المؤمن الحق
18-12-2002, 05:38 AM
هنا تأتي القضية التي تحتاج إلى سؤال ومصارحة ما الهم الذي تحمله ؟
يا أخي الكريم، انظر في النتيجة التي تصل إليها.
فإن توصلت إلى أنك تحمل هم الإسلام، وتحمل هم هذه الدعوة، وتحمل هم هذه الأمة فهنيئا لك. أقول لك والله هنيئا لك وهنيئا لك.
لأنه كما استمعنا في الحديث:
( من جعل الهموم هما واحدا، هم أخرته، كفاه الله هم دنياه).
إذا كنت تحمل هم الدعوة، وتحمل هم الإسلام، وتحمل هم هذا الدين فهنيئا لك لأن الله سيكفيك بقية الهموم.
وإن كنت توصلت إلى أن الهم الذي يسيطر عليك، وأن الأمر الذي تسعى إليه في حياتك هو هم وظيفة أم هم طلب رزق أم أي هم من هموم الدنيا.
فأقول لك البدار البدارَ قبل أن يصدق عليك حديث المصطفى :
(ومن تشعبت به الهموم في أحوال) من وظيفة وزواج وطلب رزق وبناء بيت.
(ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبالي الله في أي أوديتها هلك ).
أخي الكريم تسألني وتقول لي :
كيف أعرف أني أحمل هم الإسلام ؟
وأنا أسألك مرة أخرى عن أي شيء تفكر ؟
أسألك بالله عندما تضع رأسك على الوسادة ما هو الذي يسيطر على تفكيرك ؟
عندما تستيقظ من النوم ما الذي يشغل بالك ؟
عندما تسير في السيارة والأفكار تدور في خاطرك، ما هي هذه الأفكار ؟
بل أقول وأنت تصلي ما الذي يشغلك ؟ هل هي الصلاة وما فيها من آيات؟
أسألك هذا اليوم وقد استمعت إلى هذه الآيات العظيمة من سورة المائدة ، هل أنت معها متأملا متفكرا ؟ أم أنك لا تدرك إلا ركوعها وسجودها ولم تعقل منها شيء ؟
لماذا ؟ لأن الدنيا قد شغلت بالك، لأن هموما أخرى من هموم الدنيا قد أرقتك.
يا أخي الكريم إذا كنت عندما تضع رأسك على الوسادة تفكر في حال هذه الأمة.
إذا كنت يا أخي الكريم عندما تستيقظ تفكر في واقع هذه الأمة.
يا أخي الكريم عندما تسير في الطريق لا تفكر إلا في أحوال المسلمين .
عندما تجلس مع إخوانك حديثكم عن الإسلام وعن أحوال المسلمين.
عندما تتحدث مع أولادك تتحدث عن تربيتهم وإعدادهم لأجيال قادمة ليقفوا أمام أعداء الله جل وعلا. إذا كنت كذلك فأنت فعلا تحمل هم الإسلام.
قالت زينب (رضي الله عنه) للرسول صلى الله عليه وسلم :
( يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال نعم إذا كثُر الخبث).
ولا أزكيكم على الله – لا أشك في طيبة كل واحد منكم، ولكن الطيبة وحدها لا تكفي.
الصلاح وحده لا يكفي، انظر ما الذي يحدثك الآن؟
ما الذي يشغل بالك الآن ؟
الناس يختلفون في هذه القضية:
هناك الكثيرون يسيطر على كيانهم أمور الدنيا كما ذكرت من طلب رزق، ومن وظيفة أو أولاد أو منصب أو دراسة أو طلب شهادة أو طلب جاه أو طلب سمعة.
الناس شتى (كل يغدو فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها).
فيا أخي الكريم هذا هو السؤال.
ويكفينا لو أنهيت المحاضرة على حد هذا السؤال لكفانا لقاء هذا اليوم لأهمية هذا الموضوع.
وهنا قلت لك أخي الكريم أنت أحد رجلين وأسأل الله أن تكون الأول، أن تكون ممن يحمل هم هذا الدين حقيقة وصدقا وواقعا.
أو – وأعيذك بالله من ذلك- أن الهم الذي تحمله هو هم أي هدف من أهداف الدنيا أو غاية من غايات الدنيا.
بعد ذلك يأتي سؤال لا بد منه وهو:
هل يعنى هذا أن لا نحمل هم وظيفة ؟
ولا نحمل هم طلب الرزق ؟
ولا نحمل هم الزواج ؟
أخشى أن يتعجل متعجل من الحماس ومن الخير وقد يكون الآن يعد العدة للزواج بعد رمضان فيقول مادام هذا يصادم الهم الأول إذا أنا لن أتزوج.
ويأتي أخر فيقول أنا اليوم أدرس والحمد لله وأريد الشهادة، إذا هذا يتصادم مع حمل هم الإسلام، إذا لا أريد الشهادة وينسحب من جامعته ومن دراسته.
وثالث أخشى أن يقدم استقالته من وظيفته.
فالسؤال الذي لا بد منه هل يعني هذا أنه لا يجوز لنا أن نحمل هم هذه الهموم ؟
وأقول لا، ليست هذه هي القضية.
قلت لكم ما الهم الذي تحمله ؟ أي ما الهم رقم واحد ؟ ومعنى ذلك أن هناك عدة هموم.
ليست المشكلة – أخي الكريم – أن تحمل هم الزواج، أو أن تحمل هم بناء البيت أو أن تحمل هم طلب الرزق، أو أن تحمل هم طلب الوظيفة.
كل هذا يكون مشروعا في حالة واحدة فقط، إذا كان همك الأول هو هم هذا الدين، وهم هذه الأمة، وهم هذه العقيدة فكل الهموم التي تأتي بعد ذلك لا حرج عليك ولا تأثيم عليك – أخي الكريم -، لماذا ؟
لأنه ثبت علميا – انتبهوا لهذه القضية-
ثبت علميا وثبت من حيث الواقع ومن حيث التجارب أن الهم رقم واحد يسيطر على بقية الهموم.
فإن كنت تحمل الهم رقم واحد هو هم هذا الدين فإنه سيسيطر ويوجه هم الوظيفة وهم الزواج وهم طلب الرزق وهم بناء البيت إلى غير ذلك.
أما إن كان الهم رقم واحد من هموم الدنيا فإنه سيؤثر على هم الدين حتى لو كنت تحمل هم هذا الدين ولكن جاء بالمرتبة الثانية أو الثالثة أو الرابعة.
والأمثلة توضح هذه الحقيقة:
لنأخذ المثال عن رجلين، رجل يحمل هم هذا الدين ومع ذلك يحمل هم الوظيفة، يحمل هم طلب الرزق، يحمل هم الزواج، يحمل هم بناء البيت فكيف تكون النتيجة ؟
إذا كان يحمل هم هذا الدين فهو قطعا سيبحث عن الوظيفة التي تخدم دينه، ولو عرض عليه مثلا وظيفة مدرس وخّير بين مدرستان:
إحداهما قريبة من البيت ومريحة وسيعطى من الحصص قليلا ولكن ليس فيها مجال للدعوة إلى الله جل وعلا.
والأخرى بعيدة وتحتاج منه مشقة وقد يكون نصابه أكثر، ولكنه يجد أنها مجالا خصبا لتربية الأولاد، لتربية الأبناء، أو لتربية البنات إن كانت مدرّسة، وتحتاج منه إلى جهد وجهاد.
إن الذي يحمل هم هذا الدين سيختار المدرسة الثانية.
عند قضية الزواج مثلا، فالذي يحمل هم هذا الدين سيبحث عن الفتاة الملتزمة، الفتاة الصالحة، ولو جاءته أمه وقالت يا بني إني وجدت لك فتاة جميلة ومن عائلة كريمة ووضعها المادي مناسب ولكنها لم تلتزم بعد، سيقول:
لا يا أمي لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول : (فأضفر بذات الدين تربت يداك).
وتعرض عليه الثانية والثالثة والرابعة ولا يقبل إلا بذات الدين، حتى لو قالت له أمه في يوم من الأيام يا بني إني وجدت لك فتاة ملتزمة صالحة، ولكن قد لا تكون ذات نصيب كبير من الجمال، سيقول:
ليس الجمال مشكلة يا أمي فالذي يهمني هو هذا الدين فسيتزوجها.
أما الأخر الذي لا يحمل هم الدين فيريد في المرأة إما جمالا أو مالا أو حسبا أو نسبا، كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع، لمالها ولجمالها، ولحسبها ، ولدينها فأضفر بذات الدين تربت يداك ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
انظروا للذين تشعبت بهم الهموم حول هذا المثال.
نحن عرفنا أن الذي يحمل هم هذا الدين لن يتزوج إلا امرأة صالحة حتى ولو نقصت الأمور الأخرى، حتى ولو كانت قليلة المال، حتى ولو كان جمالها ليس بذاك الجمال لكن يهمه منه أمر الدين.
أما الأخر فلننظر:
هناك من الشباب من يبحث عن الجمال فقط، فتأتيه أمه أو يأتيه أبوه أو إخوانه فيقولون وجدنا لك فتاة ثرية وذات دين وحسب ولكن جمالها قليل، أي ليست قبيحة ولكنها ليست جميلة جدا، فيقول لا أريدها.
ثم يعرض عليه ويعرض عليه حتى يأتي يوم من الأيام فيقال له:
وجدنا لك فتاة جميلة جدا، ولكنها فتاة مغرورة، ولكنها فتاة قليلة الدين غير ملتزمة فيقول هذه التي أريد وتلتزم إن شاء الله فيما بعد. هذا أن كان يعنيه أمر الالتزام.
ارأيتم الفرق بين الاثـنين؟
وثالث يبحث عن امرأة موظفة فيعرض عليه من النساء من فيها من الجمال وفيها من الحسب وفيها من الدين لكنها ليست موظفة فيقول لا أريدها.
حتى إذا وجدوا له امرأة موظفة كما يريد حتى لو كانت قليلة الالتزام بالدين فيقبل بها.
لماذا لأن هدفه الأول ، ولأن همه الأول من هموم الدنيا ولم يكن هم هذا الدين.
حتى في قضية شراء البيت فالذي لا يهمه أمر دينه فتجده يركز على الأرض وعلى موقعها وعلى مساحتها وهل هي على شارعين أو على ثالثة أو على واحد ثم يشتريها.
أما الذي يهمه أمر هذا الدين فيسأل عن الجار، ويسأل عن الحارة، ويسأل عن الموقع، فإذا وجدها مناسبة اشتراها.
إذا أيها الأخوة، وصلنا إلى حقيقة معينة أنه ليست القضية وليست المشكلة أن تحمل هم الوظيفة ولا أن تحمل هم الزواج، بل يجب أن تحمل هم الزواج لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول :
(يا معشر الشباب من استطاع منكم البائة فليتزوج).
ولكن القضية ما هو الهم الذي يسيرك ؟
ما هو الهم الذي يسيطر على كيانك ؟
ما هو الهم الذي يؤرقك ليلا ونهار ؟
هذا هو السؤال وهذا هو الجواب.
ففتش عن نفسك، وتأمل في حالك وبادر قبل فوات الأوان.
يا أخي الكريم، انظر في النتيجة التي تصل إليها.
فإن توصلت إلى أنك تحمل هم الإسلام، وتحمل هم هذه الدعوة، وتحمل هم هذه الأمة فهنيئا لك. أقول لك والله هنيئا لك وهنيئا لك.
لأنه كما استمعنا في الحديث:
( من جعل الهموم هما واحدا، هم أخرته، كفاه الله هم دنياه).
إذا كنت تحمل هم الدعوة، وتحمل هم الإسلام، وتحمل هم هذا الدين فهنيئا لك لأن الله سيكفيك بقية الهموم.
وإن كنت توصلت إلى أن الهم الذي يسيطر عليك، وأن الأمر الذي تسعى إليه في حياتك هو هم وظيفة أم هم طلب رزق أم أي هم من هموم الدنيا.
فأقول لك البدار البدارَ قبل أن يصدق عليك حديث المصطفى :
(ومن تشعبت به الهموم في أحوال) من وظيفة وزواج وطلب رزق وبناء بيت.
(ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبالي الله في أي أوديتها هلك ).
أخي الكريم تسألني وتقول لي :
كيف أعرف أني أحمل هم الإسلام ؟
وأنا أسألك مرة أخرى عن أي شيء تفكر ؟
أسألك بالله عندما تضع رأسك على الوسادة ما هو الذي يسيطر على تفكيرك ؟
عندما تستيقظ من النوم ما الذي يشغل بالك ؟
عندما تسير في السيارة والأفكار تدور في خاطرك، ما هي هذه الأفكار ؟
بل أقول وأنت تصلي ما الذي يشغلك ؟ هل هي الصلاة وما فيها من آيات؟
أسألك هذا اليوم وقد استمعت إلى هذه الآيات العظيمة من سورة المائدة ، هل أنت معها متأملا متفكرا ؟ أم أنك لا تدرك إلا ركوعها وسجودها ولم تعقل منها شيء ؟
لماذا ؟ لأن الدنيا قد شغلت بالك، لأن هموما أخرى من هموم الدنيا قد أرقتك.
يا أخي الكريم إذا كنت عندما تضع رأسك على الوسادة تفكر في حال هذه الأمة.
إذا كنت يا أخي الكريم عندما تستيقظ تفكر في واقع هذه الأمة.
يا أخي الكريم عندما تسير في الطريق لا تفكر إلا في أحوال المسلمين .
عندما تجلس مع إخوانك حديثكم عن الإسلام وعن أحوال المسلمين.
عندما تتحدث مع أولادك تتحدث عن تربيتهم وإعدادهم لأجيال قادمة ليقفوا أمام أعداء الله جل وعلا. إذا كنت كذلك فأنت فعلا تحمل هم الإسلام.
قالت زينب (رضي الله عنه) للرسول صلى الله عليه وسلم :
( يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال نعم إذا كثُر الخبث).
ولا أزكيكم على الله – لا أشك في طيبة كل واحد منكم، ولكن الطيبة وحدها لا تكفي.
الصلاح وحده لا يكفي، انظر ما الذي يحدثك الآن؟
ما الذي يشغل بالك الآن ؟
الناس يختلفون في هذه القضية:
هناك الكثيرون يسيطر على كيانهم أمور الدنيا كما ذكرت من طلب رزق، ومن وظيفة أو أولاد أو منصب أو دراسة أو طلب شهادة أو طلب جاه أو طلب سمعة.
الناس شتى (كل يغدو فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها).
فيا أخي الكريم هذا هو السؤال.
ويكفينا لو أنهيت المحاضرة على حد هذا السؤال لكفانا لقاء هذا اليوم لأهمية هذا الموضوع.
وهنا قلت لك أخي الكريم أنت أحد رجلين وأسأل الله أن تكون الأول، أن تكون ممن يحمل هم هذا الدين حقيقة وصدقا وواقعا.
أو – وأعيذك بالله من ذلك- أن الهم الذي تحمله هو هم أي هدف من أهداف الدنيا أو غاية من غايات الدنيا.
بعد ذلك يأتي سؤال لا بد منه وهو:
هل يعنى هذا أن لا نحمل هم وظيفة ؟
ولا نحمل هم طلب الرزق ؟
ولا نحمل هم الزواج ؟
أخشى أن يتعجل متعجل من الحماس ومن الخير وقد يكون الآن يعد العدة للزواج بعد رمضان فيقول مادام هذا يصادم الهم الأول إذا أنا لن أتزوج.
ويأتي أخر فيقول أنا اليوم أدرس والحمد لله وأريد الشهادة، إذا هذا يتصادم مع حمل هم الإسلام، إذا لا أريد الشهادة وينسحب من جامعته ومن دراسته.
وثالث أخشى أن يقدم استقالته من وظيفته.
فالسؤال الذي لا بد منه هل يعني هذا أنه لا يجوز لنا أن نحمل هم هذه الهموم ؟
وأقول لا، ليست هذه هي القضية.
قلت لكم ما الهم الذي تحمله ؟ أي ما الهم رقم واحد ؟ ومعنى ذلك أن هناك عدة هموم.
ليست المشكلة – أخي الكريم – أن تحمل هم الزواج، أو أن تحمل هم بناء البيت أو أن تحمل هم طلب الرزق، أو أن تحمل هم طلب الوظيفة.
كل هذا يكون مشروعا في حالة واحدة فقط، إذا كان همك الأول هو هم هذا الدين، وهم هذه الأمة، وهم هذه العقيدة فكل الهموم التي تأتي بعد ذلك لا حرج عليك ولا تأثيم عليك – أخي الكريم -، لماذا ؟
لأنه ثبت علميا – انتبهوا لهذه القضية-
ثبت علميا وثبت من حيث الواقع ومن حيث التجارب أن الهم رقم واحد يسيطر على بقية الهموم.
فإن كنت تحمل الهم رقم واحد هو هم هذا الدين فإنه سيسيطر ويوجه هم الوظيفة وهم الزواج وهم طلب الرزق وهم بناء البيت إلى غير ذلك.
أما إن كان الهم رقم واحد من هموم الدنيا فإنه سيؤثر على هم الدين حتى لو كنت تحمل هم هذا الدين ولكن جاء بالمرتبة الثانية أو الثالثة أو الرابعة.
والأمثلة توضح هذه الحقيقة:
لنأخذ المثال عن رجلين، رجل يحمل هم هذا الدين ومع ذلك يحمل هم الوظيفة، يحمل هم طلب الرزق، يحمل هم الزواج، يحمل هم بناء البيت فكيف تكون النتيجة ؟
إذا كان يحمل هم هذا الدين فهو قطعا سيبحث عن الوظيفة التي تخدم دينه، ولو عرض عليه مثلا وظيفة مدرس وخّير بين مدرستان:
إحداهما قريبة من البيت ومريحة وسيعطى من الحصص قليلا ولكن ليس فيها مجال للدعوة إلى الله جل وعلا.
والأخرى بعيدة وتحتاج منه مشقة وقد يكون نصابه أكثر، ولكنه يجد أنها مجالا خصبا لتربية الأولاد، لتربية الأبناء، أو لتربية البنات إن كانت مدرّسة، وتحتاج منه إلى جهد وجهاد.
إن الذي يحمل هم هذا الدين سيختار المدرسة الثانية.
عند قضية الزواج مثلا، فالذي يحمل هم هذا الدين سيبحث عن الفتاة الملتزمة، الفتاة الصالحة، ولو جاءته أمه وقالت يا بني إني وجدت لك فتاة جميلة ومن عائلة كريمة ووضعها المادي مناسب ولكنها لم تلتزم بعد، سيقول:
لا يا أمي لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول : (فأضفر بذات الدين تربت يداك).
وتعرض عليه الثانية والثالثة والرابعة ولا يقبل إلا بذات الدين، حتى لو قالت له أمه في يوم من الأيام يا بني إني وجدت لك فتاة ملتزمة صالحة، ولكن قد لا تكون ذات نصيب كبير من الجمال، سيقول:
ليس الجمال مشكلة يا أمي فالذي يهمني هو هذا الدين فسيتزوجها.
أما الأخر الذي لا يحمل هم الدين فيريد في المرأة إما جمالا أو مالا أو حسبا أو نسبا، كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع، لمالها ولجمالها، ولحسبها ، ولدينها فأضفر بذات الدين تربت يداك ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
انظروا للذين تشعبت بهم الهموم حول هذا المثال.
نحن عرفنا أن الذي يحمل هم هذا الدين لن يتزوج إلا امرأة صالحة حتى ولو نقصت الأمور الأخرى، حتى ولو كانت قليلة المال، حتى ولو كان جمالها ليس بذاك الجمال لكن يهمه منه أمر الدين.
أما الأخر فلننظر:
هناك من الشباب من يبحث عن الجمال فقط، فتأتيه أمه أو يأتيه أبوه أو إخوانه فيقولون وجدنا لك فتاة ثرية وذات دين وحسب ولكن جمالها قليل، أي ليست قبيحة ولكنها ليست جميلة جدا، فيقول لا أريدها.
ثم يعرض عليه ويعرض عليه حتى يأتي يوم من الأيام فيقال له:
وجدنا لك فتاة جميلة جدا، ولكنها فتاة مغرورة، ولكنها فتاة قليلة الدين غير ملتزمة فيقول هذه التي أريد وتلتزم إن شاء الله فيما بعد. هذا أن كان يعنيه أمر الالتزام.
ارأيتم الفرق بين الاثـنين؟
وثالث يبحث عن امرأة موظفة فيعرض عليه من النساء من فيها من الجمال وفيها من الحسب وفيها من الدين لكنها ليست موظفة فيقول لا أريدها.
حتى إذا وجدوا له امرأة موظفة كما يريد حتى لو كانت قليلة الالتزام بالدين فيقبل بها.
لماذا لأن هدفه الأول ، ولأن همه الأول من هموم الدنيا ولم يكن هم هذا الدين.
حتى في قضية شراء البيت فالذي لا يهمه أمر دينه فتجده يركز على الأرض وعلى موقعها وعلى مساحتها وهل هي على شارعين أو على ثالثة أو على واحد ثم يشتريها.
أما الذي يهمه أمر هذا الدين فيسأل عن الجار، ويسأل عن الحارة، ويسأل عن الموقع، فإذا وجدها مناسبة اشتراها.
إذا أيها الأخوة، وصلنا إلى حقيقة معينة أنه ليست القضية وليست المشكلة أن تحمل هم الوظيفة ولا أن تحمل هم الزواج، بل يجب أن تحمل هم الزواج لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول :
(يا معشر الشباب من استطاع منكم البائة فليتزوج).
ولكن القضية ما هو الهم الذي يسيرك ؟
ما هو الهم الذي يسيطر على كيانك ؟
ما هو الهم الذي يؤرقك ليلا ونهار ؟
هذا هو السؤال وهذا هو الجواب.
ففتش عن نفسك، وتأمل في حالك وبادر قبل فوات الأوان.