عاشقة الورد
26-12-2002, 07:03 AM
تخرج من أفواهنا فيأ لحظات غضب أو تندّر أو شقاوة ألفاظ وكلمات مرفوضة اجتماعياً، ولكنها مقبولة بين الأحبة، تحت شعار: (بين الأحباب تسقط الاَداب). . مثل هذه الألفاظ تعد نوعاً من توابل الجلسات الحميمية، إلا أن تلفظها بوجود الأطفال يشكل اختراقاً دلالياً لشبكة مفرداتهم، وهم يمرون بأطوار تكوينهم الأولى، حتى إذا ما ولجت أذن الطفل وتلقفها، نزلت إلى أعماقه وتعامل معها إدراكه الغض على أنها ذات دلالات مثيرةلكي نوضح الأمر علينا ملاحظة وجود صنفين من هذه الألفاظ، أولها تلك التي تحمل دلالة فحشاء، والتي يجب أن تكون محرمة تماماً، لأنها تخدش الذوق وتعشش مثل جرثومة في وعي الحياء عند الطفل، فتثير لديه مقارنات خطرة للغاية على استقامته الأخلاقية، لأنها تزرع بذور الشك في الحقل القيَمي الذي تربى عليه. والنوع الاَخر ألفاظ الشتيمة والمداعبة السمجة.. فحين تقول الأم لابنتها إنك غير جميلة، أو إن فمك كبير، أو حين ينعت الولد بأوصاف الكلب أو الحمار، فإن شدة حساسية الصغير تضخم الأثر الدلالي للكلمة والنعت، وتجعله يشعر بأنه موضع توبيخ دائم، لأنه أقل من الاَخرين حظوة بالذكاء والجمال الإنساني.
يتعلق الأمر إذاً، بمعول يهدم ثقة الطفل بنفسه، ويحيله إلى متاهة في تقييم الذات وانتقاصها، وهي مشاعر تترك ندوباً واَثاراً نفسية، يؤدي تراكمها إلى زعزعة الاستقرار النفسي للطفل. . إن للكلمات الجارحة التي توجه للطفل طاقة تهديدية خطيرة، فمجرد انطلاقها من فم الأب أو الأم أو المربي تعني في نظر الصغير أن هناك فعلاً مؤذياً لابد أن يتبع عملية التلفظ، ما يثير لديه حالة الإنذار العصبي بكل مالها من تأثيرات سلبية جسدية ونفسية، ثم إن هذه الكلمات عادة ما تُنطق بصوت عال، وقد أثبتت الأبحاث التربوية أن ارتفاع صوت الكبير على الصغير يؤدي فوراً إلى رفع معدل ضربات القلب بشدة.
إن اعتماد الكلمات النابية كوسيلة لدفع الطفل إلى تغيير سلوك غير مرغوب به لا يؤدي إلا إلى نتائج معاكسة تماماً، ذلك أن اللغة ذات تأثير ساحر حقاً على العقول الغضة، لدرجة أن جرح مشاعر الطفل بكلمة لايحبها يدفعه إلى التمرد، أو إلى كبت هذا التمرد والإفصاح عن الكبت بتمرد من نوع اَخر. وأشد الكلمات وقعاً في نفس الطفل هي التي تعبر عن تحول حب الأبوين عنه إلى كره وبغضاء، فالطفل يفسر الأشياء بسهولة، وهو لا يدرك أن الحب ليس كلمات تقال، بل يعدها تعبيراً حقيقياً عن المشاعر، لذا فإن مثل هذا المنحى يؤدي إلى زرع بذور الشك في صدق مشاعر الأبوين نحوه.
ويلاحظ علماء نفس الطفولة وجود شبكة دلالية من الكلمات، وبخاصة تلك التي تستخدم في مخاطبة الصبيان من دون البنات، والتمييز بينهما، كأن يقال للطفل العاطفي إن الولد لايحق له البكاء، أو أن ينعت بالقوي الشجاع. . مثل هذه الكلمات لا خطر في استخدامها بين فترة وأخرى، إلا أن الإلحاح فيها يؤدي إلى نتائج عكسية تماماً، كما أن تهديد الأم لأبنائها بانتظار عقوبة الأب الذي سيعود مساءً له تأثير سلبي للغاية، ويثير دوافع الإذلال والخوف من المجهول، ويجب أن تكون العقوبة الموجهة لردع الطفل مرتبطة بما ارتكبه من فعل وليست موجهة إليه كشخص ... فانبهوا !!
مع تحياتي ..
عاشقة الورد
يتعلق الأمر إذاً، بمعول يهدم ثقة الطفل بنفسه، ويحيله إلى متاهة في تقييم الذات وانتقاصها، وهي مشاعر تترك ندوباً واَثاراً نفسية، يؤدي تراكمها إلى زعزعة الاستقرار النفسي للطفل. . إن للكلمات الجارحة التي توجه للطفل طاقة تهديدية خطيرة، فمجرد انطلاقها من فم الأب أو الأم أو المربي تعني في نظر الصغير أن هناك فعلاً مؤذياً لابد أن يتبع عملية التلفظ، ما يثير لديه حالة الإنذار العصبي بكل مالها من تأثيرات سلبية جسدية ونفسية، ثم إن هذه الكلمات عادة ما تُنطق بصوت عال، وقد أثبتت الأبحاث التربوية أن ارتفاع صوت الكبير على الصغير يؤدي فوراً إلى رفع معدل ضربات القلب بشدة.
إن اعتماد الكلمات النابية كوسيلة لدفع الطفل إلى تغيير سلوك غير مرغوب به لا يؤدي إلا إلى نتائج معاكسة تماماً، ذلك أن اللغة ذات تأثير ساحر حقاً على العقول الغضة، لدرجة أن جرح مشاعر الطفل بكلمة لايحبها يدفعه إلى التمرد، أو إلى كبت هذا التمرد والإفصاح عن الكبت بتمرد من نوع اَخر. وأشد الكلمات وقعاً في نفس الطفل هي التي تعبر عن تحول حب الأبوين عنه إلى كره وبغضاء، فالطفل يفسر الأشياء بسهولة، وهو لا يدرك أن الحب ليس كلمات تقال، بل يعدها تعبيراً حقيقياً عن المشاعر، لذا فإن مثل هذا المنحى يؤدي إلى زرع بذور الشك في صدق مشاعر الأبوين نحوه.
ويلاحظ علماء نفس الطفولة وجود شبكة دلالية من الكلمات، وبخاصة تلك التي تستخدم في مخاطبة الصبيان من دون البنات، والتمييز بينهما، كأن يقال للطفل العاطفي إن الولد لايحق له البكاء، أو أن ينعت بالقوي الشجاع. . مثل هذه الكلمات لا خطر في استخدامها بين فترة وأخرى، إلا أن الإلحاح فيها يؤدي إلى نتائج عكسية تماماً، كما أن تهديد الأم لأبنائها بانتظار عقوبة الأب الذي سيعود مساءً له تأثير سلبي للغاية، ويثير دوافع الإذلال والخوف من المجهول، ويجب أن تكون العقوبة الموجهة لردع الطفل مرتبطة بما ارتكبه من فعل وليست موجهة إليه كشخص ... فانبهوا !!
مع تحياتي ..
عاشقة الورد