سهم الاسلام
01-09-2003, 10:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، و أفضل الصلاة و السلام على سيد المرسلين ، و إمام المتقين ، سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، و بعد :
أحببت أن أقدم لكم | الإسلام الشيوعي .. سبعة كتب مشبوهة للمفكر اليساري خليل عبد الكريم | :
خليل عبد الكريم
فيما يلي نورد جزءاً يسراً من التغطية الإعلامية التي نُشرت أواخر العام المنصرم عن خليل عبد الكريم و كتابه . و منها صحيفة القدس العربي ، و الأهرام الاقتصادي و صحيفة أخبار الأدب .
الإسلام الشيوعي
سبعة كتب مشبوهة للمفكر اليساري خليل عبد الكريم
بقلم بدر الشبيب :
" خليل عبد الكريم ، كاتب يساري أو شيوعي أو تقدمي ، يكتب في الإسلام .. و لا بأي أن يكتب ، كائن من كان ، عن الدِّين الحنيف ، ولكن َّ السؤال هو : ماذا يكتب ؟
و قد كان خليل عبد الكريم عضواً في جماعة الإخوان المسلمين ، منذ سنوات طويلة خلت ، و لكنه ترك موقعه هذا ، وتحوّل من أقصى اليمين ، إلى أقصى اليسار ، فأصبح عضواً في اللجنة المركزية ، لحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي ، و هو حزب يساري يقول عنه الإسلاميون : إنه حزب شيوعي .
و منذ عشر سنوات أو أكثر يثير خليل عبد الكريم عاصفة في مصر و خارجها بكتبه التي يضعها عن الإسلام ..
وتتعرض هذه الكتب للمنع و المصادرة العنيف ، و مع هذا ، فإن الرجل لم يتوقف عن الكتابة ، و لم يتوقف عن تغير خطه الفكري ، الذي يصدم الجميع . و رغم أن عدداً من أساتذة الجامعات الكبار ، قد حاولوا كشف ما في دراسته هذه ، من زيف و افتراءات الإسلام ، إلا شيئاً ، لا يمنع الرجل من الاستمرار ، بل إنه يزداد غلواً ، مع كل كتاب جديد ، غير عابئ بما تثيره كتبه من رفض عنيف .
و يستخدم خليل عبد الكريم لغة جارحة في كتبه ، كما يطرح آراء و أفكار لا يمكن أنْ توصف إلا بأنها خروج على الملّة ، و على رأي الجماعة ، و على رأي الجمهور .
و هو ينطلق في هذا من مقولة : إننا يجب أنْ نتمتع بالجرأة العقلية ، و أن نطرح كل الأفكار و كل الشخصيات ، على مائدة التشريع العقلي الموضوعي ، البعيد عن الهوى ، و عن الأفكار الجاهزة ، التي يكتب بها المؤرخون و الدارسون للإسلام ، عن الدعوة و الرسالة و سيدنا محمد .. يقول خليل عبد الكريم ، في صدر كتاب أخير له .."
و آمل – هذا أمر متوقع – أ لا يسيء البعض فهم الدراسة ، على نحو لم يرد على خاطرنا ، و كنا قد طالبنا بضرورة كتابه التاريخ الإسلامي كتابة علمية موضوعية بداية بالحبيب المصطفى ، و كرّرنا أن الكتابة بطريقة مغايرة للكتابات التقليدية يتعين أن تُقابل بأفق رحيب و عقلانية بعيدة عن التشنج ، و نذكر هؤلاء بأن نفسه أكد أن مَن اجتهد و أخطأ فله أجر ، و نحن نأمل في أنْ نحظى بالأجرين .. أجر الاجتهاد ، و أجر الإصابة " .
و في ظل ما يدعيه من جرأة عقلية على هذا النحو ، فإن خليل عبد الكريم يمضي في هذه الكتابات ، التي لا نجد لها مثيلاً في التاريخ الإسلام . و نحن لا ندعو بالطبع إلى مصادرة هذه الكتب ، أو الحجر على حرية الرجل ، ولكننا ندعو المتخصصين و علماء الدِّين و شيوخ الأمة ، إلى مناقشة أفكار الرجل ، ودحض ما فيها من شبهات ، بشكل علمي هادئ ، بعيداً عن الترويع و التخويف و الإرهاب الفكري .
و هناك الآن ، ما لا يقل عن سبعة كتب هامة أصدرها الرجل في السنوات الأخيرة ، وهي تستحق المناقشة و التحليل ، لعرض ما فيها من آراء و الرد عليها .
و لسنا هنا بالطبع ، في معرض تحليل هذه الكتب أو مناقشتها ، فليس هنا ، و لا الآن ، يتم هذا الأمر ، و لكننا قد نكتفي بالتعريف السريع بها ، خصوصاً أنها تكوّن الآن مشروعاً فكرياً ، لهذا الرجل . و الكتب السعة التي سنعرض لها هنا ، هي :
أولاً : كتاب ( للشريعة لا لتطبيق الحكم ) :
و هذا الكتاب يقوم على فكرة واحدة أساسية ، هي أن تطبيق الشريعة الإسلامية لم يعد صالحاً في هذا العصر ، لأن هذا التطبيق سوف يجرُّ علينا من المشاكل ما لا حصر لها . و مع أن الإسلام ، و كما جاء في القرآن العظيم . هو الدِّين الخالد ، الذي يصلح للبشر كافة ، و يصلح في كل زمان و مكان ، إلا أن خليل عبد الكريم له رأي آخر . فهو يقول بالحرف : " إن الإسلام ليس عبادات فقط ، بل هو أيضاً تشريعات و عقوبات و نظام سياسي " ، و هنا الخطورة من وجهة نظره ، إذ يرى أن تطبيق الشريعة ، سوف يؤدي بنا إلى أضرار تفوق – بمراحل – الأضرار التي تترتب على إهمالها لتطبيقها . وتلك هي دعوة العلمانيين و اللادينيين ، الذين يفضلون القانون الوضعي على الشريعة الإسلامية .
ثانياً : كتاب ( الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية ) :
و هذا الكتاب ، يعتبر استكمالاً و تأصيلاً للكتاب الأول ، إذ إنه ينطلق من نفس الفكرة التي ترفض الشريعة الإسلامية ، وترفض تطبيقها ، و هنا قول خليل عبد الكريم : " إن هذه الشريعة التي ينادون بها هي مجرد تعالم ، كان قول و يأخذ بها عرب الجاهلية ، ثم جاء محمد فأخذ هذه التعاليم ، و أعمل فيها عقلة و فكرة ، حتى بدت شيء جديد " . و لها ؛ فإن السؤال الذي يطرحه خليل عبد الكريم هو : هل تصلح هذه التعاليم ، التي كان يطبقها بدو الصحراء ، قبل أكثر من أربعة عشر قناً ، لكي تحكمنا اليوم ؟! على أن ما هو أخطر من هذا السؤال ، ما معناه و خلاصته ، أنه ليس ثمة شيء منزل من السماء ، بل إن الأشياء كلها من صنع سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ... !!
ثالثاً : كتاب ( الأسس الفكرية ليسار الإسلامي ) :
و في هذا الكتاب يقول خليل عبد الكريم صراحة ، " إن الإسلام ليس شيئاً غير العبادات " ، مع أن طلبة المراحل التعليمية الأولى يعرفون أن الإسلام يقوم على دعامتين ، هما : العبادات ، والمعاملات . و لكنه يحصر الإسلام في العبادات فقط ، و لهذا ؛ فإن ميدانه الأصلي هو المساجد و الجوامع و التكايا و الحسنيات ، أو الخلاوي و الخانقات و الزوايا و المصلّيات للعبادة ، و ليس ديناً للحياة . إنه يحصر و ظيفته في دور العبادة ، أما شؤون الناس و تصريف حياتهم ، فليس للإسلام شأن بها . و هنا نعود إلى مقولات المغرضين الذين يقولون ن الإسلام ليس ديناً و دولة ، بل هو دين فقط .
رابعاً : كتاب ( مجتمع يثرب .. العلاقة بين الرجل و المرأة في العهدين المحمدي و الخليفي ) :
وهذا كتاب مَعْيَبة ، لأنه يُشوِّه الإسلام في أعظم عصوره ، أي في مرحلة النبوة ، وصدر الإسلام ، و الخلفاء الراشدين . و سوف يلاحظ القارئ ، في اللحظة الأولى ، أن الكاتب يستخدم ، كلمة ( يثرب ) و لا يستخدم اسم ( المدينة المنورة ) علما بأن الاسم الأول قد نسخه الإسلام ، و ألغاه النبي ، و أطلق عليها هذا الاسم الجديد الجميل . و لكنْ ؛ ليست هذه هي المشكلة في هذا الكتاب ، و لكنَّ المشكلة هي في الدراسة الاجتماعية المزعومة التي قدّمها ، و التي شَوَّه بها ، و من خلالها ، أعظم المجتمعات و أعظم العصور و أعظم الشخصيات ، حين نكتشف أن المجتمع في مدينة رسول الله ، و هو المجتمع الذي أقام دولة ، ونشر ديناً ، وهذا المجتمع و رجاله ، لم يكونوا مشغولين بشيء قدر انشغالهم بالمراة و الجنس معاً ...!
خامساً : كتاب (قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية ) :
و هذا الكتاب ، ينزع عن النبي محمد ، صلى الله عليه و سلم ، صفات الرسالة و النبوة و الوحي جميعاً ، إذ يحاول المؤلف أن يثبت أنه ليس هناك شيء من هذا كله ، و لكنَّ الأمر كان ينحصر في ربة قريش في أن تقيم دولة ، و أن تسود على القبائل العربية ، في شبه الجزيرة و ما حولها . و قد تم هذا و فق تخيط محكم قام به رجل داهية هو جدّ النبي ، صلى الله عليه و سلم ، وهو عبد المطلب الذي جاء بحفيده " محمد " ، ولم يكن أقل منه ذكاءً ، و صنع منه حاكماً و مؤسساً لهذه الدولة . قد أراد عبد المطلب أن يصنع ملكاً ، فصنع نبياً ، أي أن الحكاية كلها هي الحكم ، و هي السيطرة ، وهي السيادة إلى جوار ملوك و أباطرة ، يحيطون بقبائل العرب ، ابتداء من كسرى حتى هرقل .
سادساً : كتاب ( شدو الربابة بأحوال الصحابة ) :
و هذا كتاب لا يقل سوءأ ، إنْ لم يزد عن الكتب السابقة ، و هو أيضاًَ يأتي استكمالاً لكتابي مجتمع يثرب ، وقريش القبيلة و الدولة . و في هذا الكتاب الجديد ، يعرض المؤلف لأحوال صحابة رسول الله ، فيقول فيهم كلاماً ، لم يرد في كتب السيرة ، و لا في كتب التاريخ ، ومنه أن رسول الله صلى عليه و سلم ، كان يختلي بالصحابي الجليل سلمان الفارسي ، لأيام طويلة لكي يأخذ منه ، ويتعلّم على يديه ، لأن سلمان ، فيما يقال كان من كبار مثقفي عصره ، و كان عالماً بالعقائد و الأديان ، و كن يحيط بالمذاهب المختلفة . وقد جلس النبي بين يديه ، كما يجلس تلميذ بين يدي أستاذه ، ليتعلم منه كل الأسس و القواعد و التجارب و التواريخ و اليسر ، التي استفاد منها النبي بعد ذلك في رسالته الإسلامية المحمدية .
سابعاً : كتاب ( فترة التكوين في حياة الصادق الأمين ) :
و هذا هو آخر كتب خليل عبد الكريم ، ولعله من أخطرها جميعاً ، و يقوم هذا الكتاب على فكرة واحدة أساسية هي أن سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ليس نبياً ، ولكنه تلميذ عبقري لمجموعة من الأساتذة هم : السيدة خذيجة ، و ابن عمها ورقة بن نوفل ، و بقية أفراد الأسرة و هم : ميسرة ،و الراهب بحيرا ، و الراهب عداس ، والبطرك عثمان بن الحويرت .. و كلهم مسيحيون ..
و لقد قامت هذه المجموعة النصرانية على صناعة هذا النبي ، بعد أن عكفوا على تعليمه ، لأكثر من خمسة عشر عاماً ، حفظ فيها كتب الأولين و الآخرين ، و عرف التوراة و الإنجيل ، و المذاهب و العقائد ، وانتهى هذا كله بنجاح " التجربة " أي الرسالة ، و صنع هذا العبقري ، الذي أصبح نبياً ، و وضع كتاب حيّر العاملين ، على امتداد القرون هو القرآن الكريم .
و يقول خليل عبد الكريم بالحرف الواحد : " و هذا الكتاب ، يقدم رؤية جديدة ، نزعم أنها غير مسبوقة ، لحل هذا اللغز الذي ملأ الدنيا ، وشغل الناس ، و قد بدأنا بمحمد قبل أن يلتقي أبوه بأمه ، حتى التقطته سيدة القريش ، بعد أن توسمت فيه – بفراسة يعز مثلها – أنه هو القادم المنتظر ، ثم قيامها بمعونة سخية ، من ابن عمها القس ، بدور لا نجد له في تاريخ الأديان مجرد شبيه ، إنها ملحمة خالدة سلخت من عمر الطاهرة و القس عقداً و نصف العقد من الزمان ، في الإعداد و التصنيع و التهيئة و التأهيل ، حتى طرح ذلك العمل الصبور الدؤوب المتأني المخطط ، و المرسوم بدقة متناهية ثمرته الناجحة ، و حدثت واقعة غار حراء ، بصورة فذة معجبة ، أدهشت حتى فاعليها ، و هما سيدة نساء قريش ، و ورقة بن نوفل ، لأنها جاءت بصورة ، لم تخطر لهما على بال ، و لا شك أن هذا النجاح ، يؤوب بنسبة كبيرة إلى موضوع التجربة ، وهو " محمد " فقد كان عبقرياً ، لا يفري فرية أحد ، ذلك أن سيرته الذاتية ، وخبراته الشخصية و ملكاته العقيلة و النفسية و اللسانية ، كانت ركائز أساسية في فلاح التجربة " ..
- لا يفري فرية أحد : ( أي لا يكذب كذبة أحد ، بمعنى جاء بكذبة لم يسبقه إليها أحد من قبله ، حيث كان يُسمّى الصادق الأمين في مكة ، و بذلك ينفي عنه الكاتب هاتين الصفتين ، فكون لإيرادهما في عنوان الكتاب ، من قبيل الاستهزاء و الاستخفاف ، به و بِمَنْ صدّقوه على و يقول أيضاً في نفس الكتاب ... " أما في المساء ، و في لسيل مكة الطويل شتاءاً ، فكان مع الطاهرة – أي خديجة – بمفردها أحياناً ، و بحضور القس أحياناً أخرى ، حيث تتم في تلك القعدات مذاكرة الإصحاحات مباشرة ( التوراة و الإنجيل ) ثم إدارة الحوار بشأنها ، إما بتلقّيها من الأم الرؤوم و الزوجة الحنون خديجة ، التي لا شك أنها أجادت القراءة و الكتابة ، وقد قرأتْ تلك الإصحاحات ، و خزّنتها في ذاكرتها، أو أنها طفقت تقرؤها له مباشرة . و كل هذا يدور بالنهار ، في الأسواق و الحوانيت و الأعياد ، و ما يتم سماعة من القس ورقة ، وخديجة من الإصحاحات التي عرّبها القس ُّ في الليالي الطوال ، ( لتخرج في شكل سور القرآن ) ، و ما يعقبها من شروح و إيضاحات ( السنة انبوية ) ، و حوارات بالجلسات ، التي قد تستثمر حتى بزوغ الفجر . نقول إن كل هذا ، كان يجري تخزينه و برمجته في ذاكرة العبقري ، الذي لم تر جزيرة العرب له مثيلاً ، و لم تشهد له ضريباً ، و لم تعاين له سبيهاً أو نداً ، خاصّة و قد آمنا أنه أمي لا يقرأ و لا يكتب ، و الأمي – أيّ أُميّ – يتمتع بذاكرة حديدية ، و حافظة واعية أشد اوعي ، فما بالك إذا اجتمعت الأمية و العبقرية الفذة ، في شخص واحـــد ؟!!
و يقول في موضع آخر .. " و مهما كانت الجهود التي بذلتها الطاهرة ، و عاضدَها فيها ابن عمها القس ، فإنها لا تنفي عن التجربة ، وفي مقدمتها حادث الغار ، جانبها الغيبي و ناحيتها الميتافيزيقية (الميتافيزيقية : لفظ توصف به الظواهر الخارقة الطبيعية ، التي عادة ما تتأتى على أيدي الكهان و السحرة و المشعوذين و الدراويش و محضّري الأرواح ، و ذلك لنفي الوحي ) ، إذ لا تعارض بين الأمرين ، بل إن كلاً منهما يكمل الآخر و يدعمه . و يقول أيضاً .. " حتمٌ علينا أنْ نقرّ و نعترف بمهارة خديجة في المزج بين الأمومة الفياضة بالحب و الحنان ، و بين الإعداد الكريم الدقيق ، لتلقي التجربة ( النجاح ) ، و لولا هذا الخلط البارع لما قُدّر للتجربة الفلاح و النجاح الذي ملأ الدنيا ، و شغل النا منذ أربعة عشر قرناً ، و مازال يشغلهم حنى الآن ، و ربما لآمد بعيد ، مالم تتبدل جذرياً أحوالهم الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية ، و مالم يتحلّل حراس الأساطير ، و جلاَّس التراث المبارك ، عن أماكنهم الميمونة " .
ثم يقول خليل عبد الكريم في موضع آخر و أخير .. " كان أسى محمد المرير على فقد خديجة أمراً بديهياً ، لأنها الأم الرؤوم ، و الزوجة الحبيبة ، و لوها ما أكمل التجربة حتى نهايتها ، و هي التي أتاحت له التّماس مع ورقة و عداس و بحيرا ، و قضاء الليالي الطوال مع ابن نوفل في المدارسة و المذاكة و المحاورة ، و هي التي كانت تقرأ له الصحف التي عرّبها القس نوفل ، و هي التي هيأت له الاختلاط بأصحاب جميع املل و النحل و العقائد و الأديان الذين اكتظّت بهم مكة ، و لولا التفرغ الدائم – و هو أحد عطايا أم هند – لما انفسحت له الفرصة الثمينة . و لا شك أن الخلطة بأصحاب الديانات ، شكّلت جزءاً من الخطة المرسومة .لما انضوت عليه الخطة ، من تمرّس و استماع ، وحفظ و حوار و مدارسة و تخزين معلومات . لقد أدركت خديجة ، منذ فجر التجربة ، أن احترافه التجارة لا يدع له فسحة من الوقت ، في حين أن التجربة تحتّم ضرورة التفرغ الكامل ، و طلاق كل ما يشغله عنها ، طلاقاً بائناً بينونة كبرى " .
و بعد .. فهذه مجرد وقفة سريعة ، عند كتب خليل عبد الكريم .. و ليس منها كتاب أقل خطورة من الآخر .. و لكنْ ؛ ربما كان هذا الكتاب الأخير هو أخطرها .. فسوف نلاحظ هنا ، أن سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ، ليس نبياً يُوحى إليه ، بل هو رجل عبقري تَمَّتْ صناعته على يد السيدة خديجة و جماعتها ، وهم مجموعة من أقباط مكة ، و أنه تم تحفيظه الكتب السماوية التي سبقته كلها ، فكان النتاج هو هذا الرسول . و أغرب من هذا أن الكتاب كله لا ترد فيه كلمة " الرسالة " ، للدلالة على الدِّين الحنيف ، بل هو يُسمّيها " التجربة " .. فلقد نجحت " تجربة " خديجة و مَنْ معها ، بما يعني أنها شيء أرضي ، وليست شيئاً علوياً منزلاً ، من فوق سبع سماوات . و في هذا السياق ، فهو يُسمِّي السيدة خديجة باسم " الطاهرة " تيمناً باسم " مريم العذراء التي طهرّها رب العزة و الجلال ، و اصطفاها على نساء العالمين ، و دلالة الاسم هو أن السيدة خديجة كانت نصرانية ، و بعد هذا ، فهو لا يتورع عن وصف الوحي الذي نزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، في غار حراء بأنه حادث غيبي ميتافيزيقي ! ..
و أخيراً هذا هو الموضوع التي أحببت أن أقدمها لكم ..
فمــــــاذا تقول عن خليل عبد الكريم ..
و السلام مســــــــك الختام . أخوكم . محمـــد
من كتاب | الحقيقة بين النبوءة و السياسة .. التوراة – الأناجيل – نوستراداموس – القرآن الكريم | لــ . محمــد نضال الحافظ .
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، و أفضل الصلاة و السلام على سيد المرسلين ، و إمام المتقين ، سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، و بعد :
أحببت أن أقدم لكم | الإسلام الشيوعي .. سبعة كتب مشبوهة للمفكر اليساري خليل عبد الكريم | :
خليل عبد الكريم
فيما يلي نورد جزءاً يسراً من التغطية الإعلامية التي نُشرت أواخر العام المنصرم عن خليل عبد الكريم و كتابه . و منها صحيفة القدس العربي ، و الأهرام الاقتصادي و صحيفة أخبار الأدب .
الإسلام الشيوعي
سبعة كتب مشبوهة للمفكر اليساري خليل عبد الكريم
بقلم بدر الشبيب :
" خليل عبد الكريم ، كاتب يساري أو شيوعي أو تقدمي ، يكتب في الإسلام .. و لا بأي أن يكتب ، كائن من كان ، عن الدِّين الحنيف ، ولكن َّ السؤال هو : ماذا يكتب ؟
و قد كان خليل عبد الكريم عضواً في جماعة الإخوان المسلمين ، منذ سنوات طويلة خلت ، و لكنه ترك موقعه هذا ، وتحوّل من أقصى اليمين ، إلى أقصى اليسار ، فأصبح عضواً في اللجنة المركزية ، لحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي ، و هو حزب يساري يقول عنه الإسلاميون : إنه حزب شيوعي .
و منذ عشر سنوات أو أكثر يثير خليل عبد الكريم عاصفة في مصر و خارجها بكتبه التي يضعها عن الإسلام ..
وتتعرض هذه الكتب للمنع و المصادرة العنيف ، و مع هذا ، فإن الرجل لم يتوقف عن الكتابة ، و لم يتوقف عن تغير خطه الفكري ، الذي يصدم الجميع . و رغم أن عدداً من أساتذة الجامعات الكبار ، قد حاولوا كشف ما في دراسته هذه ، من زيف و افتراءات الإسلام ، إلا شيئاً ، لا يمنع الرجل من الاستمرار ، بل إنه يزداد غلواً ، مع كل كتاب جديد ، غير عابئ بما تثيره كتبه من رفض عنيف .
و يستخدم خليل عبد الكريم لغة جارحة في كتبه ، كما يطرح آراء و أفكار لا يمكن أنْ توصف إلا بأنها خروج على الملّة ، و على رأي الجماعة ، و على رأي الجمهور .
و هو ينطلق في هذا من مقولة : إننا يجب أنْ نتمتع بالجرأة العقلية ، و أن نطرح كل الأفكار و كل الشخصيات ، على مائدة التشريع العقلي الموضوعي ، البعيد عن الهوى ، و عن الأفكار الجاهزة ، التي يكتب بها المؤرخون و الدارسون للإسلام ، عن الدعوة و الرسالة و سيدنا محمد .. يقول خليل عبد الكريم ، في صدر كتاب أخير له .."
و آمل – هذا أمر متوقع – أ لا يسيء البعض فهم الدراسة ، على نحو لم يرد على خاطرنا ، و كنا قد طالبنا بضرورة كتابه التاريخ الإسلامي كتابة علمية موضوعية بداية بالحبيب المصطفى ، و كرّرنا أن الكتابة بطريقة مغايرة للكتابات التقليدية يتعين أن تُقابل بأفق رحيب و عقلانية بعيدة عن التشنج ، و نذكر هؤلاء بأن نفسه أكد أن مَن اجتهد و أخطأ فله أجر ، و نحن نأمل في أنْ نحظى بالأجرين .. أجر الاجتهاد ، و أجر الإصابة " .
و في ظل ما يدعيه من جرأة عقلية على هذا النحو ، فإن خليل عبد الكريم يمضي في هذه الكتابات ، التي لا نجد لها مثيلاً في التاريخ الإسلام . و نحن لا ندعو بالطبع إلى مصادرة هذه الكتب ، أو الحجر على حرية الرجل ، ولكننا ندعو المتخصصين و علماء الدِّين و شيوخ الأمة ، إلى مناقشة أفكار الرجل ، ودحض ما فيها من شبهات ، بشكل علمي هادئ ، بعيداً عن الترويع و التخويف و الإرهاب الفكري .
و هناك الآن ، ما لا يقل عن سبعة كتب هامة أصدرها الرجل في السنوات الأخيرة ، وهي تستحق المناقشة و التحليل ، لعرض ما فيها من آراء و الرد عليها .
و لسنا هنا بالطبع ، في معرض تحليل هذه الكتب أو مناقشتها ، فليس هنا ، و لا الآن ، يتم هذا الأمر ، و لكننا قد نكتفي بالتعريف السريع بها ، خصوصاً أنها تكوّن الآن مشروعاً فكرياً ، لهذا الرجل . و الكتب السعة التي سنعرض لها هنا ، هي :
أولاً : كتاب ( للشريعة لا لتطبيق الحكم ) :
و هذا الكتاب يقوم على فكرة واحدة أساسية ، هي أن تطبيق الشريعة الإسلامية لم يعد صالحاً في هذا العصر ، لأن هذا التطبيق سوف يجرُّ علينا من المشاكل ما لا حصر لها . و مع أن الإسلام ، و كما جاء في القرآن العظيم . هو الدِّين الخالد ، الذي يصلح للبشر كافة ، و يصلح في كل زمان و مكان ، إلا أن خليل عبد الكريم له رأي آخر . فهو يقول بالحرف : " إن الإسلام ليس عبادات فقط ، بل هو أيضاً تشريعات و عقوبات و نظام سياسي " ، و هنا الخطورة من وجهة نظره ، إذ يرى أن تطبيق الشريعة ، سوف يؤدي بنا إلى أضرار تفوق – بمراحل – الأضرار التي تترتب على إهمالها لتطبيقها . وتلك هي دعوة العلمانيين و اللادينيين ، الذين يفضلون القانون الوضعي على الشريعة الإسلامية .
ثانياً : كتاب ( الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية ) :
و هذا الكتاب ، يعتبر استكمالاً و تأصيلاً للكتاب الأول ، إذ إنه ينطلق من نفس الفكرة التي ترفض الشريعة الإسلامية ، وترفض تطبيقها ، و هنا قول خليل عبد الكريم : " إن هذه الشريعة التي ينادون بها هي مجرد تعالم ، كان قول و يأخذ بها عرب الجاهلية ، ثم جاء محمد فأخذ هذه التعاليم ، و أعمل فيها عقلة و فكرة ، حتى بدت شيء جديد " . و لها ؛ فإن السؤال الذي يطرحه خليل عبد الكريم هو : هل تصلح هذه التعاليم ، التي كان يطبقها بدو الصحراء ، قبل أكثر من أربعة عشر قناً ، لكي تحكمنا اليوم ؟! على أن ما هو أخطر من هذا السؤال ، ما معناه و خلاصته ، أنه ليس ثمة شيء منزل من السماء ، بل إن الأشياء كلها من صنع سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ... !!
ثالثاً : كتاب ( الأسس الفكرية ليسار الإسلامي ) :
و في هذا الكتاب يقول خليل عبد الكريم صراحة ، " إن الإسلام ليس شيئاً غير العبادات " ، مع أن طلبة المراحل التعليمية الأولى يعرفون أن الإسلام يقوم على دعامتين ، هما : العبادات ، والمعاملات . و لكنه يحصر الإسلام في العبادات فقط ، و لهذا ؛ فإن ميدانه الأصلي هو المساجد و الجوامع و التكايا و الحسنيات ، أو الخلاوي و الخانقات و الزوايا و المصلّيات للعبادة ، و ليس ديناً للحياة . إنه يحصر و ظيفته في دور العبادة ، أما شؤون الناس و تصريف حياتهم ، فليس للإسلام شأن بها . و هنا نعود إلى مقولات المغرضين الذين يقولون ن الإسلام ليس ديناً و دولة ، بل هو دين فقط .
رابعاً : كتاب ( مجتمع يثرب .. العلاقة بين الرجل و المرأة في العهدين المحمدي و الخليفي ) :
وهذا كتاب مَعْيَبة ، لأنه يُشوِّه الإسلام في أعظم عصوره ، أي في مرحلة النبوة ، وصدر الإسلام ، و الخلفاء الراشدين . و سوف يلاحظ القارئ ، في اللحظة الأولى ، أن الكاتب يستخدم ، كلمة ( يثرب ) و لا يستخدم اسم ( المدينة المنورة ) علما بأن الاسم الأول قد نسخه الإسلام ، و ألغاه النبي ، و أطلق عليها هذا الاسم الجديد الجميل . و لكنْ ؛ ليست هذه هي المشكلة في هذا الكتاب ، و لكنَّ المشكلة هي في الدراسة الاجتماعية المزعومة التي قدّمها ، و التي شَوَّه بها ، و من خلالها ، أعظم المجتمعات و أعظم العصور و أعظم الشخصيات ، حين نكتشف أن المجتمع في مدينة رسول الله ، و هو المجتمع الذي أقام دولة ، ونشر ديناً ، وهذا المجتمع و رجاله ، لم يكونوا مشغولين بشيء قدر انشغالهم بالمراة و الجنس معاً ...!
خامساً : كتاب (قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية ) :
و هذا الكتاب ، ينزع عن النبي محمد ، صلى الله عليه و سلم ، صفات الرسالة و النبوة و الوحي جميعاً ، إذ يحاول المؤلف أن يثبت أنه ليس هناك شيء من هذا كله ، و لكنَّ الأمر كان ينحصر في ربة قريش في أن تقيم دولة ، و أن تسود على القبائل العربية ، في شبه الجزيرة و ما حولها . و قد تم هذا و فق تخيط محكم قام به رجل داهية هو جدّ النبي ، صلى الله عليه و سلم ، وهو عبد المطلب الذي جاء بحفيده " محمد " ، ولم يكن أقل منه ذكاءً ، و صنع منه حاكماً و مؤسساً لهذه الدولة . قد أراد عبد المطلب أن يصنع ملكاً ، فصنع نبياً ، أي أن الحكاية كلها هي الحكم ، و هي السيطرة ، وهي السيادة إلى جوار ملوك و أباطرة ، يحيطون بقبائل العرب ، ابتداء من كسرى حتى هرقل .
سادساً : كتاب ( شدو الربابة بأحوال الصحابة ) :
و هذا كتاب لا يقل سوءأ ، إنْ لم يزد عن الكتب السابقة ، و هو أيضاًَ يأتي استكمالاً لكتابي مجتمع يثرب ، وقريش القبيلة و الدولة . و في هذا الكتاب الجديد ، يعرض المؤلف لأحوال صحابة رسول الله ، فيقول فيهم كلاماً ، لم يرد في كتب السيرة ، و لا في كتب التاريخ ، ومنه أن رسول الله صلى عليه و سلم ، كان يختلي بالصحابي الجليل سلمان الفارسي ، لأيام طويلة لكي يأخذ منه ، ويتعلّم على يديه ، لأن سلمان ، فيما يقال كان من كبار مثقفي عصره ، و كان عالماً بالعقائد و الأديان ، و كن يحيط بالمذاهب المختلفة . وقد جلس النبي بين يديه ، كما يجلس تلميذ بين يدي أستاذه ، ليتعلم منه كل الأسس و القواعد و التجارب و التواريخ و اليسر ، التي استفاد منها النبي بعد ذلك في رسالته الإسلامية المحمدية .
سابعاً : كتاب ( فترة التكوين في حياة الصادق الأمين ) :
و هذا هو آخر كتب خليل عبد الكريم ، ولعله من أخطرها جميعاً ، و يقوم هذا الكتاب على فكرة واحدة أساسية هي أن سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ليس نبياً ، ولكنه تلميذ عبقري لمجموعة من الأساتذة هم : السيدة خذيجة ، و ابن عمها ورقة بن نوفل ، و بقية أفراد الأسرة و هم : ميسرة ،و الراهب بحيرا ، و الراهب عداس ، والبطرك عثمان بن الحويرت .. و كلهم مسيحيون ..
و لقد قامت هذه المجموعة النصرانية على صناعة هذا النبي ، بعد أن عكفوا على تعليمه ، لأكثر من خمسة عشر عاماً ، حفظ فيها كتب الأولين و الآخرين ، و عرف التوراة و الإنجيل ، و المذاهب و العقائد ، وانتهى هذا كله بنجاح " التجربة " أي الرسالة ، و صنع هذا العبقري ، الذي أصبح نبياً ، و وضع كتاب حيّر العاملين ، على امتداد القرون هو القرآن الكريم .
و يقول خليل عبد الكريم بالحرف الواحد : " و هذا الكتاب ، يقدم رؤية جديدة ، نزعم أنها غير مسبوقة ، لحل هذا اللغز الذي ملأ الدنيا ، وشغل الناس ، و قد بدأنا بمحمد قبل أن يلتقي أبوه بأمه ، حتى التقطته سيدة القريش ، بعد أن توسمت فيه – بفراسة يعز مثلها – أنه هو القادم المنتظر ، ثم قيامها بمعونة سخية ، من ابن عمها القس ، بدور لا نجد له في تاريخ الأديان مجرد شبيه ، إنها ملحمة خالدة سلخت من عمر الطاهرة و القس عقداً و نصف العقد من الزمان ، في الإعداد و التصنيع و التهيئة و التأهيل ، حتى طرح ذلك العمل الصبور الدؤوب المتأني المخطط ، و المرسوم بدقة متناهية ثمرته الناجحة ، و حدثت واقعة غار حراء ، بصورة فذة معجبة ، أدهشت حتى فاعليها ، و هما سيدة نساء قريش ، و ورقة بن نوفل ، لأنها جاءت بصورة ، لم تخطر لهما على بال ، و لا شك أن هذا النجاح ، يؤوب بنسبة كبيرة إلى موضوع التجربة ، وهو " محمد " فقد كان عبقرياً ، لا يفري فرية أحد ، ذلك أن سيرته الذاتية ، وخبراته الشخصية و ملكاته العقيلة و النفسية و اللسانية ، كانت ركائز أساسية في فلاح التجربة " ..
- لا يفري فرية أحد : ( أي لا يكذب كذبة أحد ، بمعنى جاء بكذبة لم يسبقه إليها أحد من قبله ، حيث كان يُسمّى الصادق الأمين في مكة ، و بذلك ينفي عنه الكاتب هاتين الصفتين ، فكون لإيرادهما في عنوان الكتاب ، من قبيل الاستهزاء و الاستخفاف ، به و بِمَنْ صدّقوه على و يقول أيضاً في نفس الكتاب ... " أما في المساء ، و في لسيل مكة الطويل شتاءاً ، فكان مع الطاهرة – أي خديجة – بمفردها أحياناً ، و بحضور القس أحياناً أخرى ، حيث تتم في تلك القعدات مذاكرة الإصحاحات مباشرة ( التوراة و الإنجيل ) ثم إدارة الحوار بشأنها ، إما بتلقّيها من الأم الرؤوم و الزوجة الحنون خديجة ، التي لا شك أنها أجادت القراءة و الكتابة ، وقد قرأتْ تلك الإصحاحات ، و خزّنتها في ذاكرتها، أو أنها طفقت تقرؤها له مباشرة . و كل هذا يدور بالنهار ، في الأسواق و الحوانيت و الأعياد ، و ما يتم سماعة من القس ورقة ، وخديجة من الإصحاحات التي عرّبها القس ُّ في الليالي الطوال ، ( لتخرج في شكل سور القرآن ) ، و ما يعقبها من شروح و إيضاحات ( السنة انبوية ) ، و حوارات بالجلسات ، التي قد تستثمر حتى بزوغ الفجر . نقول إن كل هذا ، كان يجري تخزينه و برمجته في ذاكرة العبقري ، الذي لم تر جزيرة العرب له مثيلاً ، و لم تشهد له ضريباً ، و لم تعاين له سبيهاً أو نداً ، خاصّة و قد آمنا أنه أمي لا يقرأ و لا يكتب ، و الأمي – أيّ أُميّ – يتمتع بذاكرة حديدية ، و حافظة واعية أشد اوعي ، فما بالك إذا اجتمعت الأمية و العبقرية الفذة ، في شخص واحـــد ؟!!
و يقول في موضع آخر .. " و مهما كانت الجهود التي بذلتها الطاهرة ، و عاضدَها فيها ابن عمها القس ، فإنها لا تنفي عن التجربة ، وفي مقدمتها حادث الغار ، جانبها الغيبي و ناحيتها الميتافيزيقية (الميتافيزيقية : لفظ توصف به الظواهر الخارقة الطبيعية ، التي عادة ما تتأتى على أيدي الكهان و السحرة و المشعوذين و الدراويش و محضّري الأرواح ، و ذلك لنفي الوحي ) ، إذ لا تعارض بين الأمرين ، بل إن كلاً منهما يكمل الآخر و يدعمه . و يقول أيضاً .. " حتمٌ علينا أنْ نقرّ و نعترف بمهارة خديجة في المزج بين الأمومة الفياضة بالحب و الحنان ، و بين الإعداد الكريم الدقيق ، لتلقي التجربة ( النجاح ) ، و لولا هذا الخلط البارع لما قُدّر للتجربة الفلاح و النجاح الذي ملأ الدنيا ، و شغل النا منذ أربعة عشر قرناً ، و مازال يشغلهم حنى الآن ، و ربما لآمد بعيد ، مالم تتبدل جذرياً أحوالهم الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية ، و مالم يتحلّل حراس الأساطير ، و جلاَّس التراث المبارك ، عن أماكنهم الميمونة " .
ثم يقول خليل عبد الكريم في موضع آخر و أخير .. " كان أسى محمد المرير على فقد خديجة أمراً بديهياً ، لأنها الأم الرؤوم ، و الزوجة الحبيبة ، و لوها ما أكمل التجربة حتى نهايتها ، و هي التي أتاحت له التّماس مع ورقة و عداس و بحيرا ، و قضاء الليالي الطوال مع ابن نوفل في المدارسة و المذاكة و المحاورة ، و هي التي كانت تقرأ له الصحف التي عرّبها القس نوفل ، و هي التي هيأت له الاختلاط بأصحاب جميع املل و النحل و العقائد و الأديان الذين اكتظّت بهم مكة ، و لولا التفرغ الدائم – و هو أحد عطايا أم هند – لما انفسحت له الفرصة الثمينة . و لا شك أن الخلطة بأصحاب الديانات ، شكّلت جزءاً من الخطة المرسومة .لما انضوت عليه الخطة ، من تمرّس و استماع ، وحفظ و حوار و مدارسة و تخزين معلومات . لقد أدركت خديجة ، منذ فجر التجربة ، أن احترافه التجارة لا يدع له فسحة من الوقت ، في حين أن التجربة تحتّم ضرورة التفرغ الكامل ، و طلاق كل ما يشغله عنها ، طلاقاً بائناً بينونة كبرى " .
و بعد .. فهذه مجرد وقفة سريعة ، عند كتب خليل عبد الكريم .. و ليس منها كتاب أقل خطورة من الآخر .. و لكنْ ؛ ربما كان هذا الكتاب الأخير هو أخطرها .. فسوف نلاحظ هنا ، أن سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ، ليس نبياً يُوحى إليه ، بل هو رجل عبقري تَمَّتْ صناعته على يد السيدة خديجة و جماعتها ، وهم مجموعة من أقباط مكة ، و أنه تم تحفيظه الكتب السماوية التي سبقته كلها ، فكان النتاج هو هذا الرسول . و أغرب من هذا أن الكتاب كله لا ترد فيه كلمة " الرسالة " ، للدلالة على الدِّين الحنيف ، بل هو يُسمّيها " التجربة " .. فلقد نجحت " تجربة " خديجة و مَنْ معها ، بما يعني أنها شيء أرضي ، وليست شيئاً علوياً منزلاً ، من فوق سبع سماوات . و في هذا السياق ، فهو يُسمِّي السيدة خديجة باسم " الطاهرة " تيمناً باسم " مريم العذراء التي طهرّها رب العزة و الجلال ، و اصطفاها على نساء العالمين ، و دلالة الاسم هو أن السيدة خديجة كانت نصرانية ، و بعد هذا ، فهو لا يتورع عن وصف الوحي الذي نزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، في غار حراء بأنه حادث غيبي ميتافيزيقي ! ..
و أخيراً هذا هو الموضوع التي أحببت أن أقدمها لكم ..
فمــــــاذا تقول عن خليل عبد الكريم ..
و السلام مســــــــك الختام . أخوكم . محمـــد
من كتاب | الحقيقة بين النبوءة و السياسة .. التوراة – الأناجيل – نوستراداموس – القرآن الكريم | لــ . محمــد نضال الحافظ .