المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جمعيات الخيريه في خطر!!



Loewe
23-01-2004, 09:36 AM
العمل الخيري، بصوره المختلفة ،جزء حيوي وأساسي من حياة معظم السعوديين في السراء والضراء وسرا وجهرا. وعليه فإن الحملة التي اطلقت من بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول)، ضد الجمعيات الخيرية السعودية، أصابت العديد بالصدمة بل وتحمل جزء، غير بسيط، الأمر وكأنه إهانة شخصية. الجمعيات الخيرية السعودية صروح كبيرة تتلقى آلاف الملايين من الريالات وتساهم مساهمة كبرى في اقتصاد الخير وتوظف عددا لا بأس به من العاملين والمتطوعين، ونظرا لأن الجمعيات الخيرية لها دور اقتصادي حساس فلا بد أن تكون القدرة الادارية والملاءة والشفافية المالية لها قوية ومتطورة، لا فرق في هذا الأمر بين الجمعيات الخيرية وبين الشركات التجارية التي تخضع لرقابة مالية ودقة محاسبية وتقارير معتمدة ترفع للجهات المعنية.
والحقيقة ولسنوات طويلة جدا فسحت الدولة المجال للجمعيات الخيرية بحسن نية أن تكبر وتنمو وتتطور ولكن الجمعيات لم تواكب إحسان الظن الممنوح لها بتطوير اداري وشفافية صريحة. كما أن وزارتي العمل والشؤون الاجتماعية، من جهة، ووزارة الدعوة والارشاد والاوقاف والشؤون الاسلامية، من جهة أخرى، لم تعمدا الى المتابعة الادارية الدقيقة لبعض الجمعيات الخيرية.
فمن غير المعقول أن مؤسسة الحرمين الخيرية ولسنوات طويلة كانت تعمل من غير ترخيص رسمي صادر لها من الجهة المنوط بها، وأنها كانت تعمل فقط بناء على ورقة قدمت من وزير «يصرح» لها بممارسة النشاط، ونفس الشيء ينطبق على مؤسسة مساعدة الشباب على الزواج التي لا تزال تعمل للآن بدون ترخيص.
مخالفات كهذه تفتح المجال للسؤال والتعجب عن سبب إهمال ذلك وعواقب سوء الاستغلال لذلك أيضا. وحين نشر خبر تغيير منصب مدير عام مؤسسة الحرمين الخيرية أخيرا، واستبداله بنائبه، كان عدد غير قليل من الناس يتوقع إحداث نقلة نوعية في النهج الاداري المتبع لمؤسسة الحرمين وتسليم المنصب لشخصية ادارية ناجحة من القطاع الاكاديمي أو القطاع التجاري، تقدم عن طريق الافكار المهنية المحترفة المطلوبة برنامجا تطويريا للمؤسسة، ويلتزم من خلال تجربته السابقة بتقديم النظام المالي والاداري الملزم ولكن ذلك لم يحدث ولم نستفد من الفرصة. الجمعيات الخيرية وسيط أمانة على أموال وثقة الناس، وعلى المستحق للمال، وعليه فإن الادارة الملتزمة والانظمة المحكمة عوامل ضرورية ومطلوبة لانجاح هذه المهمة، ومن شأنها جميعا أن تجعل نسبة أعلى من كل ريال يتبرع به يذهب لمن يستحق بدلا من أن تتحول نسبة غير صغيرة منه ( وهي حاليا أعلى من المعدل المطلوب حتى الآن) للمصاريف الادارية في مؤسسات اصبح بعضها، ومع الأسف، مرتعا للمحاسيب والانصار. إصلاح الجمعيات الخيرية هو تطوير للعمل الخيري نفسه، والمستفيد الأول والأخير في هذا الشأن هو نحن وعلينا الإقدام عليه وتطبيقه فورا وبنفْسٍ راضية ومطمئنة.