المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حتى لا تتبخر ثقافتنا..



الروح
02-09-2002, 12:03 AM
حتى لا تتبخر ثقافتنا..

لا نزال نترقى في سلم الثقافة والعلم والمعرفة مذ ولادتنا، حتى إذا ولجنا المدرسة بدأنا ننهل من الثقافة بطريقة مدروسة غير ارتجالية، ولا يزال بنا الترقي والتدرج الثقافي في ازدياد، من ذلك ما يكون في المدرسة ومنه ما يكون في شؤون الحياة المختلفة، ولا تزال النفس الشابة متلهفة وراغبة في التعرف على المجهول، وتلك غريزة قد أودعها الله في نفس ابن آدم، ليصل إلى الثقافة التي تؤهله لخوض الحياة مع المجتمع، فمقل ومستكثر، كما أن الدراسة أو طلب العلم تظل رافدا قويا لتطوير الذات، إلا أن المشكلة منشأ الحديث هي حال كثير من شبابنا بعد نهاية الدراسة النظامية، ولست هنا بصدد الحديث عن طلاب العلم الذين يواصلون الطلب هنا وهناك، وإنما بصدد الحديث عن الشريحة الكبرى من شبابنا الذين تتبخر ثقافاتهم بُعيد التخرج، ومن أجلهم حبرت مقالي.

إن الثقافة مثل كوب الماء الذي إن لم تسكب فيه مزيدا من الماء فإنه يتبخر مع ورود الشمس والحرارة عليه، وإنك لترى خريجي جامعات عندما تسألهم عن ثقافات كانوا درسوها فلا تجد لها في عقولهم طريقا، ولو كانوا يتابعون الثقافة وتطوير الذات لبقي في الذاكرة منه ما يتردد على قراءته أو ما يستجد.

وهذه دعوة إلى مواصلة تطوير الذات من حيث الثقافة، برسم برنامج علمي ولو كان مخففا بالقدر الذي تسمح به همة الشاب، وإلا فإنه سيلحظ تراجعا وتدنيا ((وتبخرا)) في مستوى ثقافته إن هو لم يواصلها بالسقي والزرع، وإن الشاب الذي ليس له من القراءة حظ يكاد يرجع عاميا بعد أن درس وتخرج، وحتى المعلم الذي يكتفي بالمنهج الذي يدرسه طلابه يكاد ينسى إلا ما بين دفتي كتاب طلابه، فالاستمرار في القراءة والطلب الذاتي أمر ملح، ولعل وضع برنامج علمي يرسم في ذهن القارئ برنامجا مكثفا يصعب الوصول إليه، ولكنني بالمثال أستطيع أن أوضح لك كم هذا البرنامج سهل ويسير، ولكننا حينما لا نضع البرنامج تمضي بنا عجلة الأيام دون اكتراث، فإذا بحثت عن آخر كتاب قرأته وجدته بعيد المدى، وربما كان كتابا لا يسمن ولا يغني، وهاك المثال:

هل تستطيع أن تقرأ مجلدا ضخما في شهر؟!
هل تستطيع أن تقرأ 600 صفحة في شهر؟!
هل تستطيع أن تقرأ يوميا 20 صفحة فقط؟

إنك لو وضعت برنامجك على أن تقرأ يوميا 20 صفحة فتفاجأ بأنك وفي ظرف شهر فقط قد استطعت من الانتهاء من مجلد ضخم يحتوي على 600 صفحة، أليس هذا إنجازا عند أقوام لا يقرؤون كأمثالنا؟
أعرف أن الحماس قد يقودك إلى العزم على الانتهاء من كتاب ضخم في أيام معدودة، لكن هذا الحماس ما يفتأ يتلاشى بعد الانتهاء من هذا الكتاب، وقليل دائم خير من كثير منقطع. فقد تتحمس لقراءة ذلك المجلد فتقرأ يوميا 100 صفحة كما كنت تفعل أيام الامتحانات، وربما أكثر، إلا أن وضع برنامج يومي يسهل المهمة كثيرا.

لقد قمت بهذه التجربة بنفسي.
ماذا فعلت؟
قمت بكتابة تواريخ الأيام المقبلة وقطعتها في وريقات صغيرة، هكذا:
23/6
24/6
25/6
26/6
حتى أكملت عددا من الأيام.
ثم قمت بتوزيع هذه الوريقات بين طيات الكتاب، ولتكن بعد كل عشرين صفحة كما هو المثال السابق، فوضعت الورقة الأولى في ص20 والثانية في ص40 والثالثة في ص60 وهكذا، وإن كان الموضوع لا يتم إلا بعد الزيادة على الرقم المذكور زدت صفحة أو صفحتين أو نقصتهما، حتى انتهيت إلى آخر الكتاب.
وبعد ذلك شرعت في القراءة كل يوم بيومه، فوجدت أحيانا أنني أستطيع تجاوز عدد الصفحات، وأحيانا لا أستطيع الوصول إلى ما أردت، فابتكرت طريقة أدعي أنها مناسبة، وهي اختيار كتاب آخر أو كتيب لقراءته إذا كان الوقت يتسع لأكثر من 20 صفحة، وربما خصصت هذا الوقت الزائد لقراءة مجلة نافعة، أما إذا لم أستطع إكمال الصفحات فإنني أحاول فيما يلي من الأيام سد ذلك النقص، خصوصا إذا كان معي من الوقت ما يسعفني، وذلك حتى لا يفسد الجدول الذي وضعته لنفسي، وحتى أتمشى مع الأوراق في ثنايا الكتاب بالطريقة الصحيحة.
ولقد فوجئت بأنني استطعت الانتهاء من الكتاب في فترة وجيزة بالنسبة لما مضى من أيامي التي كانت تمضي في كثير من الأحيان دون الازدياد بشيء نافع، بل استطعت المواصلة مع مجلدات أخرى، ووجدت نفسي أترقى في درجات الثقافة رويدا رويدا، من حيث أشعر أو لا أشعر.

وأستطيع القول بأن هذه الطريقة تصلح كثيرا مع من يريد وضع جزء من القرآن يقرؤه يوميا لا يخل به، وذلك أنه إن قرأ في أول الشهر الجزء الأول من القرآن وهو 20 صفحة في وقت قد يكون ربع ساعة يوميا وربما نصف ساعة، سيجد نفسه في آخر أيام الشهر قد ختم القرآن ولم يهجره.

فهل تملك أخي القارئ بعد أن سقت لك هذه التجربة الشخصية أن تضع لنفسك برنامجا يعينك على نفسك؟؟
أتمنى ذلك.

منقول بتصرف


الروووح

مهند الريس
02-09-2002, 01:56 AM
والله امتعتينا في موضوعك هذا شكرا لكي

الروح
02-09-2002, 01:16 PM
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة مهند الريس
والله امتعتينا في موضوعك هذا شكرا لكي


لا شكر على واجب اخي الفاضل ...

المهم الفائده باذن الله لنا ولكم ..