المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دنياك الحقيرة ؟!



ابو فيصل احمد
11-08-2002, 10:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله


والصلاة والسلام على اطيب المرسلين سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة اجمعين

تلتهي بصغائر دنياك الحقيرة وتنتحب على فقدانك جزءا منها.....وتحارب حتى أخر قطرة من عرقك من أجل أن تحتفظ بمعطيات دنياك البخيلة.....ولكنك في الطرف الأخر مسرف في تطنيشك لأمور دينك.....وبارد حد البرود في أدائك لوجباتـك الدينية بل انك تجعل واجباتك الدينية في ذيل قائمة أشياءك المهمة...تقام الصلاة على مسمع من أذنيك وعلى مرأى من عينيك فترفع صوت مسجل سيارتك حتى يتوارى صوت المصلين وتستمتع غير مبال بما يرميه عليك الشيطان من موسيقى رومانسية خالعة لمعايير الأدب....تتوجه بسيارتك إلى حيث لا تدري منتظرا وبشغف إنتهاء الصلاة ليس لتدعي ربك بأن يهديك ولكن ليتسنى لك دخول المقهى المغلق أو الكوفي شوب أو أي مكان تكمل فيه مسيرتك الموجعة بعيدا عن صراط الله المستقيم...


تتفاخر أمام زملائك بقدرتك الفائقة على فهم الأشياء بسرعة وتكيفك الممتاز مع مجريات العصر وتميزك في مواكبة التطور....يخالجك شعورك الخادع بأنك تصعد وبسرعة نفاثة إلى أعالي النجوم....ولكنك ياصديقي تصعد...ثم تصعد ثم تصعد إلى الهاوية التي صعد إليها الملايين من أمثالك

تبدأ يومك بسباق سريع بين الساعة وبين ذنوبـك....وكأنك تريد بذنوبك أن تظفر بجائزة ثمينة أو تحوز على مجد خالد......تتهافت أمامك دلائل عظمة ربك فما تزيدك إلا تكبرا وغرورا....يحاول أحبابك أن ينصحوا فيك الإنسان العاقل فما تزيدك نصائحهم إلا عنادا وإصرارا على مواصلة حياتك بطريقتك..
يموت جدك أمامك فلا يظهر عليك التأثر بل أنك تظهر وكأنك قد أرتحت من حمل ثقيل.....تنتظر حتى توارونه تحت التراب لتكمل مسيرتك الشيطانية وكأن الذي مات لايحمل الصفة الإنسانية....فيفاجئك أعقل أصدقاءك بتذكيرك أن جدك مات ووجوب أخذ العبرة من مماته...فترد بعنجهيتك المعتادة بالقول(ياشيخ روووح أي عبرة...جدي صك الثمانين....وانا توني صغير...يمديني ياشيخ يمديني)....
لقد أثقلت كاهلك المتعب بجميع أنواع الذنوب..وأصبح قلبك المخلوق على الفطرة أشبه بالحجر من حيث قساوته

تنهض من نومك مبكرا لا لتأدية صلاة الفجر وأنما لتذهب الى عملك بدون تأخير....تدخل الى عملك ونظرات الإعجاب تنهال عليك من جميع الموظفين من رئيسك حتى عامل النظافة...فأنت مثال الموظف المجتهد المواظب على عمله...وأنت مثال الشاب السعودي الناجح....ولايخلو يومك الوظيفي من إطراءات زملائك لك على دماثة خلقك وروحك الجميلة...ولكنك لا زلت تصعد ياصديقي الى هاويتك.....فأنت في أمور دنياك لا يشق لك غبار....وفي أمور دينك تخترق الصفوف نحو باب سقوطك..

وإكمالا لروعتك الدنيوية فأنت لا تقبل أن تقابل رئيسك أو زملائك أوحتى رفقاء خيبتك إلا برداءك المنمق وهندامك الأنيق ولا تقبل بأي حال من الأحوال أن تقابلهم إلا وانت مكتمل الأناقة...ولكن تقبل وبكل عجب أن تسجد لمن وهبك حياتك بملابسك الداخلية البيضاء وبرائحة جسدك المنتنة...حتى في مرات طاعتك القليلة تبخل على ربك أن تظهر أمامه بمظهر لائق....
وهاأنت قد أكملت جزءا من كمالية سقوطك الديني الشنيع

يموت أبن أخيك الرضيع وهو لم يكمل عامه الأول...فتتنهد لبرهة...فتقابلك أمك المكلومة بحفيدها الأول...فتحاول جاهدا أن تعزيها بأسلوبك الوقح..فتتمتم بالقول(يايمه...ماأمداكم تعلقون فيه...زين اللي فككم من غثاه)...فتنظر إليك أمك بنظرة يملؤها إفتقاد الأمل بولد قد شطح كثيرا عن حدود المعقول..فتحاول جاهدة بفطرتها وإيمانها أن تحرك فيك إنسانيتك وإيمانك فتقول(يا وليدي وجهك باينة عليه المعصية...أرجع لربك وأنا أمك)....تتجهم وتعرض بوجهك عنها وكأنها أحدى بائعات الهوى رفيقاتك في غفلتك..وتتركها متوعدا ومهددا وكأنك أبوها وهي أبنتك....
وفصل جديد من فصول ضيعتك...

تخرج من بيتك كالثور الهائج باحثا عن من يمتص غضبك المعتوه...فتتصل على من أسميتها حبيبتك فملكت قلبها وكل ماملكت في دنياها....وبعد سيل من تهديداتك الحقيرة ترضخ هي لمطالبك وتضطر مرغمة أن تسلمك جملها بما حمل تحت شعار (حبيبتي خلينا نسوي كل شي....وماعليك أبتزوجك)
فتكمل وبكل إتقان مسرحيتك المخزية التي تحكي عن خذلانك الديني المذل..

وتطويعا لطموحاتك الدنيوية اللا محدودة فها أنت تستقبل وبكل سعادة خبر إبتعاثك خارجيا لإكمال دراساتك العليا....فأنت الوحيد من بين زملائك الذي إستطاع أن يحصل على هذة الفرصة الذهبية نظرا لكفاءتك العالية وعدم محدودية طموحك....وقبل يوم من مغادرتك وبدلا من أن تسهر الليل قياما لتشكر الله على توفيقه لك....تدعوا كل رفقاء صياعتك على ليلة حمراء في أحدى مراقص البحرين الخالعة لكل مظاهر الحياء.....
ومشهد جديد من مشاهد إنحدارك للهاوية

قبل مغادرتك بسويعات يبادرك أعز رفقاء سوءك بمفاجئة أسماها(الوداعية)....فيأخذك لشقة فحشكم فتقرقع كؤوسكم وترتفع أصوات ضحكاتكم على أنغام الموسيقى الماجنة وعلى رقصات من أسميتموهم (خوياتكم)...تنتهي الجلسة وتكتشف أن الرحلة قد أقترب وقتها...فيأخذك بسرعته الجنونية...لتنتهون في قسم العناية المركزة بعد إصتدامكم بأحد الأعمدة...يموت رفيقك وتنجوا بقدرة القادر....فيزورك أهلك بدموعهم وآهاتهم وآمالهم بأن يغيرك الحادث....فتبادرهم بالقول(لولا حزام الأمان كان رحت في خبر كان)...فتزيد آلامهم...وثمة أمنية تراودهم...بأن يأخذك الله ويخلصهم من فجرك..

عجبا لقلوبن....وفقها ربها....فجحدت كل نعمه
وعجبا لعقولن....ميزها ربها...فتكبرت على نعمه

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

ودمتم