المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرد الروسي على المنظومة الأمريكية المضادة للصواريخ NMD



سعيد الشهري
17-11-2003, 02:38 AM
الرد الروسي على المنظومة الأمريكية المضادة للصواريخ NMD
ترجمة فايز حداد
مجلة الفكر العسكري الروسية

تشهد الدول النووية تجاذبات سياسية وايديولوجية لمعاهدة حظر نشر السلاح النووي بسبب طلب واشنطن تعديل معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ (أيه.بي.إم) الموقعة مع الإتحاد السوفيتي السابق عام 1972م (سنأتي على ذكر النقاط الرئيسية لها لاحقاً) وسعيها لإقامة نظام دفاع صاروخي مضاد للصواريخ، وهو ما اعتبرته الدول المعارضة لواشنطن بمثابة إحياء لسياسة الدفاع الإستراتيجي المعروف "بحرب النجوم" التي أقرتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان ، ثم تم تجميدها بعد توقيع اتفاقية "ستارت"مع روسيا.

وإزاء ذلك فقد أعاد خبراء في وزارة الدفاع الروسية تأكيدهم بأن لدى موسكو تدابير مضادة وفاعلة للتصدي لمشروع الدرع الأمريكي المضاد للصواريخ الذي تصر إدارة جورج بوش الأبن الجديدة المضيّ فيها، ومنها تعزيز قدرات الصواريخ "توبول –إم" العابرة للقارات، وإنشاء قوات إستراتيجية متحركة، ووضع أكبر عدد من الرؤوس النووية على الصواريخ المتعددة الرؤوس وإطالة عمر "الصواريخ الثقيلة". فيما واكبت ذلك تطورات عدة أبرزها نجاح روسيا في تطوير نظام متكامل للدفاع ضد الصواريخ يمكنه إصابة 24 هدفاً طائراً أو 16 هدفاً باليستياً في وقت واحد، بنظام تحكم ذاتي كامل. أثبتت التجارب الأولية فاعليته بنسبة 98%.

ويضيف الخبراء أيضاً: لقد طور المهندسون الروس جهازاً يركب على الصواريخ الهجومية الروسية لتعطيل تقنيات الرصد الإلكتروني في المضادات الأرضية المعادية، فأصبح بالامكان تعطيل وسائل الدفاع الأرضية المضادة للصواريخ المهاجمة. وقد سمي هذا الجهاز بجهاز الإخماد الإلكتروني اللاسلكي، وهو الجهاز الذي تم تصنيعه في المعهد المركزي لبحوث تكنولوجيا الرادارات في موسكو. ويعتبر الجهاز اكتشافا جديدا في مجال إشعاع الموجات فهو يتمكن من التشويش على أجهزة الرادار الدفاعية، وبالتالي التمويه على الهجوم الصاروخي المضاد الموجه على المواقع الأرضية. ويتمكن الجهاز الجديد من إخماد فاعلية الإلكترونيات اللاسلكية التابعة للدفاعات المضادة للصواريخ، وقد أطلق عليه تمويها أسم (الوحدات المقاتلة الفعالة).

والوحدات المقاتلة هي العنصر الأساسي الذي تجهز به الصواريخ الحاملة العبوات القتالية، ويقوم بالتمويه على وسائل الدفاعات الأرضية للصواريخ، ويتم التمويه على الرادارات بالموجات اللاسلكية وأشعة الليزر التي يمكنها رصد طيف واسع من ترددات الموجات في السلم الكهرومغناطيسي، مثل الموجات تحت الحمراء، وفوق البنفسجية ، بالإضافة إلى موجات الضوء المرئي التي ترسلها الأجهزة الطائرة (المركبات والصواريخ والطائرات). وتمثل الجانب الأساسي في عمل جهاز الإخماد في أمكان تعطيل قدرة الدفاعات على رصد الوحدات المقاتلة، إذ تحتوي هذه الأخيرة على تجهيزات تقوم بتشتيت الموجات المرصودة بواسطة نظم الدفاع مثل صحون الرادار والهوائيات ثنائية القطب التابعة له. وبالتالي يمكن التمويه على موقع الوحدات المقاتلة على نطاق مساحة واسعة.

بالإضافة إلى ذلك يشتمل جهاز الإخماد على مقدرة تمويه تتمثل بخلق أهداف كاذبة من أنواع مختلفة تظهر على شاشة الرادار وكأنها هي الوحدات المقاتلة على نطاق مساحة واسعة. وتنتشر هذه الأهداف في مجال رصد واسع النطاق يتضمن المجال الجوي يتعداه إلى الخارج.

يقول اللواء فوربيوف خبير الصواريخ الاستراتيجية: إنه يتوجب على وسائل الدفاع المضادة للصواريخ الاستراتيجية المهاجمة في إصابة الأهداف البعيدة التي تقع على بعد بين 5 الآف إلى 10 الآف كيلومتر وأكثر، خلال فترة طيران نسبياً بحدود 30 دقيقة، خارج المجال الجوي الأرضي وبسرعة تقدر بـ 7كيلومترات في الثانية الواحدة.

وبالإضافة إلى ذلك من الأخذ بالاعتبار أن مقاييس حجم الوحدات المقاتلة صغيرة ، فهي ذات شكل مخروطي تام بطول 105 متر وقطر يراوح بين 0,5و0،7 متر . ويتوجه رأس المخروط أثناء الهجوم نحو الهدف المراد إصابته. وتكمن صعوبة رصد هذه الوحدات في صغر مساحة السطح الظاهر منها، إذ أن هذا السطح يساوي جزءاً صغيراً من المتر المربع الواحد. وفي ظروف القتال تلجأ الدفاعات الأرضية، كقاعدة عامة، إلى إطلاق الصواريخ بكثافة كضربة جوابية في محاولة لإصابة الصواريخ المهاجمة، ولهذا الغرض لا بد من أن يكون عمل وسائل الرصد الأرضي في أعلى مستوى من الحساسية لتأمين الدقة العالية في التصويب. وعلى الرغم من كل هذه الإجراءات يمكن للصواريخ المهاجمة المجهزة بأجهزة التشويش خفض فاعلية نظام الدفاعات الأرضية إلى حدود قصوى في الوقت الذي لا يستلزم ذلك منه استهلاكا كبيراً في الطاقة اللازمة لتنفيذ مهمتها.
وقد بينت التجارب الميدانية أن تجهيز الصواريخ بأجهزة الإخماد يتطلب زيادة الوحدات المقاتلة المرافقة للصواريخ مرات عديدة، إذ تقوم هذه الوحدات بالذات باختراق نظام الدفاعات الأرضية، وبالتالي يمكن تقليل عدد الصواريخ المهاجمة في كل مجموعة مقاتلة، لأن ذلك لا يؤثر على فاعلية أجهزة الإخماد في تحجيم الدفاعات الأرضية.
يتكون النظام الدفاعي الأمريكي المضادة للصواريخ(NMD) من منظومات نوعية عدة كالآتي :
1- منظومة استطلاع وإنذار مبكر واتصالات فضائية تعتمد على أقمار تجسس وإنذار تكشف لحظة إطلاق الصواريخ المعادية وتبلغه فورا إلى أقمار الاتصالات التي تنقلها إلى مراكز انذار أرضي، الرئيسي منها في باكلي في ولاية كلورادو الأمريكية، وفروع منها في بريطانيا ، وتايوان، وكوريا الجنوبية، وإسرائيل وبلدان أخرى حليفة لواشنطن، ويبلغ الانذار إلى هذه المراكز في ما لا يزيد على 1،6 دقيقة من لحظة إطلاق الصاروخ المعادي.
2- تدعم هذه المنظومة الفضائية للإنذار المبكر، منظومة أخرى جوية للإنذار المقبل تعتمد على طائرات استطلاع وقيادة وسيطرة( أواكس) E2c وأنظمة رادارات أرضية تعمل في الإطار نفسه.
3- منظومة قيادة وسيطرة وتحكم مركزية في الولايات المتحدة تتبعها مراكز قيادة وسيطرة فرعية في دوائر عدة إقليمية منها شرق آسيا وإسرائيل.
4- منظومة صاروخية مضادة للصواريخ قادرة على اعتراض صواريخ عابرة للقارات، وصواريخ أخرى معادية باليستية متوسطة المدى. وتضم هذه المنظومة وسائل أخرى مضادة للصواريخ مثل أسلحة الطاقة الإشعاعية التي تعتمد على أشعة الليزر، وأشعة الذرات المشحونة والذرات المتعادلة في إطلاق من محطات فضائية وجوية وأرضية، بحيث يتم الاشتباك مع الصاروخ المعادي على مسافة لا تزيد عن 50 كلم من لحظة مكان إطلاقه.

وتجدر الإشارة إلى أن المشروع الأمريكي يشكل خرقاً واضحاً للتوازن الذي أقرته المعاهدة، وذلك يتجلى من خلال إنشاء نظام الدفاع الوطني الصاروخي الذي يطمح إلى نشر 20 صاروخاً معترضاً للصواريخ التي تفوق سرعتها 25 ضعف سرعة الصوت، وذلك في الأسكا، من الآن إلى عام 2005، وقد يصل العدد إلى 100 عام 2007.
ويتمثل الخرق الثاني بمشروع إنشاء صواريخ لمسارح العمليات (TMD)، وهو أكثر تقدما من الأول، ويهدف إلى تغطية تقدم القوات العسكرية من القواعد الخارجية، إضافة إلى حركة الأساطيل، وتوفير حماية حلفاء أمريكا في العالم. إلا أن محاذير هذا النظام، إذا نفذته الولايات المتحدة، سيدخل العالم مرحلة جديدة من التوتر، فعدا عن إطلاق سباق التسلح في العالم، فإن سهولة اختراق نظام المعلوماتية (كما حصل في نظام البنتاجون والبيت الأبيض) قد تؤدي إلى إطلاق عشرات الصواريخ ، وقد يكون هذا الاختراق مفتعلاً لإزالة بلدان بكاملها عن وجه الخارطة، خصوصاً إذا كانت واشنطن مصرة على استخدام أساليب العقاب.

وأخيراً المعاهدة تتلخص في أن الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة تعهدا أن لا ينشرا نظم صاروخية دفاعية على أراضيهما، وعدم بناء نظم دفاعية جديدة، ويحق لكل طرف امتلاك نظامي صواريخ دفاعيين : واحد حول العاصمة والثاني بالقرب من العنابر تحت الأرضية لإطلاق الصواريخ العابرة للقارات، شعاع كل منطقة يجب ألا يتجاوز 150 كيلومتراً، ويسمح أن تضم 100 قاعدة لإطلاق الصواريخ المضادة ليس أكثر.

وتسمح الاتفاقية بتطوير المنظومات المضادة للصواريخ الباليستية. لكنها تحضر تصنيع أو اختبار نظم أخرى مضادة للصواريخ ذات قواعد انطلاق من البحر أو الجو أو متنقلة على اليابسة.

وتحظر الاتفاقية تصنيع أو اختبار مضادات للصواريخ تطلق من رأس واحد في المرة الواحدة، أو بناء نظام تلقيم هذه القواعد. كما تنص الاتفاقية على قيود معينة باستعمال محطات الاتصال والرادارات في هذا المجال، وتترك الاتفاقية لكل دولة صلاحية المراقبة على تنفيذها بواسطة الوسائل التقنية الخاصة للدول المعنية. وتنص الاتفاقية على أن الطرفين يراجعان نصوصها مرة كل خمس سنوات، لكن كل طرف يملك حق الانسحاب منها.

المصدر : مجلة الحرس الوطني. العدد 246.