المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال ينتقد سياسة بوش تجاه العراق- شارلز ريس



سعيد الشهري
14-11-2003, 01:41 PM
زائف في الخطاب القوي
شارلز ريس*
كان شعوري سيكون أفضل لو أن لغة جورج بوش الطنانة القوية الشبيهة بلغة طلاب المدارس لو أنه كان في بغداد، أو الفالوجة أو تكريت بدلا من أن يكون مسترخيا في مزرعته أو في كامب دايفيد في الفترات التي تفصل بين رحلاته لجمع التبرعات أو فرص التقاط الصور. عليه أن يذهب إلى العراق ليرى ما فعلته سياسته.
الرئيس الأمريكي الأسبق أيزنهاور ذهب إلى كوريا خلال الحرب مع ذلك البلد. لماذا لا يذهب الرئيس بوش إلى العراق؟ يمكنه حتى أن يتوقف في رام الله وقطاع غزة في طريق عودته ليرى ما فعلته سياسته الخاصة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
لقد قال الرئيس بوش إن "الإرهابيين والقتلة" يريدوننا أن نهرب، لكن أمريكا لن تهرب. وهذا، طبعا، تعبير عن مفاهيم جغرافية - سياسية استراتيجية بلغة طلاب المدارس. ولكن إذا استخدمنا تلك اللغة، فقد "هربنا" من فيتنام ومن لبنان ومن الصومال، وقد "نهرب" فيما بعد من العراق.
وإذا استخدمنا لغة أكثر نضجا، نقول إن الولايات المتحدة قررت في فيتنام ولبنان والصومال أن ما كانت تفعله لم يكن يستحق التكاليف وانسحبت بكل بساطة. وقد يحدث هذا أو لا يحدث في العراق، لكن لغة البالغين وليست لغة الأطفال ستساعد الشعب الأمريكي على فهم الموقف بشكل أفضل.
أولا: إن العراقيين بقتلهم أبناءنا لا يحاولون أن يخيفونا. إنهم يقاومون الاحتلال. لا شك أنهم يرون أنفسهم كوطنيين وليس كإرهابيين. ورسالتهم بسيطة طالما أنكم تحتلون بلدنا، سنحاول أن نقتلكم. إن مقاومة الاحتلال مشروعة دائما وليست أبدا نتيجة تصويت ديمقراطي. لم يجمع أحد العراقيين ليقول لهم: "ليرفع الذين يريدون المقاومة أيديهم، أو ليرفع الذين يريدون التعاون مع الاحتلال أيديهم". ربما يريد معظمهم أن يظلوا صامتين حتى يتم حسم المسألة.
إن على الأمريكيين أن يسألوا عما إذا كان ما نفعله في العراق يستحق التكاليف بالأرواح والأموال. بعد كل تلك الجنازات، وبعد إرسال كل الذين فقدوا أطرافهم إلى أمريكا، وبعد إنفاق هذه المليارات من الدولارات، ما هي بالضبط الفوائد التي سيجنيها الشعب الأمريكي؟ شخصيا، لا أستطيع التفكير بفائدة واحدة تستحق الثمن. إن ما نفعله في العراق لا يؤثر على القاعدة، باستثناء مساعدتها على تجنيد إرهابيين أكثر. وما نفعله يزيد من تعقيد الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني بدلا من حله. وعما إذا كان العراقيون يريدون أولا يريدون حكومة ديمقراطية أمر يعود إليهم تماما ولا يستحق حياة أمريكي واحد.
منذ سنوات، قال وزير دفاع إسرائيلي مشيرا إلى أرواح الجنود الإسرائيليين إنها: "أثمن كنوزنا". أعتقد أن هذه طريقة جيدة للتفكير بجنود الأمة. وبما أنهم كنزنا الأثمن، فإن علينا أن نعتني بأرواحهم لا أن نزهقها لأسباب لا طائل وراءها، أو لكي نشبع أنانية سياسي ما في أرض الوطن. عندما يقول الرئيس بوش: "نحن" لن نهرب، فإن على شخص ما أن يذكره بأنه ليس هو الذي يواجه الخطر. إنهم مجموعة من الشباب والشابات الذين لديهم أمور أفضل يفعلونها بحياتهم بدلا من إضاعتها في الصحراء لأن بوش اعتقد خاطئا أن صدام حسين كان يمتلك أسلحة دمار شامل.
وما هو أكيد أكثر من أي شيء آخر، هو أننا يجب ألا نرسلهم إلى المخاطر استنادا إلى أكاذيب. وبما أنه لم يتم العثور على مثل هذه الأسلحة، فإن بوش - بدلا من الاعتراف بأنه أخطأ - قد حلم بفكرة أن العراق هو الجبهة المركزية في الحرب على الإرهاب. أكاذيب, لم يكن الرئيس صادقا عن أسباب الدخول في الحرب، والآن هو ليس صادقا فيما يتعلق بأسباب البقاء هناك.
الحقيقة هي أن السياسيين في واشنطن - ديمقراطيين وجمهوريين - لا يستحقون تضحيات هؤلاء الشباب والشابات في العراق. إن علينا أن نجعلهم جميعا "يهربون" إلى الوطن في الوقت الملائم للتصويت ضد إعادة انتخاب بوش - وهو أمر يمكنكم أن تتأكدوا من أن نسبة كبيرة منهم ومن عائلاتهم سيفعلونه.
إن الموقف الملائم الذي على الرئيس بوش إظهاره هو التواضع والأسف لفقدان الأرواح. إذا كان يريد أن يتبختر وأن يكون مقاتلا، فإن المكان الملائم لذلك هو العراق. إنني متأكد من أن شبابنا وبناتنا سيرحبون بوجود شخص إضافي على الأرض معهم. وربما سوف يتم الترحيب به بلوحة مكتوب عليها: "أيها القائد، المهمة لم يتم إنجازها بعد".

* كاتب أمريكي
خدمة كينج فيتشر (خاص - الوطن)