المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الـبـال تـوك PALTALK ( حـديـثُ الأصـدقـاءِ ) ... آدابٌ وأحـكـامٌ



MandN
03-02-2003, 01:23 PM
حديث الأصدقاء في البالتوك أداب واحكام
السلام عليكم ورحمة الله
بحث قيم لشيخنا عبدالله الزقيل وفقه الله،، رأيت ان يكون في منتدانا ليستفيد منه الجميع ،وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه،، وجزى الله خيراً شيخنا الفاضل على هذا البحث القيم
الـبـال تـوك PALTALK ( حـديـثُ الأصـدقـاءِ ) ... آدابٌ وأحـكـامٌ
الحمد لله وبعد ؛
فإن من نعم الله علينا أن سخر لنا سبل الدعوة إلى الله بوسائل تغني عن قطع المسافات الطويلة للذهاب والتنقل ، وقد جعلت هذه السبل العالم قريةً صغيرةً يمكن أن تقرب البعيد . وقد يكون مصداقا لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم .
‏عَنْ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ،‏ عَنْ النَّبِيِّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏قَالَ :‏ ‏يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ ، وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ ، وَيُلْقَى ‏‏الشُّحُّ ،‏ ‏وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛‏ ‏أَيُّمَ هُوَ ؟ قَالَ : الْقَتْلُ الْقَتْلُ .
رواه البخاري (1036 ، 7121) .
واختلف أهل العلم في معنى " تقارب الزمان " في الحديث على أقوال :
1 – أن المراد قرب يوم القيامة ، وحكاه القرطبي في التذكرة ( ص 645 ) ، والنووي في المنهاج (16/221) . وضعف هذا القول الكرماني فقال : " هذا كلام مهمل لا طائل تحته " .
قال الحافظ ابن حجر في الرد على الكرماني في الفتح (13/16) : ليس كما قال ، بل معناه قرب الزمان العام من الزمان الخاص وهو يوم القيامة , وعند قربه يقع ما ذكر من الأمور المنكرة .ا.هـ.
2 – أن المراد تقارب أحوال الناس في الشر والفساد والجهل ، وهو اختيار الطحاوي ، ذكره القرطبي والحافظ ابن حجر ، وجنح الحافظ أنه لا يناسب ما ذُكر معه من الحديث .
3 – أن المراد استلذاذ العيش عند خروج المهدي ، ذكره الخطابي في غريب الحديث (1/94) .
4 – أن الحديث محمول على ظاهره ويقع ذلك عند طلوع الشمس من مغربها ، ذكره مرعي بن يوسف نقلا عن أهل الحديث .
5 – أن المراد ما هو حاصل من تقارب ، وقطع المسافات البعيدة في الزمن القصير برا وبحرا وجوا . وهو قول محمد رشيد رضا في تفسير المنار (9/485) ، ووصفه بأنه أظهر من كل ما قالوه ، وأليق بكونه إخبارا عن غيب لا مجال فيه للرأي ، ووهم الأقوال الأخرى .
وذهب إليه الشيخ حمود التويجري – رحمه الله – في " إتحاف الجماعة " (1/497 – 498) .
والقطع من الشيخ محمد رشيد رضا أن رأيه هو الرأي الصحيح فيه نظر .
ولا مانع من أن يكون مراد النبي جميع الأقوال السابقة . والله أعلم .
نعود إلى موضوعنا ، وفي الآونة الأخيرة ظهرت وسيلة دعوية عظيمة النفع للدعاة إلى الله ألا وهي الشبكة العنكبوتية [ الإنترنت ] ، وحقيقة الأمر أن الشبكة العنكبوتية [ الإنترنت ] نعمة عظيمة من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى للدعوة إلى الله .
ومما في الشبكة العنكبوتية [ الإنترنت ] برنامج صوتي وكتابي وصوري يقال له : بال توك PALTALK ، ولعلنا نترجم البرنامج باللغة العربية فنقول : " حديث الصديق " أو " حديث الأصدقاء " . وقد ظهر هذا البرنامج في الآونة الأخيرة ونفع الله بهذا البرنامج في مجال الدعوة إلى الله الكثير الكثير ، وهذا لا يعني أن البرنامج لم يستغله أهل الفسق والمجون في نشر فسادهم ، بل حتى أهل الكفر والضلال استخدموه في نشر كفرهم وبدعهم .
وفي هذا الموضوع أريد أن أقف معه وقفة شرعية ، وقفة تجلي كثيرا من الأمور في ثنايا هذا البحث الذي أسأل الله أن يكون فيه النفع ، وأسأل الله التوفيق والسداد .
- حقيقةٌ لا بد من ذكرها :
وقبل الدخول في الموضوع أريد أن أبين حقيقة لا بد من معرفتها ألا وهي أن مثل هذه المستجدات في المجال الإعلامي سلاح ذو حدين ، إذ يمكن أن يستخدم في الخير ، وفي الشر ، وهذا البرنامج منها . فالسعيد من سخره في الخير ، والخاسر على عكسه .
- ما هو برنامجُ " حديث الأصدقاء " PALTALK ؟
أكتفي بوضع رابط موقع " أبو نواف " للتعريف ببرنامج " حديث الأصدقاء " ، فقد فصل تفصليا وافيا بخصوص هذا البرنامج .
http://www.palarab.com/paltalk.html
- آدابُ المحادثةِ في برنامجِ " حديث الأصدقاء " :
لو أردنا أن نُخَرِّج برنامج " حديث الأصدقاء " من ناحية شرعية لوجدنا أنه يدخل تحت باب آداب المحادثة ، لأنه في حقيقته برنامج محادثة بين أشخاص في مكان واحد وهو ما يسمى بالغرفة . ولنقف على هذه الآداب من خلال واقع برنامج " حديث الأصدقاء " .
- الأدبُ الأولُ :
هذا الأدب قد يكون له علاقة بآداب المجالس أيضا ألا وهو تحية الإسلام وهي " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " ، فإذا دخل المستخدم للبرنامج إلى غرفة من غرف " حديث الأصدقاء " ، وخاصة غرف أهل السنة فأول ما يبتدأ به حال الدخول السلام ، سواء كان كتابة أو عن طريق الصوت .
هذا الأدب الجميل يورث المحبة بين المؤمنين ، وتركه دليل على الجفاء والغلظة ، وذلك مما يورث البغضاء والنفرة .
‏عَنْ ‏‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏‏قَالَ :‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :‏ ‏لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ، أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ .
رواه مسلم (54) ، وأبو داود (5193) ، وابن ماجه (68) ، وأحمد (2/391) ، والبخاري في الأدب المفرد (980) .
والغرفة عند دخولها قد يكون فيها أخلاط من المسلمين والمشركين والنصارى وغير ذلك فلا بأس بالسلام عليهم ويكون السلام للمسلمين منهم ودليل ذلك :
‏عَنْ ‏عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ‏‏أَنَّ ‏‏أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏‏أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ ‏قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ ‏، ‏وَأُسَامَةُ ‏‏وَرَاءَهُ يَعُودُ ‏‏سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ ‏ ‏فِي ‏بَنِي حَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ‏‏قَبْلَ وَقْعَةِ ‏‏بَدْرٍ ‏‏فَسَارَا حَتَّى مَرَّا بِمَجْلِسٍ فِيهِ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ ،‏ ‏وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ ‏‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ‏فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ ‏ ‏وَالْيَهُودِ ،‏ ‏وَفِي الْمُسْلِمِينَ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ ‏ ‏فَلَمَّا ‏غَشِيَتْ ‏‏الْمَجْلِسَ‏ عَجَاجَةُ ‏‏ الدَّابَّةِ ‏خَمَّرَ ‏‏ابْنُ أُبَيٍّ ‏ ‏أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ وَقَالَ : لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا ، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏عَلَيْهِمْ ... الحديث .
رواه البخاري (6207) ، ومسلم (1798) .
قال الإمام النووي في المنهاج (12/157) : ‏فِيهِ : جَوَاز الِابْتِدَاء بِالسَّلَامِ عَلَى قَوْم فِيهِمْ مُسْلِمُونَ وَكُفَّار , وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ .ا.هـ.
وإذا رد واحد ممن في الغرفة السلام عليك فهذا يكفي . وقد يدخل بعض أهل البدع فيكتبون أو يقولون : السلام على من اتبع الهدى . وهذه التحية لا تقال إلا للكفار ، وهم يعتقدون كفر أهل السنة .
- الأدبُ الثاني :
قال تعالى : " وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا " [ البقرة : 83 ]
تذكر أخي الداخل على غرف " حديث الأصدقاء " هذه الآية .
يقول الإمام القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (2/13) : وَهَذَا كُلّه حَضّ عَلَى مَكَارِم الْأَخْلَاق , فَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَكُون قَوْله لِلنَّاسِ لَيِّنًا وَوَجْهه مُنْبَسِطًا طَلْقًا مَعَ الْبَرّ وَالْفَاجِر , وَالسُّنِّيّ وَالْمُبْتَدِع , مِنْ غَيْر مُدَاهَنَة , وَمِنْ غَيْر أَنْ يَتَكَلَّم مَعَهُ بِكَلَامٍ يَظُنّ أَنَّهُ يُرْضِي مَذْهَبه ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ لِمُوسَى وَهَارُون : " فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا " [ طَه : 44 ] . فَالْقَائِل لَيْسَ بِأَفْضَل مِنْ مُوسَى وَهَارُون , وَالْفَاجِر لَيْسَ بِأَخْبَث مِنْ فِرْعَوْن , وَقَدْ أَمَرَهُمَا اللَّه تَعَالَى بِاللِّينِ مَعَهُ . وَقَالَ طَلْحَة بْن عُمَر : قُلْت لِعَطَاءٍ إِنَّك رَجُل يَجْتَمِع عِنْدك نَاس ذَوُو أَهْوَاء مُخْتَلِفَة , وَأَنَا رَجُل فِيَّ حِدَّة فَأَقُول لَهُمْ بَعْض الْقَوْل الْغَلِيظ , فَقَالَ : لَا تَفْعَل ! يَقُول اللَّه تَعَالَى : " وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا " . فَدَخَلَ فِي هَذِهِ الْآيَة الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَكَيْف بِالْحَنِيفِيِّ .ا.هـ.
فإذا أردت أن تتكلم فليكن القول حسنا جميلا ، وهو الأصل في التخاطب بين الناس .
وتذكر أن الكلمة الطيبة تُتقى بها النار كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم .
‏ عَنْ ‏عَدِيٌّ ‏‏سَمِعْتُ النَّبِيَّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏يَقُولُ : اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ .
رواه البخاري (6023) ، ومسلم (2/704) .
وتذكر أيضا هذه الآية : " وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا " [ الإسراء : 53 ] .
قال ابن كثير : يَأْمُر تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْده وَرَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُر عِبَاد اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا فِي مُخَاطَبَاتهمْ وَمُحَاوَرَاتهمْ الْكَلَام الْأَحْسَن وَالْكَلِمَة الطَّيِّبَة فَإِنَّهُمْ إِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ نَزَغَ الشَّيْطَان بَيْنهمْ وَأَخْرَجَ الْكَلَام إِلَى الْفِعَال وَوَقَعَ الشَّرّ وَالْمُخَاصَمَة وَالْمُقَاتَلَة ...ا.هـ.
لا تنسى هذا الأصل في التخاطب ، ولكن قد تحتاج إلى استعمال الكلمات اللاذعة والتي تكون في مقام الطبيب مع المريض ، ولا تكون ديدنا ودينا لك بل تتجه إليها عند الضرورات الملحة ، وبعد انتهاء الضرورة ترجع إلى أصلك السابق .
وإليك الأدلة :
يوسف عليه السلام قال لإخوانه : " فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ " [ يوسف : 60 ] .
وسليمان عليه السلام يقول : " مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ . لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ " [ النمل : 20 – 21 ] .
‏عَنْ ‏‏ابْنِ شِهَابٍ ‏قَالَ : أَخْبَرَنِي ‏‏سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ‏أَنَّ ‏‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ‏‏قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏يَقُولُ :‏ ‏لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا . ‏قَالَ : فَقَالَ ‏‏بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ :‏‏ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ . قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ‏عَبْدُ اللَّهِ ‏‏فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ وَقَالَ : أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ، ‏وَتَقُولُ : وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ .
رواه مسلم (1/327) .
قال الحافظ في الفتح (2/406) : وَأُخِذَ مِنْ إِنْكَار عَبْد اللَّه عَلَى وَلَده تَأْدِيب الْمُعْتَرِض عَلَى السُّنَن بِرَأْيِهِ .ا.هـ.
وقد يدخل إلى الغرفة ممن يدعون محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ويشتم ، ويلعن الصحابة ، أو العلماء ، أو طلبة العلم فما هو الواجب عليك في هذه الحالة ؟؟
هل ترد عليه بالمثل ؟؟
نقول : اسمع ماذا يقول ربك .
قال تعالى : " قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ " [ المؤمنون : 1 – 3 ] .
و قَالَ تَعَالَى" وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا " [ الفرقان : 72 ] .
وقال تعالى : " وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ " [ القصص : 55 ] .
قال ابن كثير : وَقَوْله تَعَالَى : " وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْو أَعْرَضُوا عَنْهُ" أَيْ لَا يُخَالِطُونَ أَهْله وَلَا يُعَاشِرُونَهُمْ بَلْ كَمَا قَالَ تَعَالَى : " وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا " " وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالنَا وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ سَلَام عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ " أَيْ إِذَا سَفِهَ عَلَيْهِمْ سَفِيه وَكَلَّمَهُمْ بِمَا لَا يَلِيق بِهِمْ الْجَوَاب عَنْهُ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَلَمْ يُقَابِلُوهُ بِمِثْلِهِ مِنْ الْكَلَام الْقَبِيح وَلَا يَصْدُر عَنْهُمْ إِلَّا كَلَام طَيِّب وَلِهَذَا قَالَ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ قَالُوا : " لَنَا أَعْمَالنَا وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ سَلَام عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ " أَيْ لَا نُرِيد طَرِيق الْجَاهِلِينَ وَلَا نُحِبّهَا .ا.هـ.
واحذر من اللعن ، ولا تعود لسانك كثرة اللعن ، واستمع ماذا يقول نبيك في اللعن .
‏عَنْ ‏‏زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ‏‏أَنَّ ‏‏عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ‏ ‏بَعَثَ إِلَى ‏‏أُمِّ الدَّرْدَاءِ ‏‏بِأَنْجَادٍ ‏‏مِنْ عِنْدِهِ فَلَمَّا أَنْ كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ قَامَ ‏‏عَبْدُ الْمَلِكِ ‏مِنْ اللَّيْلِ فَدَعَا خَادِمَهُ فَكَأَنَّهُ أَبْطَأَ عَلَيْهِ فَلَعَنَهُ فَلَمَّا أَصْبَحَ ‏‏قَالَتْ لَهُ ‏‏أُمُّ الدَّرْدَاءِ : ‏‏سَمِعْتُكَ اللَّيْلَةَ لَعَنْتَ خَادِمَكَ حِينَ دَعَوْتَهُ ‏‏فَقَالَتْ سَمِعْتُ ‏‏أَبَا الدَّرْدَاءِ ‏يَقُولُا :‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ : ‏لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
رواه مسلم (2598) .
بِأَنْجَادٍ : وَهُوَ مَتَاع الْبَيْت الَّذِي يُزَيِّنهُ مِنْ فُرُش وَنَمَارِق وَسُتُور .
قال النووي : ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهُمْ لَا يَكُونُونَ شُفَعَاء وَلَا شُهَدَاء ) ‏فَمَعْنَاهُ لَا يَشْفَعُونَ يَوْم الْقِيَامَة حِين يُشَفَّع الْمُؤْمِنُونَ فِي إِخْوَانهمْ الَّذِينَ اِسْتَوْجَبُوا النَّار , ( وَلَا شُهَدَاء ) فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال :
أَصَحّهَا وَأَشْهَرهَا : لَا يَكُونُونَ شُهَدَاء يَوْم الْقِيَامَة عَلَى الْأُمَم بِتَبْلِيغِ رُسُلهمْ إِلَيْهِمْ الرِّسَالَات .
وَالثَّانِي : لَا يَكُونُونَ شُهَدَاء فِي الدُّنْيَا أَيْ لَا تُقْبَل شَهَادَتهمْ لِفِسْقِهِمْ .
وَالثَّالِث : لَا يُرْزَقُونَ الشَّهَادَة وَهِيَ الْقَتْل فِي سَبِيل اللَّه .
وَإِنَّمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يَنْبَغِي لِصِدِّيقٍ أَنْ يَكُون لَعَّانًا , وَلَا يَكُون اللَّعَّانُونَ شُفَعَاء بِصِيغَةِ التَّكْثِير , وَلَمْ يَقُلْ : لَاعِنًا وَاللَّاعِنُونَ لِأَنَّ هَذَا الذَّمّ فِي الْحَدِيث إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ كَثُرَ مِنْهُ اللَّعْن , لَا لِمَرَّةٍ وَنَحْوهَا , وَلِأَنَّهُ يَخْرُج مِنْهُ أَيْضًا اللَّعْن الْمُبَاح , وَهُوَ الَّذِي وَرَدَ الشَّرْع بِهِ , وَهُوَ لَعْنَة اللَّه عَلَى الظَّالِمِينَ , لَعَنَ اللَّه الْيَهُود وَالنَّصَارَى , لَعَنَ اللَّه الْوَاصِلَة وَالْوَاشِمَة , وَشَارِب الْخَمْر وَآكِل الرِّبَا وَمُوكِله وَكَاتِبه وَشَاهِدَيْهِ , وَالْمُصَوِّرِينَ , وَمَنْ اِنْتَمَى إِلَى غَيْر أَبِيهِ , وَتَوَلَّى غَيْر مَوَالِيه , وَغَيَّرَ مَنَار الْأَرْض , وَغَيْرهمْ مِمَّنْ هُوَ مَشْهُور فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة .ا.هـ.
- الأدبُ الثالثُ:
لاشك أن المتكلم لابد للسامعين الإصغاء له ، ومن خلال الدخول على غرف " حديث الأصدقاء " عايشنا أمرا على العكس ، فلا نجد من يصغي للمتكلم إلا ما ندر ، ونرى أن المتكلم يتكلم ، والكتابة لا تنقطع على الجزء الذي ينشغل فيه المستمعون .
فهذا أدب ينبغي مراعاته في هذا البرنامج من قِبل المشرفين عليها في غرف أهل السنة ، والحث عليه ، بل قد تكون هناك محاضرة ، والكثير ممن في الغرفة لا يلقي لها بالا مما قد يؤثر على المحاضر من جهتين :
1 – عدم التحمس للمحاضرة عندما يرى المحاضر كثرة الكتابة ، والانشغال بها من المستمعين .
2 – ينشغل المحاضر بالكتابة ، فتشتت أفكاره ، بل قد ينشغل بالرد على ما يكتب .
فمن الأدب حسن الإصغاء لمن يتحدث ، والإقبال عليه ، وإبداء الأنس بحديثه .
وهذا حوار بين الرب جل وعلا وبين إبليس ، ففي هذا الحوار يستمع الرب – جل وعلا – إلى أعدى الأعداء إبليس ، والحوار تكرر في عدة مواطن من كتاب الله .
قال تعالى : " قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ . قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ . قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ . قَالَ إِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ . قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ . قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ" [ الأعراف : 11 – 18 ] .
وإليك هذا الحوار بين النبي صلى الله عليه والصحابي الجليل ضمام بن ثعلبة ، وكيف كان النبي صلى الله ينصت ، ويجيب ، ويعطي الفرصة لإبداء آرائه ؟
عَنْ ‏أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ‏‏يَقُولُ :‏ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏فِي الْمَسْجِدِ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ : أَيُّكُمْ ‏ ‏مُحَمَّدٌ ‏، ‏وَالنَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏مُتَّكِئٌ بَيْنَ ‏‏ظَهْرَانَيْهِمْ ‏‏فَقُلْنَا :‏ ‏هَذَا الرَّجُلُ الْأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ . فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : يَا ‏ابْنَ عَبْدِالْمُطَّلِبِ .‏ ‏فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :‏ ‏قَدْ أَجَبْتُكَ . فَقَالَ الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :‏ ‏إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلَا ‏‏تَجِدْ ‏عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ فَقَالَ : سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ . فَقَالَ : أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ أَاللَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ . فَقَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَاللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ . قَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَاللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنْ السَّنَةِ . قَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَاللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا . فَقَالَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏: ‏اللَّهُمَّ نَعَمْ . فَقَالَ الرَّجُلُ : آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي ، وَأَنَا ‏ ‏ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ ‏أَخُو ‏ ‏بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ .
أخرجه البخاري (63) .