المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المأزق الأمريكي في العراق..إلى أين؟



koobra
28-01-2004, 02:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

استفتح مواضيعي في هذا القسم بهذا الموضوع الذي اتمنى ان ينال اعجابكم





لم يعد بإمكان أحد في الولايات المتحدة إنكار طبيعة وقوة المأزق الأمريكي في العراق بعد أن ظهر تأثير هذا المأزق الأمريكي على العلاقات الداخلية بين القوى المتصارعة داخل الإدارة الأمريكية، وبعد أن أصبح هذا المأزق عنوانًا ليس للصراع الدولي، ولكن للضعف المتنامي في الموقف الأمريكي في الوضع الدولي، والذي كان أخطر مظاهره عدم قدرة الإدارة الأمريكية على جمع مساهمات مالية حقيقية من دول العالم الأخرى لما تسميه إعادة إعمار العراق، والذي ليس إلا استنزافًا لأموال الدول الأخرى لصالح مشروعات تقوم بها الشركات الأمريكية في العراق، وإذا كان الحذر واجبًا، إذ لابد من الإشارة إلى أن خطة الولايات المتحدة ما تزال تقوم على التقاط الأنفاس حتى تثبت احتلالها وتشكيل جيش عراقي "عميل" وقوة شرطة "عميلة " للانتقال إلى مرحلة تقل فيها خسائرها، فتتحول إلى الهجوم بدلاً من الدفاع والتراجع الحالي؛ فإنه لابد من القول أيضًا إن المقاومة العراقية تدرك بالدقة طبيعة كل خطوة تكتيكية أو استراتيجية أمريكية على الأرض، وتقوم بضربها وإجهاضها، وبطريقه تظهر مدى دقة خطوات هذه المقاومة، ومزجها بين الرؤية السياسية "التكتيكية" والعمل الميداني التكتيكي.. وبين الرؤية السياسية الاستراتيجية والضربات الميدانية ذات الأفق الاستراتيجي.
وإذا كانت الشواهد والدلائل على قدرة المقاومة - حتى الآن- على إفساد كل الخطط التكتيكية الأمريكية شواهد كثيرة ومتعددة، على رأسها ضرب مقر الأمم المتحدة وعملية السفارة الأردنية، وضرب السفارة التركية والضربات المحددة بدقة ضد قوات الدول الأخرى المشاركة رمزيًا في الاحتلال، مع عدم فقدان الهدف الرئيس وهو القوات الأمريكية؛ فإن عمليات التفجير الأخيرة التي جرت في يوم واحد في كل أنحاء بغداد، وضد مراكز الشرطة العراقية تحمل دلالات تكتيكية واستراتيجية.
ويأتي على رأس الدلالات التكتيكية أن المقاومة تدرك خطر تشكيل شرطة عراقية- بإدارة أمريكية -على العمل المقاوم، بما يتمتع به فرد الشرطة العراقي من معرفه بالبشر والأرض، ومن ثم فهي توجه لها الضربات المباشرة لإرباكها.. وجعل أفرادها في موازنة بين الموت وبين الحصول على فرصة عمل حتى لو كانت في صف الاحتلال.
أما على صعيد ما هو استراتيجي في هذه الضربات؛ فهي تعكس إدراك المقاومة العراقية لقضية جهاز الدولة البديل.. باعتبارها الخطر الاستراتيجي في عملية تثبيت الاحتلال، وتلك هي القضية الأهم في كل ما يجرى في العراق حاليًا، حيث تسعى الخطوات التكتيكية الأمريكية للوصول إلى بناء جهاز دولة بديل لجهاز الدولة الذى كان قائمًا في ظل النظام السابق.
وفى بالمقابل تعمل المقاومة العراقية والجهود الوطنية كلها على إفشال هذا المخطط، وهذا هو جوهر المأزق الأمريكى في العراق حتى الآن، أي عدم القدرة على بناء جهاز الدولة "العراقية" المحتلة لتكون محتلة حتى لو انسحبت القوات الأمريكية الرئيسة، وبقي فيها مجموعه من القواعد في الصحراء في هذه المنطقة أو تلك.
تفجيرات بغداد



إذا كانت المشكلة التكتيكية والاستراتيجية التي تواجه المقاومة العراقية، حتى الآن هي أنها ما تزال لم تمتد بصفة حاسمة إلى الجنوب وسط الأغلبية الشيعية من السكان، وكذا إلى الشمال في القطاع الكردي من السكان؛ فإنه لاشك أن فعاليات وضربات المقاومة -ورغم انحسارها فيما بات يسمى "المثلث السني" ، تمكنت حتى الآن من إفشال المخططات التكتيكية الأمريكية والبريطانية في العراق من خلال تركيز ضرباتها على العاصمة العراقية - المركز– لما لذلك من تأثير سياسي وإعلاني ونفسي...، وهذا هو بالتحديد ما جعل لعمليات التفجيرات الأخيرة التي وجهت أساسًا إلى مراكز الشرطة العراقية وقبلها السفارتين الأردنية والتركية ومقر الأمم المتحدة تحظى بهذا الزخم والاهتمام السياسي والإعلامي.
وإذا كانت ضربة السفارة التركية قد استهدفت توجيه رسالة إجهاضية لقرار تركيا نشر قواتها في العراق في العراق –ونجحت-، وإذا كانت عملية السفارة الأردنية جاءت ردًا على ما قيل حول مصادرة أموال عراقية في البنوك الأردنية، وكذا ما أعلن عن تدريب الأردن للشرطة العراقية؛ فإن العمليات المكثفة في يوم واحد ضد مراكز الشرطة العراقية كانت إجهاضًا لفكرة وعملية تنامي قدرة الشرطة العراقية على الإمساك بخيوط الوضع الأمني في العراق..
استهدفت الضربة تعزيز الضربات السابقة التي وجهت إلى العديد من مقار الشرطة من قبل في رسالة واضحة بأن المتعاونين مع المحتلين سيعاملون معاملة المحتلين، لا فرق، ومن يراجع العمليات السابقة والعمليات اللاحقة وآخرها حرق مقر شرطة الرمادي يلحظ أن ثمة تركيزًا على ضرب فكرة وعملية إنشاء الشرطة العراقية.
تكتيكان واستراتيجيتان

عند انتهاء العمليات العسكرية النظامية واحتلال بغداد اتخذت قوات الاحتلال قرارًا استراتيجيًا وهو حل جميع تشكيلات ومؤسسات الدولة العراقية وبخاصة الجيش والشرطة العراقية.
لم يكن القرار عفو الخاطر أو مجرد قرار متسرع، وإنما استهدف -وقد مهد له بعمليات السرقة والنهب- إعادة بناء جهاز الدولة العراقية على أسس جديدة، وقد بدأت قوات الاحتلال بإقامة أشكال "مرحلية" لجهاز الدولة هذا (مجلس الحكم الانتقالي ـ الوزارة العراقيةـ الشرطة العراقية).
وإذا كانت حاولت من خلال هذه الأشكال المرحلية الحصول على اعتراف دولي وداخلي باحتلال العراق، واستجلاب قوات من دول أخرى على غرار ما فعلته مع دول عديدة؛ فإنها اختارت هذا النمط من التشكيل لكي تتمكن من إنجاز صياغة استراتيجية كاملة لجهاز دولة عراقي بمفاهيم وقوانين وقواعد جديدة بعيدة عن النمط الوطني والقومي والإسلامي.
ومنذ تلك اللحظة باتت معالم المعركة واضحة بين تكتيكات الاحتلال واستراتيجيته من ناحية، وبين تكتيكات المقاومة واستراتيجيتها من ناحية أخرى..ففي مواجهة عملية إعلان وتثبيت مجلس الحكم ومجلس الوزراء والشرطة العراقية وبدء تشكيل الجيش العراقي والشروع في صياغة دستور عراقي جديد، كانت عمليات اغتيال أعضاء مجلس الحكم والوزراء والمطاردة لأفراده..كما تحركت الأجهزة السياسية الوطنية العراقية المتعددة باتجاه عدم حصول هذه الأشكال على شرعية عربية ودولية، وفى مواجهة تشكيل الشرطة العراقية والجهاز الإداري من محافظين وخلافه كانت عمليات الهجوم على مقار الشرطة، وكانت آخرها العمليات التزامنية الأخيرة، وقبلها عمليات آخرى متعددة جرت ضد مراكز الشرطة ومقار التدريب وخلال حفلات التخرج، وبالتوازي مع ذلك يمكن القول أيضا بأن المقاومة العراقية تدرك طبيعة المعركة في المحيط الإقليمي وفى داخل الولايات المتحدة أيضًا. وإذا كانت الضربة التي وجهت إلى فندق الرشيد ذات دلالة خاصة، بالنظر إلى أنها في حد ذاتها إعلان صريح وقوي بعدم قدرة قوات الاحتلال على حماية حتى نائب وزير الدفاع نفسه، وإذا كانت في حد ذاتها أيضا إعلان بتطور قوة المقاومة التي لم تتمكن من قبل سوى من إطلاق صواريخ خلال زيارة رامسفيلد وباول؛ فإنها الآن وصلت إلى مهاجمة مقر إقامة نائب الوزير، غير أن الأهم هو أن نجاحها في قتل نائب وزير الدفاع الأمريكي كان بطبيعة الحال سينعكس بشكل حاسم على حالة الصراع الداخلي في المؤسسة الأمريكية الحاكمة، خاصة في ضوء إنهاء سيطرة رامسفيلد من قبل على الملف العراقي. وأيضًا في ضوء الصراع المتصاعد بين الديمقراطيين والجمهوريين، والذي يبدو أنه بدء يهز بعنف من هم داخل البيت الأبيض، خاصة مع تنامي المطالبة بعودة القوات الأمريكية من العراق، واهتزاز صورة هذه الإدارة بشأن عدم صحة ما قدمته للرأي العام ومؤسسات الحكم من تقارير لتبرير الحرب على العراق، وهو ما يبدو أنه سيطيح أول ما يطيح بمدير المخابرات الأمريكية، وهو أمر إذا تم تحت ضغط المقاومة العراقية سيكون له نتائج هامة على وجود قوات الاحتلال في العراق عبر هزيمة بوش في الانتخابات الرئاسية القادمة
معليش على الاطالة بس ياريت الموضوع يعجبكم
منقوووووووووووووووول