المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية معتقلى القاعدة بالمغرب : المحاكمة كانت سياسيه وقانون االارهاب مشروع امريكى



ابو فيصل احمد
27-03-2003, 12:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله

محامي معتقلي القاعدة بالمغرب لـ"الإسلام اليوم":المحاكمة كانت سياسية و"قانون الإرهاب" مشروع أمريكي

الإسلام اليوم ـ الرباط ـ إدريس الكنبوري

قال محامي المعتقلين في قضية "الخلية النائمة" لتنظيم القاعدة بالمغرب أن الأحكام الصادرة ضدهم بإحدى المحاكم المغربية مؤخرا تتسم بالقساوة والمفاجأة، وأن المحكمة لم تثبت التهم المنسوبة إليهم، وهي التخطيط للقيام بعمليات إرهابية ضد المصالح الأمريكية والبريطانية في مضيق جبل طارق، ووصف الملف بأنه"فارغ" و"لا أساس له".
واعتبر السيد توفيق مساعف بن همو ـ عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السعوديين الثلاثة وزوجاتهم فيما عرف بخلية جبل طارق ـ في حواره مع موقع"الإسلام اليوم"، أن المحاكمة افتقدت إلى جميع الشروط القانونية وظروف المحاكمة العادلة، واصفا إياها بالمحاكمة السياسية، وأكد أن هناك أيادي أجنبية قامت بالضغط للحصول على هذه الأحكام، كما اتهم المخابرات المغربية بفبركة واختلاق ملفات لتبرير الحملة ضد الإسلاميين، وقال إن مشروعي قانون مكافحة الإرهاب وقانون الأجانب الحكوميين هما"مشروعان أمريكيان".
وكشف الأستاذ بن همو في حديثه إلى"الإسلام اليوم" عن وجود عروض للمعتقلين بقضاء مدة العقوبة في أحد السجون بالمملكة العربية السعودية، وأن مسؤولا سعوديا زار المعتقلين الأسبوع الماضي من أجل هذا الغرض، وقال إن هيئة الدفاع متشبثة ببراءة المعتقلين وستتقدم بالطعن في الأحكام الصادرة عليهم.
وفيما يلي النص الكامل للحوار:
سؤال:نرحب بالأستاذ توفيق مساعف في موقع"الإسلام اليوم"، كيف استقبلتم -كهيئة دفاع- الحكم الصادر في حق متهمي خلية جبل طارق بالمغرب الأسبوع ما قبل الماضي، بعد عدة أشهر من مسلسل المحاكمة؟
جواب: الحكم الذي صدر عن الغرفة الجنائية السابعة يوم الجمعة 19ـ02ـ 2003 في قضية ما سمي بالخلية النائمة قد فاجأنا، واستغربنا للأحكام القاسية التي صدرت في حق موكلينا، وخاصة السعوديين الثلاثة السادة:الثبيتي والعسيري والغامدي، بعشر سنوات نافذة من أجل جناية تكوين عصابة إجرامية والإقامة غير المشروعة، وستة أشهر نافذة بالنسبة للمغربيات الثلاث:بهيجة وحورية هيدور ونعيمة هارون من أجل جنحة عدم التبليغ والمشاركة في إتلاف معالم الجريمة. من الناحية القانونية وتطبيقا لمبادئ المحاكمة العادلة هذا الحكم ليس له أي أساس قانوني باعتبار أن الشرطة القضائية والنيابة العامة وقاضي التحقيق، وحتى المحكمة أثناء تحقيقها، لم يستطع كل هؤلاء إثبات الوقائع والاتهامات المنسوبة إلى موكلينا. فبالنسبة لجناية تكوين عصابة إجرامية طبقا للفصل 293 من القانون الجنائي تستلزم وجود اتفاق بين هؤلاء الأظناء وتصميمهم على القيام بعمل إجرامي معين يمنعه القانون، وأيضا قصد جنائي أي نية إجرامية من أجل الإضرار بالأشخاص أو بالممتلكات، هذه الشروط المكونة لعناصر الجريمة لم يستطيعوا إثباتها. بالنسبة للإقامة غير المشروعة ولو أنها مخففة من حيث العقوبة إلا أن موكلينا لما رجعنا إلى جوازات سفرهم وجدنا بأن تأشيرة الدخول إلى المغرب لا تتضمن أي مدة معينة للإقامة، وبالتالي فإن موكلينا اعتقدوا أن مدة الإقامة غير محددة بالنسبة لهم، أما بالنسبة للنساء الثلاث فبالرغم من أن المحكمة قامت بتبرئة نعيمة هارون من أجل جنحة الفساد، إلا أنها عاقبتها من أجل عدم التبليغ عن تكوين هذه العصابة من طرف زوجها وباقي أصدقائه، وهذا يتناقض مطلقا مع مقتضيات الفصل 99 من القانون الجنائي الذي يعفي الزوجة من التبليغ عن زوجها في حالة ما ارتكب جنحة أو جناية معينة. في المقابل فإن إدانة كل من بهيجة وحورية هيدور من أجل جنحة الإتلاف لمعالم الجريمة هي أيضا مخالفة للقانون باعتبار أن المحكمة برأت السعوديين الثلاثة من جناية محاولة القتل بواسطة استعمال مواد متفجرة، فبالتالي فإن المحكمة اقتنعت بأنه ليست هناك أية مواد متفجرة وليست هناك أية أسلحة، فإذن أغلق هذا الباب، إلا أننا في نفس الوقت فوجئنا بأنها تعاقب هاتين الأختين على جريمة إتلاف معالم الجريمة أي أنهما قامتا بإتلاف الحقيبة السوداء وإحراقها، مع أنه لم يثبت لا بالخبرة ولا بشهادة الشهود بأن هذه الحقيبة كانت تتضمن مواد متفجرة ، وثبت أنها كانت تتضمن فقط ملابس خاصة وأدوات وأشرطة خاصة للمتهم الثبيتي، بالتالي فاستغرابنا ومفاجأتنا تأتي من أن المحكمة قامت بإدانة هؤلاء بالرغم من عدم وجود أي وسيلة إثبات ضدهم. أما من الناحية الأخرى إذا ما استقرأنا هذا الملف عبر تسلسله منذ اختطاف هؤلاء المتهمين وتعريضهم للتعذيب والاحتجاز لدى الشرطة القضائية والمخابرات واستجوابهم من طرف مخابرات أجنبية، ثم إحالتهم على التحقيق والنيابة العامة دون حضور المحامين، وإرغامهم على توقيع محاضر لم يطلعوا عليها ولم تقرأ عليهم، سواء لدى الضابطة القضائية أو النيابة العامة أو قاضي التحقيق، ثم إحالتهم على الجلسة وتغيير الهيئة الحاكمة أكثر من ثلاث مرات، فإننا نجد أن القضية قد انحرفت.

سؤال:هل كان تغيير هيئة المحكمة بالنسبة لكم في هيئة الدفاع مؤشرا على أن المحاكمة ستأخذ مسارا آخر له بعد سياسي؟
جواب: نعم، فتشكيل هيئة المحكمة يخضع للقانون، والقانون
المنظم لمزاولة مهنة القضاء ينظم كيفية تسيير جلسات المحاكم، والجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء انعقدت يوم 27ـ12ـ2002 وانتخبت القضاة المكلفين بالبث في الملفات الجنائية وخاصة الغرفة السابعة للجنايات، وانتخبت أعضاء محددين برئاسة الأستاذ فارس ورفقة أربعة مستشارين، إلا أن هذا القرار الصادر عن الجمعية لم يحترم ، إذ فوجئنا بقيام رئيس محكمة الاستئناف بالدار البيضاء باستبدال الأستاذ فارس -وهو منتخب من طرف الجمعية العمومية- بآخر كان ولا يزال يمارس مهامه كرئيس للمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء ـ الفداء، هذا التغيير يشكل خرقا للدستور أولا، والذي يمنع عزل ونقل القضاة إلا بمبرر قانوني واضح، إما لوجود حالة استعجالية تثبت فراغا بالمحكمة من قيام بالبث في الملفات، أو وجود عقوبة تأديبية للقاضي المعزول، أو أن النقل يأتي بناء على تعيين هذا القاضي في مهمة أخرى أو شيء من هذا القبيل، وهذا يجعل أن رئيس محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قام بخرق مقتضيات الفصل 11 من الإجراءات الانتقالية الذي ينص على أن هيئة غرفة الجنايات يجب أن تشكل من قضاة انتخبوا من طرف الجمعية العمومية، وهذا الشرط لا يتوفر في الهيئة التي بثت في هذا الملف، الأمر الذي يجعل هذه الهيئة غير مختصة بالبت وليست لها الولاية في البت وأن أعضاءها ليست لهم أي صلاحية أو مشروعية في القيام بالبت في هذا الملف، وهو ما دفعنا عندما فوجئنا بتغيير هيئة المحكمة إلى أن نلتمس من هذه الأخيرة تأخير الملف على حاله، حتى نطلع ونحضر محاضر الجمعية العمومية لإثبات أن هذه التشكيلة تشكيلة غير قانونية، لكن فوجئنا بأن المحكمة ترفض تأخير الملف، واضطررنا بعد شد وجذب مع الهيئة أن نسجل انسحابنا من الجلسة إلى حين توفر الجو الملائم لمناقشة هذا الخرق القانوني، فنتيجة لهذه التعسفات التي خضع لها موكلونا ومؤازرونا طوال مراحل المحاكمة من مرحلة الشرطة القضائية إلى مرحلة الحكم ، والدعاية التي أعطيت لهذا الملف بالتصريح الصحفي لأول مرة للنيابة العامة، ثم التصريح الصحفي لوزارة الداخلية يوم 13ـ 06ـ 2002 والهالة التي أعطيت للملف والترسانة المضخمة من رجال المخابرات والشرطة والقوات المساعدة والدرك الذين كانوا يواكبون عملية البحث منذ أولها إلى يوم صدور الحكم عندما اكتظت بهم قاعة المحكمة وكانوا أكثر من العموم وعائلات المتهمين، كل هذا يبين بأن هذه المحاكمة هي محاكمة سياسية، إلا أنها فيما يتعلق بالعقوبات التي صدرت فهي مخففة إذا ما قورنت بالمحاكمات الشبيهة بها مثل محاكمة 1994 ومحاكمة 1996 والتي صدرت فيها أحكام قاسية تصل إلى عشرين سنة سجنا، وبالتالي فإذا ما اعتبرنا هذه المحاكمة محاكمة سياسية فالأحكام جاءت مخففة؛ نظرا للتوجيهات التي خضعت لها هذه الهيئة، وإذا طبقنا عليها مقتضيات المسطرة الجنائية ومبادئ المحاكمة العادلة المنصوص عليها في القانون الجنائي والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب ، سيتبين أن الحكم هو حكم غير منصف، الأمر الذي لاحظته جميع وسائل الإعلام والجمعيات الحقوقية المتتبعة لهذا الملف، وهو الذي دفع موكلينا إلى الطعن بالنقض فيه.

سؤال:الملاحظ هو أن المحكمة أخذت المتهمين بجريمتي تكوين عصابة والإقامة غير المشروعة، وليس بالتهمة الأولى التي بنيت عليها القضية في الأصل، وشكلت محور الدعاية الإعلامية وجوهر التصريحين الذين قدمتهما كل من النيابة العامة ووزارة الداخلية، كيف تفسرون هذه المفارقة إن صح التعبير؟
جواب: الملاحظ أن كل من يستقرئ هذا الملف سيجد بأن النيابة العامة بكافة تشكيلاتها سواء كانت شرطة قضائية أو مخابرات أو وكيل الملك ونوابه وكذا السيد قاضي التحقيق، كلهم أجمعوا على أن السعوديين كانوا يتوفرون على مواد متفجرة، وأنهم قاموا بتركيب وتصنيع هذه المتفجرات من أجل القيام بأعمال إرهابية بمدينة مراكش وحافلات "ساتيام"، ثم في البوارج الأمريكية والبريطانية الموجودة في سبتة ومليلية، إلا أن هذا الادعاء لم يسعفهم؛ لأنهم لم يستطيعوا أن يدلوا بأية محجوزات تثبت توفر هؤلاء على هذه المواد، بل أكثر من ذلك أن الخبرة التي أنجزتها الشرطة بطريقة غير قانونية، بحيث إنها خرقت جميع الضمانات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية خاصة الفصل 293 وما يليه، والتي تعطي الحق للمتهم ودفاعه أن يتأكدوا من صحة هذه المحجوزات ونسبتها إلى المتهمين، وكذا حضور الخبرة والاستعانة بخبير آخر غير الخبير المعين من طرف قاضي التحقيق، وأيضا التأكد من فعالية هذه التركيبة وهذه المواد وإحداث الانفجار، لم يستطع كل ذلك أن يقدم للمحكمة ما يثبت للمحكمة وجود هذه المواد، بل أكثر من ذلك كنا قد التمسنا منذ أول جلسة يوم 28 ـ 10 ـ 2002 من المحكمة بإحضار المحجوزات إلى المحكمة قبل مناقشة الملف، الأمر الذي قبلته المحكمة وبالفعل أحضرت المحجوزات، إلا أننا فوجئنا بأن هذه المحجوزات لا تتضمن أية مواد متفجرة، مما أحرج النيابة العامة وأحرج المحكمة وبالتالي تراجع القضاء عن هذا، خاصة وأننا طلبنا من المحكمة أن تقوم بإجراء خبرة على هذه المحجوزات التي قيل إن موكلنا كان يتوفر عليها، فاستجاب قاضي التحقيق ورفضت المحكمة، وهو الأمر الذي يثبت بأن الملف كان فارغا من أساسه، ومهمة القضاء هي أن يتأكد من الأدلة لكن المحكمة رفضت رفضا باتا البث في هذا الطلب.

سؤالما يلفت النظر في هذه القضية أنها تزامنت مع الحملة التي شنتها السلطات ضد ما سمي بالسلفية الجهادية وخطباء المساجد وحملات الاختطاف، هل تعتقدون أن المغرب أصبح الآن ضمن الفلك الأمريكي لمحاربة ما تدعوه واشنطن بالإرهاب؟
جواب: المؤكد هو أنه بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 اتخذت السلطات المغربية إتخذت قرارها بالمساندة التلقائية للحملة الدولية التي تتزعمها أمريكا في محاربة ما تسميه بالإرهاب، ومفهوم الإرهاب كما تستعمله الولايات المتحدة الأمريكية تعني به المنظمات والتنظيمات والحركات الإسلامية التي تناهض التواجد الأمريكي وهيمنته على القرار السياسي والاقتصادي في البلدان العربية والإسلامية، منذ هذا التاريخ والمغرب يستعمل عدة وسائل للتعرف وتفكيك ما يسمى بالتوجه الإسلامي، وركز خصوصا على ما يسمى بالتيار السلفي الذي اعتبرته الامتداد الطبيعي، ورافد من روافد ما يسمى بتنظيم القاعدة الذي هو العدو رقم واحد للولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي دفع المخابرات المغربية أو ما يسمى بـ"مديرية مراقبة التراب الوطني"إلى القيام بعدة عمليات اختطاف ضد النشيطين في هذا التيار، وخاصة منهم الذين سبق أن زاروا أفغانستان أثناء الاحتلال الروسي لها، أي من 1989 إلى حدود عام 2002 ، كل من عادوا من أفغانستان خلال هذه الفترة تم الاستماع إليهم أو اختطافهم، وهذه الاختطافات أدت بهذه المؤسسة إلى انتهاك كافة الحقوق والضمانات القانونية والقضائية المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية والاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المغرب، بما في ذلك الاحتجاز والتعذيب وما إلى ذلك، بل وأدى بها التنديد بهذه التصرفات إلى طبخ ملفات وفبركة سيناريوهات جديدة تدعي فيها بأن هناك بالفعل خطرا يهدد السلم الاجتماعي والسلامة البدنية للأشخاص والممتلكات وتشكل تهديدا للأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وذلك من طرف مجموعة من الأشخاص أعطتهم تسميات مختلفة، وبدأت بأشخاص سمتهم بـ"الصراط المستقيم" بت القضاء فيها بأنه ليس هناك شيء اسمه"الصراط المستقيم" وليس هناك تنظيم إجرامي يحمل هذا الاسم، وأن عملية القتل التي تعرض لها أحد الأشخاص هي عبارة عن جريمة قتل عادية في إطار جرائم الحق العام من دون دوافع لا سياسية ولا دينية ولا غيرها. ثم فتحت أربعة ملفات قيل بأنها تتعلق بما اصطلح عليه بالسلفية الجهادية، أي بمجموعة من الأشخاص الذين يتبنون العنف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومواجهة كافة أنواع الميوعة والابتذال داخل البلد، ففتح ملف في مدينة فاس في حق الداعية أبو حفص، ثم فتح ملف ثان ضد يوسف فكري وجماعته، ثم ملف ضد شخص آخر فيما سمي بدمير وجماعته، والآن فتح الملف الأخير والذي يتعلق بالداعية المعروف حسان الكتاني ، وهذه الملفات تطبعها مجموعة من المميزات الخاصة بها: أولا أنها تم إعدادها وفبركتها وصياغتها من طرف جهاز المخابرات، ثانيا: فيها تلفيق اتهامات ووقائع إلى أشخاص ينكرونها بتاتا، ثالثا أن النيابة العامة ذهبت مع توجه المخابرات في تبني هذه الوقائع والاتهامات وقامت بمتابعة هؤلاء الأشخاص أمام القضاء. إلا أن المفارقة العجيبة هي أن هذه الاتهامات لم تستطع إلى الآن النيابة العامة ولا قاضي التحقيق ولا الشرطة القضائية أن تثبت وجود هذه الجماعات وقيامها بأعمال عنف ضد الأشخاص والممتلكات، وأن هذه الملفات جاءت خالية من أية وسيلة إثبات، بل أكثر من ذلك أن هذه المحاضر طبعتها الخروقات الشكلية والجوهرية التي تجعل منها كلها محاضر لا ترتكز على أساس، وليست لها أية حجية طبقا لقانون المسطرة الجنائية، واستطاع القضاء إلى أن يثبت نزاهته فيما يخص هذه القضايا بعدما أصدر قراره في شهر يناير 2003 فيما يخص قضية الصراط المستقيم. وقد أكد المغرب بهذه التصرفات أنه تابع للتوجهات العدوانية الأمريكية وتبني نفس أطروحاتها، وسجل تراجعا عن الخطوة الجريئة التي أخذها النظام على نفسه، وهي تطبيق ما يسمى بدولة الحق والقانون.
سؤالوفي هذا السياق جاء مشروع القانون الأخير حول مكافحة الإرهاب، كيف تنظرون إلى هذا القانون الجديد، والذي تزامن من حيث التوقيت مع صدور الأحكام في ملف خلية جبل طارق؟جواب: لقد عملت الحكومة على تشريع ترسانة قانونية جديدة ترمي من خلالها إلى مصادرة جميع الحقوق والضمانات ومنح جهاز المخابرات والشرطة كافة الصلاحيات للقيام بالأعمال التعسفية والمنافية لحقوق الإنسان، خاصة مشروع قانون مكافحة الإرهاب ومشروع قانون دخول وخروج وإقامة الأجانب في المغرب ، ثم المشروع الذي هو قيد الصياغة الآن والمتعلق باستخدام واستغلال خدمات الإنترنت، بحيث إننا فوجئنا بأن المشروعين الأولين صدرا عن فلسفة خاصة، وهي فلسفة مصادرة جميع الحقوق والحريات المكتسبة، خاصة تشريع التنصت، تشريع التفتيش في أي وقت وأي مكان دون وجود أي قيد أو شرط، تمديد الحراسة النظرية من يومين إلى 14 يوما، رفع العقوبات من جنح إلى جنايات، والعقوبات المبسطة - التي كانت لا تتجاوز ستة أشهر- إلى سنة تم رفعها إلى عشرين سنة بل إلى الإعدام، ومصادرة حق المحامي في زيارة المشبوه فيه أثناء وجوده تحت الحراسة النظرية لدى الشرطة القضائية، وأكثر من ذلك أن القانون الثاني المتعلق بدخول الأجانب وخروجهم وإقامتهم بالمغرب سحب من القضاء صلاحية البت في قضية إبعاد الأجانب، والقانون القديم كان ينص على أنه لا يمكن إبعاد أي شخص إلا بقرار صادر عن المحكمة، الآن أصبح بإمكان وزارة الداخلية تلقائيا إبعاد أي شخص حتى وإن كان حاصلاً على رخصة الإقامة وعلى تأشيرة الدخول إلى المغرب ، بل حتى في حالة بسيطة مثل حالة انتهاء عقد العمل أو إذا ما تم الاشتباه فيه دون أدلة قاطعة تثبت أنه إنسان ارتكب جرائم أو يهدد السلم والأمن الداخلي، ولو أن هذا الشخص متزوج من مغربية أو أن سيدة متزوجة بمغربي، يمكن للسلطات العمومية في الكثير من هذه الحالات أن تقوم بإبعاد هذا الشخص، كما تم رفع العقوبات إلى حدود خمس سنوات، وهذا أمر مستغرب، وتم رفع الغرامات إلى عشرات الملايين من الدراهم، وبالنسبة للإقامة غير المشروعة إلى آلاف الدراهم، وهو الأمر الذي ليس له من مبرر باعتبار أن القانون القديم كان يجب تعديله وفق الفلسفة الجديدة التي هي توسيع الحقوق والحريات وتوسيع الضمانات وتقويتها حتى تنطبق مع ديباجة الدستور التي تنص على أن المغرب متشبث بحقوق الإنسان طبقا لما هو متعارف عليه دوليا، والأكثر من هذا أن مشروع قانون الإرهاب ليس له محل من الإعراب؛ لأن القانون الجنائي يستوعب هذه الجرائم التي نص عليها، وفيه من النصوص القانونية والتي تناهز 612 فصلا ما يحيط بكافة الأفعال الإجرمية بعقوبات قاسية، وبالتالي فإن هاذين المشروعين هما مشروعان أمريكيان ، وصيغا بطريقة غير قانونية؛ لأنهما لم يصاغا من طرف فقهاء القانون كما جرت به العادة بل من طرف المخابرات، وهذان المشروعان سيجعلان المغرب ينتقل إلى مرحلة جديدة، مرحلة المغرب الأسود للستينات والسبعينات التي تم فيها انتهاك أبسط الحقوق، ولكن هذه المرة بواسطة القانون.

سؤالهل تعتقدون أن الحكومة والسلطات تريد بهذا القانون الخاص بمحاربة الإرهاب أن تضفي المشروعية على ما جرى خلال هذه السنة من اختطافات واعتقالات، وتسويغ ما سيقع لاحقا؟
جواب: هذا بلا شك، والمجتمع المدني بكافة مكوناته ، الإعلاميون منه والمنظمات الحقوقية، قاموا بفضح الخروقات التي قام بها جهاز المخابرات والشرطة خاصة في مجال الاختطاف والاحتجاز والتعذيب وفبركة المحاضر وحرمان الأشخاص المعتقلين من الضمانات القانونية المنصوص عليها، فمحاصرة هذا المجتمع المدني للمخابرات وفضحها دفعت الحكومة إلى تغيير هذه القوانين حتى تسمح لها بالقيام بأعمالها الإجرامية في إطار ترسانة قانونية تحميها، خاصة وأن هناك العديد من عناصر الشرطة القضائية والمخابرات أصبحت تتخوف من مصيرها الذي قد يؤول إلى الضرر، خصوصا إذا ما تمت محاكمتهم مستقبلا من أجل هذه الجرائم البشعة.

سؤالأشارت بعض المصادر إلى أن هناك احتمال ترحيل المعتقلين السعوديين إلى المملكة العربية السعودية لقضاء مدة العقوبة هناك، هل من معطيات جديدة في هذا الموضوع؟
جواب: هذا الموضوع كان مثار جدل حاد بين المسؤولين السعوديين والمعتقلين الثلاثة في السجن المدني"عكاشة" في الأسبوع السابق، حيث إن السلطات السعودية بإيعاز من السلطات المغربية تود أن يتم ترحيل هؤلاء المعتقلين إلى المملكة العربية السعودية، وبالنسبة للمغرب فهذا سيمكنه من طي هذه الصفحة التي أثارت عليه عدة انتقادات خاصة بالنظر لخلو الملف من أية وسيلة إثبات تثبت بالفعل دخول عناصر من تنظيم القاعدة إلى المغرب والقيام بأعمال إرهابية، وبالنسبة للسعوديين أيضا من أجل استكمال البحث مع المتهمين والتحقيق معهم فيما إذا كان هناك تهديد موجه إلى المملكة من طرف تنظيم القاعدة، وقد قام أحد المسؤولين السعوديين بزيارة المعتقلين يوم الخميس الماضي 27ـ02ـ2003 في السجن، وطلب منهم التنازل عن طلب الطعن في الحكم الذي قدموه يوم 19ـ02ـ2003 ليلا بعد صدور الحكم بعشر سنوات سجنا، وعرض عليهم عدة مغريات من أجل قبول العرض، وهي التعهد بعدم تعرضهم لأي تحقيق في السعودية وعدم تعريضهم لأي تعذيب، وإمضائهم مدة العقوبة في السجن المتواجد بمسقط رأسهم، وترحيل زوجاتهم وأبنائهم معهم، وتمتيعهم بكافة الحقوق المتعارف عليها عالميا للمعتقلين بالسجون، وبعد لقاءات مطولة استطاع المسؤول السعودي أن يقنع اثنين منهم وهما السيدان هلال العسيري وعبد الله الغامدي من أجل التنازل عن الطعن في الحكم، وقبول تقديم دعوى تسليمهم إلى السلطات السعودية، بينما رفض المعتقل الثالث "زهير الثبيتي" هذا العرض؛ لأنه مقتنع بأن حقوقه ومصالحه ستتعرض للضرر، وهو مدان بعشر سنوات إذا ما تم تسليمه، خاصة وأن النيابة العامة قبلت بالطعن في هذا الملف وستلتمس نقض الحكم من أجل المطالبة مرة ثانية بعقوبة الإعدام في حقهم، وكذا نسبة الاتهامات والوقائع المتعلقة بمحاولة القتل والتخريب واستعمال مواد متفجرة إليهم، وبالتالي فقد صرح الثبيتي للمسؤول السعودي بأنه يود الطعن بالنقض حتى يستصدر حكما بنقض هذا القرار وإحالته إلى محكمة الاستئناف للبث في الملف من جديد لكونه مقتنعا قناعة تامة بأنه بريء من التهم المنسوبة إليه، وحينئذ لا يرى أي مانع من الرجوع إلى بلده، وهو نفس الأمر الذي تبنته المعتقلات الثلاث مما دعاهن إلى التقدم بالنقض في الحكم لصالحهم في نفس اليوم، والآن ننتظر الحصول على نسخة من الحكم من أجل تحريره والطعن فيه والمطالبة بإحالته على المجلس الأعلى وتتبعه إلى حين تعيينه في جلسة الحكم ثم المرافعة فيه عندما تعين فيه جلسة الحكم.

سؤالهل ستدفع هيئة الدفاع إلى براءة المعتقلين، وما هي آفاق الطعن في هذه الأحكام؟
جواب: نحن بعد أن اطلعنا على الملف وكافة محتوياته تبين لنا أن جميع الجرائم المنسوبة إلى هؤلاء غير ثابتة في حقهم باعتبار أنهم أنكروها ، ولم تستطع سلطات الاتهام أن تثبت صحة هذه الجرائم في حقهم، وبالتالي نحن سنمضي قدما نحو استصدار حكم لتبرئتهم من كافة هذه الاتهامات وذلك قياما بواجبنا وإنصافا لهؤلاء من أي تدخلات خارجية من أجل الحفاظ على نزاهة ومصداقيه واستقلاليه القضاء المغربي لنعمل على أن نكون قد انتقلنا بالفعل من دولة المخزن إلى دولة الحق والقانون التي نأمل جميعا أن تتجسد وأن نتجاوز بالفعل هذه الضغوطات الأمريكية، وهذه الترسانة القانونية الجهنمية التي هي الآن في طور الإعداد.

المتهمين السعوديين الثلاثة