المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية ضابط بريطاني يكشف تواطؤ الأمم المتحدة ضد مسلمي سربرنيتشا



بو حمود 11
27-08-2002, 07:07 PM
ضابط بريطاني يكشف تواطؤ الأمم المتحدة ضد مسلمي سربرنيتشا






كشف ضابط في القوات الخاصة البريطانية (SAS ) حقائق جديدة مفزعة حول تفاصيل سقوط مدينة سربرينيتسا البوسنية، ومسؤولية القوات الهولندية والأمم المتحدة عن سقوط المدينة البوسنية, والمجزرة الرهيبة التي وقعت فيها، والمذابح الوحشية التي تعرض لها السكان المسلمون في المدينة.
ويأتي هذا المقال الذي نشرته صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية الصادرة يوم الأحد 21 تموز (يوليو) الجاري, للضابط البريطاني في القوات الخاصة نيك كميرون, بمناسبة ذكرى سقوط المدينة المسلمة في أيدي القوات الصربية.
وتحدث الضابط البريطاني عما شاهده حينما كان موجودا على قمة تلال المدينة، ومعه بعض المقاتلين المسلمين, وثلاثة جنود هولنديين، ووصف كيف كان يتوسل طويلا لقوات الأمم المتحدة في سراييفو للتدخل, وإرسال طائرات مقاتلة لمنع دخول القوات الصربية إلى سربرينيتسا، وكيف تلقى الموافقة بعد توسلات عديدة, لكنه أشار إلى أن ما حصل كان تدخلا محدودا, وأنه جاء بعد أكثر من ثلاث ساعات على إعلامها ، مؤكدا أنه كان على يقين بأن القوات الهولندية كان بإمكانها التدخل في ظرف دقائق معدودات لحماية المدنيين في المدينة المحاصرة.
ووصف الضابط البريطاني تدخل القوات الهولندية بأنه كان محدودا جدا, وتم بطائرتين فقط, سرعان ما اختفتا من سماء المدينة, لتتركا المجال واسعا للجنود الصرب لارتكاب جرائم بشعة, على مرأى من القوات الدولية ومسمع.
وصور كميرون حالة الرعب, التي انتابت المقاتلين المسلمين, الذين كانوا بصحبته، بعدما تأكدوا من أن سيطرة الصرب على المدينة بات مجرد مسألة وقت لا غير. وأشار كميرون إلى أن أحد الجنود الهولنديين, وكان معه, قد أخبره بأنه سمع في جهاز اتصاله بأن قائد القوات الهولندية التابعة للأمم المتحدة, قد أصدر أوامر بإخلاء الجنود التابعين له من المدينة، مضيفا أنه أصر على عدم التحرك من مكانه, متطلعا إلى السماء, أملا في قيام الطائرات التابعة للأمم المتحدة بطلعات لمنع الصرب من دخول المدينة, ولكن دون جدوى.
وذكر ضابط الوحدات الخاصة البريطانية ما انتابه من شعور بالمرارة والخوف من الوقوع بين يدي القوات الصربية, التي قال إنه لن يبقى معها حيا إن وقع بين أيديها. وتحدث كميرون كيف بدأت الجثث تتكدس في شوارع المدينة في مشاهد مرعبة, قائلا إن كثيرا من أولئك القتلى كانوا ممن فروا من القرى المجاورة، ولجأوا إلى المدينة, التي كانت تحت حماية الأمم المتحدة.

ووصف الضابط البريطاني كيف أمسكه أحد الجنود المسلمين من يديه، ودموعه تنهر على خديه, قائلا له "شكرا لك على محاولتك تقديم العون لنا", عندها - يقول الضابط البريطاني - تأكدت من أن المسلمين قد غدر بهم, وتركوا يغرقون لحالهم.
وأضاف يقول "لقد كان هذا المشهد المأساوي كصورة سينمائية، خاصة وأن نيران رشاشات الجنود الصرب كانت تنهال علينا من كل صوب". ويروي الضابط البريطاني كيف قال له هذا الجندي المسلم قبل أن يغادره "تمنيت لو كان لقاءنا في غير هذه الظروف، كان يمكن أن نكون أصدقاء", فرد الضابط بأعلى صوته المختنق من أثر المشهد: "أنا آسف.. لم يعد باستطاعتنا أن نفعل شيئا". ويقول الضابط البريطاني "لقد خانت الأمم المتحدة هؤلاء الناس بالكامل.. إن ما فعلناه قليل جدا, ومتأخر جدا".
واستطرد الضابط البريطاني في مقاله, الذي تربع على صفحة كاملة من الجريدة البريطانية يقول "لم أصدق أنني نجوت, فالكثير لم يكونوا مثلي محظوظين. لقد دخل الصرب المدينة مساء، وأخبار كثيرة تتحدث عن تقتيل وحشي بالجملة للسكان، فالرجال يذبحون ويتركون يتخبطون حتى الموت مثل الكلاب في الشوارع".
ويضيف" لقد رأيت مشهدا سيظل يطاردني طوال حياتي، امرأة عجوز تقف بين الأنقاض والجثث، والدخان، تهمهم بكلمات غير مفهومة".
وبعد أن تمكن الضابط البريطاني من العودة إلى معسكر جنود الأمم المتحدة صحبة رفاقه الهولنديين، اتصلوا مجددا بمركز القيادة في سراييفو ليتلقوا إجابة بأن عليهم الانتظار، عندها أخبرهم الضابط بأنه لم تعد حاجة لذلك, فقد انتهى كل شيء, وسقطت سربرينيتسا في أيدي الصرب, وحصل ما حصل من مجازر تقشعر لها الأبدان.
وأكد الضابط البريطاني أنه طلب من الكولونيل تون كاريمانز المعين من قبل قيادة قوات الأمم المتحدة لبحث شروط الاستسلام مع الصرب، أن يكون متشددا مع الصرب، ولكن هذا الأخير كانت أولويته منصبة على التأكيد على ضرورة سلامة الجنود الهولنديين.. أما المسلمون الذين كانوا يقتلون بالآلاف, فلم يكن يهتم لحالهم كثيرا.
ويضيف الضابط البريطاني أن حمام الدم الذي شهدته المدينة المسلمة, أعقبه أخذ الضابط كاريمنز في نفس الليلة إلى أحد الفنادق الفاخرة في مدينة براتيناك الصربية، حيث أهين من قبل الجنود والضباط الصرب, إذ تم استقباله بقطع رأس خنزير أمامه، ليصيح في وجهه الجنرال الصربي مالاديتش، محملا إياه المسؤولية الشخصية على وفاة 10 جنود من أفراد القوات الصربية قبل دخولها إلى سربرينيتسا.

ويذكر الضابط البريطاني أن المفاوض الأممي وافق على شروط الجنرال الصربي مالاديتش بتسليمه الرجال من المسلمين للتحقيق معهم, قبل طردهم من المدينة، محتسيا معه كأسا من الشمبانيا، قائلا إن ذلك الجنرال أخذت له صورة مع القادة الصرب, وهم يحتسون الخمر على نخب مجازرهم المروعة في المدينة المسلمة المخذولة.
ويروي الضابط البريطاني كيف ارتدى لباس القوات الهولندية الأممية, حتى يحمي نفسه, ليطلع على أوضاع المحتشدات, ويروي كيف هاله منظر الآلاف من المسلمين يتكدسون في محتشدات ضيقة، لا يقدر غالبيتهم حتى على النوم على الأرض, بسبب ضيق المكان, وكيف سمع التصفيات الجماعية للرجال المسلمين الذين يؤخذون من المحتشدات, ويقتلون بشكل جماعي في بيت مجاور, ويشهد على هذه المجازر جنود هولنديون.
وقال الضابط البريطاني إنه تعرف على مسلم كان يعمل مترجما معه، رآه يجثو على ركبتيه، أمام جندي صربي وهو يتوسل له قائلا "أرجوكم لا تفعلوا هذا.. إنه غير جيد", لكنه يذكر أن تلك التوسلات لم تنفع, إذ أخذ ذلك المسلم وتمت تصفيته.
وروى الضابط في مقاله ما حكاه له جنود هولنديون عن رجال مسلمين كانوا يشنقوا أنفسهم قبل أن يقعوا بين أيدي الصرب. كما روى له آخر كيف مر على جثث مدنيين مسلمين أطلقت عليهم النار من الخلف. وأضاف أن جنديا هولنديا استطاع أن يأخذ صورا لهذه المجازر قبل أن تتفطن له القوات الصربية, وتطلق عليه النار، ورغم أنه نجا من القتل, لكن الفيلم وقع تدميره من قبل ضابط هولندي, بادعاء أنه في خللا فنيا, وذلك للحيلولة دون توثيق المجزرة الوحشية, التي عرفتها المدينة المسلمة المغدورة.
وقال الضابط البريطاني إن الصرب ارتدوا لباس جنود هولنديين, وتمكنوا من استدراج العديد من المسلمين, حين أوهموهم بأنهم سيقدمون لهم العون، لكنهم كانوا يقتلونهم بالجملة. كما أن المحتشد الذي تجمع فيه الآلاف من اللاجئين، أخلي لاحقا لينقل هؤلاء المسلمين إلى المدينة الصربية المجاورة بريتانك, حيث وقعت تصفية كل الرجال والأطفال, الذين فاق عددهم أكثر من 7 آلاف.
وتحدث الضابط البريطاني بكثير من المرارة, قائلا إنه لم يكن يعتقد أن الصرب متوحشين إلى هذا الحد, "لكن حسن نهانوفيتش المترجم المسلم الذي عمل معنا كان يقول إن الصرب سيذبحون كل من تقع عليه أيديهم.. كنا نظنه يبالغ, ولكن ثبت أنه على حق. لقد قتلوا أمه وأباه، وأخاه الأصغر", كما يؤكد الضابط البريطاني.
وأضاف "لقد التقينا لاحقا وتحدثت أمام قائدي قائلا، نحن أظهرنا أننا لا نريد أن نقاتل أبدا فأجاب بلامبالاة: ومن قال لك؟، نحن لم نفكر أبدا في القتال من أجل هذه المنطقة، ولم يكن هذا في خطتنا إطلاقا.. عندها فقط تأكدت أنني كنت أعد هؤلاء الأبرياء كذبا.. لقد بعناهم لأعدائهم", كما يردد الضابط البريطاني بمرارة شديدة.