المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا بعد العراق ( انا اظن السعوديه )!



ابو فيصل احمد
25-08-2002, 11:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله

منذ وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001م على واشنطن ونيويورك ، تعالت أصوات الكثير من النافذين في الإدارة الأمريكية والأوساط الحزبية ووسائل الإعلام الأمريكية ، متهمةً السعودية برعايتها للإسلام الأصولي الذي يعتبرونه المسئول الأول عن تلك الهجمات ، وبخاصة أن خمسة عشر ممن قاموا بها كانوا– في نظرهم – من الأصوليين الإسلاميين الذين تخرجوا من مدارس ومعاهد دينية تقوم السعودية برعايتها والإنفاق عليها . وتوزعت تلك الأصوات ما بين الدعوة لتغيير المناهج الدينية في تلك المعاهد والمدارس التي تعتبرها مسئولة عن تفريخ الإرهاب والإرهابيين ، وبين التحريض على اعتبار المملكـة منبعاً للإرهاب ويجب التعامل معها على هذا الأساس .

وقد بلغ الأمر ببعض الهيئات البحثية والاستشارية الأمريكيـة إلى حد التوصيـة بالاستيلاء على حقول النفط ، وتجميد الأرصدة السعوديـة المودعة في البنـوك الأمريكية ، والعمل على إقامة جمهورية إسلامية في المنطقة الشرقيـة التي توجد بها حقول النفط وتسكنها أغلبيـة شيعية ، بغية تأمين تدفق النفط للغرب .

وفي هذا السياق ، يتهم تقرير قُدّم لإحدى لجان وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" نشرته صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية مؤخراً ، جميع السعوديين بأنهم يدعمون الإرهاب بكل أشكاله ، ويصف المملكة العربية السعودية بأنها العدو الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط لأنها تدعم الإسلام الأصولي المتزمت ، وينصح البنتاجون بمعاقبتها والتعامل معها على هذا الأساس .

فقد أتهم لورنت مورفاييتش Murawaiec Laurent المحلل السياسي في مؤسسة راند الأمريكية في التقرير الذي قدمه لمجلس الدفاع الأعلى التابع للبنتاجون Defence Policy Board .. اتهم السعودية بأنها تدعم أعداء أمريكا وتهاجم حلفاءها ، كما وصف السعودية بأنها تمثل محور الشر The kernel of Evil في المنطقة ، والمحرك الأول prime mover The للإرهاب ، والمعارض الأشد خطورة على المصالح الأمريكية .

وينصح التقرير الإدارة الأمريكية بأن الوسيلة الوحيدة للتعامل مع السعوديين ، تتلخص في تحذيرهم من أن الدعم المتواصل الذي يقدمونه للإرهابيين ، سوف يدفع الولايات المتحـدة للاستيلاء على حقول النفط لتأمين حاجة الغرب من الطاقة ، وتجميد الأصول الماليـة السعودية المودعة في المصارف والبنوك الأمريكية . كما أوصى بدفع السعودية للعمل على وقف تمويل ما أسماه بالمؤسسات الإسلاميـة المتطرفـة فيها وفي مختلف أرجاء العالم ، ووقف المشاعر المعادية للولايات المتحدة وإسرائيل داخل المملكة .

وعلى الرغم من أن رامسفيلد قد رفض التقرير ووصفـه بأنه غير رسمي ولا يعبر عن وجهة نظر السياسة الأمريكيـة نحو السعودية ، غير أن هذا القول لا يستقيم – في نظرنا – مع القبول بتقديمـه من حيث المبدأ لشخصيات هامـة لها وزنها على صعيـد التخطيط الاستراتيجي للسياسة الأمريكيـة ، طالمـا أنه لا يحظى – كما يدعي رامسفيلد – على هذا القـدر من اهتمام البنتاجون .

فمجلس السياسات الدفاعية الذي اطلع على التقرير ، يضم عدداً من الشخصيات الهامة التي لعبت دوراً رئيساً في رسم السياسة الأمريكية مثل نائب الرئيس الأمريكي الأسبق "دان كويل" ومدير الخارجية هنري كيسنجر ووزيري الدفاع الأسبقين جيمس شليسنجر وهارولد براون ، إضافة إلى رئيسي مجلس النواب السابقين نيوت جينجريتش وتوماس فولي ، إضافةً للعديد من القادة العسكريين المتقاعدين .

وأغلب الظن أن هذا المجلس هو الذي قام بتسريب التقرير لصحيفة الواشنطن بوست ، الأمر الذي ينطوي - في نظر المراقبين – على توجيه رسالة للسعوديين تحذرهم من مغبة الاستمرار في معارضتهم للسياسات الأمريكية في المنطقة .

كذلك ، هناك من الشواهد والدلائل ما يشير إلى أن سياسة الولايات المتحدة ، هي في سبيلها للتحول باتجاه التخلي عن الالتزامات والعهود والاتفاقات السابقة التي كانت تنتظم علاقاتها مع السعودية والدول الأخرى التي تعتبرها صديقة في المنطقة ، إذا لم تتجاوب مع متطلبات سياساتها الجديدة ، وبخاصة ما يتصل منها بالحرب التي تشنها على الإرهاب .

ولعل من أبرز هذه الدلائل ، تلك الانتقادات التي درج المسئولون في الإدارة الأمريكية وبعض الشخصيات الهامـة في الحزبين الجمهوري والديمقراطي على ترديدها ، حول قيام السعودية بدعم فصائل المقاومـة الفلسطينية التي تعتبرها منظمات إرهابيـة ، ورعايتها للإسلام الأصولي ، ومعارضتها الشديدة لضرب العراق ، ورفضها القاطع لاستخدام أراضيها كمنطلـق لتنفيذ تلك الضربة .

وذكرت الأنباء أن بعض المحافظين ممن يحسبون على الإدارة الأمريكية ، اقترحوا الأخذ بتوصيات تقرير مورفاييتش باعتبارها توصيات استراتيجية فاعلة ، يمكن الاستفادة منها على المدى الطويل في إزاحة الرئيس العراقي صدام حسين ، والمجيء بحكومة جديدة في العراق تضمن تدفق شحنات النفط للغرب من ناحية ، وتقلل الاعتماد على نفط السعودية من ناحية أخرى .


والواقع أن إدارة بوش مستعينة بوسائل الإعلام ، أبدت العديـد من المواقف التي توحي بأن ثمة تغييرات هامـة قد تطرأً على السياسة الأمريكيـة–إن لم تكن طرأت بالفعل – حيال الدول العربيـة التي تعتبرها صديقة في المنطقـة ، والتي كثّفت مؤخراً من مواقفها وانتقاداتها للانحياز الأمريكي المفرط لإسرائيل ، وإصرارها غير المبرر على ضرب العراق . ولعل أبرز ما يشير إلى هذه التغييرات :

أ – عقب أحداث 11سبتمبر مباشرة ، أدانت صحيفة "نيويورك تايمز" المملكة العربية السعودية بدعمها للإرهاب ، حين سمحت _ على حد قولها _ لمواطنين سعوديين بالإسهام في تأسيس تنظيم القاعدة الذي يتزعمه أسامه بن لادن ، ورفضت تجميد أمواله وأموال اتباعه ، كما رفضت التعاون في التحقيقات التي كانت تجري آنذاك حول المشتبه بقيامهم بتلك الهجمات . كما دعت الإدارة الأمريكية للتوقف عن امتناعها الخوض في مسألة اعتبار السعودية دولة داعمة للإرهاب ، وعدم التساهل حيال ما تصفه بالقمع السياسي والفساد المستشري في السعودية ، وهو ما نبه إليه أيضاً أعضاء في الكونجرس الأمريكي مؤخراً .

ب – مضمون ما جاء في الرسالة التي وجهها بوش لوزير الشئون الإسلامية السعودي ونشرتها صحيفة نيويورك تايمز قبل شهور ، حيث أوضح فيها عدداً من النقـاط التي تنطوي على تحذير للسعودية يرقى – في نظرنا – لمرتبة التهديد . فقد ذكر بوش أن ثمة خلافات حقيقية وعميقة تقوم الآن بين السعودية وبين شعب الولايات المتحدة لا بد أن يأخذها السعوديون في الحسبان ، وبخاصة عقب الهجمات الإرهابية التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر الماضي ، حيث أن 15 ممن قاموا بتنفيذ تلك الهجمات هم من خريجي المدارس والمعاهد الدينية التي تقوم الحكومة السعودية برعايتها والإنفاق عليها داخل المملكة وخارجها ، والتي تغرس في عقول طلبتها – كما تقول الرسالة - معاني ومفاهيم خاطئة مؤداها : إن المسلمين هم أعلى شأناً وأرفع قدراً من أبناء الديانات الأخرى ، وإن التناقض بينهم وبين الآخرين أمر واقع وحتمي .

وأوضح بوش في رسالته تلك أن الولايات المتحدة لا ترغب الدخول في حرب مع الإسلام والمسلمين ، وإنما تريد حرباً يشنها المسلمون أنفسهم على المتطرفين الذين يبغضون التسامح الديني ، ولا يريدون التعايش السلمي مع أصحاب الديانات الأخرى . لذلك فهو يطالب السعوديـة بتوظيف الإسلام في غرس مبادئ التسامح والتعايش مع الديانات الأخرى والابتعاد عن التحريض ضدها . وغير ذلك تصبح السعودية – في نظر الولايات المتحـدة – "مصدراً للمال والعقيـدة" التي تزود بها الإرهابيين ، شأنها في ذلك شأن الدور الذي كان يقوم به الاتحـاد السوفييتي المنهار في السابق .

ج – هناك الكثير مما يقال حول أن عدداً من رجال الإدارة الأمريكية يعتقد بأن المملكة العربية السعودية يجب أن تعامل كعدو لأمريكا ، ولا يستبعد أن يكون وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد واحداً من هؤلاء .

فعلى الرغم من تصريحه الأخير الذي أكّد فيه على الصداقة القوية والمصالح الحيوية المشتركة التي تربط بين البلدين ، ومحاولته التأكيد على عدم أخذ البنتاجون بما جاء في تقرير مورفاييتش ، وبرغم اعترافه بالخطأ حين أخبر موظفي البنتاجون بأن التقرير قد جرى تصنيفه ، وإنه لم يكن حتى نتاج بحث أو دراسة تحليلية قامت بها مؤسسة راند وإنما هو تعبير عن وجهات نظر شخصية .. بالرغم من ذلك كله ، لم يعلن رامسفيلد معارضته الصريحة لما جاء في التقرير من توصيات ، بل يبدو على العكس من ذلك حيث أبدى استحسانه حين قال : "إن وجهات النظر هـذه تعتبر – في رأيه – حسنة " Fine " .

كذلك أكد مسئول في السياسة الخارجية بإدارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون ، أن السعوديين لم يعودوا متعاونين مع أمريكا في حربها على الإرهاب ، كما أصبحوا موضع شك لعلاقاتهم مع المجموعات الإرهابية التي تعمل ضد إسرائيل ، ويعني بها فصائل المقاومة الفلسطينية وبخاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي .

د – ومما يزيد من تأكيد إقدام الإدارة الأمريكية على تغيير سياساتها التقليدية في المنطقة ، تشجيعها المبطن للصحافة ووسائل الإعلام الأمريكية الأخرى على الاستمرار في ترديد القول : بأن خمسة عشر من بين التسعة عشر الذين خطفوا الطائرات التي هاجمت واشنطن ونيويورك في 11 سبتمبر 2001م ، وأن أكثر من نصف المسجونين في قاعدة جوانتنامو في كوبـا .. هم من السعوديين ودول خليجيـة أخرى .

وليس من شك أن الاستمرار في ترديد هذا القول لا يستهدف – على ما يبدو – غير أمر واحد ، وهو إظهار السعوديـة أمام الشعب الأمريكي والرأي العام العالمي بمظهـر العدو الأول لأمريكا ، وإنها منبع الإرهاب الرئيس في المنطقة الذي ينبغي أن يقاوم بحزم ، الأمر الذي يمكن أن يوفر للإدارة الأمريكية – من وجهة نظرها – مبرراً كافياً للشروع في تغيير سياستها نحو دول المنطقة بما فيها السعودية .

هـ – كذلك ، فإن إصرار الإعلام الأمريكي على تبني الادعاءات المغرضة التي ترددها إسرائيل ومجموعات الضغط اليهودية في أمريكا حول الدول العربية التي تربطها علاقات حسنـة مع الولايات المتحدة وبخاصـة السعودية ومصر ، من شأنه تخريب تلك العلاقات والإساءة إليها ، الأمر الذي يسهل بالتالي على الإدارة الأمريكية تبرير سياستها المقبلة نحو المنطقة أمام الرأي العام الأمريكي على الأقل .

فخلال الزيارة الأخيرة التي قـام بها الأمير عبد الله ولي عهـد السعودية للرئيس الأمريكي بوش ، قامت إسرائيل بنشر وثائق تدعي فيهـا أن السعوديين يرعون ما تسميه بالإرهاب الفلسطيني ، ويقدمون الدعم المالي والمعنـوي لأسر الشهداء الذين ينفذون عمليات تفجيريـة ضد الإسرائيليين .

وحين أعلنت السعودية عن تخصيص إعانات مالية لعائلات الضحايا الفلسطينيين ، ذهب الكثير من رجال الإدارة الأمريكية وغيرهم إلى تفسير ذلك ، بأنه تشجيع مادي ومعنوي صريح لما يسمونهم بالإرهابيين الفلسطينيين الذين يقومون بتنفيذ عمليات استشهادية ضد إسرائيل .

وفي السياق ذاته درجت إسرائيل ومجموعات الضغط اليهودية عبر وسائل الإعلام الأمريكية على القول في أكثر من مناسبة ، بأن مصر والسعودية لم تبذلا من الجهد ما يكفي لإقناع الفلسطينيين بقبول المطالب الإسرائيلية التي تهدف في مجملها إلى وقف الانتفاضة والقضاء على ما يسمونه بالإرهاب الفلسطيني .

و – قيام بعض النواب الأمريكيين بمهاجمة السعودية بطريقة غير مسبوقة ، حيث وصفها أعضاء في الكونجرس أثناء جلستي استماع نوقش فيهما موقف السعودية من الحملة التي تشنها أمريكا على الإرهاب ، بأنها دولة ترعى الإرهاب وتهيئ الأجواء المناسبة لنموه .

بل ذهب بعض النواب إلى الترحيب بما قيل حول التقارير التي توصي الإدارة الأمريكية بالعمل على قيام جمهوريـة إسلامية في المنطقـة الشرقيـة من السعودية التي توجد بها حقول النفـط وتقطنها أغلبيـة شيعية ، طالما ظلت السعودية ترعى – على حد قولهم – الإسلام الأصولي المتعصب الذي تعتبره الإدارة الأمريكيـة المصدر الأول لغرس مفهوم الإرهاب في المنطقـة وتجنيد الإرهابيين .

وكانت تقارير صحفيـة قد نشرت أنباءً مفادهـا أن هناك مشروعاً مشتركاً بين إسرائيل والولايات المتحدة ، يستهدف تقسيم السعودية إلى مناطـق أشبه ما تكون بالكانتونات .. تسيطر الولايات المتحـدة بموجبه على المنطقـة الشرقية التي تكثر فيها حقول النفط السعودي وتقطنها أغلبية شيعية .

كذلك وجه بعض النواب انتقادات لاذعة للمذهب الوهابي الذي تأخذ به السعودية ، والذي يعتبر – من وجهة النظر الأمريكية – المسئول الأول عن تفريخ جيل كامل .. يحمل الكراهية للأمريكيين ليس في السعودية فحسب ، وإنما في الدول الإسلامية التي توجد بها مدارس ومعاهد دينية تقوم السعودية برعايتها وتمويلها ، والتي يعتبرها الأمريكيون المسئول عن مشاركة السعوديين في هجمات الحادي عشر من سبتمبر .

والواقع أن إدارة بوش باتهامها لدور هذه المدارس والمعاهد في تربيـة الإرهابيين ، إنما تقود الولايات المتحدة لمأزق ديني محقق ، حيث تصبح – ولأول مرة – دولة ذات توجه ديني ، في حين أن الدستور الأمريكي ينص على أنها دولة علمانية . وهذا ما ينطوي عليه موقف بوش في الرسالـة التي بعث بها لوزير الشئون الإسلامية السعودي ، والذي حمّل فيها مسئولية الهجمات التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر على المناهج التعليمية التي تدرس في تلك المدارس والمعاهد الدينية كما ذكرنا ، كما عبر عنه في وصفه الشهير للحرب التي يشنها على الإرهاب بأنها حرب صليبية ، والتي أثبتت الأحداث أنها تستهدف فقط العرب والمسلمين والإسلام .

ز – ما ذكره عضو الكونجرس "سام باونباك" ، من أن النواب الأمريكيين يقومون الآن بإعداد مشروع قانون يعتبرون الولايات المتحدة بموجبه في حالة حرب مع السعودية ، إذا لم تتخل عن معارضتها لواشنطن في حربها على الإرهاب وتوجيه ضربة عسكرية للعراق ، ما سوف يؤدي إلى قطع المساعدات العسكرية والاقتصادية عن السعودية .

ح – تدخّل الولايات المتحدة المتكرر في الشئون الداخلية وحتى التشريعية في المملكة العربية السعودية ، وبخاصة ما تضمنته بعض التقارير السنوية التي نشرتها وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في السعودية ، وكذلك تشجيعها على نشر ما من شأنه تأجيج الحملة التي يشنها الإعلام الأمريكي حالياً على السعودية ، وبخاصة ما يتصل بسياساتها الداخلية وحقوق المرأة والحقوق المدنية .

ط – ولعل من أكثر المواقف استفزازاً لمشاعر السعودية والأمة العربية واستهانة بحكوماتها ، ما ذكرته صحيفة القدس العربي عن توجيه دبلوماسيين أمريكيين يعملون في المنطقة رسائل تنطوي على تهديد للدول العربية ، بأنها ستعامل معاملة الدول المعادية إذا ما عارضت أو امتنعت عن تقديم الدعم للضربة العسكرية التي تزمع القوات الأمريكية توجيهها للعراق ، الأمر الذي يكشف عن إصرار الإدارة الأمريكية وتصميمها على المضي قدماً نحو تنفيذ مخططاتها في المنطقة مهما كانت النتائج .

ومهما يكن من أمر ، فالواضح أن السياسة الأمريكية نحو الدول العربية بعامة والدول التي تعتبرها معتدلة وصديقـة بخاصة ، لم تعد تضع – على ما يبدو – وزناً للمحددات التقليديـة التي بنت عليها علاقاتها معها . فأغلب الظن أنها تأخـذ الآن منحىً آخر مغايراً تماماً ، حيث تعتمد مبدأ التبعية المطلقـة لسياساتها في المنطقة والعالم كمحدد بديل ورئيس لطبيعـة العلاقات المستقبلـة التي ينبغي أن تربط أمريكا بتلك الدول .

والواقع أن توجهات السياسة الأمريكية الجديدة في المنطقـة لن تلق قبولاً سهلاً من الدول العربية والإسلامية ، بغض النظر عن القوة الاقتصادية والعسكرية التي تتمتع بها الولايات المتحدة . فأغلب الظن أن واشنطن ذاتها تتوقع – بشكل أو بآخر – أن تُواجه بمقاومة شديدة من شعوب المنطقة ، ما سيدفعها لاستخدام كافة الوسائل المتاحة لديها للضغط باتجاه فرض هيمنتها وتنفيذ خططها بشأن إعادة ترتيب المنطقة سياسياً وجغرافياً بما يؤمن لها السيطرة على نفط المنطقة ، وبخاصة نفط العراق الذي يمكن أن يقلل نسبياً من اعتماد أمريكا على النفط السعودي الذي يغطي حالياً حوالي 10% من احتياجاتها النفطية .

ولعل أسلوب الضغط على دول المنطقة هو الصيغة الغالبة التي يبدو أن الإدارة الأمريكية تركز على استخدامها في هذه المرحلة بالذات ، وبخاصة حيال المملكة العربية السعودية ومصر اللتين أبديتا اعتراضات قاطعة على توجهات واشنطن نحو ضرب العراق ، وانحيازها السافر لإسرائيل ، وتأييدها المطلق لعربدة شارون ضد الفلسطينيين وتهديداته غير المبررة لدول المنطقة .

وكان آخر ما تمخض عنه هذا الأسلوب ، قيام ذوى ضحايا هجمات 11 سبتمبر ، برفع دعوى قضائيـة ضد أمراء سعوديين وبنوك وجمعيات خيرية سعودية إضافـةً للسودان ، تتهمها بإنفـاق أموال طائلـة على إرهابيي تنظيم القاعدة الذين قاموا بتنفيـذ تلك الهجمات على نيويورك وواشنطن ، وتطالبهـا بدفع 100 تريليون دولار كتعويض .

ولكم يتصور الفرد كيـف يكون مصير الأرصدة السعوديـة المودعة في البنوك الأمريكيـة التي تصل – حسب تقديرات غير رسمية – لحوالي 600 مليار دولار ، إذا ما أصدرت المحاكم الأمريكية التي تنظر في هذه الدعوى حكماً بالتعويض ، الأمر الذي لا يستبعد وقوعه إذا واجهت العلاقات السعودية الأمريكية طريقاً مسدوداً .

ويرى المراقبون أن هذه الدعوى ، تمثل قمة الابتزاز السياسي الذي تمارسه الولايات المتحدة للضغط على السعودية ، بهدف تغيير موقفها الرافض لتوجيه ضربة عسكرية للعراق ، وتأييد توجهاتها السياسية في السيطرة على المنطقة ، ودعمها في كل ما تراه ضرورياً في حربها على الإرهاب . كذلك يمكن أن تعتبر هذه الدعوى خطوة على الطريق نحو الاستيلاء على الودائع السعودية في بنوك الولايات المتحدة فضلاً عن اعتبارها وسيل فجة وسافرة للتدخل في المنطقة .

ويبدو أن هذه الدعوى قد حركت الهواجس والظنون التي بدأت تنتاب رجال المال والاقتصاد السعوديين الذين يستثمرون أموالاً طائلة في الولايات المتحدة ، حيث تشير الأنباء إلى أن البنوك السعودية التي شملتها الدعوى بدأت تفكر في سحب الأرصدة والاستثمارات السعودية المودعة في البنوك والمصارف الأمريكية رداً على هذا الابتزاز . بل إن صحيفة الفايننشيال تايمز اللندنية أفادت بأن السعوديين قاموا بالفعل – فور رفع الدعوى – بسحب ما بين 100 إلى 200 مليار دولار من المصارف الأمريكية ، بالرغم من إعلان الملياردير السعودي الوليد بن طلال ومستثمرين آخرين بأن السعوديين لن يسحبوا ودائعهم من البنوك الأمريكية .

كذلك ، لوحت الصحف السعودية المقربة من الحكومة بضرورة مراجعة العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية ، باعتبار أن هذه الدعوى تكتسب بعداً سياسياً ، حيث تأتي في الوقت الذي تحاول فيه الإدارة الأمريكية الضغط على السعودية باتجاه التخلي عن معارضتها الشديدة لتوجيه ضربة للعراق ورفضها السماح باستخدام أراضيها كمنطلق لهذه الضربة .

والواقع أن العلاقات الأمريكية السعودية الحميمة التي تمتد لأكثر من ستين عاماً ، والتي قامت على أساس تأمين تدفق النفط السعودي للولايات المتحدة مقابل توفير الحماية اللازمة للسعودية وللنظام الملكي الحاكم فيها .. ظلت منذ ذلك الحين على درجة عالية من الاستقرار والثبات باستثناء بعض الأزمات الطارئة التي كانت تقع في المنطقة نتيجة الصراع العربي الإسرائيلي والانحياز الأمريكي التقليدي لجانب إسرائيل ، والتي سرعان ما كانت تزول .. وتعود العلاقات بينهما لحالتها الطبيعية .

غير أن تلك العلاقات المعمرة يبدو أنها لم تستطع الوقوف – هذه المرة – أمام الهزة العنيفة التي تعرضت لها عقب وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر ، وبخاصة بعد صدور تقرير مورفاييتش الذي اعتبر السعودية دولة معادية لأمريكا وأوصى بالتعامل معها على هذا الأساس ، وبعد ما قاله بعض أعضاء الكونجرس في جلستي الاجتماع اللتين عقدتا لمناقشة تلك العلاقات وموقف السعودية من الحملة التي تشنها أمريكا على الإرهاب .

ويبدو أن الدعم الذي لاقاه بوش من السعودية في حملته العسكرية على أفغانستان ، والتعاون اللوجستي والاستخباري الذي تلقّاه من العديد من الدول العربية والإسلامية في هذا المضمار .. يبدو أنه لم يكن كافياً لإقناعه ورجالات إدارته النافذين بأن العرب والمسلمين وتعاليم الإسلام لا يمكن أن تكون السبب في الإرهاب الذي تعرضت له أمريكا حتى الآن ، وإنما هو نتيجة مباشرة لسياساتها ومواقفها المنحازة ضد القضايا العربية وبخاصة قضيتي فلسطين والعراق من ناحية ، واستهزائها المتعمد بالقيم الأخلاقية والتراث الديني والثقافي والحضاري الذي ينتظم حياة الشعوب العربية والإسلامية في ماضيها وحاضرها من ناحية أخرى .

والسؤال الأهم الذي يأتي في هذا السياق : ما الثوابت التي تعتمد عليها الاستراتيجية الأمريكية في رسم سياستها الحالية في الشرق الأوسط ، وما الآليات التي ستتبعها في التعامل مع حكومات المنطقة وشعوبها بعامة ، ومع السعودية بوجه خاص ؟.

بإيجاز شديد ودون الدخول في محاولـة مستفيضـة للإجابة نقول : إن المصالح الأمريكية في المنطقـة لم تعد – على ما يبدو –تتطابق مع مصالح السعوديـة ، ومن ثم فإن العلاقات التقليديـة التي تربط بينهما لم تعد الآن قادرة على تحقيق ما يأمل فيه الأمريكيون منها ، الأمر الذي سوف يدفع الإدارة الأمريكية إلى تغيير سياستها في المنطقة ، حتى لو جاء هذا التغيير على حساب علاقاتها التقليديـة مع دول عربية صديقة مثل السعودية ومصر .

ولعل من الأمور التي تكاد ترقى لمرتبة اليقين ، أن الولايات المتحدة التي سمحت لنفسها باستخدام القنبلـة الذريـة في الحرب العالمية الثانية من أجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصاديـة ، لن تتورع عن الدخول في أي حرب من أي نوع طالما أنها تحقـق منافع تشبع نهم شركات الصناعات الحربيـة وشركات البترول الأمريكية ، التي تعتبر من أقوى القوى المسيطرة والضاغطـة على الإدارات الأمريكية المتعاقبـة وأكثرها تدخلاً في صنع القرار الأمريكي . كما أنها لن تتورع عن اختلاق الأعداء إذا ما ارتأت أن الدخول في حروب جديـدة سوف يكفل لتلك الشركات الاستمرار في تسويق منتجاتهـا وجني الأرباح الطائلـة من ورائها ، والتي تؤمّن استمرار حالة الرفاه التي يعيشها الأمريكيون على حساب المجتمعات الأخرى .

من هذا المنظور ، يبدو أن الإدارة الجمهورية بزعامة بوش ، أصبحت على قناعة بأن المصالح الأمريكية التي تعبر عنها شركات النفط وشركات إنتاج السلاح ، تقتضي السير قدماً نحو تحقيق الهيمنة الكاملة على دول المنطقة بلا استثناء .. دون الالتفات إلى العلاقات التقليدية التي تربطها معها .. مستخدمة قوتها العسكرية والاقتصادية إذا لزم الأمر ، ومتذرعة بالإرهاب الذي تُعتبر الدول العربية والإسلامية – في نظر بوش - المنبع الرئيس والوحيد له .

وفي هذا الإطار ، لم يكن هناك ما يمنع الإدارات الأمريكية من استخدام كافة الأساليب التي تمكنها من تنفيذ مخططاتها وتمريرها على الشعب الأمريكي والشعوب الأخرى ، بما في ذلك اللجوء إلى الكذب والتضليل . والدليل على ذلك أن إدارة بوش قامت مؤخراً بإنشاء مكتب ألحقته بوزارة الدفاع ، أسمته Office Of Strategic Information .. مهمته إعطاء معلومات مضللة حول مخططات معينة تستهدف الإدارة الأمريكية تمريرها على الشعب الأمريكي وعلى الرأي العام العالمي .

وفي هذا الإطار أيضاً ، ليس هناك ما يمنع إدارة بوش من استغلال مسألة حقوق الإنسان وقضية الديمقراطية في تكثيف الضغط على السعودية والدول العربية الأخرى .. كخطوة مضللة على الطريق نحو تنفيذ هيمنتها الكاملة على المنطقة . فقد نشرت صحيفة واشنطن بوست مؤخراً تقريراً خاصاً ذكرت فيه أن الرئيس بوش في طريقه لإطلاق حملة في الخريف القادم تستهدف نشر الديمقراطية في دول الشرق الأوسط والترويج لها . وليس من شك أن السعودية ومصر ستكونان الدولتين المستهدفتين في الأساس من هذه الحملة ، باعتبارهما الأشد معارضة للمخططات الأمريكية الجديدة في المنطقة وبحكم أهميتهما ومركزهما الحيوي فيها ، فضلاً عن تعرضهما المستمر لانتقادات جمعيات حقوق الإنسان الأمريكية التي عادةً ما تكيل – في إطلاق أحكامها – بمكيالين ، فضلاً عن أن الكثير منها ليس بعيداً عن الشبهات .

والواقع أن هذا الموقف المتعسف من إدارة بوش لن يمر – في نظرنا على الأقل - بسهولة ، ذلك أن من يوصفون بالصقور في مبنى البنتاجون الذين لا يريدون أن يسمعوا أو يروا غير أنفسهم وحليفهم الوحيد إسرائيل ، والذين يتمتعون بنفوذ هائل في صنع القرار .. هؤلاء لم يدركوا بعد ما يمكن أن تكون عليه ردود الفعل في الشارع العربي بعامة وفي الشارع السعودي بوجه خاص ، الأمر الذي تتوجس منه دول الاتحاد الأوروبي خيفة ووجلاً إذا ما أقدم بوش على مغامرته في العراق تحت دعوى محاربة الإرهاب .

وأغلب الظن : إنه ما لم تتراجع الولايات المتحدة عن مواقفها المناهضة لحقوق الشعب الفلسطيني والانحياز السافر لإسرائيل ، وما لم تتوقف عن تهديداتها غير المبررة للدول العربيـة والإسلامية وفي مقدمتهـا العراق وسوريا ولبنان والسودان وليبيا ، وما لم تتخل – وهذا هو الأهم – عن مخططاتها في السيطرة على هذه الأمة وتفتيت أرضهـا ومقدراتهـا ومحاربة قيمها الدينيـة والأخلاقيـة ، وتسفيه تراثها الثقافي والحضاري ، ووأد طموحاتها في النمو والتقدم .. فسوف تظـل أمريكا هدفـاً رئيساً – إن لم يكن وحيداً – لأعمال إرهابيـة قد تكون أقسى وأشد مما واجهته في الحادي عشر من سبتمبر 2001م .

منقوووول

والسلام عليكم

yara
26-08-2002, 12:50 AM
كلمة ومعنى الارهاب لاتمثل الا اليسير من افعال وجرائم وغطرسة وظلم وجبروت وتهكم وتحكم الولايات المتحده الامريكيه التي هي على وشك بان تتفكك بأذن الله وبادرها قد لاحت بالافق

مهمته إعطاء معلومات مضللة حول مخططات معينة تستهدف الإدارة الأمريكية تمريرها على الشعب الأمريكي وعلى الرأي العام العالمي . هذي الدوله التي تدعي الدموقراطيه والحريه

اما عن عنوان الموضوع فاعتقد ان السعوديه مستهدفه بكل تاكيد ولكنها ليست الوحيده فهناك مصر وسوريا

ولكن الله سيرد كيدهم بنحورهم باذنه تعالى

ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين

expert
26-08-2002, 02:26 PM
معروف انه من بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة...ان الاسلام هو العدو الاول للغرب (حتى لو ما اعترفوا علنا)...

وجت 11 سبتمبر (والله اعلم من قام فيها) حتى تعطيهم اعذار واسباب على طبق من ذهب ماكانوا يحلموا فيها...

وبما ان السعودية على راس الدول الاسلامية... اكيد راح تكون اول اهداف الحملة الاعلامية الامريكية القذرة....

وحملة التبرعات المباركة لاخوانا المجاهدين الفلسطينين + معارضة السعودية لضرب العراق نتج عنها مضاعفة الحملة الاعلامية الوقحة من اللوبي الصهيوني (يبلطوا بحر احسن لهم) لبلدنا الحبيب حكومة وشعب...

لاكني بصراحة مااتوقع ان العراق راح يتعرض للضرب على الاقل في المدى القريب...
ونهاية الحملة الاعلامية راح تكون كلام×كلام

brabus 582 hps
26-08-2002, 02:55 PM
اللهم اسقط امريكا عدوة الاسلام والمسلمين ...

ahmmed
26-08-2002, 03:49 PM
ماذا بعد العراق

ليست السعودية بعد العراق بل كانت قبله منذ عام 1990 منذ ان سمحوا

للامريكان بدخول السعودية ولم يخرجوا منها ولن يخرجوا منها ابدا .

امامن

بعد العراق فهو البيت العتيق والمسجد النبوي والمسلمين حتى يتبعوا

ملتهم ( اي المسيح) . وكلكم يعلم ذلك ولكنكم مثل النعام تخفون

رؤؤسكم في التراب وتتركون دينكم واعراضكم للكلاب.