض تهمة فأكلت منها كل ذات جمجمة.
فقال الملك: ما أخطأت منها شيئا يا سطيح، فما عندك فيها؟
قال: أحلف بما بين الحرتين من حنش، لتهبطن أرضكم الحبش، فليملكن ما بين أبين إلى جرش،
فقال له الملك: وأبيك إن هذا لن لغائظ موجع، فمتى هو؟ أفي زماني أم بعده؟
قال: لا، بل بعده بحين، الحين من ستين إلى سبعين.
قال: فهل يدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع؟
قال: لا بل ينقطع لبضع وتسعين يمضين من السنين، ثم يخرجون منها هاربين.
قال: ومن يلي ذلك؟
قال: إرم ذي يزن، يخرج عليهم من عدن، فلا يترك أحدا منهم باليمن.
قال: أفيدوم ذلك؟
قال: لا بل ينقطع.
قال: ومن يقطعه.
قال: نبي زكي، يأتيه الوحي من (قبل) العلي.
قال: ومن هذا النبي؟
قال: رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر.
قال: وهل للدهر من آخر؟
قال: نعم، يوم يجمع فيه الأولون والآخرون، ويسعد فيه المحسنون ويشقى به المسيئون.
قال: أحق ما تخبرني به؟
قال: نعم، والشفق، والغسق، والفلق، إن ما أنبأتك به لحق.
فلما فرغ قدم شق فقال له: إني رأيت رؤيا فأخبرني بها. فأخبره كما قال سطيح، وأخبره بتقلب الممالك على نحو ما قال سطيح، إلى أن قال:
ثم يأتي رسول يأتي بالحق والعدل، يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل.
قال: وما يوم الفصل؟
قال: يوم تجزى فيه الولادة، ويجمع الناس للميقات.
الباب السابع
في ذكر نسب نبينا محمد صلى اله عليه وسلم
هو: محمد، بن عبدالله، بن عبد المطلب، بن هاشم، بن عبد مناف، بن قصي، بن كلاب، بن مرة، بن كعب، بن لؤي، بن فهر، بن مالك، بن النضر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن الياس، بن مضر، بن نزار، بن معد، بن عدنان.
ولا يختلف النسابون إلى: عدنان.
ثم يختلفون فيما بعده، فبعضهم يقول: عدنان بن أد، بن الهميسع، بن حمل بن قيدار، ابن إسماعيل بن إبراهيم.
وبعضهم يقول: عدنان من غير ذكر: أد بن أدد.
وفي حديث أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عدنان بن أدد بن لؤي بن أعراق الثرى» .
قالت أم سلمة: فزيد هو: الهميسع. ويرى هو: نبت. وأعراق الثرى هو: إسماعيل. كذلك حكى الزبير بن بكار.
وحكى أيضا أن أعراق الثرى: إبراهيم، لأنهم لما رأوه لم يحترق بالنار قالوا: ما هو إلا أعراق الثرى.
وهكذا ضبط لنا زيد. وقد حدثنا عن أبي أحمد العسكري أنه قال: إنما هو زيد مثل اسم أبي دلامة.
عن عروة قال: ما وجدنا أحدا يعرف ما وراء عدنان.
وقال ابن أبي خيثمة:
ما وجدنا في علم عالم ولا شعر شاعر أحدا يعرف ما وراء معد بن عدنان بثبت.
الباب الثامن
في ذكر طهارة آبائه وشرفهم
عن واثلة بن الأسقع أن النبي € قال:
«إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» .
انفرد بإخراجه مسلم.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي €:
«قال جبريل: قلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أجد رجلا أفضل من محمد €، وقلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أجد بيتا أفضل من بيت بني هاشم» .
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا، حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه» .
عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله، إن قريشا جلسوا فتذاكروا أحسابهم، فجعلوك مثل نخلة تنبت في كبوة من الأرض.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل يوم خلق الخلق جعلني في خيرهم، ثم حين فرقهم جعلني في خير الفريقين، ثم حين جعل القبائل جعلني في خير قبيلة، ثم حين جعل البيوت جعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم بيتا وخيرهم نفسا» .
وقال ربيعة: إن ناسا من الأنصار قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا نسمع من قومك حين يقول القائل منهم: إنما مثل محمد مثل نخلة تنبت في كبا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إن الله خلق خلقه، ثم فرقهم فرقتين، فجعلني من خير الفريقين، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا» .
الكبا: مقصور، وهو الكناسة.
قال الأصمعي: فإذا مد فهو البحر.
قال شمر: ولم يسمع الكبوة.
يتبع
يا شباب عندي حدود 200 باب تبوني اكمل