المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ~ مستعمرة فرنسية في عاصمة الانجليز ~



(delpiero(king
27-01-2003, 06:00 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

من المثير حقا انه لو طرح سؤال في فرنسا عن افضل فريق فرنسي لهذا الموسم لما تردد احد في الاجابة: ارسنال الانكليزي. الجواب قاس ومرير، الا انه يحمل مواقف حقيقية، تعبر عن تراكمات من الفشل المتتابع الذي تعانيه النوادي في فرنسا، من جراء هجرة النجوم الى الخارج، وتسخير مواهبهم مع النوادي التي تعززت في البورصة الاوروبية، ومنها ارسنال، الذي يضم خيرة نجوم منتخب فرنسا، بقيادة المدرب الفرنسي ارسين فينغر. يعود تاريخ الغزو الفرنسي لملاعب كرة القدم في انكلترا، الى الاعوام الاخيرة من الثمانينات في القرن الماضي. فقد اقتحم النجم الشاب اريك كانتونا سحر الفوتبول الانكليزي. ومن ليدز يونايتد المحطة الاولى لكانتونا، كانت البداية الشيقة لمسيرته وصولا الى مانشستر يونايتد نادي النجوم الكبار، حيث بويع الفرنسي" ملكا" بلا تحفظ. وفي فترة لاحقة، كان نجم آخر يجرب حظه في الملاعب الانكليزية هو دافيد جينولا، الا انه لم يصب النجاح الذي حققه كانتونا. وفي ،1996 واثناء انهماك فرنسا بالإعداد لاستقبال مونديال ،1998 فوجئت اوساط كرة القدم الفرنسية بالمدرب ارسين فينغر يتخلى عن مهمّاته في نادي موناكو. وفي ايلول من ذلك العام، وصل فينغر الى عاصمة الضباب بعدما عمل فترة في اليابان، وكان يتعثر قليلا في التفتيش عن المفردات لازالة حواجز الحوار مع اللاعبين الانكليز وعدد من الهولنديين وفرنسي مغمور هو باتريك فييرا، الذي لم يحلم يوما بانه سيحمل شارة كابتن ارسنال .2003



هبوب العاصفة اثار قدوم فينغر عاصفة من المناقشات الداخلية ولم تخل من توجيه الانتقادات اللاذعة لادارة ارسنال ولم يتورع البعض عن ابداء السخرية استهجانا لجدوى التعاقد مع شخصية فرنسية (!) في وجود فائض من المدربين الانكليز. واعتبر فينغر "شخصية دخيلة" كونه اول مدرب اجنبي من خارج الجزر البريطانية، يتولى قيادة فريق انكليزي من وزن ارسنال. الا ان فينغر لم يتطفل على قدس اقداس الملاعب الانكليزية مجردا من الحصانة. ولم يدع اعتراضات الغلاة من الانكليز التقليديين تحجب عن المراقبين التقنية الفرنسية والمبادىء الكروية الحديثة، التي لا تمت بصلة الى قواعد المدرسة الانكليزية وملاعبها. وحمل الرجل الى ملعب "الهايبيري" التصميم الجديد لعلاقته مع الكرة الانكليزية، رغم ان هذا الموضوع كان شائكا وقتذاك. الا انه احتاط للامر، ولم يفتح لاحد مجال النيل منه. وتركز الجزء الاساسي من برنامجه في موسمه الاول مع ارسنال، على الحفاظ قدر المستطاع على اصول التقاليد الانكليزية وعراقتها، من حيث الاسلوب والسبل الواجب اتباعها للوصول الى قلوب الجميع من لاعبي الارسنال، خصوصا "الحرس القديم" منهم، وفي مقدمهم قلب الدفاع طوني ادامس، الذي امضى اكثر من 18 عاما مع الفريق اللندني. ولم يصادف فينغر معوقات، ما سهّل له الاندماج سريعا دون المساس بالخبرات والتقنيات التي اكتسبها اللاعبون مع المدرب الاسكوتلندي جورج غراهام، الذي اسهم في فوز ارسنال بكأس الكؤوس الاوروبية عام ،1994 وببطولة الدوري عامي 1989 و.1991 لذا اعتبرت استمرارية ارسنال فريقا متوهجا امرا حيويا بالنسبة الى فينغر، في بيئة لندنية خشي وقتذاك ان يستغل منافسوه فيها عدوانيتهم تجاهه. الا انه، كالنور الرقيق الذي يخترق الزجاج صبيحة يوم غشاه الضباب، استوعب الرجل ذو الملامح الجرمانية والمشاعر اللندنية، واعتاد الاجواء المثيرة للمتفرجين في المدرجات المتاخمة له. وتحصن بمعنويات عالية ازاء ما يرافق الدوري الانكليزي من احداث مثيرة ونتائج مفاجئة. ادخل مسحة فرنسية ناعمة على اجواء النادي اللندني، تمثلت بالاسلوب الهندسي الهادىء الذي برع فيه في موناكو واليابان. وكسر بذلك تقاليد الملاعب الانكليزية التي اعتادت في تلك الحقبة اقالة المدربين بعد كل موسم غير مثمر. وكان تواقا لمقارعة بقية المدربين في النوادي اللندنية والانكليزية.

الا انه تريث في كشف اوراقه، ولم يستعجل حرق المراحل اللاحقة بسرعة للوصول الى مبتغاه. علما ان العيون الجريئة كانت تسجل عليه كل مواقفه. الا انه كان شديد الرغبة في اجتياز هذا الرواق العظيم من الدوري الانكليزي، وفقا للقواعد والاصول التي تتوافق مع خياراته واهدافه. الحضور الفرنسي شعر فينغر بانه في حاجة الى طيف فرنسي يرافقه في ملعب "الهايبيري". ولم يتأخر في تشجيع نيكولا انيلكا وريمي غارد وجيل غريماندي على الانضمام الى ارسنال. ولحق بهم ايمانويل بوتي قادما من موناكو، وشكلوا مع باتريك فييرا مستوطنة فرنسية داخل النادي اللندني، تجددت سنة بعد اخرى، وتحولت مقرا دائما لاستطلاع القادمين الى انكلترا! وفي نهاية موسم 1997-1998 كوفىء فينغر بالثنائية الانكليزية الدوري والكأس، التي سبق لارسنال احرازها في 1971 و.1991 وفي عز الاحتفال ببطولة الدوري الانكليزي، اختير الاجنبي فينغر "مدرب العام". وبدءا من صيف ،1998 طغى اسلوبه على ما عداه، وغابت كليا المواقف الاعتراضية، لتحل محلها حقبة فينغر الحديثة على مختلف الاصعدة. وابدى اللاعبون ارتياحهم الى هذا الاسلوب فيما تساءلت ادارة ارسنال في سرها: ماذا نريد افضل من الثنائية في بادىء الامر؟ وشعر جمهور "الهايبيري" انه بات على موعد مع الانتصارات. لم يترك فينغر النوادي الفرنسية بعيدة عن اختياراته. وبدا كأنه في سباق مع النوادي الايطالية التي كانت ارتاحت بدورها الى التعامل مع النجوم الفرنسيين. فوضعها تحت المهجر والمراقبة، للكشف على كنوزها من اللاعبين المتفوقين في مونديال فرنسا ،1998 اذ كان يرى فيهم ضالته المنشودة. الا ان جوفنتوس سبقه الى اغراء دافيد تريزيغيه وتييري هنري وحظي بهما في تورينو. وشعر فينغر بخيبة موقتة، صبر على اثرها بضعة اشهر، وتمكن بعدها انتزاع تييري هنري وضمه الى الارسنال، والبسه القميص المميز في لندن ذا اللونين الاحمر والابيض والذي يعود الى .1886 في هذه الاثناء كان عدد من حرس ارسنال القديم يتأهب للرحيل، امثال لي ديكسون ومارتن كيون وادامس. ووجدها فرصة مناسبة للاتصال بالنجم الفرنسي روبير بيريس. ونجحت الاتصالات مع نادي مرسيليا، وانتقل على اثرها بيريس الى ارسنال ليحل محل الهولندي مارك اوفرمارس الذي انتقل الى برشلونة الاسباني، وليمهد الطريق امام سيلفان ويلتورد (بوردو) للانضمام الى الفرسان الفرنسيين في ارسنال. وتحول النادي اللندني في فترة جديدة مقرا دائما لنجوم منتخب فرنسا الفائزين عن جدارة بكأس الامم الاوروبية .2000 وفي الموسم التالي جهد فينغر ليتجاوز ارسنال غريمه مانشستر يونايتد. الا ان مطاردته ظلت عقيمة في الدوري، واحتل المركز الثاني في السنة الثالثة على التوالي. تميز اسلوب فينغر بالواقعية، ولم يتسرع يوما في اسقاط كلمات في الهواء. كان يعلم انه ليس وحيدا في عالم كرة القدم واذ شعر في موسم 2001-2002 بانه كلما اقترب من بطولة الدوري كانت رعشة تسري في انحاء جسمه كالتيار الكهربائي، شأن كل من يلامس النصر ويعيش ادق لحظاته النادرة، ايقن ان الدوري الانكليزي شارف نهايته، وانه ممسك بدفة الصراع على اللقب، وانه في الطريق الى انتزاع الثنائية للمرة الثالثة في تاريخ ارسنال. الجدار العالي شكل فينغر بداية التحولات الحديثة في صلابة النوادي الانكليزية التي نجحت في السنوات العشر الاخيرة، في استثمار ملايين الجنيهات الاسترلينية. وبات تعبيرا فريدا عن نجاح الاندماج التقني والاداري الكامل في فريق محترف واحد ومتجانس، يؤدي فعليا دور المحور الرئيسي في الكرة الاوروبية، جنبا الى جنب مع النوادي المقتدرة ذات الطموحات الاحترافية العريضة

كما مكن ارسنال من الاحتفاظ برؤية معينة للمستقبل، هي الفوز بدوري الابطال الاوروبي، التي شبهها بالجدار العالي. وامضى المدرب الفرنسي وقتا طويلا للوصول الى مباراتها النهائية. ورغم تمسكه بارادة فولاذية، فمن الواضح انه لم يسقط من حساباته المعادلة الصعبة التي عاناها في ارسنال، للوصول الى اللقب الاوروبي الاول. فالاحتفال بالكأس الثمينة يلزمه اجتياز جسر طويل وشاهق، دونه التنهدات والوقفات الحرجة! واذا كان الدوري الانكليزي، باعتراف الجميع، معقدا ومشرعا على مختلف الاحتمالات، فان التحدي الذي فرضه فينغر على نفسه، انما هو حصيلة انعكاسات مباريات كأس اوروبا، التي يعتبرها مدرب ارسنال الاكثر تعقيدا، والاسرع تطورا، والاثرى بين مثيلاتها في العالم. ينفرد ارسين فينغر باصالته المهنية المتصلة بالمنطق والتطور، ويواجه امتحانات عسيرة في انكلترا واوروبا. والسؤال: كيف سيخرج منها؟ الاستعراض المثير للفوتبول يحرج الجميع. ويبدو انه لا يزال في بداياته!

تحياتي للجميع
أتمنى ان الموضوع أعجبكم

الازوري1
27-01-2003, 06:06 AM
مشكور غلى الموضوع الرائع

لكن في الارسنال نجوم اخرين غير فرنسيين امثال سول كامبل وكانو وليونبرج و بيرجكامب واشلي كول و سيمان

NEDVED11
27-01-2003, 09:14 AM
صراحة موضوع أكثر من رائع، بل هو من أروع المواضيع التي شاهدتها منذ فترة طويلة، صراحة كلمة شكرا قليلة عليها :-)

فعلا اللاعبون الفرنسيون في الأرسنال تحديدا مبدعون بشكل يفوق كل تصور، وهم من أهم أسباب نجاحات الفريق وتميزه في المواسم الماضية :-)

ولكن مثلما ذكر أخوي الأزوري1، الإبداع في الأرسنال لا يقتصر على اللاعبين الفرنسيين وحدهم، إذ درج الأرسنال وما زال على جلب لاعبين رائعين إلى صفوفه بغض النظر عن جنسياتهم، ومن هؤلاء إنجليز وهولنديين وبرازيليين وأرجنتينيين وسويديين وآخرون.. :-)

وهذا هو سبب عشقي الشديد للأرسنال، وهو بالتأكيد من أروع وأفضل الأندية في العالم وخصوصا في الوقت الحالي، وأتمنى استمرارهم على هذا المنوال الجميل انشالله :-)

تحياتي لك مجددا يا أخوي (delpiero(king وشكرا لمواضيعك الشيقة والممتعة :-)
:cool: :cool:

~ The Gladiator ~
28-01-2003, 09:25 PM
مشكور على الموضوع