المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية تجاوز الورطة الى السقوط:هل حان وقت الانسحاب الأميركي من العراق؟ بقلم: محمد الحمامصي



Black_Horse82
13-09-2003, 12:47 PM
تجاوز الورطة الى السقوط: هل حان وقت الانسحاب الأميركي من العراق؟ (http://www.middle-east-online.com/?id=17780)


http://www.middle-east-online.com/furniture/top_bar_gif.gif
بقلم: محمد الحمامصي

ثمة معطيات كثيرة تشير الى ان ايام الاحتلال الاميركي للعراق قد تكون معدودة.ميدل ايست اونلاين
حين تصاب بالصمم فلا تسمع صوت إجماع الرأي العام العالمي، ونداءات الأنظمة كبيرها وصغيرها، ناميها ومتقدمها بألا تقدم على احتلال العراق، حين تدعوك غطرستك وحماقتك الى تلفيق الأكاذيب والأوهام، حين تغمض عينيك أمام مجازر وجرائم ارتكبتها من فورك ضد المدنيين في أفغانستان، حين يقتادك اليمين الصهيوني الى مساندته ودعمه بالمال والسلاح والإعلام في حرب إبادة ضد الفلسطينيين، حين تتساوى بالكيان الصهيوني فلا تشاركه فقط في سياساته وأفكاره وأحقاده ودمويته بل تصبح مثله محتلاً وغاصباً، حين تعترف بأن الأطفال يقاومونك ويقاتلونك وأنك تقتلهم .. و(حين) يمكن أن تمتد الى ما لا نهاية، فأخطاء الرئيس الأميركي بوش وإدارته منذ دخولهما الى البيت الأبيض تصلح لأن تكتب تاريخاً مستقلاً عن تاريخ الولايات المتحدة، وإن كانت جزءاً لا يتجزأ من تاريخها المليء بالتجاوزات، حين يفعل الرئيس الأميركي وإدارته كل ذلك دون رادع من عجز أو فشل في العراق وأفغانستان وخسائر شبه يومية في العتاد والأرواح وعجز اقتصادي يتصاعد في موازنته (يتوقع بلوغ عجز الموازنة عام 2004 نصف تريليون دولار بزيادة قدرها 100 مليار عن عام 2003 ) وارتفاع في معدلات البطالة والفقر، فإن الوقوف الى جانبه مالياً وعسكرياً وسياسياً وإعلامياً أو التحالف معه يعد ضرباً من العته العقلي، من هنا يكون موقف المجتمع الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومجموعة الدول المانحة موقفاً صحيحاً، فبعد خمسه أشهر من احتلاله العراق وممارسته كل أشكال التخريب والإرهاب للسيطرة، يعلن بوش عجزه وفشله مطالباً بدور للأمم المتحدة، وفي ظل مطالبته لا يتخلى عن غطرسته وحماقته ولو بشكل استثنائي بل يجعلهما يتملكانه، فالفريسة/العراق بين فكيه ولن تقبل صقور إدارته إلا بالتهامها كاملة، ومن يطالبهم عبر الأمم المتحدة بمدد المال والقوات يريدون دوراً مركزياً لا أن تصبح الأمم المتحدة تحت إمرته هو ووزير دفاعه المتطرف رونالد رامسفيلد، ولأن كل محاولاته وإدارته اليمينية المتطرفة لجلب حلفاء أقوياء يحمونه (وهو يسرق) من تصاعد المقاومة العراقية باءت وسوف تبؤ بالفشل ما لم يتنازل عن بعض من الفريسة، ولأنه مصر على التهامها كاملة، فالنتيجة الحتمية هي سقوطه.
والسقوط الأميركي في العراق تتكشف ملامحه يوماً بعد الأخر بما لا يدع مجالاً للشك، وقد ترتب هذا السقوط على مجموعة نقاط استراتيجية هامة داخل العراق وخارجه، الأمر الذي لا يمكن معه استبعاد خيار الانسحاب من العراق حال تطور الأمر وتصاعد حجم الخسائر الأميركية، على أن يسند للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية مهمة إعادة الأمور الى نصابها الصحيح.. ومن هذه النقاط :


أولاً: تأكدت المقاومة العراقية وأكدت للجميع أن خيار المقاومة يؤتي ثماره، الأمر الذي دفع أميركا وعملائها للتحريض ضدها واعتبارها مجموعات إرهابية وراءها تنظيم القاعدة أو جماعة أنصار الإسلام أو عناصر من الموالين لصدام حسين، كما قامت بتجنيد المزيد من العملاء واستقدام أفضل عناصرها في أفغانستان وها هي تسعى لاستقطاب ضباط الاستخبارات في النظام السابق، وفضلاً عن هذا كله نقلت تجربة الكيان الصهيوني في حربه ضد الفلسطينيين فباتت جرائم القتل ضد المدنيين العراقيين أكثر من أن تحصى، في ظل سريان حالة من التعتيم على كل ما يجري .. ومع ذلك ظلت المقاومة عصية وتصاعدت وتيرة عملياتها يوماً بعد الأخر مكبدة القوات الأميركية المزيد من الخسائر ..


ثانياً: حماقة اللصوص و(البلطجية) سواء من كان منهم فوق المائدة أو تحتها، وممن خربوا واحرقوا كل شيء في العراق، والذين حملتهم الطائرات الأميركية مع مليشياتهم الى العراق وسكتت عن افعالهم كبدائل ومنحتهم شرف العمالة والحماية والمال والقيادة مقابل نحر وتمزيق العراق شعباً وحضارة مثلما فعل صدام حسين، فعلى الرغم من أن بعض هؤلاء ينتمون الى العراق لكنهم أبعد ما يكونون عن الشعب العراقي في رؤاهم وأفكارهم وتوجهاتهم وولاءاتهم، ومن ثم فإن استعانة أميركا بهم مثلت خطأ جسيماً، كشفت الأشهر الماضية فداحة آثاره رغم استمراريته.


ثالثاً: تصاعد حدة رفض المجتمع الأميركي وبداية تبلور جبهة داخلية مناهضة لبوش وإدارته من جراء حربه على العراق وارتفاع حجم الخسائر التي تتكبدها القوى الأميركية على مستوى السياسة والقوات المسلحة والاقتصاد، وظهور تقارير متشائمة بشأن الوضع الأميركي في العراق وتأثيراته منها تقرير لجنة الكونجرس، هذا بالإضافة لما تطالعنا به الصحف ووكالات الأنباء يومياً من تصريحات ومقالات لقادة عسكريين وساسة وكتاب أقل ما توصف به أنها قاسية وجارحة لبوش وإدارته، فقد أعلن الجنرال المتقاعد أنتوني زيني قائد القيادة الوسطى للجيش الأميركي سابقاً والمبعوث السابق للشرق الأوسط أمام مئات من ضباط جنود البحرية الأميركية (المارينز) أنه "ليست هناك خطة أو آلية لجمع العناصر المشتتة ولذلك فإننا معرضون للفشل"، فيما كشف تقرير أعده مكتب لجنة الموازنة في الكونجرس أن سياسات بوش تستنزف القوات الأميركية الى حد الخطر.


رابعاً: إن أوروبا التي اتهمها صقور بوش وإدارته بالقدم والتخلف والعجز وشنت عليها وسائل إعلامه أحقر الحملات الإعلامية في تاريخها، هي المطلوب منها الآن تحديداً أن تمد له يد العون وتنتشله من العجز والفشل، وأوروبا لن تقبل إلا أن تكون شريكة كاملة وكذلك روسيا واليابان والصين والهند وحتى تركيا، وقد ربطت الدول والمنظمات التي شاركت مؤخراً في مؤتمر مدريد لتقديم المساعدات الدولية لإعمار العراق ( يصل عددها الى 50) تقديم مساعداتها بوضع دستور عراقي وقيام حكومة منتخبة ووضع نظام قضائي ومصرفي ومالي .. إنني أكاد أسمع الآن الأوروبيين وغيرهم ممن تظاهروا وهددوا وحذروا من مغبة التدخل العسكري في العراق بعد سماعهم لخطاب الثمانية عشرة دقيقة الذي تجلت فيه انتكاسة بوش والقوة الأميركية، أكاد أسمعهم يهتفون (دعه ينزف .. دعه يسقط)، فضلا عن النعوت الشامتة في تضرب وجوه الأميركيين صباح مساء، والتي باتت تملأ الصحافة الغربية بما فيها صحافة المتحالفين ومن هذه النعوت نعت الوضع الأميركي بالتخبط والتشتت والهزيمة والنكسة والعجز .. فالوضع قبل الحرب شكل وبعدها شكل وبعد مضي خمسة أشهر شكل آخر..


خامساً: تصاعد الرفض الشيعي المعلن ممثلاً في المرجع البارز السيد مقتدى الصدر والمستتر ممثلاً في المرجعية الدينية وعلى رأسها آية الله العظمى السيد علي السيستاني، فكلا الطرفين يرى في أميركا محتلاً غاصباً وليس محرراً ويطالبها بالرحيل، وهو إن كان رفضاً سلمياً الى الآن فإن تحوله الى مقاومة سوف يصبح بمرور الوقت أمراً حتمياً..


سادساً: التجاهل الأميركي المتعمد للرفض الشعبي لمجلس الحكم والحكومة التي قام بتشكيلها واتهامهما (المجلس والحكومة) بالطائفية والعرقية، واعتبارهما (المجلس ـ الحكومة) والاحتلال كياناً واحداً لا يهدف الى وحدة العراق وإعادة إعمار وبناء عراق حر بقدر ما يهدف الى تقسيمه الى طوائف وأعراق ونهبه وسلب شعبه سلامته وأمنه وحريته في تقرير مصيره واختيار ممثليه ..


سابعاً: سياسة الانتهاك التي تمارسها قوات الاحتلال وعملائها ضد المقدسات والخصوصيات الدينية والاجتماعية للمجتمع، وذلك في ظل تدهور الأوضاع بدءاً من انعدام القانون وارتفاع معدلات البطالة والفقر والمرض وتفاقم نقص المواد الأساسية للإعاشة، الأمر الذي زاد أعداد الناقمين على الاحتلال ودفع أعداد متزايدة من العراقيين للانضمام الى صفوف المقاومة..


ثامناً: اصرار قوات الاحتلال على تجريد المليشيات الشيعية خاصة الرافضة والمناهضة لها، حيث أعلن متحدث عسكري أميركي أنه بعد المهلة التي ستنتهي السبت 13/ 9 (سيجرى نزع أسلحتهم بالقوة ووضعهم في السجن إذا قاوموا)، مثل هذا الكلام غير المسئول قد يؤدي الى الصدام في ظل شكوك قوية عن تورط أميركي صهيوني وراء اغتيال آية الله محمد باقر الحكيم ومحاولات الاغتيال الأخرى للمراجع الدينية الشيعية، ومن ثم فالمطالبة بنزع السلاح تمثل لدي البعض دعوة تسهل عمليات التصفية ضد قيادات الداخل ..

هذه بعض النقاط التي من شأنها التعجيل بانسحاب قوات المحتل الأميركي من العراق، يساندها ويدعمها اعتراف الرأي العام العربي بحق الشعب العراقي في مقاومة المحتلين وطردهم من بلاده، ورفضه للاتهامات التي تكيلها أميركا وبعض حلفاؤها من الكتاب والمسئولين العرب على حد سواء للمقاومة العراقية، ووعيه بمحاولات أميركا وحليفتها الاستراتيجية إسرائيل الرامية الى تقسيم العراق ونهب ثرواته وتمزيق أواصر علاقاته مع دول المنطقة، أيضاً فضحه لعمليات الاختراق والتوغل الصهيونيين في العراق خاصة على المستويين السياسي والاقتصادي بعد أن باتت الساحة العراقية مرتعاً للموساد.


* محمد الحمامصي

كاتب وصحفي مصري


hamamsi@yahoo.com