المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية مؤامرات... أم.. إخفاق قيادات.... أم كلاهما؟



aseer_plastine
06-09-2003, 12:48 AM
مؤامرات... أم.. إخفاق قيادات.... أم كلاهما؟


بقلم: حسني محمد ذياب

ميدل ايست اونلاين
في كتابه الذي صدر حديثاً بعنوان "نقد نظرية المؤامرة" أكد الكاتب عثمان العثمان أن كل ما حصل للعرب من نكبات، ونكسات وأزمات هو بسبب القيادات العربية وعدم كفاءتها وعدم مقدرتها على التخطيط السليم وعدم مقدرتها على اتخاذ القرارات الصائبة، وليس بسبب وجود مؤامرة على هذه الأمة.

وعلى الرغم من أننا قد نتفق مع مؤلف كتاب نقد نظرية المؤامرة حول إخفاق القيادات العربية منذ وقوع ما يطلق عليه "الثورة العربية الكبرى" إخفاقها في قيادة الأمة إلى بر الأمان، وإنها لم تكن مؤهلة ولا يوجد لديها الذكاء والتخطيط للقيادة، لكن كل هذا لا ينفي وجود المؤامرة والمتآمرون على هذه الأمة، فالأمة العربية تتعرض للمؤامرات منذ زمن بعيد وبإمكاننا إرجاع ذلك إلى فجر الإسلام وبداية البعثة المحمدية، حيث كان ينتظر اليهود ظهور رسول ورسالة جديدة، كما هو موجود لديهم في التوراة، وكانوا يأملون أن يكون هذا الرسول منهم، لكن الله تعالى أراد شيئاً آخر، فكان الرسول هو محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم، العربي القرشي، ومنذ ذلك الحين بدأ غلاة اليهود بالتخطيط والتدبير والعمل ضد هذا الرسول وهذه الرسالة، إذاً فالمؤامرة موجودة

وكذلك تخطيط الحركة الصهيونية لاقامة وطن لليهود وبحثهم عن المكان المناسب لاقامة هذه الدولة واختيارهم لأرض فلسطين وتحالفهم مع الغرب من أجل ذلك، هذه مؤامرة لا أحد يستطيع أن ينكرها، وغير ذلك الكثير من الأمور التي حيكت ضد هذه الأمة، لكن المهم في الأمر والذي يمكن أن نتفق فيه مع مؤلف كتاب نقد نظرية المؤامرة أن القيادة المحمدية استطاعت أن تتصدى لمؤامرات غلاة اليهود في ذلك الزمان وأن تفوت عليهم الفرصة بالنيل من هذه الرسالة ومن أتباعها، وعلى الرغم من تكاتف قوى الشر في ذلك الزمان من غلاة اليهود والمشركين ومن شايعهم إلاّ أن القيادة المحمدية بفطنتها وذكائها وتخطيطها، وقبل ذلك العناية والرعاية الإلهية لهذا النبي وهذه الرسالة تمكن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أن يحبط هذه المؤامرات وهذه المخططات.

وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وتحول القيادة لأصحابه الخلفاء الراشدين من بعده ساروا على النهج نفسه وواصلوا التصدي لكل ما حيك ودبر للدولة الإسلامية الوليدة من مؤامرات وذلك باقتدار وحسن تصرف وتخطيط وقبل ذلك كله بتوفيق من الله وهداية منه لأنه يريد أن يُتِمَ أمره ولو كره الكافرون، وعلى الرغم من كل ذلك استمرت مؤامرات المتآمرين، وتصدى لها أصحاب رسول الله وواصلوا حمل الرسالة وتصدوا لاعداء الدولة الإسلامية، وجاءت الخلافتين الأموية والعباسية واتسعت الدولة، ومع اتساع الدولة اتسعت الهوة وبعدت الأمور عن منابعها وقل الاهتمام والالتزام وتحلل الناس من وعيهم ودرايتهم، ووجد الأعداء منفذاً للولوج إلى صفوف هؤلاء، وهذا ما حدث بعد اتساع الدولة الإسلامية وترامي أطرافها وركون الناس للدعة فقويت المؤامرات والمتآمرون وأعادوا الكرة للنيل من هذه الأمة واستطاعت قوى الشر أن تنال من وحدة الأمة وبدأ الوهن والضعف يسري في أوصالها، بالطبع لو كانت القيادات في ذلك الوقت بنفس الوعي والدراية والحنكة لقيادة الدولة الإسلامية الأولى في العصر المحمدي وما تلاه لَمَا حصل ما حصل ولَمَا وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه.

إذاً فالمؤامرة موجودة ولكن القيادات اختلفت، فقوة القيادة ووعيها ودرايتها تستطيع أن تتصدى للمؤامرات والمتآمرين، وضعف القيادات وفشلها يمّكن الأعداد من تحقيق مآربهم والوصول إلى أهدافهم، وهذا ما ظهر جلياً في كل موقف وفي كل قضية فقد تأمر المتآمرون على إخراج المسلمين من الأندلس وخططوا طويلاً لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق مآربهم إلا بعد أن تيقنوا من ضعف القيادات هناك وانصراف هذه القيادات لحياة اللهو والترف وترك الاستعداد للتصدي للمؤامرات التي تحاك لهم، وبعد الحرب العالمية الأولى اشتدت المؤامرة على العرب والمسلمين واستخدم البريطانيون العرب لمحاربة بقايا الخلافة الإسلامية المتمثلة بالدولة العثمانية وقامت القيادة العربية دون دراية لأبعاد ما يحاك ويخطط من قبل البريطانيين، قامت بما عرف بالثورة العربية الكبرى لطرد الأتراك من الدول العربية، وابتلعت الطعم الاستعماري ولم يحصل العرب على أي وعد من الوعود التي قطعتها لهم بريطانيا، بل والأكثر من ذلك وقعت اتفاقية سايكس بيكو مع فرنسا لتقاسم الدول العربية، وهذه من أكبر المؤامرات التي تعرض لها العرب والمسلمين وعلى الرغم من أن هذه الاتفاقية مؤامرة، لكن القيادات العربية آنذاك لم تكن على قدر المسؤولية ولم تتمكن من الاستيعاب الظروف التي كانت سائدة ووقعت في حبال المستعمر.

وجاءت نكبة فلسطين في عام 1948، حيث أُحتلت فلسطين وطرد العرب منها وكان ذلك نتيجة مؤامرة صهيونية غربية، وبالطبع إخفاق عربي كبير في التصدي لهذه المؤامرة واخفاق كبير في إدارة الصراع، وضاعت فلسطين، وتوالت النكبات والنكسات وتم احتلال أجزاء من عدة دول عربية في عام 1967 والمتمثلة في الضفة الغربية، وغزة والجولان وسيناء، وبالطبع كان ذلك نتيجة إخفاق كبير من قبل القيادات العربية في التصدي لهذا العدوان ولهذه المؤامرة الصهيونية المستمرة، وفي عام 1978 قامت القوات الإسرائيلية باحتلال جنوب لبنان، و في عام 1982 جاء الاحتلال الإسرائيلي للبنان والوصول إلى بيروت استمراراً للمؤامرة الصهيونية الغربية على هذه الأمة، وتزامنت هذه المؤامرة مع إخفاق عربي كبير في التعامل معها، وجاءت الطامة الكبرى والمتمثلة في مأساة عام 1990 والمتمثلة باحتلال الكويت، في اعتداء سافر من بلد عربي على بلد عربي جار، وعلى الرغم من كل ما قيل من مؤامرة حاكتها الولايات المتحدة والدول الحليفة لها للإيقاع بالقيادة العراقية وأنها جعلت الكويت بمثابة الطعم لهذا النظام فإن إخفاق القيادة العراقية آنذاك في استيعاب ما يخطط ويحاك من مؤامرات كان له أكبر الأثر في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، وحتى يكتمل المشهد وتزداد المؤامرة وضوحا، وتتكشف اخفاقات القيادات العربية في التصدي للمؤامرات والتعامل معها، جاء احتلال العراق في بداية العام الجاري 2003

وهكذا، وفي كل وقت وحين، لو وجدت القيادات الواعية لما يخطط ويحاك لهذه الأمة، والقادرة على إدارة الصراع بذكاء، لفوتت الفرصة على أي مخطط أو مؤامرة من الوصول لأهدافها، فالقيادة في كل وقت هي ما تحتاجه الأمة العربية وأي أمة، فعدم وجود القيادة هو الذي يمكن العدو من الوصول إلى أهدافه وتحقيق مآربه، وهذا ما تسعى إليه القوات الإسرائيلية في فلسطين إذ تعمل كل ما في وسعها للقضاء على القيادة الفلسطينية حتى تتمكن من إنهاء القضية الفلسطينية، وهذا ما سعت إليه الولايات المتحدة في بداية حربها على العراق إذ عملت جهدها للقضاء على القيادة العراقية منذ ساعات الحرب الأولى حتى تسهل مهمتها وتصل إلى أهدافها بأقل الخسائر.


حسني محمد ذياب


gazehosny

DE NILSON
12-09-2003, 08:18 AM
مشكور اخوي على المقالة