المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العولمة كارثة العصر



سعيد الشهري
27-10-2003, 02:59 PM
العولمة

إن ما يسمى بالعولمة إنما هي الوحل الذي يريدنا الغرب الانغماس فيه ، فهو متجرد من الدين والخلق، وغارقُ في أوحال الفوائد البنكية كما يسمونها وهي الربا الذي حرمه الله عز وجل ، قال تعالى ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) ، إننا نعيش في زمن خطير ، وأمور جلل، تمس معتقدنا بسوء، وهذه والله من فتن هذا الزمان، لذلك فلا نعجب حينما نرى العالم ينصب لأمتنا هذا الشراك، ويزينه إيما تزيين، فيقولون شراكة المصير الواحد، وذلك الهدف لا يغفل عنه كل لبيب ، حيث أنه يدعو إلى تذويب الفروق بين المجتمعات الإنسانية المختلفة، وإشاعة القيم التي يريدون أن نشاركهم بها، وسيادة المال وحرية التجارة عبر الدول، والتغلغل في المجتمعات، بدون سيطرة حكوماتها، بل تصبح السيطرة لتلك الشركات التي تتغلغل داخل المجتمعات ، وقد تم جزءاً من ذلك في كل دول العالم وهو الشراء والبيع عن طريق شبكة المعلومات (الإنترنت) فليس هناك قيود، ولا حدود أن يشتري المرء ما يريد. والوجه القبيح الآخر لتلك العولمة هي الثقافة الخليعة، المتحررة من الدين والخلق المنشورة في شبكة المعلومات ، أو في الفضائيات وللأسف أن بعض العرب أصبحوا من أسفل السفلة، في التسابق على نشر الساقطات، والساقطين من حثالات المجتمع، في الرقص والأفلام، والأغاني، وهذه والله مما فتن به كثير من المسلمين، أقول إن الغرب قد نجح كثيراً في إيصال القناعات والثقافات الغربية إلى عقول الكثير خصوصاً دواجن الغرب الذين تربوا في أحضانهم، ويدعون إلى مشابهتهم في كل شيء، حتى وإن كانت تلك الأمور تخالف الشريعة الإسلامية، وهاهي المؤتمرات هنا وهناك بين الفينة والأخرى تدعوا إلى تلك البوتقة الغربية الغريبة.
ونحن نعلم أن أهداف تلك المؤتمرات هو جر المجتمعات المسلمة إلى الوحل الأخلاقي الذي وصل إليه الغرب، وعلى سبيل المثال هناك المؤتمرات التي تدعوا المرأة بالتخلي عن دورها الأسري، والذي يدعوها للخروج من دار عزتها إلى ميادين العمل، لمزاحمة الرجال ، والإختلاط المحرم ، وهذه والله كارثة، غرق في أوحالها الكثيرون.

"إن من ملك المال والإعلام هو من سيفرض مفاهيمه وقيمه ومبادئه على الآخرين في عصر العولمة وهو الذي سيحدد المعايير ويدفع الهيئات والمؤسسات نحو ما يريد وسيعمل لتحقيق مصالحه خاصة إنه الغرب وعلى رأسه أمريكا فهو الذي سيبقى مسيطرا في عصر العولمة إلى درجة العمل على إفناء الآخرين وإلغائهم ومن عدى الغرب سيصبح مجرد حشو يمكن توظيفه لصالح المستفيد الأول من العولمة"(1) ." خلاصة العولمة الاقتصادية هو أن هناك عقد يوقع بين الدول التي تريد أن تدخل في هذا الاتفاق، وهو أن جميع المجالات الاقتصادية تكون شائعة بين الدول الموقعة، ومن حق جميع الشركات أن تدخل الدولة التي تشاءها وتعمل بها وتفتح مصانعها، وسيلغى جميع الاحتكارات التجارية بأن يكون فلان هو وكيل السلعة الفلانية لايبعها غيره، وهذا يعني من جهة أخرى أن هذه الشركات عندما تدخل المجتمعات التي تريدها فإنها ستدخل ومعها كل سلبياتها أيضاً خصوصاً الأخلاقية وانحرافاتها السلوكية. والدولة التي سترفض الدخول في هذا العقد ستحارب اقتصادياً من الجميع مما يضطرها أن تقف وحدها وسترضح على زعمهم في النهاية" (2).
ويقول ناصر الأحمد : "إن المخرج أيها الأحبة من هذا الفخ الذي نصبته الرأسمالية اليهودية هو قدرة العالم الإسلامي في اتخاذ قراره السياسي المستقل، وهذا لايمكن أن يتحقق إلا إذا طرح الفكر العلماني بكل مناهجه وتوجهاته، وتبنى الفكر العقائدي الإسلامي ومايحتويه من سلوكيات وقيم ونظم وتشريعات لتحقيق سعادة الانسان الدنيوية والأخروية قال الله تبارك وتعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون).
ثم لو اتفق المسلمون لتجاوز هذه المرحلة بتعاون اقتصادي صادق فيما بينهم بإنشاء سوق مشتركة تشكل قاعدة صلبة للتضامن فيما بينهم فقد تكون أمامهم فرصة بإذن الله عز وجل للإفلات من أخطار العولمة".

ويستطرد ناصر الأحمد :"أما أخطر مجالات العولمة وهو العولمة الثقافية. ولقد كانت من أخطر أنواع العولمة لأنها تتدخل مباشرة في صياغة الفكر والسلوك الانساني بوسائل متعددة. ومن أجل هذا كانت معظم هواجس المفكرين والمربيين تتعلق بخوفهم من تأثير العولمة على المكونات الثقافية للشعوب. يقول وزير الخارجية الكندي: لئن كان الاحتكار أمراً سيئاً في صناعةٍ استهلاكية، فإنه أسوأ إلى أقصى درجة في صناعة الثقافة، حيث لايقتصر الأمر على تثبيت الأسعار، وإنما تثبيت الأفكار أيضاً. يقول وزير الخارجية الكندي: لئن كان الاحتكار أمراً سيئاً في صناعةٍ استهلاكية، فإنه أسوأ إلى أقصى درجة في صناعة الثقافة، حيث لايقتصر الأمر على تثبيت الأسعار، وإنما تثبيت الأفكار أيضا"ً.
ويقول أيضاً: "إن العولمة الثقافية بلهجة واضحة هي: محاولة نقل ثقافة الغرب وبالتحديد الثقافة الأمريكية إلى معظم شعوب ودول العالم، إنها بتحديد أكثر ما يعبر عنه بعض المثقفين بأمركة العالم، ولكي يقبل الناس هذه الثقافة الدخيلة عليهم فإنهم لايبدأون مباشرة بتغيير المناهج ونمط التفكير، ولكن يأتونك من أبواب لاتخطر لك على بال منها: تغيير نمط المجتمع في تناول طعامه وشرابه وإقباله على وجبات لم يكن يعرفها، هذا باب، ثم باب آخر وهو طريقة تأثيثه لمنـزله، وباب ثالث طريقة خروجه ونـزهته مع أولاده، وباب رابع وخامس وسادس وعاشر، وبعد سنوات تجدك أخذت ثقافة تلك المجتمعات وأنت لاتشعر فإذا ما جاءت المناهج والأفكار كان المجتمع مهيئاً لقبول كل شيء. لعلك تريد مثالاً واقعياً تشاهده بنفسك على ما أقول، هل تظنون أيها الأحبة أنه من قبيل الصدفة وفي خلال أقل من عشر سنوات أن يغزو العالم كله وليس فقط مجتمعنا مطاعم الوجبات السريعة وبالأخص الشركات الأمريكية كما كدونالدز وأخواتها، وإقبال الناس عليها بشكل عجيب وطرح كل البدائل الأخرى، إنها حقيقة تعاني منها حتى أوربا نفسها الجناح الثاني للغرب، ولعل من أوضح الأمثلة على ما ذكرت أن فرنسا من أكثر الدول الأوربية مناهضة للعولمة الأمريكية بهذا الشكل، فاتخذت لمقاومة هذا التيار عدداً من التدابير، أولها أن الرئيس الفرنسي شيراك أصدر قراراً عارض فيه بشدة فتح مطعم ماكدونالدز في برج إيفل الذي يعتبره تراثاً يخص الفرنسيين وحدهم ولا يصلح أن تغزوه الثقافة الأمريكية". وهكذا نعرف ماذا يحاك لنا نسأل الله العافية.


1- عبد الرحمن السديس
2- ناصر الأحمد.