المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التمدن و التحضر



CBR1100xx
13-01-2003, 09:34 PM
داء الأمة

التاريخ: 11/29/2002 م




جريدة الرياض


تسرَّب تصورٌ لدى عدد من أهلنا أهل الإسلام مقتضاه: أنّ محاكاة الغرب في أفعالهم وخصائصهم وعموم مسالك حياتهم رمزٌ وعلامةٌ على التمدُّن والتحضر.
وهذا التصور عند التأمل ينبغي التفصيل فيه:
فهناك من مسالك الحياة التي تُبنى على التنظيم والترتيب واستثمار الطاقات والأوقات واحترام إنسانية الإنسان في عموم المجالات، فهذه دلالات حقَّة على التحضر، ثم هي ليست من خصوصيات المجتمعات الغربية، بل إنها مقتضى العقل السليم الذي وافق النصوص الشرعية الآمرة بذلك، وهي من السنن الكونية التي من أخذ بها عزَّ وتقوى، وحينذ فلا تثريب على من سلك هذه المسالك، بل هو محمود مشكور.
وهناك مسالك مختصة بالغرب مما يتصل بحياتهم المبنية على تحقيق المتع الجسدية بأي سبيل، ومما يتصل بنظرتهم العامة للحياة، والتي تقطع النظر عن الدين وما يُستمد منه من آداب، وهذا المسلك هو الذي وقع فيه كثيرٌ من أهلينا، فتجد من الناس من هو مقتنع بالنظرة المادية للحياة فيتعاطى الربا والميسر والمسالك (الحداثية) في الأدب والاقتصاد والسياسة، والتي تدعو إلى تخليص تلك المجالات من سلطان الشريعة بحجة مواكبة (إيقاع العصر) وتطوراته، وهكذا العادات الاجتماعية التي نشاهدها ونسمع عنها في الملابس والزينة وقصات الشعر والاحتفالات والاجتماعات والأعياد وغيرها والتي غزتنا ذكوراً وإناثاً.بل إن عدداً من هؤلاء المتأثرين باتوا ناقمين على كل ما يمت بهم بصلة إلى أي موروث ويدعون إلى الخروج عنه، وخاصة أن الغرب لهم اليوم موقف المنتصر المستبد.
وأمثال هذا الصنف الأخير على اختلاف مجالات تأثرهم وقعوا فيما حذر الله تعالى منه وحذر منه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. فقد قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} (المائدة: 51).
وقوله صلى الله عليه وسلم: "ولم يمنعوا زكاة أموالهم" وهذا اليوم حاصل، فلما قصر كثيرٌ من الأغنياء في زكواتهم واختزلوها، ومنعوها الفقراء حسرةً على الخلائق، فجوزوا بجنس صنيعهم: مُنعوا القطر من السماء، ولشدة جرمهم طال احتباس الخير من السماء "ولولا البهائم لم يُمءطَروا".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله" وهذا عام، فمنه ما هو حاصل من ترك الواجبات واقتحام المحرمات واستمراء ذلك والمجاهرة به، مع الانصراف عن العناية بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم علماً وعملاً، والركون إلى الكفار والوثوق بهم، فأورثهم ذلك ما هو مشاهد: "سلَّط الله عليهم عدواً من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم" حتى أخذوا الديار والأوطان والثروات، وفلسطين أكبر شاهد.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله" وهذا ما هو حاصل في بلاد المسلمين، إلا ما رحم الله، فحكَّموا القوانين الوضعية، واستحلوا محرمات قطعية التحريم، وأقصوا حكم الشريعة، إلا من بعض ما سموه (الأحوال الشخصية) فكانت العقوبة من الله: {إلا جعل الله بأسهم بينهم}، حتى أنه اليوم يوشك أن يكون عداء بعض البلاد الإسلامية لبعضها أشد من عدائها لأعدائها.
تلكم أصول مشكلات عالمنا الإسلامي، ولن يزال الأمر كذلك، بل ربما أسوأ، حتى يغيروا تلك المخالفات ويصححوا ما أخطأوا فيه: {ذلك بأن الله لم يكُ مغيراً نعمةً أنعمها على قومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم} (الأنفال: 53) {إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم} (الرعد 11).
ولن تكون العاقبة حميدةً في خضم ذلك إلا لتلك الفئة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك

أسد الحق
13-01-2003, 10:04 PM
جزاك الله خيرا و مشكوووور

مع تحياتى