المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مهم لجميع الدعاة



happy aid
30-08-2002, 02:15 AM
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على خير المرسلين محمد صلى الله عليه و سلم
و على آله و صحبه اجمعين...
اما بعد:
فان مهمة الداعية مهمة ذات حكمة و همّة,فلا بد للداعية ان يتحلى باوصافه نبيلة و يترفّع
عن هاتيكم الاوصاف التي لا تليق به كمسلم اولا و كداعية ثانيا...
فان اهم شيء للداعية ايصال الفكرة السديدة و على وجهها الصحيح بغض النظر عن نتيجة
دعوته هذه, فان قبولها و عدم قبولها يتعلق بهداية الله تعالى هداية توفيق (انك لا تهدي من
احببت و لكن الله يهدي من يشاء) فعلى الداعية هداية الناس هداية ارشاد و دلالة و لا يضره
بعد ذلك قبول دعوته من ردها...

و ايصال هذه الفكرة و على وجهها الصحيح يلزمه علم صحيح و اسلوب حكيم و كلاهما
من الامور المكتسبة فالاول يحصّله الداعية بالعكوف بين يدي اهل العلم و التفقه عليهم و
و الثاني يزيده خبرته و تجاربه و دراسة احوال الناس و معاشرتهم...

و لينتبه الداعية في انزلاق خطير يورد نفسه فيها,فلا يقدم حيث كان القدوم ضرره اكبر من
نفعه بالنسبة للداعية و هذا يختلف من داعية الى آخر...
و لا يخوض معركة من دون سلاح و حتى المعركة ذات السلاح لا تنفع ان كنت تجهل سلاح
عدوك...
فكيف ستحارب عدوا" تجهل سلاحه بل و ربما يمتلك اسباب تفكيك سلاحك...
و الاعداء كثر و لكل عدو سلاحه الخاص به فهناك عدو يسكن بين جنبيك ,يحاربك ليلا نهارا
و هناك عدو يصلي بجنبك تظنه صديقا بينما هو من الدّ اعدائك....
و ليكن الداعية كيّس فطن و لا يغترّ بالمظاهر فكم من اناس اوردوا المهالك من خلال احسان
الظن المطلق....
فانا اعرف شخصا ينتحل شخصية اسلامية و يلقي دروسا هنا و هناك و ان صليت بجانبه
يكاد قلبك يتفطر رحمة لهول انين بكائه و ازيز صدره...
و بد تتبّع اثر ذاك الشخص فتبين انه من المباحث و على مستوى عال و اورط العديد من
شبّاننا في شباكه و الله المستعان.
و ما هذا الاّ نموذجا" صغيرا" و قس على ذلك بقية النماذج من هنا و هناك...

اذا و لا بدّ للداعية ان يحصّل العلم من افواه العلماء مباشرة ليتسنّ له القيام بمهمته على
اكمل وجهه و افضل هيئة...
و ايضا يلزمه اكتساب صفة الحلم و الصفح و ذلك اثناء دعوته فبعض الناس يكابرون عن
قبول الدعوة بينما تراهم لا يتأخرون عن قبولها من حركات الداعية و اتّصافه بصفات
حميدة,فبعض الناس يزن الداعية من خلال تصرفه, من خلال تعامله,من....

و بعد هذا التحصيل يعقبه تحصيلا آخرا" و ربما كان هذا الاخير افضل من سابقيه بمعنى
هو الحد الفاصل بين قبول دعوته من عدمها الا و هو الصبر...
فليعلم الداعية انه و بقبوله مهمة الدعوة الى الله و سنة نبيه و فهم صحابة نبيه عليه الصلاة
و السلام سوف يخوض بحر مليء بالحيتان و اعصارات مائية و رياح شديدا" و غير
ذلك من مخاطر تعترضه في طريقه...
و ليضع نصب عينيه سيرة انبيائه و سير دعوتهم و المخاطر التي تعرضوا لها ليسلّي
نفسه و لتتضح قدوته فيستمد منها قوته و ارشاده...
فهذا ابراهيم الخليل عليه السلام يواجه قوما" بقوة ايمانية لا توازيها قوة و بسلاح فتّاك
لا يعادله سلاح و يخوض بحرا" له اول و ليس له آخر فلا يفتر بل تشتد عزيمته يوما بعد يوم
و يتحدّى قومه و يستخدم معهم شتّى انواع السلاح ....
فهددوه بالنار فلم يردعه تهديهم هذا اياه لانه ماض في سبيل لا يخسر سالكه و لا تطمس نوره
فان هددوه بالنار التي تحرق فقد امتلك صلة قوية بمن ميّز النار بهذه الصفة فالذي اعطاها
صفة الاحراق هو الذي يستطيع ابطال هذه الصفة و استبدالها بنقيضها...
( يا نار كوني بردا و سلاما على ابراهيم)
انه الله رب العالمين, انه الله خالق كل شيء,انه الله.........

فالقي في النار فقام لسانه الكريم بارسال رسالة عاجلة الى قلبه الحكيم ليعيش ضمن هذه الرسالة
التي تنسيه وهج النار و المها ( حسبي الله و نعم الوكيل)
كلمة تخرج من صميم الفؤاد لتأخذ طريقها الى فوق السموات السبع حيث الله تعالى...
و هذه الكلمة ليست شعارا يتغنّ بها المتخلّفون و المبطلون بل تصدر من رجل بذل جلّ اسباب
النصر و اسباب التمكين و عندها تنفع...

اذا الداعية مكلف بامور يلزمه الامتثال بها و الا سوف تعود اليه تجارته بالخسران و الافلاس
و اذكر موقفا حصل معي من نحو تسع سنوات...
و ذلك عندما كنت اعمل في مصنع ضمّ في جوفه شتّى انواع الناس و المذاهب و كان اكثر العاملين فيه ينتمون الى حزب القوات اللبنانية الذي اذاق المسلمين في لبنان الويلات تلو الويلات
فقتلوا العديد منهم و سبوا نساءهم و هدموا مساجدهم و استولوا على الدولة فاصبحوا هم الامراء
الذين يأمورون فلا مرد لامرهم و لا معقب....
المهم دخلت ذاك المصنع بلحيتي الطويلة فكانت اعينهم المسمومة لا تفارقني فالكل يحدّق و لسان
حاله كيف دخل هذا الى هنا و من ادخله...
و بعد فترة من الزمن التقيت بمدير ذاك المصنع و كنت قد التقيت به اول دخولي فاعمى على تعالى على بصره و بصيرته فلم ير لحيتي...
فقال لي لماذا انت تارك للحيتك و بهذه الهيئة و اخذ يشرح لي قوانين العمل فوصل الى نتيجة يأمرني بها بحلق لحيتي و كان هناك رجلا جالسا بيني و بينه ينتسب الى الحزب القوات اللبنانية
فاخذ يبادلني البسمات و بعزة عزيز...
فعندها قلت للمدير:
( ظننتك يا استاذ جوزيف ملتحيا" و كان عليك ان ترخي لحيتك)
فقام واقفا و حبات الغضب تتناثر عن وجهه قائلا :
(كيف ذلك)
فقلت:
(اليس المسيح عليه السلام كان ملتحيا"؟)
قال نعم فقلت:
(اذا تعاليم الديانة المسيحية تحث على الاقتداء بشخص المسيح عليه السلام و لذا لا بد لك و للمسحيين ان يوفّروا لحاهم)
فقال نعم صحيح هذا...
و هنا اخذت ابادل ذاك الحزبي البسمات فاشعلته نارا" تحرق و لا تؤذي...
نطق الكافر بالصحيح و حجّ نفسه بنفسه و الحمد لله
و هنا انتبه المدير للموقف و صرخ بوجهي( اخرج حالا" الى عملك)
و لم يتعرض لي بعد هذا الموقف...
و هذا من فضل الله تعالى عليّ....

و اختم هذه الكلمات ساءلا المولى القبول و السداد و التوفيق........


الكاتب : علي سليم