المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة من القلب لكل قلب شاب وشابة



غيث الغيث
24-12-2002, 10:55 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل أن يضيع العمر

رسالة من القلب لكل قلب شاب وشابة

الحمد لله غافر الذنب وقابل التوبة شديد العقاب ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين

،،،أخي الحبيب : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :

اعلم أخي أن من التواد والتراحم بين المسلمين بث النصيحة ورفع لواء المحبة ومن ذلك توصية بعضهم بعضاً وقبولهم لها وشكرهم للواعظ لهم .

أخي .. بينما كنت أتصفح أحد المواقع فإذا بي ادخل على أحد الصفحات في أحد المواقع الإباحية … وإذا بي أجد الكثير من العبارات التي أقشعر منها جسدي سطرها أبناء الإسلام .. أحفاد الصحابة .. تحمل بين طياتها الآم ليس من بينها أمل واحد . ولكني عقدت العزم منذ أكثر من شهرين على كتابة رسالة لكل من وجدت بريده في هذه الصفحة .. كتبتها تبرئة للذمة ولعلها أن تكون رحمة لمن قرأها و أخذ بها يوم العرض على العزيز الجبار .

أخي الحبيب : أعلمُ أني سوف أطيل عليك في هذه الرسالة ولكني والله ما كتبتها إلىّ لخوفي عليك من النار .. فاحتسب الوقت الذي تقضيه في قراءتها عند الله عز وجل واحتمل قسوتي عليك فإنها والله شفقة مني عليك .

أخي فالله إننا نرى مؤامرة مفضوحة يريد أصحابها و أذنابها أن يفرضوا على المجتمعات المسلمة ما وصلت إليه المجتمعات الغربية الكافرة من انتكاس سحيق للفطرة. ونتيجة لهذا الأمر من مكر الله ، بل الكفر بمنهج الله ، ابتلى الله هذه المجتمعات الغربية الكافرة بهذه الأمراض الفتاكة الخطيرة التي وقفوا أمامها وقفة العاجز على الرغم مما وصلوا إليه في الجانب العلمي . وتحقق قول من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم إذ يقول : ( لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشت فيهم الأوجاع و الأسقام التي لم تكن في أسلافهم ) .

إن منهج الله لا يحارب دوافع الفطرة و لا يستقذرها إنما ينظمها و يطهرها و يرفعها عن المستوى الحيواني والبهيمي و يرقيها إلى أسمى المشاعر والعواطف ، التي تليق بالإنسان كإنسان و يقيم العلاقة بين الرجل و المرأة فقط على أساس من المشاعر النبيلة الرقيقة الراقية الطاهرة .

وهاهو الإسلام لا زال يعرض نفسه كمخلص للبشرية كلها من كل الأمراض والعلل لأن هذه الحياة البشرية من خلق الله ولن تفتح مغاليق فطرتها إلا بمفاتيح من صنع الله.

أخي ملايين الشباب فتنوا بالإنترنت وولعوا بها ولعاً شديداً ، حتى صرفتهم عن معالي الأمور ، ووجهتهم إلى الفساد والشرور المتنوعة .

وفي خاطري أسئلة كثيرة عن هذه الشبكة العجيبة :

فما لذي يستفيده هؤلاء الشباب من الإنترنت ؟

هل يستفيدون منها في الدعوة إلى الله ؟

هل يستفيدون منها في معرفة العلوم الشرعية النافعة ؟

هل يستفيدون منها في إعادة أمجاد الأمة ونشر ماضيها التليد ، والرد على الشبهات التي تثار حول الإسلام ؟

إن مجالات الاستفادة من الإنترنت كثيرة ، غير أن معظم الشباب لا يهتمون بتلك القضايا ، ولا تعنيهم تلك الأمور . والله أسأل أن لا تكون منهم .

إنهم يستخدمون الإنترنت في مشاهدة الصور العارية ، والمشاهد الفاضحة ، والبحث عن المواقع الإباحية ، التي تجعل الشاب أسيراً لغريزته البهيمية ، ضعيفاً أمام شهوته الحيوانية ، فتحرمه من أي عمل نافع مثمر ، وتحصره في دائرة ضيقة ، هي دائرة الغرائز و الشهوات . حتى تقضي عليه كليّاً . وبذلك يتحقق ما يخطط له أحفاد القردة والخنازير من إبعاد المسلمين عن دينهم وإغراقهم في الفتن والمغريات عبر أكثر من 400 ألف موقع لبث الدعارة والجنس من خلال تلك الشبكة .

وهكذا تضيع الأوقات النفيسة التي كان يمكن استغلالها في طلب المعالي ، بين مشاهدة صورة عارية أو إقامة علاقة قذرة بين شاب وفتاة ضائعين .

إن للصور الخليعة مخاطر نفسية و صحية على المراهقين و الشباب ، لأن تلك الصور تنطبع في ذهن الشاب وذاكرته حتى يألفها ، وتصبح لديه شيئاً عاديّاً .

والخطورة تظهر عندما يتذكر هذا المراهق تلك الصور و المشاهد التي طالعها عبر الإنترنت ، ويريد أن يشبع رغبته الجنسية بأي صورة ، فلا يجد أمامه إلا سبيل الانحراف ، فيسقط عن طريق الممارسة الخاطئة ، أو ممارسة العادة السرية ، التي يؤدي إدمانها إلى تدميره صحيّاً ونفسيّاً . وقد يصاب عن طريق الممارسات الخاطئة بالأمراض الجنسية الخطيرة .

وأعلم أن أغلب مدمني الإنترنت من الشباب قد أثر ذلك في مستواهم الدراسي ، فرجعوا إلى الوراء بعد أن كان بعضهم من المتقدمين دراسياً .

وأعلم أن إدمان الإنترنت يؤدي إلى حدوث صراع نفسي داخلي بين ما ترسخ في وجدان المدمن من قيم تربى عليها ، وبين هذه القيم الجديدة التي يتلقاها عبر الإنترنت.

أخي الحبيب : أيليق بالمسلم أن يأخذ من كلّ شيء أسوأ ما فيه .

أيليق بالشاب الفطن الذي يتعين عليه خدمة نفسه ودينه و أمته أن يكتفي من هذه التقنية الرهيبة بصورة عارية ومشهد فاضح يثير به غريزته ، بينما يستغل غيره من الشباب غير المسلمين تلك الشبكة في البحوث العلمية والعلوم الكونية و الاكتشافات الحديثة للوصول إلى مركز الصدارة و الريادة لهذا الكوكب .

ولن ننسى شباباً من امتنا يقضون جل أوقاتهم أمام هذه الشبكة ولكنهم سخروا أوقاتهم لخدمة هذا الدين في الدعوة إلى الله و الرد على الشبه التي تثار حول ديننا الحنيف .

أخي الحبيب هل نسيت الهدف الذي أوجدك الله لأجله في هذه الحياة ، وسرت وراء أوهام و خيالات لا حقيقة لها و لا فائدة من ورائها .

أيليق بالشاب المسلم أن يستخدم نعم الله عز و جل في معصيته و محاربته ؟

أين أنت من قوله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) .

أين أنت من قوله تعالى : ( هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون َ) .

ألا تستحي من ربك وخالقك وهو أقرب إليك من حبل الوريد ؟ ألا تعلم أن يوم القيامة قريب ، وسيظهر فيه ما كان مستوراً من فضائحك و أعمالك الخبيثة : ( وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) .

ألا تعلم أن الله يراك ، وهو مطلع عليك على أي حال كنت عليها : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاء ِ) .

اعلم أخي أن موت الفجأة مذموماً في الإسلام . أتدري لماذا ؟ . لأنه يباغت صاحبه ولا يمهله فربما كان على معصية فيختم له بالخاتمة السيئة .

لقد كان أحد كبار الصالحين دائماً ما يقول :

ويحي ، بأي شيء لم أعص ربي .. ويحي ! إنما عصيته بنعمته عندي.

ويحي ! إن حجبت يوم القيامة عن ربي ، لم يزكني ولم ينظر إلي ولم يكلمني ، فأعوذ بنور وجه ربي من خطيئتي ، وأعوذ به أن أعطى كتابي بشمالي أو من وراء ظهري ، فيسود به وجهي ، وتزرق به من العمى عيني . بل ويلي ! إن لم يرحمني ربي.

ويح لنا ما أغرنا .. ما أغفلنا .. ما أجهلنا .. ويح لنا إن ختم على أفواهنا ، وتكلمت أيدينا ، وشهدت أرجلنا .. ويح لنا حين تفتش سرائرنا .

سبحانك خالقي أنا الذي لم أزل لك عاصيا فمن أجل خطيئتي لا تقر عيني ، وهلكت إن لم تعف عني ، سبحانك خالقي بأي وجه ألقاك ؟ وبأي لسان أناطقك ؟ وبأي عين أنظر إليك ؟ وأنت قد علمت سرائر أمري ، وكيف أعتذر إليك إذا ختمت على لساني ، ونطقت جوارحي بكل الذي قد كان مني .

سبحانك خالقي فأنا تائب إليك ، فاقبل توبتي ، واستجب دعائي وارحم شبابي ، وأقلني عثرتي ، وأرحم طول عبرتي ، ولا تفضحني بالذي قد كان مني .

إذا كان هذا قول الصالحين فماذا يقول المقصرون من أمثالنا ؟؟!!

أخي حاسب نفسك قبل أن تحاسب ، و اعلم أن الإعراض عن الله سبب الهموم ، وأن "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" رواه ابن ماجه وغيره .

أخي الحبيب اعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه .

أخي قُم إلى الصلاة متى سمعت النداء مهما تكن الظروف . اتل القرآن ، أو استمع ، أو اذكر الله تعالى ، ولا تصرف جزءاً من وقتك في غير فائدة .

و لا تنسى أن كل إنسان يوم القيامة يسأل عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل فيه . قال تعالى : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) وقال تعالى : ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِين * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) . وأسباب الإجابة لهذه الأسئلة ، هي الإيمان الصادق ، والعمل الصالح ، وملازمة التقوى ، والتوبة النصوح و الاستغفار . فأعد لهذه الأسئلة جواباً صحيحاً عن طريق محاسبتك لنفسك فيما تقول وتفعل لتكون من الناجحين الفائزين . قال تعالى ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) .

أخي إليك هذه القصة لعلها أن تكون مشجعة لك على التوبة الآن وأنت تقرأ هذه الأسطر.

فقد روي أن رجلاً من أشراف أهل البصرة كان منحدراً إليها في سفينة ومعه جارية له ، فشرب يوماً و غنته جاريته بعود لها ، وكان معهم في السفينة فقير صالح ، فقال له: يا فتى ! تحسن مثل هذا ؟ قال : أحسن ما هو أحسن منه . وقرأ : ( قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً * أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ) . فرمى الرجل ما بيده من الشراب في الماء ، وقال : أشهد أن هذا أحسن مما سمعت ، فهل غير هذا ؟ قال : نعم فتلا عليه : ( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ) ، فوقعت من قلبه موقعاً ، ورمى بالشراب في الماء ، وكسر العود ، ثم قال : يا فتى ! هل هناك فرج ؟ قال نعم : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم ُ) . فصاح صيحة عظيمة ، فنظروا إليه فإذا هو قد مات رحمه الله .

يا غافل القلب عن ذكر المنيات عما قليل ستثوي بين أموات

فأذكر محلك من قبل الحلول به وتب إلى الله من لهو و لذات

أخي لماذا التسويف و الغفلة وأنت تعلم أن الموت يأتي بغتة (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْت) .

ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غاية كل حي

ولكـنـا إذا متنا بعـثنـا ونسأل بعده عن كل شيء

يا كثير السيئات غداً ترى عملك ، ويا هاتك الحرمات إلى متى تديم زللك ؟ أما تعلم أن الموت يسعى في تبديد شملك ؟ أما تخاف أن تؤخذ على قبيح فعلك ؟ واعجباً لك من راحل تركت الزاد في غير رحلك !! أين فطنتك و يقظتك وتدبير عقلك ؟ أما بارزت بالقبيح فأين الحزنُ ؟ أما علمت أن الحق يعلم السر والعلن ؟ ستعرف خبرك يوم ترحل عن الوطن ، وستنتبه من رقادك و يزول هذا الوسن .

قد مضى العمر وفات يا أسير الغــــفلات

حصّل الـــزاد و بادر مسرعاً قبل الفوات

فإلى كـــم ذا التعامي عن أمور واضحات

وإلى كم أنت غـارق في بحـار الظلمات

لم يكن قلبك أصــلا بالزواجر والعظات

بينما الإنسان يسأل عن أخيه قيـل مات

وتـراهــم حـمـلــوه سرعـة لـلفـلــوات

أهـله يبكـوا عــليـه حسرة بالـعـبــرات

أين ما قد كان يفخر بالجياد الصافـنات

ولــه مـــال جـــزيل كالـجبال الراسيات

سار عنها رغم أنف للقبور الموحشات

كم بها من طول مكث من عظام ناخرات

فاغنم العمر و بــــادر بالتقى قبل الممات

وأنب و أرجع وأقــلع من عظيم السيئات

واطلب الغفـران ممن ترتجى منه الهبات

اعلم أخي أن الدال على الشر كفاعله ، فمن منا يستطيع أن يحمل ذنوبه ، فكيف إذا اجتمعت ذنوب العباد علينا.يوم ننسى أننا كنا سببا في إظلال بعض العباد أو ساعدناهم على زيادة انحرافهم .

وبعد .. فلقد آن الأوان أن نفيئ جميعاً إلى منهج الله . إذ لا سعادة في الدنيا والآخرة إلا بالعودة إلى منهج الله بعد أن أحرقنا لفح الهاجرة القاتل ، وأرهقنا طول المشي في التيه و الظلام .

فاتق الله يا أخي ، وتوقف عن معصية ربك ، ولا يغرك شبابك وصحتك ، وكن طبيب نفسك ، وداو قلبك بعبادة ربك وذكره وشكره وتلاوة كتابه ، ولا تبع جنة عرضها السموات و الأرض بشهوة ساعة ، وعليك بالبعد عن الفتن ، والفرار منها فرارك من الأسد ، فإن السلامة لا يعدلها شيء ، والسعيد من وُعظ بغيره ، ثم أسأل ربك التوفيق والإعانة على سلوك سبيل التقوى و الاستقامة .

وأخيراً أردد مع مؤمن آل فرعون ( فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ).

والله الموفق وهو نعم المولى ونعم النصير وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

أخي أنا في انتظار ردك لعله يطفئ ناراً لا زالت مشتعلة في قلبي خوفاً عليكم وأمل في توبتكم


منقــــــول