المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النهاية المختلفة لكل من شيفرنازدة وصدام



soe_lover
27-12-2003, 04:32 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين

النهاية المختلفة لكل من شيفرنازدة وصدام
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و بعد :/
فأما صدام فقد قبض عليه في حفرة قذرة أشبه بالجرذان. وأما شيفرنازدة فقد أرسل إلى بيته بدون قتل وتعذيب ولحية طويلة وطبيب يفحص الرأس بحثاً عن القمل؟

وبينما احتفل شعب جيورجيا بطريقة سلمية في الشوارع بدون سفك دماء. فإن الدماء ما زالت تسفك في العراق. وشعب جيورجيا ليس من المريخ. كما أن الشعب العراقي ليس من كوكب عطارد. مع ذلك انتهى الرجلان بطريقتين مختلفتين. فلماذا تعددت النهايات؟

ومن يجيب على هذا السؤال لا يحيط علما بكل شيء. ويبدو أن قوانين الاجتماع معقدة على أكبر عقل. ولا يمكن توقع حدوث نفس الشيء في التاريخ. وكما يقول شبنجلر أن قوانين الأشياء غير واقعات التاريخ. فالقانون يتكرر والواقعة واحدة ولا تتكرر. ونحن نتمنى أن يحدث في العالم العربي تطور سلمي بدون دماء في كل مكان. ولكن قصص الجزائر وأفغانستان والعراق لا تدع مجالاً للشك أن السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب.

ويبدو أن صدام وأشباهه نموذج لاستعصاء الثقافة العربية فلا تتغير الأمور إلا بجراحات نازفة. مع هذا فمنطق التاريخ يضحك علينا في نهايات الأشياء. وهناك تراجيديا فعلية في واقعات التاريخ. فصدام ونرويجا وشيفرانازدة وميلوسوفيتش وشاوسسكو وشاه إيران رضا بهلوي وكارلوس وهيلا سلاسي وموسولويني وبينوشيه انتهوا كطغاة على صور شتى بين قتيل ومنتحر وعلى حبل المشنقة أو متدلي من عقبيه مثل خاروف في المسلخ أو من ذهب إلى بيته غير مأسوف عليه كما في نموذج شيفرنازدة. ولكن عبد الناصر مشى في جنازته ثلاثة ملايين من الأنام وهم ينوحون ويندبون مثل ندب أهل مصر للفرعون بيبي الثاني قبل ثلاثة آلاف سنة. وكل هذه الملايين العمياء مشت في جنازة رجل فاشل خاب ورسب في الامتحان وأدخل الديكتاتورية والهزيمة إلى بلاد العروبة. ومنهم من مات في مصح أمراض عقلية. ومنهم من مات محمولا على عربة حربية. وأنشيء له ضريحا يحج إليه الناس خوفا من المخابرات.

وفي المقابل هناك منظر مقلوب تماما وهو موت المصلحين والفلاسفة فجيوردانو برونو الفيلسوف الإيطالي مات مشويا مثل فروج على نار هادئة بعد أن حكمت عليه الكنيسة أنه هرطيق مرتد يخشى منه على تعاليم الكنيسة. أما سقراط فقد حكمه المجلس الديموقراطي في أثينا أن ينتحر بالسم. وهرب أرسطو إلى آسيا الوسطى. وصلب سبارتاكوس على عمود بعد أن ثار مع العبيد ضد طغيان روما. ويقال أن بطرس الحواري صلب في روما مقلوبا بجنب براباس.

وهنا نرى أنفسنا أمام ثلاث نتائج متباينة تماما. بين طاغية ينتهي مقتولا أو مقبوض عليه كما في صدام وقرينه ميلوسوفيتش الصربي. مقابل طواغيت من حكام العرب من مات وهو في عزة وشقاق وبنى له ضريح وما يزال يحكم من قبره ويحج الناس إلى ضريحه وهم يرتعشون فرقا من مخابرات نصبها عليهم عددها تسعة عشر. مقابل مناظر مفزعة من قتل الأنبياء بغير حق. فكيف يمكن فهم هذا التناقض؟

فليس كل طاغية كما نرى ينتهي نهاية يستحقها. ومات جنكيزخان وتيمورلنك وستالين وهواري بومدين في قمة العز. كما أن الكثير من الصالحين ماتوا مطاردين منفيين. ويقال أن عبد الرحمن الكواكبي مات مسموما على يد المخابرات العثمانية.

من هذا الصور المتناقضة الثلاث نصل إلى تقرير أن هذه الحياة مهزلة وتراجيديا كاملة يؤدى على مسرحها رواية عصية على الفهم. وأن الآخرة هي دار القرار. يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها. والشاهد على من مات ماذا ترك في حياة الناس. ويبكي الناس حتى اليوم على الحسين. ولكن يزيد لا يوازيه في الميزان فلا يستويان مثلا. الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون.
منقول
أخوكم Soe_lover :jester: :cool: