المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أولا : العقيدة الإسلاميه ( التوحيد و انواعه الخ)



moKatel
16-02-2003, 12:49 PM
التوحيد
(معناه، أقسامه، فضائله)

التوحيد: هو إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له، وهو دين الرسل كلهم -عليهم الصلاة والسلام- الذي لا يقبل الله من أحد ديناً سواه، ولا تصح الأعمال إلا به، إذ هو أصلهـا الذي تُبنى عليه.

أقسام التوحيد:

ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفا ت، وتوحيد الألوهية.

1. توحيد الربوبية:

وهو الإقرار بأن لا رب للعالمين إلا الله الذي خلقهم، ورزقهم، وهذا النوع من التوحيد قد أقر به المشركون الأوائل، فهم يشهدون أن الله هو الخالق، والمالك، والمدبر، والمحيي، والمميت وحده لا شريك له، قال تعالى: ولئن سأ لتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون [العنكبوت: 61].

ولكن إقرارهم هذا وشهادتهم تلك لم تدخلهم في الإسلام، ولم تنجهم من النار، ولم تعصم دماءهم وأموالهم، لأنهم لم يحققوا توحيد الألوهية، بل أشركوا مع الله في عبادته، بصرفهم شيئاً منها لغيره.

2. توحيد الأسماء والصفات:

وهو الإيمان بأن لله تعالى ذاتاً لا تشبهها الذوات وصفـات لا تشبهها الصفات وأن أسماءه دلالة قطعية على ما له سبحانه من صفات الكمال المطلق كما قال تعالى: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [الشورى: 11]. وأن طريق معرفة ذلك هو الوحي وحده.

فيجب علينا : إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم إثباتاً يليق بجلاله من غير تشبيه، ولا تمثيل، ولا تعطيل، ولا تحريف، ولا تأويل، ولا تكييف، لا نحاول ذلك كله لا بقلوبنا وتصوراتنا، ولا بألسنتنا أن نكيف شيئاً من صفاته تعالى أو نمثلها بصفات المخلوقين.

3. توحيد الألوهية:

وهو توحيد العبادة أي: إفراد الله -سبحانه وتعالى- بجميع أنواع العبادة التي أمر بها كالدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستغاثة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من العبادات التي أمر الله بها كلها، والدليل قوله تعالى: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً [الجن: 18]، فلا يجوز أن يصرف الإنسان شيئاً من هذه العبادات لغير الله -سبحانه وتعالى- لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لولي صالح، ولا لأي أحد من المخلوقين، لأن العبادة لا تصح إلا لله، فمن صرف شيئاً منها لغير الله فقد أشرك بالله شركاً أكبر وحبط عمله.

وحاصله: هو البراءة من عبادة كل ما سوى الله، والإقبال بالقلب والعبادة على الله، ولا يكفي في التوحيد دعواه، والنطق بكلمة الشهادة من غير مفارقة لدين المشركين وما هم عليه من دعاء غير الله.

وتحقيق التوحيد: هو بمعرفته، والاطلاع على حقيقته، والقيام به علماً وعملاً، وحقيقة ذلك هو انجذاب الروح أو القلب إلى الله محبة، وخوفاً، وإنابة، وتوكلاً، ودعاءً، وإخلاصاً، وإجلالا،ً وهيبة، وتعظيماً، وعبادة، وبالجملة فلا يكون في قلب العبد شيء لغير الله، ولا إرادة لما حرم الله من الشركيات، والبدع، والمعاصي كبيرها وصغيرها، ولا كراهة لما أمر الله به، وذلك هو حقيقة التوحيد، وحقيقة لا إله إلا الله.

(معنى لا إله إلا الله):

أي لا معبود بحق في الأرض ولا في السماء إلا الله وحده لا شريك له، لأن المعبودات الباطلة كثيرة، لكن المعبود الحق هو الله وحـده لا شريك لـه، قـال تعالى: ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير [الحج: 62]. وليس معناها لا خالق إلا الله، كما قد يظنه بعض الجهلة فإن كفار قريش الذين بعث فيهم -رسول الله صلى الله عليه وسلم- كانوا يقرون بـأن الخالـق المدبـر هو الله -تعالى- ولكنهم أنكروا أن تكون العبادة كلها لله وحده لا شريك له، كما في قوله تعالى عنهم: أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب [ص: 5]، ففهموا من هذه الكلمة أنها تبطل عبادة أي أحد من دون الله وتحصر العبادة لله وحده، وهم لا يريدون ذلك، فلذلك حاربهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويقوموا بحقها، وهو إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له.

وبهذا يبطل ما يعتقده المبتدعة من أن معنى لا إله إلا الله: هو الإقرار بأن الله موجود، أو أنه هو الخالق القادر على الاختراع، وأشباه ذلك، وأن من اعتقد ذلك فقد حقق التوحيد المطلق، ولو فعل ما فعل من عبادة غير الله، ودعاء الأموات، والتقرب إليهم بالنذور وبالطواف بقبورهم والتبرك بتربتهم.

لقد عرف كفار قريش من قبل أن لا إله إلا الله تقتضي ترك عبادة ما سوى الله، وإفراد الله بالعبادة، وأنهم لو قالوها واستمروا على عبادة الأصنام، لتناقضوا مع أنفسهم، وهم يأنفون من التناقض، أما من يقول: لا إله إلا الله، ثم ينقضها بدعاء الأموات من الأولياء والصالحين، والتقرب إلى أضرحتهم بأنواع من العبادات فهو جاهل لمعنى كلمة التوحيد، عامل بما يناقض مقتضاها.

ولقد جاءت الأحاديث الكثيرة التي تبيّن أن معنى لا إله إلا الله هو: البراءة من عبادة ما سوى الله من الشفعاء والأنداد، وإفراد الله بالعبادة؛ فهذا هو الهدى ودين الحق، الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه، أما قول الإنسان لا إله إلا الله من غير معرفة بمعناها، ولا عمل بمقتضاها، أو دعواه أنه من أهل التوحيد وهو لا يعرف التوحيد، بل ربما يخلص لغير الله في عبادته؛ من الدعاء، والخوف، والذبح، والنذر، والاستغاثة، والتوكل، وغير ذلك من أنواع العبادات؛ فإن هذا نقض للتوحيد، وصاحبه مشرك.

قال ابن رجب: فإن تحقق القلب بمعنى لا إله إلا الله، وصدقه فيها، وإخلاصه، يقتضي أن يرسخ فيه تأله الله وحده، إجلالاً، وهيبة، ومخافة، ومحبة، ورجاء، وتعظيماً، وتوكلاً، ويمتلئ بذلك، وينتفي عنه تأله ما سواه من المخلوقين، ومتى كان كذلك لم تبق فيه محبة، ولا إرادة، ولا طلب لغير ما يريد الله ويحبه ويطلبه، وينتفي بذلك من القلب جميع أهواء النفس وإرادتها، ووسواس الشيطان.

فمن أحب شيئا، وأطاعه، وأحب عليه، وأبغض عليه، فهو إلهه، فمن كان لا يحب ولا يبغض إلا الله، ولا يوالي ولا يعادي إلا لله، فالله إلهه حقاً، ومن أحب لهواه وأبغض له، ووالى عليه وعادى عليه فإلهه هواه كما قال تعالى: أرأيت من اتخذ إلهه هواه [الفرقان: 43].

(فضل كلمة الإخلاص):

لقد اجتمع لكلمة الإخلاص فضائل جمة، وثمرات عديدة، ولكن هذه الفضائل لا تنفع قائلها بمجرد النطق بها فقط، ولا تتحقق إلا لمن قالها مؤمناً بها عاملاً بمقتضاها، ومن أعظم فضائلها أن الله حرم على النار من قالها يبتغي بذلك وجه الله. كما في حديث عتبان أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله" متفق عليه. وغير ذلك من الأحاديث التي تبين أن الله حرم على النار من قال لا إله إلا ا لله. لكن هذه الأحاديث جاءت مقيدة بالقيود الثقال.

إن من يقول كلمة الإخلاص عاداً وتقليداً دون ان يخالط الإيمان بشاشة قلبه لا يمكن أن يقال إنه قالها مخلصاً بها لله، ومثله من يقولها وهو مصر على ذنب وقتها ومن به، فإن هذا ينافي الإخلاص فيها وكمال المحبة لصاحبها،ومثل هؤلاء هم من يفتن عنها عند الموت ويحال بينه وبين النطق بها، وكذلك عند يسأل عن ربه فيقول: "لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته" رواه أحمد وأبوداود.

وحينئذ فلا منافاة بين الأحاديث، فإن ثمرتها مشروطة بأن يقولها بإخلاص ويقين تام وهذا معنى قوله: "يبتغي بها وجه الله"، ومن ثم فإن كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء، وإذا كان الله أحب إليه من كل شيىء كان محباً لمحبوباته وأوامره، مبغضاً لمنهياته، مسارعاً بالامتثال والانقياد، ولا يبقى إرادة لما حرم الله، ولا كراهة لما أمر الله به ومن كان هذا حاله غفرت ذنوبه السابقة مهما بلغت وزكا حمله وصلح حاله في الدنيا وحاله في الآخرة.

(أركانها): للشهادة ركنان: نفي في قوله: "لا إله". إثبات في قوله: "إلا الله".

"فلا إله" نفت الألوهية عن كل شيء سوى الله، وإلا الله" أثبتت الألوهية لله وحده لاشريك له.

شروط لا إله إلا اللّه:

ذكر العلماء لكلمة الإخلاص شروطاً سبعة، ولا تصح إلا إذا اجتمعت، واستكملها العبد، والتزمها بدون مناقضة لشيء منها، وليس المراد من ذلك عدّ ألفاظها وحفظها، فكم من حافظ لألفاظها يجري فيها كالسهم، وتراه يقع كثيراً فيما يناقضها! وهذه الشروط هي:

1. العلم:

والمراد به: العلم بمعناها نفياً وإثباتاً، وما تستلزمه من عمل، فإذا علم العبد أن -الله عز وجل- هو المعبود وحده، وأن عبادة غيره باطلة، وعمل بمقتضى ذلك العلم فهو عالم بمعناها، وضد العلم الجهل، بحيث لا يعلم وجوب إفراد الله بالعبادة، بل يرى جواز عبادة غير الله مع الله، قال تعالى: فاعلم أنه لا إله إلا الله [محمد: 19]، وقال تعالى: إلا من شهد بالحق وهم يعلمون [الزخرف: 86]، أي: من شهد بلا إله إلا الله، وهم يعلمون بقلوبهم ما نطقوا به بألسنتهم.

2. اليقيـن:

وهو أن ينطق بالشهادة عن يقين يطمئن قلبه إليه، دون تسرب شيء من الشكوك التي يبذرها شياطين الجن والإنس، بل يقولها موقناً بمدلولها يقيناً جازماً. فلا بد لمن أتى بها أن يوقن بقلبه ويعتقد صحة ما يقوله من أحقية إلهية الله -تعالى- وبطلان إلهية من عداه، وأنه لا يجوز أن يُصرف لغيره شيء من أنواع التأله والتعبد، فإن شك في شهادته أو توقف في بطلان عبادة غير الله، كأن يقول: أجزم بألوهية الله ولكنني متردد ببطلان إلهية غيره؛ بطلت شهادته، ولم تنفعه، قال تعالى: إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا [الحجرات: 15].

3. القبول:

القبول يعني: أن يقبل كل ما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه، فيصدق الأخبار ويؤمن بكل ما جاء عن الله وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم- ويقبل ذلك كله، ولا يرد منه شيئاً، ولا يجني على النصوص بالتأويل الفاسد، والتحريف الذي نهى الله عنه، قال تعالى: قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا [البقرة: 136].

وضد القبول: الرد؛ فإن هناك من يعلم معنى الشهادة، ويوقن بمدلولها، ولكنه يردها كبراً وحسداً، قال تعالى: فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون [الأنعام: 33]. ويدخل في الرد وعدم القبول، من يعترض على بعض الأحكام الشرعية، أو الحدود، أو يكرهها، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة [البقرة: 208].

4. الانقياد المنافي للشرك:

وذلك بأن ينقاد لما دلت عليه كلمة الإخلاص، وهو الاستسلام والإذعان، وعدم التعقب لشيء من أحكام الله، قال تعالى: وأنيبوا إلى ربّكم وأسلموا له [الزمر:54].

والانقياد -أيضاً- لما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- والرضى به، والعمل به دون تعقب أو زيادة أو نقصان، وإذا علم أحد معنى لا إله إلا الله، وأيقن بها، وقبلها، ولكنه لم ينقد، ولم يذعن، ولم يستسلم ولم يعمل بمقتضى ما علم؛ فإن ذلك لا ينفعه.

5. الصدق:

وهو الصدق مع الله، وذلك بأن يكون صادقاً في إيمانه، صادقاً في عقيدته، ومتى كان كذلك فإنه سيكون مصدقاً لما جاء من كتاب ربه، وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- فالصدق أساس الأقوال، ومن الصدق أن يصدق في عبادته، وأن يبذل الجهد في طاعة الله، وحفظ حدوده، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين [التوبة: 119]، وضد الصدق الكذب، فإن كان العبد كاذباً في إيمانه؛ لا يعد مؤمناً بل هو منافق، وإن نطق بالشهادة بلسانه، فإن هذه الشهادة لا تنجيه.

ومما ينافي الصدق في الشهادة تكذيب ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو تكذيب بعض ما جاء به؛ لأن الله -سبحانه- أمرنا بطاعته وتصديقه، وقرن ذلك بطاعته -سبحانه وتعالى-.

6. الإخلاص :

وهو تصفية الإنسان عمله بصالح النية عن جميع شوائب الشرك، وذلك بأن تصدر عنه جميع الأقوال والأفعال خالصة لوجه الله، وابتغاء مرضاته، ليس فيها شائبة رياء أو سمعة، أو قصد نفع، أو غرض شخصي، أو الاندفاع للعمل لمحبة شخص أو مذهب أو حزب يستسلم له بغير هدى من الله، قال تعالى: ألا لله الدين الخالص [الزمر: 3]. وقال تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين [البينة: 5].

وضد الإخلاص: الشرك والرياء ابتغاء غير وجه الله، فإن فقد العبد أصل الإخلاص فإن الشهادة لا تنفعه قال تعالى: وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً [الفرقان: 23]، فلا ينفعه حينئذ أي عمل يعمله لأنه فقد الأصل. قال تعالى: إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً [النساء: 48].

7. المحبة:

أي المحبة لهذه الكلمة العظيمة ولما دلت عليه واقتضته؛ فيحب الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم)، ويقدم محبتهما على كل محبة، ويقوم بشروط المحبة ولوازمها، فيحب الله محبّة مقرونة بالإجلال والتعظيم، والخوف والرجاء، ومن المحبة تقديم محبوبات الله على محبوبات النفس وشهواتها ورغباتها، ومن المحبة -أيضاً- أن يكره ما يكرهه الله، فيكره الكفار لكفرهم ويبغضهم، ويعاديهم، ويكره الكفر والفسوق والعصيان، وعلامة هذه المحبة؛ الانقياد لشرع الله، واتباع محمد (صلى الله عليه وسلم) في كل شيء، قال تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم [آل عمران: 31].

وضد المحبة الكراهية لهذه ا لكلمة، ولما دلت عليه، وما اقتضته، أو محبة غير الله مع الله، قال تعالى: ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم [محمد: 9].

ومما ينافي المحبة: بغض الرسول (صلى الله عليه وسلم) وموالاة أعداء الله، ومعاداة أولياء الله المؤمنين.

(معنى شهادة أنّ محمداً رسول الله):

معناها: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد ا لله إلا بما شرع، فلا بد للمسلم من تحقيق أركان تلك الشهادة، فلا يكون كامل الشهادة له بالرسالة من قالها بلسانه وترك أمره، وارتكب نهيه، وأطاع غيره، أو تعبّد الله بغير شريعته، قال (صلى الله عليه وسلم) : "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله" رواه البخاري، وقال (صلى الله عليه وسلم) : "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد" متفق عليه.

* ومن مقتضى هذه الشهادة -أيضاً- أن لا يعتقد أن لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) حقاً في الربوبية، وتصريف الكون، أو حقاً في العبادة، بل هو صلى الله عليه وسلم عبد لا يُعبد، ورسول لا يُكذب، ولا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً من النفع والضر إلا ما شاء الله.

moKatel
16-02-2003, 12:53 PM
تعريف الإسلام:

الإسلام هو الإذعان لله -تعالى- وتسليم العقل والقلب لعظمة الله وكماله ثم الانقياد له بالطاعة وتوحيده بالعبادة والبراءة من الشرك به -سبحانه– إنّ الدين عند الله الإسلام والإسلام بمعناه الخاص: «ما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- من الدين كله عقيدة وشريعة ومنهاج حياة».

مفهوم العبادة في الإسلام:

العبادة في الإسلام: هي التوجه إلى الله وحده في كل شيء -كما شرع الله- محبةً لله تعالى وتعظيماً، ورجاء ثواب الله، وخشية عقابه قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين هذا مفهوم العبادة بمعناها العام وتطلق العبادة بمعناها الخاص على: «شعائر الدين من الصلاة والدعاء والزكاة والصيام والحج وتلاوة القرآن والأذكار ونحوها».

أركان الإسلام:

هي أصوله وأساساته العملية، التي لا يصح إلاّ بها وهي أركان تعبدية يفعلها المسلم استجابة لأمر الله وامتثالاً لشرعه قد نعلم بعض حكمها وفوائدها، وربما نجهل الكثير منها.

الركن الأول: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله.

ومعنى شهادة أن لا اله إلا الله: الإقرار واليقين بأن الله -تعالى- وحده المستحق للعبادة والطاعة المطلقة، وأنه -تعالى- هو الرب المتصرف في الكون وبيده وحده مقاليد السموات والأرض.

فمن شهد أن إله إلاّ الله فقد أعلن الإذعان المطلق لله -تعالى- والتسليم له وحده بالعبادة والطاعة والتقديس والخضوع.

وأعلن البراءة من كل ما يعبد ويقدس سوى الله -تعالى-، وأنّ كل آلهة يعبدها الناس من إنسان أو حيوان أو ملك أو جماد أو فكر أو شهوة أو مبدأ أو منهج ونحوه فهي باطلة.

ومعنى شهادة أن محمدًا رسول الله:

الإقرار له بأنه رسول الله -تعالى- إلى الناس جميعا بشيرا لمن أطاعه، ونذيرا لمن عصاه، ليخرجهم من الظلمات إلى النور ومن الضلالة إلى الهداية ومن التيه إلى النهج القويم، وأنزل معه الكتاب «القرآن» مهيمنا على الكتب وناسخا لها ومشتملا على المنهاج الكامل عقيدة وشريعة، به سعادة البشرية في الدنيا وخلاصها في الآخرة، ذلك الكتاب المحفوظ المعجز.

وجعل الله سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهي: أقواله وأفعاله وتقريراته تشريعا تجب طاعته والتزامه بأمر الله قال سبحانه: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.

ومن مستلزمات شهادة أن محمداً رسول الله، الإقرار بأنه خاتم الرسل وأنه يجب على جميع البشرية اتباعه، لقول الله -عزّ وجلّ-: ليكون للعالمين نذيراً وما أرسلناك إلا كافةً للناس بشيراً ونذيراً وقوله صلى الله عليه وسلم: "بعثت إلى الثقلين: الجن والإنس" وقوله "واللهِ لا يسمع بي رجل من هذه الأمة -يهودي ولا نصراني- ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار"وغير اليهودي والنصراني من باب أولى لأنّ أولئك أهل كتاب وأتباع رسل. وقال: "وبعثت إلى الناس كافةً (أي جميعاً) إلى قيام الساعة".

التلازم بين ركني الشهادة:

لا يصح الإيمان بالله والإقرار له بالعبودية إلاّ بالإيمان برسوله -صلى الله عليه وسلم-، واتباعه في جميع شؤون الحياة. لأنّ الله -تعالى- أمرنا بذلك، وجعل طاعته وعبادته لا تستقيم وتصح إلاّ من خلال شرعه الذي أنزل على رسوله، فقال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم وقال: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وقال: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.

الركن الثاني: الصلاة:

وهي صلة بين العبد وربه تقام خمس مرات في اليوم والليلة على هيئة وصفة مخصوصة في أوقات مخصوصة، شرعها الله، فيتوجه بها الإنسان إلى ربه مستقبلا القبلة «جهة مكة» خاشعا لله -تعالى-.

ومن حكمتها : ربط الإنسان الضعيف المحتاج بربه -تعالى- الغني القوي، وتحريره من عناء الدنيا ومتاعب الحياة في أوقات معينة يناجي فيها ربه ويتوجه إليه معظّماً له طالباً منه العون الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين.

فالصلاة صلة بالله العلي الكبير الحي القيوم، يستمد منها القلب قوة وتستمد منها النفس طمأنينة، وتستمد منها الروح سعادة وهناء . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أهمه الأمر أو أصابه عناء قال: «أرحنا يا بلال بالصلاة» وقال: «حبب إليّ من دنياكم الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة» وقرة العين، عين السعادة والراحة والطمأنينة والأمن.

فالصلاة الخاشعة تكسب صاحبها الأمن والسعادة الغامرة، والطمأنينة والسكون، وقوة الاعتماد على الله، واستمداد العون منه – تعالى- ومن ثم يشعر المسلم فيها بلذة تفوق اللذات واستعينوا بالصبر والصلاة ويشعر برقابة الله عليه فلا يحدث منه ما لايليق إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.

الركن الثالث: الزكاة:

ومعناها دفع نسبة من المال في أنواع من الممتلكات أوجبها الله -تعالى - تبدأ من 2,5% ولاتزيد عن 10% إلا في أحوال قليلة تدفع لأصناف من المجتمع من المحتاجين، أو لبعض المصالح العامة حددها الشارع كالإصلاح والجهاد، وبها تحصل منافع كثيرة للمجتمعات والأفراد والدول من التكافل الاجتماعي وشيوع التآلف والقضاء على مظاهر الشح والبخل والحسد والحقد.

الركن الرابع: الصيام:

ومعناه: التعبد لله -تعالى- بالإمساك عن الطعام والشراب والجماع وما في حكمها من الفجر إلى غروب الشمس خلال شهر رمضان

وللصيام فوائد وحكم معنوية ومادية، منها:

ترويض النفس وتعويدها على الانضباط والصبر، وللصيام فوائد صحية كثيرة أقرَّ بها الطب قديماً وحديثاً . حينما يتخفف الإنسان من الطعام والشراب بعض الوقت كما أن الصوم يصفي القلوب ويعمرها بالإيمان والتقوى واليقين، ولا سيما وهو عمل تعبدي غالبا ما يكون بين العبد وربه.

والصيام كالصلاة يشعر معه المسلم بالصفاء والنقاء والسعادة، ويقوى قلبه وتسمو نفسه وتسعد روحه حين يمارس هذه العبادة طاعة لله واستجابة لأمره ورغبة في وعده «للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه».

الركن الخامس: الحج:

وهو قصد بيت الله الحرام «مكة» لأداء شعائر ومناسك معلومة في وقت معلوم على هيئة حددها الشارع، لمن استطاع إليه سبيلاً، فـي العمـر مرة واحدة إلاّ لمن تطوع، عبادة لله واستجابة لشرعه، والحج سنة أبينا إبراهيم -عليه السلام-.

وهو مؤتمر كبير تحضره أعداد كبيرة من المسلمين من شتى بقاع العالم من كل بلد وجنس يجتمعون في مكان واحد وفي زمان واحد في مناسك متشابهة يتبادلون المصالح والمنافع الدينية والدنيوية، وتتحقق بينهم أعظم أواصر التكافل والتعاون والتناصح.

وتمثل أركان الإسلام الخمسة الأسس العملية والشعائر الظاهرة للدين، ولا يتم الدين إلاّ بمجموعها.

تعريف الإيمان ومعناه:

الإيمان في اللغة: التصديق.

والإيمان في الشرع: «أي المدلول الشرعي للإيمان» يشمل ثلاثة أسس:

الأول: يقين القلب وتصديقه وإذعانه.

الثاني: الإقرار باللسان.

الثالث: التطبيق العملي، بعمل الصالحات وترك المنهيات، ويطلق عليه «عمل الجوارح».

ومعنى الإيمان إجمالاً: الإقرار واليقين بالله –تعالى-، وكماله، وعبوديته، وحقوقه، وبكل ما أمر به وما أخبر عنه من الملائكة، والرسل، والكتب، واليوم الآخر، والقدر، وسائر الأمور الغيبية، وبكل ما شرعه الله، والعمل بمقتضى ذلك.

وعليه: فإن الإيمان يشمل الأعمال القلبية؛ من اليقين، والتقوى، والمحبة، والرجاء، والخوف -أي: لله تعالى-، والتوكل على الله، ونحو ذلك، والأعمال الظاهرة: مثل فعل الخيرات، وإقامة الصلاة، وعمل الصالحات، وترك المنهيات.


أركان الإيمان:

أركان الإيمان ستة: وقد أخبر بها الرسول - صلى الله عليه وسلم- عندما سأله جبريل عن الإيمان فقال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وأن تؤمن بالقدر خيره وشره من الله -تعالى-".

معنى الإيمان بالله:

الإقرار بربوبيته أي أنه الخالق المدبر للكون بيده مقاليد كل شيء وهو على كل شيء قدير.
وبإلاهيته: أي أنه -تعالى- وحده المستحق للعبادة والطاعة.
وبأسمائه وصفاته: أي أنه -تعالى- له الكمال المطلق والأسماء الحسنى والصفات العلى على جهة الإجمال.
والإيمان والإقرار بكل ما سمّى الله به نفسه أو سمّاه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- مثل: الله، الحي، القيوم، العلي، العظيم، الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، العزيز، الجبار، ذو الجلال والإكرام.
والإيمان والإقرار بكل ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- من الصفات والأفعال مثل: الرحمة، والمحبة، والرضا، والنزول، والمجيء والكلام وغيرها.
كل ذلك من غير تشبيه لله بالخلق، ولا تشبيه للخلق به.

والإيمان بالملائكة:

يعني: الإقرار بأن هناك خلقًا من مخلوقات الله الغيبية، والله سماهم الملائكة مكلفون عقلاء لهم صفات خلقية وخلقية لا يعصون الله أبداً ويفعلون ما يؤمرون، ولهم أعمال ومهمات؛ كالنزول بالوحي، وإنزال المطر، وتسيير السحاب، وإطباق الجبال، وكتابة مقادير الخلق، وكتابة أعمال الإنسان، ومنهم حملة العرش، وخزنة الجنة، وخزنة النار وغيرهم. الإيمان بهم على جهة الإجمال وبمن سمي لنا منهم على جهة التفصيل مثل جبريل ومكائيل وإسرافيل وغيرهم.

والإيمان بالملائكة يشعر المؤمن بعظمة خلق الله -تعالى- وبديع صنعه وشرعه وبالطمأنينة والأمن النفسي، وبالرقابة التي تجعله يلتزم الخير والفضيلة ويكف عن الشر والرذيلة.

وتشعره بوجود عوالم خيرة من حوله تعمل الخير وتعين عليه وتنفر من الشر وتمقت فاعله، جعل الله لها رقابة على عمل الإنسان فإذا استشعر الإنسان وجودها من حوله ازداد تعظيما لله –تعالى- وخشية وهيبة وطمأنينة.

والإيمان بالكتب:

معناه أن الله -تعالى- أنزل عن طريق الرسل كتبا على الأمم تضمنت ما شرعه الله –تعالى- من التوحيد والعبادة والأحكام التي تنظم حياة الناس وتصلهم بربهم -عز وجل- على نهج يرضي الله -تعالى-، وتضمن لهم السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة.

ومن هذه الكتب: التوراة والإنجيل والزبور وقد بدّلت وحرّفت ونسخت بالقرآن الذي أنزل الله إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو باق معجز محفوظ، اشتمل على نهج كامل لحياة الناس أممًا وأفرادًا إلى قيام الساعة ولا سعادة لهم إلاّ باتباعه.

الإيمان بالرسل:

وهو الإقرار بأن الله -تعالى- بعث رسلا من البشر اختارهم لإبلاغ ما يريده الله من الأمم من عبادته واتباع شرعه، مبشرين ومنذرين، آخرهم وخاتمهم محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو رسول لجميع الأمم لا يسع أحدًا من الناس إلاّ اتباعه فمن أطاعه واتبع شرعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار.

الإيمان باليوم الآخر:

الإقرار بأن هناك حياة أخرى هي الحياة الحقيقية غير هذه الحياة الدنيا يكون فيها للناس الخلود الأبدي السرمدي، بعد أن يبعثهم الله يوم القيامة ويجازيهم على أعمالهم فمن اتبع الرسل -صلى الله عليهم وسلم- وأطاعهم دخل الجنة، ومن أعرض وعصى دخل النار.

والإيمان باليوم الآخر يتضمن عذاب القبر ونعيمه بحسب عمل الإنسان والبعث والحشر والحساب، والميزان، والصحف، والصراط، والحوض، والجنة ونعيمها، والنار وعذابها، وغير ذلك مما أخبر الله عنه ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

والإيمان بالقدر:

معناه: «الإقرار بأن الله -تعالى- علم كل شيء وكتب مقادير كل شيء، وكل شيء بإرادته ومشيئته وأنه خالق كل شيء.

يخلق ما يشاء فعّال لما يريد، ما شاءه كان، وما لم يشأ لم يكن، بيده ملكوت كل شئ، يحي ويميت، وهو على كل شئ قدير. يهدي من يشاء بفضله، ويضل من يشاء بعدله، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، خلق الخلق، وقدر أعمالهم وأرزاقهم وحياتهم وموتهم.

فالإيمان بالقدر يبعث في النفس اليقين والرضا، والطمأنينة، والأمن، والسعادة، والركون إلى الله العلي العظيم.

moKatel
16-02-2003, 12:55 PM
نواقض الإسلام
لسماحة الشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز



الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد: فاعلم أيها المسلم أن الله *سبحانه* أوجب على جميع العباد الدخول في الإسـلام والتمسك به والحـذر مما يخالفه، وبعث نبيه محمداً (صلى الله عليه وسلم) للدعوة إلى ذلك، وأخبر -عزّ وجلّ- أن من اتبعه فقد اهتدى، ومن أعرض عنه فقد ضل، وحذر في آيات كثيرات من أسباب الردة، وسائر أنواع الشرك والكفر، وذكر العلماء *رحمهم الله* في باب حكم المرتد، أن المسلم قد يرتد عن دينه بأنواع كثيرة من النواقض التي تحل دمه وماله، ويكن بها خارجاً عن الإسلام، ومن أخطرها وأكثرها وقوعاً عشرة نواقض ذكرها الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وغيره من أهل العلم *رحمهم الله جميعاً* ونذكرها لك فيما يلي على سبيل الإيجاز، لتَحْذَرَها وتُحَذِّر منها غيرك، رجاء السلامة والعافية منها، مع توضيحات قليلة نذكرها بعدها:

الأول: الشرك في عبادة الله تعالى، قال الله تعالى : إن الله لا يغفر أن يٌشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [النساء: 116]، وقال تعالى:إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار [المائدة: 72]، ومن ذلك دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، والنذر والذبح لهم كمن يذبح للجن أو للقبر.

الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط؛ يدعوهم، ويسألهم الشفاعة، ويتوكل عليهم، فقد كفر إجماعاً.

الثالث: من لم يُكَفِّر المشركين، أو شَكَّ في كفرهم، أو صحّح مذهبهم كفر.

الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر.

الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولو عمل به فقد كفر، لقوله تعالى: ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم [محمد: 9].

السادس: من استهزأ بشيء من دين الرسول (صلى الله عليه وسلم) أو ثوابه، أو عقابه كفر، والدليل قوله تعالى: قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم [التوبة: 65، 66].

السابع: السحر، ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر، والدليل قوله تعالى: وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر [البقرة: 102].

الثامن: مظاهـرة المشـركين ومعاونتهـم على المسـلمين، والدليـل قولـه تعالى: ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين [المائدة: 51].

التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد (صلى الله عليه وسلم) كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر؛ لقوله تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [آل عمران: 85].

العاشر: الإعراض عن دين الله، لا يتعلمـه ولا يعمـل به؛ والدليل قوله تعالى: ومن أظلم ممن ذٌكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون [السجدة: 22].

ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطراً، وأكثر ما يكون وقوعاً. فينبغي للمسلم أن يحذرها، ويخاف منها على نفسه، نعوذ بالله من موجبات غضبه، وأليم عقابه، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى كلامه رحمه الله.

ويدخل في القسم الرابع: من اعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنها الناس، أفضل من شريعة الإسلام، أو أنها مساوية لها، أو أنه يجوز التحاكم إليها، ولو اعتقد أن الحكم بالشريعة أفضل، أو أن نظام الإسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين، أو أنه كان سبباً في تخلف المسلمين، أو أنه يحصر في علاقة المرء بربه دون أن يتدخل في شؤون الحياة الأخرى.

ويدخل في القسم الرابع: أيضاً من يرى أن إنفاذ حكم الله في قطع يد السارق، أو رجم الزاني المحصن لا يناسب العصر الحاضر.

ويدخل في ذلك *أيضاً *: كل من اعتقد أنه يجوز الحكم بغير شريعة الله في المعاملات، أو الحدود، أو غيرهما، وإن لم يعتقد أن ذلك أفضل من حكم الشريعة، لأنه بذلك يكون قد استباح ما حرم الله إجماعاً وكل من استباح ما حرّم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة، كالزنى، والخمر، والربا، والحكم بغير شريعة الله فهو كافر بإجماع المسلمين.

ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يرضيه، وأن يهدينا وجميع المسلمين صراطه المستقيم، إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.

moKatel
16-02-2003, 01:08 PM
فضل الإسلام
للشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب
(رحمه الله)

باب فضل الإسلام

وقول الله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً [المائدة: 3] وقوله تعالى: قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم [ يونس: 104] ، وقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم [الحديد: 28].

وفي الصحيح عن ابن عمر أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: "مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أُجراء فقال: من يعمل لي من غدوه إلى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط ؟ فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل لي من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين؟ فأنتم هم، فغضبت اليهود والنصارى، فقالوا: ما لنا أكثر عملاً وأقل عطاءً ؟ قال: هل نقصتُكم من حقكم ؟ قالوا: لا. قال: فذلك فضلي أوتيه من أشاء".

وفيه أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وللنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة. نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة".

وفيه تعليقاً عن النبي "صلى الله عليه وسلم" أنه قال: "أحبًّ الإيمان إلى الله الحنيفية السمحة" انتهى.

وعن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال: عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الله ففاضت عيناه من خشية الله فتمسه النار. وليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الرحمن فاقشعر جلده من مخافة الله إلا كان كمثل شجرة يبس ورقُها إلا تحاتت عنه ذنوبه كما تحات عن هذه الشجرة ورقها، وإن اقتصاداً في سنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة.

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: يا حبذا نوم الأكياس وإفطارهم. كيف يغبنون سهر الحمقى وصومهم؟ مثقال ذرة من بِرُّ مع تقوى ويقين، أعظم وأفضل وأرجح من عبادة المغترين.




باب وجوب الإسلام:

وقول الله تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [آل عمران: 85]. وقوله تعالى: وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله [الأنعام: 153].

قال مجاهد: السُّبل: البدع والشبهات.

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" [أخرجاه]، وفي لفظ " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".

وللبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: ومن يأبى ؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى".

وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "أبغضُ الناس إلى الله ثلاثة: ملحِدٌ في الحرم، ومبتغٍ في الإسلام سنّة الجاهلية، ومُطْلب دم امرئ مسلم بغير حق ليهريق دمه" [رواه البخاري] ، ويندرج فيها كل جاهلية مطلقة أو مقيدة، أي في شخص دون شخص، كتابية، أو وثنية، أو غيرهما من كل مخالف لما جاء به المرسلون.

وفي الصحيح عن حذيفة رضي الله عنه قال: يامعشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقاً بعيداً، فإن أخذتم يميناً وشمالاً فقد ضللتم ضلالاً بعيداً.

وعن محمد بن وضّاح: كان يدخل المسجد فيقف على الحلق فيقول تذكرة وقال: أنبأنا ابن عيينه، عن مجالد عن الشعبي، عن مسـروق، قال عبدالله -يعني ابن مسعود-: ليس عام إلا والذي بعد أشرّ منه، لا تقول عامُ أخصبُ من عام، ولا أمير خير من أمير، لكنْ ذهابُ علمائكم وخياركم، ثم يُحدث أقوام يقيسون الأمور بآرائهم فيُهدم الإسلام وينثلم.




باب: تفسير الإسلام:

وقول الله تعالى: فإن حاجّوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتّبعن [آل عمران:20] الآية.

وفي الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً".

وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".

وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الإسلام فقال: "أن تسلم قلبك لله، وأن تولي وجهك إلى الله، وأن تصلي الصلاة المكتوبة، وتؤتي الزكاة المفروضة" رواه أحمد.

وعن أبي قلابة عن عمرو بن عبسة عن رجل من أهل الشام عن أبيه أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما الإسلام؟ قال: "أن تُسلم قلبك لله ويسلم المسلمون من لسانك ويدك"، قال: أي الإسلام أفضل؟ قال: "الإيمان"، قال: وما الإيمان؟ قال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت".


باب قول الله تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه:

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "تجيء الأعمال يوم القيامة فتجيء الصلاة فتقول: يا رب أنا الصلاة فيقول: إنك على خير، ثم يجيء الصيام فيقول: إنك على خير، ثم تجيء الأعمال على ذلك فيقول: إنك على خير، ثم يجيء الإسلام فيقول: يا رب إنك السلام وأنا الإسلام فيقول: إنك على خير، بك اليوم آخذ وبك أعطي". قال الله تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [آل عمران: 85] رواه أحمد.

وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" [رواه أحمد].


باب وجوب الاستغناء بمتابعته (صلى الله عليه وسلم) عن كل ما سواه:

وقول الله تعالى: ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء[النحل: 89].

روى النسائي وغيره عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه رأي في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورقة من التوراة فقال: " أمُتهوِّكون يا ابن الخطاب؟! لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لو كان موسى حياَ واتبعتموه وتركتموني ضللتم" وفي رواية: " لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي" فقال عمر: رضيتُ بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ نبياً.


باب ما جاء في الخروج عن دعوى الإسلام:

وقوله تعالى: هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا [الحج: 78].

عن الحارث الأشعري رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "آمركم بخمس، الله أمرني بهن: السمع، والطاعة، والجهاد، والهجرة، والجماعة، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع، ومن دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثي جهنم"، فقال رجل: يا رسول الله وإن صلى وصام قال: "وإن صلى وصام فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين والمؤمنين عباد الله" [رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح].

وفي الصحيح: "من فارق الجماعة شبراً فميتته جاهلية" وفيه: "أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم"، قال أبو العباس: كل ما يخرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة فهو من عزاء الجاهلية، بل لما اختصم مهاجري وأنصاري فقال المهاجريُّ: يا للمهاجرين! وقال الأنصاري: يا للأنصار! قال (صلى الله عليه وسلم): "أ بدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟" وغضب لذلك غضباً شديداً. انتهى كلامه.



باب وجوب الدخول في الإسلام كله وترك ما سواه:

وقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة [البقرة: 208] وقوله تعالى: ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أُنزل إليك وما أُنزل من قبلك [النساء: 60] الآية. وقوله تعالى: يوم تبيض وجوه وتسود وجوه [آل عمران: 106]. قال ابن عباس رضي الله عنه: تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف، وتسود وجوه أهل البدع والاختلاف.

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إذا كان منهم من أتى أمه علانـية كان في أمتي من يصنع ذلك، وأن بني إسرائيل افترقت على اثنتين وسبعين ملة"، وتمام الحديث قوله: "وتفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي - يا لها موعظة لو وافقت من القلوب حياة - (رواه الترمذي، ورواه أيضاً من حديث معاوية عند أحمد وأبي داود وفيه: " إنه سيخرج من أمتي قوم تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه، فلا يبقى منه عِرْق ولا مِفْصل إلا دخله" وتقدم قوله: "ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية".




باب ما جاء أن البدعة أشدّ من الكبائر:

لقوله عزّ وجلّ: إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [النساء: 48] وقوله تعالى: ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يُضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون [النحل: 25].

وفي الصحيح أنه (صلى الله عليه وسلم) قال في الخوارج: "أينما لقيتموهم فاقتلوهم".

وفيه أنه نهى عن قتل أمراء الجور ما صلوا.

عن جرير عن عبدالله أن رجلاً تصدق بصدقة ثم تتابع الناس فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " من سنِّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء" [رواه مسلم].

وله من حديث أبي هريرة ولفظه: "من دعا إلى هدى –ثم قال- من دعا إلى ضلالة".




باب ما جاء أن الله احتجر التوبة عن صاحب البدعة:

هذا مروي من حديث أنس من مراسيل الحسن.

* وذكر ابن وضاح عن أيوب قال: كان عندنا رجل يرى رأياً فتركه فأتيت محمد ابن سيرين فقلت: أشعرت أن فلاناً ترك رأيه؟ قال: أنظر إلى ماذا؟ إن آخر الحديث أشد عليهم من أوله: (يمرقون من الإسلام؟ ثم لا يعودون إليه) وسئل أحمد بن حنبل عن معنى ذلك فقال: لا يوفق للتوبة





باب قول الله تعالى: يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم

قول الله تعالى: يا أهل الكتاب لم تحاجّون في إبراهيم [آل عمران: 65] إلى قوله: وما كان من المشركين [آل عمران: 67] وقوله: ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين [البقرة: 130] وفيه حديث الخوارج وتقدم وفيه أنه (صلى الله عليه وسلم) قال: "آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما أوليائي المتقون" وفيه أيضاً عن أنس أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذُكر له أن بعض الصحابة قال: أما أنافلا آكل اللحم، وقال آخر: أما أنا فأقوم ولا أنام، وقال آخر: أما أنا فلا أتزوج النساء، وقال آخر: أما أنا فأصوم ولا أفطر. فقال (صلى الله عليه وسلم): "لكنني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني". فتأمل إذا كان بعض الصحابة أراد التبتل للعبادة قيل فيه هذا الكلام الغليظ وسمي فعله رغوباً عن السنة فما ظنك بغير هذا من البدع وما ظنك بغير الصحابة؟



باب قول الله تعالى: فأقم وجهك للدين حنيفاً

قول الله تعالى: فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون [الروم: 30]. وقوله تعالى: ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون [البقرة: 132]. وقوله: ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين [النحل: 123].

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " إن لكل نبي ولاة من النبيين وأنا وليي منهم أبي إبراهيم وخليل ربي"، ثم قرأ: إن أولى الناس بإبراهيم للذين أتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين [آل عمران: 68] (رواه الترمذي).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".

ولهما عن ابن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " أنا فرطكم على الحوض وليرفعنَّ إليَّ رجال من أمتي حتى إذا أهويت لأنـاولهم احتجبوا دوني فأقول: أي ربِّ أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك".

ولهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " وددت أنا قد رأينا إخواننا"، قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: "أنتم أصحابي، وإخواني هم الذين لم يأتوا بعد"، قالوا: فكيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك؟ قال: "أرأيتم لو أن رجلاً له خيل غُرُّ مُحجلةُ بين ظهري خيل دُهم بهم ألا يعرفُ خيله؟" قالوا: بلى قال: "فإنهم يأتون غراً مُحجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادن رجال يوم القيامة عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هَلمَّ فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك فأقول: سحقاً سحقاً".

وللبخاري: " بينما أنا قائم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلمَّ فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على إدبارهم القهقرى، ثم إذا زمرة –فذكر مثله- قال: " فلا أراه يخلص منهم إلا مثل هَمَل النعم".

ولهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: فأقول كما قال العبد الصالح: وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد [المائدة: 117].

ولهما عنه مرفوعاً: "ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء حتى تكونوا أنتم تجدعونها"، ثم قرأ أبو هريرة: فطرة الله التي فطر الناس عليها [الروم: 30] (متفق عليه).

وعن حذيفة رضي الله عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الخير وأنا أسأله عن الشر مخافة أن يد ركني فقلت يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: "نعم". فقلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم وفيه دخَنَ" قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر. قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم فتنة عمياء ودعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا قال: "قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا –قلت: يا رسول الله ما تأمرني إن أدركت ذلك قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: وإن لم يكن جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك". أخرجاه وزاد مسلم: ثم ماذا؟ قال: يخرج الدجال معه نهر ونار فمن وقع في ناره وجب أجره. قلت: ثم ماذا؟ قال: " هي قيام الساعة"، قال أبو العالية: تعلموا الإسلام فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم فإنه الإسلام، ولا تتحركوا عن الصراط يميناً ولا شمالاً، وعليكم بسنة نبيكم وإياكم وهذه الأهواء. انتهى.

تأمل كلام أبي العالية هذا ما أجله، واعرف زمانه الذي يُحذِّر فيه من الأهواء التي من اتبعها فقد رغب عن الإسلام، وتفسير الإسلام بالسنة، وخوفه على أعلام التابعين وعلمائهم من الخروج عن السنة والكتاب، يتبين لك معنى قوله تعالى: إذ قال له ربه أسلم [البقرة: 131] وقوله: ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون [البقرة: 132]. وقوله تعالى: ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه [البقرة: 130]. وأشباه هذه الأصول الكبار التي هي أصل الأصول والناس عنها في غفلة، وبمعرفته يتبين معنى الأحاديث في هذا الباب وأمثالها، وأما الإنسان الذي يقرأها وأشباهها وهو مطمئن أنها لا تناله ويظنها في قوم كانوا فبادوا أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خطاً ثم قال: " هذا سبيل الله ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله ثم قال: هذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه وقرأ: وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله [الأنعام: 153] (رواه أحمد والنسائي).



باب ما جاء في غربة الإسلام وفضل الغرباء:

وقول الله تعالى: فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً ممن أنجينا منهم [هود: 116] الآية. وعن أبي هريرة مرفوعاً: "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء" (رواه مسلم ورواه أحمد من حديث ابن مسعود وفيه: ومن الغرباء؟ قال: " النُزَّاع من القبائل والذين يصْلُحون إذا فسد الناس". وللترمذي من حديث كثير بن عبدالله عن أبيه عن جده "فطوبى للغرباء الذين يُصْلحون ما أفسد الناسُ من سنتي").

وعن أبي أمية قال: سألت أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم [المائدة: 105]. قال: أما والله لقد سألت عنها خبيراً، سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: " بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيتم شحَّاً مطاعاً وهوى متبعاً، ودنياً مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أياماً الصابر فيهن مثل القابض على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم قلنا: منا أم منهم؟ قال: بل منكم" [رواه أبو داود والترمذي].

وروى ابن وضّاح معناه من حديث ابن عمر ولفظه: " إن من بعدكم أياماً للصابر فيها المتمسك بدينه مثل ما أنتم عليه اليوم، له أجرُ خمسين منكم ثم قال: أنبأنا محمد بن سعيد، أنبأنا أسد، قال سفيان بن عيينة: عن البصري، عن سعيد أخي الحسن يرفعه قال: ( إنكم اليوم على بينة من ربكم، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتجاهدون في سبيل الله، ولم يظهر فيكم السكرتان: سكرة الجهل، وسكرة حُبِّ العيشِ، وستحولون عن ذلك، فالمتمسك يومئذٍ بالكتاب والسنةِ له أجرُ خمسين" قيل: منهم؟ قال: "بل منكم" وله بإسناد عن المعافري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " طوبى للغرباء، الذين يتمسكون بالكتابِ حين يُترك، ويعملون بالسنةِ حين تطفأ".



باب التحذير من البدع:

عن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) موعظة بليغة، قلنا: يا رسول الله كأنها موعظةُ مودع فأوصنا قال: "أوصيكم بتقوى الله عزّ وجلّ، والسمع والطاعة، وإن أُّمِّر عليكم عبدُ، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كلَّ بدعة ضلالة" [قال الترمذي: حديث حسن صحيح].

وعن حذيفه قال: كلُ عبادة لا يتعبدها أصحاب محمد فلا تعبَّدوها فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً، فاتقوا الله يا معشر القراء، وخذوا طريق من كان قبلكم، رواه أبو داود. وقال الدارمي: أخبرنا الحكم بن المبارك، أنبأنا عمرو بن يحيى، قال: سمعت أبي يحدِّث عن أبيه قال" كنا نجلس على باب عبدالله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال: أخرج أبو عبدالرحمن؟ قلنا: لا، فجلس معنا، فلما خرج قال: يا أبا عبدالرحمن إني رأيت في المسجد أمراً أنكرتُه، ولم أر والحمد لله إلا خيراً، قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه قال: رأيت في المسجد قوماً حِلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة، في كل حَلَقة رجل وفي أيديهم حصى فيقول: كبروا مائة، فيكبروا مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، فيقول: سبحوا مائة فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاً، أنتظر أمرك قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟ ثم مضى حتى أتى حلقة، فقال: ما هذا؟ قالوا له: حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد! ما أسرع هلكتكم ! هؤلاء صحابة نبيكم (صلى الله عليه وسلم) متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلاله، قالوا: والله يا أبا عبدالرحمن ما أردنا إلا الخير قال: وكم من مريد للخير لم يُصبه إن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" حدثنا أن قوماً يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله لعل أكثرهم منكم فقال: عمرو بن سلمة رأينا عامة أولئك يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج.

yara
16-02-2003, 10:52 PM
السلام عليكم ورحمة الله
نشكر الاخ الفاضل مُقاتل على مُشاركاته ومساهماته المميزه دائماً
نسئل الله ان يجعلها بموازين حسناته وان يجعل مانقل وكتب شاهداً له

ونشكره على هذا الموضوع المميز واللذي يجب على كل مسلم معرفته ونطمع منه بالمزيد ... فجزاه الله كل خير

أسد الحق
16-02-2003, 11:52 PM
مشكور و جزاك الله خيرا و بارك الله فيك و جعلها فى موازين حسناتك


مع تحياتى

MandN
03-03-2003, 05:57 PM
جزاك الله خير على الموضوع الشامل

bjn_02
09-11-2003, 03:47 PM
جزاك الله خيراُ...

مسلم2003
09-11-2003, 05:24 PM
موضوع طيب وجميل بارك الله فيك

abo_7ozayfa
09-11-2003, 05:49 PM
mokatel feenak ya ragel el montada nawar wa7eshna wallahy 3ala el net>.......... :jester: