المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جمع بعض الأحكام



moKatel
08-02-2003, 02:56 AM
السلام عليكم

هذه بعض الأحكام و التي كثير من الناس غفل عنها أسأل الله أن ينفعنا بها في الدنيا و الأخره .

1-حكم الإسبال للرجال


للشيخ / محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى

إسبال الإزار إذا قصد به الخيلاء فعقوبته أن لاينظر الله تعالى إليه يوم القيامة ولايكلمه ولايزكيه وله عذاب أليم ، وأما إذا لم يقصد به الخيلاء فعقوبته أن يعذب مانزل من الكعبين بالنار لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ثلاثة لايكلمهم الله يوم القيامة ولاينظر إليهم ولايزكيهم ولهم عذاب أليم : المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب )) ، وقال : (( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة )) فهذا فيمن جر ثوبه خيلاء وأما من لم يقصد الخيلاء ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ماأسفل الكعبين من الإزار ففي النار )) . ولم يقيد ذلك بالخيلاء ولا يتضح أن يقيد بها بناء على الحديث الذي قبله لأن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج )) أو قال (( لاجناح عليه فيما بينه وبين الكعبين وماكان أسفل من ذلك فهو في النار ومن جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه يوم القيامة )) . رواه مالك وأبوداود والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه ، ولأن العملين مختلفان والعقوبتين مختلفتان ومتى اختلف الحكم والسبب امتنع حمل المطلق على المقيد لما يلزم على ذلك من التناقض ، وأما من احتج بحديث أبي بكر رضي الله عنه فنقول له ليس لك حجة فيه من وجهين : الأول أن أبا بكر رضي الله عنه قال إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فهو رضي الله عنه لم يرخ ثوبه اختيالاً منه بل كان ذلك يسترخي ومع ذلك فهو يتعاهده. والذين يسبلون ويزعمون أنهم لم يقصدوا الخيلاء يرخون ثيابهم عن قصد ، فنقول لهم إن قصدتم إنزال ثيابكم إلى أسفل من الكعبين بدون قصد الخيلاء عذبتم على مانزل فقط بالنار ، وإن جررتم ثيابكم خيلاء عذبتم بما هو أعظم من ذلك لايكلمكم الله يوم القيامة ولاينظر إليكم ولايزكيكم ولكم عذاب أليم . الوجه الثاني أن أبا بكر رضي الله عنه زكاه النبي صلى الله عليه وسلم وشهد له أنه ليس ممن يصنع ذلك خيلاء فهل نال أحد من هؤلاء تلك التزكية والشهادة ؟ ولكن الشيطان يفتح لبعض الناس المتشابه من نصوص الكتاب والسنة ليبرر لهم ماكانوا يعملون والله يهدي من يشاء إلى الصراط المستقيم . اهـ




2-حكم الغناء و المزامير


وقد كثُرت الأقوال عن سلف هذه الأمة في النهي عن الغناء ، وإن كان من غير آلة موسيقية
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) قال : هو الغناء وأشباهه .
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : والله هو الغناء .
وقال رضي الله عنه : الغناء يُنبت النفاق في القلب .

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف ، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليه بسارحة لهم يأتيهم يعني الفقير لحاجة فيقولوا : ارجع إلينا غدا ، فيُبيّتهم الله ويضع العلم ، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة . رواه البخاري موصولاً وليس مُعلّقاً .
والعَلم هو الجبل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والآلات الملهية قد صح فيها ما رواه البخاري في صحيحه تعليقا مجزوما به داخلا في شرطه .

وقال الفضيل بن عياض : الغناء رقية الزنا .
وقال الخليفة يزيد بن الوليد : يا بني أمية إياكم والغناء ، فإنه يُنقص الحياء ويزيد في الشهوة ويهدم المروءة ، وإنه لينوب عن الخمر ، ويفعل ما يفعل السكر ، فإن كنتم لا بُدّ فاعلين فجنبوه النساء ؛ إن الغناء داعية الزنا . رواه البيهقي في شعب الإيمان .

قال خالد بن عبد الرحمن : كنا في عسكر سليمان بن عبد الملك فسمع غناء من الليل ، فأرسل إليهم بكرة فجيء بهم ، فقال : إن الفرس لتصهل فتسوق له الرمكة ، وإن الفحل ليهدر فتضبع له الناقة ، وإن التيس لينبّ فتسترمّ له العنز ، وان الرجل ليتغنى فتشتاق إليه المرأة ، ثم قال : اخصوهم ! فقال عمر بن عبد العزيز : هذا مُثلة ، ولا يحل ، فخلَّى سبيلهم . رواه البيهقي في شعب الإيمان .

قال ابن القيم رحمه الله : فالغناء يُفسد القلب ، وإذا فسد القلب هـاج في النفاق . اهـ .

ولا شك أنه إذا كان من خلال آلة موسيقية فهو أشـدّ في التحريم .

قال الإمام البيهقي - رحمه الله - : وان لم يداوم على ذلك ( يعني على الغناء ) لكنه ضرب عليه بالأوتار ، فإن ذلك لا يجوز بحال ، وذلك لأن ضرب الأوتار دون الغناء غير جائز لما فيه من الأخبار . ( يعني لما ورد فيه من الأحاديث ) .

والغناء والأغاني من الباطل .
ولذا لما سُئل القاسم بن محمد عن الغناء . فقال : أنهاك عنه وأكرهه . قال الرجل : أحرام هو ؟ قال : انظر يا ابن أخي إذا ميّـز الله الحق من الباطل . في أيهما يجعل الغناء ؟
يعني أنه يكون مع الباطل .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ولقد حدثني بعض المشايخ أن بعض ملوك فارس قال لشيخ رآه قد جمع الناس على مثل هذا الاجتماع ( مجالس السماع ) : يا شيخ إن كان هذا هو طريق الجنة فأين طريق النار ؟!!

قال الحليمي رحمه الله : وإنما خرج ذلك ( القول بتحريم الغناء ) لما فيه من الإغـراء بالحـرام ، فدخل في قوله تعالى : ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) انتهى .

وقال الإمام البيهقي – رحمه الله –
وروينا عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ترنمهم بالأشعار ، وهذا في الأشعار التي يكون إنشادها حلالا ويكون الترنّم بها في بعض الأحايين دون بعض ، فإن كان يُغني بها فيتخذ الغناء صناعة يؤتى عليه ويأتي له ويكون منسوبا إليه مشهوراً به ، فقد قال الشافعي رحمة الله عليه : لا تجوز شهادته ، وذلك أنه من اللهو المكروه الذي يُشبه الباطل ، وأن من صنع هذا كان منسوبا إلى السَّفه وسقاطة المروءة ، ومن رضي هذا لنفسه كان مستخفّـاً وإن لم يكن محرما بيّن التحريم . انتهى .

فإذا كان هذا في الغناء وحده دون آلة ، فكيف إذا كان بآلـة ؟؟؟

وإن كانت الأغاني تدعو إلى الجهاد أو كانت تدعو إلى فعل الفضائل أو فيها مدح للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فلم تكن معروفة عند السلف ، إنما عُرفت عند دراويش الصوفية .
ولا يُنال رضا الله بسخطه ، إنما يُنال رضا الله عز وجل بما يُحبه ويرضاه سبحانه وتعالى .
ولو كان الغناء محبوبا مرضياً لله عز وجل لسبقنا إليه وإلى التقرب به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام .
ولو كان يُـنشّط العزائم على الجهاد ونحو ذلك لسبقونا إليه .
إلا أن المشاهد أنهم كانوا يحرصون على التّقرّب إلى الله بأنواع الطاعات والقربات والكفّ عن المحرّمات ، حتى في الجيوش ، كما تقدّم عن سليمان بن عبد الملك – رحمه الله – وهو إنما سمع غناء من الليل في عسكره ، وقد همّ بأن يخصي أولئك الذين اشتغلوا بالغناء تلك الليلة .

وإن كانت في مدائح النبي صلى الله عليه وسلم فهي مُحدَثَة ، فإن الغناء والتّغني في مدحه صلى الله عليه وسلم لم يُعرف إلا بعد القرن الثالث الهجري .

وأي خير في إنسان ينسى سُنة النبي صلى الله عليه وسلم عاماً كاملاً ويذكره ويتغنّى به في ليلة واحدة ؟!
حاله كحال أولئك الغربيين مع أمهاتهم . يهجرونهن عاماً كاملاً ويزورونهنّ يوماً في السنة !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : التطريب بالآلات الملهية محرم في السماع الذي أحبه الله وشرعه ، وهو سماع القرآن ، فكيف يكون قربة في السماع الذي لم يشرعه الله ؟ وهل ضمّ ما يشرعه الله إلى ما ذمه يصير المجموع المعين بعضه لبعض مما أحبه الله ورضيه ؟؟

ولا يُمكن أن يجتمع حبّ القرآن ، وحبّ مزامير الشيطان .

قال ابن القيم - رحمه الله - :
حُبّ الكتاب وحُبّ الحان الغناء *** في قلب عبد ليس يجتمعان

ومما هو مشاهد محسوس معلوم
أن من استلذّ بسماع الأغاني لا يُمكن أن يجد حلاوة تلاوة كلام الله عز وجل .

نعم . قد تجتمع تلاوة القرآن مجرّد تلاوة مع سماع الغناء ، لكن سماع انتفاع وتلذذ لا يمكن أن يجتمعـا .

والغناء يصدّ عن سبيل الله ، ولذا لما ذكر الله الغناء – وهو لهو الحديث – قال :
( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) .
فتأمل قوله سبحانه ( لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) ثم تأمل قوله ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً ) تجد أن الغناء سبب في الصدّ عن سبيل الله ، وأن مُحب الغناء لا يُحب سماع كلام الله ، بل قد يستثقله .
وهذا أمر مُشاهد
فمحبّ الغناء لو كان يبحث عن الأغاني من خلال إذاعة وسمع القرآن فجأة فإنه ربما يتأفّـف منه !
فانظر إلى أثر الغناء على القلب .

والمُـشاهَـد أن الأغاني لا تدعو إلى مكارم الأخلاق ، ولا تدعو إلى الأخلاق الفاضلة
وإنما تدعو إلى العشق والغرام ، والحب والهيام .
وتشتمل على ذكر محاسن النساء والغلمان !
فأي خير فيها ؟؟؟

وقفـة وشُبهـة :
قد يدّعي أقوام أن الموسيقى الهادئة تُريح الأعصاب !

وليس الأمر كذلك ، فقد ثبّت طبيّاً أن النفس تجد الراحة في القرآن وليس في الغناء
وصدق الله ومن أصدق من الله قيلا ، ومن أصدق من الله حديثاً : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )

وقد يقول البعض : إن هناك من أفتى بأن سماع الغناء جائز !
فأقول : استفت قلبك !
إن أكثر الشباب الذين يستمعون إلى الغناء يتركون سماعه في نهار رمضان .
فعلى أي شيء يدلّ صنيعهم هذا ؟
يدلّ على أنهم يتحرّجون من سماعه أثناء صيامهم .
ولو اعتبروه مباحاً لما تركوه ! فتأمل هذا الفعل من مستمعيه ومُتّبعي فتوى الترخيص فيه !

وقبل فترة سألني أحد الشباب عن حُـكم الغناء ، وأن الشيخ فلان في فضائية من الفضائيات يُفتي بجواز سماعه !
فقلت : دعنا من الفتوى الآن !
ما تقول أنت ؟
وما تجد في قرارة نفسك ؟
هل إذ استمعت إلى الأغاني لا تجد حرجاً من سماعه ؟
وهل إذا استمعت إلى أغنية تكون كما تستمع إلى درس أو محاضرة ؟
قال : لا والله !
قلت : فالنبي صلى الله عليه وسلم قال : البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك ، وكرهت أن يطلع عليه الناس . رواه مسلم .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : الإثم حـوازّ القلوب .
أي أنه يبقى له أثر يحـزّ في القلب وفي النفس ، فلا ترتاح له النفس .

ونبي الله صلى الله عليه وسلم قد جعل لنا قاعدة ، ألا وهي :
دع ما يريبك إلى مالا يريبك . رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي .


--------------------------------------------------------------------------------

سؤال وجوابه :

لماذا الغناء يُنبت النفاق في القلب ؟؟

أورد ابن القيم – رحمه الله – هذا السؤال ثم قال :
فإن قيل : فما وجه إنباته للنفاق في القلب من بين سائر المعاصي .
قيل : هذا من أدلّ شيء على فقه الصحابة في أحوال القلوب وأعمالها ومعرفتهم بأدويتها وأدوائها وأنهم هم أطباء القلوب دون المنحرفين عن طريقتهم الذين داووا أمراض القلوب بأعظم أدوائها فكانوا كالمداوي من السقم بالسم القاتل ، وهكذا والله فعلوا بكثير من الأدوية التي ركبوها أو بأكثرها فاتفق قلة الأطباء وكثرة المرضى وحدوث أمراض مزمنة لم تكن في السلف . والعدول عن الدواء النافع الذي ركّبه الشارع وميل المريض إلى ما يقوي مادة المرض فاشتد البلاء وتفاقم الأمر وامتلأت الدور والطرقات والأسواق من المرضى ، وقام كل جهول يطبب الناس .
فاعلم أن للغناء خواص لها تأثير في صبغ القلب بالنفاق ونباته فيه كنبات الزرع بالماء .
فمن خواصِّـه :
أنه يلهي القلب ويصدّه عن فهم القرآن وتدبره والعمل بما فيه . فإن القرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبداً لما بينهما من التضاد .
فإن القرآن ينهى عن اتباع الهوى ، ويأمر بالعفة ، ومجانبة شهوات النفوس ، وأسباب الغيّ ، وينهى عن اتباع خطوات الشيطان .
والغناء يأمر بضد ذلك كله ويحسِّـنه ويهيّج النفوس إلى شهوات الغيّ ، فيُثير كامنها ويزعج قاطنها ، ويحركها إلى كل قبيح ، ويسوقها إلى وصل كل مليحة ومليح ... وهو جاسوس القلب ، وسارق المروءة ، وسوس العقل . يتغلغل في مكامن القلوب ، ويطلع على سرائر الأفئدة ، ويدب إلى محل التخيل فيُثير ما فيه من الهوى والشهوة والسخافة والرقاعة والرعونة والحماقة . فبينا ترى الرجل وعليه سمة الوقار وبهاء العقل وبهجة الإيمان ووقار الإسلام وحلاوة القرآن ، فإذا استمع الغناء ومال إليه نقص عقله وقلّ حياؤه وذهبت مروءته وفارقه بهاؤه وتخلى عنه وقاره وفرح به شيطانه . انتهى بطوله من كلامه - رحمه الله - .

ولا مزيد عليه يا إمام .
رحم الله ابن القيم برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته .

والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم .




3-حكم التدخين

للشيخ / محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى

أرجو من سماحتكم بيان حكم شرب الدخان والشيشة ، مع ذكر الأدلة على ذلك ؟

شرب الدخان محرم وكذلك الشيشة والدليل على ذلك قوله تعالى : (( ولاتقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً )) النساء : 29 ، وقوله تعالى : (( ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة )) البقرة : 195 ، وقد ثبت في الطب أن تناول هذه الأشياء مضر ، وإذا كان مضراً كان حراماً ، ودليل آخر قوله تعالى : (( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً )) النساء : 5 ، فنهى عن إتيان السفهاء أموالنا لأنهن يبذرونها ويفسدونها ولاريب أن بذل الأموال في شراء الدخان والشيشة تبذير وإفساد لها فيكون منهياً عنه بدلالة هذه الآية ، ومن السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لاضرر ولاضرار )) وتناول هذه الأشياء موجب للضرر ولأن هذه الأشياء توجب للإنسان أن يتعلق بها فإذا فقدها ضاق صدره وضاقت عليه الدنيا ، فأدخل على نفسه أشياء هو في غنى عنها . اهـ



4-حكم التصوير

لسماحة الشيخ / عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى

السؤال : ماقولكم في حكم التصوير الذي عمت به البلوى وانهمك فيه الناس ؟

الجواب : الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده

: أما بعد

فقد جاءت الأحاديث الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح والمسانيد والسنن دالة على تحريم تصوير كل ذي روح آدمياً كان أو غيره ، وهتك الستور التي فيها الصور والأمر بطمس الصور ولعن المصورين وبيان أنهم أشد الناس عذاباً يوم القيامة ، وأنا أذكر لك جملة من الأحاديث الصحيحة الواردة في هذا الباب ، وأذكر بعض كلام العلماء عليها ، وأبين ماهو الصواب في هذه المسألة إن شاء الله ؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : (( ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقاً كخلقي ، فليخلقوا ذرة ، أو ليخلقوا حبة ، أو ليخلقوا شعيرة )) لفظ مسلم ، ولهما أيضاً عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون )) ولهما عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ماخلقتم )) . لفظ البخاري. وروى البخاري في الصحيح عن أبي جحيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم ، وثمن الكلب وكسب البغي ، ولعن آكل الربا وموكله ، والواشمة والمستوشمة والمصور ، وعن ابن عباس رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح ، وليس بنافخ )) متفق عليه ، وأخرج مسلم عن سعيد بن أبي الحسن قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : إني رجل أصور هذه الصور فأفتني فيها ، فقال : ادن مني ، فدنا منه ، ثم قال : ادن مني ، فدنا منه حتى وضع يده على رأسه فقال : أنبؤك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفساً تعذبه في جهنم )) وقال : إن كنت لابد فاعلاً فاصنع الشجر ومالا نفس له . وخرج البخاري قوله (( إن كنت لابد فاعلا )) الخ ... في آخر الحديث الذي قبله ، بنحو ماذكره مسلم . اهـ



5-يعاني من الوساوس في ذات الله

الحمد لله
ما ذكر من جهة مشكلة السائل التي يخاف من نتائجها , أقول له : أبشر بأنه لن يكون لها نتائج إلا النتائج الطيبة , لأن هذه وساوس يصول بها الشيطان على المؤمنين, ليزعزع العقيدة السليمة في قلوبهم, ويوقعهم في القلق النفسي والفكري ليكدر عليهم صفو الإيمان , بل صفو الحياة إن كانوا مؤمنين.

وليست حاله بأول حال تعرض لأهل الإيمان, ولا هي آخر حال, بل ستبقى ما دام في الدنيا مؤمن. ولقد كانت هذه الحال تعرض للصحابة رضي الله عنهم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه : إنّا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به , فقال : ( أو قد وجدتموه؟). قالوا : نعم , قال : ( ذاك صريح الإيمان) . رواه مسلم وفي الصحيحين عنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول من خلق ربك؟! فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته ) .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فقال : إني أحدث نفسي بالشيء لأن أكون حممة أحب إلي من أن أتكلم به, فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة ). رواه أبو داود.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب الإيمان : والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان بوساوس الكفر التي يضيق بها صدره . كما قالت الصحابة يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به. فقال ( ذاك صريح الإيمان ). وفي رواية ما يتعاظم أن يتكلم به. قال : ( الحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة). أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له, ودفعه عن القلوب هو من صريح الإيمان, كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه, فهذا عظيم الجهاد, إلى أن قال : ( ولهذا يوجد عند طلاب العلم والعباد من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم, لأنه (أي الغير) لم يسلك شرع الله ومنهاجه, بل هو مقبل على هواه في غفلة عن ذكر ربه, وهذا مطلوب الشيطان بخلاف المتوجهين إلى ربهم بالعلم والعبادة , فإنه عدوهم يطلب صدهم عن الله تعالى ) أ.هـ المقصود منه ذكره في ص 147 من الطبعة الهندية.

فأقول لهذا السائل : إذا تبين لك أن هذه الوساوس من الشيطان فجاهدها وكابدها , واعلم أنها لن تضرك أبداً مع قيامك بواجب المجاهدة والإعراض عنها, والانتهاء عن الانسياب وراءها, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تتكلم ). متفق عليه.

وأنت لو قيل لك : هل تعتقد ما توسوس به ؟ وهل تراه حقاً؟ وهل يمكنك أن تصف الله سبحانه به ؟ لقلت : ما يكون لنا أن نتكلم بهذا , سبحانك هذا بهتان عظيم , ولأنكرت ذلك بقلبك ولسانك, وكنت أبعد الناس نفوراً عنه, إذن فهو مجرد وساوس وخطرات تعرض لقلبك , وشباك شرك من الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم, ليرديك ويلبس عليك دينك .

ولذلك تجد الأشياء التافهة لا يلقي الشيطان في قلبك الشك فيها أو الطعن , فأنت تسمع مثلاً بوجود مدن مهمةٍ كبيرة مملوءة بالسكان والعمران في المشرق والمغرب ولم يخطر ببالك يوماً من الأيام الشك في وجودها أو عيبها بأنها خراب ودمار لا تصلح للسكنى , وليس فيها ساكن ونحو ذلك , إذا لا غرض للشيطان في تشكك الإنسان فيها ولكن الشيطان له غرض كبير في إفساد إيمان المؤمن , فهو يسعى بخيله ورجله ليطفئ نور العلم والهداية في قلبه , ويوقعه في ظلمة الشك الحيرة , والنبي صلى الله عليه وسلم بين لنا الدواء الناجع الذي فيه الشفاء , وهو قوله : ( فليستعذ بالله ولينته) . فإذا انتهى الإنسان عن ذلك واستمر في عبادة الله طلباً ورغبة فيما عند الله زال ذلك عنه بحول الله , فأعرض عن جميع التقديرات التي ترد على قلبك في هذا الباب وها أنت تعبد الله وتدعوه وتعظمه , ولو سمعت أحداً يصفه بما توسوس به لقتلته إن أمكنك , إذن فما توسوس به ليس حقيقة واقعة بل هو خواطر ووساوس لا أصل لها .

ونصيحة تتلخص فيما يأتي :

1. الاستعاذة بالله والانتهاء بالكلية عن هذه التقديرات كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

2. ذكر الله تعالى وضبط النفس عن الاستمرار في هذه الوساوس .

3. الانهماك الجدي في العبادة والعمل امتثالاً لأمر الله , وابتغاء لمرضاته ، فمتى التفت إلى العبادة التفاتاً كلياً بجدٍّ وواقعية نسيت الاشتغال بهذه الوساوس إن شاء الله .

4. كثرة اللجوء إلى الله والدعاء بمعافاتك من هذا الأمر .

وأسال الله تعالى لك العافية والسلامة من كل سوء ومكروه .



مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 57 - 60 .

moKatel
10-02-2003, 06:25 AM
السلام عليكم

و هذه أحكام مضافه و منها ما هو منقول من المنتدي و نشكر من قام بها

سإل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه هذا السؤال

س19 : ما حكم تصوير المحاضرات بجهاز الفيديو للاستفادة منها في أماكن أخرى لتعم الفائدة؟

جـ 19 : هذا محل نظر ، وتسجيلها بالأشرطة أمر مطلوب ولا يحتاج معها إلى الصورة ، ولكن الصورة قد يحتاج إليها بعض الأحيان حتى يعرف ويتحقق أن المتكلم فلان ، فالصورة توضح المتكلم ، وقد يكون ذلك لأسباب أخرى ، فأنا عندي في هذا توقف ، من أجل ما ورد من الأحاديث في حكم التصوير لذوات الأرواح وشدة الوعيد في ذلك . وإن كان جماعة من إخواني أهل العلم رأوا أنه لا بأس بذلك للمصلحة العامة . ولكن أنا عندي بعض التوقف في مثل هذا لعظم الخطر في التصوير ولما جاء فيه من الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما في بيان أن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ، وأحاديث لعن المصورين إلى غير ذلك من الأحاديث . والله ولي التوفيق




دعوتم إلى الاستفادة من وسائل الإعلام في مجال الدعوة والتوجيه ومنها تلك التي فيها التصوير ، لكن بعض الدعاة إلى الله لا يزالون يتحرجون من تلكم الصورة . ماذا تقولون في ذلك؟

جـ : لا شك أن استغلال وسائل الإعلام في الدعوة إلى الحق ونشر أحكام الشريعة وبيان الشرك ووسائله والتحذير من ذلك ومن سائر ما نهى الله عنه من أعظم المهمات بل من أوجب الواجبات ، وهي من نعم الله العظيمة في حق من استغلها في الخير وفي حق من استفاد منها ما ينقصه في دينه ويبصره بحق الله عليه . ولا شك أن البروز في التلفاز مما قد يتحرج منه بعض أهل العلم من أجل ما ورد من الأحاديث الصحيحة في التشديد في التصوير ولعن المصورين .

ولكن بعض أهل العلم رأى أنه لا حرج في ذلك إذا كان البروز فيه للدعوة إلى الحق ونشر أحكام الإسلام والرد على دعاة الباطل عملا بالقاعدة الشرعية وهي : ارتكاب أدنى المفسدتين لتفويت كبراهما إذا لم يتيسر السلامة منهما جميعا ، وتحصيل أعلى المصلحتين ولو بتفويت الدنيا منهما إذا لم يتيسر تحصيلهما جميعا . وهكذا يقال في المفاسد الكثيرة والمصالح الكثرة . .

يجب على ولاة الأمور وعلى العلماء إذا لم تتيسر السلامة من المفاسد كلها أن يجتهدوا في السلامة من أخطرها وأكبرها أثما . وهكذا المصالح يجب عليهم أن يحققوا ما أمكن منها الكبرى فالكبرى إذا لم يتيسر تحصيلها كلها ولذلك أمثلة كثيرة وأدلة متنوعة من الكتاب والسنة منها قوله تعالى : وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ومنها الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها : لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة وأقمتها على قواعد إبراهيم الحديث متفق عليه .

وبهذا يعلم أن الكلام في الظهور في التلفاز للدعوة إلى الله سبحانه ونشر الحق يختلف بحسب ما أعطى الله للناس من العلم والإدراك والبصيرة والنظر في العواقب . فمن شرح الله صدره واتسع علمه ورأى أن يظهر في التلفاز لنشر الحق وتبليغ رسالات الله فلا حرج عليه في ذلك وله أجره وثوابه عند الله سبحانه ومن اشتبه عليه الأمر ولم ينشرح صدره لذلك فنرجو أن يكون معذورا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك وقوله صلى الله عليه وسلم : البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب الحديث ، ولا شك أن ظهور أهل الحق في التلفاز من أعظم الأسباب في نشر دين الله والرد على أهل الباطل لأنه يشاهده غالب الناس من الرجال والنساء والمسلمين والكفار ، ويطمئن أهل الحق إذا رأوا صورة من يعرفونه بالحق وينتفعون بما يصدر منه ، وفي ذلك أيضا محاربة لأهل الباطل وتضييق المجال عليهم وقد قال الله عز وجل وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ وقال عز وجل ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وقال سبحانه : وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من دل على خير فله مثل أجر فاعله وقال عليه الصلاة والسلام : من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئا أخرجهما مسلم في صحيحه ،

وقال صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما بعثه إلى اليهود في خيبر : ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم متفق على صحته .

وهذه الآيات والأحاديث الصحيحة كلها تعم الدعوة إلى الله سبحانه من طريق وسائل الإعلام المعاصرة ومن جميع الطرق الأخرى كالخطابة والتأليف والرسائل والمكالمات الهاتفية وغير ذلك من أنواع التبليغ لمن أصلح الله نيته ورزقه العلم النافع والعمل به . وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى متفق على صحته . وقال عليه الصلاة والسلام : إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم أخرجه مسلم في الصحيح .




سئل سماحة الشيخ عبد الزيز بن باز رحمه الله :

ما حكم قول "صدق الله العظيم" بعد الفراغ من القرأة ؟

هذه كلمة شاعت بين الناس و كثرت و ليس لها أصل عند أهل العلم في هذا القام فينبغي تركها و عدم أعتيادها فهي داخلة في قول الني عليه السلام ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) فهي أشبه بالبدعه و لم ينقل عن الرسول ولا الصحابة ولا التابعين قولها بعد القرأة و إن كانت شاعت بين الناس و استحسنتها بعض العقول لكن ليس هذا يكفي لتشريعها .

من موسوعة الفتاوي الإسلاميه برقم 5365 مختصر



لباس القواعد من النساء و حكم مصافحة الرجال لهن
السؤال :
ما هو الحد الذي تعرف به القواعد من النساء ؟
و هل تجوز مصافحة القواعد من النساء الأجنبيات عن الرجل ؟
و هل هناك فرق بين ما إذا كانت المرأة كافرة أو أعجمية ؟
الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
يقول الله تعالى : ( وَ الْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَ أَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [ النور 60 ] .
و القواعد من النساء فيما ذهب إليه جمهور المفسرين هنّ النساء اللائي تجاوزن سن النكاح لتقدمهن في العمر أو لإياسهن من المحيض .
قال ابن منظور: قَعَدَتِ المرأَةُ عن الحيض و الولدِ تَقْعُدُ قُعوداً ، و هي قاعد : انقطع عنها ، و الجمع قَواعِدُ .
و في التنزيل : ( وَ الْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ ) . قال الزجاج في تفسير الآية : هنَّ اللَّواتي قعدن عن الأَزواج . و قال ابن السكّيت : امرأَة قاعِدٌ إِذا قعدت عن المحيض ، فإِذا أَردتَ القُعود – بمعنى الجلوس - قلتَ : قاعدة .
و قال أَبو الهيثم : القواعد من صفات الإِناث لا يقال : رجال قواعِدُ . اهـ من لسان العرب .
و قال الإمام الطبري في تفسيره : ( القواعد جمع قاعدة ، يقال للواحدة من قواعد البيت قاعدة ، و للواحدة من قواعد النساء و عجائزهن قاعد ، فتلغى هاء التأنيث ؛ لأنها فاعل من قول القائل : قعدت عن الحيض ، و لا حظ فيه للذكور ، كما يقال : امرأة طاهر و طامث ؛ لأنه لا حظ في ذلك للذكور ) .
هذا ما يتعلق بحدّ القواعد من النساء و بيان صفتهن التي تترتب عليها الأحكام الشرعيّة الخاصة بهن .

أما عن مصافحتهن فلم يفرّق الشارع الحكيم في تحريم مصافحة المرأة بين صغيرة و كبيرة ، بل شملهن في الحكم ؛ و هو تحريم مصافحة الرجل للمرأة قولاً واحداً تستوي فيه الصغيرة و الكبيرة و المسلمة و الكافرة .
فقد روى الشيخان ، و اللفظ للبخاري عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت ( مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ إِلا امْرَأَةً يَمْلِكُهَا ) .
و روى النسائي و ابن ماجة و أحمد في حديث مبايعة النساء بإسنادٍ صحيح عن ‏أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها ‏أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلّم قال لهن ( إنّي لا أصافح النساء ) .
و روى الطبراني في جامعه بإسنادٍ صححه الألباني عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لأن يُطعن في رأس أحدكم بمِخْيَط من حديد خير له من أن يمسّ امرأة لا تحلّ له ) ، و المِخيَط هو الإبرة ، أو المِسلّّّة .
و عليه فإنّ مصافحة الرجل للمرأة أو العكس حرامٌ ، و لا عِبرة بما يتذرّع به بعضهم من تعرّضه للإحراج ، أو الاضطرار إلى فعل ذلك ، لأنّ الحقّ أحقّ أن يُتّبَع ، و على المسلم أن لا يُعرّض نفسه للفتن ، أو يضع نفسه في موضع يضعف فيه عن مقاومة الحرام ، و مجاهدة نفسه عن الوقوع به ، و الله أعلم .
أما ما اختصت به القواعد من النكاح فهو التجوّز في اللباس ، حيث يرخص للمرأة الكبيرة ما لا يرخص لغيرها في باب اللباس ، و هو ما دلت عليه آية سورة النور التي صدّرت بها جوابي هذا ، و ما فهمه أهل الفقه و التفسير منها .
قال الإمام الطبري في تفسير آية النور : يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَ اللَّوَاتِي قَدْ قَعَدْنَ عَنِ الْوَلَد مِنَ الْكِبَر مِنْ النِّسَاء ، فَلا يَحِضْنَ وَلا يَلِدْنَ ؛ وَاحِدَتهنَّ قَاعِد . ( اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا ) يَقُول : اللاتِي قَدْ يَئِسْنَ مِنَ الْبُعُولَة ، فَلا يَطْمَعْنَ فِي الأَزْوَاج . ( فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاح أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابهنَّ ) يَقُول : فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ حَرَج وَ لا إِثْم أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابهنَّ ، يَعْنِي جَلابِيبهنَّ ، وَ هِيَ الْقِنَاع الَّذِي يَكُون فَوْق الْخِمَار وَ الرِّدَاء الَّذِي يَكُون فَوْق الثِّيَاب ، لا حَرَج عَلَيْهِنَّ أَنْ يَضَعْنَ ذَلِكَ عِنْد الْمَحَارِم مِنَ الرِّجَال وَ غَيْر الْمَحَارِم مِنَ الْغُرَبَاء غَيْر مُتَبَرِّجَات بِزِينَةٍ ... و َقَوْله ( غَيْر مُتَبَرِّجَات بِزِينَةٍ ) يَقُول : لَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاح فِي وَضْع أَرْدِيَتهنَّ إِذَا لَمْ يُرِدْنَ بِوَضْعِ ذَلِكَ عَنْهُنَّ أَنْ يُبْدِينَ مَا عَلَيْهِنَّ مِنْ الزِّينَة لِلرِّجَالِ . وَ التَّبَرُّج : هُوَ أَنْ تُظْهِر الْمَرْأَة مِنْ مَحَاسِنهَا مَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَسْتُرهُ .اهـ .
و قال الإمام القرطبي في تفسير الآية ذاتها مبيناً علّة الترخيص للقواعد من النساء في أن يضعن عنهن الجلابيب : ( إِنَّمَا خُصَّ الْقَوَاعِد بِذَلِكَ لانْصِرَافِ الأَنْفُس عَنْهُنَّ ؛ إِذْ لا مَذْهَب لِلرِّجَالِ فِيهِنَّ ، فَأُبِيحَ لَهُنَّ مَا لَمْ يُبَحْ لِغَيْرِهِنَّ ، وَ أُزِيلَت عَنْهُمْ كُلْفَة التَّحَفُّظ الْمُتْعِب لَهُنَّ ) .
قلت : إذا علم أن للقواعد من النساء فسحة في الترخص في اللباس ؛ فينبغي عدم التوسع في العمل بهذه الرخصة ، بل الواجب قصرها على ما ذهب إليه جمهور المفسرين و الفقهاء ، و هو عدم لبس الجلباب ( و هو الثوب الفضفاض الساتر الذي ترتديه المرأة فوق ثيابها عند الخروج من البيت ، أو لقاء غير المحارم من الرجال ) ، و هذا ما ذكره الطبري و القرطبي و ابن كثير و السيوطي ، و عامة المفسرين ، و عزوه إلى السلف الصالحين ، و ساقوا بأسانيدهم ما يدل على أنه فهم السلف للمراد من الآية و أقتصر من ذلك على جملة من الآثار في بيان المراد من كلام الملك الجبّار اقتبسها من تفسير الجلال السيوطي الموسوم بالدر المنثور في التفسير بالمأثور :
• أخرج ابن المنذر و ابن أبي حاتم و البيهقي في السنن عن ابن عباس في قوله ( و القواعد من النساء ) قال : هي المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرع و خمار، و تضع عنها الجلباب ما لم تتبرج .
• و أخرج عبد الرزاق و الفريابي و عبد بن حميد و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و الطبراني و البيهقي في السنن عن ابن مسعود في قوله ( فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن ) . قال : الجلباب و الرداء .
• و أخرج سعيد بن منصور و ابن المنذر عن ابن عمر في الآية قال : تضع الجلباب .
• و أخرج عبد بن حميد و ابن المنذر و ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ( و إن يستعففن خير لهن ) قال : يلبسن جلابيبهن .
• و أخرج سعيد بن منصور و ابن المنذر و البيهقي في السنن عن عاصم الأحول قال : دخلت على حفصة بنت سيرين و قد ألقت عليها ثيابها فقلت أليس يقول الله ( و القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن ) . قالت : اقرأ ما بعده ( و إن يستعففن خير لهن ) و هو ثياب الجلباب .
و بعدُ فلا يسوغ ما تعمد إليه بعض النساء اللائي تقدّمن في السنّ من التساهل في اللباس ، و إن كان الأشنع من هذا ما آلت إليه حال الكثيرات من فتيات المسلمين في شرق العالم و غربه من التبرج و السفور و مجارات الكافرات في اللباس و الزينة و الاختلاط و اتباع خطوات الشيطان .
فليحذر من رضي بالله ربّاً و بالإسلام ديناً و بمحمداً صلى الله عليه و سلّم نبيّاً من الانحراف عن شريعة الله تعالى تحت أي ذريعة يتذرع بها المتساقطون أمام الشبهات و الشهوات ، فإن من يريد الفلاح و النجاح يدعُ ما لا بأس به خوفاً ممّا به بأس .
هذا و الله الهادي إلى سواء السبيل ، و بالله التوفيق .

وكتب
د . أحمد بن عبد الكريم نجيب