المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من هو ملك الارض شداد ?و ما هي الأحقاف..?



المحتزم
17-08-2002, 10:55 AM
اسمع هذي السالفه

الأحقاف

هي تلال من الرمل التي بين حضرموت و عمان و هي قرى متفرقة , و روي عن عبد الله بن قلابة أنه خرج في طلب إبل له شردت , فبينما هو في صحارى بلاد اليمن و أرض سبأ , إذ وقع على مدينة عظيمة بوسطها حصن عظيم و حوله قصور شاهقة في الجو , فلمّا دنا منها ظن أن بها سكانا أو أناسا يسألهم عن إبله , فإذا هي قفر ليس بها أنيس ولا جليس , قال: فنزلت عن ناقتي و علقتها ثم استللت سيفي و دخلت المدينة و دنوت من الحصن , فإذا ببابين عظيمين لم ير مثلهما في الدنيا في العظم و الارتفاع , وفيهما نجوم مرصعة من ياقوت أبيض وأصفر يضيء بهما ما بين الحصن و المدينة , فلما رأيت ذلك تعجبت منه و تعاظمني الأمر , فدخلت الحصن و أنا مرعوب ذاهب اللب , وإذا الحصن كمدينة في السعة و به قصور شاهقة و كل قصر منها معقود على عمد من زبرجد و ياقوت , و فوق كل قصر منها غرف و فوق الغرف غرف أيضا , و كلها مبنية بالذهب و الفضة مرصعة باليواقيت الملونة و الزبرجد و اللؤلؤ , و مصاريع تلك القصور كمصاريع الحصن في الحسن والترصيع . و قد فرشت أراضيها باللؤلؤ الكبار و بنادق المسك و العنبر و الزعفران , فلما عاينت ما عاينت من ذلك , و لم أر مخلوقات كدت أن أصعق , فنظرت من أعالي الغرف فإذا بأشجار على حافات أنهار تخرق أزقتها و شوارعها , منها ما أثمرت و منها ما لم تثمر و حافات الأنهار مبنية بلبن من فضة و ذهب , فقلت لا شك أن هذه الجنة الموعود بها في الآخرة , فحملت من تلك البنادق و اللؤلؤ ما أمكن , و عدت إلى بلادي و أعلمت الناس بذلك .

فبلغ الخبر معاوية بن أبي سفيان و كان يومئذ هو المتسلط بالحكم , فكتب إلى عامله بصنعاء أن يجهزني إليه فوفدت عليه , فاستخبرني عما سمع من أمري و, فأخبرته فأنكر معاوية أخباري , فدفعت له من ذلك اللؤلؤ و قد اصفر و تغير , و كذلك بنادق العنبر و الزعفران و المسك , فتحتها فإذا فيها بعض رائحته , فبعث معاوية إلى كعب الأحبار , فلما حضر قال له: يا كعب إني دعوتك لأمر أنا من تحقيقه على قلق و رجوت أن يكون علمه عندك , فقال : و ما هو الأمر ؟ قال معاوية: هل بلغك أن في الدنيا مدينة مبنية على دهب و فضة عمدها من زبرجد وياقوت و حصباؤها لؤلؤ وبنادق مسك و عنبر و زعفران ؟ قال : نعم , هي إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد , بناها شداد بن عاد الأكبر.

قال معاوية: حدثنا من حديثها , قال كعب: إن عادا الأول كان له ولدان شديد وشداد , فلما هلك ملكا بعده البلاد , و لم يبق أحد من ملوك الأرض إلا دخل في طاعتهما , فمات شديد بن عاد , فملك شداد الملك بعده على الانفراد , و كان مولعا بقراءة الكتب القديمة و كلما مر به ذكر الجنة وما فيها من القصور و الأشجار و الثمار , وغيرهما مما في الجنة , و دعته نفسه أن يبني مثلها في الدنيا عتوّا على الله عز و جل فأصر على ابتنائها , فوضع مائة ملك , و تحت يد كل ملك ألف قهرمان (أمين الملك و وكيله الخاص) ثم قال انطلقوا إلى أطيب فلاة في الأرض و أوسعوها فابنوا لي مدينة من ذهب و فضة و زبرجد و ياقوت و لؤلؤ و اجعلوا تحت عقود تلك المدينة أعمدة من زبرجد و أعاليها قصورا و فوق القصور غرفا مبنية من الذهب و الفضة , و اغرسوا تحت تلك القصور في أزقتها و شوارعها أصناف الأشجار المختلفة و الثمار و أجروا تحتها الأنهار في قنوات من الذهب و الفضة و النضار , فإني أسمع في الكتب القديمة و الأسفار صفة الجنة في الآخرة و العقبى , و أنا أحب أن أجعل لي مثلها في الدنيا .

فقالوا بأجمعهم : كيف نقدر على ما وصفت , و كيف لنا بالزبرجد و الياقوت الذي ذكرت , فقال لهم : ألستم تعلمون أن ملك الدنيا كلها لي وبيدي , و كل من فيها طوع أمري , قالوا: نعم نعلم ذلك , قال: فانطلقوا إلى معادن الزبرجد و الياقوت و اللؤلؤ و الفضة و الذهب , فاستخرجوها و احتفروا ما بها و لا تبقوا مجهودا في ذلك , و مع ذلك فخذوا ما في أيدي العالم من أصناف ذلك , ولا تبقوا و لا تذروا و احذروا و انذروا .

و كتب كتبه إلى كل ملك في الدنيا و جهاتها و أقطارها يأمرهم فيها أن يجمعوا ما في بلادهم من أصناف ما ذكر , و أن يحتفروا معادنها و يستخرجوها من التراب و الصخور و المعادن و الأحجار و قعور البحار , فجمعوا ذلك في عشر سنين , وكان عدد الملوك المبتلين بجمع ذلك ثلاثمائة وستين ملكا , وخرج المهندسون و الفعلة و الحكماء و الصناع من سائر البلاد و البقاع و البراري , و تبددوا في البراري و القفار و الجهات و الأقطار حتى وقفوا على صحراء عظيمة فيحاء نقية خالية من الآكام و الجبال و الأودية و التلال , و بها عيون مطردة و أنهار متجعدة , فقالوا: هذه صفة الأرض التي أمرنا بها و نبذنا إليها , فاختطوا بفنائها بقدر ما أمرهم به شداد ملك الأرض , و أجروا فيها قنوات الأ نهار ووضعوا الأسس والمقدار و أرسلت إليهم ملوك الأقطار بالجواهر و الأحجار و اللؤلؤ الكبار و العقيان النضار على الجمال في البراري و القفار و في البحر حمّلوا بها السفن الكبار و وصل إليها من تلك الأصناف ما لا يوصف و لا يعد و لا يحصى و لا يكيّف ..

فأقاموا في عمل ذلك ثلاثمائة سنة جدا من غير تعطيل أبدا , و كان شداد قد عمر في العمر تسعمائة سنة , فلما فرغوا من عمل ذلك أتوه و أخبروه بالإتمام , فقال لهم شداد انطلقوا و اجعلوا عليها حصنا منيعا شاهقا رفيعا و اجعلوا حول الحصن قصورا , عند كل قصر ألف غلام , ليكون في كل قصر منها وزيرا من وزرائي , فمضوا و فعلوا ذلك في عشر سنين ثم حضروا بين يدي شداد و أخبروه بحصول القصد و المراد , فأمر وزراءه و هم ألف وزير و أمر خاصته و من يثق بهم من الجنود و غيرهم أن يستعدوا للرحلة و يتهيئوا للنقلة إلى إرم ذات العماد تحت ركاب ملك الدنيا شداد , وأمر من أراد من نسائه و حرمه و جواريه و خدمه أن يأخذوا في الجهاد , فأقاموا في أخذ الأهبة لذلك عشرين سنة.

ثم سار شداد بمن معه من الأحشاد مسرورا ببلوغ المراد , حتى إذا بقي بينه و بين إرم ذات العماد مرحلة واحدة , أرسل الله عليه و على من معه من الأمة الكافرة الجاحدة صيحة من سماء قدرته , فأهلكتهم جميعا بسوط عظمته و سطوته , و لم يدخل شداد و من معه من الأمة الكافرة إليها و لا رأوها و لا أشرفوا عليها , و محا الله آثار طرقها و محجّتها , فهي مكانها حتى الساعة على هيئتها ..