المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إن القارئ أو المتلقي إنما هو مشارك بالعملية الإبداعية بطريقة أو بأخرى!!



Zuluf
30-09-2002, 01:19 AM
ليس هناك عمل أجمل ولا أصعب من الكتابة، إنها البوح الآخر للون وماذا يريد أن يقول "والصوت الآخر للحن، وبماذا يريد أن يوحي في انسيابه وجنونه، وفي ترحاله وصعوده وهبوطه، إنها التجريد الكامل والتركيز الذهني والعقلي المتكامل.. صدى لأمواجنا الداخلية، ولذبذباتنا النفسية في كل درجات توترها. أما الوجه الأجمل فيها فهو ذاك الركوب الصعب لأمواج اللغة العاتية، وترويض فرسها الجامحة أبداً إنها تلك الفرس التي يستحيل ترويضها والتي عليك بترويضها عند كل ركوب لها، بل كثيراً ما تفاجأنا بجموحها في لحظة نظن أننا ممسكون بلجامها نمتطي ظهرها متحكمين بطاقاتها، وإذا بنا في العراء مرة أخرى نحاول ركوبها من جديد باحثين عن طرف لجامها الذي تاه عنا دون أن ندري، حتى أكبر وأعظم الكتاب تراهم يتعرضون لتحدي جموحها الخطر بين الحين والآخر، لكنه التحدي الجميل دائماً والسر الذي يكمن وراء سحرها حيث تتمرد الكلمات فجأة هاربة مبعثرة، ويتدحرج اللفظ مسرعاً من بين أيدينا. وهكذا نجد أنفسنا مرة أخرى نبدأ من جديد، نبحث عن عوالم أخرى نحاول التعرف عليها عن مدن جديدة ندور حول أسوارها باحثين عن منفذ للعبور داخلها. الكتابة تصوير حي للقطات محكمة من الحياة لا يمارس فيها القلم عمل آلة تصوير بنقله صخب الحياة إلى الورقة الصماء فحسب بل إنه يبحث في سر الأشياء في ظلالها وانعكاساتها.. يعبر كل المرافق ويتوقف عند المنحدرات والمنعطفات يركب جميع وسائل النقل، يمشط أرصفة الطرقات يطرق أبواب جميع المدن يقبع في زواياها ليلاً ويغسل وجهها عند الصباح. الكتابة في جوهرها مثل كل الفنون إنما هي تجسيد لشيء اسمه القلق، إنه قلق الفنان الذي يتصاعد في وجدانه إلى حد الانفجار، فتراه يكتب أو يرسم أو يسخر، فهي لا تصور بالضرورة هذه المأساة أو تلك وإنما هي تعكس صور الحياة بكل ألوانها على ورقة الكاتب بعد أن ينفجر ألمه المتصاعد إلى الخارج براكين ثائرة بكل الأشكال. هذه هي الكتابة .. إنها الحياة .. فلا تكون الحياة إلا صاخبة مجنونة.. ولا تكون الكتابة إلا مفعمة بها حتى الثمالة إنها ابنة الشارع لا تعرف اللعب إلا حافية القدمين مكشوفة أمام جميع الناس.. تلعب تحت السماء الزرقاء وبين صبية الحارة حيث يرى الجميع أصول لعبتها أو أسلوبها مهما قرب أو بعد، لذلك لابد لها أن تخرج إلى الشارع عارفة لأصول اللعب مادامت ستلعب على المكشوف، وسيرى الجميع عثراتها مهما كبرت أو صغرت. إنها لعبة مكشوفة أمام القارئ العادي قبل الناقد المتخصص وأي عثرة يمر بها الكاتب يرن صداها عالياً في آذان الجميع في الوقت الذي يتعذر لدى بقية الفنون ويحتاج الأمر هنا إلى ناقد متخصص لأنها غالباً ما تكون مختبئة خلف لون أو لحن أو نظم، وتكون الورقة البيضاء بالنسبة للكاتب العارف مرآة يرى فيها نفسه كما فيحاول أن يعدل من شكله وتصلح من هيئته وتكون زجاجا شفافا بالنسبة للناس يظهر من خلاله ما يفعله الكاتب على الورق والطريقة التي يتعامل بها معه، بينما كثيراً ما تقف حائراً أمام لوحة شعرية سريالية تحاول عبثاً إدراكها والحد من المساحة التي تبعدك عنها. لكن إياك أن تعبر عن ذلك أو تصرح به وإلا اتهمت بقصر النظرة وبتدني ثقافتك الشعرية وتجد نفسك أمام سؤال يزيد من حيرتك .. هل السبب يكمن في ضعف مقدرتك على التذوق وضعف الحس الفني لديك أم هي القصيدة موغلة في الرمزية وتكاد تكون غير مرئية. وترى الكاتب يدخل منذ البداية في صراع وتحد مع مبدأ أكون أو لا أكون فهو إما أن يبدأ أو لا يبدأ أبداً حيث تلفظ الكتابة منذ البداية أي قلم غريب عنها ولا يمكن ركوب فرسها إلا من قبل فارس حقيقي مستعد لتحدي جموحها الغادر، يحاول ركوبها كلما رمت به أرضاً شاهراً قلمه لا يعرف الملل حيث يتقبل الناس فشله ويرفضون سقوطه وليس السقوط كالفشل لكنها تلفظ كل من هو غريب عنها ولا تحاول أن تتحداه أو تقفز في وجهه لتستفز بطولته بل ترفضه مباشرة وتقذف به خارج السياج ولا تعترف بفروسيته أبداً فيسقط نهائياً ويسقط إلى الأبد ولا يفكر بركوبها مرة أخرى. وأخيراً إذا كانت الكتابة هي أهم وأصعب الفنون لشدة التصاقها بالحياة وقربها من الناس وتواجدها في زحمة الشارع فإن القراءة كانت وما تزال هي الوجه الآخر لتلك العملة الخالدة، حيث لا تكون الكتابة بدونها لدرجة جعلت البعض يقول: "إن القارئ أو المتلقي إنما هو مشارك بالعملية الإبداعية بطريقة أو بأخرى". وإذا كان الأمر كذلك فكيف هو الحال بالنسبة لدور النقد الحقيقي والذي كثيراً ما نفتقر إلى وجوده اليوم.

المحتزم
03-10-2002, 05:06 PM
ما شاء الله العظيم

عندما اقراء كتاباتك ارى الابداع

انت ثروه سوف يفتقدها المنتدى

رحيلك سيترك فراغا كبير وحسبي الله على اللي كان السبب

قوت القلوب83
03-10-2002, 11:04 PM
شكراً لك أخ Zuluf على هذا الموضوع الرائع.

فأنت بهذه الكلمات شجعتني على الكتابة من جديد.

لأنه في الآونة الخيرة لا أعرف مالذي حدث لي لكن كلما أمسكت بالقلم رفضت حروفه وكلماته أن تطيع حركة يدي.

ورفضت أن تعبر عن مشاعري.

وهكذا أصابني الخمول والكسل.

أسئلة تدور في رأسي، لماذا....؟

لماذا يرفض القلم ان ينصاع لأوامري؟

لماذا لا يريد ان يعبر عن مشاعري؟

هل لأنه أحس بالملل؟

أم لأن حروفه ترفض أن تشكل الكلمات؟

أسئلة شلت تفكيري وجعلت قلمي يشعر بالعجز.

ولكن بعد ان قرأت تلك الكلمات.

عادت الحيوية لقلمي من جديد وعادت حروفه تشكل الكلمات، وفي القريب سترون بإذن الله الواحد الأحد مالذي سيكتبه قلمي، وما الكلمات التي ستشكلها حروفه.

والسلام ختام.