شمس الورود
12-01-2003, 01:10 AM
ارحمـــــونا
وكان الأجدر في ظني أن يكون العنوان يايوسف هذا العصر تمسك
أحمد زين
--------------------------------------------------------------------------------
بينما يعمل على حاسوبه، كان يدير سورة يوسف، دخلت على هذا الصديق الذي ما زال في مرحلة الشباب، وبعد الترحيب والتحية، قلت ضاحكًا والمكر أكاد أشعر به يتقافز من عيني: يوسف؟؟!! حجة عليكم أيها الشباب!!
أجابني وكأنه كان جاهزًا للرد:
بل هي حجة لنا إن شاء الله.. ولذا أُكْثِر من سماعها…
ولأني أفهمه فقد قلت: وهل وصل كيد إحداهن إلى الكيد الذي وصفه الله سبحانه بأنه عظيم.
قال: كيد امرأة العزيز تقصد؟… أشرت برأسي: نعم.
وكأني حركت السيل الذي انهمر من علٍ.. أو نزعت قشرة البركان الذي يثور تحت الأرض ولا يراه أحد.. فقد اعتدل في جلسته وواجهني قائلاً: والله يا ليتها امرأة العزيز زليخة وكفى.. لكنها أصبحت في وقتنا الحالي امرأة العزيز.. وفتاة العزيز.. يواجهن يوسف كل يوم بأفيشات زليخة.. وسينما زليخة.. ومجلات زليخة.. وتلفاز زليخة.. وإعلانات زليخة.. وموضات زليخة.. وإنترنت زليخة…
يواجِهْنَنا بشراسة واندفاع امرأة العزيز في طلب الحرام والحض عليه..
يواجهننا بمنتهى الطينية التي جثمت على أنفاس ما تبقَّى من الحياء الفطري لامرأة العزيز فخنقته..
يواجهننا بكل المكر والدهاء الذي حاكته امرأة العزيز حين غلقت الأبواب.. وها هن يغلقن الأبواب الآن عن الحلال ويفتحن أبواب الحرام على مصارعها..!!
يجتمعن ويتشاورن ومن ورائهن شياطين الإنس أصحاب الموضات الجديدة، والصيحات الصارخة، ومشارط التجميل كما اجتمعت نسوة المدينة وهن يصحن حاشا لله ما هذا بشرًا، وتسول لهن أنفسهن المريضة أن يتكشّفن ويعرضن أنفسهن في بلادة حياء، ويراودن يوسف عن نفسه..
وكما قطعن أيديهن فإنهن اليوم يقطعن خصورهن ويشددن أجسادهن ويصممن أنوفهن حسب ما يرون في الكاتالوجات المخصصة لذلك بإشراف أساتذة التجميل!!.
يراودننا.. ويغلقن الأبواب.. ويقلن: هيت لك إن لم يتلفظن بها فبغمزات العيون ورقصات الخصور.. وانكشاف الأجساد.. وقليل من يصمد ويصبر يقول: "مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي…"، قليل من يحفظ الجميل فيهتف: "…إِنَّهُ رَبِّيْ أَحْسَنَ مَثوَاي"
حتى إذا انكشف سوء صنيعهن تلوَّن الجميع وغدرن بالبريء هاتفات: "مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوْءًا؟…"، وينادي الجميع… الشباب جائع غير مهذب الغريزة.. إنه شاب يعاني من كبت، والكل يهتف بيوسف: "أَعْرِضْ عَنْ هَذَا"، وأنتظر: "… وَاسْتَغْفِرِيْ لِذَنْبِك"، ولكن انتظاري يطول ويطول حتى يملني الانتظار.
وهكذا صيروا العفاف كبتًا، والفضيلة ضعفًا، وغض البصر خجلاً مذمومًا لا يليق برجال عصرنا!!
صحيح أن امرأة العزيز جاهرت: "وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوْنًا مِنَ الصَّاغِرِيْن"، لكنهم الآن لا يقفن عند هذا وإنما يعلنون في أنديتهم ومؤتمراتهم وتوصياتهم عن إباحة العلاقات كافة، وحرية الإجهاض، وانتهاك المحارم..
لَيْتَهُم اكتفوا بسعار الشهوة، وتكالب البهيمية على قلب امرأة العزيز حين أعلنت ذلك، لكنهم أضافوا إلى الجرأة على الحق خلق البيئة المناسبة للانحلال والاندحار الخلقي.
قلت لصديقي الشاب: لقد انفجرت يا فتى..
قال.. انفجرت لأني أرى وأسمع وأتكلم وأنتم يا كبار اكتفيتم بلومنا… وتوبيخنا ونعي أخلاقنا المتردية..!!
أرى (لَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِه) وأتوق لأن أسمع (فَاسْتَعْصَم)
أرى مراودة نسوة المدينة ولا أجد صدق يوسف في دعواه (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا يَدْعُوْنَنِي إِلَيْه…)
أرى (هَيْتَ لَك) وأكاد لا أرى (مَعَاذَ الله)..
أيحمل قلبك الغض كل هذا العتاب يا أخي؟
فماذا نفعل إذن؟
وقف وكأنه سيلقي بيانًا عسكريًّا، وقال بعد أن تنحنح: ارحمونا جميعًا.. يا مصممي الموضة، ويا أيها القائمون على وسائل الإعلام، ويا مخرجي الإعلانات، ويا مستخدمي الإنترنت، ويا أهل الفتيات الصالحات المؤمنات يا من تغالون في تزويج بناتكم، ويا أيها المجتمع الذي يؤخر سن الزواج، ويا أيتها التقاليد البالية، والعادات القبلية القميئة، أهتف بكم يا حزب أعداء الشباب:
ارحمونا… يرحمكم الله.
قلت له كما نصحتنا فلآخذ دوري: أهيب بالشباب والشابات معًا…
ارحمونا لا تجعلوا من "شأن من شئون الحياة" "شأن الحياة" لا تجعلوا من الجزء كلاًّ..
لا تحصروا أنفسكم في التفكير في مظهر حياتيّ يشترك فيه الإنسان والحيوان، وارتقوا بعقولكم، ولتتسع همومكم لتشمل قضايا حياتكم، مستقبلكم، مصير أمتكم، مصير قدسكم…
يا يوسف هذا العصر تمسَّك…
منقول
وكان الأجدر في ظني أن يكون العنوان يايوسف هذا العصر تمسك
أحمد زين
--------------------------------------------------------------------------------
بينما يعمل على حاسوبه، كان يدير سورة يوسف، دخلت على هذا الصديق الذي ما زال في مرحلة الشباب، وبعد الترحيب والتحية، قلت ضاحكًا والمكر أكاد أشعر به يتقافز من عيني: يوسف؟؟!! حجة عليكم أيها الشباب!!
أجابني وكأنه كان جاهزًا للرد:
بل هي حجة لنا إن شاء الله.. ولذا أُكْثِر من سماعها…
ولأني أفهمه فقد قلت: وهل وصل كيد إحداهن إلى الكيد الذي وصفه الله سبحانه بأنه عظيم.
قال: كيد امرأة العزيز تقصد؟… أشرت برأسي: نعم.
وكأني حركت السيل الذي انهمر من علٍ.. أو نزعت قشرة البركان الذي يثور تحت الأرض ولا يراه أحد.. فقد اعتدل في جلسته وواجهني قائلاً: والله يا ليتها امرأة العزيز زليخة وكفى.. لكنها أصبحت في وقتنا الحالي امرأة العزيز.. وفتاة العزيز.. يواجهن يوسف كل يوم بأفيشات زليخة.. وسينما زليخة.. ومجلات زليخة.. وتلفاز زليخة.. وإعلانات زليخة.. وموضات زليخة.. وإنترنت زليخة…
يواجِهْنَنا بشراسة واندفاع امرأة العزيز في طلب الحرام والحض عليه..
يواجهننا بمنتهى الطينية التي جثمت على أنفاس ما تبقَّى من الحياء الفطري لامرأة العزيز فخنقته..
يواجهننا بكل المكر والدهاء الذي حاكته امرأة العزيز حين غلقت الأبواب.. وها هن يغلقن الأبواب الآن عن الحلال ويفتحن أبواب الحرام على مصارعها..!!
يجتمعن ويتشاورن ومن ورائهن شياطين الإنس أصحاب الموضات الجديدة، والصيحات الصارخة، ومشارط التجميل كما اجتمعت نسوة المدينة وهن يصحن حاشا لله ما هذا بشرًا، وتسول لهن أنفسهن المريضة أن يتكشّفن ويعرضن أنفسهن في بلادة حياء، ويراودن يوسف عن نفسه..
وكما قطعن أيديهن فإنهن اليوم يقطعن خصورهن ويشددن أجسادهن ويصممن أنوفهن حسب ما يرون في الكاتالوجات المخصصة لذلك بإشراف أساتذة التجميل!!.
يراودننا.. ويغلقن الأبواب.. ويقلن: هيت لك إن لم يتلفظن بها فبغمزات العيون ورقصات الخصور.. وانكشاف الأجساد.. وقليل من يصمد ويصبر يقول: "مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي…"، قليل من يحفظ الجميل فيهتف: "…إِنَّهُ رَبِّيْ أَحْسَنَ مَثوَاي"
حتى إذا انكشف سوء صنيعهن تلوَّن الجميع وغدرن بالبريء هاتفات: "مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوْءًا؟…"، وينادي الجميع… الشباب جائع غير مهذب الغريزة.. إنه شاب يعاني من كبت، والكل يهتف بيوسف: "أَعْرِضْ عَنْ هَذَا"، وأنتظر: "… وَاسْتَغْفِرِيْ لِذَنْبِك"، ولكن انتظاري يطول ويطول حتى يملني الانتظار.
وهكذا صيروا العفاف كبتًا، والفضيلة ضعفًا، وغض البصر خجلاً مذمومًا لا يليق برجال عصرنا!!
صحيح أن امرأة العزيز جاهرت: "وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوْنًا مِنَ الصَّاغِرِيْن"، لكنهم الآن لا يقفن عند هذا وإنما يعلنون في أنديتهم ومؤتمراتهم وتوصياتهم عن إباحة العلاقات كافة، وحرية الإجهاض، وانتهاك المحارم..
لَيْتَهُم اكتفوا بسعار الشهوة، وتكالب البهيمية على قلب امرأة العزيز حين أعلنت ذلك، لكنهم أضافوا إلى الجرأة على الحق خلق البيئة المناسبة للانحلال والاندحار الخلقي.
قلت لصديقي الشاب: لقد انفجرت يا فتى..
قال.. انفجرت لأني أرى وأسمع وأتكلم وأنتم يا كبار اكتفيتم بلومنا… وتوبيخنا ونعي أخلاقنا المتردية..!!
أرى (لَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِه) وأتوق لأن أسمع (فَاسْتَعْصَم)
أرى مراودة نسوة المدينة ولا أجد صدق يوسف في دعواه (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا يَدْعُوْنَنِي إِلَيْه…)
أرى (هَيْتَ لَك) وأكاد لا أرى (مَعَاذَ الله)..
أيحمل قلبك الغض كل هذا العتاب يا أخي؟
فماذا نفعل إذن؟
وقف وكأنه سيلقي بيانًا عسكريًّا، وقال بعد أن تنحنح: ارحمونا جميعًا.. يا مصممي الموضة، ويا أيها القائمون على وسائل الإعلام، ويا مخرجي الإعلانات، ويا مستخدمي الإنترنت، ويا أهل الفتيات الصالحات المؤمنات يا من تغالون في تزويج بناتكم، ويا أيها المجتمع الذي يؤخر سن الزواج، ويا أيتها التقاليد البالية، والعادات القبلية القميئة، أهتف بكم يا حزب أعداء الشباب:
ارحمونا… يرحمكم الله.
قلت له كما نصحتنا فلآخذ دوري: أهيب بالشباب والشابات معًا…
ارحمونا لا تجعلوا من "شأن من شئون الحياة" "شأن الحياة" لا تجعلوا من الجزء كلاًّ..
لا تحصروا أنفسكم في التفكير في مظهر حياتيّ يشترك فيه الإنسان والحيوان، وارتقوا بعقولكم، ولتتسع همومكم لتشمل قضايا حياتكم، مستقبلكم، مصير أمتكم، مصير قدسكم…
يا يوسف هذا العصر تمسَّك…
منقول