المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصص الأنبياء



أسد الحق
23-01-2003, 09:34 PM
السلام عليكم






المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد خير خلق الله وخاتم أنبيائه ورسله وبعد…
قال الله تعالى { نحن نقص عليك أحسن القَصَصِ بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين } وقال تعالى { لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب }
إليكم أعزائي القراء ما ذكر عن [ قصص الأنبياء عليهم السلام ] مأخوذة من القرآن الكريم والسنة النبوية ، وهذه القصص هي السيرة الحقيقية للوقائع والأحداث التي حدثت أمام أعين الناس وغيرت معالم تاريخ الأمم جميعاً ، ففيها العبرة والقدوة والمنهج الرباني الأمثل لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، وقد اعتمدت في كتابة هذه القصص على مرجعين أساسيين وهما
1- كتاب قصص الأنبياء للإمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير .
2- مجموعة أشرطة قصص الأنبياء للشيخ الدكتور طارق السويدان .
ولم أذكر في هذه القصص إلا الأقوال المتفق عليها من أهل العلم والمفسرين وتركت ما جاء في كتب الإسرائيليات ، وقد عمدت على التقليل من الآيات والأحاديث إلا ما لزم ذكره وذلك حتى أقدمها على شكل مجموعة قصصية متكاملة بتفسير الآيات وشرحها دون ذكر معظمها ، وما دعاني لكتابة هذه القصص عدة أمور وهي :
- تدبر القرآن الكريم وفهمه عند قراءته .
- أننا بحاجة ماسة في أيامنا هذه إلى قراءة تاريخنا الإسلامي والرجوع إليه .
- أخذ العبرة والعظة من القصص والإفادة منها .
- وصل الماضي بالحاضر لنكون على بينة فنتجنب مواطن الزلل .
- بيان أهمية إرسال الرسل لإرساء بنيان الدين وتصحيح مسيرة البشر .
فهذه قصص الأنبياء بين أيديكم أقدمها لكم وأدعوكم لقراءتها حتى نقف من خلالها على عدة محطات بداية من المحطة الأولى حيث بداية الخلق وانتهاء بالمحطة الأخيرة وهي بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
فأرجوا من الله العلي القدير أن يحفظ هذه الأمة وأن ينفع بهذه القصص كل من اطلع عليها ويجزي خيراً كل من ساعد على نشرها إنه سميع مجيب


مع تحياتى

أسد الحق
23-01-2003, 09:36 PM
السلام عليكم


ما قبل خلق البشر
هناك سؤال يتبادر للذهن وهو أين كان الله تعالى قبل خلق السماوات والأرض ؟ فقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : ( كان الله تعالى في فراغ ما فوقه هواء وما تحته هواء ) .
وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً ( إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فجرى بتلك الساعة بما هو كاتب إلى يوم القيامة ) .
وقال صلى الله عليه وسلم ( كتب الله تعالى مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء ) .
فيتبن أن أول ما خلق الله تعالى العرش على الماء ثم القلم ثم اللوح المحفوظ وكتب عليه ثم بدأ خلق السماوات والأرض وبعد ذلك تناوبت خلق المخلوقات ، وترتيب خلق المخلوقات في السماوات والأرض جاء فيها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال : خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق الجبال يوم الأحد ، وخلق الشجر يوم الاثنين ، وخلق المكروه ( الأذى والجراثيم والأمراض ) يوم الثلاثاء ، وخلق النور يوم الأربعاء ، وبث الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة ، وهو آخر خلق خلقه الله تعالى في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر والمغرب ) . ( وهذا يدل على أن اليوم يبدأ بالمغرب وينتهي بآخر ساعات العصر ، وليس كما يعتقد الآن أنه يبدأ من الساعة 12 ليلاً ) .
وقبل خلق آدم خلقت الملائكة وجاء ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم ( خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار وخلق آدم مما وصف لكم ) .
وبعد خلق الملائكة خلق الجن من مارج من نار أي من طرف اللهب .


مع تحياتى

أسد الحق
23-01-2003, 09:38 PM
السلام عليكم


1- قصة آدم عليه السلام
قبل خلق آدم عليه السلام كان الجن يعيشون في الأرض ففسقوا وأفسدوا فيها فبعث الله جنداً من الملائكة فقاتلوهم وطردوهم إلى جزائر البحار ، يقول العلماء عن الجن أعقلهم بعقل صبي بعشر سنين. وبعد أمد طويل وقبل خلق آدم حدث حوار بين الرب عز وجل والملائكة حيث خاطب الله الملائكة أني جاعل في الأرض خليفة ، فسألت الملائكة على وجه الاستكشاف والاستعلام لا على وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم قالوا : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء .. الآية ) كما أفسد الجن في الأرض ونحن نعبدك ولا نعصيك فهل قصرنا في عبادتك فقال الله تعالى ( قال إني اعلم ما لا تعلمون .. الآية )
فقالت الملائكة دعوا الله يخلق ما يشاء فلن يكون أكرم منا عند الله .
ومن أحاديث الرسول الكريم في خلق آدم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إن الله عز وجل خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض . فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك ، والسهل والحزن وبين ذلك ، والخبيث والطيب وبين ذلك .))

فخلقه الله بيده من تراب ثم بلّ التراب فجعل طيناً ثم بل الطين أكثر فصار طين لازب ، فخلقه في صورة بشراً ، فترك الطين حتى جف وصار صلصال أسود كالفخار ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( كان طول آدم ستون ذراعاً في سبع اذرع عرضاً ) ، فمرت الملائكة ففزعت منه لما رأوه وكان أشدهم منه فزعاً إبليس ، فكان يمر به فيضربه ، فيصوت الجسد كما يصوت الفخار يكون له صلصله ، فذلك حين يقول تعالى ( من صلصال كالفخار ) ويقول : لأمر ما خلقت ، ودخل من فيه وخرج من دبره وقال للملائكة : لا ترهبوا من هذا فإن ربكم صمد وهذا أجوف ، لئن سلطت عليه لأهلكنه ولئن سلط علي لأعصينه . وهذا يدل على أن الجن ليس فيهم جوف كالبشر . فلما بلغ الحين الذي يريد الله عز وجل أن ينفخ فيه الروح ، قال للملائكة : إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له ، فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح في رأسه عطس ، فقالت الملائكة : قل الحمد لله ، فقال : الحمد لله ، فقال له الله : رحمك ربك ، فلما دخلت الروح في عينيه نظر في ثمار الجنة ، فلما دخلت الروح في جوفه اشتهى الطعام ، فوثب قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلان إلى ثمار الجنة ، وذلك حين يقول تعالى ( خلق الإنسان من عجل ) ،

فمسح الله على ظهره بيمينه وأخرج منه ذريته فسجد الملائكة وقيل أن أول من سجد من الملائكة إسرافيل ،
إلا إبليس لم يسجد لآدم ، لأنه رأى نفسه أشرف من آدم فامتنع عن السجود ،

وهذا لا يدل على أن إبليس كان من الملائكة بل كان من الجن الصالحين فرفعه الله تعالى وجعله مع الملائكة في السماء إكراماً له في طاعته فهو لم يعصي الله قط ، فأخرجه الله من الجنة لامتناعه عن السجود وتكبره على آدم

وبذلك كان التكبر هو أصل المعاصي إلى يومنا هذا ، فقال إبليس لله أمهلني إلى يوم القيامة لا أموت فأمهله الله تعالى فقال إبليس سأجلس لهم في طرقاتهم وأغوينهم عن العبادة وهكذا بدأت عداوة الشيطان للإنسان إلى يوم القيامة .

ثم بين الله للملائكة شرف آدم عليهم حيث علمه الأسماء كلها وهي الأسماء التي يتعارف بها الناس ( إنسان ، دابة ، الأرض ، سهل ، بحر ، جبل ، جمل ، … الخ ) وعرض الله على الملائكة المخلوقات فقال أنبئوني بأسمائها إن كنتم تعلمون قالوا سبحانك لا علم إلا ما علمتنا ،ثم اخبر الله آدم أن ينبئ الملائكة بأسماء كل شيء ، فأخبرهم آدم وهذا يدل على أن بني آدم أكرم عند الله من الملائكة فكما ذكرنا سابقاً أن الملائكة قالوا دعوا الله يخلق ما يشاء فلن يكون منا أكرم عند الله . وخلق آدم وحيداً في الجنة فاستوحش

وفي يوم من الأيام وآدم كان نائماً أخذ الله من ضلعه وشكل منها حواء وبعد أن استيقظ آدم وجد امرأة بجانبه فقال من أنت ؟ فقالت امرأة فقال لما خلقتي فقالت لتسكن إلي ،

والملائكة شاهدت حواء وهي تحدث آدم فقالوا له من هذه فقال مخلوق فقالوا ما اسمها ( أرادوا اختباره ) فقال حواء ، وكانت حواء هي أجمل امرأة خلقت إلى يوم القيامة ، وكانوا مكسيين من أول ما خلقهما الله ولم يكونا عاريين ، وأذن لإبليس أن يوسوس لهما في الجنة ولم يؤذن له بدخولها بعد أن عصى ربه ، فبدأ إبليس يوسوس لهم حتى يأكلا من الشجرة التي منعهما الله منها وقال ما منعكما ربكما منها إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما أني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور ، فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوء عملهم وتعروا واستحوا وبدوا يضعون ورق من أشجار الجنة ففر آدم وناداه الله تعالى وقال يا آدم أتفر مني ؟ قال لا يا ربي ولاكن استحياء أن تراني عارياً ولعصياني لك ، وأول من أكل من الشجرة حواء وهي التي طمعت آدم بالأكل منها ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( لولا حواء لم تخن أنثى زوجها ) ، ( وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما أن الشيطان لكما عدو مبين ..الآية ) ، قالا ربنا ظلمنا أنفسنا ، ثم تاب الله عليه وقال اهبطوا من الجنة ولكم في الأرض مستقر إلى حين ، ونزل آدم إلى الأرض ومعه حواء وإبليس وقيل أنزله الله في الهند وحواء في مدينة جده وذهب يبحث عنها حتى اجتمعا في عرفات ، وكان يتحدث العربية ورزقهم الله الأولاد وذكر أنه كان يولد له في كل بطن ذكر وأنثى أولهم قابيل وأخته قليما وآخرهم عبد المغيث وأخته أم المغيث ، وأمر أن يزوج كل ابن أخت أخيه التي ولدت معه ، والآخر بالأخرى ، وهلم جراً ، ولم يكن تحل أخت لأخيها الذي ولدت معه وكانوا كلهم موحدين لله ، ونزل آدم من الجنة عالماً لكل شيء حيث علمه الله صناعة كل شيء ثم تكاثر الخلق وبدأت أول معصية على الأرض وهي قتل قابيل لأخيه هابيل ، وقيل في ذكر قصة قابيل وهابيل أن هابيل أراد أن يتزوج بأخت قابيل ، وكان أكبر من هابيل وأخت قابيل جميلة وأراد هو أن يتزوجها ولكنه محرم عليه ، وأمره آدم أن يزوجه إياها فأبى ، فأمرهما أن يقربا قرباناً وعلامة قبول القربان هو أن تأكله النار، فقرب هابيل جذعة سمينة ، وكان صاحب غنم وقرب قابيل حزمة من زرع من رديء زرعه ، فنزلت نار فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل ، فغضب ووسوس له الشيطان أن يقتله وقال له : لأقتلنك ، فقال : إنما يتقبل الله من المتقين ، فقتله بصخرة رماها على رأسه وهو نائم فشدخته وكانت أول جريمة على الأرض ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ولا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول ( قابيل ) كفلُُ من دمها ، لأنه كان أول من سن القتل ) . واحتار قابيل ماذا يفعل بأخيه وحمل جثة أخيه على ظهره وجلس يمشي حتى بعث الله غرابين ، فتقاتلا فقتل أحدهما الآخر ، فلما قتله عمد إلى الأرض يحفر له فيها ثم ألقاه ودفنه وواراه ، فلما رآه يصنع ذلك قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي ففعل مثل ما فعل الغراب فواراه ودفنه . وأصبح نادماً على ما فعله ولكنه لم يستغفر الله والتوبة الصادقة لا بد فيها من الاستغفار ، وهرب حتى لا يواجه أباه وعاش في السهول وبدأت تتناسل ذريته وانتشرت بينهم الفواحش ومخالفة شريعة آدم . وانقسم الناس صنفان أهل الشر مع قابيل وأهل الخير مع آدم وأولاده ، وحزن آدم على ابنه هابيل حزناً شديداً ، ثم ولدت امرأة آدم بغلام ودعت اسمه شيث ومعناه هبة الله وقيل أنه خلف لهابيل الذي قتله قابيل .

وفاة آدم عليه السلام
وعاش آدم 960 سنة وكان عمره ألف سنة وأخذ منها 40 سنة ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( لما خلق الله آدم مسح على ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة وجعل بين عيني كل إنسان علامة من نور فعرضهم على آدم فقال أي ربي من هؤلاء ؟ فقال الله تعالى ذريتك ، ومن بين هؤلاء رأى رجلاً فأعجبته العلامة التي بين عينيه فقال أي ربي من هذا ؟ قال الله تعالى هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود ، قال ربي وكم جعلت له من العمر ؟ قال الله تعالى 60 سنة ، فقال آدم أي ربي زده من عمري 40 سنة ، فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت فقال له آدم أولم يبقى من عمري أربعون سنة ؟ قال أولم تعطها لابنك داود ؟ فجحد آدم وجحدت ذريته ( ولذلك جحدت ذريته وصار فيها الإنكار ) ونسي فنسيت ذريته وخطئ فخطأت ذريته ) ولم يفعل آدم ذلك عمداً بل ناسياً . لما حضرت آدم الوفاة عهد إلى ابنه شيث وعلمه حسابات الليل والنهار ، وعلمه عبادات تلك الساعات ، وأنواع الصناعات وصار شيث يعلم قومه . وقيل إن آدم عليه السلام عند وفاته قال لبنيه إني اشتهي من ثمار الجنة ، فذهبوا يطلبون له ، فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه ، ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل ، فقالوا لهم : يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون ؟ قالوا : أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة ، فقالوا لهم : ارجعوا فقد قضي أبوكم ، فجاءوا فلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم ، فقال : إليك عني فإني إنما أوتيت من قِبلك ( أي انت التي جعلتني آكل من الشجرة ) فخلي بيني وبين ملائكة ربي عز وجل ، فقبضوه _ وكان ذلك يوم الجمعة _ وغسلوه وكفنوه وحنطوه وحفروا له ولحدوه وصلوا عليه ثم أدخلوه فوضأوه في قبره ثم حثوا عليه ، ثم قالوا : يا بني آدم .. هذه سنتكم ، وقد ماتت بعده حواء بسنة واحدة . وأخذ النبوة من بعده ابنه شيث ، وكان نبياً بنص الحديث ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( أن الله أنزل مائة صحيفة وأربع صحف ، على شيث خمسين صحيفة ) . وكان قوم قابيل الذين في السهول يعصون ويعملون الفواحش وكان نساءهم أكثر جمالاً من الرجال أما قوم شيث في الجبال فكان الرجال أكثر جمالاً من النساء ونزل رجل منهم إلى السهول ورأى النساء هناك في يوم كان قد اتخذه قوم قابيل عيد لهم وعاد وأخبر قومه فبدأوا يعصون شيث وينزلون إلى السهول لأن شريعة شيث تحرم اختلاط قومه مع قوم قابيل ولما نزلوا عندهم واختلاطهم معهم ظهرت الفاحشة ، وظل شيث يحاول أن يحافظ على ما بقي من الخير ويمنع اختلاط قومه مع قوم قابيل ولاكن الشيطان يوسوس وبدأ جماعة قابيل يكثرون وجماعة شيث يقلون إلى أن جاء إدريس عليه السلام .

مع تحياتى

أسد الحق
23-01-2003, 09:40 PM
السلام عليكم


2- قصة إدريس عليه السلام



وهو إدريس ابن يرد ابن مهلاييل ابن قينان ابن أنوش ابن شيث ابن آدم عليه السلام ، وكان أول بني آدم أعطي النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام . وقيل أنه أول من خط بالقلم ، وقد أدرك من حياة آدم 120 سنة ، وجاء في وصفه أنه كان تام القامة حسن الوجه مليح الشمائل طويل القامة عريض المنكبين ضخم العظام قليل اللحم براق العينين أكحلهما متأنياً في كلامه كثير الصمت ساكن الأعضاء ( هادئ ) إذا مشى قتّر نظره إلى الأرض كثير التفكر في ملكوت الله وفيه عبسه كأنه حزين وإذا اغتاظ ارتفع صوته ، وظل على شريعة شيث وبدأ يضيف إليها شرائع أخرى لأنه رسول ولما رأى الفساد والاعتداء على المؤمنين ينتشر شرع الجهاد فكان أول من قاتل في سبيل الله فجهز جيشاً من الخيول والمشاة وهجم على قوم قابيل وهزمهم وإدريس عليه السلام أثنى الله عليه ووصفه بالنبوة والصديقية قال الله تعالى : ( واذكر في الكتاب إدريس ، إنه كان صديقاً نبيا ، ورفعناه مكاناً عليا … الآية ) والمكان العلي هذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيه انه مر به وهو في السماء الرابعة .
وقيل سأل ابن عباس كعب ابن أبي عن الآية ( ورفعناه مكانا عليا ) فقال كعب إن الله أوحى إلى إدريس أني أرفع لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم فأحب أن يزداد عملاً فأتاه خليل له من الملائكة فقال : إن الله أوحى إلي كذا وكذا فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً ( لأن الأنبياء لا يموتون إلا بعد أن يستأذنهم ملك الموت ) ، فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء ، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدراً فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس ، فقال : وأين إدريس ؟ قال هو ذا على ظهري ، فقال ملك الموت : يا للعجب ! بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة فجعلت أقول ، كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض ؟! فقبض روحه هناك . هذا ما ورد في قصة إدريس عليه السلام



مع تحياتى

أسد الحق
23-01-2003, 09:41 PM
السلام عليكم



3- قصة نوح عليه السلام


هو نوح بن لامك بن متوشالح بن إدريس بن يرد بن مهلاييل بن قنين بن أنوش بن شيث بن آدم عليه السلام .
قال الله تعالى فيه ( إنه كان عبداً شكورا ) حيث كان يشكر الله على طعامه وشرابه ولباسه وشأنه كله . وقال الرسول صلى الله عليه وسلم فيه ( صام نوح الدهر إلا يوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحى ) . وقال رجل للرسول صلى الله عليه وسلم كم بين نوح وآدم ، قال ( عشرة قرون ) والقرن مائة سنة ولذلك بينهم ألف سنة كلها على الإسلام ثم انتشر الشرك .
ومضمون ما جرى بين نوح وقومه أنه كان هناك قوماً صالحين بين نوح وآدم وهم ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر وكان لهم اتباع يقتدون بهم فلما ماتوا قال الذين يقتدون بهم لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم فصوروهم بعمل تماثيل لهم وسموها بأسمائهم ولم تعبد هذه التماثيل بل كانوا على التوحيد فلما مات هذا الجيل وجاء آخرون غيرهم دب إليهم إبليس فقال : إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم . قال تعالى ( وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسرا … الآية ) ، فانتشر الفساد في الأرض وعم البلاء بعبادة الأصنام وصار هو الأصل ولم يصبح هناك موحد إلا نوح عليه السلام فبعثه الله تعالى ليدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك الأصنام . فدعاهم إلى الله بأنواع الدعوة في الليل والنهار ، والسر والإجهار ، بالترغيب تارة والترهيب أخرى ، وكل هذا لم ينجح فيهم بل استمر أكثرهم على الضلالة والطغيان وعبادة الأصنام ونصبوا له العداوة في كل وقت وأوان وتنقصوه وتنقصوا من آمن به وتوعدوهم بالرجم والإخراج ، فقد تعجبوا أن يكون بشراً رسولا، وكان يحكم قوم نوح ملك كافر فأمرهم جميعاً أن لا يسمعوا ولا يقابلوا نوح ولا يتركوا عبادة الأصنام فاتبعوا الملك وتركوا نوح ، ورأى الملك أن بعض الناس اتبعوا نوح ولاحظ الملك أن كل من اتبع نوح من الضعفاء والمساكين والفقراء فبدأ بحيلة وعرض على نوح وقال سنسمح للناس أن يكلموك وقد نؤمن بك ولاكن بشرط أن تطرد هؤلاء الضعفاء وتبعدهم عنك لأنهم رأوا من اتبعه بأنهم أراذلهم ، فأبى عليهم وقال لهم أنا عبدُُ رسول لا أعلم من الله إلا ما أعلمني به ولا أقدر إلا على ما أقدرني عليه ، ولا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله فمن ينصرني من الله إن طردتهم ، وقد تطاول الزمان والمجادلة بينه وبينهم وكانوا كلما انقضى جيل وصوا من بعدهم بعدم الإيمان به ومحاربته ومخالفته ومع هذه المدة الطويلة ما آمن به إلا قليل وفي رواية ما آمن به إلا عشرة ورواية أخرى ثمانين خلال 950 هي حياة نوح عليه السلام ، قال تعالى ( وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون … الآية ) وهذه تعزية لنوح عليه السلام في قومه أنه لن يؤمن أكثر ممن آمنوا ولا يسوءك ما جرى فإن النصر قريب والنبأ عجب عجيب ، فلما يئس نوح منهم ورأى أنه لا خير فيهم وآذوه وكذبوه دعا عليهم ( ربِ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارا ..الآية ) فأجاب الله دعوته ، فعند ذلك جاء الوحي من الله بأن يصنع السفينة ولم يكن يعرف نوح كيف يبنيها فنزل جبريل يعلمه كيف يبنيها وقدم الله تعالى أنه إذا جاء أمره وحل بهم بأسه الذي لا يرد عن المجرمين أن لا يسأل فيهم فإنه لعله تدركه رقة على قومه عند وقوع العذاب ، فبدأ نوح بغرس الشجر حيث أمره الله بذلك وانتظر الشجر مائة سنة ثم نجره في مائة أخرى وقيل في أربعين سنة ويأتي بالحديد ويجعله مسامير . فبدأ بصنع السفينة على جبل وكانوا يمرون عليه قومه ويستهزءون به ويقولون يا نوح صرت نجاراً بعد أن كنت نبياً لأنهم يستبعدون وقوع العذاب ، وكان طول السفينة ثلاث مائة ذراع من أذرع جد أبي نوح وهو آدم ( وتقدر حالياً بأكثر من كيلو واحد ) وعرضها خمسين ذراع وارتفاعها ثلاثين ذراعاً ، وكانت ثلاث طبقات كل واحدة عشرة اذرع وكل طبقة له باب ولها غطاء من فوقها مطبق عليها . وقد كان قد أمره الله تعالى بأنه إذا ظهرت العلامة التي أعطاها الله له - وهي أن يفور التنور ( وهو مكان صنع الخبز ) وكان في بيت نوح تنور - بأن يحمل معه من كل زوج اثنين من الحيوانات وسائر ما فيه روح من المأكولات وغيرها لبقاء نسلها ويحمل معه المؤمنين وأهل بيته , إلا من سبق عليه القول وأمره أن لا يراجعه فيهم لأنهم كفروا بالله ، فزوجته الكافرة التي ذكرت في القرآن فقد ماتت قبل الطوفان فأبدله الله بامرأة مؤمنة كانت في السفينة معه . وفي أحد الأيام بدأ الماء يخرج من التنور فذهب للسفينة ووجد الحيوانات مصطفة حول السفينة أتى بها الله بأمره ، وبعد أن ركب نوح ومن معه من الأولاد والدواب فتح الله أبواب السماء والأرض بماء منهمر وفجرت الأرض عيوناً فالتقى ماء السماء مع ماء الأرض فارتفع الماء على أعلى جبل في الأرض خمسة عشر متراً وعم جميع الأرض طولها وعرضها ولم يبق على وجه الأرض من الأحياء عين تطرف ولا صغير ولا كبير ، أما ( كنعان ) وهو ابن نوح فلم يركب مع نوح وكان بينه وبين السفينة مسافة فناداه نوح يا بني اركب معنا ، قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال نوح لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم فجاءت موجة عظيمة فبلعته وغرق ، فناشد نوح ربه في ولده وكان ذلك على وجه الإستعلام والاستكشاف فقال : إنك وعدتني بنجاة أهلي وابني من أهلي وقد غرق ، فأجيب بأنه ليس من أهلك أي الذين وعدت بنجاتهم فكان هذا ممن سبق عليه القول بأنه سيغرق بكفره حيث قال تعالى : ( وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم … الآية ) . فلا تنسَ يا نوح أن العقيدة هي الأساس فتاب نوح وطلب المغفرة من ربه ، ولما غرق كل من كفر بالله ولم يبق على الأرض أي شيء من الحيوانات والشجر ما عدا الحيوانات البحرية ، أمر الله الأرض أن تبتلع ماءها والسماء أن تقلع عن المطر فتناقص الماء ثم أمر الله نوحاً أن يهبط بالسفينة حتى استقرت على جبل الجودي وقيل هبطت في يوم عاشوراء ، حيث أرسل نوح حمامة ليرى هل جفت الأرض من الماء فترجع الحمامة ثم يرسلها وترجع وذات مرة أرسلها فلما عادت الحمامة وجد في فمها غصن زيتون وعلى أرجلها طين فعلم أن الأرض قد طوقتها الخضرة وعادت إليها الحياة .
وبعد أن نجا الله نوحاً ومن معه لم يجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلاً ولا عقباً فكلهم أصيبوا بالعقم حتى ماتوا سوى نوح عليه السلام قال تعالى : ( وجعلنا ذريته هم الباقين .. الآية ) فكل من على وجه الأرض من سائر أجناس بني آدم ينسبون إلى نوح وأولاده الثلاثة وهم : سام وحام ويافث وفي أولاد سام بياض وقليل من السمرة وفي أولاد حام سواد وشيء من بياض فأكثرهم من السواد وفي أولاد يافث الشقرة والحمرة . قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ولد لنوح : سام وحام ويافث ، فولد لسام العرب وفارس والروم والخير فيهم ، وولد ليافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير فيهم ، وولد لحام القبط والبربر والسودان ))
ومات نوح عليه السلام ودفن في مكة وفي رواية تقول أنه دفن بكرك البقاع بلبنان



مع تحياتى

ارض النار
24-01-2003, 01:36 AM
مشكوررررررررررررررررررررر;-) ;-) ;-) ;-) ;-)

أسد الحق
24-01-2003, 01:46 AM
العفو:)



4- قصة هود عليه السلام

وهو هود بن عبد الله بن رباح بن الجارود بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح عليه السلام ، وكان من قبيلة يقال لهم عاد بن عوص بن سام بن نوح وهي عربية ويسكنون الأحقاف باليمن بين عمان وحضر موت بأرض مطلة على البحر تسمى الشحر وكانوا يسكنون الخيام ذوات الأعمدة الضخام ويتفاخرون بها ، وهم عاد الأولى وكانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان ، وأصنامهم ثلاثة : صمدا وصمودا وهراً .
وعاد يتصفون بأنهم جفاة كافرين عتاة متمردين في عبادة الأصنام وكانوا ضخام الأجسام وهم المسيطرين على البشر في ذلك الوقت وقد كانوا أيضاً يبنون بكل مكان مرتفع بناء عظيماً هائلاً كالقصور ثم يعبثون ببنائها لأنهم لا حاجة لهم بها فهم يسكنون الخيام قال تعالى : ( أتبنون بكل ريع آية تعبثون .. الآية ) فلم يحمدوا الله على هذه النعم بل عاندوا الله وقالوا من أشد منا قوة ، فأرسل الله فيهم رجلاً منهم يدعوهم إلى الله وإلى إفراده بالعبادة والإخلاص له ، فكذبوه وخالفوه وتنقصوه ، فلما أمرهم بعبادة الله ورغبهم في طاعته واستغفاره ، ووعدهم على ذلك خير الدنيا والآخرة ، وتوعدهم على مخالفة ذلك عقوبة الدنيا والآخرة ، فقالوا له إن هذا الذي تدعونا إليه سفه بالنسبة إلى ما نحن عليه من عبادة الأصنام التي يرجى منها النصر والرزق ومع هذا نظن أنك تكذب في دعواك أن الله أرسلك ، فقال لهم هود إني رسول الله أبلغكم ما أرسلت به ، وهو في غاية النصح لقومه والشفقة عليهم والحرص على هدايتهم ولا يبتغي منهم أجراً ، بل هو مخلص لله عز وجل في الدعوة إليه والنصح لخلقه لا يطلب أجره إلا من الذي أرسله ، قال تعالى : ( يا قوم لا أسألكم عليه أجراً ، إن أجري إلا على الذي فطرني ، أفلا تعقلون … الآية ) . أي ما لكم عقل تميزون به وتفهمون أني أدعوكم إلى دين الحق ، فقال له قومه إنك لم تأت لنا ببينة خارقة تشهد لك بصدق دعوتك ولن نترك عبادة الأصنام بمجرد كلامك بلا دليل وإنّا لنظنك مجنون حيث أن بعض آلهتنا غضب عليك فأصابك في عقلك فاعتراك الجنون وهو قولهم : ( إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء .. الآية ) . فقال لهم : ( قال إني أُشهِد الله وأشهدوا أني بريء مما تشركون .. الآية ) ، فهو يتحداهم بقوله هذا ويتبرأ من آلهتهم وأنها لا تنفع ولا تضر وأنها جماد حكمها حكمه وفعلها فعله فإن كانت تضر وتنفع كما تزعمون فها أنا بريء منها فكيدوني ثم لا تنظرون فلا أبالي بكم جميعاً ، فإنما أتوكل على الله واعبده دون غيره ، وهذا دليل قاطع على أنهم على جهل وما يعبدون هو الضلال لأنهم لم يصلوا إليه بسوء ولا نالوا منه مكروهاً ، ولاكنهم أصروا على قولهم واستبعدوا وقوع العذاب وأنكروا قيام الأجساد بعد موتها حيث قالوا : ( إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين .. الآية ) ، ثم طلبوا من هود عليه السلام أن يأتيهم بالعذاب إن كان صادقاً حيث اعتقدوا أن كل ما جاء به أنه اختلاق من عنده ليصرفهم عن عبادتهم ، فقال لقد وقع عليكم بما قلتم غضب من الله فانتظروا عذاب الله الذي لا يرد . فعذبهم الله بالريح وبداية العذاب انه أصابهم الجدب والقحط واحتبس عنهم المطر ، فطلبوا السقيا فرأوا سحابة في السماء وظنوه سقيا رحمة فإذا هو سقيا عذاب ، فسخر الله لهم الريح سبع ليال وثمانية أيام حسوماً ، والحسوم أي الدائمة ، قال تعالى : ( وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم .. الآية ) فهي عقيم لأنها لا تنتج خيراً أما الريح المفردة لا تثير سحاباً ولا تقلع شجراً ، فلم تدع من عاد أحداً إلا أهلكته ولم تترك أي شيء أتت عليه إلا أهلكته قال تعالى : ( فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ..الآية) فشبههم بأعجاز النخل ( جذوع النخل ) التي لا رؤوس لها وذلك لأن الريح كانت ترفع الشخص في الهواء ثم تنكسه على رأسه فتشدخه فيبقى جثة بدون رأس. هكذا اهلك الله قوم عاد ولم يبقى إلا هود ومن آمن معه حتى مات عليه السلام ودفن بحضر موت 0


مع تحياتى:)

أسد الحق
24-01-2003, 04:01 AM
السلام عليكم


5- قصة صالح عليه السلام

صالح عليه السلام من أحفاد ثمود وهو صالح بن عبيد بن ماشح بن عبيد بن حادر بن ثمود بن عاثر بن أرم بن سام بن نوح وهو عربي ، وأرسله الله إلى ثمود وهي قبيلة مشهورة سميت نسبة إلى جدهم ثمود بن عاثر بن أرم بن سام بن نوح ، وكانوا عرباً من العاربة يسكنون الحجر الذي بين الحجاز وتبوك وكانوا بعد قوم عاد وتعلموا منهم الصناعة وكانوا ينحتون الجبال وأنعم الله عليهم ولكنهم عبدوا الأصنام ، فبعث الله فيهم نبياً منهم وهو صالح عليه السلام وكان حكيماً عاقلاً عالماً ومن أسرة كريمة شريفة ويرجعون إليه في مشورتهم ويتأملون أن يكون له شأن بينهم فلما طالبهم بالإيمان وعبادة الله وحده رفضوا وقالوا له ( قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجواً قبل هذا .. الآية ) أي نرجو أن يكون عقلك كاملاً قبل أن تدعونا لعبادة غير الأصنام ونترك عبادة آبائنا فدع عنك هذه العبادة ولا تدعنا إليها ، فقال لهم أنه عبد مرسل لا يمكن أن يترك دعائهم إلى عبادة الله ولو فعلت من يجيرني من الله فسأدعوكم إلى أن يفصل الله بيننا ، واستمر على دعوتهم وقال اعبدوا الله فهو الذي استخلفكم في الأرض من بعد عاد لتعتبروا من قصتهم وأباح لكم هذه الأرض تبنون فيها القصور ( وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين .. الآية ) أي حاذقين في صنعها وإتقانها فلم تشكروا الله عليها وتعبدوه دون غيره بل اتخذتم الأصنام آلهة من دون الله وإن لم تمتنعوا عن ذلك فإن الله سيعذبكم بما تفعلون ، فرفضوا وقالوا ( إنما أنت من المسحرين ..الآية ) أي مسحوراً لا تدري ما تقول في دعائك إيانا إلى إفراد الله بالعبادة وترك ما سواه ووصل بهم الأمر إلى أن بدأوا بطرده وأصبحوا يتشاءمون به ، فقال لهم افترضوا أني على حق والله تعالى آتاني النبوة وأنتم تأمروني بالمعصية ولو عصيته أخسر وأنتم ستخسرون ، فعندها تحدوه وطلبوا منه أن يأتي لهم بآية خارقة تدل على صدقه ، وهم حددوا هذه الآية حيث قالوا : إن أنت أخرجت لنا من هذه الصخرة ناقة وذكروا لها أوصافاً سموها ونعتوها وتعنتوا فيها ، فقال واحد منهم لابد أن تكون حامل بعشرة أشهر وقال الآخر لابد أن يكون لونها أحمر وقال الآخر لابد أن يكون صوفها كثير وقال أحدهم أن تكون ضخمة جداً أضخم ناقة رأيناها في حياتنا وقال الآخر لابد أن تكون ضخامتها بحيث هي تشرب من البئر يوم ونحن يوم ، فقال لهم النبي صالح عليه السلام : أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم على الوجه الذي طلبتم هل ستؤمنون بما جئتكم وتصدقوني فيما أرسلت به ؟ قالوا نعم ، فأخذ عهودهم ومواثيقهم عل ذلك ، فقام إلى مصلاه فصلى لله عز وجل ما قدر عليه ثم دعا ربه عز وجل أن يجيبهم إلى ما طلبوه ، فأمر الله تعالى تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة على الصفة التي طلبوها عظيمة ضخمة لم يروا من قبلها وحامل في الشهر العاشر ، واتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم ترعى حيث شاءت من أرضهم وترد الماء يوماً هي وابنها وهم يوم ، وكانوا يشربون من لبنها كفايتهم وكان يكفيهم جميعاً ، فلما عاينوها رأوا أمراً عظيماً ومنظراً هائلاً وقدرة باهرة ودليلاً قاطعاً وبرهاناً ساطعاً فانقسم الناس فقليل منهم آمن واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم وجحدوا الناقة ، ولما طال عليه هذا الحال اجتمع الملأ وقالوا هذه الناقة تحرمنا من الماء يوماً كاملاً وإذا مشت تفر منها الأغنام والإبل من ضخامتها واتفقوا على أن يعقروا الناقة ليستريحوا منها ويتوفر لهم ماؤهم فزين لهم الشيطان هذا العمل ، وكان الذي تولى قتلها قدار بن سالف بن جذع وكان فعله هذا باتفاق جميعهم ولهذا نسب الفعل إليهم كلهم ( فعقروا الناقة .. الآية ) وجاء بصاحب له وكان لهم مجلس خمر وفساد مع مجموعة من أصحابهم وكانوا تسعه كما قال تعالى ( وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون .. الآية ) وسعوا في القبيلة وزينوا لهم قتلها فأجابوهم إلى ذلك فانطلقوا يرصدون الناقة فكانت تنزل من الجبل وتشرب ثم تعود إلى الصخرة وفي طريقها أمر قدار أن يهجموا عليها فهجموا ولكنهم خافوا وهربوا من ضخامتها فضحك منهم قدار فتقدم إليها وضربها على رجلها فعقرها ( العقر هو كسر الرجل ) فسقطت على الأرض وهرب ابنها إلى الصخرة وتبعوه فأحاطوا به فرغا ثلاث مرات بصوت مرتفع فقتلوه ، وقدار هو أشقى الناس كما قال تعالى فيه ( إذ انبعث أشقاها ) واجتمع أهل القبيلة يقطعون لحمها ليأكلوه ، ثم قالوا : ( وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين .. الآية ) ولهذا قال لهم صالح : ( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام .. الآية ) أي غير يومهم ذلك فلم يصدقوه في هذا الوعيد بل لما أمسوا هموا بقتله وأرادوا أن يلحقوه بالناقة هو ومن معه ثم يجحدون قتله أن طالبهم أولياءه بدمه ، وعندما هموا بقتله أرسل الله على أولئك النفر الذين قصدوا قتله حجارة فأهلكتهم قبل قومهم وفر صالح هو ومن معه من الحجر وأصبحت ثمود في اليوم الأول وجوههم مصفرة كما أنذرهم صالح عليه السلام ، وبدأوا يبكون أول علامات الإنذار وفي اليوم الثاني أصبحت وجوههم محمرة وأصبحت في اليوم الثالث وجوههم مسودة وأخذوا يبكون ويصيحون وبدأوا يحفرون القبور وعرفوا أن الأمر حق وأن لا مفر منه وجاءهم العذاب وأول ما بدأ بالرجفة وبدأت الأرض تهتز فسقطوا على أرجلهم وما استطاعوا الوقوف ثم بدأت الصواعق تنزل عليهم وأخبراً الصيحة التي أهلكتهم أجمعين وبقيت آثارهم إلى اليوم في مدائن صالح تركها الله عبرة للناس ، فخاطبهم صالح عليه السلام بقوله أني اجتهدت في دعوتكم بكل ما أمكنني وحرصت على ذلك بقولي وفعلي ونيتي ولاكن سجاياكم لم تكن تقبل الحق ولا تريده فلهذا صرتم ما عليه انتم الآن من العذاب الأليم. وهاجر صالح عليه السلام ومن معه إلى فلسطين وسكن في الرملة ومات هناك ، هذا ما حل بقوم صالح عليه السلام .
والرسول صلى الله عليه وسلم لما كان في طريقه إلى غزوة تبوك مرّ على مدائن صالح فذهب بعض الصحابة فأخذوا الماء من آبار مدائن صالح وأخذوا أواني فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن تكسر الأواني وبكل طعام صنع من ماءهم أن يرمى وأمر في الحديث الصحيح يقوله ( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين )


مع تحياتى