NAKMURA الكويتي
08-08-2002, 04:18 PM
في وقت عزت فيه المواهب وامتلأت الأندية بالنجوم الملمعة، استأثر الإيطاليون كما هي عادتهم بالصفوة والبطولة الكبيرة كانت مقرا لخيرة اللاعبين في العالم وما ذلك بالغريب فهو تقليد وميزة لم تحظ بها أي بطولة أخرى في أوروبا. ومن بين قوائم طويلة عاشت في نعيم البطولة الإيطالية كانت العيون مصوبة نحو ثلاثة مبدعين.... متفردين.... ومغبوطين على مواهبهم التي شحت من بين أكوام اللاعبين في العالم. مع أنديتهم كانوا كالجواهر الثمينة التي لا يحجب سحرها اصطفاف اللآلئ حولها..... وبالمثل كان النهم لرؤيتهم غريزة فرضت على من ينشد نبوغ وإبهار هذه اللعبة.
اليوفينتوس، لاتسيو وفيورنتينا كانوا قبل عام بالتحديد محط أنظار الملايين.... ليس لأنهم من أكبر وأغنى الأندية في أوروبا.... ولكن لأنهم وباختصار يقتنون بين صفوفهم قدرات خاصة.... لا تشبه في أدائها ما نراه عادة.... ولا يمكن استنساخ مواهبهم.... وهذا وللأسف من سوء حظ الكرة. وبرغم اختلاف تقنياتهم وطموح كل منهم إلا أننا أجمعنا على تفردهم وقصور نظرائهم على الإقناع فليس في الكالتشو رابع يوازيهم موهبة وإثارة ونبوغا.... وليس من المغالاة أن نقول أن فرقهم الثلاثة لم تكن جديرة بالمشاهدة قبل عام إلا لأنهم كانوا الأقمار المضيئة في عتمة أنديتهم التي أضاعت أحلام كل واحد منهم.
فيرون، روي كوستا وزيدان.... ثلاثي يجلب المتعة.... يستثير الكرة لإخراج أجمل ما فيها.... ويشهدنا في كل لمسة بأن الزمن الجميل لم يمض حقا، فهو باق مادام ينطق بروعة كتلك التي نراها من بين أرجلهم. إنهم ثلاثة تكفلوا بمبدأ واحد.... لم يقصدوا الاجتماع عليه، لأنهم جبلوا على القيام به.... دونما تدبير.... وليس من تبرير للاعتراف بأنهم يدينون للجميع بالإمتاع أولا وقبل كل شيء.... وبعده لا ضير في الفوز بكل شيء.
الثلاثة ارتضوا الرحيل عن جنان أنديتهم.... ودعوا ماضيهم ووجهوا بالمسير كل في طريق.... وكأنهم أدركوا أن العيش لا يسعهم جميعا.... تفرقوا منذ ذلك العام الذي غالبته أقدارهم الحزينة.... على عهد بمتابعة الإبداع والعودة بعد ذلك لقراءة ما عايناه وما خفي عنا في مغامراتهم.
الحكاية لما تبدأ بعد.... لأن عاما قد مر على ذلك الوداع.... الآن التقى الثلاثة من جديد.... وكل قد أعد العدة لسرد قصته.... وما يسعنا إلا أن نصمت وندع الميدان للفرسان.... فكل في قلبه الكثير ليقوله عما جرى له في عام مثير.
فيرون: ساحر وليس شيطانا
فيرون هو أنشودة فرح تهديها الكرة لكل محبيها…. هو المايسترو الذي يتمنى كل منا أن يراه قائدا لفريقه. يعزف على أوتار القلوب.... يلامس الروح قبل أي شيء.... يشعرك بأن الكرة أجل من تعرف كتسلية وأرقى من أن تقدم كلعبة. لمساته تصف في أناقة أسلوبه الفريد…. ورؤيته تتجاوز نظرة لاعب فوق الميدان…. هو بإيجاز مبصر يقود بمواهبه جماعة من العميان.
فيرون الساحر والذي لم يعد صغيرا كما علمونا أن نناديه…. لأنه الآن أكثرهم براعة إن جاز لنا أن نساويهم به…. أو بقي منهم أحد يذكر. هو الوحيد الذي له من سحر الموهبة ما يكفي لجعلك تفرك عينيك من غرابة ما تشاهده ولتتساءل بعد كل ماتراه…. أحقيقة ذلك أم خيال؟. فيرون هو أكبر حقيقة نراها في كرة القدم…. ولأننا لم نر شبها فيما يفعله سواه…. أسمينا ما نراه سحرا وعرفنا الفاعل ساحرا لألباب من يتنفسون الكرة.
http://www.juan-veron.com/gallery/veronendorsements9.jpg
فيرون ولد ليمتهن الكرة وليس لأي شيء آخر… ولا أظن أن أحدا سيكتشف فيه موهبة أخرى تعادل جنون عبقريته في هذه اللعبة وإلا لكان في أعلى مراتب الإبداع. تعريفه لمن هو ضليع أو فقير في علم المستديرة لا يزيد عن كلمات قليلة…. هو جل المهارة التي اكتشفناها في كرة القدم…. ونبوغه قادر على تجسيد كل الخبايا التي قد يفخر أي موهوب على القيام بها ولأجل ذلك أوصدت كل الطرق لمناظرة من يحبون المقارنة ولذا أبحروا بعيدا عن هذه المسألة فشاطئ مواهبه لا يعبره أحد.
خصومه يعشقونه أكثر من محبيه لأنه يقدم أهداف اللعبة قبل كل شيء…. فلسفته تقوده مجبرا لينأى بعيدا عما تعودنا بل وأدمنا مشاهدته…. الفوز والخسارة ليسا في قاموسه؟ هو يلعب لغاية واحدة…. الإمتاع هو أكبر ما يناط به…. وهو في ذلك مسير بما يمليه عليه حق موهبته وليس مخيرا بأمر حاجة مدربيه. حواسه وإدراكه وحتى لياقته أعدت للقيام بما هو خارق في علم القدرات الخاصة…. هو أكثر من يركض…. أذكى من يفكر وأمهر من ينفذ بإتقان متناغم ومبهر…. فيرون غاية القوة والجمال في آن.
http://news.bbc.co.uk/olmedia/1680000/images/_1682775_veronnew300.jpg
هو لا يبدع إلا إن كنت خصمه وان استثرته وأغضبته رأيت منه ما يبهرك…. هو عادة يحب أن يلعب بأسهل ما نعرف به عبقريته…. ولكن إن أرغم على إظهار مواهبه فليس في القاموس ما يوافق قدراته وفنونه. لا يهدأ له بال إلا أن أعطيته كل الاهتمام وان أجحفت حقه بصرف الثقة خسرت بجهلك كل السحر الذي لن تراه أبدا مع غيره. المدربون تعبوا من اكتشاف كل ما يجيده…. وفشلوا في إثبات عدم إتقانه لشيء ما…. نسوا بأنه أصل كل المواهب…. وأيقنوا بأنه أفق جديد في تاريخ كرة القدم.
ليس من عيب يمكن أن نعيره به…. سوى حبه لإظهار عبقريته…. إن رأينا ذلك عيبا فيه. شجاعته مفرطة وأجمل ما فيها أنها كالعدوى تسرى منه مهرولة في زملائه وهذا ما يجعل إلهامه ساحرا أخاذا حتى للاعبين. ثقة الآخرين به نابعة من إيمانهم الشديد بحرارة واتقاد موهبته وطموحه…. ولكن إتكاءه على الخيال ينسيه دوما واقعية اللعبة وبروتوكولات الأداء فيها…. هو كالطائر الذي ينسى كيف ومتى يقلع عن التحليق.
http://www.saunalahti.fi/karinf/seba4.jpg
على أنقاض نجوم التانجو جاء به الديكتاتور باساريلا بعد أن فرغ من مجزرته التي أودت بكبار لاعبي منتخب الفيو باسيل العائد بعار مارادونا عام 1994. آمن به أيما إيمان وأعطاه صلاحيات العمل كعقل مركزي يدير كامل الجوقة الأرجنتينية التي صنعها باساريلا وأدارها بسوط صرامته الشهير. صفحات الإبداع تطوى سريعا لتقفز بفيرون من بوكا جونيورز بجانب الأسطورة مارادونا لتحط به في سامبدوريا مع نخبة من المبدعين المغمورين تحت إمرة الفيلسوف أريكسون.
لاتسيو أمهل بارما عاما وحيدا لإعادة أمجاده قبل أن يسرق فيرون الذي سرق أضواء إيطاليا وأوروبا في ذلك العام ويهديها لناديه الغائب عن البطولات منذ بداية التسعينات. كرانيوتي ما كان ليقاوم رغبات أريكسون بالتعاقد مع فيرون وهو الذي ربط أمنيات الفوز بالسكوديتو بجلبه لإمبراطورية لاتسيو الطامحة لمجد لم تصل إليه خلال قرن من الزمان. وبالفعل كان سحر ذلك الأرجنتيني كافيا لإقناع البطولة الغالية بالدخول لأول مرة إلى عالم لاتسيو الذي كان مسرحا لكل الفنون وببطولة مطلقة من المبدع فيرون.
المتعة والطموح سقطا بفيرون في عامه الثاني مع لاتسيو كما أطلقاه وقت قدومه من بارما. روحه وعقله ضيعا…. وضعا في مكان لم يكن ليبدعا فيه…. فيرون استنزف وقتل ليدافع عن نفسه لا ليكمل روائعه…. لاتسيو سلبه أهم ما يملك…. الرغبة في الإمتاع…. لقد أضاعوه وأي فتى أضاعوا.
http://www.saunalahti.fi/karinf/veron2.jpg
في خفاء وصمت شديدين…. حط رحاله عند الإنجليز ليصادق على عقده الجديد. مانشيستر أراد أن يكون حدث اختيار أول لاعبيه من قارة الفنون تاريخيا وجديرا بالفريق.... بعد بحث طويل لم يكن بالإمكان انتقاء شخص آخر غيره ليكون ذلك الرجل. وسط فرح فيرجسون وجهل الإنجليز بما فيهم جماهير مانشيستر بأهمية القادم الجديد تتابعت حملات التعريف من وسائل الإعلام بالساحر الذي لا يعرفه أحد…. وكأنه قادم من كوكب غير كوكبنا الذي نعيش فيه؟!!
فيرون أغلى لاعب في تاريخ تعاقدات الأندية الإنجليزية…. جملة اقترنت بكلمات ثلاث صدح بها كل جاهل به في إنجلترا…. لماذا هو الأغلى؟ الجواب جاء بعد أيام…. رايان جيجز: (فيرون أفضل لاعبي العالم)…. نيكي بت: (لا أصدق أن أحدا لديه مهارة ذلك الأرجنتيني)…. بول سكولز: (إنه أفضل لاعب في تاريخ مانشيستر). كل ذلك وعلامات التعجب والأسى على وجه كل محب للاتسيو…. كل ذلك وفيرون في ضيق وعدم رضا يخفيهما برأس مطأطأ وابتسامة وداع حزينة.
http://www.juan-veron.com/gallery/veronoffpitch2.jpg
فيرجسون أغمض عيني فيرون وقال له: (أفعل ما بدا لك…. ولكن لا تقرب شيئين…. بيكهام وكيف يلعب الفريق). حينها فزع الساحر مما سمعه وأيقن أنه اكتشف أمرين…. أن يلعب بعقل فيرجسون وليس بروح فيرون…. وألا يسرق تاج بيكهام. هذه كانت محظورات فيرجسون التي ثار عليها بعد أسابيع الود المصطنع مع أعدائه في الفريق.
لم نر شرا منظما كالذي حيك ضد فيرون في عامه الأول عند الإنجليز…. حملات تحريض لأذيته وجهت علنا وأديرت بوقاحة ضده…. إحباطه كان هدفا اتفق عليه بعض ممن يحب…. ومن لا يحب مانيشستر. عين من الرضا وأخرى من الألم عما كان يراد لفيرون…. إمساك العصا من المنتصف وانتظار الفرج كان حكمة مل من تلقينها لنفسه…. ارتضى الصمت ليكون الجميع راضيا عنه.
http://www.juan-veron.com/gallery/veronunited46.jpg
أعداء النجاح تساقطوا واحدا تلو الآخر…. فجأة ودون مقدمات يؤذن له بالانطلاق…. تفك قيوده دون طلب منه…. يستجدى ليلحق بما بقي من أمل للشياطين في هذا الموسم…. ولكن سحره ما كان ليجدي لإصلاح ما أفسده غيره…. لقد نسى كيف يرمي بسحره كما كان يفعل من قبل. للفوز ألف أب وأب وللخذلان أب واحد…. فيرون كان ذلك الكبش الذي أريد أن يضحي به ليسلم الجميع من غول العار الذي حل بالفريق. لقد خص بسيئات الجميع وليس لشيء سوى لأنه أيقن الآن بأنه ساحر وليس شيطانا.
الصدمات والسقطات وربما المؤامرات لا تزيده إلا قوة وعزما على تأكيد حقيقة واحدة مفادها أنه فريد…. عنيد…. ولا يرتقي إليه كل من نراهم يلعبون بالكرة. ولربما كان قدره أن يحبه كل من يعشق الكرة ويكرهه كل من له علاقة بها…. وهي ضريبة من يجيد كل شيء. هو بحاجة إلى المثابرة والثبات في قتاله على المبادئ التي جاءت به للفريق وإلا فانه سيعود أدراجه في أحضان محبيه بروما أو بعيدا عندما تدعوه برشلونة لحرب هدفها إعادة الهيبة للمجد الضائع. وأيا كانت وجهته سنكون حتما على عهد معه بالتماس الأعذار له إلى أن يعمل بالإنصاف وبما يمليه حق حفظ الفنون…. للساحر المبدع فيرون.
http://www.juan-veron.com/gallery/veronargentina28.jpg
يتبع(روي كوستا)
اليوفينتوس، لاتسيو وفيورنتينا كانوا قبل عام بالتحديد محط أنظار الملايين.... ليس لأنهم من أكبر وأغنى الأندية في أوروبا.... ولكن لأنهم وباختصار يقتنون بين صفوفهم قدرات خاصة.... لا تشبه في أدائها ما نراه عادة.... ولا يمكن استنساخ مواهبهم.... وهذا وللأسف من سوء حظ الكرة. وبرغم اختلاف تقنياتهم وطموح كل منهم إلا أننا أجمعنا على تفردهم وقصور نظرائهم على الإقناع فليس في الكالتشو رابع يوازيهم موهبة وإثارة ونبوغا.... وليس من المغالاة أن نقول أن فرقهم الثلاثة لم تكن جديرة بالمشاهدة قبل عام إلا لأنهم كانوا الأقمار المضيئة في عتمة أنديتهم التي أضاعت أحلام كل واحد منهم.
فيرون، روي كوستا وزيدان.... ثلاثي يجلب المتعة.... يستثير الكرة لإخراج أجمل ما فيها.... ويشهدنا في كل لمسة بأن الزمن الجميل لم يمض حقا، فهو باق مادام ينطق بروعة كتلك التي نراها من بين أرجلهم. إنهم ثلاثة تكفلوا بمبدأ واحد.... لم يقصدوا الاجتماع عليه، لأنهم جبلوا على القيام به.... دونما تدبير.... وليس من تبرير للاعتراف بأنهم يدينون للجميع بالإمتاع أولا وقبل كل شيء.... وبعده لا ضير في الفوز بكل شيء.
الثلاثة ارتضوا الرحيل عن جنان أنديتهم.... ودعوا ماضيهم ووجهوا بالمسير كل في طريق.... وكأنهم أدركوا أن العيش لا يسعهم جميعا.... تفرقوا منذ ذلك العام الذي غالبته أقدارهم الحزينة.... على عهد بمتابعة الإبداع والعودة بعد ذلك لقراءة ما عايناه وما خفي عنا في مغامراتهم.
الحكاية لما تبدأ بعد.... لأن عاما قد مر على ذلك الوداع.... الآن التقى الثلاثة من جديد.... وكل قد أعد العدة لسرد قصته.... وما يسعنا إلا أن نصمت وندع الميدان للفرسان.... فكل في قلبه الكثير ليقوله عما جرى له في عام مثير.
فيرون: ساحر وليس شيطانا
فيرون هو أنشودة فرح تهديها الكرة لكل محبيها…. هو المايسترو الذي يتمنى كل منا أن يراه قائدا لفريقه. يعزف على أوتار القلوب.... يلامس الروح قبل أي شيء.... يشعرك بأن الكرة أجل من تعرف كتسلية وأرقى من أن تقدم كلعبة. لمساته تصف في أناقة أسلوبه الفريد…. ورؤيته تتجاوز نظرة لاعب فوق الميدان…. هو بإيجاز مبصر يقود بمواهبه جماعة من العميان.
فيرون الساحر والذي لم يعد صغيرا كما علمونا أن نناديه…. لأنه الآن أكثرهم براعة إن جاز لنا أن نساويهم به…. أو بقي منهم أحد يذكر. هو الوحيد الذي له من سحر الموهبة ما يكفي لجعلك تفرك عينيك من غرابة ما تشاهده ولتتساءل بعد كل ماتراه…. أحقيقة ذلك أم خيال؟. فيرون هو أكبر حقيقة نراها في كرة القدم…. ولأننا لم نر شبها فيما يفعله سواه…. أسمينا ما نراه سحرا وعرفنا الفاعل ساحرا لألباب من يتنفسون الكرة.
http://www.juan-veron.com/gallery/veronendorsements9.jpg
فيرون ولد ليمتهن الكرة وليس لأي شيء آخر… ولا أظن أن أحدا سيكتشف فيه موهبة أخرى تعادل جنون عبقريته في هذه اللعبة وإلا لكان في أعلى مراتب الإبداع. تعريفه لمن هو ضليع أو فقير في علم المستديرة لا يزيد عن كلمات قليلة…. هو جل المهارة التي اكتشفناها في كرة القدم…. ونبوغه قادر على تجسيد كل الخبايا التي قد يفخر أي موهوب على القيام بها ولأجل ذلك أوصدت كل الطرق لمناظرة من يحبون المقارنة ولذا أبحروا بعيدا عن هذه المسألة فشاطئ مواهبه لا يعبره أحد.
خصومه يعشقونه أكثر من محبيه لأنه يقدم أهداف اللعبة قبل كل شيء…. فلسفته تقوده مجبرا لينأى بعيدا عما تعودنا بل وأدمنا مشاهدته…. الفوز والخسارة ليسا في قاموسه؟ هو يلعب لغاية واحدة…. الإمتاع هو أكبر ما يناط به…. وهو في ذلك مسير بما يمليه عليه حق موهبته وليس مخيرا بأمر حاجة مدربيه. حواسه وإدراكه وحتى لياقته أعدت للقيام بما هو خارق في علم القدرات الخاصة…. هو أكثر من يركض…. أذكى من يفكر وأمهر من ينفذ بإتقان متناغم ومبهر…. فيرون غاية القوة والجمال في آن.
http://news.bbc.co.uk/olmedia/1680000/images/_1682775_veronnew300.jpg
هو لا يبدع إلا إن كنت خصمه وان استثرته وأغضبته رأيت منه ما يبهرك…. هو عادة يحب أن يلعب بأسهل ما نعرف به عبقريته…. ولكن إن أرغم على إظهار مواهبه فليس في القاموس ما يوافق قدراته وفنونه. لا يهدأ له بال إلا أن أعطيته كل الاهتمام وان أجحفت حقه بصرف الثقة خسرت بجهلك كل السحر الذي لن تراه أبدا مع غيره. المدربون تعبوا من اكتشاف كل ما يجيده…. وفشلوا في إثبات عدم إتقانه لشيء ما…. نسوا بأنه أصل كل المواهب…. وأيقنوا بأنه أفق جديد في تاريخ كرة القدم.
ليس من عيب يمكن أن نعيره به…. سوى حبه لإظهار عبقريته…. إن رأينا ذلك عيبا فيه. شجاعته مفرطة وأجمل ما فيها أنها كالعدوى تسرى منه مهرولة في زملائه وهذا ما يجعل إلهامه ساحرا أخاذا حتى للاعبين. ثقة الآخرين به نابعة من إيمانهم الشديد بحرارة واتقاد موهبته وطموحه…. ولكن إتكاءه على الخيال ينسيه دوما واقعية اللعبة وبروتوكولات الأداء فيها…. هو كالطائر الذي ينسى كيف ومتى يقلع عن التحليق.
http://www.saunalahti.fi/karinf/seba4.jpg
على أنقاض نجوم التانجو جاء به الديكتاتور باساريلا بعد أن فرغ من مجزرته التي أودت بكبار لاعبي منتخب الفيو باسيل العائد بعار مارادونا عام 1994. آمن به أيما إيمان وأعطاه صلاحيات العمل كعقل مركزي يدير كامل الجوقة الأرجنتينية التي صنعها باساريلا وأدارها بسوط صرامته الشهير. صفحات الإبداع تطوى سريعا لتقفز بفيرون من بوكا جونيورز بجانب الأسطورة مارادونا لتحط به في سامبدوريا مع نخبة من المبدعين المغمورين تحت إمرة الفيلسوف أريكسون.
لاتسيو أمهل بارما عاما وحيدا لإعادة أمجاده قبل أن يسرق فيرون الذي سرق أضواء إيطاليا وأوروبا في ذلك العام ويهديها لناديه الغائب عن البطولات منذ بداية التسعينات. كرانيوتي ما كان ليقاوم رغبات أريكسون بالتعاقد مع فيرون وهو الذي ربط أمنيات الفوز بالسكوديتو بجلبه لإمبراطورية لاتسيو الطامحة لمجد لم تصل إليه خلال قرن من الزمان. وبالفعل كان سحر ذلك الأرجنتيني كافيا لإقناع البطولة الغالية بالدخول لأول مرة إلى عالم لاتسيو الذي كان مسرحا لكل الفنون وببطولة مطلقة من المبدع فيرون.
المتعة والطموح سقطا بفيرون في عامه الثاني مع لاتسيو كما أطلقاه وقت قدومه من بارما. روحه وعقله ضيعا…. وضعا في مكان لم يكن ليبدعا فيه…. فيرون استنزف وقتل ليدافع عن نفسه لا ليكمل روائعه…. لاتسيو سلبه أهم ما يملك…. الرغبة في الإمتاع…. لقد أضاعوه وأي فتى أضاعوا.
http://www.saunalahti.fi/karinf/veron2.jpg
في خفاء وصمت شديدين…. حط رحاله عند الإنجليز ليصادق على عقده الجديد. مانشيستر أراد أن يكون حدث اختيار أول لاعبيه من قارة الفنون تاريخيا وجديرا بالفريق.... بعد بحث طويل لم يكن بالإمكان انتقاء شخص آخر غيره ليكون ذلك الرجل. وسط فرح فيرجسون وجهل الإنجليز بما فيهم جماهير مانشيستر بأهمية القادم الجديد تتابعت حملات التعريف من وسائل الإعلام بالساحر الذي لا يعرفه أحد…. وكأنه قادم من كوكب غير كوكبنا الذي نعيش فيه؟!!
فيرون أغلى لاعب في تاريخ تعاقدات الأندية الإنجليزية…. جملة اقترنت بكلمات ثلاث صدح بها كل جاهل به في إنجلترا…. لماذا هو الأغلى؟ الجواب جاء بعد أيام…. رايان جيجز: (فيرون أفضل لاعبي العالم)…. نيكي بت: (لا أصدق أن أحدا لديه مهارة ذلك الأرجنتيني)…. بول سكولز: (إنه أفضل لاعب في تاريخ مانشيستر). كل ذلك وعلامات التعجب والأسى على وجه كل محب للاتسيو…. كل ذلك وفيرون في ضيق وعدم رضا يخفيهما برأس مطأطأ وابتسامة وداع حزينة.
http://www.juan-veron.com/gallery/veronoffpitch2.jpg
فيرجسون أغمض عيني فيرون وقال له: (أفعل ما بدا لك…. ولكن لا تقرب شيئين…. بيكهام وكيف يلعب الفريق). حينها فزع الساحر مما سمعه وأيقن أنه اكتشف أمرين…. أن يلعب بعقل فيرجسون وليس بروح فيرون…. وألا يسرق تاج بيكهام. هذه كانت محظورات فيرجسون التي ثار عليها بعد أسابيع الود المصطنع مع أعدائه في الفريق.
لم نر شرا منظما كالذي حيك ضد فيرون في عامه الأول عند الإنجليز…. حملات تحريض لأذيته وجهت علنا وأديرت بوقاحة ضده…. إحباطه كان هدفا اتفق عليه بعض ممن يحب…. ومن لا يحب مانيشستر. عين من الرضا وأخرى من الألم عما كان يراد لفيرون…. إمساك العصا من المنتصف وانتظار الفرج كان حكمة مل من تلقينها لنفسه…. ارتضى الصمت ليكون الجميع راضيا عنه.
http://www.juan-veron.com/gallery/veronunited46.jpg
أعداء النجاح تساقطوا واحدا تلو الآخر…. فجأة ودون مقدمات يؤذن له بالانطلاق…. تفك قيوده دون طلب منه…. يستجدى ليلحق بما بقي من أمل للشياطين في هذا الموسم…. ولكن سحره ما كان ليجدي لإصلاح ما أفسده غيره…. لقد نسى كيف يرمي بسحره كما كان يفعل من قبل. للفوز ألف أب وأب وللخذلان أب واحد…. فيرون كان ذلك الكبش الذي أريد أن يضحي به ليسلم الجميع من غول العار الذي حل بالفريق. لقد خص بسيئات الجميع وليس لشيء سوى لأنه أيقن الآن بأنه ساحر وليس شيطانا.
الصدمات والسقطات وربما المؤامرات لا تزيده إلا قوة وعزما على تأكيد حقيقة واحدة مفادها أنه فريد…. عنيد…. ولا يرتقي إليه كل من نراهم يلعبون بالكرة. ولربما كان قدره أن يحبه كل من يعشق الكرة ويكرهه كل من له علاقة بها…. وهي ضريبة من يجيد كل شيء. هو بحاجة إلى المثابرة والثبات في قتاله على المبادئ التي جاءت به للفريق وإلا فانه سيعود أدراجه في أحضان محبيه بروما أو بعيدا عندما تدعوه برشلونة لحرب هدفها إعادة الهيبة للمجد الضائع. وأيا كانت وجهته سنكون حتما على عهد معه بالتماس الأعذار له إلى أن يعمل بالإنصاف وبما يمليه حق حفظ الفنون…. للساحر المبدع فيرون.
http://www.juan-veron.com/gallery/veronargentina28.jpg
يتبع(روي كوستا)