المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة أحببتها وكانت أولى ثمراتي



meena
18-01-2003, 12:57 AM
عندما ينطفئ ضوء الشمس
مازالت قابعة في ذلك الركن المظلم ، تبكي لوحتها الفاتنة التي استحالت رمادا من دون سابق إنذار ، دوامة الخواطر السوداء تغرق شتات آمالها ، وكانت هذه النقطة حافة العالم و هاوية النهاية بالنسبة لها .
بدأت هذه الأحداث في بيت ينعم بالهدوء و الوئام ، حيث من الله على ذلك الشاب المكافح وزوجته الجميلة بطفلة صغيرة ولدت وهي في شهرها السابع فكانت ضئيلة الحجم ككف اليد ، كتب لها الجميع الموت قبل أن تولد لكن المولى كتب لها الحياة ، فكانت ثمرة صبر محبيها وهبة الخالق لأبويها وسميت " منة الله" .
و كما تلعب الصدف دورها في تشكيل حياة الفرد و هيكلتها فعلت في "منة" فإذا بعقد عمل مرتقب يصل لوالدها بعد أسابيع من ولادتها فيغيب الأب عن سماء العش الدافئ ، وتلحق به الأم التي حلمت بابنتها أميرة في قصر من الكريستال ، وبقيت "منة" التي كانت لا تعي ما حولها في أحضان جدها الذي ملأ قلبها الصغير بالحب والسعادة والصدق وغيرها الكثير من العواطف الجياشة و المبادئ الإنسانية البحتة ، وما أروعها من حياة ! تلك الأنامل الصغيرة تسطر بأروع خط آيات الرحمن ، ذلك العقل المتعطش للمعارف يسأل عن كل لفظة لتتسع مدارك ذلك الملاك الرقيق .
ذلك الصوت الناعم وتلك العيون اللامعة وذلك الضوء المنبعث من وجهها الجميل كانوا جميعا بلسما لقلب الأب الملتهب شوقا لضم زهرته الندية ، أما الأم فكانت لا تتوانى عن الشراء و الاقتناء و لم تيقن شدة حاجة ابنتها إلى ضمها و تدليلها عن تلك الدمى و الثياب و النقود التي لم ترد لحظة في خاطر فتاتها.
تسابق الأيام الريح فلا تكاد الطفلة تكبر حتى تصر الأم الغافلة على اجتثاثها من أرضها و انتشالها من بين ذراعي جدها ليدور حوار حزين بين الجد و الأم
الجد :لماذا تودين أن تذهب معك ؟
الأم : لأنها في هذه السن أكثر حاجة إلي .
الجد : يا ابنتي أقصرت في حقها
الأم : لا يا أبي لكن البنت تحتاج إلى امرأة تربيها .
الجد : و الغربة ؟
الأم : احتملتها لأجلها فلتحتملها لأجلي .
و بغض النظر عن الأسباب فإن النتائج الجسام هي المحور فقد اجتاحت الوحدة و الغربة ذلك الفؤاد الملتهب الذي التهمته ألسنة نيران الخوف و الشقاء ، أجل خوف و رهبة من كل ما هو جديد وغريب وغير مألوف و شقاء أخذ يكبر مع كل كلمة جارحة من لسان الأم التي لم يعجبها حال الفتاة ففي ذات يوم وجدت بين حاجيات ابنتها كتاب شعر فإذا بها تنهرها و تأخذ عليها بحجة التقصير في الدراسة و تمنعها من قرآءة الكتب التي تهواها ، ولم تكن تتقبل أي نقاش أو أي نقاش أو سؤال .
ومع أول عودة إلى تلك الجنة التي كانت نفس الطفلة تتوق لريح ترابها ، لبرودة نسيمها و لذلك الحضن الدافئ للجد الحنون ، شعرت الفتاة بضرورة العودة مع أمها وهذا بعد حوار دار مع الجد
الفتاة : جدي لا أرغب بالعودة مع أمي ؟
الجد : يا ابنتي أمك و أبيك لا يعملان إلا لأجلك و بالمقابل يجب أن تتحملي و تقدمي شيئا لهما.
الفتاة : هل أكون أنانية إذا تركتهما ؟!
الجد : احكمي أنت صغيرتي
وبعد هذا الحوار تولدت عندها قناعة بأن الحياة هناك لن تطول و أنها أيضا وجب عليها تقديم شيء لراحة والديها و خاصة أن جدها آثر الوحدة و الراحة مع نفسه.
ترعرعت الفتاة مع تلك المبادئ التي تشربها عقلها الذي بدأ ينضج ، فكونت علاقات حميمة في ذلك المجتمع الجديد الذي زرعت فيه ! فوقعت بكل سلاسة في نفس جميع معلماتها و زميلاتها و شاركت في الأنشطة الرياضية و الثقافية و الفنية و برعت في الشعر و الأدب ، ولكن مع كل ذلك فإن علاقاتها الإجتماعية كانت محدودة و سطحية حيث لم تكن الفرصة سانحة للتوغل في المجتمع و تكوين صلات وثيقة مع الناس.
أما في البيت فقد حسنت من علاقتها بأمها فكانت لا تضن بجهد في سبيل إسعادها و إرضائها و تحملت تقلبات مزاجها ، فلم تكن تعكر صفوها أو تكدر خاطرها ،و بالنسبة للأب المناضل فكانت لا تراه إلا قليلا مع ذلك فقد أثر بكفاحه و نضاله في شخصيتها حيث عدت نشاطه وهمته مثالا احتذت به في حياتها .
وبعد سنون الغربة الطوال جاء القرار الذي لطالما تاقت تلك النفس الرقيقة إليه " اليوم نذهب بلا عودة " قال الأب متحمسا ، فأجابت " بل اليوم نعود لنبقى " ارتسمت على الوجوه ابتسامة و تراقص قلب الصبية على أنغام الفرحة و الهناء المرتقب .
ومع هبوط الطائرة في المطار تسارعت دقات فؤادها ، نزلت لتبكي دموع الفرحة التي بللت الأرض الأرض التي سجدت لتقبلها و تشم ريحها ، و دخلت ذلك البيت الذي ضج بالمستقبلين من الأهل و الأقارب و الأصدقاء .
التحقت بالجامعة وهي مفعمة بالنشاط و الحيوية ،لا تعلم ما أخفاه لها القدر من أهوال و مصائب .
ها هي بمواجهة مجتمع مختلف عن ذلك الذي ألفته ،وفي بضع أيام استحال ذلك الأفق الوردي الذي لطالما حلمت أن تحلق فيه إلى سماء داكنة اللون ملبدة بالغيم و البرق و العواصف ،فأين هم؟ المشاعر! والعاطفة! و المبادئ!
أما الأولى ،فيال هول ما رأت ! لقد استحال ذلك النبع الدافئ الذي صوره في عينيها عقلها إلى جبل جليدي شاهق لا يذيبه دمع ولا حتى نار الحسرة التي أوقدت في جوفها ، فوقفت ذاهلة لما رأت فالناس قد تبلدت مشاعرهم و ما عادوا يحركون ساكنا لمأساة أو مصيبة تلم بغيرهم فأصبح الكل لاه بنفسه لا يسأل أحدهم عن مريضهم ولا يراعي أحد منهم جاره ، وغير ذلك الكثير مما زلزل أعماق نفسها ،لتهتز صورة الكون في عينها و تصبح مشوشة غير واضحة المعالم .
ويح العواطف الجياشة ! اين ذهبت؟! و منذ متى اختفت؟! أكنت في سبات عميق ؟! أم دفينة في قبر بعيد؟! صارت هذه التساؤلات تتنامى كأنها حديقة شائكة تكبر فتزداد أشواكها كما و حدة فنغرس في صميم روحها لتدمي قلبها ، وتغرق في مستنقع اللاإنسانية الذي أحاط بها من كل جانب،ذلك البيت الذي ضج منذ بضعة أشهر بالزوار لم تطأ قدم أحد عتبة بابه منذ ذلك اليوم ، حتى عند مرض والدها لم يأبه أحد بأحوالهم و لا حتى أعمامها، فتلك العواطف الجميلة من صداقة و أخوة و إيمان و غيرها الكثير من الأحاسيس التي كان فؤادها يعج بها رأتها تتلاشى جميعا و كأنها قطعة سكر تذوب فلا يعود لها أثر
وتلك الأخيرة التي توقف العاللم عندها ،المبادئ ، ذلك البرج العالي الذي لم يكن لمخلوق أن أن يهزه مخلوق أيا كانت قوته أو جبروته، أنت طويلا لرؤيته يتصدع و ينهار نصب عينيها ،فالصداقة و المصالح أضحتا وجهين لعملة واحدة ، الصدق! بحثت عنه طويلا و لكنه تاه أو ربما ذهب من غير عودة ، لا المشاعر و لا الصداقة و لا الحياة خالصة الصدق فكل يشوبه النفاق و الكذب و البطلان ، فحالت غمامة قاتمة بينها وبين الحق المجرد و الحقيقة الخالصة ،فلم تجد بين البشر من يكلمها بصدق أو يتحدث بلا تنمق و اصطناع ،حتى أعز أصدقائها ، أو من ظنتهم كذلك تجردوا من ثوب الإخلاص و الصدق و الحب لتظهر حقيقة بشعة تحت تلك الأقنعة التي غشت وجوههم، بالطبع إلا القلة القليلة التي كانت طبائعهم حقيقية لا زيف فيها، أما الأخلاق التي كانت حديثها و عملها و علمها و حياتها و زادها و شرابها شحت وكأنها بحيرة تعامدت عليها أشعة الشمس الحارقة فتضاءل حجمها و لربما بعد بضع سنين جفت مثل غيرها .
عند هذه النقطة وقفت ذاهلة ،لم تدرك في أي عالم هي ، أين هي ؟ إنها في بقعة تلبس فيه الذئاب أقنعة بشرية ، يحكمه قانون الغاب الذي لا يرحم ، تغشاه سحب اللاإنسانية و اللاأخلاقية و يعيش فيه أناس لو شبهوا بالحيوانات لكان تعظيما اهم فالحيوان يأبى أن يأكل لحم أخيه بينما ينهش أفراد هذا المجتمع بعضهم بعضا .

حق لها أن تبكي بدل الدموع دما فقد أصبحت الحياة بلا قيمة أو معنى أو هدف ، وتمزق جدار قلبها الصغير و انمحت معه تلك الصورة الجميلة الزاهية الألوان و هوى ذلك الملاك من قمة برج العاطفة و المبادئ السامي

ياسمين

قاصف نيويورك
18-01-2003, 10:10 AM
تبين الصج اختي .....ما فهمت شي ...

....شنو الهدف من هذي القصة اللي ما فيها ملامح ؟؟
شنو العبرة من هذا الكلام المسرود ؟؟