يامسلمين
15-08-2003, 03:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الشباب وعلو الهمة
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم .
أما بعد ..
إن الهمة العالية مطلب لكل من أراد رضا الله والجنة هي مطلب لكل ابن يريد أن يبر والديه و مطلب لكل والد يريد أن يربي ولده تربية حسنة و هي مطلب لكل عاص يريد الإقلاع عن ذنبه و معصيته و لكل مقصر يريد التوبة عن تقصيره في حق ربه و حقوق المخلوقين .
و لقد سمت الهمة العالية بأقوام فجاهدوا أنفسهم في طاعة الله و ترك الملذات في سبيل مرضات الله حتى استحقوا بفضل الله و كرمه أعلى الدرجات في الجنان و القرب من الرحمن قال الله تعالى في شأنهم : {إن المتقين في جنات و عيون(15)آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين} [الذريات :15, 16] ما علامة إحسانهم ؟ {كانوا قليلا من الليل ما يهجعون(17)و بالأسحار هم يستغفرون(18)و في أموالهم حق للسائل و المرحوم} [الذريات : 17- 19] فما كان لهم أن يحصّلوا ذلك إلا بعلو الهمة.
ولقد علت هممهم وسمت فطمعوا في أشرف المنازل و أعلاها ألا و هي جنة الرحمن فجاهدوا أنفسهم في طاعة الله و في ترك معصية الله فأثنى الله عليهم ووعدهم بما وعد به المحسنين { والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا و إن الله لمع المحسنين} [العنكبوت: 69].
إن علو الهمة كما عرّفها أهل العلم هي استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور و طلب المراتب السامية و الاستخفاف بأوساط الأمور ة طلب الغايات.
و هذا ينبغي لكل مؤمن في شأن الآخر حيث ينبغي لكل مؤمن أن يبذل غاية الجهد ويستنفذ غاية الوسع في طلب أعلى المراتب لتحصيل رضوان الله في الآخرة و كذلك أسمى مراتب الكمال في الدنيا من شجاعة و كرم بر وصلة ونصرة للمظلوم و بذل للندى و كف للأذى واستغناء عما في أيدي الناس و غيرها من الأخلاق الكريمة التي ينبغي لكل مسلم أن يتصف بها و هذا ما دلت عليه النصوص من الكتاب و السنة.
صور من ضعف الهمة
1- ضعفت الهمة عن طلب العلم الشرعي الأصيل فوقعت الأمة –إلا من رحم الله-في الانحراف العقدي و الجهل و التخلف و التفرق المذهبي و انتشار البدع و الخرافات.
2- ضعفت همة أكثر المسلمين عن تحكيم شرع الله و الالتزام بأوامره فأعرضوا عن كتاب الله و سنة رسوله -صلّى الله عليه وسلّم-و رضوا بالقوانين الوضعية بدلا عنها فجعل الله بأسهم بينهم و فرق كلمتهم.
3- ضعفت همة الأمة عن الجهاد فأصابها من الضعف و الذل و تسلط الأعداء عليها ما لا يشكى إلا إلى الله سبحانه وتعالى.
4-ضعفت همة المسلمين عن تربية الأبناء حتى تولى ذلك أعداؤهم بشتى الطرق فصاروا حربا على أهل دينهم و ملتهم سلما لأعدائهم من الكفار و الفسقة وأهل المجون.
5-ضعفت الهمة عن العمل و الإنتاج حتى أصاب الأمة من الفقر و الجوع ما الله به عليم,فركنت إلى أعدائها طلبا للقوت و المساعدة و التذلل للمخلوقين في طلب الحاجات و العطايا و الهبات بدل السعي في كسب الرزق المباح و كل ذلك من الذلة و المهانة التي نهى الإسلام المسلم أن يوقع نفسه فيها.
ما يعين على علو الهمة
1-تدبر آيات القرآن الكريم و معرفة مآل من جاهدوا أنفسهم و علت هممهم كيف كانت عاقبتهم في الدنيا و الآخرة و حال من ركنوا إلى الدنيا و هيؤوا لأنفسهم شهواتها و ملذاتها كيف أنهم عوقبوا بالخذلان.
قال تعالى عن حال أصحاب النار:{إنهم كانوا قبل ذلك مترفين} [الواقعة:45]
وقال تعالى مخبرا عنهم:{إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون(29)وإذا مروا بهم يتغامزون(30)وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين} [المطففين:29-31]
أي:متلذذين معجبين بحالهم وما هم فيه من الشهوات و الترف فكانت عاقبتهم الخسران.
2-معرفة حقيقة الدنيا و أنها دار ابتلاء و دار كدح و عمل و نصب لا دار متعة و لذة.
قال تعالى:{يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه} [الانشقاق:6]
و قال تعالى:{لقد خلقنا الإنسان في كبد} [البلد:4]
3-مجالسة ومصاحبة أصحاب الهمم العالية و قراءة سيرهم و الإكثار من ذكر أخبارهم مع الحذر من مصاحبة الباطلين ذوي الهمم الدنية.
4-قراءة التاريخ و الاتعاظ بالأحداث.
5-الدعاء و التضرع إلى الله سبحانه و تعالى بأن يرزقنا علو الهمة و أن يقينا شرور أنفسنا وأن يعيذنا من العجز و الكسل.
نماذج في علو الهمة
*النموذج الأول:
(أ) كانوا رحمهم الله قدوة في علو الهمة في طلب العلم و تعليمه للناس:
قال الشافعي-رحمه الله-:حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين,و حفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين و لم يكن عند أمي ما تعطيني أشتري به قراطيس فكنت إذا ما رأيت عظما يلوح آخذه فأكتب فيه.
وقال ثعلبة: ما فقدت إبراهيم الحربي من مجلس لغة و لا نحو خمسين سنة.
و قال ابن أبي حاتم: كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرق نهارنا ندور على الشيوخ و بالليل ننسخ و نقابل فأتينا يوما أنا و رفيق لي شيخا فقالوا :هو عليل فرأيت سمكة أعجبتنا فاشتريناها فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس بعض الشيوخ فمضينا فلم تزل السمكة ثلاثة أيام و كادت أن تنتن فأكلناها نيئة لم نتفرغ نشويها ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد.
وكان البخاري يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه فيوقد السراج و يكتب الفائدة تمر بخاطره ثم يطفئ سراجه ثم يقوم مرة أخرى وأخرى حتى كان يتعدد منه ذلك قريبا من عشرين مرة.
و قالت فاطمة بنت الشافعي:أسرجت لأبي في ليلة سبعين مرة
(ب)كانوا رحمهم الله قدوة في علو الهمة في العبادة و الاستقامة:
قال وهيب بن الورد: إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل.
و قال الشيخ شمس الدين محمد بن عثمان التركساني: ما بلغني عن أحد من الناس أنه تعبد عبادة إلا تعبدت نظيرها و زدت عليه.
-وكان أبو مسلم الخولاني قد علق سوطا في مسجد بيته يخوف به نفسه وكان يقول لنفسه: قومي فوالله لأزحفن بك زحفا حتى يكون الكلل منك لا مني,فإذا جاءت الفترة (أي شعر بالكسل) تناول صوته وضرب ساقيه وقال:أنت أولى بالضرب من دابتي وكان يقول: أيظن أصحاب محمد-صلى الله عليه وسلم-أن يستأثرون به دوننا؟ كلا و الله لنزاحمهم عليه زحاما حتى يعلمون أنهم قد خلفوا رجالا.
*النموذج الثاني:
... ولعل من أروع الصور الناصعة لعلو الهمة, في زماننا هذا ما كان عليه سماحة فقيد الأمة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله من همة عالية في طلب العلم و تعليمه و الدعوة إليه و النصح للمسلمين و السعي في مصالحهم حتى كانت هذه الأعمال و المسؤوليات تستغرق جميع وقته فلا يكاد ينام في اليوم و الليلة إلا من أربع إلى خمس ساعات يقضي بقية ليله و نهاره بعدها في جهد و مجاهدة في العبادة و الدعوة و نفع الخلق وأعمال البر .
و هكذا أرجو أن يكون شبابنا من ذوي الهمة العالية وأن يكون كل قارئ لهذا الموضوع مستفيدا من بعض المعلومات و الأمثلة .
و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
اختكم في الإسلام يا مسلمين
:-) :-)
الشباب وعلو الهمة
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم .
أما بعد ..
إن الهمة العالية مطلب لكل من أراد رضا الله والجنة هي مطلب لكل ابن يريد أن يبر والديه و مطلب لكل والد يريد أن يربي ولده تربية حسنة و هي مطلب لكل عاص يريد الإقلاع عن ذنبه و معصيته و لكل مقصر يريد التوبة عن تقصيره في حق ربه و حقوق المخلوقين .
و لقد سمت الهمة العالية بأقوام فجاهدوا أنفسهم في طاعة الله و ترك الملذات في سبيل مرضات الله حتى استحقوا بفضل الله و كرمه أعلى الدرجات في الجنان و القرب من الرحمن قال الله تعالى في شأنهم : {إن المتقين في جنات و عيون(15)آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين} [الذريات :15, 16] ما علامة إحسانهم ؟ {كانوا قليلا من الليل ما يهجعون(17)و بالأسحار هم يستغفرون(18)و في أموالهم حق للسائل و المرحوم} [الذريات : 17- 19] فما كان لهم أن يحصّلوا ذلك إلا بعلو الهمة.
ولقد علت هممهم وسمت فطمعوا في أشرف المنازل و أعلاها ألا و هي جنة الرحمن فجاهدوا أنفسهم في طاعة الله و في ترك معصية الله فأثنى الله عليهم ووعدهم بما وعد به المحسنين { والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا و إن الله لمع المحسنين} [العنكبوت: 69].
إن علو الهمة كما عرّفها أهل العلم هي استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور و طلب المراتب السامية و الاستخفاف بأوساط الأمور ة طلب الغايات.
و هذا ينبغي لكل مؤمن في شأن الآخر حيث ينبغي لكل مؤمن أن يبذل غاية الجهد ويستنفذ غاية الوسع في طلب أعلى المراتب لتحصيل رضوان الله في الآخرة و كذلك أسمى مراتب الكمال في الدنيا من شجاعة و كرم بر وصلة ونصرة للمظلوم و بذل للندى و كف للأذى واستغناء عما في أيدي الناس و غيرها من الأخلاق الكريمة التي ينبغي لكل مسلم أن يتصف بها و هذا ما دلت عليه النصوص من الكتاب و السنة.
صور من ضعف الهمة
1- ضعفت الهمة عن طلب العلم الشرعي الأصيل فوقعت الأمة –إلا من رحم الله-في الانحراف العقدي و الجهل و التخلف و التفرق المذهبي و انتشار البدع و الخرافات.
2- ضعفت همة أكثر المسلمين عن تحكيم شرع الله و الالتزام بأوامره فأعرضوا عن كتاب الله و سنة رسوله -صلّى الله عليه وسلّم-و رضوا بالقوانين الوضعية بدلا عنها فجعل الله بأسهم بينهم و فرق كلمتهم.
3- ضعفت همة الأمة عن الجهاد فأصابها من الضعف و الذل و تسلط الأعداء عليها ما لا يشكى إلا إلى الله سبحانه وتعالى.
4-ضعفت همة المسلمين عن تربية الأبناء حتى تولى ذلك أعداؤهم بشتى الطرق فصاروا حربا على أهل دينهم و ملتهم سلما لأعدائهم من الكفار و الفسقة وأهل المجون.
5-ضعفت الهمة عن العمل و الإنتاج حتى أصاب الأمة من الفقر و الجوع ما الله به عليم,فركنت إلى أعدائها طلبا للقوت و المساعدة و التذلل للمخلوقين في طلب الحاجات و العطايا و الهبات بدل السعي في كسب الرزق المباح و كل ذلك من الذلة و المهانة التي نهى الإسلام المسلم أن يوقع نفسه فيها.
ما يعين على علو الهمة
1-تدبر آيات القرآن الكريم و معرفة مآل من جاهدوا أنفسهم و علت هممهم كيف كانت عاقبتهم في الدنيا و الآخرة و حال من ركنوا إلى الدنيا و هيؤوا لأنفسهم شهواتها و ملذاتها كيف أنهم عوقبوا بالخذلان.
قال تعالى عن حال أصحاب النار:{إنهم كانوا قبل ذلك مترفين} [الواقعة:45]
وقال تعالى مخبرا عنهم:{إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون(29)وإذا مروا بهم يتغامزون(30)وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين} [المطففين:29-31]
أي:متلذذين معجبين بحالهم وما هم فيه من الشهوات و الترف فكانت عاقبتهم الخسران.
2-معرفة حقيقة الدنيا و أنها دار ابتلاء و دار كدح و عمل و نصب لا دار متعة و لذة.
قال تعالى:{يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه} [الانشقاق:6]
و قال تعالى:{لقد خلقنا الإنسان في كبد} [البلد:4]
3-مجالسة ومصاحبة أصحاب الهمم العالية و قراءة سيرهم و الإكثار من ذكر أخبارهم مع الحذر من مصاحبة الباطلين ذوي الهمم الدنية.
4-قراءة التاريخ و الاتعاظ بالأحداث.
5-الدعاء و التضرع إلى الله سبحانه و تعالى بأن يرزقنا علو الهمة و أن يقينا شرور أنفسنا وأن يعيذنا من العجز و الكسل.
نماذج في علو الهمة
*النموذج الأول:
(أ) كانوا رحمهم الله قدوة في علو الهمة في طلب العلم و تعليمه للناس:
قال الشافعي-رحمه الله-:حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين,و حفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين و لم يكن عند أمي ما تعطيني أشتري به قراطيس فكنت إذا ما رأيت عظما يلوح آخذه فأكتب فيه.
وقال ثعلبة: ما فقدت إبراهيم الحربي من مجلس لغة و لا نحو خمسين سنة.
و قال ابن أبي حاتم: كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرق نهارنا ندور على الشيوخ و بالليل ننسخ و نقابل فأتينا يوما أنا و رفيق لي شيخا فقالوا :هو عليل فرأيت سمكة أعجبتنا فاشتريناها فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس بعض الشيوخ فمضينا فلم تزل السمكة ثلاثة أيام و كادت أن تنتن فأكلناها نيئة لم نتفرغ نشويها ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد.
وكان البخاري يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه فيوقد السراج و يكتب الفائدة تمر بخاطره ثم يطفئ سراجه ثم يقوم مرة أخرى وأخرى حتى كان يتعدد منه ذلك قريبا من عشرين مرة.
و قالت فاطمة بنت الشافعي:أسرجت لأبي في ليلة سبعين مرة
(ب)كانوا رحمهم الله قدوة في علو الهمة في العبادة و الاستقامة:
قال وهيب بن الورد: إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل.
و قال الشيخ شمس الدين محمد بن عثمان التركساني: ما بلغني عن أحد من الناس أنه تعبد عبادة إلا تعبدت نظيرها و زدت عليه.
-وكان أبو مسلم الخولاني قد علق سوطا في مسجد بيته يخوف به نفسه وكان يقول لنفسه: قومي فوالله لأزحفن بك زحفا حتى يكون الكلل منك لا مني,فإذا جاءت الفترة (أي شعر بالكسل) تناول صوته وضرب ساقيه وقال:أنت أولى بالضرب من دابتي وكان يقول: أيظن أصحاب محمد-صلى الله عليه وسلم-أن يستأثرون به دوننا؟ كلا و الله لنزاحمهم عليه زحاما حتى يعلمون أنهم قد خلفوا رجالا.
*النموذج الثاني:
... ولعل من أروع الصور الناصعة لعلو الهمة, في زماننا هذا ما كان عليه سماحة فقيد الأمة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله من همة عالية في طلب العلم و تعليمه و الدعوة إليه و النصح للمسلمين و السعي في مصالحهم حتى كانت هذه الأعمال و المسؤوليات تستغرق جميع وقته فلا يكاد ينام في اليوم و الليلة إلا من أربع إلى خمس ساعات يقضي بقية ليله و نهاره بعدها في جهد و مجاهدة في العبادة و الدعوة و نفع الخلق وأعمال البر .
و هكذا أرجو أن يكون شبابنا من ذوي الهمة العالية وأن يكون كل قارئ لهذا الموضوع مستفيدا من بعض المعلومات و الأمثلة .
و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
اختكم في الإسلام يا مسلمين
:-) :-)