المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ورطة" اسمها الزواج العرفي



holly_smoke
15-07-2001, 12:33 PM
ورطة" اسمها الزواج العرفي
مرض ينتشر بين طلبة الجامعات هربا من القيود الاجتماعية و القوانين، و البداية كانت في مصر، و الحديث حالياً عن حالات في الأردن.
بقلم... طلعت شناعة
- هل صحيح أن الزواج العرفي منتشر بقدر ما بين طلبة الجامعات الأردنية؟ و هل صحيح أن نسبة هذا الزواج في تزايد رغم النظرة –السيئة- له من عامة الناس؟
و لأن العالم ملتحم و قنواته مفتوحة، فإن الزواج العرفي انتشر في بلدان عربية و منها مصر، إذ تشير الإحصائيات إلى وجود أكثر من 170 ألف حالة زواج عرفي بين صفوف طلاب و طالبات الجامعات، و كذلك في بعض دول الخليج و سمعنا عن حكايات روتها وسائل الإعلام عن إحدى الطالبات التي هرب منها زوجها المزعوم بعد أن سلبها أغلى ما تملك، كما سمعنا عن حالات إجهاض لعدد من الفتيات اللواتي وقعن في "فخ" الزواج العرفي.

عادة ما تبدأ "الورطة" بكلمة مثل "زوجتك نفسي" أو "أنا قبلت زواجك" ليتم بعد ذلك الزواج العرفي، أحد الأصدقاء اتصل به شاب و طلب منه في وقت متأخر أن يكون شاهدا على زواج عرفي، ولما حاول الصديق التملص (بحجة الوقت) قال له "العريس" يكفي أن تشهد على الهاتف فتسمع الفتاة و أسمع أنا و ينتهي دورك!




"عقوبة السجن للزوجين والشهود والمأذون.. إذا لم يوثق الزواج".
و إحساسا منا بعدم ممارسة "دفن الرأس في الرمال" فإننا نتناول هذا الموضوع سواء كان منتشرا بشكل ملفت للنظر أو كان في بداياته تبصيرا للناس، فربما يكون الجهل سببا في الوقوع في فخ "الزواج العرفي".

حقيقة الزواج العرفي يقول فضيلة الشيخ القرضاوي: الزواج في الإسلام عقد له أهمية خاصة، القرآن سماه ميثاقا غليظا كما قال في شأن النساء (و أخذن منكم ميثاقا غليظا) يعني عهدا متينا قويا و هو نفس التعبير الذي أطلقه الله تعالى على النبوة، قال تعالى (و إذا أخذنا من النبيين ميثاقهم و منك و من نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و ابن مريم و أخذنا منهم ميثاقا غليظا).

و يبدأ الزواج بأن يتم الإيجاب و القبول، كأن يقول وكيل العروس: "زوجتك موكلتي أو ابنتي أو موليتي فلانة بنت فلان على سنة رسول الله و على مهر كذا أو على المهر المسمى بيننا، و يرد العريس بالقبول على ذلك"، فهذا الإيجاب و القبول شيء أساسي، ثم يكون ذلك عن طريق شهود حتى يشتهر هذا الزواج و يعرف عنه الناس و أقل الإعلام به أو الإشهار به أن يوجد شاهدان فهذا هو الحد الأدنى و المذاهب الثلاثة، مذهب الشافعي و مالك و أحمد تشترط وجود الولي أو من ينوب عن الولي، "لا نكاح إلا بولي و شاهدي عدل" و أيضا لا بد من مهر و لكن لو خلا العقد من المهر يكون لها مهر المثل أي مهر من مثلها، و في مثل بيئتها و أسرتها و مركزها و الله تعالى يقول "و آتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا".

هذا هو الزواج، و كان يتم بهذه الصيغة في القرون الماضية: زوجتك بنتي بمهر كذا ثم قبلت و يحضر بعض الناس و يتم ذلك و لا يوثق و لا يكتب و لا شيء من هذا، و لكن في العصر الحديث حيث أصبح كل شيء يخضع لأنظمة و لقوانين حتى لا يتلاعب الناس، فمن الممكن أن يتزوج شخص من فتاة و بعد مدة من الزمن يتركها و يقول لها أنا لم أتزوجك، أو ربما تتزوج فتاة من رجل و عندما تجد رجلا أغنى منه تتركه و تتزوج ذاك و تقول للأول لا يوجد بيني و بينك شيء.

و حتى لا يتناكر الناس و تضيع الحقوق، وقد يترتب على ذلك ضياع أولاد و ذرية فاشترط الناس في العصر الحديث ما نسميه التوثيق، أي أن يكون الزواج موثقا كما اشترط أشياء كثيرة.

زواج طلبة الجامعات و تشير بعض الأبحاث إلى أن الزواج العرفي يقع غالبا بين شباب الجامعات، و يقوم على مجرد ورقة موقعة من الطرفين لكنها غير موثقة و لا ترتب أية حقوق للزوجة من قبل الزوج، و حين تريد الفتاة الزواج من آخر بشكل قانوني موثق فإنها لم تكن تستطيع ذلك قبل إتمام الطلاق من الزواج العرفي و هو ما لم تكن المحاكم تقبل نظره فتظل الفتاة معلقة.

و يقول الشيخ عصام عربيات مدير المحاكم الشرعية أن الزواج العرفي "لا يعتبر ظاهرة في الأردن و لا نعاني من مشكلاته لوجود التشريعات التي وظفت من أجل استيعاب جميع الحالات التي تعرض على المحاكم".

و أضاف: "الزواج العرفي و إن تم بحضور الزوجين و شاهدين، فهو عقد شرعي معتبر، إلا أنه وفي ظل ما سيأتي قد تضيع كثير من الحقوق على الطرفين و قد ينكر أحدهما العقد و في ذلك ضياع للحقوق و الأنساب".

و في مستهل حديثه أوضح الشيخ عربيات أنه يشترط في صحة عقد الزواج حضور شاهدين رجلين أو رجل و امرأتين مسلمين، إذا كان الزوجان مسلمين عاقلين بالغين، و أن يسمع الشهود الإيجاب و القبول فاهمين المقصود.

عقوبات قانونية و قد اشترطت المادة 17 من قانون الأحوال الشخصية الأردني المعمول به على وجوب مراجعة الخاطب للقاضي أو نائبه لإجراء العقد. و يتم إجراء عقد الزواج من مأذون القاضي بموجب وثيقة رسمية و للقاضي بحكم وظيفته في حالات استثنائية أن يتولى إجراء العقد بنفسه بإذن من قاضي القضاة.

كما أشارت المادة المذكورة بأنه إذا جرى الزواج بدون وثيقة رسمية فيعاقب كل من العاقد و الزوجين و الشهود بالعقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني و مضمونها "يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر كل من أجرى مراسيم زواج أو كان طرفا في إجراء تلك المراسيم بصورة لا تتفق مع قانون الأحوال الشخصية أو أي قانون آخر أو شريعة أخرى ينطبق أو تنطبق على الزوج أو الزوجة مع علمه بذلك"، هذا إضافة إلى الغرامة و مقدارها 100 دينار أردني على كل واحد منهم و كل مأذون لا يسجل العقد في الوثيقة الرسمية بعد استيفاء الرسم يعاقب بالعقوبتين المشار اليهما مع العزل من الوظيفة.

و هذه الضوابط وضعها القانون من أجل المحافظة على كل من الزوجين، و قد وضعت تعليمات خاصة من قبل قاضي القضاة تنظم أعمال المأذونين داخل الأردن، كما أعطى القانون المشار إليه للقناصل الأردنيين المسلمين في خارج المملكة إجراء عقود الزواج للموجودين خارج الأردن و تسجيل هذه الوثائق في سجلات خاصة.

أسباب الزواج العرفي المقبولة في الأردن في المقابل يقول القاضي الشرعي سامر مازن القبج أن الزواج العرفي "هو الزواج المستوفي لشروطه و أركانه الشرعية، و لكنه تم بدون وثيقة رسمية، فإما أن يتم مشافهة أو كتابة"، و أوضح أن أسباب الزواج العرفي في الشرع الإسلامي هي "عدم علم الزوجين بوجوب توثيق العقد رسميا، و هذا ينطبق على البدو الرحل فإنهم يتزوجون عرفيا و في حالة مراجعتهم لإحدى الدوائر الرسمية إما للحصول على دفتر عائلة أو لإدخال أحد أبنائهم المدرسة فيطلب منهم توثيق العقد لدى المحكمة الشرعية، و هنا يحمل الأمر على حسن النية مع أن المحاكم الشرعية أصبحت منتشرة في كل مناطق الوطن".

و أوضح القاضي القبج أن من الأسباب الأخرى لوقوع الزواج العرفي "التحايل على تعليمات بعض الدول العربية و الإسلامية و التي تنص تلك التعليمات على عدم السماح لمواطنيها بإجراء عقود زواجهم إلا بعد موافقة دولهم، و خوفا من عدم الموافقة أو طول الانتظار فيلجئون إلى العقد العرفي متجاوزين قوانين بلادهم".

و من الأسباب الأخرى لحدوث هذا الزواج "عدم التقيد بنصوص قانون الأحوال الشخصية الأردني مثل سن الخاطب أو المخطوبة، فإذا أراد أن يتزوج ببنت يقل عمرها عن خمسة عشر عاما فإن القانون لا يجيز له ذلك فيقوم بإجراء عقد عرفي".

أما موقف القانون من هذا الزواج فقد جاء في الفقرة (ج) من المادة (17) من قانون الأحوال الشخصية بخصوص من يتعمد عقد الزواج العرفي "و إذا جرى الزواج بدون وثيقة رسمية فيعاقب كل من العاقد و الزوجين و الشهود بالعقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني و بغرامة على كل منهم لا تزيد عن مائة دينار".

و جاء في المادة 279 من قانون العقوبات الأردني "يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر كل من أجرى مراسيم زواج أو كان طرفا في إجراء تلك المراسيم بصورة لا تتفق مع قانون حقوق العائلة أو أي قانون آخر أو شريعة أخرى ينطبق أو تنطبق على الزوج أو الزوجة مع علمه بذلك".

و العقد العرفي يخالف عقد زواج المتعة بأن العرفي صحيح إذا استوفى شرائطه و أركانه، أما عقد المتعة فصورته أن يقول للمرأة "أتمتع بك مدة شهر مثلا بخمسين دينارا"، و هذا زواج باطل على عكس الأول، و لا بد أن يتم الإشارة إلى أن التفكك الأسري و عدم مراقبة الآباء لأبنائهم و بناتهم حمل بعض الطلاب و الطالبات في الجامعات لإجراء زواج بينهما ظانين أنه زواج عرفي و هذا خطأ فهو زواج باطل على الأرجح، لأنه تم بدون موافقة ولي فهو لم ينعقد لا بولاية خاصة كأب أو جد لأب ولا بولاية عامة و هي ولاية القاضي فهذا عقد زنا و ليس عقد زواج.

و بطبيعة الحال لم يجرؤ أحد من الشباب أو الطلبة على البوح بأسراره في هذا "الزواج" لكن بعضهم اعتبره إحدى وسائل الخروج من حالة اليأس التي تهيمن على عقولهم و أفئدتهم، و منهم من اعتبره صحيحا لكنه لا يستطيع الزواج بهذه الطريقة خوفا من الأهل و العشيرة و بخاصة الفتيات، و هناك من هرب من الإجابة، و قد علمنا بوجود بعض الحالات بين الطلبة في الأردن و سمعنا عن حالات (حمل) سببت لصاحباتها مشاكل عدة.