the wolf
18-02-2003, 12:02 AM
كان موسم 2002 موسماً إستثنائياً على جميع الصُعُد. لكن لنترك كل ما هو غير رياضي، فما فات فات، ولنهتم بما هو آتٍ! كان إستثنائياً بأرقامه القياسية التي حطمتها بالطبع فيراري وسائقها الفذ مايكل شوماخر بعدما سيطرا سيطرة تامة على الموسم. التفاصيل نعرفها، وسبق أن ذكرناها في أعدادنا الأخيرة. ولكن للذكرى فقط، وبسرعة، فقد حقّق شوماخر لقبه الدولي الخامس، وحطم الرقم القياسي في عدد الإنتصارات خلال موسم واحد إذ فاز 11 مرّة. وأنهى جميع سباقات الموسم، وسجل أيضاً رقماً قياسياً إذ صعد إلى منصة التتويج 17 مرة أي مرة في كل سباق من السباقات المقرّرة...
وبهذه النتائج سيبقى موسم 2002 مطبوعاً، لا بل محفوراً، في الذاكرة وفي تاريخ الفورمولا - واحد، ممّا أحدث ضجة كبرى في مختلف الأوساط، لعلها تُنتج منعطفاً في تاريخ هذه السباقات بعد الإقتراحات والتعديلات والقرارات التي صدر منها عدد لا بأس به، وننتظر صدور الباقي قريباً.
ولذلك كان لا بدّ من إلقاء نظرة تحليلية على الموسم مع إطلالة على الموسم المقبل لنحاول اكتشاف عناصر الصورة التي ينتظرها ملايين عشاق هذه الرياضة.
إيقاف الزحف
بعدما انتهى الموسم، ومباشرة بعد فترة استراحة قصيرة، انكب الجميع من مهندسين وإداريين وتقنيين ومورّدي قطع الغيار وصانعي المحركات والهياكل... انكبوا جميعاً على العمل من أجل إيجاد الحل لإيقاف زحف فيراري الكاسح على الأقل، إن لم يتمكنوا من إيجاد الطريقة التي يتفوقون بها عليها.
كل شيء يجري الآن في سرية تامة، ليس لمصلحتهم فقط، بل أيضاً لإنقاذ الفورمولا - واحد، ولإنقاذ الأموال الطائلة التي تصرف كل عام من دون نتيجة تذكر. لكن فيراري أيضاً تعمل من جهتها على إبقاء سيطرتها على موسم 2003، لا بل تحاول أيضاً وأيضاً التفوّق على مستوها السابق.
مسألة الإمكانات
لكن ما هي "الوصفات" الناجعة المطروحة أمام باقي الفرق كي تتوصل إلى ما تصبو إليه؟ هل ستتبع الطريق نفسه الذي أوصل فيراري إلى ما وصلت إليه؟ وهل تستطيع ذلك؟ ف "وصفة" فيراري معروفة تقريباً: إمكانات كبيرة، فريق عمل كبير ويضمّ أفضل الخبراء في مختلف الميادين، إداريون ممتازون ويملكون "أوراقاً بيضاء" للتصرّف كما يريدون وحسب معرفتهم وخبرتهم، أفضل السائقين ولو بأغلى الأسعار، البحث الدائم عن أفضل الطرق لزيادة الفعالية، أدوات تقنية فائقة التطور، عمل جاد ومكثف ومنتظم وبشكل جماعي...
خطة جان تود
كل هذه الأشياء لم يتمكّن أي فريق في الموسم الماضي من تحقيقها. وللعلم فقط فإن ميزانية فيراري تبلغ مجموع ميزانيتي مرسيدس وماكلارين معاً. والعمل الجاد والمنتظم لم تظهره بشكل كامل أي شركة من الشركات التي ضمها موسم العام 2002. لنذكر فقط، وكمثال على طريقة عمل فيراري وإدارتها ما يقوله دائماً مديرها القدير. يقول جان تود: "إن الذين يحتلون اليوم المركز الأول قد يصبحون غداً في المركز الأخير". هذا هو شعاره اليومي الدائم. وهو على حق. ويضيف: "لا شيء نهائياً. النصر تتبعه الهزيمة، والهزيمة قد يتبعها النصر. يجب دائماً الكشف عن السواعد والعمل لأن المسؤوليات المقبلة أكبر بكثير من المسؤوليات التي عرفناها".
الجد المتواصل
بهذا الكلام، كيف لا تريدون أن تكون فيراري الأولى؟ بهذه الروحية الجادّة - مع الإمكانات طبعاً - لا بدّ من تحقيق الإنتصارات. لا ينام جان تود على حرير. هو يقول دائماً: "بالطبع تستطيع ماكلارين أو ويليامس منافستنا على اللقب في الموسم المقبل 2003، كما فعلنا نحن معهما إبتداء من العام 1998". لا يقلّل تود من أهمية خصومه.
ويقول تود أيضاً لمن يريد أن يسمع: "طالما استطعنا نحن تحقيق ما حققناه، فغيرنا أيضاً يمكنه تحقيق الشيء نفسه".
والواقع أن كلام جان تود واقعي وصحيح. وهو يعرف أن ماكلارين زادت من أعضاء فريقها وخصوصاً ضمّت إثنين من المهندسين الماهرين. ويعرف أيضاً أن ويليامس أصبح لديها شريك مهم يقدّم لها محركاً جيداً جداً، وهو متحمس للقيام بشيء ما في سباقات الفورمولا - واحد. ولذلك فالإمكانات موجودة لإزعاج فيراري، وهي إمكانات كان يمكن أن تكون أكيدة لولا أن فترة التجارب التي تقع بين نهاية موسم وبداية آخر أطول قليلاً.
هل تمّت الإستفادة؟
صحيح أن هذه الفترة قصيرة من أجل إحداث تغيير شامل يغيّر بدوره مجرى الأمور. لكن هذين الفريقين الكبيرين كانا يعرفان قبل أشهر من نهاية موسم 2002 أن لا حظ لهما في البطولة، وبالتالي كانا قد بدأا التفكير في عملية التغيير الشاملة التي نتوقعها جميعاً، ولا ندري حتى الآن ما إذا كانت ستتم بالشكل الذي نريده نحن، ويتمناه هذان الفريقان الكبيران اللذان ذكرناهما على سبيل المثال لأنهما يملكان أكبر الإمكانات المادية.
"أسرار" معروفة!
ومن هنا فإن الوقت قد لا يكون عذراً عند ماكلارين وويليامس وغيرهما. ولنتكلم بصراحة: كانت الشكوك منصبّة على فيراري حول نقطتين أساسيتين: علبة تروس خاصة، واحتمال امتلاك جذعين مرفقيين صغيرين بدل جذع واحد، مع جهاز تعشيق مزدوج. فلماذا لا تحاول بقية الفرق القيام بالشيء نفسه؟ وكان هناك من يعرف أن صمامات إلكترونية في علبة التروس عند فيراري تجعل التعشيق أسرع بحوالي 30% من مثيلاتها عند بقية الفرق. وهذا كانت نتيجته أنه يوفّر ما يقارب 25 جزءاً من ألف من الثانية على فيراري عند كل مرة تغيّر فيها السرعة. كما يعرف الجميع أن فيراري استطاعت بذكاء مهندسيها تقصير 20 ملم في طول علبة التروس. فلماذا هنا أيضاً لا يحاولون؟
ملاحظة غريبة
من جهة أخرى هناك شيء مدهش لاحظه باتريك هيد مدير فريق ويليامس قبل انطلاق جائزة الولايات المتحدة الكبرى. فقد تمكّن هيد وهو ينظر إلى الفيراري - طبعاً بمكبّر قوي - أن المُطلِق الألكتروني المكلف بإشعال المحرك بينما السيارة على شبكة الإنطلاق، كان مثبتاً على قوة ضعيفة بشكل غريب. بمعنى أن مؤشر هذا الجهاز كان المطلوب منه أن يحرّك السيارة بقوة ضعيفة على عكس ما هو متوقع ومطلوب! وهذا يدل - حسب الخبراء - على وجود جذع إضافي بين المحرك وجهاز التعشيق. فهل هذا هو الدليل على وجود علبة التروس الإضافية المشكوك فيها؟
... وملاحظة أخرى
حادث آخر كان قد حصل قبل يومين من الجائزة المذكورة. فبعدما حصل حادث أثناء التجارب مع باريكيللو. وحملت إحدى الرافعات المخصّصة لرفع السيارات عن الحلبة سيارة الفيراري الخاصة بباريكيللو لتحملها إلى المرأب المخصّص لفيراري. حصل ما لم يكن في الحسبان.
فعادة، عندما تحمل الرافعة سيارة أصيبت بحادث، يركب فيها أحد المفوضين أو أحد الميكانيكيين ليحدث توازناً في الوزن يُبقي السيارة على شكل متوازٍ مع الأرض كي تتمكن الرافعة من وضعها في المرأب.
في ذلك اليوم لم يحصل ذلك. فهوت السيارة بمقدمتها نحو الأرض عندما رفعتها الرافعة. ولاحظ الملاحظون - ومن بينهم باتريك هيد - وبدهشة كبيرة أن القطار الخلفي الذي من المفترض أن يميل ويهوي نحو الأرض بسبب ثقله وتتجه المقدمة نحو السماء لم يحصل ذلك أبداً، بل اتجهت هذه المقدمة كما ذكرنا نحو الأرض، وهو شيء غريب فعلاً.
سر آخر
فالذي نعرفه عن الفيراري 2002 أن قسمها الخلفي يوجد فيه جهاز نقل الحركة والمحرك وخزان الوقود، وهذه القطع كلها متماسكة جداً بعضها مع بعض، مما يوزع بشكل جيد الأوزان. فما الذي جعل السيارة تميل إلى الأمام بدل أن تنحني إلى الوراء؟. هل تغيّر وضع بعض هذه العناصر من أجل ثبات أفضل على الحلبة، ومن أجل توفير أفضل في استهلاك الإطارات؟ سر جديد آخر لم يستطع أحد حتى الآن فكّ رموزه.
كل هذه الأمور وغيرها يعرفها الآن منافسو فيراري. ويعرفون خصوصاً أن التفوّق قد يكون أيضاً في تصغير كل شيء، وفي موضوع الإنسيابية. في هذه المجالات خصوصاً يجب أن يتطوّر منافسو فيراري. وربما تقليدها في تخفيف الوزن خلفاً ومدّ جسم سياراتهم قليلاً نحو الأمام مع تعديل توزيع الأوزان. ولعل هذه النقطة بالذات هي التي أراحت الفيراري 2001 من مشاكلها الإنسيابية.
دور الإلكترونيات
طبعاً، كان تفوّق فيراري واضحاً أيضاً من ناحية الإلكترونيات ومن ناحية المساعدة على القيادة. فلماذا لا يتطوّر منافسوها في هذا الجانب؟ بعضهم يقول - وربما هو على حق - إن فيراري استفادت من تطوير هذين الجانبين منذ سنوات عندما كان ذلك ممنوعاً. ولذلك فعندما وافق الإتحاد الدولي للسيارات على استخدام مثل هذه الأجهزة الإلكترونية، كانت فيراري متقدمة على الجميع، وربما على بعض السيارات الأخرى التي كانت تستخدم بعض هذه الأجهزة سراً! حيث أنّها كانت في الواقع غير مسموح بها وغير ممنوعة!
استفادات "سرية" و"ممنوعة"
هذا التقدّم التقني والإلكتروني سمح لفيراري - وربما لغيرها - بتطوير أشياء أخرى تتعلق خصوصاً بنظام التحكّم بالثبات ونظام منع الإنزلاق الذي استطاع أن يلعب دور النظام المانع لانغلاق المكابح (ABS) على العجلتين الخلفيتين، هذا النظام الممنوع في الفورمولا - واحد.
نعود إلى كلام جان تود الذي معناه أن الرابح اليوم هو الخاسر غداً، وعلى العكس. ولا يبقى سوى عدة أسابيع على بداية الموسم، ونأمل أن تكون الفرق الأخرى قد حاولت الاستفادة من أخطائها ونواقصها وطوّرت سياراتها كي نشهد موسماً جديداً جميلاً ومثيراً ينسينا موسم 2002 الذي "قتلنا" ببرودته وبلادته وروتينه.
نظرة على 2003
بعد هذا العرض التحليلي لموسم 2002 هل لنا أن نلقي نظرة سريعة على موسم 2003؟ نقول "نظرة سريعة" لأن الإستعدادات لم تكتمل عند الجميع وسنخصّص للموسم الجديد موضوعاً كاملاً متكاملاً في حينه.
بالنسبة إلى فيراري من المعتقد أنها ستفعل ما فعلته الموسم الماضي أي أن تبدأ بسيارتها F 2002 على أن تستخدم F 2003 بعد سباقين أو ثلاثة حينما تكون قد انتهت تماماً من إنجازها واعتمادها. وهي على كل حال مطمئنة إلى كفاءة وفعالية النسخة السابقة.
وبالنسبة إلى ماكلارين فيبدو أن ماكلارين متأخرة قليلاً، حيث اكتشف مايك كوغلان المهندس الجديد لمشروع السيارة الجديدة وهو عضو سابق في فريق فيراري، كما اكتشف جون ساتون المتخصص بأنظمة نقل الحركة - وهو أيضاً عضو سابق في فيراري - اكتشفا أن الماكلارين بحاجة إلى "ثورة" متكاملة وليس فقط إلى بعض التعديلات. ولذلك فليس من المنتظر أن نرى السيارة الجديدة MP4-18 قبل جائزة سان مارينو.
محرك ويليامس
من جهة ويليامس كانت مشكلتها الرئيسية احتراق المحرك. والغريب أنها كانت الأسرع أثناء التأهيل بينما تبدو غير فعّالة أثناء السباق. هل هي مشكلة استخدام الإطارات؟ المهم أن السيارة الجديدة FW 25 ستكون مختلفة كثيراً عن سابقتها FW 24 خصوصاً لجهة أنظمة التعليق. لكنها للأسف فقدت أحد أهم خبراء الإنسيابية وهو جوف ويلليس. يبقى أن تتم "مصالحة" بين سائقي ويليامس - بي أم ي رالف شوماخر وخوان - بابلو مونتويا اللذين أضرّا بعضهما ببعضٍ مراراً.
رينو: الإرتكازيّة
عند رينو التي قامت بموسم لا بأس به بعد عودتها يتوجب تحسين استقرار سيارتها على الحلبة ربما لجعلها أكثر ثقلاً. وهي تعمل من جهة أخرى على تحسين أنظمة التعليق وتطوير كفاءة المحرك. ولقد استقدمت رينو أحد المتخصصين في نظام نقل الحركة وهو دي نورث، وأوكلت الإهتمام بمشروع سيارتها الجديدة B 203 إلى تيم دنشام محرّرة بذلك مايك غاسكون من مسؤولياته هذه كي يتفرّغ لمشروع السيارة للعام 2004. وستشارك السيارة الجديدة في أول سباقات الموسم 2003.
ساوبر: المال أولاً
أمّا ساوبر التي فقدت المركز الرابع بصعوبة، فتبقى أفضل فريق خاص (غير مرتبط بشركات صانعة للسيارات). لكن هذه الشركة تواجه مشاكل تقنية ومالية وفنية، أي في أهلية وكفاءة المسؤولين عنها. المطلوب مال كثير حتى يتمكن فريق ساوبر من عمل شيء ما. فكل الأمور التي ذكرناها مرتبطة بالميزانية وبتوفير المال. ويقال إن أودي وولكساغن ترغبان في المشاركة، لكن أي موعد لذلك لم يحدّد بعد.
ومن جهة جوردان - فورد فالقضية الرئيسية هي تقريباً القضية نفسها التي تواجهها ساوبر. على كل حال يقال إن السيارة الجديدة جاهزة وقد أعدها نيكولا بيتروتشي، وهو أيضاً كان مع فريق فيراري وطبعاً بالتعاون مع غاري أندرسون وهنري دوران.
بار: الإطارات فقط!
مدير بار - هوندا قال إن المشكلة في فريقه تكمن في استخدام الإطارات كما يجب. لكن الواقع هو أن المحرك يجب أن يتمّ تحسينه، وهذا ما تقوم به هوندا. والسيارة الجديدة ستبدأ تجاربها أوائل العام الجديد وبالتحديد في السادس من كانون الثاني (يناير).
أمّا عند جاكوار فهناك محرك جديد ومسؤولون جدد مثل سيرجيو رينلاند الذي كان يعمل مع فريق ساوبر ومالكولم أوستلر الذي كان عند بار. السيارة الجديدة ستنطلق في تجاربها في 11 من كانون الثاني (يناير).
ميناردي: الرضوخ للواقع
تبقى ميناردي وتويوتا. بالنسبة إلى ميناردي لم يتمكّن بول ستودارت من بيعها فاقتنع أخيراً بالإعتماد على نفسه واضطر إلى شراء محرك كوسويرث بعد محرك أزياتيك المجاني. لكن الميزانية تبقى ضعيفة جداً. السيارة الجديدة قد تظهر في شباط (فبراير) المقبل.
أمّا بالنسبة إلى تويوتا فقد عملت بشكل جاد على تطوير المحرك ورفعت قدرته. وهي تأمل في موسم 2003 الحلول رابعة أو خامسة على الأقل. وهي تعمل أيضاً على هيكل أفضل وأخف وزناً من السابق ومزوّد بنظام تعليق أكثر فعالية. أمّا السيارة فسيتم تقديمها إلى الجمهور منتصف كانون الثاني (يناير).
http://www.arabia.com/comp/cp/getimage/0,5610,1345,00.jpg
http://www.arabia.com/comp/cp/getimage/0,5610,1347,00.jpg
http://www.arabia.com/comp/cp/getimage/0,5610,1348,00.jpg
وبهذه النتائج سيبقى موسم 2002 مطبوعاً، لا بل محفوراً، في الذاكرة وفي تاريخ الفورمولا - واحد، ممّا أحدث ضجة كبرى في مختلف الأوساط، لعلها تُنتج منعطفاً في تاريخ هذه السباقات بعد الإقتراحات والتعديلات والقرارات التي صدر منها عدد لا بأس به، وننتظر صدور الباقي قريباً.
ولذلك كان لا بدّ من إلقاء نظرة تحليلية على الموسم مع إطلالة على الموسم المقبل لنحاول اكتشاف عناصر الصورة التي ينتظرها ملايين عشاق هذه الرياضة.
إيقاف الزحف
بعدما انتهى الموسم، ومباشرة بعد فترة استراحة قصيرة، انكب الجميع من مهندسين وإداريين وتقنيين ومورّدي قطع الغيار وصانعي المحركات والهياكل... انكبوا جميعاً على العمل من أجل إيجاد الحل لإيقاف زحف فيراري الكاسح على الأقل، إن لم يتمكنوا من إيجاد الطريقة التي يتفوقون بها عليها.
كل شيء يجري الآن في سرية تامة، ليس لمصلحتهم فقط، بل أيضاً لإنقاذ الفورمولا - واحد، ولإنقاذ الأموال الطائلة التي تصرف كل عام من دون نتيجة تذكر. لكن فيراري أيضاً تعمل من جهتها على إبقاء سيطرتها على موسم 2003، لا بل تحاول أيضاً وأيضاً التفوّق على مستوها السابق.
مسألة الإمكانات
لكن ما هي "الوصفات" الناجعة المطروحة أمام باقي الفرق كي تتوصل إلى ما تصبو إليه؟ هل ستتبع الطريق نفسه الذي أوصل فيراري إلى ما وصلت إليه؟ وهل تستطيع ذلك؟ ف "وصفة" فيراري معروفة تقريباً: إمكانات كبيرة، فريق عمل كبير ويضمّ أفضل الخبراء في مختلف الميادين، إداريون ممتازون ويملكون "أوراقاً بيضاء" للتصرّف كما يريدون وحسب معرفتهم وخبرتهم، أفضل السائقين ولو بأغلى الأسعار، البحث الدائم عن أفضل الطرق لزيادة الفعالية، أدوات تقنية فائقة التطور، عمل جاد ومكثف ومنتظم وبشكل جماعي...
خطة جان تود
كل هذه الأشياء لم يتمكّن أي فريق في الموسم الماضي من تحقيقها. وللعلم فقط فإن ميزانية فيراري تبلغ مجموع ميزانيتي مرسيدس وماكلارين معاً. والعمل الجاد والمنتظم لم تظهره بشكل كامل أي شركة من الشركات التي ضمها موسم العام 2002. لنذكر فقط، وكمثال على طريقة عمل فيراري وإدارتها ما يقوله دائماً مديرها القدير. يقول جان تود: "إن الذين يحتلون اليوم المركز الأول قد يصبحون غداً في المركز الأخير". هذا هو شعاره اليومي الدائم. وهو على حق. ويضيف: "لا شيء نهائياً. النصر تتبعه الهزيمة، والهزيمة قد يتبعها النصر. يجب دائماً الكشف عن السواعد والعمل لأن المسؤوليات المقبلة أكبر بكثير من المسؤوليات التي عرفناها".
الجد المتواصل
بهذا الكلام، كيف لا تريدون أن تكون فيراري الأولى؟ بهذه الروحية الجادّة - مع الإمكانات طبعاً - لا بدّ من تحقيق الإنتصارات. لا ينام جان تود على حرير. هو يقول دائماً: "بالطبع تستطيع ماكلارين أو ويليامس منافستنا على اللقب في الموسم المقبل 2003، كما فعلنا نحن معهما إبتداء من العام 1998". لا يقلّل تود من أهمية خصومه.
ويقول تود أيضاً لمن يريد أن يسمع: "طالما استطعنا نحن تحقيق ما حققناه، فغيرنا أيضاً يمكنه تحقيق الشيء نفسه".
والواقع أن كلام جان تود واقعي وصحيح. وهو يعرف أن ماكلارين زادت من أعضاء فريقها وخصوصاً ضمّت إثنين من المهندسين الماهرين. ويعرف أيضاً أن ويليامس أصبح لديها شريك مهم يقدّم لها محركاً جيداً جداً، وهو متحمس للقيام بشيء ما في سباقات الفورمولا - واحد. ولذلك فالإمكانات موجودة لإزعاج فيراري، وهي إمكانات كان يمكن أن تكون أكيدة لولا أن فترة التجارب التي تقع بين نهاية موسم وبداية آخر أطول قليلاً.
هل تمّت الإستفادة؟
صحيح أن هذه الفترة قصيرة من أجل إحداث تغيير شامل يغيّر بدوره مجرى الأمور. لكن هذين الفريقين الكبيرين كانا يعرفان قبل أشهر من نهاية موسم 2002 أن لا حظ لهما في البطولة، وبالتالي كانا قد بدأا التفكير في عملية التغيير الشاملة التي نتوقعها جميعاً، ولا ندري حتى الآن ما إذا كانت ستتم بالشكل الذي نريده نحن، ويتمناه هذان الفريقان الكبيران اللذان ذكرناهما على سبيل المثال لأنهما يملكان أكبر الإمكانات المادية.
"أسرار" معروفة!
ومن هنا فإن الوقت قد لا يكون عذراً عند ماكلارين وويليامس وغيرهما. ولنتكلم بصراحة: كانت الشكوك منصبّة على فيراري حول نقطتين أساسيتين: علبة تروس خاصة، واحتمال امتلاك جذعين مرفقيين صغيرين بدل جذع واحد، مع جهاز تعشيق مزدوج. فلماذا لا تحاول بقية الفرق القيام بالشيء نفسه؟ وكان هناك من يعرف أن صمامات إلكترونية في علبة التروس عند فيراري تجعل التعشيق أسرع بحوالي 30% من مثيلاتها عند بقية الفرق. وهذا كانت نتيجته أنه يوفّر ما يقارب 25 جزءاً من ألف من الثانية على فيراري عند كل مرة تغيّر فيها السرعة. كما يعرف الجميع أن فيراري استطاعت بذكاء مهندسيها تقصير 20 ملم في طول علبة التروس. فلماذا هنا أيضاً لا يحاولون؟
ملاحظة غريبة
من جهة أخرى هناك شيء مدهش لاحظه باتريك هيد مدير فريق ويليامس قبل انطلاق جائزة الولايات المتحدة الكبرى. فقد تمكّن هيد وهو ينظر إلى الفيراري - طبعاً بمكبّر قوي - أن المُطلِق الألكتروني المكلف بإشعال المحرك بينما السيارة على شبكة الإنطلاق، كان مثبتاً على قوة ضعيفة بشكل غريب. بمعنى أن مؤشر هذا الجهاز كان المطلوب منه أن يحرّك السيارة بقوة ضعيفة على عكس ما هو متوقع ومطلوب! وهذا يدل - حسب الخبراء - على وجود جذع إضافي بين المحرك وجهاز التعشيق. فهل هذا هو الدليل على وجود علبة التروس الإضافية المشكوك فيها؟
... وملاحظة أخرى
حادث آخر كان قد حصل قبل يومين من الجائزة المذكورة. فبعدما حصل حادث أثناء التجارب مع باريكيللو. وحملت إحدى الرافعات المخصّصة لرفع السيارات عن الحلبة سيارة الفيراري الخاصة بباريكيللو لتحملها إلى المرأب المخصّص لفيراري. حصل ما لم يكن في الحسبان.
فعادة، عندما تحمل الرافعة سيارة أصيبت بحادث، يركب فيها أحد المفوضين أو أحد الميكانيكيين ليحدث توازناً في الوزن يُبقي السيارة على شكل متوازٍ مع الأرض كي تتمكن الرافعة من وضعها في المرأب.
في ذلك اليوم لم يحصل ذلك. فهوت السيارة بمقدمتها نحو الأرض عندما رفعتها الرافعة. ولاحظ الملاحظون - ومن بينهم باتريك هيد - وبدهشة كبيرة أن القطار الخلفي الذي من المفترض أن يميل ويهوي نحو الأرض بسبب ثقله وتتجه المقدمة نحو السماء لم يحصل ذلك أبداً، بل اتجهت هذه المقدمة كما ذكرنا نحو الأرض، وهو شيء غريب فعلاً.
سر آخر
فالذي نعرفه عن الفيراري 2002 أن قسمها الخلفي يوجد فيه جهاز نقل الحركة والمحرك وخزان الوقود، وهذه القطع كلها متماسكة جداً بعضها مع بعض، مما يوزع بشكل جيد الأوزان. فما الذي جعل السيارة تميل إلى الأمام بدل أن تنحني إلى الوراء؟. هل تغيّر وضع بعض هذه العناصر من أجل ثبات أفضل على الحلبة، ومن أجل توفير أفضل في استهلاك الإطارات؟ سر جديد آخر لم يستطع أحد حتى الآن فكّ رموزه.
كل هذه الأمور وغيرها يعرفها الآن منافسو فيراري. ويعرفون خصوصاً أن التفوّق قد يكون أيضاً في تصغير كل شيء، وفي موضوع الإنسيابية. في هذه المجالات خصوصاً يجب أن يتطوّر منافسو فيراري. وربما تقليدها في تخفيف الوزن خلفاً ومدّ جسم سياراتهم قليلاً نحو الأمام مع تعديل توزيع الأوزان. ولعل هذه النقطة بالذات هي التي أراحت الفيراري 2001 من مشاكلها الإنسيابية.
دور الإلكترونيات
طبعاً، كان تفوّق فيراري واضحاً أيضاً من ناحية الإلكترونيات ومن ناحية المساعدة على القيادة. فلماذا لا يتطوّر منافسوها في هذا الجانب؟ بعضهم يقول - وربما هو على حق - إن فيراري استفادت من تطوير هذين الجانبين منذ سنوات عندما كان ذلك ممنوعاً. ولذلك فعندما وافق الإتحاد الدولي للسيارات على استخدام مثل هذه الأجهزة الإلكترونية، كانت فيراري متقدمة على الجميع، وربما على بعض السيارات الأخرى التي كانت تستخدم بعض هذه الأجهزة سراً! حيث أنّها كانت في الواقع غير مسموح بها وغير ممنوعة!
استفادات "سرية" و"ممنوعة"
هذا التقدّم التقني والإلكتروني سمح لفيراري - وربما لغيرها - بتطوير أشياء أخرى تتعلق خصوصاً بنظام التحكّم بالثبات ونظام منع الإنزلاق الذي استطاع أن يلعب دور النظام المانع لانغلاق المكابح (ABS) على العجلتين الخلفيتين، هذا النظام الممنوع في الفورمولا - واحد.
نعود إلى كلام جان تود الذي معناه أن الرابح اليوم هو الخاسر غداً، وعلى العكس. ولا يبقى سوى عدة أسابيع على بداية الموسم، ونأمل أن تكون الفرق الأخرى قد حاولت الاستفادة من أخطائها ونواقصها وطوّرت سياراتها كي نشهد موسماً جديداً جميلاً ومثيراً ينسينا موسم 2002 الذي "قتلنا" ببرودته وبلادته وروتينه.
نظرة على 2003
بعد هذا العرض التحليلي لموسم 2002 هل لنا أن نلقي نظرة سريعة على موسم 2003؟ نقول "نظرة سريعة" لأن الإستعدادات لم تكتمل عند الجميع وسنخصّص للموسم الجديد موضوعاً كاملاً متكاملاً في حينه.
بالنسبة إلى فيراري من المعتقد أنها ستفعل ما فعلته الموسم الماضي أي أن تبدأ بسيارتها F 2002 على أن تستخدم F 2003 بعد سباقين أو ثلاثة حينما تكون قد انتهت تماماً من إنجازها واعتمادها. وهي على كل حال مطمئنة إلى كفاءة وفعالية النسخة السابقة.
وبالنسبة إلى ماكلارين فيبدو أن ماكلارين متأخرة قليلاً، حيث اكتشف مايك كوغلان المهندس الجديد لمشروع السيارة الجديدة وهو عضو سابق في فريق فيراري، كما اكتشف جون ساتون المتخصص بأنظمة نقل الحركة - وهو أيضاً عضو سابق في فيراري - اكتشفا أن الماكلارين بحاجة إلى "ثورة" متكاملة وليس فقط إلى بعض التعديلات. ولذلك فليس من المنتظر أن نرى السيارة الجديدة MP4-18 قبل جائزة سان مارينو.
محرك ويليامس
من جهة ويليامس كانت مشكلتها الرئيسية احتراق المحرك. والغريب أنها كانت الأسرع أثناء التأهيل بينما تبدو غير فعّالة أثناء السباق. هل هي مشكلة استخدام الإطارات؟ المهم أن السيارة الجديدة FW 25 ستكون مختلفة كثيراً عن سابقتها FW 24 خصوصاً لجهة أنظمة التعليق. لكنها للأسف فقدت أحد أهم خبراء الإنسيابية وهو جوف ويلليس. يبقى أن تتم "مصالحة" بين سائقي ويليامس - بي أم ي رالف شوماخر وخوان - بابلو مونتويا اللذين أضرّا بعضهما ببعضٍ مراراً.
رينو: الإرتكازيّة
عند رينو التي قامت بموسم لا بأس به بعد عودتها يتوجب تحسين استقرار سيارتها على الحلبة ربما لجعلها أكثر ثقلاً. وهي تعمل من جهة أخرى على تحسين أنظمة التعليق وتطوير كفاءة المحرك. ولقد استقدمت رينو أحد المتخصصين في نظام نقل الحركة وهو دي نورث، وأوكلت الإهتمام بمشروع سيارتها الجديدة B 203 إلى تيم دنشام محرّرة بذلك مايك غاسكون من مسؤولياته هذه كي يتفرّغ لمشروع السيارة للعام 2004. وستشارك السيارة الجديدة في أول سباقات الموسم 2003.
ساوبر: المال أولاً
أمّا ساوبر التي فقدت المركز الرابع بصعوبة، فتبقى أفضل فريق خاص (غير مرتبط بشركات صانعة للسيارات). لكن هذه الشركة تواجه مشاكل تقنية ومالية وفنية، أي في أهلية وكفاءة المسؤولين عنها. المطلوب مال كثير حتى يتمكن فريق ساوبر من عمل شيء ما. فكل الأمور التي ذكرناها مرتبطة بالميزانية وبتوفير المال. ويقال إن أودي وولكساغن ترغبان في المشاركة، لكن أي موعد لذلك لم يحدّد بعد.
ومن جهة جوردان - فورد فالقضية الرئيسية هي تقريباً القضية نفسها التي تواجهها ساوبر. على كل حال يقال إن السيارة الجديدة جاهزة وقد أعدها نيكولا بيتروتشي، وهو أيضاً كان مع فريق فيراري وطبعاً بالتعاون مع غاري أندرسون وهنري دوران.
بار: الإطارات فقط!
مدير بار - هوندا قال إن المشكلة في فريقه تكمن في استخدام الإطارات كما يجب. لكن الواقع هو أن المحرك يجب أن يتمّ تحسينه، وهذا ما تقوم به هوندا. والسيارة الجديدة ستبدأ تجاربها أوائل العام الجديد وبالتحديد في السادس من كانون الثاني (يناير).
أمّا عند جاكوار فهناك محرك جديد ومسؤولون جدد مثل سيرجيو رينلاند الذي كان يعمل مع فريق ساوبر ومالكولم أوستلر الذي كان عند بار. السيارة الجديدة ستنطلق في تجاربها في 11 من كانون الثاني (يناير).
ميناردي: الرضوخ للواقع
تبقى ميناردي وتويوتا. بالنسبة إلى ميناردي لم يتمكّن بول ستودارت من بيعها فاقتنع أخيراً بالإعتماد على نفسه واضطر إلى شراء محرك كوسويرث بعد محرك أزياتيك المجاني. لكن الميزانية تبقى ضعيفة جداً. السيارة الجديدة قد تظهر في شباط (فبراير) المقبل.
أمّا بالنسبة إلى تويوتا فقد عملت بشكل جاد على تطوير المحرك ورفعت قدرته. وهي تأمل في موسم 2003 الحلول رابعة أو خامسة على الأقل. وهي تعمل أيضاً على هيكل أفضل وأخف وزناً من السابق ومزوّد بنظام تعليق أكثر فعالية. أمّا السيارة فسيتم تقديمها إلى الجمهور منتصف كانون الثاني (يناير).
http://www.arabia.com/comp/cp/getimage/0,5610,1345,00.jpg
http://www.arabia.com/comp/cp/getimage/0,5610,1347,00.jpg
http://www.arabia.com/comp/cp/getimage/0,5610,1348,00.jpg